عــهــد الـشـام | العدد الخامس عشر 24.6.2012

Page 1

‫«أنا ال أخشى قوة اليهود لكن أخشى تخاذل المسلمين‪،‬‬ ‫ ‬ ‫إن اليهود ما أخذوا الذي أخذوه بقوتهم ولكن بإهمالنا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫إن إهمال‬ ‫القوي هو الذي يقوي الضعيف‪».‬‬ ‫الشيخ على الطنطاوي‬ ‫اقرأها ثم مررها لمن تثق بهم‪ ..‬بدل إتالفها‬ ‫األحد ‪ 24‬حزيران ‪2012‬‬

‫القاهرة تعانق دمشق‬

‫السنة األولى | العدد الخامس عشر‬

‫| ميدان التحرير بعد فوز محمد مريس بالرئاسة‬

‫صفحتنا على الفيسبوك‬ ‫‪www.facebook.com/Ahed.alsham‬‬


‫العدد الخامس عشر | أخبـار الثـورة ‪2‬‬

‫دمشق تمضي بثورتها‬ ‫والقمع متواصل‬

‫دمشق ‪ -‬مسائية املزة‬

‫تقطيع أوصال المدينة بالحواجز ‪ ..‬واالشتباكات لي ً‬ ‫ال مستمرة‬ ‫اذا كان الحكام متخاذلين فأين الشعوب؟!‬ ‫سجل المركز السوري المستقل إلحصاء االحتجاجات (‪)739‬مظاهرة في‬ ‫(‪ )547‬نقطة تظاهرللجمعة (‪ )67‬من الثورة السورية والتي رزخت فيها‬ ‫العديد من المدن تحت القصف كـ (دوما وإدلب وحماة وريف حلب) كما‬ ‫شهدت معظم المحافظات انقطاعًا عن خدمة االنترنت مامنع من وصول‬ ‫أخبار العديد من المظاهرات‪ ،‬وقد أحصى المركز(‪)12‬نقطة جديدة من‬ ‫أهمها خروج مظاهرة ألول مرة في السلطانية بمنطقة بابا عمرو بعد‬ ‫احتالل جيش النظام والشبيحة لها‪.‬‬ ‫العاصمة دمشق جاءت في المركز الخامس في عدد المظاهرات بـ(‪)59‬‬ ‫بعد (إدلب وحماة وحلب وريف دمشق)توزعت بين قلب العاصمة وأطرافها‪،‬‬ ‫فخرجت مظاهرة مشتركة من مسجد « عبد الرحمن بن عوف» في شارع‬ ‫خالد بن الوليد والتقت مع مظاهرتين من مسجدي «النقشبندي والموازيني»‬ ‫جابت حارات السويقة‪ .‬وفي منطقة الصالحية خرجت مظاهرة بالمئات من‬ ‫مسجد «األحرار»‪.‬‬ ‫أما في المزة حاصرت عناصراألمن مسجد «الشافعي» بالمزة فيالت شرقية‬ ‫لمنع خروج مظاهرة من هناك بعد أن أصبح نقطة تظاهر ثابتة‪،‬فيما ضرب‬ ‫واعتقل عدد من المصلين بشكل عنيف بعد خروج مظاهرة من مسجد‬ ‫«المزة الكبير» في الشيخ سعد‪ ،‬وفي حي الميدان الدمشقي خرجت مظاهرة‬ ‫من مسجد «الدقاق»‪،‬تالها مظاهرة من ساحة «أبوالوفى» ضمن أزقة‬ ‫الحي‪ .‬كماخرجت مظاهرات في دمشق يوم الجمعة في (كفرسوسة‪ -‬برزة‬ ‫ القابون‪ -‬القدم‪ -‬الحجر األسود‪ -‬قدسيا‪ -‬جوبر‪ -‬مخيم اليرموك‪-‬مخيم‬‫فلسطين‪ -‬التضامن)‪.‬‬ ‫أحداث األسبوع‪:‬‬ ‫ انتهاكات النظام لألحياء‬‫قدسيا | قصفت كتائب األسد منطقة قدسيا بقذائف الهاون الصاروخية من‬ ‫جهة األحياء المجاورة الموالية لنظام األسد‪،‬فاستمرت الهجمة يومي األحد‬ ‫واألثنين ‪17‬و‪ 2012\6\18‬ماتسبب بوقوع عدد من الشهداء والجرحى‪،‬وحالة‬ ‫نزوح سكاني عن المنطقة‪ ،‬ترافقت مع اشتباكات عنيفة دارت مع الجيش‬ ‫السوري الحر الذي حاول التصدي للهجمة والدفاع عن المدنين‪.‬‬ ‫القدم‪-‬كفرسوسة | اقتحم جيش النظام مدرع بعدد من اآلليات والدبابات‬ ‫حيي القدم وكفرسوسة يوم اإلثنين وقام بحملة اعتقاالت طالت عدد من‬ ‫ال��س��ك��ان ف��ي ك��ل م��ن ال��م��ن��ط��ق��ت��ي��ن‪،‬وف��ي ي���وم ال��خ��م��ي��س اشتبكت‬ ‫عناصر من األم��ن والشبيحة مع الجيش الحر بكفرسوسة ق��رب دوار‬ ‫الجوزة‪،‬كما استخدم النظام الطيران المروحي في تلك االشتباكات‪.‬‬

‫ شهداء دمشق | في منقطة جوبر ارتقى (‪ )4‬شهداء من سكان الحي وأبناءه‬‫برصاص عناصر األمن والشبيحة‪ ،‬الشهيد «وليد قاسم»‪،‬والشهيد «أحمد‬ ‫العابد»‪،‬والشهيد «عدنان البحيري» من سكان حي جوبر مواليد مدينة إدلب‬ ‫ارتقى برصاص قوات األسد على طريق (حمص‪ -‬دمشق) وتم تشييعه يوم‬ ‫السبت ‪ 2012\6\23‬من مسجد «غزوة بدر»‪ ،‬كما زف أهالي الحي الشهيد‬ ‫«حسين عميش»‪ .‬تزامن ذلك مع إضراب يوم كامل في أسواق الحي حداداً‬ ‫على أرواح الشهداء‪ .‬في الميدان ارتقى الشهيد «عماد غنيم» بعد إطالق‬ ‫شبيحة النظام الرصاص عليه لتفريق مظاهرة خرجت في نهر عيشة وتم‬ ‫تشييعه بعد يوم بشكل صامت‪ .‬كما استشهد الشاب «حمزة عاشور» في‬ ‫كفربطنا والشهيد «أحمد فضلون» في مدينة الرستن من أبناء دمشق‪ ،‬وفي‬ ‫القابون خرج األهالي بمظاهرة استنكارية بعد توديعهم للشهيد «هيثم‬ ‫الحلبوني» الذي قتلته قوات األسد‪.‬‬ ‫ الحراك الثوري | خرج شباب وفتيات دمشق بمظاهرة جريئة في سوق‬‫الفحامة على بعد أمتار من شعبة المخابرات العامة (أمن الدولة) هتفت‬ ‫إلسقاط النظام ووحدة صف الثوار‪،‬كما خرجت مظاهرة نوعية في سوق‬ ‫مدحت باشا العريق تحت عنوان «إضراب الشام مفتاح النصر» حيّفت تجار‬ ‫دمشق وحثتهم على االضراب‪.‬‬ ‫وفي الميدان استمرت المظاهرات الطيارة وكان من أبرزها مظاهرة بمئات‬ ‫األشخاص انطلقت بالقرب من مركز اتصاالت الـ(‪ )MTN‬على الكورنيش‬ ‫الرئيسي‪،‬كما خرج أنصار الثورة في ركن الدين بمظاهرة انطلقت من‬ ‫ساحة شمدين ثم جابت حارات الحي‪.‬‬ ‫تزامن ذلك مع المسائيات والتي كانت في (المزة وكفرسوسة والقدم وجوبر)‬ ‫رداً على حملة االعتقاالت‪،‬وفي برزة خرجت مظاهرة من هذا النوع للمطالبة‬ ‫بالمعتقل الطالب «احمد عبيد الرحيم» الذي مازال في سجون نظام األسد‬ ‫ألكثر من (‪ )90‬يوم دون معرفة شيئ عنه‪ .‬كما خرجت مظاهرة مسائية في‬ ‫ساحة الجهاد بمنطقة السويقة القريبة من فرع األمن الجنائي‪.‬‬ ‫العصيان المدني | استجاب تجار دمشق بشكل جزئي لإلضراب حداداً على‬ ‫أرواح الشهداء في يومي األربعاء والخميس‪،‬في المناطق الساخنة واألسواق‬ ‫الرئيسية ففي اليوم األول أضرب تجار سوق مدحت باشا بنسبة ‪، 90%‬أما‬ ‫في الميدان هددت عناصر األمن التجار بكسر األقفال لفك االضراب‪،‬ثم‬ ‫قامت بسرقة البضائع من بعض المحال التجارية‪،‬بسبب عدم استجابة‬ ‫التجار للتهديد‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫العدد الخامس عشر | تـقـريـر‬ ‫ ‬

‫الكـامريا بـيدهـم سالح ‪..‬‬ ‫المصورون ‪ ..‬مع خطر القتل واالعتقال إصرار على نقل الحقيقة ‪..‬‬

‫ذلك مع أول فيديو صوّر اعتقال الناشطة مروة غميان حيث قاموا بتلفيق األكاذيب‬ ‫حوله وصدق البعض بانها تمثيليه خصوصاً انه كان الفيديو الوحيد‪.‬‬ ‫مع الوقت طوّر المتظاهرون عدتهم حيث اصبح لكل مظاهرة أكثر من مصور‪،‬‬ ‫وزادوا على ذلك أن أوجدوا طرقا للتصوير المخفي حيث يبقى المصوّر داخل‬ ‫الحدث ويتظاهر بوجوده العادي بينما يصوّر خالل ذلك االعتقاالت الجارية‬ ‫واالنتهاكات المتتالية‪ ،‬ووجوه من يقوم بها حتى تتم محاكمتهم ومعاقبتهم‬ ‫فيما بعد عند سقوط النظام‪ ،‬كما تعلم متظاهرو سوريا آلية التصوير مع البثف‬ ‫المباشر الذي يقومون من خالله ببث نشاطاتهم على قنوات التلفزة واالعالم‬ ‫إلثبات الحجة والبرهان‪.‬‬ ‫دليل للتاريخ مع كل مظاهرة‬ ‫ولمواجهة أكاذيب النظام قام أنصار الثورة بإرفاق ٍ‬ ‫يخرجونها حيث يسجل ذلك المصور بصوته أو من خالل ورقة يعرضها على‬ ‫الكاميرا لكي ال تبقَ هناك حجة لدى النظام بتوقف المظاهرات في أي يوم منذ‬ ‫بدء الثورة وحتى اآلن‪.‬‬

‫في الخطاب الثاني لمن اعتبروه رئيساً‪ ،‬لم يعتب على المتظاهرين‪ ،‬لم يأخذ موقفًا‬ ‫من المعارضين‪ ،‬لم يشجب بالمسلحين وانما قال « اعتب فقط على من يصوّر‬ ‫ويرسل للقنوات» كانت تلك الكلمة الحاسمة واألجدر في جعل الكاميرا هي سالح‬ ‫الثائر والمتظاهر‪ ،‬وهي األداة األولى واألهم في كشف الكذب والنفاق المستمر‪.‬‬

