النظرية الاستراتيجية العامة دورها في صعود الامم والدول والقيادات Strategy General Theory

Page 1

‫النظرية االسرتاتيجية العامة‬ ‫دورها‬ ‫يف‬

‫صعود االمم والدول والقيادات‬ ‫‪Strategy General Theory‬‬

‫د‪.‬عبداللطيف محزة القراري‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪OXFORD HIGHER ACADEMY‬‬ ‫‪ARBS ONLINE OPEN UNIVERSITY‬‬ ‫‪NON PROFIT ORGANIZATION‬‬

‫هذا الكتاب مقرر ببرنامج الدكتوراه في االدارة والقيادة‪ ،‬من ضمن اربعة كتب‬ ‫مقررة من االكاديمية‪ ،‬مع أربعة كتب اخرى يختارها الطالب حسب قراءته بعد‬ ‫التخرج‪ ،‬مع مشروع رسالة الدكتوراه‪ ،‬واالمتحانات عن طريق نظام الجامعة‬ ‫المفتوحة الكترونيا‪ ،‬عن بعد‪ ،‬وعن طريق الكتاب المفتوح‪ ،‬وللقبول يتطلب‬ ‫بكالوريوس مع خمس سنوات خبرة‪ ،‬او ماجستير مع ثالثة سنوات خبرة‪.‬‬ ‫أتصل بنا‪oxhacademy@gmail.com :‬‬ ‫‪admin@dpacademy.co.uk‬‬

‫‪© Copy protected‬‬ ‫‪ISBN 978-1-329-07138-4‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االهداء‪ .‬إيل‪.‬‬ ‫الشعوب الكريمة‪..‬‬ ‫القيادات المسئولة‪..‬‬ ‫رجال العلم واالعمال‪..‬‬ ‫معا نهتدي ونعيش في ظل استراتيجية عامة صحيحة‬ ‫تستقر بها الحضارات‪..‬‬ ‫تصعد بها الدول‬ ‫تسعد بها االمم‪..‬‬ ‫تستفيد بها االفراد‪..‬‬ ‫تنتهي بها الحروب‪..‬‬ ‫ينبذ بها العدوان‪..‬‬ ‫نعم كل ذلك في اإلمكان‪..‬‬ ‫وما خلق اإلنسان إال من اجل هذا التحدي االكبر‪..‬‬ ‫________‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫النظرية االستراتيجية العامة‬ ‫مقدمة‬ ‫يعد من االعمال النادرة التي تحمل مثل هذا االسم (النظرية العامة) في هذا‬ ‫المجال المتشابك بعالقته بالواقع الماضي والمستقبل وبكافة التطورات‬ ‫والتهديدات والمصالح‪ ،‬والذي ال يزال بعد غير واضح للكثيرين المعنين‪ ،‬وتم‬ ‫تناول االمر وتبسيطه‪ ،‬عبر وصف نظري كامل متماسك وموضوعي وقوي‬ ‫يدعم عربيا في فهم االستراتيجيات وتطبيقها الفعال بما يسهم بشكل جوهري في‬ ‫تحسين حياة الناس‪.‬‬ ‫و يعرض الكتاب موضوعين أصلين‪:‬‬ ‫اوال‪ ،‬حول تكوين منهجية خاصة بفهم عميق لبناء النظرية االستراتيجية العامة‪،‬‬ ‫وتوظيفها لصالح البشرية واالمة العربية واإلسالمية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬يعرض المدرسة االخالقية في مواجهة مدرسة القوة‪ ،‬وهو صراع فكري‬ ‫دولي عميق‪ ،‬وقد طرحنا االمر‪ ،‬منطقيا عبر منحنيات من اجل االقناع‬ ‫الموضوعي والعلمي والمفيد للعالم‪ ،‬خاصة الدول الكبرى‪ ،‬التي تعتمد على‬ ‫مدرسة القوى في سياساتها الدولية‪ ،‬وخاصة مع الشعوب العربية‪.‬‬ ‫و رغم صغر حجم الكتاب‪ ،‬إال ان البد للنظريات عند تناولها ان تكون مختصرة‬ ‫للغاية‪ ،‬ورغم ذلك فهو كبير في قيمته العربية والعالمية واإلسالمية‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫علمي‪ ،‬مستقال وعموميا وشامال‪ ،‬و ان يشكل مدخال مفيدا للبحث والدراسة‬ ‫والتطوير في مجاالت الحياة واالعمال المتعددة‪.‬‬ ‫و بعد االنتهاء من هذا الكتاب شخصيا‪ ،‬قد ساعدني كثيرا‪ ،‬حيث تبلورت في‬ ‫ذهني كيفية استخدام "المدرسة االخالقية" في كافة الكتابات والموضوعات مهما‬ ‫كانت شائكة او مهما كانت معقة‪.‬‬ ‫و في حقيقة االمر‪ ،‬قد تولدت لدي الفكرة‪ ،‬عندما كنت اعد في رسالة الدكتوراه‬ ‫في مجال تحليل مفاهيم نظرية العالقات الدولية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبدأت في عدة كتب اخرى‪ ،‬مثال‪ ،‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬واستراتيجية‬ ‫الدبلوماسية‪ ،‬وكتاب منهجية السالم العالمي‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ورغم انني لم اكمل كثير‬ ‫منها لتكون جاهزة للنشر كما ارغب‪ ،‬بسبب ضيق الوقت‪ ..‬إال انني انتهز كل‬ ‫فرصة وتسهيل وتوفيق من هللا ان انجز واقدم ما يجب ان افعله و ما يجب اقوله‬ ‫واؤمن ان فيه الخير الكثير للناس جميعا‪.‬‬ ‫ورغم ان االمة العربية تمر بأزمة "قراءة" وهي أشد االزمات فتكا ومرضا‬ ‫وضعفا‪ ،‬إال ان هذا الكتاب سوف يوضح مسألة هامة‪ ،‬وهي عليهم بتوليد‬ ‫"المرجعية العليا" في عقولهم لكي تستيقظ ادمغتهم وتنهض ارواحهم وتعيش‬ ‫نفوسهم بكرامة‪.‬‬ ‫و سوف يساعد هذا الكتاب في استخدمك لهذه التقنية االستراتيجية المشار اليها‬ ‫في هذا الكتاب في كافة اطالعك وكتاباتك‪ ،‬ويكون لديك استراتيجية تتبعها كقائد‬ ‫وكائن كامل التفكير والتخطيط والتنفيذ‪ ،‬تعمل بذهنية متفاعلة بشكل كامل‪ ،‬يكون‬ ‫لديك منطق يتوحد معك فيه الكثيرين‪ ،‬فتكون التوجهات والمعارف واالعمال‬ ‫اقوى‪.‬‬ ‫و تعلم العيش االستراتيجي واجب على االمم لكي تنهض دولها‪ ،‬وتعيش افرادها‬ ‫وأسرها بسالم وامان وحضارة‪.‬‬ ‫القاري الكريم والمهتم والمتخصص والقيادي‬ ‫ومن خالل هذا الكتاب يتعرف‬ ‫ْ‬ ‫المسئول على حقيقية دور االستراتيجيات‪ ،‬ومستوياتها‪ ،‬وماهيتها‪ ،‬ومواقعها‪،‬‬ ‫وتفاعالتها‪ ،‬واركان صنعها‪ ،‬ومدارسها‪.‬‬ ‫بما يمكنه من امرين‪ ،‬اوال‪ :‬هو كيفية المساهمة في بناء االمم والدول وان يكون‬ ‫قياديا وفردا ناجحا‪ ،‬ثانيا‪ ،‬هو اداراك سبب صعود االمم والدول والقيادات‪،‬‬ ‫وهبوط االخرى‪.‬‬ ‫وبالتالي يتعرف على كافة تفاصيل هذه التقنية االستراتيجية‪ ،‬في ظل طرح‬ ‫فكري وعلمي أصيل متماسك المفاهيم والهدف‪ ،‬وفي ظل واقعية موضوعية‪،‬‬ ‫وترابط حيوي مع معتقدات وثقافات وممارسات الشعوب‪.‬‬ ‫القاري االطالع على كلمتي بشأن المراجع التي استخدمتها‪.‬‬ ‫كما اود من‬ ‫ْ‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫هذا الكتاب يوضح مصدر قوة الشعوب ونفوذ دولها ونجاح قيادتها‪.‬‬ ‫وهللا ولي التوفيق‪...‬‬ ‫عبداللطيف حمزة القراري‪PhD ،‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫(‪)1‬‬

‫مفهوم االسرتاتيجية‬ ‫التفكير – التخطيط – الصنع‬ ‫يمر تكوين االستراتيجيات بعدة مراحل‪ ،‬ونختصر حديثا هذا في‪ ،‬حول ثالثة‬ ‫مراحل جوهرية‪ ،‬وذلك ألننا نستهدف توصيل فكرة عامة خالل هذا الفصل‪،‬‬ ‫ومن خالل بقية الفصول سوف يعلم االستراتيجي‪ ،‬بأن تكوين القيادات‪،‬‬ ‫وعمليات التنفيذ و التقييم والتعديل هي أيضا مراحل ضرورية فهم الفهم الشمل‬ ‫لالستراتيجيات‪.‬‬ ‫إذا ما سبرنا اغوار هذه المراحل‪ ،‬و ادركنا اهمية النظر إلي ما في اعماقها‬ ‫وافاقها‪ ،‬ولمسنا حاجتنا إلي تحقيق ما يأتي من وراء ابعادها‪ ،‬اذا نكون قد‬ ‫وصلنا لمرحلة من النضج االستراتيجي إلي يؤهلنا للتمعن في المدراس‪،‬‬ ‫ونعرف اهمية (المدرسة االخالقية) وغير من اآلراء والمناقشة واالهتمامات‬ ‫واالعتبارات الواردة في الفصلين الالحقين‪.‬‬ ‫وهذه المرحل الجوهرية االساسية لفهم النظرية العامة لالستراتيجيات ‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ مرحلة التفكير االستراتيجي‬‫ مرحلة التخطيط االستراتيجي‬‫‪ -‬مرحلة صنع االستراتيجية‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪-‬أ‪-‬‬

‫التفكير االستراتيجي‬ ‫فالتفكير االستراتيجي يقود للتخطيط االستراتيجي وبالتالي تظهر االستراتيجيات‪.‬‬ ‫والتفكير استراتيجي له مستويان‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ التفكير االستراتيجي على مستوى الدولة وهو التفكير االستراتيجي‬‫القيادي واالستراتيجي العام‪.‬‬ ‫ التفكير االستراتيجي على المستوى المنظمات وهو التفكير االستراتيجي‬‫االداري‪ ،‬وينقسم غلي ثالثة وهي التفكير القيادي والوظيفي والتشغيلي‪.‬‬ ‫يتميز التفكير االستراتيجي القيادي بامتالك والتفكير "الحكمة ظاهرة" و‬ ‫اكتساب "العقل االنساني" المسئول والواسع بتفوق‪.‬‬ ‫ويتميز التفكير االستراتيجي االداري بوجود "الملكة الفنية" و اكتساب‬ ‫"المهارات" الحقلية التخصصية في مجال او اكثر‪.‬‬ ‫فالقائد العام ‪ -‬متعدد المستويات ومختلف القدرات‪ ، -‬فهو يعمل على مستوى‬ ‫سلطات الدولة وقطاعاتها‪ ،‬وفي مستويات قيادات الوزارات والبرلمانات‬ ‫والنقابات واالتحادات واالحزاب ‪.‬‬ ‫والمدير العام – متعدد المستويات ومختلف القدرات‪ ،-‬وهو يعمل على مستوى‬ ‫المنظمات في المجاالت المختلفة‪ ،‬وفي المستويات ادارية الثالثة‪.‬‬ ‫ولكل من القائد والمدير قدراته المتميزة المكتسبة ومواهبه الخاصة‪.‬‬ ‫وكثيرا ما يحدث الخلط بينهما‪ ،‬فيؤخذ بالمدير الناجح للعمل بالقطاعات‪ ،‬وفي‬ ‫هذا خطأ جسيم‪ ،‬فاالستراتيجية تبين ان لكل منهما تنشئة خاصة‪ ،‬ومسار مهني‬ ‫ومنهجي وتفكيري معين منذ البداية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فالقائد يهتم بتنمية العقل االنساني العام من اجل بناء االنسان القادر على صنع‬ ‫حضارة ومن ثم دولة قوية امنة من كل نواحيها الجغرافية والمعيشية‬ ‫واالجتماعية والعقائدية والمستقبلية‪.‬‬ ‫والمدير يهتم بتنمية المهارات البشرية القادرة على تنفيذ المهام التخصصية‬ ‫المتعددة لتحقيق االهداف الحضارية‪.‬‬ ‫وفيما يخص القضاء واالعالم‪ ،‬فهي يجب ان محايدة‪ ،‬مهنية وتخصصية عالية‪،‬‬ ‫ومصداقية سامية‪ ،‬فهي طبيعيا قوة عظيمة‪ ،‬ومسئولية استراتيجية حياتية معينة‪،‬‬ ‫تمتاز بالمصداقية والشفافية واالنسانية والمسئولية واالمانة العدلية والحقوقية‬ ‫العليا‪ ،‬فيجب ان ال تكون فاعلة سياسية‪ ،‬بل محايدة بالمطلق‪ ،‬ومن يقودها مدراء‬ ‫وليسوا قادة‪.‬‬ ‫واول ما يفسد في الدول هو القضاء واالعالم‪ ،‬وهذا انقالب على موازين الحياة‪،‬‬ ‫وال يمكن مع مثل هذا االنقالب صنع االستراتيجيات‪.‬‬ ‫وهذا من منطلق التفكير االستراتيجي‪.‬‬

‫ماهية االستراتيجية‬ ‫االستراتيجية هي صناعة الغلبة او الربح وتفادي الهزيمة او الخسارة‪.‬‬ ‫وهي بالتالي هناك استراتيجية عامة على مستوى الدولة‪ ،‬وهناك استراتيجية‬ ‫على مستوى المنظمات و"المجاالت العشرة"‪ ،‬وهناك االستراتيجية على مستوى‬ ‫االفعال الستة داخل كل مجال‪.‬‬ ‫ويرتكز صنع أي استراتيجية‪ ،‬سواء العامة او مجال االستخدام او الفعل داخل‬ ‫المجال‪ ،‬على اربعة عناصر جوهرية‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫تشكيل فريق عمل جماعي‬ ‫تحديد هدف واضح للفريق‬ ‫خطة عمل تحدد المهام والمنهجية والمسار‬ ‫قيادة تنسق الجهود‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫اذا االستراتيجية هي العمل الجماعي االستراتيجي من اجل تحقيق هدف‬ ‫استراتيجي وفق خطة عمل استراتيجية وجهود منسقة بقيادة استراتيجية‪.‬‬ ‫وهذه العناصر االربعة لكي تجتمع وتعمل معا بتماسك وباستمرارية وبفاعلية‬ ‫تحتاج إلي تفكير استراتيجي‪.‬‬

‫ماهية التفكير االستراتيجي‬ ‫التفكير االستراتيجي هو "تفعيل العقل" و "تعطيل الرد الغريزي"‪.‬‬ ‫حيث ان سبب هزيمة الشعوب وضعف البلدان وخسارة المؤسسات واالفراد هو‬ ‫االعتماد على ردة الفعل الغريزية‪.‬‬ ‫و وفق العلم االستراتيجي فان ردة الفعل الغريزية ال يمكن معها االستفادة من‬ ‫كل القدرات واستغاللها كما يجب‪ ،‬كما انها ال تدرس االحداث التي امامها وال‬ ‫تقيمها‪ ،‬وال يجتمع لديها المعلومات‪ ،‬ال تعرف حقيقة التحديات وكيفية مواجهتها‪،‬‬ ‫وليس لديها اليات اتخاذ القرارات‪.‬‬ ‫فهي تستلم فوريا للدعر والخوف والهرب والتفرق واالختالف‪.‬‬ ‫فردة الفعل الغريزية تخسر امام كل تحدي او هجوم او منافسة وخصومة‪.‬‬ ‫والسبب هو عدم وجود فكر استراتيجي يفعل العقل ويعطل الغريزة‪.‬‬ ‫وهذا ما يتميز به القادة الحقيقيون‪.‬‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫عدد من الذئاب صغيرة الحجم جائعة ال تأكل االعشاب المتوفرة‪ ،‬تتقدم في‬ ‫جماعة منظمة بهدف واحد منسقة جهودها بحذر‪ ،‬ثم هجوم مباغت على قطيع‬ ‫كبير من االبقار الوحشية‪ ،‬فتفر االبقار رغم اضعاف حجمها في الميزان من كل‬ ‫ذئب‪ ،‬هاربة متفرقة يردة فعل غريزية‪ ،‬تاركة للذئاب تصطاد احدها‪ ،‬وهكذا‬ ‫تتكر استراتيجية الذئاب‪ ،‬وهكذا تعيش االبقار في قطعان بدوا استراتيجية‬ ‫مضادة‪.‬‬ ‫فالصنف االول امتلك استراتيجيته المناسبة له في الحياة‪ ،‬بطبيعته المفترسة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والثاني لم يدرك ان للعيش بسالمة وامان وقوة واحترام‪ ،‬بل الحياة اكبر في‬ ‫معانيها من االكل والشرب‪ ،‬فعاش يأكل ويشري وليكون لحما سائغا‪.‬‬ ‫وهكذا صنف من عالقات الدول‪ ،‬يبقى االستعمار مفترسا بسهولة واستمرارية‬ ‫طالما ان هناك شعوبا تعيش كالقطعان‪.‬‬ ‫فمن يفرض على الذئاب هذه االستراتيجية هو عدم وجود عقالنية لدي مستهدفها‬ ‫الطبيعي من القطعانـ المستجيبة الستراتيجيتها‪.‬‬

‫انطالقة التفكير االستراتيجي العام‬ ‫يأتي التفكير االستراتيجي مع مرحلة اليقظة‪.‬‬ ‫واليقظة هي مرحلة االنتباه العالية في تفعيل العقل وتعطيل الرد الفعل الغريزي‪.‬‬ ‫واليقظة هي مرحلة الثانية من مراحل بناء الحضارات‪.‬‬ ‫حيث بناء الحضارات او التفوق والتميز في االنتاج المادي والثقافي‪ ،‬أربعة‬ ‫مراحل‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ مرحلة الصحوة‪ ،‬وتعني شعور االفراد واالسر والشعوب بما هم فيه من‬‫هبوط وانحطاط اصبحوا ال يرضونه وال يطيقونه‪ ،‬وادركوا بشكل‬ ‫واسع نوعية المرجعية المنهجية التي يجب ان يتوحدوا حولها لتحقيق‬ ‫هدفهم الموحد والواضح والطبيعي‪ ،‬وهو خروجهم من وضعهم الس ْي‬ ‫واحوالهم البائسة وتصرفاتهم الخاطئة‪ ،‬إلي وجوب االمل والعزم على‬ ‫تحقيق اوضاع افضل واحوال احسن وتصرفات مسئولة راقية ناضجة‪.‬‬ ‫ مرحلة اليقظة‪ ،‬وهي مرحلة انطالقة الفكر االستراتيجي العام‪ ،‬حيث يبدأ‬‫الفرد واالسرة والمجتمع في تحكيم العقل في تحليل االمور وتفسيرها‬ ‫والحكم عليها‪ ،‬بمعايير ثابتة خلقتها مرحلة الصحوة‪ ،‬فالشعوب التي لم‬ ‫تبلغ مرحلة الصحوة‪ ،‬يصعب عليها االتفاق والتوافق والتوحد‪ ،‬فهم في‬ ‫غفلة‪ ،‬وجهل مبطن‪ ،‬وتأمر مبرر‪ ،‬وتحامل متواصل‪ ،‬فهم لم يدركوا‬ ‫حقيقة المخاطر‪ ،‬وتجنبوا مواجهة التحديات‪ ،‬واستسلموا لضعفهم‪،‬‬ ‫وارتضوا بالسبات الحضاري‪ ،‬لذلك يعصب عليهم اليقظة بدون صحوة‪،‬‬ ‫فالصحوة اوال ثم تأتي اليقظة تلقائيا‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ مرحلة النهضة‪ ،‬وهي مرحلة في غاية االهمية‪ ،‬ويرتكز عليها مصير‬‫االمم الحضاري والتاريخ‪ ،‬فعندما تمر االفراد واالسر والشعوب‬ ‫بمرحلتي الصحوة واليقظة بشكل تام وعام وحيوي وفعال‪ ،‬تالحظ ان‬ ‫الفروقات قد اختفت واالختالفات تالشت وبات تفاهم وتجانس فكري‪،‬‬ ‫الن الجميع سمت عقولهم غلي اهداف عليا‪ ،‬يعني ذلك انهم في مرحلة‬ ‫التفكير االستراتيجي‪ ،‬فمن خصائص هذه المرحلة التوافقات السريعة‬ ‫والبناءة والمتجانسة حول مختلف القضايا الفكرية والمادية‪ ،‬وبالتالي تبدا‬ ‫مرحلة التفاعل الفكري والمادي والتي نطلق عليها النهضة‪.‬‬ ‫ مرحلة الحضارة‪ ،‬وهي مرحلة التفكير االستراتيجي العليا‪ ،‬حيث تبدا‬‫العملية االنتاجية المادية والفكرية بشكل واسع ومتميز ومؤثر على‬ ‫الشعوب االخرى‪ ،‬وهذا التأثير يكسبها قوة انسانية وتفوق معنوي‬ ‫والشعور باالنتماء المرجعي واالعتزاز به‪ ،‬فالوطنية او االنتماء او‬ ‫الهوية يصعب تحقيقها للشعوب بدون وجود مرجعية عليا متفق عليها‪.‬‬ ‫اذا نحن امام اربعة مراحل من مستويات التفكير االستراتيجي العام‪ ،‬الصحوة‬ ‫وهي اداراك انحطاط وضعف الواقع وعدم قبوله‪ ،‬الن القبول هو رد فعل‬ ‫غريزي‪ ،‬أي الخوف والهروب من التحدي وعدم الشعور بالهزيمة والكارثة‬ ‫حتى تلحق الجميع‪ ،‬كما ذكرنا في مثال القطعان سابقا‪.‬‬ ‫فالصحوة تبدا مسالة تفعيل العقل في رفض واقع معين وطلب واقع جديد افضل‪.‬‬ ‫مرحلة التفكير االستراتيجي الثانية هي في مرحلة اليقظة‪ ،‬وهنا تبدأ مسألة تفعيل‬ ‫ملكات العقل‪ ،‬وتشمل‪ :‬القدرة على تصور واقع مستقبلي افضل‪ ،‬ابتكار الحول‬ ‫للتحديات‪ ،‬تحديد المواقف المالئمة في مواجهة كل االزمات‪ ،‬بروز قيادات‬ ‫متكافئة ومتوافقة و واعية ومسئولة متقاربة بسبب حالة النضج االستراتيجي‬ ‫العام‪.‬‬ ‫مرحلة التفكير االستراتيجي النهضوي‪ ،‬وهي تتميز ببروز التفكير المادي‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬حيث المرحلتين السابقتين هما صحوة ويقظة فكرية ادت إلي خلق‬ ‫مرجعية ومنهجية تنظم وتوحد االداء والسلوك ‪ ،‬وبالتالي التفكير االستراتيجي‬ ‫النهضوي هو مرحلة تفاعل فكري يقظ ومادي متطور من اجل الزيادة االنتاجية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫المتواكبة فكريا وماديا‪ ،‬وتبدا الشعوب في مرحلة الصعود الحضاري الملموس‬ ‫في سلوكاهم ومستوى بلدانهم‪.‬‬ ‫مرحلة التفكير االستراتيجي الحضاري‪ ،‬تتميز بتفاعل فكري ومادي يحافظ‬ ‫على استمرارية النهضة والنمو الفكري والمادي الذي تسبب فيها‪ ،‬وهو مرحلة‬ ‫التفكير االستراتيجي العليا‪ ،‬وهي التفكير الفكري والمادي الذي يحافظ على‬ ‫استمرارية الحضارة واالستفادة من جميع نتائجها‪ ،‬وادراك ما يتطور من‬ ‫مخاطر وتحديات ومطالب مستجدة‪ ،‬والتغلب عليها بالتفكير االستراتيجي القيادي‬ ‫او االعلى‪.‬‬ ‫وفي كل مرحلة من مراحل التفكير االستراتيجي العام‪ ،‬هناك تفعيل نسي للعقل‪،‬‬ ‫يتناسب مع رقي ونمو المرحلة‪ ،‬ولكن مسألة تفعيل العقل بشكل عام‪ ،‬هي‪ :‬القدرة‬ ‫على تصور اوضاع وعالم افضل‪ ،‬القدرة على التحليل االيجابي للمواقف‪ ،‬القدرة‬ ‫على االحتفاظ بالتجارب التاريخية التراكمية‪ ،‬القدرة على ابتكار الحلول لكافة‬ ‫التحديات‪ ،‬القدرة على التخطيط البنائي والذي ال يعيد عوامل الفشل السابقة‪.‬‬ ‫فعندما تكون الشعوب وقيادتها في مرحلة التفكير االستراتيجي االعلى تكون هذه‬ ‫القدرات في ذروتها‪.‬‬ ‫وعندما تفتقر الشعوب لهذه القدرات تجدها لم تبلغ مرحلة الصحوة‪ ،‬وتالحظ‬ ‫امراض اجتماعية واقتصادية واجتماعية عديدة‪ ،‬ابرزها الفساد‪ ،‬وسماتها‬ ‫"الصراع" مثال‪ ،‬انشاء الفرق المختلفة‪ ،‬والتركيز على االتهامات لتمرير‬ ‫خيانات بسبب غياب مرجعية‪ ،‬فمثال‪ ،‬استخدام االختالفات هذا سني واخر‬ ‫شيعي‪ ،‬وهذا علماني واخر اسالمي‪ ،‬وهذا تقدمي واالخر رجعي‪ ،‬فهم في هذه‬ ‫الحالة لم يبلغوا مرحلة الصحوة بعد‪ ،‬ومن المستحيل ان يدعوا انهم يفكرون‬ ‫استراتيجيا بل هم ضد االستراتيجية ويفتقدونها مما يجعل المخاطر واالزمات‬ ‫والتحديات تتراكم وتتوسع بسبب هذه المرحلة التي تعرف بالمرحلة "التافه"‪.‬‬ ‫أي في مثل هذه المرحلة التي تسبق الصحوة‪ ،‬تغيب الشعوب عن دورها و‬ ‫وعيها و يسودها الجهل والطمع والخوف وتظهر قيادات تسمى "الروبيضة"‪.‬‬ ‫وهي قيادات غير مسئولة ال يهمها مصير اوطانها و وليس لها قدرات‬ ‫استراتيجية وال يوجد لها تصور وطني حميد و لم تبلغ الرؤية العالمية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫صنع القرار االستراتيجي‬ ‫من االهمية بمكان التمييز بين العمل التنفيذي والعمل االستراتيجي‪.‬‬ ‫فالتفكير والتحليلي والتخطيط واتخاذ القرارات االستراتيجية تختلف عن التنفيذية‬ ‫في نقطة جوهرية مفصلية‪.‬‬ ‫حيث العمل االستراتيجي متعلق بصنع اهداف جديدة‪ ،‬او تحوير او تطوير‬ ‫اهداف قائمة وتغييرها‪ ،‬فهو عمل مستقبلي ابتكاري ابداعي‪ ،‬يحتاج إلي بلورة‬ ‫رؤية خاصة جديدة‪.‬‬ ‫امام العمل التنفيذي فهو متعلق باتخاذ قرارات او تخطيطات او تحليالت متعلقة‬ ‫بأهداف محددة سلفا حسب رؤية مرسومة سابقا‪.‬‬ ‫وبالتالي يتكون القرار االستراتيجي من المدخالت والمعالجات والمخرجات على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫اوال‪ ،‬مدخالت القرار االستراتيجي ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االحداث‪ :‬وعادة ما تكون االحداث الماضية واالحداث الجارية‬ ‫التحديات‪ :‬تحديد التحديات الراهنة والتحديات المستقبلية المتوقعة‬ ‫االمكانات‪ :‬تحديد كل االمكانات المتوفرة حاليا والممكن توفرها في‬ ‫الوقت الزمني المحدد‬ ‫المعلومات‪ :‬تجميع كافة التفاصيل المتعلقة بمجال االستخدام او طبيعية‬ ‫الفعل‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬المعالجات في اتخاذ القرار االستراتيجي ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ التفكير االستراتيجي‪ ،‬وهو ما يعرف بالبرنامج الجذري‪ ،‬كما هو الحال‬‫في اجهزة الحاسوب‪ ،‬فهذا دائما‪ ،‬يقظ‪ ،‬ال يغفل او يقف عن لحظة‬ ‫االستعداد‪ ،‬معرف لديه مرجعية واضحة‪ ،‬تعرف كل عناصر البيئة وما‬ ‫هي مهامه االولية‪ ،‬وهو ما يحرك بقية البرامج الذهنية للعمل‪ .‬والتفكير‬ ‫االستراتيجي في حياة الدول والمنظمات "المجاالت"‪ ،‬واالعمال‬ ‫ومبادي واسس وقواعد يمكن‬ ‫"االفعال"‪ ،‬يحتاج غلي مرجعية ذات قيم‬ ‫ْ‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ان تبنى عليها منهجية واضحة وتنطلق على اساسها كل التطبيقيات‬ ‫الحياتية العملية والتنموية بشكل ثابت ومستمر‪ .‬اذا يمكن القول بان‬ ‫العنصر االول في القرارات االستراتيجية هو "المرجعية"‪.‬‬ ‫ التحليل االستراتيجي‪ ،‬وهو مرحلة وجود خطوات مبرمجة محددة‬‫وادوات معينة تمكن من القبول والرفض‪ ،‬وتمكن من تحديد عناصر‬ ‫البيئة المشتركة الالزمة في تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬وتعريف كل ما تحتاجه‬ ‫للعمل وفق برتوكول يمكنها من العمل مع بعض في تفاهم وتجانس‬ ‫وتواصل عبر آلية مالئمة‪ ،‬يمكن القول هنا‪ ،‬العنصر الثاني في اتخاذ‬ ‫القرارات االستراتيجية هو "المنهجية"‪.‬‬ ‫ التخطيط‪ ،‬وهو مرحلة وجود الية تستطيع ان تجعل المرجعية والمنهجية‬‫تتعامل مع البيئة الداخلية وتجعلها تتفاعل وتؤثر في البيئة الخارجية من‬ ‫اجل تحقيق اهداف مستقبلية معينة‪ ،‬اذا التخطيط االستراتيجي هو المهام‬ ‫الوظيفية والمهام التشغيلية‪.‬‬ ‫ اتخاذا القرار‪ ،‬وهي متعلقة بالعنصر الرابع‪ ،‬واالخير‪ ،‬وهو وجود آلية‬‫بحيث ينفذ القرار المتخذ من خاللها‪ ،‬فالقرارات االستراتيجية تحتاج‬ ‫إلي آليات مثال التنظيم االداري الذي يقوم بالعمليات االدارية االربعة‪.‬‬ ‫ويمكن ان نقول ان العنصر الرباع "االدارة"‪.‬‬ ‫اوال‪ ،‬مخرجات القرار االستراتيجي ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫اهداف جديدة‬ ‫مصالح جديدة‬ ‫صعود العلوي‪ ،‬مثال‪ ،‬التفوق في ميزان قوى معين‪ ،‬وزيادة السيطرة‪.‬‬ ‫التوسع االفقي‪ ،‬مثال‪ ،‬تحسين االداء ومستوى النماء للتمدد على حساب‬ ‫اقاليم ودول واسواق اخرى‪.‬‬