‫وأصبحت الصورة ذو استعماالتٍ متعددة فكما يستفيد منها المتظاهرون‬ ‫بإثبات حجتهم بدأت الفروع األمنية باستخدامها دلي ً‬ ‫ال على الشباب والفتيات حيث‬ ‫يطابقون الوجه مع االسم‪ ،‬ليكون ذلك ٌ‬ ‫دليل على المتظاهر ولذلك عمد أغلب‬ ‫المعارضين لتغطية وجوهم أثناء الخروج في المظاهرات‪ ،‬وخصوصاً في الجامعات‬ ‫حيث يوجد كاميرات المراقبة وداخل الساحات العامة لتمكن النظام من الحصول‬ ‫على هذه األفالم بسهولة‪ ،‬وأيضاً يستفيد االعالم الخارجي من أعمال المصوريين‬ ‫السوريين باعتمادها بنشرات أخبارهم وتقاريرهم الصحفية خصوصاً انه لم‬ ‫يسمح لهم بدخول سوريا ونقل األحداث منها‪.‬‬

‫لعب المصوّر خالل الثورة السورية دور المراسل‪ ،‬الناقل للحدث حيث عرّض‬ ‫حياته للخطر ووضع روحه على كفه ألجل نقل الحقيقة‪ ،‬وما إن أصبح أحدهم‬ ‫ً‬ ‫دبابة وال‬ ‫يحمل الكاميرا يعني انه يحمل سالحًا او أقوى من ذلك بكثير ال يعادل‬ ‫ٌ‬ ‫وسيلة لكشف الحق وزهق الباطل وإلقاء الضوء وفتح النور للثورة بعد‬ ‫قذيفة‪ ،‬انها‬ ‫كل هذا التعتيم‪.‬‬

‫لم يكتفِ النظام بتكذيب المصوريين وأدلتهم بل قام بمالحقتهم‪ ،‬وأصبحت أفرع‬ ‫المخابرات تتابع الصور لتعرف من أي مبنى تم التقاطها ليقوموا باعتقال ساكني‬ ‫المنزل والتحقيق معهم إليقاف إظهار الحقيقة‪ ،‬كما تعرضت المباني المحيطة‬ ‫بساحات التظاهر والحرية للقصف والضرب كما تظهر آثار ذلك في شوارع ريف‬ ‫دمشق والمدن السورية‪.‬‬

‫بدأ الشباب السوريون بحمل الكاميرا مع كل مظاهرة فبدونها ال تكتمل العدة‬ ‫الالزمة إلسقاط النظام‪ ،‬يُسرع المصوّر بتسجيل الحدث‪ ،‬يحمل أدلته معه‬ ‫ويركض إلى أقرب مكان ليفتحها ويضع ما صور على جهاز الكمبيوتر وبمساعدة‬ ‫برامج المونتاج يمحي وجوه أصدقائه المتظاهرين وما يدل عليهم حفاظًا عليهم‬ ‫من االعتقال والتعذيب وحرصاً على عدم وجود أدلة‪.‬‬

‫يعتبر التصوير بالنسبة للنظام األسدي من أكبر التهم وأضخمها‪ ،‬حيث تستهدف‬ ‫القناصات حاملي الكاميرا لترديهم شهداء‪ ،‬ويسلط الشبيحة غضبهم على‬ ‫المصوريين بالجواالت فينهالون عليهم ضرباً ثم يقتادوهم للفروع األمنية حيث‬ ‫تصبُّ عليهم أسوء أنواع التعذيب وتشدد الحواجز األمنية على الموبايالت وأجهزة‬ ‫الكمبيوتر لتفتشيها والحصول من خاللها على أي صورة أو برهان يدين صاحبها‪.‬‬

‫قابل النظام السوري الفيديوهات المصورة بالتكذيب المستمر ‪ ،‬حيث قال انها ال‬ ‫تدل على دمشق أو على أي مكان من سوريا‪ ،‬وأقام الحورات والندوات على قنوات‬ ‫أن كل ما تصوره عين كاميرا المتظاهرين هو كاذب وكان‬ ‫إعالم النظام ليقول ّ‬

‫ورغم كل هذا وما زال الشعب حتى اآلن صامداً بسالحه البسيط هذا وأدواته‪،‬‬ ‫حيث يصور ويسجل كل ما يجري حوله لينقله فيفتح عيون الصامتين ويذكر‬ ‫المتخاذلين بدماء الشهداء ويخبر العالم أجمع بحجم المأساة التي تعيشها سوريا‪.‬‬

‫من دوما‬ ‫إلى دمشق‬ ‫منذ بداية الثورة وتحديداً من جمعة‬ ‫ ‬ ‫العزة في ‪ 2011\3\25‬دوما تنزف بالدماء‪ ،‬وترتفع‬ ‫أرواح شهدائها بالعنفوان والشجاعة وما زالت هذه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واقفة بشموخ في شارع‬ ‫مرابطة صامدة‪،‬‬ ‫المدينة‬ ‫الثورة‪ ،‬تدفع التضحيات وتضمد جراحها رغم األلم‪.‬‬ ‫أكثر من ‪ 350‬شهيد وآالف الجرحى والمعتقلين‬

‫قدمتهم دوما على مذبح الحرية‪ ،‬انتصاراً لسوريا‬ ‫وشعبها‪ ،‬لم تتوقف مظاهراتها ولم تترك للعدو أن‬ ‫يكسرها حتى وصل اليوم اإلجرام والضيم لتهجير‬ ‫أبناءها بقصف المنازل وقتل األبناء‪.‬‬ ‫فمضوا تحت عتمة الليل من بيوت العزة والكرم‬ ‫والمحبة‪ ،‬من البيوت التي قدمت وأعطت لكل‬ ‫فقر او عوز مضوا‬ ‫من طلبها ولم تكن يومًا بيوت ٍ‬ ‫يلجؤون إلى دمشق الحبيبة‪ ،‬حاملين محنتهم‬ ‫وهمومهم فهالهم ما رأوا من بعض أبناء دمشق‪..‬‬ ‫فبدل ان يحضنوا خوف أطفالهم وذعر نسائهم‬ ‫وكبرياء رجالهم وجدوهم يستثمرون ابتالءهم‬ ‫كتجارة وهمهم األكبر الربح من مصيبة أعزاء دوما‬

‫ارتفعت أسعار البيوت إلى ضعفين وصالث حتى‬ ‫وصلت أحياناً لـ ‪ 150‬ألف شهريًا آجار لشقة صغيرة‬ ‫في قلب العاصمة تأوي أبناء الثورة من دوما‪.‬‬ ‫تسأل دوما حبيبتها دمشق ان كانت راضية عن هذا‪،‬‬ ‫وتشيح عيون الرجال من دوما عن أعين أولئلك من‬ ‫دمشق عن بعضها‪ ،‬فهل هذا ما يرغبون أن يسجل‬ ‫التاريخ لهم‪ ،‬بعد أن سجل ما سجل خالل سنة‬ ‫ونصف‪.‬‬ ‫شعار أهل دوم��ا « الموت وال المذلة» وما زالوا‬ ‫عند كلمتهم مستعدين للمرابطة في الشوارع‬ ‫وتحت السماء عاصرين بطونهم بالحجارة على أن‬ ‫يتعرض أحدهم لمهانة أو ذل‪.‬‬


‫العدد الخامس عشر | مـقـاالت‬

‫‪4‬‬

‫«المرجفون في الثورة» ‪ ..‬أين اهلل!!‬ ‫مع تزايد العنف واإلج��رام الذي يتعرّض له الشعب السوري‬ ‫ ‬ ‫األعزل من نساء وأطفال وشيوخ‪ ،‬ومع كثرة السكاكين الطائفية الحاقدة‬ ‫التي تمرّ على الرقاب التي أصبحت شبه يومية ابتدا ًء من كرم الزيتون‬ ‫م��روراً بالحولة وباألمس القريب سقبا وغداً اهلل أعلم أين‪ .‬وإلى جانب‬ ‫القصف المستمر لي ً‬ ‫ال ونهاراً سرّاً وجهراً بحق الشعب دون التفريق بين‬ ‫كبير وصغير ورجل وامرأة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن الحيوانات التي لم تسلم من فوهات‬ ‫البنادق والدبابات فكانت ضحية حقد ممتد طوال عشرات السنين‪.‬‬

‫وينتسب صلى اهلل عليه وسلم آلل هاشم وهم من أشراف مكة نسبًا‬ ‫ً‬ ‫ومكانة‪ ،‬وكانت حياته قبل البعثة‪ ،‬استقراراً نفسيًا‪ ،‬وسعادة عائلية‪ ،‬ورخا ًء‬ ‫اقتصادي ًا‪ ،‬واحترام ًا وسمعة اجتماعية‪ .‬وكان لقبه بين قومه «الصادق‬ ‫األمين»‪ ،‬ولكن ما إن صدح برسالة ربه وأعلن «ثورته اإللهية» على واقع‬ ‫الوثنية والشرك‪ ،‬حتى انقلبت حياته رأساً على عقب‪ ،‬وانتفض أهل مكة‬ ‫عليه وعلى دعوته فاتهموه بالمجنون والساحر والكذاب‪ ،‬وصاروا يواجهونه‬ ‫بالسخرية واإلهانة والتحقير حتى من جُهّالهم وسفهائهم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫وصرخة تخترق جدران الوجود‪،‬‬ ‫ومع كل مجزرة جديدة هناك ألم جديد‪،‬‬ ‫ونزيف نفسي غزير ولكن دون دماء‪ ،‬وعجزٌ قاتل عن التغيير الجذري‬ ‫والفوري سوى إكمال ما بدأناه في ‪ 15‬آذار حتى النهاية ألن نصف ثورة انتحار‪.‬‬

‫ثم تطوّر عدوانهم إلى حالة فرض الحصار االقتصادي‪ ،‬والمقاطعة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬عليه وعلى أسرته‪ ،‬فاتّفقت قبائل قريش وتعاهدت على ذلك‪،‬‬ ‫وكتبوا صحيفة ع ّلقوها في جوف الكعبة‪ ،‬بأن ال يُنكِحوا أحداً من بني‬ ‫هاشم‪ ،‬وال َ‬ ‫يَنكحوا منهم‪ ،‬وال يبيعوهم شيئ ًا وال يبتاعوا منهم‪ ،‬وال يقبلوا‬ ‫منهم صُلحاً‪ ،‬وال تأخذهم بهم رأفة حتى يُسلموا رسول اهلل للقتل‪.‬‬

‫وإلى جانب ّ‬ ‫كل هذه اآلالم والتخبُّط الوجداني والنفسي والعقلي أمام مشهد‬ ‫طفل نُحر بسكين في رقبته أو هناك أثر لضربة فأس على رأسه‪ ،‬يخرج لنا‬ ‫من بين رُكام المجازر ودموع اليتامى وآهات الثكالى‪ ،‬أشخاص شأنهم شأن‬ ‫ّ‬ ‫مُشككون في العقائد والثوابت‬ ‫المُرجفين في األرض‪ ،‬مُح ِبطون للعزائم‬ ‫ليقولوا «ألم يهتف المتظاهرون يا اهلل ما لنا غيرك يا اهلل؟ فأين هو مِن‬ ‫كل هذا اإلجرام؟‪ .‬هل اهلل موجود؟ لماذا ال ينصرهم وهم يستجيرون به‬ ‫ّ‬ ‫كل يوم؟ هل اهلل غائب عنهم أم نسيهم‪ ..‬أو لعله قد تخ ّلى عنهم؟»‪.‬‬ ‫كلمات تردّدت كثيراً على صفحات مواقع التواصل االجتماعي وجميعنا‬ ‫قرأناها عند بعض أصدقائنا‪ ،‬فكانت سبباً في التجرؤ على اهلل وقدرته‬ ‫َّ‬ ‫والتشكيك به ّ‬ ‫مُسَلمات عند‬ ‫جل جالله‪ ،‬حتى تُزعزع ما استقرّ في القلوب من‬ ‫بعض من أذهلهم هول الجريمة التي ال يقبلها تشريع وال دستور وال تاريخ‪.‬‬ ‫من هنا أريد أن أسأل‪ :‬مَن هو األحق بنصرة اهلل عز وجل بكلمة «كن»‬ ‫بذل للدماء؟!‪ .‬ألم يكن رسول‬ ‫فيكون دون عناء أو تضحيات أو تعب أو حتى ٍ‬ ‫بنصر سريع دون مجهود وهو حبيب‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم هو األولى‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل ومصطفاه للعالمين؟‪.‬‬ ‫لو نظرنا إلى حياة محمد صلى اهلل عليه وسلم لوجدنا فيها األمر العجاب‬ ‫من كثرة التضحيات والعذاب الذي ناله‪ ،‬ولكثرة الدماء التي نُزفت من آل‬ ‫بيته وصحابته الكرام‪ ،‬ولقال المرجفون في األرض لماذا كل هذا البذل‬ ‫والتضحيات وتحمّل للعذاب وهو رسول اهلل‪ ،‬لماذا ال ينصره اهلل بكلمة‬ ‫واحدة وتنتهي القضية؟‬ ‫ّ‬ ‫ونتذكر‬ ‫وألنه لنا في رسول اهلل أسوة حسنة يجب علينا مراجعة ما مرّ به‬ ‫أن دعوته امتدت حتى ‪ 23‬سنة بين مكة والمدينة المنورة وفيها من التعب‬ ‫والعناء والخوف وفراق األحباب قصص ال تنتهي‪ ،‬فما لنا نعجل على اهلل‬ ‫ونتجرأ عليه في سنة ونصف السنة ونقول أين اهلل من ّ‬ ‫كل هذا في سوريا ؟!‪.‬‬ ‫لماذا لم يقل صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أين اهلل لينصرنا‬ ‫ونرتاح من كل هذا‪ ،‬وهو أحق منا بالنصر وهو صاحب رسالة من فوق سبع‬ ‫سماوات؟‪.‬‬

‫ولجأ عليه السالم وأسرته إلى شِعب من شِعاب الجبل بظاهر مكة‪،‬‬ ‫يعانون الحرمان والحصار االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وال يجدون في بعض‬ ‫األحيان وسيلة إلى الطعام يدفعون بها جوعهم‪ .‬كما روي عنه أنه صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم أنه قال‪ « :‬لقد أتت عليّ ثالثون من يوم وليلة وما لي‬ ‫ولبالل طعام يأكله ذو كبد إال شيء يواريه إبط بالل»‪ .‬وروي عن السيدة‬ ‫خديجة‪ :‬أن رسول اهلل لما نزل عليه الوحي‪ ،‬ترك كل راحة‪ ،‬وكان يدأب ليل‬ ‫نهار في العبادة والعمل‪ ،‬فقالت له‪ :‬يا رسول اهلل أال تستريح أال تنام؟ فقال‪:‬‬ ‫«لقد مضى عهد النوم يا خديجة»‪.‬‬ ‫وقال عليه الصالة والسالم كما روى عنه أنس بن مالك‪ « :‬ما أوذي أحد مثل‬ ‫ما أوذيتُ في اهلل»‪ .‬وعندما اشتد األذى على رسول اهلل في مكة بعد وفاة‬ ‫عمه وزوجته سافر إلى الطائف ليكمل دعوته هناك ولكن كانت النتيجة ال‬ ‫تختلف عمّا حصل معه في مكة‪ ،‬و قال ابن عقبة‪« :‬وقفوا له صفين على‬ ‫طريقه‪ ،‬فلما مرّ رسول اهلل بين الصفين جعل ال يرفع رجليه وال يضعهما‬ ‫إال رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه»‪ .‬فخلص منهم ورجاله تسيالن دم ًا‪.‬‬ ‫اقرؤوا عن غزوة أحد التي شُج فيها وجه النبي وأصبحت الدماء تغطي‬ ‫وجهه‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ُ ،‬‬ ‫وكسر بعض أسنانه وقتل فيها أحب الناس‬ ‫إلى قلبه ومُثل بجثامينهم‪ .‬فاذا كان رسول من اهلل عانى ما قد عاناه‪ ،‬فمَن‬ ‫نحن حتى ّ‬ ‫نشكك بقدرة اهلل على نصرنا‪ ،‬ونقول أين اهلل من كل هذا؟‪.‬‬ ‫خالصة القول إن اهلل ال يُجَرَّب‪ ،‬والثقة بأن النصر بيد اهلل وحده هي أحد‬ ‫مفاتيح النصر‪ ،‬وال سيما بعد تخ ّلي العالم عن قضيتنا‪ .‬يجب علينا أن نكون‬ ‫على يقين أن اهلل ال يخيّب سائله وسينصر من استجار به وقال يا اهلل ما لنا‬ ‫ولكل أجل كتاب‪ ،‬وأال نحسب اهلل غاف ً‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫غيرك‪ ،‬ولكن كل شيء عنده بمقدار‪،‬‬ ‫عما يفعل الظالمون‪ ،‬ولكن يؤخرهم ليوم تشخص فيه األبصار‪ ،‬ليقضي‬ ‫اهلل حينها أمراً كان مفعو ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يتخل عنا‪ ،‬ألن هذه ثورة بدأت بمعجزة إلهية وستنتصر بأخرى‪.‬‬ ‫فاهلل لم‬


‫‪5‬‬

‫العدد الخامس عشر | تـقـريـر‬

‫دمشق وذاكرة‬ ‫اإلضراب بني‬ ‫احلاضر واألمس‪..‬‬ ‫«اإلضراب الستيني»‬

‫ ‬ ‫يعد أطول إضراب في العالم حتى‬ ‫ ‬ ‫تاريخه استمر ‪ 60‬يوم أي مدة شهرين كاملين‬ ‫ورافقته موجة من التظاهرات واالحتجاجات ضد‬ ‫االنتداب الفرنسي عمّت أنحاء البالد‪ ,‬ثم حل‬ ‫بالمرتبة الثانية بعد اإلضراب الفلسطيني الذي‬ ‫استمر ‪ 6‬أشهر في العام ذاته ‪.‬‬ ‫كيف بدأ اإلضراب ؟‬ ‫شرارة اإلضراب الذي بات يعرف بـ«اإلضراب‬ ‫الستيني» عام ‪ 1936‬بدأت برفع سلطات االنتداب‬ ‫الفرنسي تعرفة ركوب «الترامواي» نصف قرش‬ ‫‪ ،‬وهو األمر الذي دفع بزعيم الكتلة الوطنية‬ ‫فخري البارودي إلى قيادة احتجاجات و مظاهرات‬ ‫انطلقت من دمشق ثم امتدت سريع ًا إلى المدن‬ ‫السوريةاألخرىلتتحولإلىحركةشعبيةمطالبة‬ ‫باالستقالل وإنهاء االنتداب ‪ ،‬ثم تحولت إلىإضراب‬ ‫عام شمل كل المدن السورية بعد اعتقال البارودي‬ ‫ونفيهإلىمنطقةالجزيرةالسورية‪.‬‬ ‫الحراكالطالبي‬ ‫منذ ما يقارب ‪ 75‬عام ًا وقف عدد من طالب‬ ‫جامعة دمشق على جسر فكتوريا لمنع وصول‬ ‫الطالب إلى الجامعة‪ ،‬ومجموعه أخرى من الطالب‬ ‫نشرت قوائم سوداء تضم أسماء الطالب الذين ال‬ ‫يلتزمون باإلضراب‪ ،‬ما دعا وزير المعارف حسني‬ ‫البرازيلتعليقالدراسةالجامعية‪.‬‬ ‫إضراب المحالت التجارية‪..‬‬ ‫وعندما لجأ الفرنسيون إلى خلع أبواب المحالت‬

‫الملتزمة باإلضراب تطوع شخص غير معروف‪،‬‬ ‫وأهمله التاريخ لألسف‪ ،‬ويدعى أبو أحمد الزيبق‪،‬‬ ‫بحماية المحالت التجارية‪ ،‬لكن الطريف أن‬ ‫المجموعة التي استعان بها الزيبق في حماية‬ ‫المتاجر كانت من «الحرامية»‪ .‬وتعهد زعيم‬ ‫عصابة النشل حينها في الجامع األموي بالتوقف‬ ‫عن نشاطاته طيلة فترة اإلضراب‪ ،‬وذكرت‬ ‫شهادات معاصرين لتلك المرحلة‪ ،‬أن دمشق لم‬ ‫تشهد حالة سرقة واحدة طيلة مدة االضراب الذي‬ ‫شاركت فيه النساء الدمشقيات بشكل أدهش‬ ‫الفرنسيين‪.‬‬

‫صبر الناس على اإلضراب‬ ‫من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي أيام اإلضراب‬ ‫الستيني ضد اإلحتالل الفرنسي …‪..‬‬ ‫“وعاش هذا الشعب الفقير على الخبز وطوى ليله‬ ‫جائع ًا من لم يجد الخبز‪ ،‬ثم لم يرتفع صوت واحد‬ ‫بالشكوى‪ ،‬ولم يفكر رجل أو امرأة أو طفل بالتذمر‬ ‫والضجر‪ ،‬بل كانوا جميعاً من العالم إلى الجاهل‬ ‫ومن الكبير إلى الصغير ومن الرجل إلى المرأة‬ ‫ومن الشيوخ إلى األطفال‪ ،‬كانوا جميعاً راضين‬ ‫مبتهجين‪ ،‬يمشون ورؤوسهم مرفوعة وجباههم‬ ‫عالية اعتزازاً وفخراً ‪ ..‬ولم يُسمع أن لصاً قد مد‬ ‫يده إلى مال‪ ،‬حتى اللصوص قد شملهم اإلضراب‬ ‫فانقطعواعنصناعتهم!”‬ ‫‪.1‬تشكلت في جمیع أنحاء البالد المضربة لجان‬ ‫شعبیة تولت عملیات التموين وجمع التبرعات‬ ‫وتوزيعها‪.2 ،‬وكان التجار واألغنیاء أسخیاء في‬ ‫تبرعاتهم‪.3 ،‬وأعلن كثیر من أصحاب بیوت‬ ‫السكن أنهم أعفوا المستأجرين من دفع األجور‬ ‫طول مدة األضراب‪ . 4 ،‬ومرعیداألضحىوالمدينة‬ ‫مغلقة فتبرع األطفال بعیدياتهم ألبناء الشهداء‬ ‫وللعائالتالفقیرة‪.5،‬وقرأنافيالصحفأنأطفال‬ ‫ملجأ األيتام جمعوا كل ما لديهم من أموال‪ ،‬فبلغ‬ ‫المجموع لیرتین سوريتین‪ ،‬فتبرعوا بها للحركة‬ ‫الوطنیة‪.‬‬ ‫نشرت جريدة «لوجورنال دوناسیون» في جنیف‬ ‫رسالة لسیدة سويسرية مقیمة في دمشق جاء‬ ‫فیها‪« :‬ومع أن االضراب استمر اكثر من خمسین‬ ‫يوما فانه لم يحدث حادث من حوادث الجنايات‬