‫ومما سبق ندرك ان القرار االستراتيجي هو متعلق بأوضاع مستقبلية‪ ،‬وان‬ ‫القرارات متعلقة بصنع االهداف والمصالح‪ ،‬للتغلب على المدخالت من احداث‬ ‫وتحديات‪ ،‬في ظل ما توفر من امكانات ومعلومات مدخلة‪.‬‬ ‫والعنصر االول هو "لتفكير االستراتيجي"‪ ،‬وهو ردة فعل عقلية وليست غريزة‪،‬‬ ‫ويحتاج إلي "مرجعية عليا"‪ ،‬تكون في حالة يقظة مستمرة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫العنصر الثاني‪ ،‬هو "التحليل االستراتيجي"‪ ،‬استخدام الملكات العقلية‪ ،‬وهو‬ ‫"المنهجية"‪ ،‬وبدون منهجية ال يمكن تحديد مهام او صنع رؤية‪.‬‬ ‫العنصر الثالث‪ ،‬وهو "الت خطيط االستراتيجي" وهو مسالة وظيفية وتشغيلية‪،‬‬ ‫كيف نربط نتاج التفكير والتحليل مع ما توفر من مدخالت االمكانات‬ ‫والمعلومات"‪ ،‬وبلورة الهدف الذي صنعه التفكير والتحليل‪ ،‬ثم تمريره‪ ،‬إلي‬ ‫العنصر الربع وهو االدارة‪.‬‬ ‫وفي المقارنة‪ ،‬فان القرارات التنفيذية‪ ،‬تمر بكيفية مختلفة تماما‪ ،‬حيث االهداف‬ ‫هي من ضمن المدخالت‪ ،‬وألية صنع القرارات ينتج عنها قرارات وتعليمات‬ ‫وتوجيهات جديدة‪.‬‬ ‫فمدخالت القرارات التنفيذية‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االحداث الجارية فقط‪.‬‬ ‫التحديات الراهنة فقط‪.‬‬ ‫االمكانيات المطلوبة‪.‬‬ ‫المعلومات المتصلة‪.‬‬ ‫االهداف المطلوب تحقيقها‪.‬‬

‫وخالصة االمر‪ ،‬هو ان القرارات االستراتيجي هو قرار يؤدي صنع اهداف‬ ‫ويكون مرتكز على مرجعية عليا‪.‬‬ ‫ولهذا عندما ترى الدول ان احدى منافساتها قد صنعت هدفا جديدا او مصلحة‬ ‫جديدة او صعدت في مستوى قوتها او توسعت افقيا تعلم انها قد اتخذ قرارا‬ ‫استراتيجيا‪.‬‬ ‫ي و أأسس فاذا كانت‬ ‫ثم النظر إلي مرجعية تلك القرار من مفاهيم وقيم ومباد ْ‬ ‫متباينة فلن تسمح بهذه القرار‪ ،‬وإن كانت متحالفة البد من التفاوض‪.‬‬ ‫وهذا ما يفسر لنا محاربة السياسة للدين‪ ،‬كما يفسر لنا حتمية الصراع العالمي‪.‬‬ ‫وسوف نناقش ذلك عندما نتطرق إلي مدارس صنع االستراتيجيات‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والجدير بالمالحظة اننا عندما نجد قرارات ال تحقق صعود او توسع او هدف‬ ‫خالق او مصلحة وطنية‪ ،‬فنحن امام قرارات تنفيذية عادية‪ ،‬ربما لن تصنع تقدما‬ ‫كبيرا وال تغييرا جوهريا مفيدا‪.‬‬ ‫فالقرارات االستراتيجية وحدها هي التي تصنع التغيير‪.‬‬ ‫اذا من يمتلك مرجعية عليا وقيادات تصنع قرارات االهداف والصعود والتوسع‬ ‫والمصالح وتحقق التغيير فهي شعوب ودول تمتلك "استراتيجية"‪.‬‬ ‫الفقرة التالية تبين ان موقع االستراتيجية في الدول والمنظمات والمجاالت‬ ‫واالعمال‪.‬‬

‫استراتيجيات المجاالت واالعمال‬ ‫يمكن تقسيم انواع االستراتيجيات من حيث موقعها او مرتبتها إلي ثالثة‬ ‫مستويات‪:‬‬ ‫ االستراتيجية العليا ‪ ،‬وهي البنائية الخاصة ببناء الدول والشعوب‪،‬‬‫والصعود والتوسع‪.‬‬ ‫ االستراتيجية التوظيفية‪ ،‬وهي الحكومية‪ ،‬او التنافسية‪ ،‬او الكلية‪ ،‬او‬‫االستخدامية‪.‬‬ ‫ واالستراتيجية التشغيلية‪ ،‬وهي الجزئية‪ ،‬او الفعلية‪ ،‬او المؤسسية‪.‬‬‫وبشكل عام‪ ،‬يمكن ان نقول انها‪ ،‬إلي ثالثة مستويات‪:‬‬ ‫ استراتيجية الدولة او المنظمة‬‫ استراتيجية حقول االستخدام او المجاالت العشرة‪.‬‬‫ استراتيجية االعمال‪ ،‬وهي االفعال الستة في كل مجال‪.‬‬‫يما يلي‪ ،‬مجاالت االستخدام العشرة‪:‬‬ ‫االستراتيجيات توفر القدرة على التعامل مع المتغيرات التي تصنعها‬ ‫االستراتيجيات االخرى‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وهناك يوميا متغيرات استراتيجية في كافة مجاالت الحياة‪ ،‬ونطلق عليها هنا‬ ‫مجاالت استخدام االستراتيجيات‪ ،‬وهي المستوى التوظيفي او المنافسة‪ ،‬ونطلق‬ ‫عليها ايضا "استراتيجيات‪ -‬توظيفية"‪ ،‬او " استراتيجيات‪ -‬تنافسية"‪.‬‬ ‫و هذه مجاالت االستخدام تشمل‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫المجال السياسي‬ ‫المجال العسكري‬ ‫المجال االعالمي‬ ‫المجال االقتصادي‬ ‫المجال االجتماعي‬ ‫المجال العلمي‬ ‫المجال التربوي‬ ‫المجال الفني‬ ‫المجال الرياضي‬ ‫الحقول المتفرعة من المجاالت السابقة‪.‬‬

‫ولقد ذكرنا ان جوهر االستراتيجية العليا تصنع التغيير االبداعي والتفوق االعلى‬ ‫والتوسع االفقي‪.‬‬ ‫وذكرنا انه البد من مرجعية عليا توحد المنطق ومنهجية واسعة تحدد المسار‬ ‫وتخطيط فعال يوظف المفاهيم والقدرات واالدوات من اجل هدف استراتيجي‬ ‫مصيري عام‪.‬‬ ‫وتعتبر استراتيجيات االستخدام‪ ،‬هي توظيف االستراتيجية العليا في مجاالت‬ ‫تخصصية‪ ،‬فمثال‪ ،‬نأخذ على احد المجاالت السابقة‪ ،‬نفترض مثال‪ ،‬المجال‬ ‫السياسي‪ ،‬ثم تبدأ عملية االستراتيجية السياسية‪ ،‬وهي كيف نصنع التغيير بحيث‬ ‫ننتقل من وضع الضعف والتفكك والتصادم البيني إلي وضع اقوى موحد‬ ‫متماسك متوافق االتجاه والتوجهات‪ ،‬مما يحقق لنا تفوقا أي تأثيرا دوليا في‬ ‫الحكومات على الساحة الدولية‪ ،‬وكيف نتوسع افقيا بحيث نحقق تالحم سياسي‬ ‫واتحاد اقتصادي وعمل دفاعي مسترك‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫بالطبع هذا مجرد مثال عام‪ ،‬يمثل انطالقة تفكير استراتيجي‪ ،‬إال ان‬ ‫االستراتيجية‪-‬التوظيفية او التنافسية‪ ،‬في كل مجال‪ ،‬تبدا في قياس نقاط القوى‬ ‫ونقاط الضعف‪ ،‬واالمكانيات‪ ،‬واالحداث‪ ،‬والمعلومات‪ ،‬وتصنع اهدافـ وتحدد‬ ‫عوامل النجاح‪ ،‬وتحدد مؤشرات النجاح القياسية للمتابعة‪.‬‬ ‫وبالتالي كل قطاع من قطاعات الدولة ملزمة استراتيجيا بأحداث "االدارة‬ ‫االستراتيجية" في هيكلها التنظيمي‪ ،‬او مستشارين استراتيجيين في البادية‪،‬‬ ‫لتكون االنطالقة سليمة‪ ،‬بدون تضخيم اجهزة الدولة بعناصر غير كفؤة‪ ،‬مما‬ ‫يضر بالعملية االستراتيجية اكثر مما يفيد‪.‬‬ ‫وفي تحقيق مجمل هذه االستراتيجيات االستخدامية يمكن القول بان للدولة‬ ‫استراتيجية حكومية‪ ،‬ويمكن ان نقول ان السياسات العامة ذات طابع استراتيجي‪.‬‬ ‫وما تخلف كثير من الدول لقرون وعقود عديدة انما هو بسبب عدم القدرة على‬ ‫وضع استراتيجيات حكومية‪.‬‬ ‫اذا االستراتيجية التوظيفية هي استراتيجية‪ -‬كلية ‪ Macro-Strategy‬او‬ ‫استراتيجية حكومية ‪. Governing - strategy‬‬ ‫يما يلي‪ ،‬مجاالت االعمال الستة‪:‬‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬عندما نتحدث عن استراتيجية االعمال‪ ،‬فأننا نتحدث عن‬ ‫الجزي ‪ ، micro-strategy‬أي نتحدث عما يعرف‬ ‫المستوى االستراتيجي‬ ‫ْ‬ ‫ايضا باستراتيجية الفعل‪.‬‬ ‫حيث كل مجال من المجاالت السابقة له وحدات جزئية تخصصية‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫سفارات‪ ،‬شركات‪ ،‬جيوش‪ ،‬وغيرها حسب كل مجال‪.‬‬ ‫وهذه الوحدات تقوم بنشاط معين‪ ،‬وكل نشاط هو مجوعة من المهام‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يجب ان تكون هذه المهام استراتيجية وتستجيب لالستراتيجية العليا التي تقوم‬ ‫على اساسها الدول وتتماسك الشعوب‪ ،‬واالستراتيجية الحكومية التي تحقق‬ ‫التغيير والتفوق والتوسع المطلوب‪.‬‬ ‫ويمكن ان نقسم المهام الي ستة افعال رئيسة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫فاعلية مستوى االداء واالنتاج‬ ‫فاعلية عمليات االدارة‬ ‫فاعلية الشراء االقتصادي‬ ‫فاعلية التسويق والبيع‬ ‫فاعلية الموارد البشرية‬ ‫فاعلية استخدام الموارد المالية‪.‬‬

‫اذا عندما نتحدث عن مستوى االستراتيجية الجزئية‪ ،‬اننا نتحدث عما يعرف‬ ‫ايضا باالستراتيجية‪ -‬التشغيلية‪ ،‬وهذه بالطبع على المستوى الفني الميداني‬ ‫التخصصي‪.‬‬ ‫وبالتالي من اجل تحقيق تماسك االستراتيجيات الثالثة‪ ،‬العليا وهي على مستوى‬ ‫الدول والشعوب ‪ ،‬والكلية أي الحكومية او التوظيفية ‪ ،‬والجزئية أي المؤسسية‬ ‫او العملية‪ ،‬نحتاج لتطبيق ما يعرف بـ"استراتيجية‪ -‬المنظمات"‪.‬‬

‫‪ -‬ب‪-‬‬

‫التخطيط االستراتيجي‬ ‫عندما نتحدث عن التخطيط فأننا نكون قد وصلنا إلي مرحلة التطبيق‪.‬‬ ‫ويمكن ان نقيم التخطيط إلي ثالثة مستويات ايضا‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مستوى الهيئة الحاكمة‪ ،‬وهي السلطات ‪ ،‬وهي التشريعية والتنفيذية‪،‬‬ ‫والقضائية‪.‬‬ ‫وعلى المستوى التنفيذي الحكومي او مستوى صنع السياسات العامة‪.‬‬ ‫وعلى مستوى المؤسسي‪ ،‬وهو يشمل القطاعات وكافة مؤسسات‬ ‫ومصالح وهيئات الولدة والمجتمع واالقتصاد‪.‬‬ ‫االء واالعالم‪.‬‬ ‫غلي هناك‬

‫واي يكون المستوى فأن قاعدة التخطيط واحدة‪ ،‬وهي معرفة موقع الستراتيجية‬ ‫في الهيكل التنظيمي والعمليات االدارية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وهذا ما نطلق عليه "استراتيجية المنظمات"‪ ،‬أي كفية تطبيق االستراتيجية في‬ ‫أي تنظيمي "على مستوى الهيكلية والتنظيم"‪.‬‬ ‫او "االستراتيجية االدارية" وهي معنية بكيفية التطبيق على مستوى العمليات‬ ‫االدارية‪.‬‬