‫العادية وكان الغني يساعد الفقیر في هذا النضال‬ ‫العنیف‪ ،‬ولقد كانت مظاھراتھم رمزا للتضحیة‬ ‫العالیة التي نقرأھا في األساطیر‪ ،‬وكانت الطبقة‬ ‫المثقفة قائدة ھذه الحمالت الجبارة التي قاسى‬ ‫الشعب فیھا ما قاسى وتحمل من اآلالم ما تنوء‬ ‫عن حمله أعرق األمم قوة وحضارة»‪..‬‬ ‫النساء و الثورة‬ ‫كان للنساء دور خطیر في استثارة النخوة والحمیة‬ ‫عند اشتراكهن بتشییع جنازات الشهداء الذين‬ ‫يسقطون في ساحات الصدام مع االنتداب‪،‬‬ ‫وكانت النساء المحجبات تطل من شرفات البیوت‬ ‫فیزغردن وينثرن على مواكب المتظاهرين ماء‬ ‫الورد‪ ،‬كما كان بعضهن يشترك في المظاهرات‬ ‫ويتعرض لالعتقال والمحاكمة والسجن‪ ،‬وعندما‬ ‫انتهى االضراب كان من بین اسماء مئات‬ ‫المعتقلین نساء من أعماق هذا الشعب كما تدل‬ ‫على ذلك اسماؤهن مثل حفیظة بنت مصطفى‬ ‫اللحام‪ ،‬أديبة بنت محمود العواد‪ ،‬لیلى بنت الشیخ‬ ‫سعید الحلبي‪ ،‬وحیدة بنت عبد الحمید الحموي‪،‬‬ ‫حمیدة بنت الشركس‪ ،‬هدية بنت صالح العاطي ‪..‬‬ ‫اإلضراب و اإلعالم‬ ‫وكانت صحف دمشق تفرد كل يوم معظم‬ ‫صفحاتها لنشر ما تسمح به الرقابة من أنباء تلك‬ ‫المظاھرات واالضرابات والقتلى والجرحى‪ ،‬يوما‬ ‫بیوم‪.‬‬ ‫المظاهرات الدامية أثناء اإلضراب‬ ‫في الجامع األموي حیث ملتقى المتظاهرين‬ ‫من كافة أبناء الشعب‪ ،‬تتكرر المناوشات الدامیة‬ ‫الیومیة التي تتراوح ما بین شارع جمال باشا والباب‬ ‫الغربي للجامع األموي – وكان السالح الحجارة‬ ‫وقذائفالشتائم‪،‬وكانالخصمقوىاألمنوالجنود‬ ‫الفرنسیین‪ ،‬وكثیرا ما كانت تتدخل مصفحات‬ ‫الجیش عندما نتغلب على قوات السلطة‪ ،‬كانوا‬ ‫يهاجمون بالحجارة المصفحات التي تمطرهم‬ ‫بوابل من الرصاص ‪ .‬وعندما تشتد وطأة المعركة‬ ‫ويسقطالعديدمنالقتلىوالجرحىكانوايعودون‬ ‫الى الجامع األموي‪ ،‬فهو القلعة التي ال تقتحمها‬ ‫قوات الفرنسیین حرمة واجالال!!… وآنذاك تبدأ‬ ‫عملیات نقل الجرحى من باب المسكیة الى الباب‬ ‫المقابل له من الجهة الشرقیة حیث يتم تهريبهم‬ ‫الى األطباء للمعالجة… وكانت الدماء ترسم على‬ ‫بالط فناء المسجد بین البابین طريقا أحمر ‪ .‬ثم‬ ‫يعاد تنظيم الصفوف و يخرجون من المسجد‬ ‫غاضبين ثائرين ‪.‬وهكذا تستمر المعارك ستین‬ ‫يوما‪ ،‬ودمشق والمدن السورية األخرى مغلقة‬ ‫جمیعها‪.‬‬


‫العدد الخامس عشر | آراء وتحليالت‬

‫احلــريــــــة = االنــضـبـاط ‪..‬‬ ‫| عبد اهلل الدمشقي‬ ‫قد يبدو العنوان متناقض ًا ألول وهلة‪،‬‬ ‫ ‬ ‫كيف تكون الحرية التي هي تحرر من القيود‬ ‫مساوية لالنضباط ال��ذي هو تقيد بضوابط‬ ‫معينة؟! من أهم الميزات التي ميز اهلل بها اإلنسان‬ ‫عن بقية المخلوقات‪ ،‬ميزة الحرية‪ ،‬فاإلنسان حر‬ ‫في اختيار عقيدته وسلوكه‪ ،‬ولوال الحرية لما كان‬ ‫هناك معنى للتكليف واالبتالء أو االمتحان الذي‬ ‫وصف اهلل به هذه الحياة عندما قال (هو الذي خلق‬ ‫الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عم ً‬ ‫ال) فكيف‬ ‫يكون االمتحان منصف ًا إذا لم يكن اإلنسان حراً‬ ‫في كتابة اإلجابات؟! إن ميزة الحرية هذه يمكن أن‬ ‫تكون فرصة لإلنسان ّ‬ ‫ليزكي نفسه ويرتقي بها‬ ‫إلى عليين (قد أفلح من زكاها) وليسمو في أفعاله‬ ‫وأخالقه ومشاعره‪ ،‬ولينطلق في بناء هذه الحياة‬ ‫ُ‬ ‫فيصل بنفسه وبمن حوله إلى قمة‬ ‫وعمارتها‬ ‫اإلنسانية ويصبح بحق ذلك اإلنسان الذي سجدت‬ ‫له المالئكة إجال ً‬ ‫ال واحتراماً‪ ،‬ويمكن أيض ًا إذا أساء‬ ‫اإلنسان استخدام حريته أن تنزل به إلى أسفل‬ ‫السافلين (وقد خاب من دساها) فيهبط في أفعاله‬ ‫وأخالقه ومشاعره ليصبح أحط من الشياطين!‬ ‫يجب أن تقيد نفسك لكي تتحرر! فممارسة الحرية‬ ‫في أي مجال من المجاالت يحتاج إلى انضباط‪،‬‬ ‫كيف ذلك؟ ال شك أننا جميعًا أحرار في ممارسة‬ ‫العزف على الناي‪ ،‬ولكم من منا يستطيع ممارسة‬ ‫ه��ذه الحرية وع��زف أجمل األل��ح��ان؟ فقط من‬ ‫(انضبط) بالتدريب على العزف وبذل وقت ًا وجهداً‬ ‫في تعلم العزف هو الذي يستطيع ممارسة حريته‬

‫الـثــورة‬ ‫رؤيـــة‬ ‫| عبد اهلل الدمشقي‬

‫في العزف على الناي؟ وقس على ذلك؛ نحتاج إلى‬ ‫االنضباط لكي نمارس حريتنا في االستفادة من‬ ‫أوقاتنا على أحسن وجه‪ ،‬نحتاج إلى االنضباط لكي‬ ‫نمارس حريتنا في التعاون مع اآلخرين والعمل‬ ‫بروح الفريق‪ ،‬بل نحتاج إلى االنضباط لنمارس‬ ‫حريتنا في مسامحة اآلخرين والعفو عنهم؟ كلما‬ ‫كنا أكثر انضباطاً توسعت دائرة الحرية التي نتمتع‬ ‫بها‪.‬‬ ‫إذا كان االنضباط هو الذي ّ‬ ‫يمكننا من ممارسة‬ ‫حريتنا‪ ،‬فمباذا يجب أن ننضبط؟ يجب أن ننضبط‬ ‫باألفعال التي تنسجم مع القوانين والسنن‬ ‫واإللهية‪ ،‬فـإذا كنت حراً في اختيار أفعالك فأنت‬ ‫لست ح��راً في اختيار نتائج ه��ذه األفعال ألن‬ ‫القوانين والسنن اإللهية هي التي تحدد هذه‬ ‫النتائج‪ ،‬أنت حر في أن تقفز من الطابق العاشر‬ ‫ولكنك لست حراً في اختيار نتيجة هذا الفعل وهي‬ ‫تحطم جمجمتك ألن قانون الجاذبية هو الذي يحدد‬ ‫هذه النتيجة‪ ،‬أنت حر في اختيار عدم االصغاء إلى‬ ‫اآلخرين لكنك لست حراً في اختيار نتيجة هذا‬ ‫الفعل وهي نفور اآلخرين منك ألن القانون الذي‬ ‫يقول‪ :‬نحن ننفر من األشخاص الذين ال يصغون‬ ‫إلينا‪ ،‬هو الذي يحدد هذه النتيجة‪ ،‬أنت حر في‬ ‫اختيار المضيّ في حياتك بدون أهداف وغايات‬ ‫ولكنك لست حراً في اختيار نتيجة هذا الفعل وهو‬ ‫الفشل ألن القانون الذي يقول‪ :‬ال يمكن لإلنسان‬ ‫أن يصل إلى هدف ال يعرفه‪ ،‬هو الذي يحدد هذه‬ ‫النتيجة‪.‬‬

‫لقد وجد كثير من الشابات والشباب أنفسهم‬ ‫منخرطين في هذه الثورة وما تفرضه عليهم‬ ‫من عمل جماعي ومهمات قيادية دون أن‬ ‫تكون لديهم خلفية كافية عن المصطلحات‬ ‫المستخدمة في علم القيادة‪ ،‬إن مصطلحات‬ ‫مثل الرؤية والرسالة واإلستراتيجية هي‬ ‫مصطلحات مهمة في علم القيادة وغالبًا‬ ‫ما تكون غامضة في أذه��ان الكثير من‬ ‫الناشطين‪ ،‬وقد يحدث الخلط والتداخل فيما‬ ‫بينها مع أنها مختلفة عن بعضها البعض‬ ‫وسنبدأ في هذا العدد شرح مصطلح الرؤية‪.‬‬ ‫الرؤية‪ :‬كما يدل اسمها؛ الرؤية هي صورة لما‬

‫‪6‬‬

‫لقد صدحت حناجرنا بكلمة (حرية) منذ أول‬ ‫يوم في هذه الثورة‪ ،‬ودفعنا وما زلنا ندفع أنهار‬ ‫الدم ثمنًا لهذه الحرية‪ ،‬لذلك حريٌّ بنا احترامًا‬ ‫لهذه الدماء أن نتوقف قلي ً‬ ‫ال عند معاني (الحرية)‬ ‫ومراميها‪( .‬الحرية) أيها اإلخوة مسؤولية عظيمة‪،‬‬ ‫وهي قد تفتح لنا أبواب الجنة في الدنيا واآلخرة‬ ‫وقد تفتح علينا أبواب الجحيم في الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫لقد بذل الطغاة جهداً كبيراً طوال العقود الماضية‬ ‫في تيئيس الناس ودفعهم إلى الكفر بأنفسهم‬ ‫وإل��ى إقناعهم بعدم جدارتهم بالحرية وبأنه‬ ‫ال شيء يحفظ أمنهم واستقرارهم غير سيف‬ ‫االستبداد المسلط فوق رقابهم‪ ،‬لقد عطل الطغاة‬ ‫حركة المجتمع التي تدفع الناس إلى ممارسة‬ ‫الحرية فضمرت عندهم المعارف والمهارات التي‬ ‫تنجم عن هذه الممارسة وصدّق كثيرون منهم‬ ‫أنهم فع ً‬ ‫ال ال تليق بهم الحياة الحرة الكريمة وأن‬ ‫قدرنا نحن العرب أن نعيش في ظل المستبدين‬ ‫إلى أبد اآلبدين‪ ،‬لكن الربيع العربي الذي تناثرت‬ ‫أزاهيره من المحيط إلى الخليج أبطل هذه الكذبة‬ ‫الكبيرة وأظهر أن العرب قادرين على انتزاع‬ ‫حريتهم من براثن المستبدين وعلى التمتع‬ ‫بحقوقهم اإلنسانية كغيرهم من شعوب األرض‪،‬‬ ‫لكننا ما زلنا في بداية الطريق أيها اإلخوة‪ ،‬الحرية‬ ‫مع الجهل ال تستقيم‪ ،‬الحرية مع اتباع األهواء‬ ‫ال تستقيم‪ ،‬الحرية مع األنانية وعبادة (األنا) ال‬ ‫تستقيم‪ ،‬فلنتحرر من جهلنا وأهوائنا وأنانيتنا‬ ‫ولنشمر عن ساعد الجد والعمل ولننشر فيمن‬ ‫حولنا الوعي والمعرفة بسنن اهلل في النجاح‬ ‫والنصر والتفوق حتى نرتقي إلى مستوى الحرية‬ ‫التي ننادي بها وإنا على ذلك لقادرون‪.‬‬

‫تريد أن يكون عليه الواقع‪ .‬هي صورة في‬ ‫الذهن عن الوضع الذي تريد أن تقود الناس‬ ‫إليه‪ .‬هي جواب على السؤال التالي‪ :‬إلى أين‬ ‫نحن ذاهبون؟ وهي من أهم شروط القيادة‬ ‫الناجحة‪ .‬القائد يجب أن يكون صاحب رؤية‬ ‫تشعل حماسه وتطلق شغفه‪ ،‬وأن يقنع‬ ‫اآلخرين برؤيته‪ ،‬بحيث ال يقل حماسهم‬ ‫وشغفهم بالرؤية عن حماس القائد وشغفه‪.‬‬ ‫كيف تتم صياغة الرؤية‪ :‬هناك طريقتان‪:‬‬ ‫‪ )1‬أن يصيغ القائد رؤيته ثم يعرضها على‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وهنا إما أن يتبنوها كما هي أو أن‬ ‫يتم تعديلها لتصبح محط موافقة الجميع‬

‫تتمة <<‬


‫‪7‬‬

‫العدد الخامس عشر | مـقـاالت‬

‫اإلعالم السوري ‪..‬‬ ‫صراع اللحظات األخيرة‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫بات االرتباك والتخبط ال��ذي يشهده‬ ‫ ‬ ‫التلفزيون السوري وزمالئه في (التشبيح اإلعالمي)‬ ‫كالدنيا ومن سار على دربها من قنوات لبنانية‬ ‫واضحًا لكل متابع ‪ ,‬سواء كان هذا المتابع ثورجياً أو‬ ‫منحبكجياً!!‪.‬‬ ‫فعمليات الجيش الحر في العاصمة السورية دمشق‬ ‫لم يعد النظام قادراً على تغطيتها بقصة العصابات‬ ‫المسلحة ‪ ,‬فقد أثبت الجيش الحر على الرغم من‬ ‫تواضع تجهيزاته القتالية تنظيمًا يفوق التوقع ‪,‬‬ ‫من حيث التوقيت والدقة في التنفيذ ‪ ,‬فرموز «‬ ‫التشبيح اإلعالمي» كل منهم بات يطرح قصة‬

‫‪ )2‬أن تتم صياغة الرؤية بشكل جماعي بعقد‬ ‫اجتماع يتم فيه استعراض األفكار التي يجب‬ ‫أن تتضمنها الرؤية ثم يوكل ألحد أعضاء‬ ‫الفريق صياغة هذه األفكار‪ ،‬وبغض النظر‬ ‫عن الطريقة‪ ،‬ما لم يملك القائد رؤية واضحة‬ ‫نابعة من أعماقه‪ ،‬يشتعل حماسًا لتحقيقها‬ ‫فلن يستطيع نقلها إلى اآلخرين وحثهم على‬ ‫تحويلها إلى واقع‪.‬‬ ‫من يحتاج إلى الرؤية؟ كل قائد يحتاج إلى‬ ‫رؤي��ة‪ ،‬س��واء كان يقود مؤسسة‪ ،‬أو فريق‬ ‫عمل‪ ،‬أو جمعية‪ ،‬أو حزب‪ ،‬أو مجلس ثوري‪،‬‬ ‫أو تنسيقية‪ ،‬أو مكتب له وظيفة محددة‪ ،‬يجب‬

‫تختلف عن اآلخرى ‪ ,‬فبعد كل عملية للجيش الحر‬ ‫يظهر لنا شريف شحادة لينفي العملية بشكل كامل‬ ‫‪ ,‬بينما حاج علي يتباكى على قتلى االمن والشبيحة‬ ‫«األبرياء» ‪ ,‬ويختتمها إما طالب ابراهيم أو خالد‬ ‫العبود بمحاضرة عن المؤامرة الكونية ‪ ,‬ودوائر‬ ‫ومربعات السياسة ‪ .‬ناهيك عن بعض األب��واق‬ ‫المستورده من لبنان ‪ ,‬ممن يسبح بحمد النظام‬ ‫متناسيًا ما قدمه الشعب السوري إلخوته البنانين‬ ‫في حرب تموز عام ‪. 2006‬‬ ‫وعندما أصبح جليًا للنظام عجزه عن تغطية‬ ‫الحراك الثوري بشقيه السلمي ممث ً‬ ‫ال بالمتظاهرين‬ ‫والعسكري ممث ً‬ ‫ال بالجيش الحر ‪ ,‬عاد إلى محاولة‬ ‫قديمة جديدة تسعى إلى عزل ناشطي الداخل‬ ‫عن اإلع�لام الخارجي ‪ .‬فمنذ شهر تقريبًا يتم‬ ‫قطع خدمة االنترنت عبر الموبايل يومي الخميس‬ ‫والجمعة سعياً منهم لمنع نقل المظاهرات بشكل‬ ‫مباشر ‪ ,‬وليخرج علينا ابواقهم معلنين انتهاء األزمة‬ ‫كما كل مرة ‪ ,‬إال أن العاملين في المجال اإلعالمي‬ ‫أصبح لديهم كم جيد من الخبرة للتعامل مع مثل‬ ‫هذه األوضاع ‪ ,‬فقد عمل النظام منذ بداية الثورة‬ ‫على محاولة عزل بعض المناطق بقطع االتصاالت‬ ‫وخدمة اإلنترنت عنها‪.‬‬ ‫وكان لسكان المناطق الثائرة دور كبير في كشف‬ ‫أالعيب اإلعالم السوري ‪ ,‬فكم من مرة شاهدنا على‬ ‫الصفحات المعنية بتغطية أخبار الحراك الثوري‬ ‫فيديو لمصور متواجد أمام أحد المساجد ليصور‬ ‫لنا الحياة الطبيعية يقف خلفه عناصر من كتائب‬ ‫الجيش النظامي وفروع المخابرات وبعض المدنين‬ ‫المسلحين ‪.‬‬

‫أن تكون الصورة التي يريد أن يصل إليها‬ ‫بالناس الذين يقودهم واضحة تمامًا في‬ ‫ذهنه وفي أذهانهم وأن يتم التعبير عن هذه‬ ‫ّ‬ ‫ومحفزة‪.‬‬ ‫الرؤية بشكل مكتوب وبلغة واضحة‬ ‫مثال عن الرؤية‪ :‬رؤي��ة المدافع عن حقوق‬ ‫السود في أمريكا مارتن لوثر كينغ التي‬ ‫جاء فيها ( لدي حلم بأنه في يوم ما على‬ ‫تالل جورجيا الحمراء سيستطيع أبناء العبيد‬ ‫السابقين الجلوس مع أبناء أسياد العبيد‬ ‫السابقين معًا على منضدة اإلخاء‪..‬‬ ‫عندي حلم بأنه في يوم ما سيعيش أطفالي‬ ‫األربعة بين أمة ال يُحكم فيها على الفرد من‬

‫وكم من مرة نفى إعالم النظام وجود إطالق نار من‬ ‫قبل جنوده ‪ ,‬لتخرج علينا تنسيقيات الثورة بفيديو أو‬ ‫أكثر لجنود يطلقون النار بشكل مباشر على المنازل‬ ‫وعلى المتظاهرين السلميين ‪ ,‬أو لسرقتهم ألحد‬ ‫المنازل أو المحال التجارية ‪.‬‬ ‫بل إن أكبر فضائح النظام اإلعالمية هي بعض‬ ‫الفيديوهات التي يعمل على دسها وتوزيعها على‬ ‫الصفحات ليخرج علينا في اليوم التالي متفاخراً‬ ‫متباهيًا بكشفه لمادة جديدة من مواد التضليل‬ ‫اإلعالمي ‪.‬‬ ‫وقد أكد هذه المعلومات عدد من المنشقين عن‬ ‫اإلعالم السوري كاإلعالمي «حكم البابا» الذي أكد‬ ‫وجود غرف خاصة لتعديل األصوات الموجودة في‬ ‫الفيديوهات التي يقوم بنشرها نشطاء الداخل ‪,‬‬ ‫ليعاد طرحها من جديد ويقوم بعرضها على إنها‬ ‫تضليل إعالمي ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من كل ادعاءات النظام بوجود مؤامرة‬ ‫كونية كانت أم عالمية ‪ ,‬إال أن توصيات الجامعة‬ ‫العربية لشركات األقمار الصناعية العربية المعنية‬ ‫بالبث الفضائي للقنوات التلفزيونية بإغالق القنوات‬ ‫السورية كانت مبنية على دراسات قامت بها لجنه‬ ‫محايدة مكلفة من المجلس ال��وزاري العربي في‬ ‫الجامعة العربية ‪ ,‬وقد سبق ذلك إسقاط تردد قناة‬ ‫الدنيا من قمر الهوتبيرد األوروبي لمشاركتها في‬ ‫تأجيج العنف والتحريض على قتل المدنين ‪.‬‬ ‫وتبقى ال��ح��رب اإلعالمية والعمل على كشف‬ ‫الحقائق مستمراً كوسيلة من الوسائل السلمية‬ ‫إلسقاط النظام‪.‬‬

‫لون بشرته‪ ،‬إنما من ما تحويه شخصيته‪»!.‬‬ ‫عندي حلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه‬ ‫األم��ة وتعيش المعني الحقيقي لعقيدتها‬ ‫الوطنية بأن كل الناس خلقوا سواسية‪..‬‬ ‫عندي حلم إن��ه ف��ي ي��وم م��ا ف��ي أالب��ام��ا‪،‬‬ ‫بمتعصبيها العميان وحاكمها ال��ذي الذي‬ ‫تتقاطر من شفتيه كلمات األمر والنهي؛ في‬ ‫ي��وم ما هناك في أالباما ستتشابك أيدي‬ ‫الصبيان والبنات السود والصبيان والبنات‬ ‫البيض كإخوان وأخوات)‬ ‫تالحظون كيف أن عبارات هذه الرؤية بسيطة‬ ‫وواضحة وتحفز كل من يسمعها على تحقيقها‪.‬‬