‫استراتيجية المنظمات‬ ‫من االهمية بمكان تحديد "موقع االستراتيجية" في المنظمات‪ ،‬وهي مثال‪،‬‬ ‫قطاعات الدولة الوزارية و مختلف مصالحها ومؤسساتها المتعددة‪.‬‬ ‫وكذلك تحديد "العالقات المتعددة" وكيفية "تفاعل مكونات" المنظمات مع‬ ‫مكون االستراتيجية‪.‬‬ ‫ونسترشد في هذه المسألة بنموذج ‪ Thomas J. Peter‬الذي يطلق عليه‬ ‫نموذج "‪ ، "S7‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫يقول توماس بيتر بأن كل منظمة تتكون من سبعة مكونات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪Super Ordinate Goals‬‬ ‫ االهداف العليا البنيوية‬‫‪Strategy‬‬ ‫ االستراتيجية‬‫‪Structure‬‬ ‫ التركيبة االدارية "الهيكل"‬‫‪Staffing‬‬ ‫ القوى البشرية‬‫‪Skills‬‬ ‫ المهارات‬‫‪System‬‬ ‫ النظم واالجهزة‬‫‪Styles‬‬ ‫ النمط الثقافي والبيئة‬‫وتحدث التفاعالت متعددة‪ ،‬وتتخذ اشكاال فاعلة حسب الكفاءة القيادية‪:‬‬ ‫تقع "االستراتيجية" في المستوى الثاني في ترتيب مكونات المنظمات‪.‬‬ ‫حيث إن لم يحدد اهداف بنوية عليا للمنظمات تصبح من عسير تصور وجود‬ ‫استراتيجية او تطبيقها‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫التفاعل االستراتيجي االول‪ :‬في واقع االمر‪ ،‬اول ما تتفاعل االستراتيجية مع‬ ‫االهداف البنيوية العليا‪.‬‬ ‫وتحدث تفاعلية مشتركة – متبادلة‪ ، -‬أي كل منهما يؤثر في االخر طوال حياة‬ ‫المنظمات‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬عندما تتجدد او تتغير االهداف العليا تتطور كذلك االستراتيجية بالمنظمة‬ ‫لتقابل هذا التجديد والتغيير‪.‬‬ ‫كذلك قد تحدث او تلزم االستراتيجية تحوير وتجديد او اضافات في االهداف‬ ‫البنيوية‪ ،‬مناجل استمراريتها ونموها وكفاءتها وسالمتها‪.‬‬ ‫التفاعل االستراتيجي الثاني‪ :‬عندما تتغير االستراتيجية يحدث في المقابل تغيير‬ ‫في البنية التركيبة للمنظمة‪ ،‬أي غالبا ما يحدث تغييرا معينا في الهيكل التنظيمي‪،‬‬ ‫بسبب تأثير االستراتيجيات على المهام وبالتالي على العاملين وبالتالي على‬ ‫المهارات‪.‬‬ ‫التفاعل االستراتيجي الثالث‪ :‬عندما توضع االستراتيجية او تتغير تؤثر في نمط‬ ‫القيادي والثقافي والبيئة‪ .‬أي تؤثر االستراتيجية على اسلوب القيادة‪ ،‬وعلى‬ ‫عالقات العاملين ببعض‪ ،‬وعلى عالقات المنظمة بالبيئة المحيطة والخارجية‪.‬‬ ‫التفاعل االستراتيجي الرابع‪ :‬عندما تتغير االهداف او يراد تطبيقها‪ ،‬تحتاج إلي‬ ‫"نظم" أي تحتاج غلي قوانين ولوائح وقرارات وسياسات وإجراءات وتعليمات‪،‬‬ ‫وتتفاعل االستراتيجية مع مكون النظم بكل تفاصيله‪.‬‬ ‫وفي حقيقة االمر‪ ،‬يمكن تصور وايجاد كثير العالقات والتفاعالت‪ ،‬ولكن يمكن‬ ‫ان نختصرها كما يلي‪:‬‬ ‫" ان اهداف المنظمة هي المحور‪ ،‬فكلما حدث تغيير او تطور وتجدد في‬ ‫االهداف‪ ،‬تتغير معها وتتطور وتتجدد بقية المكونات‪ ،‬وهي االفراد أي طلب‬ ‫تغير في االفراد بالزيادة او النقص او التدوير‪ ،‬ويحدث مع ذلك طلب تنمية‬ ‫المهارات لتناسب التطور والتغيير الجديد‪ ،‬ويحدث مع ذلك تغيير نسبي في‬ ‫الهيكلة االدارية‪ ،‬ومن ثم يحدث تأثير ما على نمط اسلوب القيادة وعالقات‬ ‫العاملين والعالقات المحيطة‪ .‬وبالتالي طالما ان االستراتيجية تتفاعل مباشرة مع‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االهداف وهي المحور‪ ،‬فهي ايضا لها دور محوري في كافة التفاعالت‬ ‫المذكور’"‪.‬‬ ‫وانطالقا مما سبق يمكن ان نتعرف على سبب صعود ونجاح منظمات او‬ ‫وزارات‪ ،‬وفشل وهبوط االخرى‪.‬‬ ‫كما يمكننا ان نتعرف على اسباب اخفاق كثير من البلدان في تحقيق تنمية أي‬ ‫"قوة‪ <-----‬صعود‪ <------‬توسع"‪ .‬واستمرارية ضعفها وهزلية دورها‬ ‫وتأثرها العالمي‪.‬‬ ‫والسبب هو عدم وجود استراتيجية عليا للدولة "الهيئة الحاكمة"‪ ،‬مما يتسبب في‬ ‫عدم قدرة الحكومة على وضع استراتيجية حكومية‪ ،‬وبالتالي تعجز المنظمات‬ ‫في وضع استراتيجية مؤسسيه كاملة‪.‬‬ ‫الن استراتيجية المنظمات تتركب من استراتيجية عليا‪ ،‬واستراتيجية تنافسية أي‬ ‫على مستوى االدارات العامة‪ ،‬واستراتيجية تشغيلية على مستوى الوحدات‬ ‫واالعمال التخصصية‪.‬‬ ‫وغالبا ما يتسبب فقدان االستراتيجيات العليا في تفكك استراتيجية المنظمات‪ ،‬او‬ ‫يجعلها غير فاعلة‪ ،‬وفي كثير من االحيان غير موجودة‪.‬‬ ‫وفي حال عدم وجود استراتيجية بالمنظمات‪ ،‬هذا يعني ليس هناك ضوابط وال‬ ‫معايير قياسية وتقييميه الختيار القيادات‪ ،‬او محاسبتهم‪ ،‬كما نجد ان المنظمات‬ ‫تعيش بدون روح طبيعية‪ ،‬أي عالقات العاملين ببعض مشوهه‪ ،‬وعالقاتها‬ ‫بالمجتمع مضطربة‪ ،‬وجودة خدماتها ومنتجاتها متدنية‪ ،‬وغي مستقرة‪.‬‬ ‫كما نالحظ بان االداء ضعيف وهناك هدر في الوقت واالموال‪ ،‬وربما يطالها‬ ‫الفساد ايضا بسبب عدم وجود استراتيجية ذات قيمة‪.‬‬ ‫كما قد تكون هناك استراتيجية عليا منية على قيم سيئة او غير دقيقة‪ ،‬ولقد‬ ‫الحظت فشل مثل هذه المنظمات او المؤسسات والهيئات واختفائها بالكامل‪ ،‬الن‬ ‫االستراتيجية العليا السيئة تحول كل مكون في المنظمة إلي االسواء‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫التخطيط واالستراتيجية االدارية‬ ‫تعرف االستراتيجية االدارية بانها هي التنسيق الكفء للجهود والمهارات‪،‬‬ ‫وتحقيق فعالية التعاون الواسع في المعامالت والعالقات الداخلية والخارجية‪،‬‬ ‫والتطبيق االمثل للنظم ‪ ،‬واالستخدام الفعال للموارد البشرية والمالية‬ ‫والمعلومات واالفكار والوقت واستغالل الفرص المتاحة من خالل العمليات‬ ‫االدارية‪.‬‬ ‫ومن المتعارف عليه ان العمليات االدارية قد عرفت بشكل محدد‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫"التخطيط – التنظيم – التوجيه – الرقابة"‪.‬‬ ‫كما اننا قد وضجنا بان "العملية – االستراتيجية" في أي موقع سواء على‬ ‫مستوى الهيئة الحاكمة للدولة‪ ،‬او على مستوى المنظمة‪ ،‬او على مستوى العمل‪،‬‬ ‫يمكن ان نتصورها تخطيطيا‪ ،‬هي العالقة بين ثالثة استراتيجيات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ االستراتيجية العليا‪ ،‬وهي على مستوى القيادة العليا‪ ،‬ويمكن ان نطلق‬‫عليها هنا على مستوى العملية االدارية‪ ،‬استراتيجية القيادة‪.‬‬ ‫ استراتيجية التوظيف‪ ،‬وهي على مستوى االدارات‪ ،‬او المجال‪ ،‬فمثال‪،‬‬‫هناك ادارة الشراء تحتاج إلي استراتيجية المشتريات‪ ،‬وهكذا مع ادارة‬ ‫المبيعات والتسويق‪ ،‬وادارة االنتاج‪ ،‬وغيرها من االدارات حسب طبيعة‬ ‫نشاط المنظمة‪ ،‬او القطاع‪.‬‬ ‫ استراتيجية الفعل‪ ،‬او العمل او المهمة‪ ،‬وهي ما نطلق عليه ايضا‬‫االستراتيجية التشغيلية‪ ،‬او التخصصية‪ ،‬او التنفيذية الميدانية‪ ،‬وهذه‬ ‫ركائها اربعة‪ ،‬وهي فريق المهمة‪ ،‬وهدف المهمة ‪ ،‬تنسيق جهود‬ ‫المهمة‪ ،‬خطة العمل‪.‬‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬كل مستوى من هذه المستويات االربعة يحتاج إلي نوعية‬ ‫تخطيط مميز‪.‬‬ ‫وبالتالي كما ذكرنا ان العمليات االدارية هي اربعة‪ ،‬واول هذه العمليات هي‬ ‫"التخطيط"‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫عملية التخطيط االدارية‪( :‬توضيح المرجعية)‬ ‫نتناول في هذه الفقرة مفهوم التخطيط من الناحية المرجعية‪ ،‬او التصور الفكري‬ ‫االستراتيجي‪.‬‬ ‫من االهمية اداراك ان "التخطيط" بطبيعته هو عمل "تنفيذي" ‪ ،‬ملموس‪،‬‬ ‫مختص بالمعامالت واالعمال على ارض الواقع‪ ،‬وجوهره هو مهارة التفكيك‬ ‫والتركيب والجدولة المنطقية والتسلسلية لمختلف االمور‪ ،‬وهو نتاج مهارات‬ ‫ومنهجية‪ ،‬ومتأثر وينمو بالفكر االستراتيجي القيادي‪.‬‬ ‫وعلى أي مستوى او منظمة‪ ،‬فان عملية التخطيط يمكن تصورها انها تحدث‬ ‫طبيعيا على ثالثة انواع متداخلة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ عملية التخطيط االستراتيجي‬‫ عملية التخطيط الوظيفي‬‫ عملية التخطيط التشغيلي‬‫ونحن تحدث النقطة المفصلية في فعالية التخطيط كعملية متكاملة‪ ،‬ومن هنا‪،‬‬ ‫يمكن ان نتعرف على اسباب تميز الدول منها المتقدمة واالخرى المتخلفة‪.‬‬ ‫حيث عملية التخطيط االستراتيجية تعتمد على وجود استراتيجية عليا لدي‬ ‫القيادات‪ ،‬وهذه االستراتيجية بطبيعتها العليا تنتج وتنمو ويكون اثرها االيجابي‬ ‫او السلبي حسب نوعية االستراتيجية العليا‪ ،‬المعتمدة على منظومة القيم العامة‪.‬‬ ‫وكلما كانت قيادات المنظمات لديها ملكة االستراتيجية العليا فسوف يكون‬ ‫تفكيرها االستراتيجي واسع‪ ،‬وتنتج تصورات‪ ،‬وتوقعات‪ ،‬وطموحات‪ ،‬وطرق‬ ‫عدة‪ ،‬وابداعات متنوعة‪ ،‬مما يقود عملية التخطيط‪ ،‬وهي كما ذكرنا‪ ،‬عملية‬ ‫تنفيذية تابعة‪ ،‬وليست مبدعة ولكنها ليست خالقة‪ ،‬فهي تخلق المهارات وتوظفها‬ ‫لتحقيق الفكر االستراتيجي المؤثر عليها‪.‬‬ ‫ولذلك نجد أن الدول المتقدمة‪ ،‬قد حددت استراتيجيتها العليا‪ ،‬بطبيعتها الواسعة‬ ‫والشاملة‪ ،‬وقد تأثرت بها كافة المجاالت وكل القيادات‪ ،‬وترسخت ورسمت من‬ ‫خاللها كافة نوعية المعامالت والعالقات‪ ،‬وذلك منذ قرون عدة‪ ،‬وتحديدا‪ ،‬منذ‬ ‫عصر النهضة‪ ،‬تقريبا ‪.1776‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وذلك وعلى سبيل المثال‪ ،‬للتوضيح الفرق بين قيادات ومنظمات الدول المتقدمة‬ ‫والدول المتخلفة‪ ،‬نجد انه في الدول المتقدمة تبرز استراتيجية المهمة بشكل دقيق‬ ‫وعميق وفعال ومسئول وبكل التفاصيل واالهتمامات والتوثيق والتحفيز‬ ‫واالمتنان‪ ،‬وغيرها من عناصر تنفيذ المهمة بنجاح‪ ،‬فنجد عندما يؤمر الموظف‬ ‫او الفريق بقيام عمل او مهمة ما‪ ،‬مهما كانت صغيرة‪ ،‬تجد لها انها احيطت‬ ‫تلقائيا وعقالنيا بكافة االعتبارات السابقة‪ ،‬و وثقت ويتم درستها‪ ،‬ما اذا كان‬ ‫يمكن ان تنفذ بنجاح اكثر‪ ،‬في المرات القادمة‪ ..‬في حقيقية االمر جانب العقلية‬ ‫التفكيرية والتحليلية يعمل وينمو منذ قرون بقوة وفعالية ونجاح‪.‬‬ ‫في حين اننا نجد في الدول المتخلفة‪ ،‬قد يؤمر فريق عمل‪ ،‬بالقيام بمهمة‪ ،‬يترتب‬ ‫عليها مصير البلد وحياة الناس وارزاقهم‪ ،‬يقومون بها بكل عشوائية‪ ،‬وغريزية‪،‬‬ ‫تحاط بأدنى اعتبارات وبصورة متدنية‪ ،‬وال يستنكرها احد‪ ،‬وال تحاط بأي من‬ ‫ادنى اعتبارات مما ذكرنا في "استراتيجية‪-‬المهمة" التي تصحب كل عملية عمل‬ ‫في الدول المتقدمة‪.‬‬ ‫فتوقع في الدول المتخلفة ان تخرج كتلة من البرلمان‪ ،‬وان تطلب الحرب‪ ،‬او ان‬ ‫ترسل طائرة لضرب مدنين‪ ،‬او تقرر الدخول في حلف او رفضه‪ ،‬وتوقع ان‬ ‫المصرف المركزي يرسل امواله في مركبة يقودها حصان وعليها اثنان‪ ،‬ال‬ ‫يعرفون كيف تحمى االموال ولكن يعرفون العراك‪ ،‬وكذلك علم الجهة المستلمة‬ ‫بالهاتف انها اموالها قادمة إذا صباحا‪ ،‬وهي مدروسة في جدول مطبوع منسق‬ ‫انيق وادخل للحاسوب واخطر به وزير المالية‪ ،‬وديوان المحاسبة‪ ،‬وفي‬ ‫اعتقادهم ان التخطيط قد انجز بشكل كامل‪.‬‬ ‫نعم قد انجز التخطيط‪ ،‬ولكن هذا يسمى التخطيط‪-‬التنفيذي‪ ،‬وتقوم به كافة‬ ‫القيادات واالفراد بشكل طبيعي‪ ،‬الن عقلية االنسان مبرمجة‪ ،‬على التخطيط‬ ‫المنطقي والتسلسلي‪ ،‬ولذلك نجد كل المؤسسات مما كانت‪ ،‬فيها التخطيط يجري‬ ‫متداخل مع العمليات االدارية االخرى‪ ،‬وليس هناك ادارة متخصصة تقوده‪،‬‬ ‫بسبب فقدان االستراتيجية العليا‪ ،‬ومن ثم فقدان االستراتيجية القيادية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫فقدان التخطيط االستراتيجي‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ونجد ان في الدول المتخلفة يحدث التخطيط االستراتيجي نوعا ما‪ ،‬نتيجة عامل‬ ‫الخوف‪ ،‬فقد تخشى النظام السياسي االستبدادي‪ ،‬او القوانين الصارمة‪ ،‬او‬ ‫مالحقتها من اصحاب الحقوق فتقوم بتخطيط اعلى درجة كفاءة مما يتوقع منها‪.‬‬ ‫ولكن قيادات الدول المتخلفة ومنظماتها بمجرد تحس بالحرية واالمان تعود‬ ‫لعملية التخطيط التنفيذي الغريزي‪ ،‬ولهذا لن يجلب تقدما استراتيجيا للدول‬ ‫وشعوبها‪.‬‬ ‫وبذبك البد من االهتمام بالمرجعية العليا التي تصنع القيادات الطاهرة في‬ ‫سلوكيتها والظاهرة في مهاراتها‪ ،‬وان تحرص على وجود عملية "التخطيط‪-‬‬ ‫االستراتيجي"‪ ،‬والتي من خاللها تتفاعل عمليات التخطيط القيادية بالمنظمات‬ ‫والقطاعات وعمليات التخطيط التنافسية حسب مجال كل ادارة بالمنظمة‪،‬‬ ‫وعمليات التخطيط حسب كل مهمة وعمل نوعي يقوم به العاملين بهذه‬ ‫االدارات‪.‬‬ ‫نجد ان علم االدارة قد وضع عملية التخطيط في مقدمة العمليات االدارية‬ ‫االربعة‪.‬‬ ‫وقد وصفت "عملية التخطيط" وهي عملية مركبة كما ذكرنا‪ ،‬من ثالثة عمليات‬ ‫تخطيطية متكاملة ومتداخلة‪ ،‬وهي القيادية والوظيفية والتشغيلية‪.‬‬ ‫وقد استخلنا بان عملية التخطيط االستراتيجية التشغيلية‪ ،‬هي ما يمكن ان نطلق‬ ‫عليه استراتيجية‪-‬المهمة‪.‬‬ ‫وانه من خالل تقييمنا للكيفية االختيار واالداء واالحاطة بكافة اعتبارات المهمة‬ ‫وتوثيقها ودرستها بعناية ومسئولية هو ما يميز الدول والشعوب الصاعدة عن‬ ‫الدول والشعوب الهابطة‪.‬‬ ‫فالميزان االستراتيجي العالمي هو من كفتين‪ ،‬فعندما تضع دوال نفسها في كفة‬ ‫فالبد لها من ثقل استراتيجي لكي تتوازن مع من يقابلها في الكفة االخرى‪.‬‬ ‫والتي تهبط تدفع ثمن هبوطها‪ ،‬فواقعية العالم هي "واقعية الصراع" أي حتمية‬ ‫القوة والتنافس والتنازع على المصالح‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وسبب هذا االهتمام واولوية هو ان "عملية التخطيط" هو العملية االدارية التي‬ ‫تقود عجلة الدولة‪..‬‬ ‫وبالتالي "عملية التخطيط" هي التي تقود عجلة المنظمة‪..‬‬ ‫ويحدث دوران عجلة الدولة وعجلة كل منظمة بداخلها على النحو التالي‪:‬‬ ‫ يدفع التخطيط المنظمة للدوران بسرعة يتوسع قطرها حسب درجات‬‫النمو وقوة طاقاتها المتولدة وتماسكها وتعدد مرتكزاتها التي تربطها‪،‬‬ ‫بقطة التوازن‪ ،‬وهي في محور الدائرة‪ ،‬وهي القيادات‪.‬‬ ‫ يدفع هذا الدواران الهائل والنمو المتولد والطاقات المتفجرة‪ ،‬عملية‬‫البحث عن موارد كافية‪ ،‬والقيام باستغاللها بالشكل االمثل‪ ،‬وتحدث من‬ ‫خاللها مخرجات ذات قيمة مضافة عن المدخالت‪.‬‬ ‫ يدفع التخطيط المنظمة لكسب المعرفة وتطوير المهارات واحترام‬‫القدرات‪ ،‬وصنع القيادات‪ ،‬والحرص في القضاء جذريا على الفساد‬ ‫الذي يصيب المنظمات من اعالها‪ ،‬اوال‪ ،‬وتقضي عليه قبل نزوله‬ ‫للمستويات االدنى‪ ،‬ومن ثم تقف عجلة الدولة او عجلة المنظمة عن‬ ‫دورانها االستراتيجي‪.‬‬ ‫ان اخطر ما تواجهه الدول والشعوب الغير متقدمة‪ ،‬هو اصرارها واستسالمها‬ ‫للتخطيط التنفيذي‪ ،‬وهو تخطيط غريزي‪ ،‬وعامة ما يتم على مستوى متدني من‬ ‫التوازن العقالني‪ ،‬كما سوف نصفه عندما نأتي إلي مناقشة "عملية صنع‬ ‫االستراتيجيات"‪.‬‬ ‫البد من عملية تقييم للمهمات االستراتيجية‪ ،‬والتي هو احد العوامل المفصلية في‬ ‫صعود االمم والدول‪.‬‬ ‫ويمكن تقييم استراتيجية المهمة في القطاع او المنظمة‪ ،‬بعناصر عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ تالحظ عدم وجود معرفة تفصيلية كافية لدي القيادات العليا للقطاعات‬‫والمنظمات‪ ،‬مما يخضعها ان يكون مسير‪ ،‬من المستوى الوظيفي‪ ،‬أي‬ ‫من بعض مدراء االدارات‪ ،‬او حتى من االقسام‪ ،‬فهو قد اكشف للبعض‪،‬‬ ‫وهذا ما يجعل المنظمة‪ ،‬تتبلور حول هذه العالقة الغير طبيعية وغير‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫استراتيجية‪ ،‬وجميع الذين عملوا في الدول المتخلفة شاهدوا هذه الحالة‬ ‫تكرارا ومرارا‪.‬‬ ‫ تالحظ اهمال "عنصر االقدمية" ‪ Seniority‬في اختيار المرشحين‬‫للمهمات الخارجية او المهمات العليا‪ ،‬من مراقبين‪ ،‬ودبلوماسيين‪،‬‬ ‫ومفاوضين‪ ..‬واالعتماد على تكرار ايفاد ذات الوجوه‪ ،‬بسبب االعتماد‬ ‫على عنصر الوالء‪ .‬علما بان عنصر االقدمية في اليابان لديه اهمية‬ ‫قدسية‪ ،‬أي احترام شديد واسع عن الترشيح للمهام والمراكز والمواقع‬ ‫الوظيفية‪ ،‬ولكن في الدول المتخلفة المهمة الخارجية او المنصب هو‬ ‫مغنم‪ ،‬ويتم توزيعها بنفس االسلوب الذي توصل به القيادي إلي منصبه‪،‬‬ ‫وهو اهمال االقدمية‪ ،‬لينعدم االحترام والنظام الوظيفي وعالقاته‬ ‫ومعامالته‪ ،‬ولذلك نجد ان منظمات وقطاعات الدول المتخلفة تراوح في‬ ‫مكانها‪ ،‬فعنصر االقدمية ليس له الفرصة الوظيفية القدسية‪ ،‬علما بان‬ ‫اليابان‪ ،‬يرجعون ان سبب المعجزة االقتصادية هو اعتبار ان "العمل‬ ‫مقدس"‪ ،‬واتقانه واجب ديني واخالقي‪ ،‬واالقدمية هو حق شرعي‬ ‫للموظفين في تقدير حقوقهم وفرصهم ‪ ..‬والذي نرجوه من القيادات ان‬ ‫تتحلى بقدر ولو ضئيل من الحكمة انها تضع امامها‪ ،‬كشف االقدمية‬ ‫الوظيفية اميات بالمؤسسة‪ ،‬وكشف الفرص المتاحة للمهام الخارجية‬ ‫والرقابية لكل موظف‪ ،‬ومن خالل ذلك سوف يظهر له سبب فشل‬ ‫المنظمة وتخلفها الحضاري وانتشار الفساد واالخفاقات واالنتهاكات‬ ‫وتوسع شبكات الفساد‪ .‬علما‪ ،‬بان مثل هذه االجراء االستراتيجي البسيط‬ ‫تعجز القيادات عن القيام به‪ ،‬بسبب غياب المرجعية وهي منظومة القيم‬ ‫العامة الراسخة‪.‬‬ ‫ تالحظ ان "عملية التدوير الوظيفي"‪ ،‬أي المهام الرقابية والقيادية يعاد‬‫تكرار تكليف ذات الوجوه اكثر من مرة‪ ،‬وانما يتحايل بتغيير المكان‬ ‫والزمان‪ ..‬فذات الموظف الذي يبعث للعمل بالخارج في ‪ 2002‬هو ذات‬ ‫الشخص الذي يعاد تكليفه بعد سنوات في ذات طبيعة المهمة‪ ،‬ولكن في‬ ‫مكان أخر ونفس طبيعة المهمة الرقابية‪.‬‬ ‫ يالحظ ان اختيار القيادات في الدول المتخلفة‪ ،‬رغم ان كثيرا منها يزعم‬‫في انها مصاف الدول النامية منذ قرابة قرن‪ ،‬حيث القيادات ليس لديها‬ ‫مرجعية أي ال تمتلك ملكة "منظومة القيم العامة"‪ ،‬وبالتالي مجرد‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫دخولها في المنظمة او القطاع‪ ،‬تالحظ لم تتغير روح المنظمة إلي‬ ‫االعلى واالحسن‪ ،‬مثال‪ ،‬نظافة المكان‪ ،‬االهتمام بدقة المهام‪ ،‬وروح‬ ‫االصالح والحماس إلي تحقيقه‪ ،‬الوطنية وقياسها المسئولية في تحقيق‬ ‫المساهمة الحضارية‪ ،‬وغيرها من القيم التي تصنع القدوة القيادية‪ ،‬بل‬ ‫ربما المالحظ ان المنظمة تتغير إلي االسواء‪ ،‬بمعرفة العاملين‪ ،‬وخاصة‬ ‫القيادات الوسطى‪ ،‬بان القيادي القادم‪ ،‬هو شخص تسيير اعمال فقط‪،‬‬ ‫وربما لديه الرغبة في االستفادة من منصبه‪ ،‬ومن هنا تنطلق روح‬ ‫الفساد المقنن بالمنظمات والقطاعات‪ ،‬وكثيرا ما يخفى هذا الواقع‬ ‫المرير‪ ،‬ويتم التالعب‪ ،‬والتوسع‪ ،‬وضياع المحاسبة‪ ،‬مما جعل الدول‬ ‫المتخلفة قدرها مزيد من التخلف‪ ،‬ومزيد من أفة القيادات الضارة التي‬ ‫يصعب التخلص منها‪.‬‬ ‫فالتخطيط االستراتيجي يمتاز بالواقعية المهنية والموضوعية أي استمرارية‬ ‫تحديد اسباب القوة والضعف بمصداقية وشفافية ومسئولية وامانة وكفاءة‪.‬‬ ‫وخالصة الدرس االستراتيجي ان غياب او عدم وجود وحدة تخطيط استراتيجية‬ ‫فعالة‪ ،‬يؤدي غلي استمرارية مثل ما ذكرنا من مالحظات‪ ،‬وغيرها مما تعيب‬ ‫تقدم الدول والشعوب ومستوياتها‪ ،‬وال يفيد السكوت عنها‪ ،‬ألنه حسب "المنطق‬ ‫االستراتيجي" ان تلك الدول والشعوب سوف تظل قابعة في ادنى الميزان‬ ‫الحضاري التاريخي اذا كانت نامية ولها درجة مساهمة علمية ومادية كمية‬ ‫ونوعية حقيقية‪ ،‬او ال تذكر ابدا اذا ظلت محافظة على مكانتها االستهالكية‬ ‫وقيادية التسيير الشكلية‪ ،‬التي تحافظ على الواقع كما هو وال تصعد به إلي أعلى‬ ‫واسع‪ ،‬بل ربما تزيد من هبوطه وضيف افاقه ونطاقه‪.‬‬

‫عملية التخطيط التنفيذية‪( :‬توضيح المنهجية)‬ ‫نتناول في هذه الفقرة مفهوم التخطيط من الناحية المنهجية ‪ ،‬او التصور التنفيذي‬ ‫والنواحي العملية‪.‬‬ ‫تتكون عملية التخطيط التنفيذية من اربعة عناصر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ وضه االهداف والمعايير القياسية للنتائج‬‫ رسم السياسات واالجراءات من اجل فعالية التنظيم‬‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ التوقعات واالحتماليات والتحديات المستقبلية وكيفية مواجهتها‬‫ وضع برامج العمل والجداول الزمنية والموازنات‬‫وكل من هذه العناصر لديه منهجية علمية تخصصية‪ ،‬وتختلف من مجال إلي‬ ‫اخر‪.‬‬ ‫وكل هذه المنهجيات العلمية والتطبيقية تحتاج إلي مرجعية فكرية استراتيجية‪.‬‬ ‫والقاعدة تقول" بان العملية الفكرية تغذي العملية التخطيطية‪ ،‬ونسبة تحقيق‬ ‫االستراتيجية هي بقدر مساهمة العملية الفكرية كمرجعية في العملية المنهجية‬ ‫والتنفيذية التخطيطية"‪.‬‬ ‫وبكلمات اخرى يمكن القيام بالعناصر السابقة‪ ،‬عن طريق وضع االهداف‬ ‫والسياسات في ظل تصور مستقبلي عشوائي وتصور إلداء المهام والموازنات‬ ‫بشكل روتيني خالي من البعد االستراتيجي"‪.‬‬ ‫اذا تعريف التخطيط االستراتيجي المنهجي‪ ،‬هو عملية التخطيط التي يسبقها‬ ‫تفكير استراتيجي‪ ،‬ومعتمدة على منهجية علمية تطبيقية يتفاعالن فيها المرجعية‬ ‫والمنهجية فتؤدي إلي نتاج العناصر التخطيطية االربعة‪ ،‬وهي رسم تصور‬ ‫مستقبلي لألهداف‪ ،‬والسياسات‪ ،‬والتوقعات ‪ ،‬والمهام"‪.‬‬ ‫وحسب ادبيات التخطيط االستراتيجي‪ ،‬فانه يتم على ثالثة مستويات‪،‬‬ ‫ تخطيط استراتيجي‬‫ تخطيط وظيفي‬‫‪ -‬تخطيط تشغيلي‬

‫‪Strategic Planning‬‬ ‫‪Functional Planning‬‬ ‫‪Operational Planning‬‬

‫ويجري عمليا على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬يتم التخطيط االستراتيجي عن طريق تعامل وتفاعل ومشاركة االدارة‬ ‫العليا و وحدة التخطيط المختصة او المستشارين‪ ..‬من اجل وضع ما‬ ‫يسمى بـ" الخطة االستراتيجية" للمنظمة او القطاع‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪ ‬يتم التخطيط الوظيفي عن طريق تعامل وتفاعل ومشاركة وحدة‬ ‫التخطيط او المستشارين مع االدارات المختصة‪ ..‬من اجل وضع ما‬ ‫يسمى بـ"خطة االدارة"‬ ‫‪ ‬يتم التخطيط التشغيلي عن طريق تعامل وتفاعل ومشاركة وحدة‬ ‫التخطيط االدارات المختصة مع العاملين‪ ،‬ومل يقومن به من مهام‪،‬‬ ‫ومناقشتها استراتيجيا‪ ،‬بما يؤدي إلي وضع ما يسمى بــ" الخطة‬ ‫التشغيلية"‪.‬‬ ‫حيث‪:‬‬ ‫الخطة االستراتيجية‪ :‬تبين الرؤية التي يمكن للمنظمة او القطاع من تحقيق‬ ‫اهدافه البنيوية المرسومة والمستجدة حسب الفرص والنمو المحقق‪ ،‬وما هي‬ ‫النظم الالزمة من سياسات واجراءات وهيكل‪ ،‬وطاقم ‪ ،‬ومهام‪ ،‬ومهارات‪،‬‬ ‫وموازنات‪ ،‬ويتم ذلك بشكل عام‪ ،‬وغير تفصيلي‪ ..‬وهي عادة مدتها اكثر من‬ ‫سنة‪ ،‬ثالثة او خمس سنوات‪.‬‬ ‫خطة االدارات‪ :‬تبين تصور كل ادارة كيفية تحقيق الخطة االدارية بشكل اكثر‬ ‫دقة وظيفية‪ ،‬أي رسم عملية التنظيم بدقة‪ ،‬رسم عملية التوجيه بدقة‪ ،‬رسم عملية‬ ‫الرقابة بدقة‪ ،‬على مستوى كل ادارة‪ .‬وهنا تفاعلت عملية التخطيط مع العمليات‬ ‫االدارية الباقية على مستوى كل ادارة‪ ..‬ولذلك نجد مسميات مثل استراتيجية‬ ‫التسويق‪ ،‬استراتيجية‪-‬االنتاج‪ ،‬وغيرها من المسميات حسب مجال نشاط‬ ‫االدارات‪ ..‬وهي عادة سنوية في كثير من جوانبها‪ ،‬وفي بعضها تتبع مدة الخطة‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫الخطة التشغيلية‪ :‬وهي ايضا تسمى الوصف الوظيفي‪ ،‬او استراتيجية‪-‬المهمة‪،‬‬ ‫وفيها تتم العملية التخطيطية‪ ،‬بشكل تفصلي‪ ،‬مثال‪ ،‬ما هي الخطوات المطلوبة‬ ‫للقيام بكل نوعية عمل‪ ،‬ما هي الخبرة والمعرفة والمهارة المطلوبة‪ ،‬كم عدد‬ ‫العاملين المطلوبين لهذه الوظيفة‪ ،‬كم تكلفة هذه المهمة او الوظيفة التشغيلية‬ ‫التخصصية‪ ،‬وما هي عالقاتها بالوظائف االخرى لتنسيق الجهود‪ ..‬وغيرها من‬ ‫التفاصيل التنفيذية والمنهجية العلمية‪ ،‬وهي في بعضها يومية‪ ،‬واخرى شهرية‪،‬‬ ‫وسنوية حسب طبيعة تنفيذ المهام‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وحسب نموذج " ‪ " S7‬لتوماس ج‪ .‬بيتر‪ ،‬فان النظرية االستراتيجية‪ ،‬تحدد ان‬ ‫العملية االستراتيجية في المنظمات‪ ،‬موقعها المكون الثاني في المنظمة او‬ ‫القطاع‪ ،‬وبالتالي كلما حدث تغيير في االستراتيجية العليا يحدث تغيير في‬ ‫العمليات االدارية االربعة‪ ،‬وهي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪.‬‬ ‫وللتذكير المنهجي‪ ،‬فان العمليات االدارية توصف كما يلي‪:‬‬ ‫ عملية التنظيم ‪ :Organizing‬وهي المختصة بتصميم الهيكل االداري‪،‬‬‫تحديد اختصاصات ومسئوليات مهام كل موقع او مركز وظيفي‪ ،‬تحديد‬ ‫صالحيات كل موقع او مركز وظيفي‪ ،‬تحديد الكفاءات الالزمة لكل‬ ‫مركز او موقع وظفي‪ ،‬تحديد العالقات بين المراكز والمواقع الوظيفية‪،‬‬ ‫االختيار االنسب لشغل كل مركز او موقع وظفي‪ .‬ويسمى "المنصب"‬ ‫الوظيفي "مركز" عندما يكون تدور حوله مسالة اتخاذ القرارات‬ ‫ويسمى "موقع" عندما يكون عمله يؤدي إلي تغيير في النتيجة الفعلية‬ ‫القياسية‪.‬‬ ‫ عملية التوجيه ‪ :Directing‬وهي ترتكز على ثالثة عناصر مهمة‪ ،‬ما‬‫يعرف بالقيادة ‪ Leadership‬وهناك اسلوب فعال يخطط له‪ ،‬وعنصر‬ ‫التحفيز ‪ Motivation‬وهناك سياسات وقياسات حيوية هامة يخطط‬ ‫لها‪ ،‬وعنصر االتصال ‪ Communication‬وهو ما يحتاج إلي رسم‬ ‫خط السلطة وتحديد قنوات سير و وصول القرارات من القيادات إلي‬ ‫كل المراز والمواقع الوظيفية‪ ،‬وكيفية دوران عمليات المال والمستندات‬ ‫والمعلومات وقنواتها وتوثيقها الجيد في كل موقع ومركز وظيفي‪ ،‬و‬ ‫انجاز سرعة ودقة وصولها‪ ،‬ودرجة الوثوق فيها‪ ،‬وغيرها من نواحي‬ ‫كفاءة االتصاالت داخل وخارج المؤسسة‪.‬‬ ‫ عملية الرقابة ‪ : Controlling‬وهي ايضا تتكون من عدة عناصر‬‫تحتاج للتخطيط لها‪ ،‬وهي مثال‪ ،‬تحديد المعايير الرقابية‪ ،‬تحديد كيفية‬ ‫قياس االداء‪ ،‬تحديد كيفية معالجة المشكالت وتصويب االخطاء‪ ..‬فهدف‬ ‫العملية الرقابية هو عدم وقوع االخطاء في تنفيذ الخطط‪ ،‬والتصويب‬ ‫والتصحيح الفوري لحظة وقوعها‪ ،‬وتفادي عدم تكرار وقوعها‪ ،‬كما‬ ‫انها تتناول ايضا تقييم درجة االنجاز حسب معايير القياسية‪ ،‬وتقترح ما‬ ‫تحتاجه المنظمة او القطاع من عمليات تقويم في خططها او تنفيذها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبالتالي عملية التخطيط هي عملية تفاعلية تدخل في كافة عناصر العمليات‬ ‫االدارية‪ ،‬وهي ما تضفي لها قيمتها االستراتيجية‪.‬‬ ‫وبدون تخطيط استراتيجي تصبح المنظمة وقيادتها هي في حالة او وضعية‬ ‫"تسيير االعمال"‪.‬‬ ‫وعادة ما نجد انه في الدول المتخلفة‪ ،‬كثيرا ما يرد انه تكليف قيادي لتسيير‬ ‫اعمال المنظمة‪ ،‬في فترة معينة‪ ،‬ولم يتحقق من قدرته االستراتيجية‪ ،‬فهي قيادي‬ ‫تنفيذي‪ ،‬يمكن فقط ان يسيطر ويحافظ على مجريات امور المنظمة‪ ،‬تنفيذيا‬ ‫وليس استراتيجيا‪ ،‬فهو لم يتحقق من قدراته الفكرية االستراتيجية‪ ،‬ولم يتحقق من‬ ‫مستوى منهاجيته العلمية والقيادية‪ ..‬وهذا ما تسبب في بقاء كثير من الدول‬ ‫المتخلفة بدون تحقيق نماء حقيقي رغم ثرواتها النفطية‪.‬‬ ‫ومن االهمية بمكان ادراك ان االستراتيجيات معنية بالتقدم واالنجاز الحضاري‪.‬‬ ‫والحضارة تعني قيمة ومدى االنتاج العلمي والمادي الذي تنتجه الشعوب‪.‬‬ ‫فالشعوب التي ال تحقق اصالة في االنتاج العلمي او المادي‪ ،‬وتكتفي بالعمليات‬ ‫االستهالكية‪ ،‬هي في ميزان التاريخي والحضاري‪ ،‬ليست بشعوب ودول‬ ‫متحضرة‪.‬‬ ‫ولذلك نجد ان الدول االوربية اطلقت على الحضارة المعاصرة "الحضارة‬ ‫االوربية" ثم اتخذت اسم "الحضارة الغربية" بعد المساهمة االمريكية الكبيرة‪.‬‬ ‫ولذلك مهمة التخطيط االستراتيجي هو صنع مكا يطلق عليه "القيمة المضافة"‪.‬‬ ‫وتعني نتاجا كميا ونوعيا جديدا مضافا من خالل القطاعات والمنظمات‪.‬‬ ‫وليس مقصود زيادة الربح‪ ،‬فهي عملية غريزية تتم طبيعيا عند كل االفراد‬ ‫والمجتمعات‪ ،‬ولكن ما يميز هو حجم وكمية القيمة المضافة علميا ومهنيا وماديا‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا الميزان الحضاري ومعيار القياس الواقعي يمكن ان تحدد دائما‬ ‫مكانة الدول والشعوب عبر التاريخ االنساني والحضاري‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫كما ان ادبيات استراتيجية تحدد ان الخطة االستراتيجية مدتها خمس سنوات‪،‬‬ ‫والخطة‪-‬الوظيفية لإلدارة مدتها تزيد عن سنة وتقل عن خمس سنوات‪ ،‬والخطة‪-‬‬ ‫التشغيلية مدتها سنو او اقل‪.‬‬ ‫المهم لدينا في هذا الدرس انه تم توضيح العالقة بين المرجعية والمنهجية في‬ ‫العملية التخطيطية‪ ،‬وحددنا تركيبة االستراتيجية إلي ثالثة مستويات‪ ،‬وان نتاجها‬ ‫ثالثة خطط عمل حسب كل مستوى استراتيجية‪ ،‬وجميعها تتفاعل وتتداخل فكريا‬ ‫وتنفيذيا بحكم المرجعية الفكرية والمنهجية التنفيذية"‬ ‫ومن الجدير بالذكر‪ ،‬ان نوضح ايضا‪ ،‬ان "االستراتيجية العليا" في المنظمة او‬ ‫القطاع يطلق عليها احيانا "االستراتيجية‪-‬المؤسسية"‪ ،‬وان "االستراتيجية‬ ‫الوظيفة" الخاصة بكل ادارة يطلق عليها ايضا "االستراتيجية‪-‬التنافسية"‪ ،‬وذلك‬ ‫القاري والمختص ان نظريا ان نخلص في هذا الكتاب ان التركيبة‬ ‫لكي يدرك‬ ‫ْ‬ ‫االستراتيجية هي ثالثية االبعاد‪.‬‬ ‫وهذه الحقيقة العضوية الثالثية سوف تفيدنا كثيرا في مناقشة صنع‬ ‫االستراتيجيات‪.‬‬