‫العدد الخامس عشر | آراء وتحليالت‬

‫خواطر ‪ ..‬على حافة النصر‬ ‫| عبد الغني المصري‬ ‫من تفاعالت الثورة‪ ،‬وتجاذباتها‪ ،‬من‬ ‫ ‬ ‫حبنا لألبطال وخوفنا عليهم‪- ،‬رغم أن اهلل هو‬ ‫خير حفظا‪ ،‬وهو خير معينا‪ ،-‬تتناثر طرطشات‬ ‫ثورة‪ ،‬تداعب أطراف النصر‪ ،‬كي تقطفه‪ ،‬وتبني‬ ‫به‪ ،‬ومعه‪ ،‬مستقبل مشرق‪ ،‬لكل أهل الشام‪،‬‬ ‫بكل ألوانهم‪ ،‬ومن هذه المسحات الثورية‪،‬‬ ‫سيتم التطرق إلى الخواطر السريعة اآلتية‪:‬‬ ‫كل ثائر على ثغرة‪:‬‬ ‫مع اقتراب النصر‪ ،‬واشتداد معارك التحرير‪،‬‬ ‫يتناهى إلينا يومياً استشهاد الضابط الفالني‬ ‫قائد السرية‪ ،‬وأحيانا الناشط الميداني فالن‬ ‫والذي كان حلقة مهمة في التنسيق بين‬ ‫الكتائب‪ ،‬وكان نائب قائد السرية التي ازالت‬ ‫الحاجز الفالني‪ ،‬واقتحمت حاجز «م ط» عند‬ ‫مدخل البلدة!!‪.‬‬ ‫كل الثوار شجعان وأبطال ويتحرقون شوق ًا‬ ‫للشهادة‪ .‬لكن الرسول الكريم نبهنا إلى أمر‬ ‫مهم فنبه أصحابه بأن كل منهم على ثغرة من‬ ‫ثغور اإلسالم‪ ،‬فاهلل اهلل أن يؤتى اإلسالم من‬ ‫قبله‪.‬‬ ‫فالقائد المخطط البارع يصعب تعويضه‪ ،‬لذا‬ ‫األحرى به أن يشرف من قرب على النشاط أو‬ ‫العملية لكن ليس بالضرورة أن يكون هو أول‬ ‫من يخترق وليس في ذلك جبنٌ‪ ،‬فالمقاتلون‬ ‫األبطال كثر –بفضل اهلل‪ -‬ويمكن ألخوانهم أن‬ ‫يعوضوا أماكنهم‪ ،‬لكن كم هو صعب تعويض‬ ‫قائد فذ؟‪.‬‬ ‫ناشط ميداني له دور محوري في توحيد‬ ‫الفصائل وهو شخص هادئ يسدد ويقارب‪.‬‬ ‫شجاع‪ ،‬ذو علم شرعي‪ ،‬ومشهود له بكل خير‪،‬‬ ‫كان من اوائل المنشقين من الجيش‪ .‬يتمنى‬ ‫الشهادةلكن بط ً‬ ‫ال كهذايصعب تعويضه‬ ‫فاألولى ثنيه عن القتال وابقائه منظماً لإليقاع‬ ‫وواعظا للثوار‪ .‬ففي القتال يمكن ان نجد من‬ ‫يحل مكانه لكن من سيحل مكانه في الجمع‬ ‫بين الناشطين؟‪.‬‬ ‫نعلم‪ ،‬أن كل شيء بقضاء اهلل وقدره لكن‬ ‫الرسول الكريم نبهنا إلى أهمية كل فرد في‬ ‫موقعه‪ ،‬فقد جعل اهلل لبعض األفراد ميزات‬ ‫خصهم بها‪ ،‬فاألولى أن يستفيد منها الجميع‪،‬‬ ‫عوض ان نفقدها وذلك من باب األخذ باألسباب‪.‬‬

‫عند اقتراب النصر‪ ،‬يجتبي اهلل إليه احبائه بالشهادة‪:‬‬ ‫قطفت الثورة أغلى زهرات من شبابنا هم أحياء‬ ‫عند ربهم يرزقون‪ .‬ذكراهم خالدة في قصصنا‬ ‫القادمة ألجيال حكاياتهم سيدرسها أطفالنا‬ ‫في مدارسهم ستحدوا بأسمائهم األمهات‬ ‫ألطفالهم‪ .‬حكايات بطوالتهم ستمسي أحاديث‬ ‫السمر القادم في أجواء البرية مع ضوء القمر‪،‬‬ ‫في ليل ربيعي جميل‪.‬‬ ‫عند اقتراب النصر‪- ،‬والعلم عند اهلل‪ -‬فإن اهلل‬ ‫يختار الخيرة من عباده المخلصين‪ ،‬ويجتبيهم‬ ‫أليه شهداء مخلصين صادقين يستشهدون‬ ‫ونقاء الفكرة ماثل في مخيالتهم‪ ،‬يستشهدون‬ ‫كلهم أمل في النصر دفاعا عن أهلهموأرضهم‬ ‫ووجودهم‪ .‬وكأن اهلل اليريد ألمثال هؤالء‬ ‫الشجعان النادرين مرهفي الحس اإلنساني‬ ‫أن يعيشوا وقت اقتسام الغنائم القادم فعندها‬ ‫قد تفسد بعض النفوس وقد تختلف جماعات‪.‬‬ ‫فهنئيا لهؤالء الشهداء استشهادهم ‪.‬‬ ‫كي ال نغفل عن وكر األفعى‪..‬‬

‫‪8‬‬

‫سـتالينيون!!‬ ‫ّ‬ ‫| مازن الشامي‬

‫من الظلم أن نقارن ستالني من كل الوجوه‬ ‫ ‬ ‫َّ‬ ‫بقطاع الطرق الذين يحكمون بعض الدول العربية‪ ،‬فهو مل‬ ‫يقتل شعبه بالقصف املدفعي والرصاص والهاون الذي ال‬ ‫مييز بني مدين وعسكري‪ ،‬بالطريقة الوحشية التي شاهدها‬ ‫العامل يف مذبحة حامة عام ‪ ،1982‬حيث «قدر عدد الضحايا‬ ‫ما بني ‪ 30‬إىل ‪ 40‬ألفاً بينهم نساء وأطفال ومسنون‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل ‪ 15‬ألف مفقود مل يتم العثور عىل آثارهم منذ ذلك الحني‪،‬‬ ‫واضطر نحو ‪ 100‬ألف نسمة إىل الهجرة عن املدينة بعدما‬ ‫تم تدمري ثلث أحيائها تدمرياً كام ًال‪ ،‬وتعرضت أحياء أخرى‬ ‫لتدمري واسع‪ ،‬إىل جانب إزالة عرشات املساجد والكنائس‬ ‫ومناطق أثرية وتاريخية نتيجة القصف املدفعي»‪ ،‬حسب‬ ‫نص تقرير للجنة السورية لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫لقد كان ستالني ‪-‬عىل فظاظته‪ -‬كان رجال وطنيا وقوميا‬ ‫دون تزييف‪ ،‬آمن بأمجاد روسيا وسعى لتحقيقها بالفعل‬ ‫ال بالقول‪ ،‬رغم الثمن اإلنساين الباهظ لسياساته‪ ،‬فقد قاد‬ ‫بالده يف مقاومة بطولية رشسة كرس بها شوكة النازية التي‬ ‫كانت تسعى إىل احتالل أرضه واستعباد شعبه‪ .‬كام قاد ثورة‬ ‫صناعية بخططه الخمسية الشهرية‪ ،‬أخرج بها بلده من ذل‬ ‫التسول للغرب والخوف من سطوته العسكرية‪.‬‬

‫تشتد معارك الحسم‪ ،‬في حمص وريف دمشق‪،‬‬ ‫ودرعا وإدلب ودير والزور وحماه‪ .‬ينتصر األبطال‬ ‫وينهزم جيش النظام ويتقهقر‪ ،‬لكن هدف‬ ‫الثورة اسقاط النظام والمتواجد في دمشق‪.‬‬ ‫صحيح أنه يتم استنزافه من خالل تشتيته على‬ ‫امتداد األرض السورية‪ ،‬لكن ال بد من التركيز‬ ‫وتقوية الضرب لهدم وكر األفعى في دمشق‪.‬‬

‫أما الستالينيون املزيفون عندنا فال ً‬ ‫أرضا حرروا‪ ،‬وال صناع ًة‬ ‫بن ْوا‪ ،‬بل إنهم استنزفوا قوة الشعب وموارده يف حامية‬ ‫أنفسهم‪ ،‬وحولوا قوة الدولة إىل حربة موجهة إىل نحور‬ ‫الشعوب‪ ،‬ال إىل نحور األعداء‪ .‬ويكفي النظر إىل الدبابات‬ ‫السورية التي صدئت يف انتظار معركة التحرير الحاسمة مع‬ ‫إرسائيل‪ ،‬تتجه إىل درعا وبانياس وحمص‪ ،‬وتقذف الحمم‬ ‫ضد املواطنني األبرياء الرشفاء‪ ،‬بدل التوجه إىل الجوالن‬ ‫املحتل‪ ،‬ومصاولة العدو الجاثم عىل أنفاس السوريني هناك‬ ‫منذ أربعة عقود‪.‬‬

‫بعض من األطراف بدأ إيصال المال والسالح‬ ‫للثورة‪ .‬سالح أدى إلى عمليات نوعية ناجحة‪،‬‬ ‫وناجعة‪ .‬لكن ال يجب أن نغتر فهذا اإلمداد‬ ‫مرهون بإضعاف النظام وليس اسقاطه كامال‪،‬‬ ‫كي يتحقق اإلبتزاز عند بداية اإلنهيار الكامل‬ ‫للنظام‪ .‬لذا فال بد لألبطال أن يقسموا كل ما‬ ‫يستلموه هذا لليوم‪ ،‬وذلك لغدا‪ .‬فلن يحررنا‬ ‫إال وعي وبطولة أبناءنا بأمر اهلل وحفظه‪ .‬فهلاّ‬ ‫حفظنا كثيرا من سالحنا ليوم النصر‪ ،‬كي يكون‬ ‫لدى الثوار القدرة على قول الكلمة الفصل‪.‬‬

‫وقد ظن النظام الستاليني يف سوريا أن وعودا جوفاء‬ ‫بإصالحات شكلية وجزئية سرتجع الشعب إىل بيوته بعدما‬ ‫أمسك مصريه بيده‪ ،‬ونيس هذا النظام املتبلد أن الرصاع‬ ‫بني الحاكم واملحكوم يف الدول العربية اليوم مل يعد رصاعا‬ ‫حول أداء السلطة‪ ،‬وإمنا هو رصاع حول بناء السلطة‪ ،‬بعدما‬ ‫أدركت شعوبنا ما كان ينبغي أن تدركه منذ أمد بعيد‪ ،‬وهو‬ ‫أن البناء االستبدادي لن يقود إىل نهضة يف الداخل وال إىل‬ ‫عزة يف الخارج‪.‬‬

‫كي نحافظ على السالح‬

‫فأي ترقيع يف األداء السيايس لن يقنع الشعوب اليوم‬ ‫بعدما قررت رفع الحجر املفروض عليها متاما‪ ،‬وهدم البناء‬ ‫االستبدادي من القواعد‪ ،‬متهيدا لإلمساك بحرية قرارها‬ ‫واختيارها‪ ،‬وطرد منطق السيف وقانون الغاب من مسألة‬ ‫تداول السلطة إىل األبد‪.‬‬