‫‪-‬ج‪-‬‬

‫تحليل صناعة االستراتيجيات‬ ‫الخطوات الفنية لصناعة االستراتيجية‬ ‫تعد صناعة االستراتيجيات عملية إبداعية في جوهرها‪ ،‬وتقدم المدارس‬ ‫المدراس االستراتيجية خطوات فنية يمكن االسترشاد بها‪ ،‬إال انها مسألة تتطور‬ ‫حسب التطور االنساني ورقي االمم ودرجة شعورها بمسئولياتها ودرجة توافقها‬ ‫الفكري وتناغمها الشعوري و وسعة وحدتها في مجاالت صناعة الحياة على‬ ‫مستوى ترابط اقاليمها‪.‬‬ ‫فصناعة االستراتيجية تبدا من بناء فرضيات على الواقع وعن توقعات مستقبلية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وتتأثر في نجاحها بدرجة صدق االفتراضيات والتوقعات وعلى عمق وسعة‬ ‫التحليل االستراتيجي واستمرارية متابعته‪.‬‬ ‫وتتبع صناعة االستراتيجية المراحل االساسية التالية‪:‬‬ ‫ مرحلة التحليل االستراتيجي‪ ،‬وهي عملية دراسة الواقع دراسة كافية‪،‬‬‫ايجاد الحقائق وتكوين االفتراضيات معتمدة على درجة معرفة تفاصيل‬ ‫والمفاهيم والقوانين الموجهة للتغيرات في كافة المجاالت‪ ،‬ومن ثم‬ ‫استنتاج التوقعات المستقبلية‪.‬‬ ‫ مرحلة التكوين ‪ : Formation‬وفي هذه المرحلة يتم صناعة الرؤية‪،‬‬‫وتحديد االهداف‪ ،‬وتحديد مسار التفكير وطرق السير للوصول إليها‪،‬‬ ‫فافي هذه المرحلة مثال‪ ،‬تصاغ رسالة المشروع االستراتيجي‪ ،‬وتوضع‬ ‫السياسات العامة‪ ،‬وتحدد النظم من هياكل وقوانين وإجراءات‪ ،‬وتحديد‬ ‫المهارات‪ ،‬وذلك في ظل ثالثة استراتيجيات مترابطة‪ ،‬وهي‬ ‫االستراتيجية العليا‪ ،‬واالدارية‪ ،‬والتشغيلية‪ .‬ومراعاة عالقة كل‬ ‫مستويات االستراتيجيات الثالثة واعتمادها على بعضها في تحقيق‬ ‫النجاح النهائي‪.‬‬ ‫ مرحلة التطبيق والمتابعة‪ :‬وهناك عدة تكتيكات فنية يمكن ان يسترشد‬‫بها في التعامل مع تعقيدات الواقع‪ ،‬ومواجهة التغيرات‪ ،‬وإجراء‬ ‫القياسات وإدخال التعديالت على االستراتيجية القائمة ومدى تأثيرها‬ ‫على االستراتيجية المقصودة‪.‬‬ ‫وفيما طرح لنموذج عام صناعي استرشادي‪:‬‬ ‫‪ ‬التحليل االستراتيجي‪ ،‬ويشمل تحليل البيئة الخارجية‪ ،‬والمطالب‪ ،‬والبيئة‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫‪ ‬تحديد الخيار االستراتيجي‪ ،‬ويشمل تحديد التغيرات والتحسينات‬ ‫المطلوبة على كافة االبعاد وهي البيئة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬القيادة‪ ،‬االدارة‪ ،‬البشر‪،‬‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬االسواق‪ ،‬الجمهور‪ ،‬التكاليف‪ ،‬المنافسة‪.‬‬ ‫‪ ‬صياغة االستراتيجية‪ ،‬وتشمل صياغة الرؤية‪ ،‬صياغة الرسالة‪،‬‬ ‫االهداف‪ ،‬صياغة االنشطة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وفيما يلي نبذة عن بعض االساليب االستراتيجية الممكن استخدمها‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬تحليل البيئة الخارجية‬ ‫والبيئة الخارجية تقسم إلي بيئة صغرى وهي المباشرة المنافسة‪ ،‬والبيئة الكبرى‬ ‫وهي المحيطة بدائرة التنافس و المؤثرة‪.‬‬ ‫وتشمل المعالجة الخطوات التالية‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫تحديد مكان اللقاء او المنافسة‬ ‫تحديد القوى المباشرة المؤثرة‪ ،‬وهي "المنافسة‪ -‬الجمهور‪ -‬الداخلون‬ ‫الجدد‪ -‬البدائل‪ -‬المساندون"‪.‬‬ ‫تحديد قوانين اللعبة للتميز‬ ‫تحديد القوى واالتجاهات الكبرى المؤثرة ‪ ،PESTLE‬وهي االبعاد‬ ‫السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية ‪ ،‬والتقنية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬والبيئية‪.‬‬ ‫وهي مجاالت تتفاعل مع بعضها‪ ،‬ومدى تأثيراته وااللويات تتغير‬ ‫حسب الوقت والهدف‪.‬‬ ‫تحديد ما هي ماهية االستراتيجية المنافسة‪.‬‬ ‫تحديد البوصلة االستراتيجية ‪ ،strategic compass‬تعتمد التحليل‬ ‫والتخطيط باالعتماد على رؤية ومطالب وسلوكيات واتجاهات الجمهور‬ ‫والواقع ‪ ،‬فهي تحدد االتجاه االستراتيجي بناء على كيف يقدر ويرى‬ ‫االخرين العناصر الثالثة "كيف يرون ويقدرون العائد عليهم – التكلفة‬ ‫المستعدون دفعها – امكانية التسليم الوقت والمكان"‪ .‬فالجمهور يوازن‬ ‫بين هذه العناصر الثالثة ويتخذ قراراه‪.‬‬ ‫دراسة التنافس‪ ،‬تشمل كثير من النواحي مثالن‪ ،‬قوة المنافسين ولماذا‬ ‫تفوقهم او ضعفهم‪ ،‬الحصص‪ ،‬خصائص مكان التنافس والمنافسين‪،‬‬ ‫وتشمل التركيز على ثالثة عناصر "الفكر – المال – القوة"‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬تحليل البيئة الداخلية‬ ‫وهي قد تعني الدولة او لقطاعات او المنظمات حسب مستويات االستراتيجية‪.‬‬ ‫ويمكن ان يستخدم احد الطرق التالية في التحليل االستراتيجي للبيئة الداخلية‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪Strengths‬‬‫ أسلوب ‪ : SWOT‬وهو اختصار التركيبة "‬‫‪ ،" Weakness-Opportunities-Threats‬و يعني جرد مناطق‬ ‫القوة والضعف ‪ ،‬والفرص واالخطار‪ .‬ويتم ذلك الجرد حول البيئة‬ ‫الداخلية أي نقاط ضعفها وقواتها وما يمكن ان تواجهه من مخاطر وما‬ ‫هي الفرص المرتقبة‪ ،‬حيث يجرد ذلك بخصوص كل موضوع ويتطلب‬ ‫تحديد السند العلمي وما يجب القيام به‪ ،‬حيث تحديد ذلك يساعد في‬ ‫وضع الرؤى واالهداف وهي صلب صنع االستراتيجيات‪.‬‬ ‫"‬ ‫وهو اختصار تركيبة‬ ‫‪: E.V.R‬‬ ‫ أسلوب‬‫‪ ،" Environment-Values-Resources‬وهي تعني البيئة والقيم‬ ‫والموارد‪ ،‬وتحليل البيئة يشمل ماذا يطلب الجمهور والمعنيون‪ ،‬وما هي‬ ‫القوى التنافسية الداخلية التي تحتاج إلي تحسين‪ .‬وتحليل القيم كسيف‬ ‫يشعر الجمهور والعاملين حيال هذه المنظمة او القطاع‪ ،‬وما هي القيم‬ ‫المطلوبة لزيادة المشاعر او التأقلم مع التغيير او المنتج او السياسات‬ ‫القائمة والقادمة‪ ،‬وتحليل الموارد يشمل تحديد الوظائف واالمكانات‬ ‫المهمة والحرجة بشأن تحقيق النجاح‪ ،‬وما هو المطلوب من نوعيات‬ ‫وكميات ومهارات‪.‬‬ ‫ أسلوب ‪ : The Wheel‬وهو يعني عجلة المنظمة‪ ،‬ويمكن ايضا‬‫في تقديري تطويره وتسميته عجلة الدولة أو القطاع وذلك حسب نطاق‬ ‫التحليل االستراتيجي‪ ،‬حيث صنع االستراتيجيات هو عملية اجتهادية‬ ‫ابداعية وال تخضع لنمط تفكيري او منهجي واحد‪ ،‬بل تخضع للتطور‬ ‫االنساني العام باستمرار‪ ،‬وهذا التحليل يمكن من تحديد سرعة داورن‬ ‫العجلة‪ ،‬ومعدل السرعة يعكس قوة االداء‪ ،‬والبط ضعف االداء‪ ،‬ويتم‬ ‫تقسيم التحليل بالنظر إلي البيئة الداخلية على أساس أنها عجلة‪ ،‬وتقسمها‬ ‫إلي اربعة مناطق متساوية‪ ،‬وهي "التخطيط ‪ -‬المنظمة – الموارد –‬ ‫المعرفة"‪ ،‬ومن ثم يقسم كل جزء فيما يخصه من مواضيع‪ ،‬فمثال‪،‬‬ ‫تحليل المنظمة يشمل (التنظيم‪-‬البيئة الثقافية‪-‬الفريق القيادي‪-‬المناخ‬ ‫االداري )‪ ،‬وتحليل الموارد يشمل ( رافعة الموارد البشرية‪ -‬رافعة‬ ‫االتصاالت‪ -‬رافعة التقنية‪ -‬رافعة االتصال الوظيفي )‪ ،‬وتحليل المعرفة‬ ‫ويشمل (معرفة الجمهور‪ -‬معرفة المنافسة‪ -‬معرفة طبيعة العمل‪-‬‬ ‫المعرفة بالصراع)‪ ،‬وتحليل التخطيط ويشمل (التخطيط للمؤسسة‪-‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫مساحات توسع العمل‪ -‬كفاءة نظام التخطيط‪ -‬تطبيق التخطيط)‪ .‬بحيث‬ ‫ينتج عن التحليل نسبة مئوية عن كل عنصر داخل المناطق االربعة‪،‬‬ ‫ومن ثم من خالله احتساب متسوط القيمة المئوية‪ ،‬ومن خالل المناطق‬ ‫االربعة احتساب النسبة المئوية الكلية‪ ،‬وهذه النسبة الكلية هي التي‬ ‫تعكس معدل سرعة الدوران‪ ،‬ويظهر معدل ضعف وقوة كل منطقة‬ ‫وكل عنصر‪ ،‬ومن ثم تتناول صنع االستراتيجية الرفع من نسبة كل‬ ‫عنصر‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الخيار االستراتيجي‬ ‫بناء على نتائج التحليل االستراتيجي سوف تتحدد المطالب االستراتيجية‪،‬‬ ‫وتتحدد الخصائص االستراتيجية والعوامل المؤثرة في البيئة الخارجية والبيئة‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫والخيار االستراتيجي هو تغطية الضروريات واحداث تغييرات متقدمة جوهرية‬ ‫وتحسينات تحدث التميز وزيادة التأييد‪.‬‬ ‫فهي تنظر إلي كل من " البيئة – الثقافة‪ -‬القيادة – االدارة – البشر – التقنية‪-‬‬ ‫االتصاالت – السوق – الجمهور – التكاليف – المنافسة"‪.‬‬ ‫فالستراتيجيات العليا تعتبر شمولية الرؤية‪ ،‬على المستوى الكلي الخارجي‬ ‫والداخلي‪.‬‬ ‫فحين االستراتيجية التنافسية هي جزئية الرؤية ‪ ،‬تنظر في نطاق محدد بأبعاد‬ ‫المجال والمطان والمنافسين المعنيين‪.‬‬ ‫ويمكن أن نقول بأن هذه المرحلة الثالثة‪ ،‬تتعلق باالتي‪:‬‬ ‫ كيف سوف تدير القطاعات او المنظمات اعمالها‪ ،‬وكيف يقوم المنافسين‬‫بذلك؟‬ ‫ ما هي االهداف‪ ،‬تقييم االداء الحالي وتحديد االداء المطلوب ‪ ،‬وهل‬‫مطلوب تغيير االهداف؟‪ ،‬وكذلك فيما يخص اداء المنافسين في تحقيق‬ ‫اهدافهم؟‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ الفرضيات والمسلمات التي يحملها المنافسين‪.‬‬‫ ما هي مصادر وموارد القوة للقطاع او المنظمة ؟ ‪ ،‬وفي المقابل ما هي‬‫مصادر وموارد قوة المنافسين أو لخصوم‪.‬‬ ‫ويمكن القول ان الخيار االستراتيجي سوف يحدده عملية المقارنات والموازنات‪.‬‬ ‫وما هي الفكر المطلوب والتخطيط الالزم لالنتقال للموقع االفضل‪.‬‬ ‫*‬

‫(مناقشة)‬ ‫المرحلة الكلية ‪Macro Phase‬‬ ‫وهي تحديد المطالب و القيم والعوامل المشاركة جميعها على مستوى الدولة او‬ ‫القيادات العليا‬ ‫يعتبر االهتمام بالمطالب المحيطة‪ ،‬سواء لتنمية الشعوب‪ ،‬أو نمو المنظمات‬ ‫والمؤسسات والقطاعات‪ ،‬و هذا يعني تحديد مطالب الناس االنية والمستقبلية‬ ‫بعناية ودقة واستمرارية‪ ،‬وتوقع مدى تطورها وتجددها‪ ،‬والتحديات التي‬ ‫توجهها ومخاطر االخفاق في تحقيقها او تجنبها‪ ،‬فالمطالب تنهض بقوة التدافع‪،‬‬ ‫وقوة التدافع تدفع بقوة التغيير‪ ،‬ومن خالل قوة التغيير االيجابي يتحقق بعون‬ ‫وإرادة هللا استبدال الحال إلي االفضل‪.‬‬ ‫وبذلك تعد المطالب من المدخالت الهامة‪ ،‬وهي بشكل ما تتسبب في بلورة‬ ‫االهداف‪.‬‬ ‫فال يمكن أن نتصور أن االهداف تصنع من الفراغ وإنما هي نتاج تقدير شامل‬ ‫للمطالب‪.‬‬ ‫والتفكير االستراتيجي يهتم كذلك بمطالب البيئات الخارجية المحيطة‪ ،‬وهل يوجد‬ ‫تعارض ام يوجد عوامل مشتركة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والمطالب تحتاج إلي تقدير الموارد الالزمة‪ ،‬والموارد الالزمة‪ ،‬وسبل التمويل‬ ‫واالمدادات‪ ،‬ومدى تحتاجه من مهارات وآليات و وسائل وادوات‪،‬‬ ‫حيث كافة المعلومات الخاصة بالمطالب سوف تغذى بها عملية المعالجة‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬والحاجة إيها في التفاعلية االستراتيجية الكلية داخل وعاء الصهر‬ ‫االنتاجية والتطبيقية‪.‬‬ ‫تحديد درجة تناسب البيئة الداخلية وما تحتاجه من تطورات مطلوبة لتتناسب مع‬ ‫درجة الخصومة والتنافس مع البيئة الخارجية‪.‬‬

‫المرحلة الجزئية ‪Micro Phase‬‬ ‫وهي تحديد التنافسية ومعرفة البيئة الخارجية حسب القطاعات او المنظمات او‬ ‫المجاالت‬ ‫تحدد البيئة الخارجية مجموعة االحتياجات‪ ،‬وكافة الجهات المتنافسة والخصوم‪.‬‬ ‫فالمنافس هو من يرتكز تحديه على درجة "رابح‪-‬رابح"‪ ،‬حيث يمكن لألطراف‬ ‫المتنافسة كل تحقيق درجة من الربح نسبية‪ ،‬أي تقاسم البيئة الخارجية في عائد‬ ‫هدف أو اكثر‪ ،‬أو مجال أو اكثر‪ ،‬كل حسب قدراته ومناوراته‪.‬‬ ‫والخصم هو من يسعى إلي تحقيق درجة "رابح‪ -‬خاسر"‪ ،‬وهو ال يرضى إال‬ ‫بإزالة الخصم حتى القضاء عليه كليا من اجل االستيالء على موارده وإمكاناته‪.‬‬ ‫وهناك الخصم الشرس المستعد لدرجة "خاسر – خاسر" ‪ ،‬أي يحقق درجة‬ ‫منشودة من اهداف الخارجية أو يقوم بأعمال وحروب وانتهاكات تؤدي إلي‬ ‫خسارة الجميع‪.‬‬ ‫وبذلك يتطلب االختمام حول كل طرف ‪ ،‬باالتي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫معرفة القوة المباشرة والغير مباشرة التي يمكن ان يستخدمها الخصوم‬ ‫والمنافسين‪.‬‬ ‫معرفة قوانين اللعبة التي تشمل الجميع‪.‬‬ ‫معرفة االتجاهات الكبرى الخاصة بكل طرف‪.‬‬ ‫معرفة استراتيجية الطرف االخر‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ معرفة قدرات االخر عن طريق القيام بقياسات مناسبة‪ ،‬و إجراء‬‫المقارنات اساسية‪.‬‬ ‫ تحديد درجة التنافس مع كل خصم‪ ،‬وهي كل رابح‪ ،‬رابح وخاسر‪ ،‬الكل‬‫خاسر‪.‬‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬حجم هذه المعرفة‪ ،‬وتحليلها بشكل جيد‪ ،‬يجعل االستراتيجي‬ ‫امام خيارات استراتيجية كثيرة‪ ،‬يعتمد عليها فيما بعد عمليات التكوين والتطبيق‬ ‫والمتابعة‪.‬‬ ‫فعملية صناعة االستراتيجية هي خطوات متداخلة‪ ،‬وال يمكن اعتبار مرحلة‬ ‫منفصلة ومعزولة عن االخرى‪.‬‬ ‫وبالطبع عندما تدخل هذه المعارف في صنع االستراتيجية المقصودة‪.‬‬ ‫يكون اثناء متابعة التطبيق تحديد المتغيرات التي تطرأ‪ ،‬فالخصم والمنافس هو‬ ‫ايضا يعدل في استراتيجيته القائمة حسب تأثيرات المواقع المستجد عليها‪.‬‬ ‫تذكر ان االستراتيجية تبدا في التأثير على الواقع بمجرد تطبيقها‪ ،‬وأحداث‬ ‫تغيرات تدرجية‪ ،‬وانما تظهر التغيرات الكلية النهائية المستقبلية هي نسبية حسب‬ ‫درجة نجاح االستراتيجية في النهاية‪.‬‬ ‫وقد ينتج عن الصراعات االستراتيجية واقع يحمل صفات مشتركة‪.‬‬ ‫وهذا ما يفسر ان صناعة االستراتيجية هي عملية مستمرة‪.‬‬ ‫رغم ان المرجعية العليا هي ما يظل ثابت لتكون قادرة على االستمرارية و نحو‬ ‫التغيير النهائي المنشود مع كل واقع‪.‬‬ ‫معرفة تفاصيل المجاالت‬

‫المرحلة التفصيلية ‪Detailed Phase‬‬ ‫وهي تخصص استراتيجية المهمة او االستراتيجية التشغيلية‬ ‫الخارجية مجموعة االحتياجات‪ ،‬وكافة الجهات‪.‬‬

‫تحدد البيئة‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫العملية الدماغية االستراتيجية‬ ‫كل انسان تتوفر له االمكانية الفيسيولوجية الدماغية من اجل "صنع‬ ‫االستراتيجية" المتميزة‪ ،‬او ان يدرك المستخدمة او التي في المواجهة‪ ،‬وان‬ ‫يكون من خاللها قائدا وعظيما‪.‬‬ ‫فدماغ االنسان مقسم فسيولوجيا إلي فصين‪ ،‬االيمن وااليسر‪.‬‬ ‫الفص االيسر من الدماغ‪ ،‬وهو الفص الغريزي‪ ،‬مسئول على نوعين من المهام‬ ‫الطبيعية في حياة كل انسان‪ ،‬وهي المهمة المنطقية‪ ،‬فعندما يشعر االشنان‬ ‫بالجوع يكون خيار الدماغ تلقائيا توجيهه إلي نوع المهمة المناسبة وهي االكل‪،‬‬ ‫وعندما يخاف يوجهه فورا إلي مهمة الهرب‪ ،‬وقد يكون امامه حسب محصلته‬ ‫مع كل لشعور اكثر من خيار منطقي‪ ،‬وقد يكون بدائي غافل جاهل فيكون مع‬ ‫كل شعور خيار واحد ال يعرف غيره‪ .‬كما الفص االيسر مسئول ايضا على‬ ‫المهمة التسلسلية ‪ ،‬وهي تعني الحساب وغيرها من المعادالت والمعارف‪،‬‬ ‫فمثال‪ ،‬يتعلم ‪ 2=1+1‬فهي تخزن في هذا الفص االيس‪ .‬وخالصة القول بان‬ ‫الفص االيسر من الدماغ هو مسئول عن تخزين المنهجية التي نتعلمها في الحياة‬ ‫من االسرة والمدرسة والجامعة والبيئة "الشارع" في الدول المتخلفة‪.‬‬ ‫الفص االيمن من الدماغ‪ ،‬وهو الفص العقالني‪ ،‬وهو مسئول على نوعين من‬ ‫المهام االستراتيجية‪ ،‬وهي التفكير والتحليل‪ ،‬ومهمة التفكير هي صناعة خيوط‬ ‫الرؤية‪ ،‬والتحليل هو تفاعلها مع الواقع بتفاصيله‪ ،‬فتتكون تصورات وابداعات‬ ‫في هذا الفص االيمن‪ ،‬ويحدث التغيير والتطوير من هذا الفص االيمن‪ ،‬فهو‬ ‫المسئول عن صنع القيادات العظيمة وهو من يخرج العلماء والعظماء‬ ‫والمصلحين‪ ،‬وهو من يميز االنسان وقيمته في الحياة عن غيره‪ .‬ولوالء االهتمام‬ ‫بهذا الجانب وبلو بقدر بسيط ال اصبح االنسان يعيش في مستوى درك الحيوان‪.‬‬ ‫وفي خالصة هذا االمر‪ ،‬يمكن ان نقسم عملية االهتمام بمكون الفص االيمن ‪،‬‬ ‫هي العملية التربوية االستراتيجية‪.‬‬ ‫وعملية االهتمام بمكون الفص االيسر‪ ،‬هي العملية التعليمية المنهجية‪.‬‬ ‫والعملية االستراتيجية هي عملية تكاملية وقيادية نسبية حسب حجم المهارات‬ ‫االربعة التي يتوالها دماغ االنسان‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫المهارات الدماغية االربعة‬ ‫فتكمن في دماغ االنسان آلية صنع اربع مهارات في تنسيق فيسيولوجي‬ ‫عضوي‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫المهارة االولى‪ :‬التفكير‬ ‫المهارة الثانية‪ :‬التحليل‬ ‫المهارة الثالثة‪ :‬التخطيط‬ ‫المهارة الرابعة‪ :‬التنفيذ‬

‫يتولى الفص االيمن من دماغ االنسان مهارات التفكير والتحليل‪.‬‬ ‫ويتولى الفص االيسر من دماغ االنسان مهارات التخطيط والتنفيذ‪.‬‬ ‫وتبدا عملية صنع االستراتيجيات عن طريق مرحلتين‪:‬‬ ‫المرحلة االولى التكوين المرجعي االستراتيجي‪:‬‬ ‫وهي مرحلة "المكون الدماغي المرجعي االستراتيجي"‪ ،‬وتشمل خطوتين‪:‬‬ ‫الخطوة االولى‪-‬المرجعية‪ :‬وهي اساس التكوين االستراتيجي‪ ،‬وبدونها ال يمكن‬ ‫تحقيق استراتيجيات اداء الصعود والشرعية والقوة والقيادات العظيمة‪ ،‬وانما‬ ‫تبعية وانحدار ومعاناة اجتماعية‪ ،‬وتختص هذه الخطوة بتنمية موهبة او المهارة‬ ‫االولى وهي عملية "التفكير" وتحويلها إلي مستوى التفكير االستراتيجي‪ .‬وبقية‬ ‫المهارات معتمدة فيسيولوجيا مع هذه المهارة‪.‬‬ ‫الخطوة الثانية‪-‬المرجعية‪ :‬وهي مرتبطة في الفص االيمن من الدماغ مع مهارة‬ ‫التفكير‪ ،‬ويتم من خاللها التدريب على كيفية رؤية قيم ومفاهيم واسس وغايات‬ ‫المرجعية وكيفية استخدامها في نقذ الواقع‪ ،‬ومحاولة خلق تصورات جديدة‬ ‫محسنة‪ ،‬وكيفية تتبع تطورات الواقع وما يخلقه من تحديات وكيفية تفاعل‬ ‫المرجعية العليا معها‪.‬‬ ‫في حقيقة االمر ادرك علمائنا وقادتنا االوائل هذه الحقيقية الفيسيولوجية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ولذلك نجدهم اهتموا بتحفيظ القران الكريم‪ ،‬لما وجدوا فيه نورانية وتحفيز‬ ‫عظيم‪ ،‬لهذا الفص االيمن المسئول عن مهارتين اساسيتين في صعود االمم‬ ‫ونموها ا وسعادتها‪.‬‬ ‫كما اهتم ميسوري الحال واالمراء واالغنياء بتوفير تعليم خاص‪ ،‬عن طريق‬ ‫عالم مؤدب‪ ،‬يقوم بتغذيتهم بكل تعاليم االدب وثقافات االمم واحداث التاريخ‪،‬‬ ‫على نحو قيادي استراتيجي يحفز لديهم المهارات االولى والثانية‪ ،‬من اجل ان‬ ‫تكون مستعدة لالنطالق االعظم مع الكبر‪ ،‬وتفادي ضمورها وهو الحادث مع‬ ‫االغلبية‪.‬‬ ‫فتكون خاليا الدماغ االستراتيجية نشطة بشكل واسع‪.‬‬ ‫ومن يبغي دليل‪ ،‬فلينظر إلي طريقة تربية طفال "االسكندر المقدوني" على يد‬ ‫"ارسطو" في القرن الرابع قبل الميالد‪ ،‬ولينظر ايضا إلي تربية طفال "دمحم‬ ‫الفاتح" على يد العالمة " الشيخ شهاب الدين" في القرن الخامس عشر‬ ‫الميالدي‪.‬‬ ‫وكل من القيادين غيرا مجرى التاريخ بعدهما لقرون طويلة‪ ،‬وإلي يومنا هذا‪.‬‬ ‫كما ان العامل الوراثي يصبح يلعب دورا مهما حيويا في صناعة الحضارات‬ ‫والتاريخ‪.‬‬ ‫‪ ‬حيث الذين يتم تربيتهم استراتيجيا بشكل عظيم وتظهر فيهم بوادر‬ ‫العظمة والقدرات االستراتيجية‪ ،‬يتوارث ابنائهم‪ ،‬خاليا دماغية‬ ‫استراتيجية نشطة‪ .‬يكن من السهولة تكوينها وتجديدها المعاصر‪ .‬فتراهم‬ ‫بسهولة لديهم قدرة تصور ما يجب ان يكون عليه الواقع افضل‪،‬‬ ‫ويهتمون دائما بتحسين الواقع‪ ،‬وينشدون تطبيق القيم واالخالق والتميز‬ ‫واالبداع‪ ،‬الن "المكون الدماغي االستراتيجي" لديهم موروث من ابائهم‬ ‫واجدادهم نشط وصالح وفعال منذ اجيال‪ .‬وعندما يكون مثل هؤالء هم‬ ‫االغلبية‪ ،‬يكون هذا مثال على احد اسباب صعود ونمو وحضارية الدول‬ ‫و المجتمعات‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي المقابل الذين يولدون من اباء مجرمين او فاسدين او جاهلين‪ ،‬هم‬ ‫عرضة اكثر من غيرهم ان يحملوا مثل هذه الجينات الدماغية الخاملة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فتراهم ليسوا بالسهولة ان يتصوروا ما يجب ان يكون عليه الواع‬ ‫افضل‪ ،‬وال يبالون‪ ،‬وال يهتمون بالقيم واالخالق والتميز واالبداع‪ ،‬الن‬ ‫"المكون الدماغي االستراتيجي" خامل او معطل او فسد منذ اجيال‪.‬‬ ‫وعندما يكون مثل هؤالء هم االغلبية‪ ،‬يكون هذا مثال على احد اسباب‬ ‫هبوط وانحدار وانحطاط الدول و المجتمعات‪.‬‬ ‫ولذلك الرسول "صلى" اوصى امته ‪ ،‬فقال تحسسوا لنطفكم فان العرق دساس‪.‬‬ ‫كما نجد في التاريخ االوربي كان التزاوج يتم بين االسر المتكافئة في عظمة‬ ‫القيادة االستراتيجية‪ ،‬من اجل ان يكون االبناء اوفر حظا في هذا المكون‬ ‫االستراتيجي‪.‬‬ ‫ولكي ال تعود اممهم للوراء وتحافظ على عروشها وسيادتها الدولية‪ ،‬وقدراتها‬ ‫التنافسية‪.‬‬ ‫اذا رقي المجتمعات والدول يبدا باالهتمام الواسع بهذا "المكون الدماغي‬ ‫االستراتيجي"‪.‬‬ ‫وان تكون االسر والمدارس كمسئولة بشكل دقيق‪ ،‬فهي مرحلة تربوية مكثفة‬ ‫هادفة‪ ،‬وليست مرحلة عامة تافهة ينتج من وراء جيوش مجهلة تعكر صفو‬ ‫وصعود الحياة الطبيعية‪.‬‬

‫مرحلة التكوين المنهجي االستراتيجي‬ ‫وهي مرحلة "المكون الدماغي المنهجي االستراتيجي"‪ ،‬وتشمل خطوتين‪:‬‬ ‫الخطوة االولى‪ -‬المنهجية التخطيطية ‪ :‬وهي اساس التكوين التخطيطي‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬وبدونها ال يمكن تطبيق االهداف االستراتيجية التي يضعها القادة‬ ‫االستراتيجيون‪ ،‬والبد من معرفة ان الفص االيسر من الدماغ يتم في اعاله هذه‬ ‫المهمة‪ ،‬وهي تحتاج إلي كسب مهارة منهجية معينة حسب مجال االستخدام‪،‬‬ ‫وطبيعة المهام الالزمة‪ ،‬ويحتاج من يتولون التخطيط االستراتيجي قدرا كافيا‬ ‫من تنمية "المكون الدماغي المرجعي االستراتيجي"‪ ،‬حيث في غيابه‪ ،‬او ضعفه‬ ‫ال يمكن لهم ان يؤدوا الكثير من خالل كسبهم للمعارف المنهجية الالزمة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫الخطوة الثانية ‪ -‬المنهجية التنفيذية ‪ :‬وهي اساس التكوين التنفيذي االستراتيجي‪،‬‬ ‫ايضا يحتاج اصحابها إلي قدرا مناسبا من تنمية "المكون الدماغي المرجعي‬ ‫االستراتيجي"‪ ،‬وبدون الحصول على قدر كافي من نمو المكون الدماغي‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬فانهم من الصعب عليهم‪ ،‬ان يصبحوا قادة تنفيذيون استراتيجيون‪.‬‬ ‫االن يلزمنا تفسير حالة واقعية نلمسها ونشاهدها في كل يوم وبشكل واسع‪،‬‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫جميع الناس يعمل لديهم الفص االيمن بشكل تلقائي وبشكل بدائي‪.‬‬ ‫فكل الناس تخطط وتنفذ وكال حسب تجاربه‪ ،‬والفرص التي يتعرض لها‪،‬‬ ‫ومتأثرا بما يسمع ويشاهد ومتبعا اقوال االخرين‪ ،‬وحسب الرؤية التي تنعكس‬ ‫من الواقع وتجارب االخرين‪ ،‬فهم يعملوا بشكل غريزي تفاعلي‪.‬‬ ‫فظاهرة التقليد امر طبيعي‪ ،‬ولكن من المهم معرفة اثر ذلك استراتيجيا‪ ،‬حيث‬ ‫يكون المجتمع في اتجاه االنحدار والضعف واالنحطاط فسوف يزداد سواء‪.‬‬ ‫وعندما يكون المجتمع في اتجاه الصعود والنمو والحضارة فسوف يزداد حسنا‬ ‫بسبب هذه الظاهرة الطبيعية اليومية‪.‬‬ ‫وبذلك حرص الدول في سياساتها والمجتمعات في ثقافاتها على اكتساب الجميع‬ ‫او االغلبية العظمى قدرا كبيرا وكافيا من نمو المكون الدماغي المرجعي‬ ‫االستراتيجي سوف يكون قوة‪-‬دافعة نحو صعود ونمو ونفوذ تلك الدول‬ ‫ومجتمعاتها‪.‬‬

‫التعريف الجامع لالستراتيجية‬ ‫وردت كثير من التعريفات االستراتيجية‪ ،‬وليس هناك تعريف واحد متفق عليه‪،‬‬ ‫وانما كلها اجتهادات‪ ،‬ودراسات لوقع الدول والحكومات والمؤسسات ‪ ،‬ومن‬ ‫حاالت صعود ضد هبوط‪ ،‬او تقدم ضد تخلف‪ ،‬او قوة ضد ضعف‪ ،‬او حضارة‬ ‫ضد انحطاط‪ ،‬او نصر ضد هزيمة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبالتالي اصبحت الصعود والتقدم والقوة ولحضارة والنصر هي اهداف‬ ‫استراتيجية عليا وحكومية أي توظيفية وتنافسية ‪ ،‬ومؤسسية أي تشغيلية‬ ‫وتطبيقية‪.‬‬ ‫ونجد ان افضل تعريف جامع لالستراتيجية هي‪:‬‬ ‫"المنطق الموحد والمسار المحدد والنمط المالئم والفعل الرابط في ظل تصور‬ ‫زمني منظور يحقق هدف استراتيجي"‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذا التعريف الشامل‪ ،‬يدرك المرء اهمية المرجعية العليا للشعوب‬ ‫ولحكومات‪.‬‬ ‫حيث هناك مصدرين للمرجعية العليا‪ ،‬ال ثالث لهما‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ االيديولوجيات الشاملة‬‫ االديان العامة‬‫والمبادي االمة والمصيرية‪،‬‬ ‫حيث كل مهما‪ ،‬يعبر عن مصدر اساس للقيم‬ ‫ْ‬ ‫واالنسانية والمعيشية‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫(‪)2‬‬

‫صناعة االسرتاتيجية‬ ‫القيم العامة – الرؤية‪ -‬المرجعية – االهداف – المنهجية‬ ‫ان اول واهم ما تبدا به الدول وتهتم به الشعوب هو مسئولية صنع االستراتيجية‬ ‫العليا‪.‬‬ ‫حيث بدون وجود استراتيجية عليا يصعب وقد يستحيل صنع االستراتيجية‬ ‫الحكومية والتنافسية والتوظيفية‪ ،‬وكذلك يكون من الصعب تحقيق الفعل‬ ‫االستراتيجي أي انعدام االستراتيجية التشغيلية‪.‬‬

‫(الركن االول)‬

‫منظومة القيم العامة‬ ‫ان القيم في مجموعها ورسخوها هي ما يؤثر في السلوك الفردي والسلوك العام‪.‬‬ ‫وهي مسالة تربوية جوهرية من اختصاص السياسات العامة‪ ،‬واالسرة‪،‬‬ ‫والمدرسة‪ ،‬واالعالم‪ ،‬و الوعي االجتماعي‪.‬‬ ‫حيث اذا سرى المنكر وساد الفساد يختفي المعروف ويصبح ال قيمة للمعرفة‪.‬‬ ‫فمحاربة المنكر واالمر بالمعروف هي اولى هذه القيم االجتماعية‪ ،‬ويجب ان‬ ‫تكون من صلب اهتمامات السياسات العامة‪ ،‬ومن مسئولية االسرة‪ ،‬وجوهر‬ ‫العملية التربوية المدرسية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فال يمكن ترسيخ أي منظومة القيم في المجتمعات بدون هذه الوسيلة "االمر‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر"‪.‬‬ ‫وستظل الشعوب متخلفة جاهلة متخلفة ضعيفة طالما انها ال تمارس وال تهتم وال‬ ‫تعرف قيمة هذه الوسيلة في بناء منظومة القيم العامة‪.‬‬ ‫القاعدة االستراتيجية تقول" ان القيم العامة هي االرضية الخصبة التي تنبت‬ ‫عليها االستراتيجية العليا من اجل صعود االمم وامنها العام التلقائي والمتنامي"‪.‬‬ ‫فما هي مكونات منظومة لقيم؟‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬هذه المكونات تحدد حسب درجة تشكل وعي الشعوب ودرجة‬ ‫وسعة تكوينها الحضاري‪.‬‬ ‫فهي مزيج من قيم مادية عملية معرفية وقيم انسانية اجتماعية معنوية‪.‬‬ ‫وهناك قيم اساسية اذا ما اختفت لحدهما تختفي بقية القيم االخرى‪ ،‬وهذه خاصية‬ ‫منظمة القيم‪ ،‬انها كالعقد منتظمة‪ ،‬اذا انفرط عقد القيم انفرطت كل القيم‪.‬‬ ‫ولذلك البد من عقد اجتماعي للقيم‪ ،‬يستكر من قبل المجتمع عامة من يخلف قيمة‬ ‫واحدة في أي ظرف وتحت أي ذريعة او مبرر‪ ،‬وبأمر بها في كل مجال وفعل‪.‬‬ ‫وتتشكل منظومة القيم التالية‪:‬‬ ‫ قيمة العدالة ‪ :‬البد ان تربى االفراد على هذه القيمة‪ ،‬وتحمل االسرة‬‫مسئولية زرعها‪ ،‬وتتولى العملية التعليمية االهتمام بمجاالت ونواحي‬ ‫تطبيقها‪ .‬حتى تكون العدالة قيمة عامة محبوبة‪ ،‬وتصبح الشعوب‬ ‫تستنكر أي مظلمة‪ ،‬ويتشكل رايها الموحد بسرعة وتلقائية‪ ،‬وتتخذ موقفا‬ ‫عاما مؤثرا‪ ،‬ويصبح للراي العام قوة عدلية‪ .‬تأسس عليه كافة النواحي‬ ‫العدلية القانونية والمادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫ قيمة الصدق ‪ :‬تعتبر المصداقية اساس سالمة تكوين العالقات‬‫االجتماعية‪ ،‬وهي اساس تكوين القادة‪ ،‬وهي اول معيار‪ ،‬يعرف من‬ ‫خالله مدى فائدة الشخص‪ ،‬فدرجة مصداقيته تدل على درجة كفاءته‪،‬‬ ‫وسالمته للمشاركة في أي عملية اجتماعية او وظيفيه‪ ،‬ولقد ادرك العالم‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫االوربي هذه القيمة في حياتهم‪ ،‬لذلك تجد يحتقرون من يكذب عليهم في‬ ‫العالقات معهم‪ ،‬او في بيتهم‪ ،‬او في أي معاملة معهم‪ - ،‬رغم انه لديهم‬ ‫ازدواجية المعيار‪ ، -‬وسوف نشير اليها في مدارس صنع‬ ‫االستراتيجيات‪ ،‬فالمصداقية هي جوهر العالقات والمعامالت الحسنة‪.‬‬ ‫قيمة االمانة ‪ :‬المصداقية واالمانة متالزمتان‪ ،‬غياب احدهما يضيع‬ ‫االخرى‪ ،‬واجتماعهما البد منه في االنسان السوي‪ ،‬والقائد الكفؤ‪ ،‬فال‬ ‫يمكن ان يكون الشخص وطنيا‪ ،‬قائدا مصلحا‪ ،‬ذو قيمة عليا ما لم يتميز‬ ‫عن عامة الناس بدرجة عالية من االمانة والصدق‪ ،‬وما ضياع‬ ‫الشعوب‪ ،‬واقاليمها‪ ،‬إال بسبب ضياع هذه القيمتان االساسيتان‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬عندما سئل القادة االوائل الذي حاربوا من اجل مكافحة‬ ‫احتالل فلسطين‪ ،‬قيل لهم كيف ضاعت منكم فلسطين فالوا بسبب‬ ‫"الخيانة"‪ .‬وهكذا دخلت الشعوب العربية فيما يعرف بـ"اللعبة الكبرى"‪،‬‬ ‫وهي استراتيجية ذات شقين‪ ،‬الشق االول لعبة تقسيم العالم العربي‪،‬‬ ‫والشق الثاني لعبة الخيانة العظمى‪.‬‬ ‫قيمة الطهارة‪ :‬وهي النظافة البدنية‪ ،‬الظاهرة والباطنة‪ ،‬وكذلك النظافة‬ ‫المكانية‪ ،‬فرغم بساطة هذه القيمة إال انها ذات جدوى استراتيجية‬ ‫واسعة‪ ،‬فالنظافة تؤثر على طبيعة السلوك العام ‪ ،‬وهي معيار‬ ‫حضاري‪ ،‬ويدل على جودة المعامالت والعالقات والخدمات‬ ‫والمنتجات‪ ..‬ولذلك نجد العبادات اهتمت بهذه الجانب خمس مرات في‬ ‫اليوم‪ ،‬فبدون طهارة شاملة ظاهرة وباطنة ومكانية وتفاعلية يصعب‬ ‫االداء الجيد‪.‬‬ ‫قيمة الوالء ‪ :‬يعني به ان يكون لدي الفرد نوعية والء معين نحو‬ ‫نوعية السلطات العامة التي تحكمه‪ ،‬وهذه يعني انه لربد ان يولد فيه‬ ‫كره االستبداد منذ نعومة اظافره‪ ،‬وان يولد فيه حب الحريات‬ ‫وضوابطها‪ ،‬واحترام الحقوق وقداستها‪ ،‬فالوالء هي عملية مركبة‬ ‫تصنع تربويا‪ ،‬لكي ال يجد االستبداد والقمع واقهر مكانه‪.‬‬ ‫قيمة االنتماء ‪ :‬لكي يتحقق الوالء لنوعية سلطة معينة حميدة‪ ،‬البد من‬ ‫تنمية قيمة االنتماء‪ ،‬وهذا يحتاج إلي تحديد المنهجية التي تصنع‬ ‫االنتماء‪ ،‬فعملية االنتماء هي مسالة فكرية‪ ،‬فالبد من تكوين مفاهيم‬ ‫ومبادي وقواعد تنطلق منها عملية بناء قيمة االنتماء‪ ،‬فاذا‬ ‫عامة‪ ،‬واسس‬ ‫ْ‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫تحقق االنتماء للعقيدة والوطن والمجتمع والهوية العامة تحقق الوالء‬ ‫والصدق واالمانة‪.‬‬ ‫ قيمة الوفاء ‪ :‬لقد عبر الفكر االنساني على ان للوفاء قوة تصنع تماسك‬‫معين وتدعم استمراريته‪ ،‬وكما قال "جاك رسو"‪ ،‬انه من المؤسف ان‬ ‫نجد االشرار لديهم درجة عالية من الوفاء فتجدهم متحدين متعاونين ‪..‬‬ ‫في حين تجد الخيار متفرقين ال يبالي بعضهم البعض‪ ..‬اذا الوفاء هو‬ ‫قيمة او سالح ذو حدين‪ ،‬يتخذه االشرار بحيث يحمي يعضهم البعض‬ ‫ويغطي بعضهم على بعض‪ ،‬ولكي تزداد مكاسبهم‪ ،‬وال يفضح جرائمهم‬ ‫ي‬ ‫وعيوبهم‪ ،‬ولكي ال يطالهم العقاب القانوني‪ ،‬وال يصلهم الخز ْ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬فهم اوفياء لكل من ينضم اليهم‪ ،‬ويكون مخلصا معهم‪،‬‬ ‫وهذه القيمة السلبية البد من محاربتها‪ ،‬والعلم بخطورتها‪ ،‬ومواجهتها‬ ‫بالوفاء االيجابي‪ ،‬وهو االحتفال وتكريم الذين تظهر فيهم منظومة القيم‬ ‫االجتماعية راسخة‪ ،‬وتكراراها سنويا‪ ،‬ولتكون عيدا اجتماعيا‪ ،‬ومحاربة‬ ‫اعياد واحتفاالت الفاسدين والعلم بطبيعتها‪ .‬فيهتم االشرار بأعياد الوفاء‬ ‫فيتم ذلك عبر اشكال احتفالية متعددة‪ ،‬تخفي من ورائها حقيقية وطبيعة‬ ‫ابتعادهم عن منظومة القيم‪ ،‬فهم يمارسون خالف القيم السابقة جميعها‬ ‫في استراتيجية فاسدة معينة‪.‬‬ ‫ قيمة االصالح‪ :‬بالطيع رسالة االنسان في ارض هي االصالح الذاتي‬‫واالصالح الكوني‪ ،‬ورسالة االصالح هذه هي ما يجلب السعادة العامة‪،‬‬ ‫والسلم االجتماعي‪ ،‬واالمن الحياتي‪ .‬وال تتحقق هذه القيمة بمفردها‪،‬‬ ‫فهي مرتبطة بالقيم السابقة‪ ،‬وهنا عندما نتحدث عن استراتيجية الفعل‪،‬‬ ‫نجد ان منظومة القيم هي الفعل الربط ‪،‬‬ ‫ومن االهمية بمكان ان تعرف ان هذه القيمة متربطة في عقد او هي حلقات‬ ‫سلسلة واحدة‪ ،‬اذا انفرطت او تفككت فقدت قيمتها‪ ،‬ويستحيل بعدها بناء‬ ‫االستراتيجيات‪.‬‬ ‫الن القيم هي "القوة الدافعة" نحو مواقع الصعود والتوسع والتفوق والتمييز‬ ‫واالعتزاز‪ ،‬وهي "القوة الرادعة" عن تحمل مواقع الذل العام والوضع العام‬ ‫المهين‪ ،‬والتخلف المشين‪ ،‬والتقهقر المعيب‪ ،‬والجهل المخيب‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ويكون تمساك المجتمعات وطبيعة نسيجها حسب رسوخ وسعة االيمان بهذه‬ ‫القيم وتطبيعها‪.‬‬ ‫وال يمكن تنمية الموارد البشرية وتكوين قادة ما لم تكون قد توفرت هذه‬ ‫المنظومة العامة بكاملها ‪ ،‬لكي تفرز المتميزين والقادرين والمؤهلين فعال‪.‬‬ ‫ولذلك قال الرسول (صلى) "كما تكونوا يولى عليكم"‪.‬‬ ‫فصع القادة والمسئولين هي عملية افراز من طبيعة المجتمع‪.‬‬ ‫وتبدا بعملية صنع القيم العامة وترسيخها وجعلها هي معيار السلوك العام‪،‬‬ ‫وتقييمه وتقويمه‪.‬‬ ‫العناصر الفرعية للقيم‪:‬‬ ‫ان وراء كل قيمة عامة عملية اجتماعية لتحقيقها‪.‬‬ ‫وكل قيمة هي عملية تفاعلية وممارسة مستمرة‪.‬‬ ‫وهي عقالنية وهي تعبر عن درجة من الصحوة المحققة‪.‬‬ ‫حيث تبدا عملية الصحوة بإحياء القيم وصنع منظمة القيم‪.‬‬ ‫وتختص العملية التربوية االستراتيجية بالبحث عن الناصر المكونة لكل قيمة‪،‬‬ ‫وتحديد كيفية ممارستها‪ ،‬وسبل تفعليها وفاعليتها‪.‬‬ ‫وفيما يلي‪ ،‬مثال‪ ،‬لبعض العناصر‪:‬‬ ‫ القيم هي تطبيقية وليست شعارات ‪ :‬من المعيب والخلل والتضليل الغير‬‫عالمة والقائد والمسئول بالمصلح وهو مفسد‪ ،‬و وصف الكاذب‬ ‫بالصادق‪ ،‬والمختلس باألمين‪ ،‬والمكان القذر بالنظيف‪ ،‬والرخيص‬ ‫بالثمين‪ ،‬وهذه شائعة‪ ،‬بكثرة‪ ،‬فمثال‪ ،‬نجد مؤسسة ترفع شعارنا الجودة‪،‬‬ ‫وليست لديها استراتيجية لجودة الخدمة او االنتاج‪ ،‬وكذلك المطاعم‬ ‫تضع اولوية اهتمامها النظافة الخارجية‪ ،‬في حين الطبخ والقائمين عليه‬ ‫ال تتوفر فيهم شروط النظافة‪ ،‬و وصف القاضي بالعادل وال يعيب عليه‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االرتشاء‪ ،‬اذا المقصود ان القيمة يجب تم تكون ملزمة ظاهرة على‬ ‫السلوك الفردي والتنظيمي‪ ،‬وان يكون عنصر التطبيق متوفر‬ ‫باستمرار‪.‬‬ ‫ القيمة هي الزامية‪ :‬البد من توفر عنصر االجتماعي وهو االمر بكل‬‫قيمة‪ ،‬والنهي عما يخالفها‪ .‬ويكون ذلك بيقظة وتفعيل عقالني متواصل‪،‬‬ ‫ولكي يتحقق ذلك البد من عنصر الثواب وعنصر العقاب‪ ،‬وهما‬ ‫مستويان‪ ،‬مستوى االجتماعي‪ ،‬والمستوى القانوني الرسمي‪ ،‬وله‬ ‫اجراءاته القانونية المتعارف عليها‪ ،‬وهي بالطبع اجراءات استراتيجية‬ ‫استخدامية‪ ،‬أي استراتيجية مجال العدالة‪ ،‬ولكن لن يكون لها قيمة ولن‬ ‫تتحقق هذه االستراتيجية االستخدامية‪ ،‬ما لم يكن هناك ثواب وعقاب‬ ‫اجتماعي‪ ،‬حيث يستنكر المجتمع وينبذ ويبتعد عن كل من يخالف هذه‬ ‫القيم‪ ،‬ويعده متدني وضار وال يجالس وال يوظف وال يعد له مكانة‬ ‫اجتماعية وقيمة انسانية حتى يبتعد عن مخالفة القيم‪ ،‬ويلتزم سلوكا بكل‬ ‫القيم االساسية التي تقوم عليها المصلحة العليا للبلد والمجتمع‪.‬‬ ‫ عنصر التماسك‪ :‬باعتبار كما ذكرنا ان هذه القيم تشكل عقد واحد‪ ،‬اذا‬‫انفرط ال يمكن ان تتماسك او ان يتم احدهما بمصداقية وفعالية‬ ‫واستمرارية‪ ،‬ويكون تطبيقها بمفردها من عمليات الزيف والرياء‬ ‫والتهرب‪ ،‬فمن يمسك عليه الكذب‪ ،‬فهو تلقائيا مفسد وغير مصلح‪ ،‬وهو‬ ‫خائن وغي امين‪ ،‬ال والء له وال انتماء عنده للخير‪ ،‬وال وفاء يرجى‬ ‫مه‪ ،‬وهكذا من يمسك عنه الفساد فهو تجتمع فيه مضادات القيم ‪ ،‬وبهذه‬ ‫الطريقة يمكن صنع معيار التطبيق ومعيار االلزام ومعيار التماسك‪.‬‬ ‫ عنصر المحاسبة‪ :‬وهناك نوعان من المحاسبة او المسألة وهي‬‫االجتماعية والرسمية‪ ،‬فالبد ان تكون للمجتمع محاسبة ذاتية اجتماعية‪،‬‬ ‫فال يتم تحقيق االنصاف وال الرضا وال يمكن تحقيق العناصر السابقة‬ ‫بدون تفعيل عنصر المحاسبة االجتماعية‪ ،‬وال يسقط بالقدم‪ ،‬حتى تعود‬ ‫الحقوق إلصحابها‪ ،‬وينال الجاني عقابه‪ ،‬ويتحصل المحسن والكفؤ عن‬ ‫ثوابه‪ .‬فاذا ضاع عنصر المحاسبة دخلت الدول والمجتمعات في دائرة‬ ‫الفساد‪ ،‬وهذه الدائرة مرتبطة بدائرة سفك الدماء‪ ،‬فيحارب الفساد المالي‬ ‫والسياسي واالقتصادي واالجتماعي ألنه حتما يؤدي غلي نشر جرائم‬ ‫اقتل ويستهين بالدماء والحرمات‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبالتالي لكي تبدا عملية صنع منظومة القيم‪ ،‬ولكي تنطلق الصحوة العامة‪،‬‬ ‫وتمهد االرضية لخصبة التي تزرع عليها االستراتيجيات البد من البدء‬ ‫بالمحاسبة‪.‬‬ ‫ان االهتمام بالمحاسبة ومتابعة المجرمين والفاسدين ونيل عقابهم بكل مصداقية‬ ‫وانصاف‪ ،‬وعدم افالت احدهم‪ ،‬سوف تحي النفس االجتماعية‪ ،‬وسوف تشعر‬ ‫الناس بقيمة المجتمعات االنسانية‪ ،‬وسوف تلمس المصداقية واالمانة واالنتماء‬ ‫والوالء واالصالح القيادي والعام‪ ،‬وسوف تنقاد نحو تبني منظومة القيم‪.‬‬ ‫فالمحاسبة الرسمية واالجتماعية المستمرة والتامة وبدون استثناء‪ ،‬وال تسقط‬ ‫بالتقادم‪ ،‬هي شرارة ايقاظ االمم واحياء ضمائرها‪ ،‬وهي عنصر عودتها للحياة‬ ‫االجتماعية الحضارية االنسانية‪.‬‬