‫‪9‬‬

‫العدد الخامس عشر | مشاركات‬

‫مبارك لمصر ‪ ..‬بدون مبارك‬ ‫مشاركة | الزهرة الحرّة‬

‫الفنان جمال سليمان @‬

‫مبارك لكم يا أخويت‪...‬‬ ‫أبارك لكم هذا الصباح‬ ‫اندلعت ثورتكم كثوريت‬ ‫و كللتموها االن بالنجاح‬ ‫مبارك لكم‪..‬‬ ‫و إنني مرسورة لرسوركم‬ ‫مبارك لكم‪..‬‬ ‫إلنني أرى حريتي بني جموعكم‬ ‫نعم ‪..‬مل متنعني جراحي ‪..‬من الفرح‬ ‫نعم‪...‬مل متنعني اهايت من تنايس كل ترح‬ ‫أهنئكم االن‪..‬‬ ‫و رمبا أموت قبل أن تهنؤوين‪..‬‬ ‫أهنئكم‪..‬و كيل أمل أن تساندوين‪..‬‬ ‫إنكم إخويت‪..‬و لن تفرحوا لعربات عيوين‪..‬‬ ‫إنكم لحمي و دمي‪..‬أهنئكم االن‪...‬و غداً لن تخذلوين‪..‬‬ ‫كسومتوين ثوباً من الفرح النتصاركم‪..‬‬ ‫اّ‬ ‫خويف‪..‬فهل‬ ‫و تحت ثوب فرحي ‪..‬تكمن جراحي‪..‬يكمن‬ ‫أنقذمتوين!!‬ ‫إخويت‪..‬و إن تخ ّليتم عني‪..‬‬ ‫فسطوري هذه ‪..‬كتبت لتهنئكم‪..‬‬ ‫افرحوا االن ‪..‬فلتتناسوا‪..‬همومي‪..‬جروحي و كلومي‪..‬‬ ‫اَ‬ ‫أخويت‪..‬فهل نظرتم يف جراحي‪..‬و‬ ‫و غداً‪...‬يل مو عد معكم يا‬ ‫أشفيتموين‪!!..‬‬

‫عن أي مؤامرة يتحدثون؟ هل يتحدثون عن مؤامرة‬ ‫االنتقال السلمي نحو دول��ة مدنية ذات دستور‬ ‫عصري يضمن حرية العمل السياسي‪ ،‬ومبدأ التداول‬ ‫السلمي للسلطة عبر صندوق االنتخابات النزيه‬ ‫والفصل بين السلطات؟ هذه قد تكون بعرف البعض‬ ‫مؤامرة‪ .‬لكنها بعرف غالبية الشعب السوري مطالب‬ ‫مشروعة تقادم الوعد باالستجابة لها إلى أن نفد‬ ‫صبر الناس فخرجوا عن صمتهم مطالبين بها‪...‬‬

‫عرفان موصللي @‬ ‫عندما تقف ثورتنا شامخة قوية ويعاديها العالم‬ ‫بأسره‪ ،‬نستغرب ونستهجن‪ ،‬لماذا يعادونها ؟‬ ‫فهم يطالبون برحيل األسد ‪ ....‬ويقررزن عقوبات ضده‬ ‫وخطوات !!! نعم يعادونها حقيقة‪ ،‬ألنها ثورة انبنت‬ ‫من أرضية خصبة قوامها أن العدل أساس الملك ‪...‬‬ ‫وأن الفقير والغني واألبيض واألسود هم متساوون‪،‬‬ ‫ثورة ال مكان فيها للمصالح وتبادل األدوار‪ ،‬ثورة لن‬ ‫ترضى باالحتالل ولو كان في جزر المالديف‪ ،‬ثورة بناء‬ ‫للفكر وبناء للعمل الجماعي الهدف لتوحيد الجهود‬ ‫نحو الوحدة والحرية واالستقالل‪ ،‬فكيف سيتم حماية‬ ‫الكيان المدلل إسرائيل بتأسيس هكذا دولة ‪ ،‬كيف‬ ‫سيمرر الغرب مصالحهم بوجود هكذا بنيان‪.‬‬

‫‪@ New Syria‬‬ ‫سنبني ما تدمرونه أيها الصغار‪ ،‬سورية لن تعود‬ ‫كما كانت‪ ،‬بل ستعود أجمل وأطهر‪ ،‬وستورق وجوه‬ ‫شهدائنا في كل زاوية من زوايا هذا الوطن حرية‬ ‫وعدالة وكرامة‪ ،‬وستحرسنا نظراتهم ونحن نجدُّ‬ ‫هم مستبد داخلي أو‬ ‫في بناء دولتنا الوليدة‪ ،‬فإذا‬ ‫ّ‬ ‫خارجي أن يسلبنا إرادتنا سنأخذ من عيون الشهداء‬ ‫القوة والعزيمة واإلصرار لنقول له (ال) ونر ّده من حيث‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهزوما‪ ،‬نحن شعب لن يطأطئ رأسه إال‬ ‫خائبا‬ ‫جاء‬ ‫لخالقه بعد اليوم‪ ،‬نحن شعب ولد من رحم الشهادة‬

‫‪www.facebook.com/Ahed.alsham‬‬ ‫صفحتنا على الفيسبوك‬


‫العدد الخامس عشر | مــعـتقلـون ‪10‬‬

‫الفتاة اليت ال تبكي !!‬ ‫ ‬ ‫أخذت من اسمها نصيب‪،‬‬ ‫ ‬ ‫فكانت (سمو) في أخالقها وسمو‬ ‫في اعتقالها‪ ،‬لم تبكِ (سمو) أو‬ ‫هكذا قال السجانون حيث لقبوها‬ ‫«الفتاة التي ال تبكي»‪.‬‬

‫(سمو خانجي) اعتقلت في ‪ 18‬نيسان ‪ 2012‬من مقر عملها‬ ‫في شركة سيرياتيل‪ ،‬ومازالت حتى اليوم حبيسة أقبية الفروع‬ ‫األمنية في ظل النظام األسدي‪ ،‬دون أن تقدم للمحاكمة أو‬ ‫توجه لها تهمة محددة‪.‬‬ ‫ال زالت األخبار منقطعة عن (سمو) ‪ ،‬فال يوجد أي تسريب سوى‬ ‫القول انها الفتاة التي ال تبكي‪ ،‬قيل انها تقضي أيامها في‬ ‫زنزانة منفردة‪ ،‬وأن وضعها الصحي عير مطمأن‪.‬‬ ‫رغم انقضاء أكثر من ‪ 60‬يوماً‪ ،‬وهي المُهلة القصوى لالعتقال‬ ‫دون اإلحالة إلى القضاء أو توجيه التهم‪ ،‬فالزالت األخبار‬ ‫منقطعة عن ابنه دمشق (سمو الخانجي)‪ ،‬ال تتوانى المخابرات‬ ‫السورية عن احتجازها فتر ًة أطول بغض النظر عن أي قانون‬ ‫او نظام‪.‬‬

‫(س��م��و) ف��ت��اة استثنائية بحبها‬ ‫لآلخرين وبقدرتها المُدهشة‬ ‫على العمل والعطاء ودع��م من‬ ‫حولها في اللحظات الصعبة‪ .‬وهي‬ ‫صبية متنورة ومُثقفة وطموحة‬ ‫كما يقول اصدقائها على الموقع‬ ‫االجتماعي ‪ ،facebook‬تعشق‬ ‫الموسيقى والسينما ولطالما‬ ‫اعتبرت أن التعلم هو رحلة شيقة‬ ‫وال نهاية لها كما علم جميع من‬ ‫عرفها‪.‬‬

‫يُذكر أن سمو الخانجي مهندسة‪ ،‬خريجة كلية هندسة‬ ‫الكهرباء واالتصاالت‪ ،‬حيث يتساءل اصدقاؤها» لمصلحة من‬ ‫يتم اعتقال وتغييب عقول منفتحة ومتنورة وحريصة على‬ ‫سوريا ومستقبلها؟» ويتابعون قولهم‪ »:‬ال شك لدينا بأنها‬ ‫تفيض حباً وقو ًة وأن جدران االعتقال المُصمتة والغليظة‬ ‫عاجزة على احتواء روحها المُتقدة والحُرّة‪ .‬وأن «الفتاة التي‬ ‫ال تبكي» تختزن من الحب والرقة ما يكفي ليغمر كل سجانيها‬ ‫وكل العقول المُغلقة‪ .‬صالبتها هي صالبة الحق‪.‬‬

‫خرجت ألبوح يف حضنها ‪..‬‬ ‫خ��رج��ت‪ ،‬ول��ض��وء الشمس تلهفت‪،‬‬ ‫ ‬ ‫أحسست وك��أن العالم ب��ات جاثم على بصري‬ ‫وفكري‪ ،‬ستون يوم ًا في سجون النظام بات كفي ً‬ ‫ال‬ ‫بأن يثني بصري عن رؤية النور‪.‬‬ ‫أخذتني أماه ببكائها ونحيلها‪ ،‬احسست بيداها‬ ‫الناعمتينوهماتربدانعلىكتفيوظهري‪،‬طرقت‬ ‫بكالمها أذن��اي‪ ،‬اهلل يرضى عليك‪ ،‬اهلل يرضى‬ ‫عليك‪ ،‬يا بطل‪ ،‬يا شامة كل األبطال‪ ،‬يا رجل‬ ‫الكرامة في زمن الخنوع والذل‪.‬‬ ‫انهمرت عيوني دمع ًا مكفكف ًا‪ ،‬نسيت كل شيء‬ ‫حصل معي‪ ،‬نسيت المساحة الضيقة التي نمت‬ ‫عليها واقفاً مدة ستين يوماً‪ ،‬نسيت آالم قدماي‬ ‫وظهري من شدة التعذيب الذي تعرضت له‪ ،‬نسيت‬ ‫اإلهانات والسباب والشتام‪ .‬إنها أمي بكلماتها‬ ‫المعدودة‪ ،‬ودمعاتها الخجولة‪ ،‬إنها امي‪ ،‬التي نسيت‬ ‫في كل يوم قبل اعتقالي أن أقبل يداها‪ ،‬وأجثم‬ ‫أمام قدميها‪ ،‬وأطلب رضاها‪ ،‬إنها أمي التي لطالما‬ ‫تجاهلت ندائها‪ ،‬لطالما نسيت نومها وصباحها‪ ،‬لم‬

‫أفكر أبداً بها‪ .‬إنها أمي التي لطالما‪ ،‬حسبتها خادمة‬ ‫لي بثيابي وطعامي‪ ،‬كم آلمني عندما استيقظت‬ ‫وطعام اإلفطار غير جاهز‪ ،‬كم آلمني عندما رجعت‬ ‫في ظهيرة بعد لهو ولعب ولم يكن طعام الغداء قد‬ ‫حُضِّر بعد‪.‬‬ ‫أيعقل أن يأتي أصحابي وليس عندنا من ضيافة‪.‬‬ ‫أيعقل أن أرى ثيابي بعد أيام وهي لم تغسل أو‬ ‫تكوى بعد‪ .‬أي أم عاقة هي التي ال تعرف االلتزام‬ ‫بواجباتها‪ .‬كم آلمني قلة فهمها وعدم إدراكها‬ ‫وتدخلها في كل ما أقوم به‪ ..‬كم أزعجني محدودية‬ ‫فكرها وثقافتها‪ ،‬فهي ال تعرف للتقدم والحضارة‬ ‫من معنى‪.‬‬ ‫ال تعرف االنترنت وال الجواالت وال الحضارة‪ .‬لقد‬ ‫تذكرت كل هذا‪ ،‬لقد علمت ما هي الحضارة وما‬ ‫هي الشجاعة‪ ،‬لقد عرفت معرفة رسخت في قلبي‬ ‫وذهني‪ ،‬تذكرت أمي‪.‬‬ ‫عندما لم أنم و لم اغسل ثيابي مدة ستين يوما‪،‬‬ ‫تذكرت أفضالها ‪ ،‬لقد أحسست بحالوة طعامها‬