‫(الركن الثاني)‬

‫الرؤية العامة‬ ‫تحدثنا فيما سبق ان على مستويات االستراتيجيات هي ثالثة‪ ،‬مرتبطة في عالقة‬ ‫ثالثية‪.‬‬ ‫ونحن هنا نتحدث عن الرية فيما يخص االستراتيجية العليا‪.‬‬ ‫إال انه من المهم ايضا ان نعرف حقيقة الرؤية من المنظور والحقيقة الطبيعية‬ ‫العامة‪ ،‬التي وهبها هللا لنا‪.‬‬ ‫إذا ما هي الرؤية؟‬ ‫مثال‪ ،‬عندما يصف لكل شخص عناوين معين تستهدفه‪ ،‬كعنوان محل تجاري‬ ‫ترغب في العمل به او تشتري منه سلعة‪ ،‬او عنوان جامعة تريد أن تتقدم‬ ‫للدراسة‪ ،‬او مصحة أو مدرسة‪ ،‬او مصلحة حكومية‪ ،‬فعندما يلك الشخص على‬ ‫عنوان مقرها‪ ،‬فإذا انت تعرف المكان الذي يقف فيه جيدا‪ ،‬وتعرف البيئة‬ ‫المحيطة‪ ،‬وهي الطرق والشوارع‪ ،‬إذا تلقائيا‪ ،‬تظهر صورة مقر العنوان الذي‬ ‫تطلبه‪ ،‬فترى الطرق الموصلة‪ ،‬والميادين التي سوف تدور عليها‪ ،‬وكما من‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫عالمة مرور توقف‪ ،‬وكم من الزمن الذي سوف تستغرقه‪ ،‬والتكلفة‪ ،‬وهل من‬ ‫الممكن أن تذهب االن وترجع في وقت قصير‪ ،‬وهل يلزم تدابير معينة؟‬ ‫نعم مجرد الذهاب من موقع حاضر إلي موقع اخر قريب مستهدف‪ ،‬رسم الدماغ‬ ‫بناء على خبرتك البيئية رؤية كاملة وخريطة الطرق للوصول للهدف‪.‬‬ ‫ولكن تصور انك ال تعرف المدينة‪ ،‬مثال‪ ،‬ال تعرف أين انت واقف االن!‪ ،‬فانت‬ ‫غريب زائر سائح بدون هدف ثابت‪ ،‬وال تعرف طرقات المدينة‪ ،‬فهما يصف لك‬ ‫ال يمكن لعقلك أن يصنع رؤية لهذا الهدف‪.‬‬ ‫و إنما تطلب منه كتابة العنوان وتستأجر من يقودك لموقع الهدف‪.‬‬ ‫فالذي ال يعرف تفاصيل الواقع وال يعرف كل حدوده وطرقه وموجوداته ‪،‬‬ ‫وليس له هدف محدد موقعه‪ ،‬ال يمكن ان يصنع رؤية أو حتى يفكر في‬ ‫استراتيجية‪.‬‬ ‫فعندما نتحدث عن صنع "الرؤية الخاصة باالستراتيجية العليا" فهي تتطلب ما‬ ‫يعرف أوال‪ ،‬بمنظومة القيم ‪ ، Value System‬وثانيا ما يعرف بفلسفة‬ ‫‪ ، History Philosophy‬وغيرها من المرجعيات التي تعرف‬ ‫التاريخ‬ ‫الذهن بحقيقة الواقع ماضيه وحاضره ومستقبله‪.‬‬ ‫فالروية تحتاج تحديد نقاط البداية والنهاية والمسار‪.‬‬ ‫وتقول ادبيات االستراتيجيات ان الرؤية هي مهمة القيادة العليا‪.‬‬ ‫وعلى القائد ان يحدد االتجاه الذي يبني صورة ذهنية للدولة او المنظمة والتي‬ ‫هي قابلة للتحقيق في زمن يمكن تقديره‪.‬‬ ‫فالرؤية هي محرك القادة العظام وبدونها ما كانت لتظهر حضارة وما كانت‬ ‫لتصنع دول وما كان االنسان ان يشعر بقيمة حياته المدنية واالنسانية‪.‬‬ ‫فاإلنسان العادي بسبب تربيته البسيطة يظل يعيش في مستوى الرؤى اليومية‪،‬‬ ‫ليس في ذهنه إال الطرقات والمحالت وكل المسلمات‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ولكن العظماء والقادة االستراتيجيون بسبب اهتماماتهم االكبر‪ ،‬وتشكل مفاهيم‬ ‫ومعلومات وتحديات وطموحات وقدرات متعددة‪ ،‬تتشكل بسببها مستوى أخر‬ ‫من الرؤى‪ ،‬يطلق عليها الرؤية االستراتيجية‪ ،‬فهي ابعادها الزمن الماضي‬ ‫والحاضر والمستقبل‪ ،‬وطرقاتها معرفة باألحداث والتحديات واالمكانات‬ ‫والمعلومات واالهتمامات و الوجبات والمخاطر‪ ،‬فهم صناع الحياة التي يعيش‬ ‫في شوارعها االخرين‪ ،‬وتحتاج منهم لرؤية يومية خاصة بهم‪.‬‬ ‫فالرؤية العليا هي ركن هام لبناء استراتيجيات تصعد باألمام وتسير بمنظماتها‬ ‫من موقع في واقع الحاضر الذي فرضه ماضي معين‪ ،‬إلي موقع اخر في واقع‬ ‫مستقبل قاد على أسس رؤية حاضرة‪.‬‬ ‫إذا الرؤية هي وسيلة استراتيجية لتحقيق االهداف‪.‬‬ ‫وال يمكن صنع استراتيجية بدون رؤية‪.‬‬

‫(الركن الثالث)‬

‫المرجعية العليا‬ ‫عندما نتحدث عن المرجعية العليا فنحن نتحدث عن صنع الستراتيجية العليا‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن المرجعية العلمية فنحن نتحدث عن مستوى االستراتيجية‬ ‫االدارية الموظفة حسب المجاالت التنافسية‪.‬‬ ‫وتؤثر المرجعية العليا في كافة مستويات االستراتيجية الثالثة‪.‬‬ ‫ويعتمد صنع االستراتيجية العليا على وجود منظومة القيم ‪Value System‬‬ ‫‪.‬‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬هذه مسألة مصيرية‪ ،‬ويجب على القادة والشعوب العربية ان‬ ‫تدركها جيدا‪.‬‬ ‫فقادة العالم في زماننا المعاصر‪ ،‬يرون أن العالم االنساني‪ ،‬مقسم إلي ثالثة‬ ‫منظومات قيم وثقافية رئيسة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫و وضعوا استراتيجية تعكس ان منظومة القيم االسالمية تتصادم مع منظومات‬ ‫القيم االخرى‪.‬‬ ‫وأن منظومة القيم‪ ،‬مثال لدي الصين وبعض من دول اسيا‪ ،‬هشة‪ ،‬ويمكن التأثير‬ ‫فيها‪ ،‬وليس من ورائها خطر الصراع‪-‬الصفري‪.‬‬ ‫و أن الدول التي حضارتها تأسست على نظام القيم المسيحي وتطوراته الغربية‪،‬‬ ‫يجب ان تكون صاحبة االستراتيجية العليا المسيطرة على العالم‪.‬‬ ‫بشي من التفصيل في فصل تكوين القيادية االستراتيجية‪.‬‬ ‫وسوف نشرح ذلك‬ ‫ْ‬ ‫ولكن ما يهمنا االن انه ال يمكن صنع استراتيجية مستقلة بدون االعتزاز والوعي‬ ‫والمسئولية والمصداقية واالهتمام الواسع والعام بالمرجعية التي تحدد الهوية‪.‬‬ ‫فالشعوب التي تعيش بدون مرجعية عليا هي شعوب تعيش بدون هوية حقيقة‪.‬‬ ‫فالشعوب بدون نظام قيم واسع راسخ هي شعوب تعيش في فوضى وتخبط‬ ‫واستعداد تام لالستعمار‪.‬‬ ‫فنظام القيم يصنع المرجعية العليا ‪ ،‬ومن ثم الرؤية‪ ،‬ومن ثم نحو بناء‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬

‫(الركن الرابع)‬

‫المنهجية العامة‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬العلم هو السبيل االمثل للمنهجية العامة‪.‬‬ ‫والتربية االستراتيجية هي االداة الفعالة ‪.‬‬ ‫هذا على مستوى العموم‪.‬‬ ‫ولكن على مستوى القادة‪ ،‬فهناك منهجيات خاصة لصنع االستراتيجيات‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ذكر منها‪ ،‬على سيبل المثال‪ ،‬احكام وقصص القران العظيم‪ ،‬ومنهاج السنة‪ ،‬أي‬ ‫السنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫فربما يقول قائل هذا للمسلمين‪ ،‬نقول قصص القران شملت جميع االنبياء‪،‬‬ ‫والسنة النبوية هي سيرة من ختم وجمع سلوك االنبياء جميعا‪ ،‬فهو مكلف برسالة‬ ‫االنبياء والرسل جميعهم وجامعة‪.‬‬ ‫أيضا‪ ،‬هناك "فلسفة التاريخ" ‪ ،‬وفلسفة الجغرافيا‪ ،‬أنظر كتاب االستراتيجية‬ ‫الدبلوماسية للمؤلف‪.‬‬

‫(الركن الخامس)‬

‫الهدف العام االستراتيجي‬ ‫يحدد الهدف الموقع الجديد والقيمة المضافة المطلوبة‪.‬‬ ‫وبدون هدف ال يمكن السير إلي االمام بشكل لع معنى ونتيجة‪.‬‬ ‫ويتسبب الهدف في رسم الرؤية بالدماغ‪.‬‬ ‫وتحدث تفاعلية معينة بين الرؤية واالهداف على قدر درجة التفكير‬ ‫االستراتيجي المكتسبة والعملية التحليلية‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬البد من النظر إلي الحياة بين الدول او المنظمات على انها عالقات‬ ‫صراع وتنافس وتدافع ومصالح مشتركة‪ ،‬ومؤثرات بيئية داخلية وخارجية‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫وهذه الحقيقة هي ما يؤثر في طبيعة صنع القرارات ونتائجها‪.‬‬ ‫وفي مجال االستراتيجية االدارية أي في المنظمات والمجاالت نقول تنافسية‪.‬‬ ‫وفي مجال االستراتيجية العليا نقول هي ذات طبيعية صراعية‪ ،‬ومصالح متعدةة‬ ‫مختلفة ومشتركة‪.‬‬ ‫ويلعب نظام القيم في حقيقة هذه الطبيعية الصراعية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فبدون قيم عليا من الصعب تصور امكانية صنع اهداف عليا‪ ،‬وبالتالي من‬ ‫الصعب تخيل امكانية صنع استراتيجية قوية وفعلية‪.‬‬ ‫حيث الصراع يتطلب االيمان بقضايا جوهرية ومصيرية وعلى وعي عام وتام‬ ‫وعلى علم كافي‪.‬‬ ‫فالصراع تحفزه المظالم او العدالة‪ ،‬والحق والباطل‪ ،‬االستغالل او مصالح‬ ‫مشتركة‪ ،‬حق التدخل او حقيقة االستقالل ‪ ،‬الحريات او القمع‪.‬‬ ‫فما تراه دول ظلم تراه االخرى عدالة‪ ،‬وما يراه البعض حق يراه االخرين‬ ‫باطل‪ ،‬و هكذا ما يجده طرف انه استغالل يجده االخر مصالح مشتركة‪ ،‬وما‬ ‫يراه طرف انه تدخل في شئونها يراه الطرف االخر هذا ال يضر باستقاللها‪ ،‬وما‬ ‫يراه طرفا قمعا للحريات يراه االخر ضرورة لحرية اوسع وهدف اسمى‪.‬‬ ‫وهكذا فأفكار البشرية في حالة صراع دائم‪ ،‬كما قال (جورج ويلهام فريدريك‬ ‫هيجل ‪1771‬و‪ ،)1381-‬تأتي الفكرة الرئيسة وتسيطر خالل عصر زمني‬ ‫معين‪ ،‬وبطبيعته البشيرة فهي دائما ناقصة‪ ،‬فتنتج افكار اخرى نقيضة على‬ ‫أساس النقص‪ ،‬وتتراكم االفكار النفيضة‪ ،‬حتى تتصارع مع الفكرة الرئيسة‪،‬‬ ‫وتنتج فكرة رئيسة جديدة لعصر جديد‪.‬‬ ‫إذا في مجال الدول و السياسات ان الهدف له حقيقة فكرية‪ ،‬و طبيعة مستقبلية‪،‬‬ ‫والدول والشعوب التي ال تصنع مثل هذه االهداف فهي شعوب جامدة‪ ،‬ال قيمة‬ ‫لها مستقبلية أو حاضرة‪.‬‬ ‫واهداف الدول ومصير الشعوب يحتاج إلي صنع استراتيجية عليا دائمة‬ ‫وديناميكية‪.‬‬ ‫وكل مكونات االستراتيجية تلعب معا من اجل تحقيق االهداف المحددة‪ ،‬في ظل‬ ‫خطة معينة تنسق الجهود والتعاون واالتصاالت والمواقع‪ ،‬والطرق الدفاعية‬ ‫والهجومية‪ ،‬في كل مرحلة زمنية معينة‪ ،‬ومع مواجهة كل خصم‪.‬‬ ‫فكما قلنا ان الصراع هو ظاهرة تاريخية وانسانية طبيعية يجب التعامل معها‬ ‫بواقعية واستمرارية استراتيجية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫للقاري تصور هذه الحقيقية الطبيعية‪.‬‬ ‫ولكب نسهل‬ ‫ْ‬ ‫نجد ان فريق اللعبة الرياضية‪ ،‬يخرج للميدان مقابل خصمه في عدد معين‪،‬‬ ‫التحرك من مواقع معينة‪ ،‬جزء منها دفاعي واالخر هجومي‪ ،‬واطراف في‬ ‫الوسط‪ ،‬تنسق جهودها في ظل خطة عمل معينة‪ ،‬يعرفون طبيعة االهداف‪،‬‬ ‫يعرفون ضعف وقوة خصمهم‪ ،‬يدركون ادنى تخاذل تحدث خسارتهم امام كل‬ ‫المشاهدين‪ ،‬ويدركون مع استمرارية هزائمهم يصيحون ال قيمة لها على‬ ‫الساحة‪ ،‬ويطلبون الهبوط إلي درجة ادنى‪.‬‬ ‫وكلما هبطوا اصبحت قيمة الفرد تقل‪ ،‬حتى يصبحوا ال قيمة استراتيجية لهم‬ ‫على الصعيد المذكور‪.‬‬ ‫وهكذا الشعوب يمكن ان تصبح ال قيمة لهم على ساحة الصرعات الدولية‪.‬‬ ‫فهبوط االمم والدول هو مأساة عظمى‪.‬‬ ‫فعدم القدرة على صنع اهداف عامة موحدة ومتفق عليها الجميع‪ ،‬واستعدادهم‬ ‫لكسب المهارات الالزمة‪ ،‬و مقابلة خصومهم بحماسية وعزيمة وقوة‪ ،‬و وعيهم‬ ‫بتقديم افضلهم‪ ،‬هي معالم طريق التراجع للخلف وربما انقراض لنوعية بشرية‬ ‫معينة‪.‬‬ ‫وبقى االن نقطة هامة‪ ،‬وهي منهجية صنع االهداف‪.‬‬ ‫ايضا صنع االهداف ال يأتي بمجرد الكالم او الكتابة على الورق وكفى‪.‬‬ ‫بل هناك اساليب عديدة واعتبارات كثيرة ونواحي فنية دقيقة‪.‬‬ ‫ونكتفي هنا‪ ،‬وعلى سيبل المثال‪ ،‬ذكر االساليب التالية‪:‬‬ ‫‪Specific‬‬‫‪ ‬اسلوب ‪ : SMART‬وهو اختصار للتركيبة (‬ ‫‪Measurable-Achievable-Resources Bond- Time Bond‬‬ ‫)‪ ،‬وهي تعني (‪ )1‬يجب ان يكون الهدف محدد الموضوع ومحدد‬ ‫المجال‪ )2( ،‬يجب ان يكون قابل للقياس أي تحديد نقطة الوصول‪)8( ،‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫يجب ان يكون قابل للتحقيق‪ )4( ،‬ويمكن تحقيقه في ظل الموارد‬ ‫مخصصة ‪ )5( ،‬وفي ظل اطار زمني محدد مخصص‪.‬‬ ‫‪ ‬اسلوب ‪ : BSC‬وهو اختصار للتركيبة (‪Balance Score Card‬‬ ‫) ‪ ،‬وهو يعني تقسيم العمل الالزم لتحقيق الفعل إلي اربعة مستويات‪،‬‬ ‫وقياس نتائج كل مستوى للصعود للمستوى التالي‪ ،‬واالربعة مستويات‬ ‫هي "مستوى مهارات العاملين‪ ،‬مستوى عمليات العمل الداخلي‪،‬‬ ‫مستوى الجمهور‪ ،‬مستوى العائد الشكلي والمالي‪ .‬وبالتالي صناعة‬ ‫الهدف تتطلب التحليل االستراتيجي الالزم على مستوى هذه المستويات‬ ‫االربعة المتداخلة والتي يؤثر بعضها على البعض‪ ،‬فصناعة الهدف‬ ‫تحتاج إلي أرضية يقوم عليها‪ .‬فمثال‪ ،‬على مستوى العاملين تحتاج إلي‬ ‫التعلم وتنمية المهارات الخاصة بتحقيق الهدف‪ ،‬وعلى مستوى عمليات‬ ‫العمل يلزم تحديد المدة والجودة النهائية ‪ ،‬وعلى مستوى الجمهور يلزم‬ ‫انجاز الهدف في وقته وبالجودة والثمن الذي يكسب والء الجمهور‪،‬‬ ‫وعلى مستوى العائد البد من تحقيق تطور في السمعة والمال من اجل‬ ‫الدوران‪ .‬وهذا االسلوب مناسب لالستراتيجية التنافسية اكثر‪.‬‬ ‫( ‪Goals-‬‬ ‫‪ ‬اسلوب ‪ : GOSARI‬وهو اختصار للتركيبة‬ ‫‪Objectives-Strategy-Activities-Resources‬‬‫‪ ،)Information‬التميز بين الهدف العام واالهداف المحددة‪ ،‬فالهدف‬ ‫العام قد يحتاج ألكثر من هدف محدد للوصول إليه‪ ،‬وقد يحتاج هدف او‬ ‫اكثر الستراتيجيات مختلفة‪ ،‬وكل هدف له انشطة معينة‪ ،‬وكل هدف‬ ‫يحتاج إلي موارد معينة‪ ،‬والمعلومات الخاصة بكل هدف‪ .‬إذا التحليل‬ ‫االستراتيجي هو مسألة جوهرية في صناعة االهداف االستراتيجية‪.‬‬ ‫وخالصة القول بانه من خالل الرؤية تبدا عملية رسم صور االهداف الممكن‬ ‫تحقيقها النهائية والجانبية التي تلزم خالل مرحلة االستراتيجية‪ .‬وعملية‬ ‫المشاركة هنا الزمة مع االجهزة التي سوف تقوم بالعمل‪ ،‬وقد ذكرنا المستويات‬ ‫االربعة في نظام ‪ ،BSC‬وذكرنا النواحي الستة في نظام ‪ ، GOSARI‬وقد‬ ‫ذكرنا المعايير الخمسة في نظام ‪. SMART‬‬ ‫كما انه هناك اعتبارات ثالثة أخرى جوهرية في صناعة االهداف‪ ،‬وهي‪)1( :‬‬ ‫بوصلة قياس مستويات مطالب الجمهور وتحديد باستمرار ما هو من‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫الضروريات العاجلة‪ ،‬وما هو من الحاجيات االساسية‪ ،‬وما هو من التحسينات‪،‬‬ ‫(‪ )2‬تحديد المدى الزمني بدقة‪ ،‬فعناك الخطة قصيرة المدى وهي ثالثة سنوات‬ ‫االولى‪ ،‬خطة متوسطة المدى ثالثة سنوات التالية‪ ،‬خطة طويلة المدى ثالثة‬ ‫سنوات الثالثة‪ )8( .‬معيار التكلفة‪ ،‬تقسم حسب المراحل الزمنية وحسب كافة‬ ‫العمليات الالزمة‪.‬‬ ‫إذا عندما يكون الهدف استراتيجي يكون ورائه تحليل استراتيجي وتخطيط‬ ‫استراتيجي دقيق وشامل‪.‬‬ ‫وقد تميزت الصين في هذه الناحية‪ ،‬ولقد الحظت الدول الغربية مشقة التفاوض‬ ‫مع الصين‪ ،‬وكثرة التفاصيل‪ ،‬والمدة الزمنية والجهود المستغرقة‪ ،‬واللجان الفنية‬ ‫التي تنشئها الصين بشأن كل تفصيل‪ ،‬ولكل عندما تتخذ القرار االستراتيجي‬ ‫يالحظ انها اخذت في االعتبار‪ ،‬وتبدأ عملية التنفيذ بشكل استراتيجي مميز‪.‬‬ ‫وهذا خالف دول التخلف التي تمتاز بأخذ القرارات ثم تبدأ في عملية التفكير في‬ ‫كيفية التنفيذ‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫(‪)3‬‬

‫املدارس االسرتاتيجية‬ ‫التصميم ‪ -‬التخطيط ‪ -‬التموقع ‪ -‬القائد الملهم ‪ -‬االدراكية ‪ -‬المدرسة‬ ‫ المناخ ‪ -‬التشكل‬‫التعليمية ‪ -‬القوة ‪ -‬المدخل الثقافي‬ ‫نستهدف من خالل هذا الفصل التوضيح بمدى اهتمام البشرية والعلماء‬ ‫والعظماء باالستراتيجية‪ ،‬حيث تعددت المدارس مما يدل على سعة االفكار‪،‬‬ ‫وكثرة تولديها‪ ،‬وسعة مجاالتها‪ ،‬واحتماالتها‪ ،‬وابعادها‪ ،‬واهدافها‪..‬‬ ‫أين العرب من كل هذا ال ادري‪..‬‬ ‫لماذا ال نتنج شيء فكري للبشرية‪ ..‬لماذا نقف رغم عدد الشهادات االكاديمية‪،‬‬ ‫التي تفوق التعداد السكاني في الدول الضعيفة‪..‬‬ ‫السبب هو؟ التخلي عن المرجعية العليا‪ ..‬السبب هو فقدان مصدر عقالني غني‬ ‫يغذي الدماغ‪ ..‬السبب هو الروح اإلنسانية لم تكتمل المعرفة المصيرية‪.‬‬ ‫ننصح بدراسة المراجع المذكورة من اجل تعلم هذه المدارس بشكل اكثر‪ ،‬ألنني‪،‬‬ ‫اقتبستها من المراجع‪ ،‬فقك لغرض توضيح‪ ،‬هدف الكتاب‪ ،‬وهو يعرض هدفين‬ ‫بسيطين ال غير‪ ،‬وهما (المرجعية والمنهجية)‪ ،‬و(المدرسة االخالقية)‪.‬‬ ‫حيث من خالل المراجع المذكور‪ ،‬نستعرض في هذا الفصل اسس المدارس‬ ‫االستراتيجية العشرة االكاديمية‪.‬‬ ‫كما نستعرض المدرسة االخالقية وهي من نتاج هذا الكتاب‪.‬‬ ‫ونناقش المدارس االستراتيجية من المنظور العام‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫حيث ان مادة العلوم االستراتيجية الزالت في مراحلها المبكرة‪ ،‬ورغم اهمية‬ ‫وحصيلة ما تم نتاجه‪ ،‬أال انها لم تكتمل بعد بشكلها النهائي‪ ،‬والزالت في طور‬ ‫االجتهادات والتكوينات االساسية‪ ،‬و منهاجيتها تتشكل بمرونة‪ ،‬وبما يمكن‬ ‫تدريسها على نحو مقنع ويمكن ان يتفق ويتعارف عليه‪ ،‬ألن قيمة االستراتيجية‬ ‫تقدر بنتائجها ومعانيها واهدافها واالصرار على تفادي الخسائر وإحراز النجاح‬ ‫للجميع‪.‬‬

‫‪-‬أ‪-‬‬

‫المدارس االستراتيجية العشرة‬ ‫(من المنظور االكاديمي)‬ ‫الزالت المدارس والدراسات تتفاوت في نظرتها لمواضيع االستراتيجية‪،‬‬ ‫ومازال مجال االستراتيجية في مراحل التطوير واالستكمال‪.‬‬ ‫فالمدرسة توفر االسس التي ترشد وتيسر عملية صنع االستراتيجيات وتطبيقها‪.‬‬ ‫فعملية صناعة االستراتيجيات قد تأخذ أي مسار لعملها‪ ،‬مثل المسار التصوري‬ ‫في مدرسة التصميم‪ ،‬او المسار التخيط الرسمي‪ ،‬او مسار التحليلي المنهجي‬ ‫المنظم‪ ،‬او مسار القيادة الملهمة‪ ،‬او مسار التعلم التشاركي‪ ،‬او العملية التنافسية‪،‬‬ ‫او التركيز على الوعي الفردي‪ ،‬او االستجابة البسيطة لمتغيرات البيئة ‪ ،‬واكن‬ ‫منها وقته الزمني وسياقة الظرفي‪.‬‬ ‫فالمدرسة االستراتيجية تتعامل مع واقع معين وتهدف لتحقيق قيمة مضافة‪،‬‬ ‫وربما تهدف ايضا في ظل تصوره وتحوله إلي واقع جديد‪.‬‬ ‫وتذكر االدبيات االستراتيجية مجموعة من المدارس‪ ،‬من اهمها‪:‬‬ ‫‪ ‬مدرسة التصميم‬ ‫‪ ‬مدرسة التخطيط‬ ‫‪ ‬مدرسة الموقع‬

‫‪Design School‬‬ ‫‪Planning School‬‬ ‫‪Positioning School‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫مدرسة القائد الملهم‬ ‫مدرسة االدراكية‬ ‫مدرسة المدرسة التعليمية‬ ‫مدرسة القوة‬ ‫مدرسة المدخل الثقافي‬ ‫مدرسة المناخ‬ ‫مدرسة التشكل‬

‫‪Entrepreneurial School‬‬ ‫‪Cognitive School‬‬ ‫‪Learning School‬‬ ‫‪Power School‬‬ ‫‪Cultural School‬‬ ‫‪Environment School‬‬ ‫‪Configuration School‬‬

‫ويقول المنظر الصيني سان تسو " ان االستراتيجيات األصيلة اثنان ال غير‪،‬‬ ‫هما استراتيجية الهجوم المباشر واستراتيجية الهجوم الغير مباشر"‪.‬‬ ‫واستراتيجية الهجوم المباشر عندما يدخل خصمان او متنافسان في معركة‬ ‫محددة الهدف والساحة والوقت‪ ،‬ويعمل كل منهما على المواجهة وتحقيق‬ ‫االنتصار المباشر‪.‬‬ ‫االستراتيجية الغير مباشر عندما يقوم الخصمان باستهداف مرتكزات بعضهما‪،‬‬ ‫التغطية القانونية والشرعية وزيادة تكلفته وتقليص عائدته‪ ،‬واغالق الفرص‪،‬‬ ‫ومحاربة تحصينات بعضمهما سواء كانت القانونية والميدانية والبشرية او‬ ‫عسكرية‪ ،‬ويحاول كل منهما اضعاف االخر‪ ،‬وفي نفس الوقت يعمل على زيادة‬ ‫قوته عليه‪ ..‬بمعنى يصارع كل منهما االخر بدون الدخول في حرب مباشرة‪.‬‬ ‫إال اننا نستخلص في الكتاب ومن اجل صعود االمم وحماية مصيرها‪ ،‬ومن اجل‬ ‫زيادة ادراكها وفهمها لما يدور حولها وما ينتظرها من مخاطر‪ ،‬و ما يجب‬ ‫عليها فعله؟ وكيف تفعله استراتيجيا؟‬ ‫فأننا نقسم المدارس االستراتيجية المتعلقة بالمصلحة العليا للشعوب والدول ‪،‬‬ ‫إلي مدرستين ال ثالث لهما على الساحة الدولية‪ ،‬واما بقية المدارس فهي أساليب‬ ‫متعلقة باالستراتيجيات على مستوى المجاالت‪ ،‬أي ما نسميها االستراتيجيات‬ ‫التنافسية او االدارية او التوظيفية‪.‬‬ ‫والمدرسة األصيلة التي يعرضها الكتاب هي "المدرسة االخالقية‬ ‫‪." School‬‬

‫‪Ethical‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وهناك المدرسة الثانية وهي مدرسة القوة ‪ ، Power School‬وهي مدرسة‬ ‫مضادة للمدرسة االخالقية‪.‬‬ ‫وتحقق مدرسة القوة الفوز العالمي‪ ،‬واالنتصارات المتتالية منذ قرون‪ ،‬وتهيمن‬ ‫وتسيطر على الشئون الدولية والفكرية‪.‬‬ ‫وسوف نسترض المنحنيات واألسس والمفاهيم المتعلقة بهتين المدرستين‪ ،‬التي‬ ‫ينبغي للشعوب معرفتهما‪ ،‬وخاصة العرب فال سبل امامهما للنصر إال عبر‬ ‫قواعد وأسس ومفاهيم المدرسة االخالقية واالستفادة من قوتها الكبرى التي ال‬ ‫تقهر‪ ،‬التي توهب الحياة الكريمة والتماسك والصالبة والتفوق واالنتصار‪.‬‬

‫اوال‪ ،‬مدرسة التصميم‬ ‫جوهرها التعامل مع معطيات الواقع‪.‬‬ ‫وهي تعتمد على التركيز على التوفيق بين القدرات الداخلية والفرص الخارجية‬ ‫المتوفرة‪.‬‬ ‫ونموذجها األساسي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫عملية التقويم الداخلي‪ :‬بما يحدد عوامل القوة والضعف‪ ،‬وتحديد قدرات‬ ‫و ميزات البيئة الداخلية الكلية‪ ،‬وتحديد القيم االدارية‪.‬‬ ‫عملية التقويم الخارجي‪ :‬بما يحدد الفرص واالخطار الخارجية‪،‬‬ ‫وعوامل النجاح الحاسمة المتوفرة‪ ،‬وبما هي المسئوليات االجتماعية‪.‬‬ ‫عملية صنع االستراتيجية‪ :‬تستخدم نتائج التقويم الداخلي والخارجي‬ ‫كمدخالت ‪ ،‬حيث معالجتها تحدد ما يمكن وضعه من اهداف ممكن‬ ‫تحقيقها‪ ،‬وتحدد المنطق والمسار و الفعل المميز الرابط‪.‬‬ ‫عملية التطبيق‪ :‬وهي التعامل مع الواقع‪.‬‬

‫افتراضيات المدرسة‪:‬‬ ‫‪ ‬عملية صنع االستراتيجيات يتم على اساس الوعي التام وعبر منهجية‬ ‫محددة‪ ،‬وال مجال للحدس أو العمل التجريبي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫مسئولية صنع االستراتيجيات وتنفيذها يقع على عاتق القيادات العليا‪،‬‬ ‫أي سلطات أعلى الهرم‪.‬‬ ‫استخدام النموذج المبسط لصنع االستراتيجية‪ ،‬وأن تكون في منتهى‬ ‫الوضوح والبساطة‪ ،‬بحيث يفهمها كل من هو معني بها‪.‬‬ ‫االستراتيجية المصنوعة يجيب ان تكون محددة أي تخص منظمة أو‬ ‫مجال أو مهمة بعينها‪ ،‬لتكون مناسبة‪ ،‬وما يصلح لجهة ليس هو نموذج‬ ‫خاص بأخرى‪.‬‬ ‫مرحلة التصميم تنتهي بمجرد ان تكتمل الصورة‪ ،‬وليس هناك ألي‬ ‫مجال للتحسين الالحق‪ ..‬فإذا توفرت المواصفات والصورة الكاملة‪،‬‬ ‫والوضوح والبساطة‪ ،‬عندها يبدأ التطبيق‪.‬‬

‫مقومات النجاح‪:‬‬ ‫أن يكون الواقع المعالج يتسم بالبساطة‪ ،‬بحيث يمكن التعامل معه بعقل واحد‪،‬‬ ‫معايشة صانع االستراتيجية لظروف الواقع الداخلي والخارجي‪ ،‬بقاء الواقع‬ ‫الخارجي والداخلي كما هو في المدة المتوقعة‪ ،‬قدرة المنظمة على استيعاب‬ ‫وتنفيذ التوجيهات العليا المتعلقة بتطبيق االستراتيجية‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬مدرسة التخطيط‬ ‫قدمها "جورج شتاينر" في كتابه التخطيط االستراتيجي‪.‬‬ ‫وجوهرها التعامل مع المستقبل‪.‬‬ ‫يحدد الهدف المستقبلي ثم توضع الخطوات للوصول إليه‪.‬‬ ‫ويشمل النموذج العام مرحلة المقدماتـ‪ ،‬مرحلة التكوين‪ ،‬مرحلة التطبيق و‬ ‫المراجعة‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫ مرحلة مقدمات التخطيط ‪ :‬تشمل جرد عام حول متطلبات االدارة العليا‪،‬‬‫معلومات عن وضع االداء‪ ،‬معلومات عن البيئة الداخلية القوة والضعف‬ ‫والبيئة الخارجية المخاطر والفرص‪ ،‬راجع نموذج ‪.SWOT‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ مرحلة تكوين التخطيط‪ :‬بناء على المقدمات توضع االستراتيجية‬‫الرئيسية‪ ،‬وتتمثل في تحديد "‪ -1‬المهمات الرئيسية‪ -2 -‬الغرض من‬ ‫الوجود‪ -8 -‬االهداف‪ -4 -‬السياسات"‪.‬‬ ‫ مرحلة التطبيق والمراجعة‪ :‬يشمل التخطيط لكل العمليات االدارية ‪،‬‬‫راجع نموذج ‪ ،S7‬والمراجعة تقويم االداء والنتائج‪ ،‬وتصحيح‬ ‫االستراتيجية القائمة إلي استراتيجية ناشئة مع المحافظة على المسار‪.‬‬ ‫فرضيات مدرسة التخطيط‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االستراتيجيات هي نتاج عمل مقصود ومنهجية وخطوات وقوائم‬ ‫وتكتيكات مقننة و متميزة‪.‬‬ ‫المدير التنفيذي هو المسئول االعلى عن تنفيذ الخطة‪ ،‬ويقع على‬ ‫المخططون العمل المنهجي‪.‬‬ ‫االهداف محددة وكل ما يحتاج التطبيق من موازنات وبرامج وخطط‪.‬‬ ‫عمل النتائج محددة وهي مسئولية المدير خطوات مقننة‬

‫وشهدت مدرسة التخطيط تطورات حديثة‪ ،‬شملت‪:‬‬ ‫ االستعداد للتطورات المستقبلية والمتغيرات وذلك بإعداد اكثر من‬‫سناريو لتوفير مسألة التعامل مع البدائل والترجيحات‪.‬‬ ‫ التحكم االستراتيجي في ثبات مسار االستراتيجية وعدم انحرافه عند‬‫وضع "االستراتيجية الناشئة"‪ ،‬نتيجة التطورات والمتغيرات وضعف‬ ‫بعض التقديرات والمعلومات البيئية السابقة‪ ،‬ويعتمد التحكم‬ ‫االستراتيجي على اربعة روافع وهي " (‪ )1‬رافعة القيم العليا وهي‬ ‫تشمل تفعيل المعتقد والغرض واالتجاه الرئيس‪ )2( ،‬رافعة التمسك‬ ‫بحدود واطار العمل األساسي‪ )8( ،‬رافعة التشخيص المرتكز على نظام‬ ‫التغذية العكسية‪ )4( ،‬رافعة نظام التحكم في التفاعالت الداخلية"‪.‬‬ ‫مقومات النجاح‬ ‫وحسب تقديري‪ ،‬وبناء على طرح من عيوب ‪ ،‬وخاصة ما عرضه ‪Wilson‬‬ ‫‪ ،1994: 13‬حسب ما جاء في كتاب (التفكير االستراتيجي‪.)271 :2115 ،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫فاعلية المدير التنفيذي في وضع الخطة ويكون متفاعال في مسألة‬ ‫التخطيط والتطبيق‪.‬‬ ‫تبسيط النموذج المعقد ليكون واضح لجميع المعنين ‪ ،‬والفصل التام‬ ‫الدقيق بين عمليات التفكير والتحليل وتفادي التداخل‪.‬‬ ‫جعل استراتيجية البرنامج ‪ program strategy‬مرتكزة على العمل‬ ‫االساسي وعدم وضع اهداف ونوايا كبيرة وبعيدة‪.‬‬ ‫الحرص على مشاركة جميع القيادات االدارية المعنية‪ ،‬وعدم العمل‬ ‫بعلوية جهاز التخطيط‪ ،‬فهذا محفز ومنشط لألداء التفصيلي‪.‬‬ ‫عدم اهمال ثقافة المنظمة‪ ،‬وحقيقة حالتها التنظيمية‪.‬‬ ‫جعل توفر اكثر من سيناريو عمال اساسيا وليس عمل استثنائي‪.‬‬ ‫المحافظة على المسار الواحد‪ ،‬حيث تغيير المسار‪ ،‬هو انكسار‬ ‫لالستراتيجية االساسية‪.‬‬ ‫وضع التقديرات والتدابير الالزمة بشأن ان المستقبل متغير وليس ثابت‬ ‫كما تم تصوره عند ضوع الرؤية‪.‬‬ ‫مشاركة المستويات االدارية العليا واالدارية والتشغيلية في عمليات‬ ‫التخطيط والتنفيذ والتغذية الرجعية‪ ،‬فمسألة االنفصال هي مغالطة تجعل‬ ‫نجاح االستراتيجيات غير مؤكد وصعب‪ ..‬حيث الصناعة تعتمد على‬ ‫جمع المعلومات في البيئة الداخلية وهو امر أساسي‪ ،‬ولكن االهم هو من‬ ‫سوف يصدر التعليمات ومن هو سوف ينفذ فعال‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مدرسة التموقع‬ ‫تركز على ماهية االستراتيجية في حد ذاتها وليس على العمليات التي تستخرج‬ ‫منها االستراتيجيات التخطيطية‪ ،‬واكثر انفتاحا من المنهجيتين السابقتين التصميم‬ ‫او التخطيط‪.‬‬ ‫ومرت بالتطورات التالية‪:‬‬ ‫ مرحلة الخبرة العسكرية‪ ،‬وتمثلها كتابات ( ‪ ) Sun Tzu‬وكتابات‬‫)‪ .)Clausewitz‬وتحدد ان جوهر االستراتيجية العسكرية ثالث " (‪)1‬‬ ‫الهجوم ‪ )2( ،‬والدفاع ‪ )8( ،‬والمناورة" وتوضع قواعد ضابطة لهذه‬ ‫العمليات‪ ،‬مثال‪" ،‬االستعالم‪ -‬توفر االسلحة‪ -‬اإلمداد‪ -‬واالتصاالت"‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبالمزج بين الثالث يمكن صناعة االستراتيجية المناسبة تحت أي‬ ‫ظرف‪.‬‬ ‫ مرحلة ادارة االعمال‪ ،‬وقدم نموذجها (برين كوين) ‪ ،‬حيث يقول ان‬‫"(‪ )1‬االستراتيجية الفعالة تبنى حول مفاهيم ومبادرات مفتاحية قليلة‬ ‫تعطي التماسك والتوازن والتركيز‪ )2( ،‬االحساس بالوضع مقابل‬ ‫المنافس او الخصم "‪ ،‬ويقدم نصائح مثال‪ ،‬قدر الموقف وتراجع لتحدد‬ ‫قوة الخصم‪ ،‬أغر الخصم أن يوسع التزاماته ثم ركز على جزء موقعي‬ ‫معين‪ ،‬واعمل رأس جسر تتوسع منه الحقا في محيط العمليات‪.‬‬ ‫ مرحلة الوصفات االستراتيجية االلزامية‪ ،‬راجع كتاب (التفكير‬‫االستراتيجي‪ ،)2115 ،‬حيث ستعرض نموذج "هندرسون ‪،"1171‬‬ ‫وهو متعلق بالمؤسسة عملياتها في اكثر من موقع‪ ،‬ويمكن ان نلخصها‬ ‫بشكل عام‪ ،‬وهي ان تنظر إلي الموقع الذي يأتي بأكثر نمو او ربح او‬ ‫نتائج و وصفته االلزامية استثمر فيه اكثر‪ ،‬والموقع األدنى و وصفته‬ ‫االلزامية خذ منه السيولة واالمكانات‪ ،‬والموقع المشكل معالجته قبل ان‬ ‫يحول إلي ضار‪ ،‬والموقع الضار و وصفته التخلص منه‪.‬‬ ‫ مرحلة بناء المقترحات المعتمدة على التجربة العملية والمالحظة‪،‬‬‫اعتمدت على أساس موائمة االستراتيجية للمحيط الخارجي‪ ،‬قدمه‬ ‫(بورتر)‪ ،‬وهي ترتكز على تقسيم العمل إلي "سلسلة ‪ -‬القيمة" ‪ ،‬فتقسم‬ ‫العمل أي نوعية انشطة رئيسة وهي ذات عالقة مباشرة بتحقيق المنفعة‬ ‫و تتعامل مع الموقع مباشرة‪ ،‬واالخر القسم هو االنشطة الداعمة‪،‬‬ ‫وتجرى عمليات التحليل والتقييم على هذا األساس المنفعي‪ ،‬فهي ترتكز‬ ‫على التمييز بين العملين‪.‬‬ ‫وهي من المدارس المهمة و فتحت مجاالت البحوث االستراتيجية‪.‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫تقول بان االستراتيجيات المتاحة محدودة‪ ،‬ويمكن تحديدها حسب المواقع المتاحة‬ ‫والتي يمكن المنافسة عليها او الدفاع عنها امام الخصوم‪ ،‬الحاليين وفي‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫وسهولة الدفاع والمنافسة عن هذه المواقع سوف يوفر افضل العوائد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وتستخدم االخصائيات كوسيلة إليجاد أفضل االستراتيجيات المالئمة‪.‬‬ ‫تقود دراسة هيكل المنظمة وقدرتها على اختيار االستراتيجية االنسب‪.‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االستراتيجية عامة ‪ ،‬ومشتركة‪ ،‬وتعتمد على اكتشاف المواقع في‬ ‫السوق او الساحة‪.‬‬ ‫وجود عدد من االستراتيجيات والصناعة تعتمد على اختيار احداها‪.‬‬ ‫اهمية التحليل االستراتيجي‪ ،‬وتغذية المدراء بالمعلومات بما يجعلهم‬ ‫قادرين على اختيار االستراتيجية‪.‬‬ ‫االستراتيجية تتولد عن العمل الهادف المتكاملة‪ ،‬ويمكن تطبيقها‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬مدرسة القائد الملهم‬ ‫جوهرها مصدر صنع االستراتيجية هو عقل القائد الفذ‪ ،‬ومركزها شخصيته‬ ‫وقدراته واتباعه المتحفزين والواعين‪.‬‬ ‫فالقائد الملهم‪ ،‬قد يكون المفكر المجدد‪ ،‬او المصلح العميق‪ ،‬او القائد الميداني‪ ،‬او‬ ‫المفاوض السياسي‪ ..‬وكل من له أثر في تحويل صراع محتدم ‪ ،‬أو اوضاع تنذر‬ ‫بالهالك‪ ،‬أو فساد قاتل‪ ،‬او تخلف فاني‪ ،‬او خسارة إلي نصر الحق‪..‬‬ ‫وال يمكن ان يكون القائد الملهم مستبد‪ ،‬او فاسد في افكاره وسلوكياته وانتمائه و‬ ‫والئه‪.‬‬ ‫كما ان االتباع ال يمكن ان يكون من الفاسدين او الحقراء فهذا شرا فتكا‪ ،‬وهم‬ ‫أشد شرا و ضررا إذا ما كانوا في امور القادة من شيء‪،‬‬ ‫وحسب كول (‪ )1151‬عن د‪ .‬جاسم مطاوع‪ ،‬أن القادة المخترعين‬ ‫لالستراتيجيات اربعة انواع‪ :‬منهم من يعتمد على الحسابات‪ ،‬ومنهم من يعتمد‬ ‫على تحفز اآلخرين‪ ،‬ومنهم من المتفائل‪ ،‬ومنم من البناء لمنظمة قوية‪.‬‬ ‫ومنهم من يجمعها‪ ،‬أي دقيق في حساباته‪ ،‬قدرة على التحفيز‪ ،‬متفائل‪ ،‬بناء‪.‬‬ ‫ونظرية القائد الملهم ‪ ،‬كما أوردها د‪ .‬جاسم مطاوع في كتابه التفكير‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬وأنني ال اتفق مع هذه المدرسة‪ ،‬إال في ظروف وشروط معينة‪،‬‬ ‫ذكرت بعضها في المقدمة‪ ،‬وتقول النظرية‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫طبيعة البيئة متغيرة‪ ،‬والصرعات كثيرة‪ ،‬وليس هناك مسارا مستقيما‪ ،‬و‬ ‫سرعة التحرك مطلوبة لتجنب الضربات‪.‬‬ ‫االهم هو انشغال المبدعين بالفرص‪ ،‬وعدم تضيع الوقت في حل‬ ‫المشاكل‪.‬‬ ‫القوة يجب ان تكون بيد القائد وحده‪.‬‬ ‫صناعة االستراتيجية يجب ان تأخذ خطوات كبيرة في وجه الغموض‬ ‫المستقبلي واالندفاع لإلمام‪.‬‬ ‫المهم هو النمو والقادة مشغولون باإلنجاز‪.‬‬

‫الرؤية الكبيرة هي أساس القائد الملهم‪:‬‬ ‫الشك ان الرؤية هي أساس كل استراتيجية‪ ،‬فبقدر وسعها ومداها تتحقق النتائج‪،‬‬ ‫وبقدر وضوحها وقيمها ومنهجها يتحفز االتباع‪ ،‬وتشتد قوتها وتطول نجاحاتها‪.‬‬ ‫فترى المدرسة بان القائد العظيم هو القائد ذو الرؤية‪.‬‬ ‫والرؤية هي ما تراه بعين العين من تصور للنصر او الواقع الجديد او تفادي‬ ‫للخسائر‪.‬‬ ‫وحسب ما يذكره "بينس وناموس" عن كتاب التفكير االستراتيجي‪:‬‬ ‫ لكي يختار القائد االتجاه عليه رسم صورة ذهنية للحالة المستقبلية الممكنة‬‫والمطلوبة‪ .‬وقد تكون غامضة كالحلم‪ ،‬او واضحة كالحقيقية‪ ،‬وتكون ذات وزن‬ ‫وجذابة وتعبر عن وضع احسن من الوضع القائم‪.‬‬ ‫ الرؤية تعبر عن هدف‪ ،‬وهي شيء متعلق بالمستقبل‪ ،‬وهي جسر يربط‬‫الحاضر بالمستقبل‪.‬‬ ‫ القائد عيونه تعمل على موارد العواطف الروحية لالتباع‪ ،‬وعلى قيم المنظمة‬‫والتزاماتها وطموحاتها‪ ،‬ويعمل المدراء االستراتيجيون على الموارد المادية‪،‬‬ ‫مثل توفير العمالة الماهرة‪ ،‬والمال‪ ،‬والمواد الخام‪ ،‬والتقنية‪.‬‬ ‫ الرؤية تعبر ايضا عن خطة يمكن فهمهما وتبعث النشاط والحيوية في‬‫المؤمنين بها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فرضيات المدرسة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االستراتيجية هي رؤية توجد في عقل القائد‪.‬‬ ‫جذور الرؤية توجد في الخبرة وحدس القائد‪.‬‬ ‫القائد هو من ينشر رؤيته بمفرده‪ ،‬ويشرف على تنفيذها‪ ،‬ليجري كل‬ ‫شيء كما لزم‪.‬‬ ‫استراتيجية القائد قابلة للتحوير‪ ،‬فهي بين المقصودة في العموم وبين‬ ‫التفصيالت عن التطبيق‪.‬‬ ‫كذلك المنظمة قابلة للتحوير‪ ،‬وكل عالقات القوة يجب ان تصب في يد‬ ‫القائد‪ .‬والهيكل البسيط هو االنسب لالستجابة ال اوامر القائد وتوجيهات‪.‬‬

‫وفي ختام التعقيب على هذه المدرسة‪ ،‬نقول‪:‬‬ ‫اوال‪ :‬من المؤسف انها اتخذت من المستبدين وسيلة استراتيجية للسيطرة‪،‬‬ ‫وتغييب عقول وحريات وابداعات االخرين‪ ،‬و جعلت من الدهماء مدراء اتباعا‬ ‫بغير وعي ورحمة‪ ،‬فالقائد وحده هو الروحي‪ ،‬وهم الماديون‪.‬‬ ‫بيد االخرين قوة حقيقية‪ ،‬والقوة ليس مصدرها القانون‪ ،‬بل ممكن أي شيء‪.‬‬ ‫ال مرجعية عليا للرؤية‪ ،‬وال قانون يشرع المنهجية‪ ،‬استراتيجية ال تصلح‬ ‫للمنظمات الكبيرة وال للبلدان الحضارية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬المراد بهذه االستراتيجية مواجهة حالة ظرفية معينة‪ ،‬وحالة ميدانية‬ ‫متشابكة ال مجال للمشاركة الواسعة واالبحاث والدراسات‪ ،‬فهي تحتاج إلي‬ ‫قرارات استراتيجية فورية‪ ،‬حتى تنحل االزمة‪ ،‬ويتبدل الوضع‪ ،‬وتتالشى‬ ‫المخاطر‪.‬‬ ‫وخير دليل وافضل مجال تطبيق هو مثال‪ ،‬معركة مؤتة‪ ،‬حيث كان المسلمين في‬ ‫قلة من العدد والعتاد‪ ،‬امام جيوش أفرنجة كثيرون العدد والعتاد ومدربون على‬ ‫القتال‪ ،‬ومعهم حشود عربية منجرة وراء مصالحها‪ ،‬مع الغالب ضد المغلوب‬ ‫ممكن ان تفنى في والئها‪.‬‬ ‫فماذا فعل القائد املهم‪ ،‬وهو المعتمد على اإليمان بالمستقبل‪ ،‬وقيمة المرجعية‬ ‫العليا المؤمن بتعليمها‪ ،‬وبخبرة فذة في هذه النوعية من الميادين‪ ،‬وبقدرة وقوة ل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االستراتيجي حول المعركة من صالح االكثر عددا وعتاد إلي االقل عددا وعددا‪،‬‬ ‫عدل ميزان النصر بين امن يملك الغلبة والمغلوب‪ ،‬وسوا بين قوة الطرفين‪.‬‬ ‫ولذلك عندما نظر قادة الروم إلي جيوش المسلمين‪ ،‬وهو في موقع اخر‪ ،‬ظنوا‬ ‫انه كمين‪ ،‬وبداء لهم االنسحاب افضل‪.‬‬ ‫وهكذا تنافسات صراعات واشكاليات اليوم كثيرة‪ ،‬والعدو مندفع لكل قوة وعتاد‬ ‫وحشود م ن كل صوب‪ ،‬والوضع في حاجة إلي قيادات ميدانية الخبيرة الملهمة‬ ‫المؤمنة بقيمها العليا ‪ ،‬وليس للطواغيت ينشرون افساد ويزرعون الذل‪،‬‬ ‫ويقمعون الحريات ويصادرون االبداع وينتهكون االنسانية ويضيعون السيادة ‪،‬‬ ‫وهم إلي فناء ومن اتباعهم‪ ،‬بعيدون عن البناء‪ ،‬يحفزون بالمال الفاسد‪،‬‬ ‫طموحاتهم شخصية‪ ،‬وال أما لهم إال البقاء في السلطة وإن ضاعت الناس‬ ‫واالوطان‪.‬‬ ‫فالعلم في اجمعه هو أداة استراتيجية‪ ،‬وهو كالوصفات الطبية لكل داء وصفة‬ ‫دواء‪ ،‬فال تعالج المسائل االستراتيجية إال باالستخدام السليم للعلوم‪.‬‬ ‫فما يغفل قوم عن العلوم إال وظلوا في علتهم‪ ،‬كالمريض الذي يتطبب بفيروس‬ ‫بالداء ‪ ،‬وال يعرف حقيقة الشفاء‪ ،‬وليس في قومه من يهتم بتركيبة الدواء‪.‬‬ ‫وهذا حال شعوب التخلف ما بكت عليها االيام‪ ،‬ما تكلتها حضارات‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬المدرسة اإلدراكية‬ ‫يمكن القول بان هذه المدرسة تعتمد على علم النفس كأساس في شرح عملية‬ ‫التفكير التي يجريها العقل‪.‬‬ ‫وهي في تقديري‪ ،‬تقدم معلومة مفيدة للتحليالت والتفسيرات‪ ،‬اكثر من كونها‬ ‫منهجية مباشرة لالستخدام‪.‬‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫ "سلسلة عمليات المعالجات "‪ :‬حيث تقول لنا أن العقل يجري المعالجات‬‫في شكل تسلسلي ( االنتباه – التشفير – التخزين واالستدعاء ‪ -‬االختيار‬ ‫– المخرجات)‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ "خرائط اإلدراك"‪ :‬تقول ان للعقل بنية تنظيم المعلومات الواردة‬‫ويضعها ضمن خارطتين‪ ،‬وهما خارطة العوامل ويستخدمها في إدارة‬ ‫المواقف ويسميها سكيما ‪ ، schema‬وخارطة العالقات وهي تشمل‬ ‫التفصيالت المتعلقة بالعوامل‪ ،‬ويرجع إليها بعد اتخاذ قرار الموقف‪.‬‬ ‫ "اإلدراك عملية بناء وتشييد"‪ :‬تقول بان خرائط العقل هي نتاج تفاعلي‪،‬‬‫بمعنى ان العقل يملك ضابط او فلتير عقالني‪ ،‬يتحكم في المعلومات‬ ‫الخارجية الواردة عن الواقع‪ ،‬ثم يعيد تركيب هذه المعلومات‪ ،‬لرسم‬ ‫الخرائط اإلدراكية‪ ،‬وهنا برزت مسألة قولهم بأن البيئة المرسومة داخل‬ ‫العقل االستراتيجي هي ليست البيئة الموضوعية وإنما هي بيئة‬ ‫متصورة‪ .‬وبأن الواقع العقلي هي تخيلي وليس الحقيقي‪ .‬أي هناك بيئة‬ ‫موضوعية وبيئة متصورة ممكن ان يتشكال‪.‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫صناعة االستراتيجية هي عملية إدراكية تحدث في عقل االستراتيجي‪.‬‬ ‫تظهر االستراتيجيات كتصورات في شكل خرائط ومفاهيم ‪ ،‬وهي‬ ‫تشكل ما نستقبله من المحيط الخارجي‪.‬‬ ‫هناك تيار التصور الموضوعي وهي تعني اننا استقبال العالم القائم كما‬ ‫هو‪ ،‬ثم نعيد تشكليه وبنائه‪.‬‬ ‫خناك تيار التصور الذاتي وهو يعني اننا نستقبل الواقع عبر مرشحات‬ ‫بالذهنية المكتسبة‪ ،‬وهي تتسبب في تغير من صورته الحقيقة‪ ،‬قبل أن‬ ‫يصل للخارطة اإلدراكية‪.‬‬ ‫التصورات االستراتيجية في العقل من الصعب تحديد البداية‪ ،‬وال تبلغ‬ ‫منتهاها عند تحصل على غاياتها‪ ،‬ومن الصعب تغييرها عندما تفقد‬ ‫قيمتها‪.‬‬