‫عندما مضغت الزقوم في سجون ومعتقالت األسد‪..‬‬ ‫لقد راودتني كل هذه األفكار‪ ،‬عندما ارتميت في‬ ‫أحضانها‪ ،‬عندما قبلت يداها‪ ،‬واهلل و اهلل و اهلل‪،‬‬ ‫أحسست أن الظلم الذي أوقعته على أمي وعقوقي‬ ‫لها قد جازاني اهلل عليه في معتقلي وفي سجني!!‬ ‫وقد أضاف على نفسي قوة لم أكن أحلم بها أو أفكر‬ ‫بأنأمتلكها‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬إنه خراب نفسي وفكري‪ ،‬اعترف لكم‪ ،‬بانني‬ ‫لم أكن أعرف لطاعة الوالدين من مكان عندي‪ ،‬كنت‬ ‫أحسبهم مجرد أب وأم‪ ،‬ال أثر لهم وال فائدة‪ ،‬لكنني‬ ‫اآلن تيقنت‪ ،‬اآلن عرفت‪ ،‬وهذه المعرفة كانت على‬ ‫حساب جسدي‪.‬‬ ‫إن خراب األجساد‪ ،،‬ليس إال لبناء النفوس الضعيفة‪،‬‬ ‫إن عذاب الدنيا ليس إال تكفيراًعن أخطائنا وعثراتنا‪،‬‬ ‫والحمد هلل على كل شيء‪ ،‬ورحم اهلل من تعلم‬ ‫بعثرات غيره‪ ،‬فالعاقل من اعتبر بغيره‪ ،‬ولم ينتظر‬ ‫حتىيعتبربنفسه‪.‬‬ ‫يقول اهلل تعالى ‪ (( :‬وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو‬ ‫خير لكم ))‬


‫‪11‬‬

‫العدد الخامس عشر | شهــداء‬

‫شهيد الصالحية ‪ ..‬رياض حديد‬ ‫يتيم الوالدين‪ ،‬ويتيم الوطن‪،‬‬ ‫ ‬ ‫الشهيد ري��اض حديد ف��ارق الحياة ليلة‬ ‫اإلسرار والمعراج في جمعة « االستعداد‬ ‫التام‪ ..‬للنفير العام»‪ّ ،‬‬ ‫خط النظام بدماءه‬ ‫َ‬ ‫رواي��ة استشهادٍ كاذبة وقالوا انه توفي‬ ‫بتفجير سيارة مخففة!‬ ‫رياض حديد غادر دمشق إلى إدلب لخدمة‬ ‫العسكرية‪ ،‬وكذب النظام حيث أخبر أخاه‬ ‫باستشهاده في حلب وك��ان أهله على‬ ‫معرفةٍ تامة بعدم وجوده هناك‪.‬‬ ‫انتشر خبر استشهاد ري��اض في حارته‬ ‫فتجمع األهل واألقارب بحزنهم ودموعهم‬ ‫حول المنزل ينتظرون جثمان الشهيد‪ ،‬لكنه‬ ‫لم يصل كما ادع��ى األم��ن انه سيرسله‬ ‫بطيارة خاصة لدمشق وحتى مشفى‬ ‫تشرين العسكري‪.‬‬ ‫بعد أن وص��ل الشهيد في صباح اليوم‬ ‫التالي كان الضابط المسؤول عنه قد كلم‬ ‫أهله وقال لهم «لقد قمنا بالواجب وأقمنا‬ ‫تشييع ًا مهيباً للشهيد ولم يتبقى إال أن‬ ‫يتم دفنه!! فنرجو اإلستعجال بذلك» وبقي‬ ‫الجميع ينتظر وصول رياض بحرقة وألم‬

‫زيارة الموت ‪ ..‬دروس للحياة‬ ‫| إميان محمد‬

‫متوعدين بالرد وإقامة عرس حاشد يليق‬ ‫بالشهيد‪.‬‬ ‫وصل رياض‪ ،‬ملفوفاً‬ ‫بكيس أسود ليظهر‬ ‫ِ‬ ‫للجميع عند كشفه انه توفي برصاصة في‬ ‫الظهر ون��زف في المشفى حتى الموت‪،‬‬ ‫ولم يكن موته بسيارةٍ مفخخة‪ ،‬استبدل‬ ‫أبيض كوجهه ُ‬ ‫وطبعت‬ ‫بقماش‬ ‫األس��ود‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫النعوات توضح بأن التشييع سيكون من‬ ‫مسجد الشيخ محي الدين بعد صالة الظهر‪.‬‬

‫كان ثوار الصاحلية قاموا بالدعوة سرا ً إلقامة‬ ‫تشييع حاش ٍد‪ ،‬لكن بعض أقرباء الشهيد‬ ‫ٍ‬ ‫مع األسف وبضغط من األمن األسدي‬ ‫ورجال اخملابرات قاموا بتشييع الشهيد من‬ ‫منزله سرا ً في الساعة التاسعة صباحا ً‬ ‫وبحضور خجول ألقرباء الشهيد وأصدقائه‬ ‫وبتواجد عناصر الشبيحة‪ ،‬وقاموا بدفن‬ ‫الشهيد في مقبرة اخلميسيات مما فاجئ‬ ‫اجلميع في اليوم التالي وخاصة أصدقائه‬ ‫املقربني الذين لم يستطيعوا حتى إلقاء‬ ‫نظرة ال��وداع واملشاركة بتشييع ودفن‬ ‫الشهيد‪.‬‬

‫البيت ساكن ال حراك فيه‪ ،‬جعلنا نشك‬ ‫يف كونه بيتاً ألحد أبطال حمص… خلعنا‬ ‫أحذيتنا لنشاركهم الجلوس عىل األرض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شعرت لوهلة أنني أدخل مسجداً… وعندما‬ ‫صافحت وجوههن ّ‬ ‫الطيبة ال ّرض ّية البشوشة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أحسست بربد اليقني يثلج قلبي…‬ ‫ال بكاء وال عويل‪ ،‬ال اعرتاض وال أمل…‬ ‫ُكنّ يتابعن األخبار باهتامم‪ ،‬يسألن بعضهن‬ ‫عن التفاصيل‪ ،‬اهتامم باملواقف السياسية‪،‬‬ ‫وأسئلة ذكية ُتطرح ُتشعرك أنك يف بيئة من‬ ‫طراز خاص…‬ ‫يف الغرفة املتواضعة جلسنا نتابع زوجة أخ‬ ‫الشهيد تفتح أرغفة الخبز بعد تعريضها‬ ‫للهواء‪ ،‬وترتبها بعناية‪ ،‬تتابع حديثنا‪ ،‬وتسأل‬ ‫عنا باهتامم…‬ ‫فيام تحدثت أخته عنه عن أخالقه‪ ..‬ليس‬ ‫فخراً بأمجاده… بل قالت عبارة استوقفتني‬ ‫طوي ًال… ” كان يعمل لله‪ ..‬ال للمنصب وال‬ ‫للجاه وال ملديح الناس…”‪.‬‬ ‫قالتها بصدق‪ ..‬بعمق‪ ..‬بعفوية‪ ..‬أرغمتني أن‬ ‫أدمع… وأنا أتذكر من يتحرسون عىل موت‬ ‫بال جنازة‪ ،‬من يبكون لشهادة دون تهنئة‪،‬‬ ‫لشهيد دون صفحة‪ ،‬لوداع دون ضجيج…‬ ‫لعزاء بال مفاخر!!‬ ‫هذا الشهيد مل يخرج الناس بزفاف يليق به‪،‬‬ ‫ميجدوه كام‬ ‫مل يطبعوا له أوراق التهنئة‪ ،‬مل ّ‬ ‫يستحق‪ ..‬لكنه كان يعلم أن ذكره عند الله‬ ‫أغىل‪ ،‬ويف السامء أعظم… طلبها بصدق‬ ‫فنالها… وال ينال الشهادة إال مخلص…‬ ‫زيارة لهذا النوع من البرش يجلو الغم والهم‪،‬‬ ‫ويعلمنا كم نحن صغار أمامهم!‬


‫العدد الخامس عشر | األخـيـرة‬

‫اإلسعاف | التعامل مع الصدمة لدى المصاب جسدي ًا‬

‫‪ ..‬شعر ‪..‬‬ ‫سوريا األم‬ ‫يف ســــوريا ‪ ...‬أم ثكىل‬ ‫تبيك الضمري بحرقة‬ ‫تسأل عن أطفال لها‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫أغلب اإلص��اب��ات تترافق مع‬ ‫الصدمة‪ ،‬وهي اضطراب في جهاز الدوران‬ ‫ي��ؤدي إل��ى خلل التروية الدموية في‬ ‫القلب والرئتين والدماغ والكليتين‪ .‬من‬ ‫أسبابها األلم والنزيف والحروق والكسور‬ ‫واإلصابات التنفسية والقلبية وغيرها‪..‬‬

‫ت��ع��رف ع��ل��ى أع����راض ال��ص��دم��ة ل��دى‬ ‫المصاب‪:‬‬ ‫تعرق‪ -‬رجفان‪ -‬الشعور بالعطش والبرد‬ ‫وال��خ��وف‪ -‬ش��ح��وب‪ -‬اض��ط��راب تنفس‬ ‫ونبض‪ -‬غثيان‪.‬‬ ‫إذا لم يتم تالفي الصدمة بشكل جيد‬ ‫تتفاقم خطورة حالة المصاب‪ .‬لذلك‪:‬‬ ‫‪ -1‬أبعد المصاب عن مسبب الصدمة أو‬ ‫أسعف السبب‪.‬‬

‫‪ -2‬م��دد المصاب على األرض وارف��ع‬ ‫رجليه قلي ً‬ ‫ال بمقدار ‪ 03 – 52‬سم تقريبًا‬ ‫وذلك لتحسين الجريان الدموي لديه‬ ‫‪ -3‬فك الثياب حول عنق المصاب لتحرير‬ ‫المسالك التنفسية‬ ‫‪ -4‬غط المصاب لتدفئته وطمئنه وراقب‬ ‫حالته‬ ‫‪ -5‬إذا شكا المصاب من العطش رطب‬ ‫شفتي المصاب وال تعطه الماء ليشربه‬ ‫إال إذا كان الحرق سبب الصدمة‬ ‫‪ -6‬تذكر أن كل مصاب لديه حالة صدمة‬ ‫يجب تالفيها‪.‬‬

‫القلب‬ ‫تركوها أدموا‬ ‫َ‬ ‫ماذا تجيب يا خائن األرض‬ ‫ماذا ستقول ألم ثكىل‬ ‫يف بالدي يعيش القاتل‬ ‫يف بالدي ينسون القتىل‬ ‫واألم بسبحتها تحيا‬ ‫تبيك أطفاال كانوا لها‬ ‫أصبحوا اليوم أرقاما‬ ‫وأنت ُبذ َ‬ ‫لك تحيا‬ ‫شكرا ‪ ...‬شكرا ‪ ..‬شكرا‬ ‫يا قاتل األطفال يا ذليل املحيا‬ ‫األم ما عادت ثكىل‬ ‫أيقنت ‪ ..‬أطفالها ما عادوا أرقاما‬ ‫أيقنت ‪ ..‬أنهم بذور سوريا الحرة‬

‫‪12‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.