‫سادسا‪ ،‬المدرسة التعليمية‬ ‫جوهرها ان االستراتيجية هي نتاج عملية التعلم المستمرة عبر التطبيق‪ .‬والقادة‬ ‫هم من يقودون عملية التعلم‪ ،‬وليس هناك استراتيجية مسبقة تعد بمعزل عن‬ ‫التفاعل اآلني مع الواقع‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ترى ان المجموعات البشرية يتعرفون على الوضع المحيط وعلى المنظمة عبر‬ ‫الخبرة والوقت و يكتشفون الطرق االكثر نجاح‪.‬‬ ‫حدد "منتزبرج" و "واتر" ‪ ،1135‬عن كتاب التفكير االستراتيجي‪ ،‬هي ثمانية‬ ‫انواع ‪ ) 1( ":‬استراتيجية تخطيطية وهي مقصودة وثابتة وتعتمد على ان الواقع‬ ‫ثابت غلي حد كبير‪ )2( ،‬استراتيجية الهامية وهي موجودة في عقل القائد معتمدة‬ ‫على قدرات القائد الواقعية‪ )8( ،‬استراتيجية ايدلوجية تنطلق من مسلمات‬ ‫مشتركة‪ ،‬وتلقن و تتحول إلي حالة اجتماعية‪ )4( ،‬استراتيجية المظلة وهي‬ ‫تتكون تحت ظروف ضاغطة والقائد يتحكم جزئيا وتقدم الحدود والمستهدفات‬ ‫وتترك لألخرين الفاعلين االستجابة بحسب خبراتهم وتفضيالتهم‪)5( ،‬‬ ‫استراتيجية العمليات وهي اهتمام القائد بتحسين العمليات وترك امر‬ ‫االستراتيجية لمن دونهم‪ ،‬وهي ايضا ناشئة وتحت قصد واختيار القيادة‪)6( ،‬‬ ‫االستراتيجية المفككة وهي بسبب تضارب المبادرات والتوجهات يخلق نمط‬ ‫استراتيجي غير واضح او مضطرب‪ )7( ،‬استراتيجية االجماع وهي تتم عبر‬ ‫مجموعة من التلفيقات بين العاملين وهي هنا غير مركزية وذات طبيعة ناشئة‬ ‫أي متغيرة مع الواقع وتتجدد في مسار المقصودة‪ )3( ،‬االستراتيجية المفروضة‬ ‫وهي بسبب الظروف الخارجية وتقلص الخيارات تصبح االستراتيجية ناشئة‬ ‫بحكم الضغط‪ ،‬وتستنبطها المنظمة وتتعايش معها وتصبح مقصودة‬ ‫الشك ان التحليل الواقعي يحدد انماط االستراتيجيات الناشئة خالل االحتكاك‬ ‫بالواقع وعملية التعلم‪ ،‬فالمواقع المتحرك والفاعلين فيه هو من يتحكم بشكل كبير‬ ‫في تدرج صنع االستراتيجية‪.‬‬ ‫ويمكن االستفادة من ذلك وخاصة فيما يعرف بنمط االستراتيجية المفروضة‪،‬‬ ‫والمفككة‪ ،‬والمظلة‪ ،‬ان يحدد العرب في دولهم ومنظمات أي استراتيجية هم‬ ‫فيها‪ ،‬وممكنة ومن نوعية التعلم والقيادات الالزمة‪.‬‬ ‫الن البقاء في حالة عدم إدراك االستراتيجية المطلوبة وتتبعها هو بمثابة غيوبة‬ ‫عقلية وموت حضاري والعيش البدائي المذل‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فالحياة بين الدول طبيعتها الصراع والتنافس المشروع وعدم وجود استراتيجية‬ ‫يعني "الجهل" الن مدرسة التعلم تتوقع قيادات تتولى قيادة عملية تعلم‬ ‫االستراتيجية المناسبة‪.‬‬ ‫وتعتمد هذه المدرسة على مقولة" االستراتيجية تعتمد على القدرة على التعلم‪،‬‬ ‫‪competencies‬‬ ‫والقدرة على التعلم تعتمد على وجود القدرات المركزية‬ ‫‪."core‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫الواقع المعقد يمنع وجود استراتيجية مسبقة‪ ،‬وتتم عمل االستراتيجية من‬ ‫خالل االحتكاك بالواقع تدريجيا‪.‬‬ ‫ال يمكن فصل عملية صنع االستراتيجية عن التطبيق‪ ،‬أي تتم صناعة‬ ‫االستراتيجية اثناء التطبيق‪.‬‬ ‫عناك العديد من االستراتيجيات المحتملة اثناء التطبيق‪.‬‬ ‫المنظمة جميعها تمر عبر مرحلة تعلم االستراتيجية‪ ،‬إال انه الواجب‬ ‫االكبر على القيادة‪ ،‬والقيادة ليست مهمتها صنع االستراتيجية وانما‬ ‫إدارة عملية التعلم بحيث تظهر االستراتيجية الجديدة‪.‬‬ ‫االستفادة من التجربة التي تصنعها االستراتيجية اثناء تفاعلية الصنع‬ ‫والتطبيقي الواقعي التدريجي‪.‬‬ ‫تمر االستراتيجية ثالثة انماط‪ ،‬نمط يظهر (عالج) الماضي‪ ،‬ثم نمط‬ ‫يخطط للمستقبل‪ ،‬ثم نمط يقود السلوك العام‪.‬‬

‫سابعا‪ ،‬مدرسة القـــــــــــــوة‬ ‫جوهرها هو استخدام القوة والسياسة معا‪.‬‬ ‫والقوة هي قدرة طرف ما على فرض إرادته على طرف أخر‪.‬‬ ‫والقوة نوعان‪ ،‬وهي قوة جزئية ‪ micro power‬وتستخدم في الشأن والمحيط‬ ‫الداخلي‪ ،‬وعناصرها المكونات من االفراد والجماعات‪.‬‬ ‫وقوة كلية ‪ macro power‬وتستخدم في الشأن والمحيط الخارجي‪ ،‬في‬ ‫مواجهة الحكومات والمنافسين والجمهور‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وطريقتها تعتمد على تغيير المحيط الخارجي ليالئم مع االستراتيجية المقصودة‬ ‫والناشئة‪.‬‬ ‫وهناك اربعة اساليب للتعامل مع المحيط الخارجي ‪ ،‬واربعة اساليب للتعامل مع‬ ‫المحيط الخارجي‪.‬‬ ‫اوال‪ ،‬اساليب التعامل المحيط الداخلي‬ ‫عبر تحليل سلوكها الظاهر واحتمالية تعاونها واحتمالية مقاومتها‪ ،‬وهناك اربعة‬ ‫عالقات محتملة‪ ،‬وهي‪( :‬التنافس – التكامل – تعارض المصالح – مصالح‬ ‫مشتركة)‪ ،‬وعبر فهم السلوكيات وتفسيرها وتحليل التحالفات المحتملة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬اساليب التعامل المحيط الخارجي‬ ‫وهناك اربعة اساليب وهي (الهجوم المباشر وغير المباشر – الدفاع ومنها ربط‬ ‫موضوع بموضوع اخر محبب للطرف االخر – الخندقية التمسك بالرأي –‬ ‫تغيير قواعد اللعبة)‪.‬‬ ‫ويمكن ان يستخدم اكثر من اسلوب في ان واحد حسب الواقع وتشابكه‪.‬‬ ‫واستراتيجية القوة قد تأخذ شكل تعاونية أي جماعية وهي تشارك او تعاون‬ ‫مجموعة من االطراف في كيان استراتيجي موحد القيادة العليا من اجل توحيد‬ ‫الموارد والمصالح وتركيز القوة التنافسية او الهجومية والسيطرة في مجال او‬ ‫شأن او اقاليم معينة واسواق‪.‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫ تشكل االستراتيجيات بواسطة القوة والسياسة‪ ،‬سواء في الشأن الداخلي‬‫أو الخارجي‪.‬‬ ‫ االستراتيجيات ناشئة وتأخذ شكل موقع او تحركات ماكرة أكثر منها‬‫تصورات‪.‬‬ ‫ السياسة الداخلية تفاعلية تعتمد على االقناع والمساومة او المجابهة‬‫الضيقة بين المصالح الضيقة والتحالفات المتغيرة‪ ،‬من غير تفوق‬ ‫مستمر الحد االطراف‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ السياسة الخارجية تدافعيه‪ ،‬في شكل دفع مصالح المنظمة في محيطها‬‫الخارجي عبر التحكم في مصالح المنظمات االخرى او التعاون معها‪،‬‬ ‫باستخدام االستراتيجية التعاونية او التحالفات عبر أشكال شكلية مختلفة‪.‬‬

‫ثامنا‪ ،‬مدرسة الثقافــــــــــــــــة‬ ‫في حقيقة االمر اطلعت على مفهوم المدرسة‪ ،‬ولكني أثرت أن اصيغه بطريقتي‬ ‫وتقديري‪.‬‬ ‫القاري أن يرجع إلي ادبيات هذه المدرسة من اجل تكوين فكرة كما‬ ‫ولذلك على‬ ‫ْ‬ ‫ارادها معدي هذه المدرسة‪.‬‬ ‫ونظرا ألهمية "الثقافة" في عالمنا لمعاصر‪ ،‬وحيث انني بصدد وضع مفهوم‬ ‫شامل متماسك للنظرية االستراتيجية‪.‬‬ ‫فانصح الدول والمنظمات ان تبدأ فورا وبشكل متواصل بمسألة صنع‬ ‫"االستراتيجية الثقافية"‪.‬‬ ‫ونستعرض هنا بعض االعتبارات والمقومات الهامة‪.‬‬ ‫فجوهر الثقافة هو المحافظة على الوضع القائم الغالب الذي اساسه تماسك وقوة‬ ‫الوضع الداخلي‪.‬‬ ‫ومن هنا كان االهتمام بثقافة المنظمات وثقافة المجتمعات‪.‬‬ ‫مفهوم الثقافة هو مفهوم جامع وهو مجموع سلوك االراد واسلوب حياتهم‬ ‫المنعكس من منظومة القيم المشتركة‪.‬‬ ‫اذا الثقافة هي انعكاس لمنظومة القيم العليا‪.‬‬ ‫ومصطلح الثقافة يعني كل الجوانب المتعلقة بحياة االفراد‪ ،‬من طريقة االكل‬ ‫والمشرب‪ ،‬واللبس والمسكن‪ ،‬والتصاميم واالذواق‪ ،‬والسلوكيات واالفراد‪،‬‬ ‫والتفضيالت العامة والمنبوذات‪ ،‬والحالل والحرام‪ ،‬فهي بمعنى ادق ومركز‬ ‫تعني "العقل الجماعي"‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫هذه العقل هو المسئول عن تحديد قيمة االشياء في نظر الجميع‪ ،‬النظر إلي قيمة‬ ‫الفرد االخر‪ ،‬وقيمة مجتمعه او منظمته او دولته والوالء إليها‪.‬‬ ‫هذه العقل هو الذي يحدد جودة المنتجات ولخدمات الجماعية والمتبادلة‪.‬‬ ‫هذه العقل هو الذي يحدد قيمة السيادة والعقيدة واالخالق ومدى القدرة‬ ‫واالستعداد في الدفاع عنها والمحافظة عليها‪.‬‬ ‫فالثقافة هي منهجية نظام القيم في الحياة‪ ،‬وهي في حقيقة االمر تعكس الهوية‬ ‫الحقيقية للمجتمعات‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن الثقافة البد لنا من إدراك هذين النقطتين الهامتين‪:‬‬ ‫ الفرق بين السياسة والثقافة‪ ،‬حيث السياسة هي برامج تنفيذية من اجل‬‫تغير اوضاع ومواقع واداء إلي اخر متقدم واقوى واكبر تأثيرا واكثر‬ ‫نفوذا‪ ،‬في حين الثقافة تعني الوجه االخر‪ ،‬وهو المحافظة على‬ ‫االوضاع الغالبة القائم ة‪ ،‬فالسياسة هي عملية تقيير والثقافة هي عملية‬ ‫تثبيت‪.‬‬ ‫ يجب ان تكون هناك استراتيجية ثقافية ايجابية‪ ،‬بمعنى البد ان تنطلق‬‫من منظومة قيم عليا واسعة راسخة شاملة يرتضيها وبفهمها ويقبلها‬ ‫الجميع‪ .‬فال يجوز للمجتمعات التي سلوكياتها اتجاه بعض‪ ،‬واساليب‬ ‫حياتها فاشلة‪ ،‬ومشاعرها الوطنية هابطة‪ ،‬وعالقاتها المالية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية والسياسية والخارجية فاسدة‪ ،‬انها لديها استراتيجية ثقافية‪،‬‬ ‫بل مثل هذه الشعوب المتخلفة تحتاج إلي إعادة بناء ثقافي من جديد‪ .‬لكي‬ ‫تنهض وتعيش بطريقة سليمة اجتماعية تكاملية ايجابية‪.‬‬ ‫وبالتالي بناة السياسات العامة عليهم تقدير الوضع االجتماعي العام وحقيقة‬ ‫العقل الجماعي‪.‬‬ ‫فأنه لن تنجح سياسات عامة في فقدان ثقافة عامة طبيعية ايجابية متماسكة قوية‪.‬‬ ‫فرضيات مدرسة الثقافـــة‬ ‫ الثقافة تؤثر في اسلوب اتخاذ اقرار وجدواه‬‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫الثقافة تؤثر في مقاومة التغيير‪ ،‬فالثقافة السلبية تمنع وتعيق التحول‬ ‫االيجابي‪ ،‬والثقافة الهابطة تدعم بقاء االوضاع الفاسدة وتقاوم أي تغيير‪.‬‬ ‫الثقافة تؤثر في تحديد القيمة الفعلية للموارد البشرية والطبيعية‪ ،‬فبقدر‬ ‫مستوى ثقافة الشعوب تكون نظرتها في تقييم بعضها وافرادها وخدماتها‬ ‫ومنتجاتها ومستقبلها ومصيرها‪ ،‬فقد تهبط منظومة الثقافة غلي حد‬ ‫يصبح الفرد ومستقبل الدولة والمجتمع والمنظمة ال قيمة او اعتبار له‬ ‫في العقل الجماعي‪ .‬فمن يفسد ال يعاقب وال يعاتب‪.‬‬ ‫صدام الثقافات‪ ،‬وهو ظاهرة طبيعية إن كانت من اجل المحافظة على‬ ‫الهوية‪ ،‬واالعتزاز بالشخصية المتميزة الوطنية وقيمها العليا وادائها‬ ‫ومنتجها الكلي وجودته وطبيعته ومصيرها التاريخي المتجذر‪.‬‬ ‫فالشعوب التي ال اصالة لها وال جذور تاريخية عميقة تعود إليها هذ‬ ‫كالنبتة على سطح االرض ال قرار قوي لها في مواجهة ابسط عواصف‬ ‫الحياة وصراعاتها المتواصلة‪.‬‬ ‫الثقافة تشكل بيئة جماعية وعقلية موحدة في منع تغلغل افكار‬ ‫وااليديولوجيات الهدامة‪ ،‬فهي لديها القدرة على الفلترة‪ ،‬أي عملية‬ ‫الرجيح‪ ،‬فتأخذ التطورات الحسنة والنافعة والمفيدة وتترك وترفض‬ ‫الغير مفيد والمضر بشكل جماعي وتلقائي‪ ،‬فتمنع االضطرابات وافرقة‬ ‫واالختالفات وتحمي المجتمعات والدول والمنظمات من االنهيار‪.‬‬

‫تاسعا‪ ،‬مدرسة المنـــــــــــــــــــــــــاخ‬ ‫جوهرها هو تكييف الدول او المنظمات مع مناخ البيئة المحيطة‪.‬‬ ‫فقد تكون اجواء ساخنة او باردة او كوارث وازمات طبيعية متعددة‪.‬‬ ‫وهكذا العالقات فهي ذات اجواء مرتبطة بصرعات و منافسات تولد اجواء من‬ ‫العالقات الساخنة أو الباردة او الكارثية‪ ،‬وكما ان االنسان كائن يتكيف وهكذا‬ ‫الدول و المنظمات البد ام يكون لها استراتيجية التكييف‪.‬‬ ‫وحسب "منتزبرج" فان هذه المناخات الخارجية المحيطة توصف بانها قد تتخذ‬ ‫عدة اشكال‪ ،‬منها‪ ،‬المستقرة او المتحولة‪ ،‬والبسيطة او المعقدة‪ ،‬والمنفردة او‬ ‫المتنوعة‪ ،‬والمعادية او الصديقة‪..‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فالمناخ الخارجي هو الذي يحدد االستراتيجية‪.‬‬ ‫والمنظمة او الدولة هي التي يجب ان تستجيب‪ ،‬بمعنى ال تعطي االولوية لتغيير‬ ‫الواقع كما هو الحال مع مدرسة القوة‪.‬‬ ‫ومما سبق نعلم ان مدرسة المتوقع ومدرسة التعلم تهتمان ايضا بتأثير الواقع‬ ‫المحيط في صنع االستراتيجية‪ ،‬ولكل منهما اسلوبها في التعامل مع الواقع‪.‬‬ ‫مدرسة التعلم صناعة االستراتيجية تدريجيا على اساس التعلم من تجارب‬ ‫وخبرة بالواقع‪ ،‬ودور القيادة هو تعليم االستراتيجية‪.‬‬ ‫مدرسة المتوقع هي الصعود التدريجي حسب رصد المتوقع الجديد الممكن في‬ ‫البيئة الخارجية والتنقل إليه‪ ،‬ودور القيادة هو اساس ادارة االستراتيجية‪.‬‬ ‫ومدرسة المناخ هي التكييف مع الواقع وتغيير االستراتيجية باالستجابة الناجحة‬ ‫ودور القيادة هو القراءة الدقيقة واالستجابة الصحيحة‪.‬‬ ‫وعلى كل حال‪ ،‬فان هناك ثالث قوى مؤثرة في صنع االستراتيجيات‪ ،‬وهي‪" :‬‬ ‫‪ -1‬القيادة‪ -2 ،‬المنظمة‪ -8 ،‬المناخ"‪.‬‬ ‫والمنظمة لها داللة على البيئة الداخلية‪.‬‬ ‫والمناخ له داللة على البيئة الخارجية‪.‬‬ ‫والقيادة لها داللة على المرجعية العليا‪ ،‬هل هي الهام او تصميم او تخطيط ‪.‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫المناخ هو الالعب االساسي في تحديد االستراتيجية‬ ‫المنظمة اما ان تنجح في التجارب او تستبعد‬ ‫وظيفة القيادة قراءة المناخ واالستجابة له ال اكثر‬ ‫المنظمة كائن ذات خواص متكيفة مع بيئات معينة فاذا شحت الموارد‬ ‫او تعرضت لبيئة معادية فإنها تموت‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫عاشرا‪ ،‬مدرسة التشكــــــــــــــــــل‬ ‫جوهرها هي توافقية بين مجموعة المدارس االستراتيجية‪.‬‬ ‫تقوم على أساس مبدأ " ‪ " Configuration‬وهو مبدأ علمي‪ ،‬يعني في تقديري‪،‬‬ ‫ان االستراتيجية هي مواجهة واقع مشكل من نظام تطبيقية متعددة‪ ،‬و نظم‬ ‫تشغيلية رئيسة‪ ،‬و منظومات اتصاالت وعالقات تعمل جميعها في تكاملية‬ ‫وتتطور في شكل يواكب بعضها البعض‪.‬‬ ‫وبالتالي عند صناعة االستراتيجية في أي من المستويات كانت‪ ،‬البد من تتشكل‬ ‫على اساس يمكن تطبيقها في تلك البيئة‪ ،‬حتى يمكن صناعة الضوابط في‬ ‫المدخالت والمخرجات‪ ،‬وتبادل العالقات والمعلومات والبرتوكوالت‪ ،‬وال يمكن‬ ‫تحقيق عملية تشغليها بدون هذا التشكل التوافقي والتكاملي لحد بعيد‪.‬‬ ‫فرضيات المدرسة‬ ‫ صناعة االستراتيجية هي نتشكل يستجيب لواقع معين‪ ،‬فاالستراتيجيات‬‫الناتجة قد شكل خطط او انماط او اوضاع او تصورات او تحركات‬ ‫ذكية‪ ،‬في تناسب مع ظرفا او وضعا معينا‪.‬‬ ‫ دور االدارة العليا هي المحافظة على االستقرار‪ ،‬وتبني استراتيجيات‬‫التغيير ومواكبة التطورات‪ ،‬لكي ال تقف في مواجهة تغيرات وتطورات‬ ‫البيئة‪.‬‬ ‫وفي تقديري‪ ،‬ولقد وضعت شرح هذه المدرسة حسب فهمي الخاص للمدلول‬ ‫وابعاد المصطلح العلمي المستخدم في وصفها‪.‬‬ ‫وبالتالي اقول بان النجاح في صناعة مثل هذه االستراتيجية التوافقية بين البيئة‬ ‫الداخلية والبيئة الخارجية‪ ،‬هو الوصول إلي نوعية االستراتيجية العليا‪ ،‬وهي‬ ‫االستراتيجية المحركة‪ ،‬وهي الي تضع الضوابط وتتحكم في االرضية التي‬ ‫يستند عليها واقع تطبيق االستراتيجيات االخرى‪.‬‬ ‫وبالتالي حسب هذا المصطلح هناك انواع من االستراتيجيات‪ ،‬االستراتيجية‬ ‫المحرك‪ ،‬والتطبيقية‪ ،‬والمساعدة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وبالتالي قد تضطر منظمات ودول في صنع استراتيجيات على أساس معطيات‬ ‫استراتيجيات رئيسة محركة للبيئة الخارجية‪ ،‬وفي هذه الحالة تسمى استراتيجية‬ ‫تطبيقية البد لها من التوافقية حسب الضوابط الموضوعة وعليها بالتشكل الالزم‪.‬‬ ‫وقد تكون هي في وضع استراتيجية االساس وعلى اغير اتشكل والتوافق معها‪.‬‬ ‫***‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫(‪)4‬‬

‫الواقعية االسرتاتيجية‬ ‫االيديولوجيات‪ -‬االخالقيات‪ -‬القيادات‬ ‫‪-‬أ‪-‬‬

‫منظور الواقعية وااليديولوجيات‬ ‫بشكل عام‪ ،‬ان نوعية المدارس االستراتيجية تتحدد وتتغير وتتفرع وتتطور‬ ‫وتستخدم حسب محاورين اساسين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫‪ ‬النشاط السياسي للدول‬ ‫‪ ‬النشاط االجتماعي واالقتصادي للشعوب‬ ‫ومن ثم تتفرع مجاالت االستخدام تحت كل محور من هذه المحاور‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬و بشكل وقعي‪ ،‬فان النشاط العسكري يقع تحت استراتيجيات المحوريين‬ ‫وهو تابع لهما‪ ،‬وخادم لهما‪.‬‬ ‫وكذلك النشاط االقتصادي واالجتماعي والعلمي توجد من الناحية االستراتيجية‬ ‫عملية تداخل وتفاعل وعالقات عضوية ليس بالسهولة فصلهما حسب بناء‬ ‫االستراتيجيات العليا ومعادالتها‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫في حين ان االستراتيجيات االدارية والتشغيلية فهي منهجية وبالتالي متميزة‬ ‫تنفيذيا عن بعض‪.‬‬

‫منظور الوضع السياسي الدولي‬ ‫انطالقا مما سبق‪ ،‬وتحديدا منذ بداية التاريخ االوربي في القرن السادس عشر‪،‬‬ ‫فيمكن القول بان المدارس االستراتيجية انقسمت دوليا بحكم الصراعات حول‬ ‫تقاسم ثروات العالم إلي مدرستين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫‪ ‬مدرسة استراتيجية‪ -‬القوة‬ ‫‪ ‬مدرسة استراتيجية ‪ -‬القانون‬ ‫الخلفية التاريخية‬ ‫كانت هناك تطورات تاريخية مصيرية وبالغة االهمية‪ ،‬كانت سببا في نتاج هذين‬ ‫المدرستين االساسيتين‪ ،‬كما غيرت مصير قومات‪ ،‬فصعدت شعوب وهبطت‬ ‫االخرى‪ ،‬وظهر نجم ونفوذ سيادتها وانفل نجم االخرى وغاب نفوذها‪.‬‬ ‫وفيما سرد موضوعي مجرد لبعض النقاط والمحطات التاريخية الكافية من أن‬ ‫القاري من خاللها حقيقة نشأة هذين المرستين‪ ،‬واسبابهما‪:‬‬ ‫يرى‬ ‫ْ‬ ‫‪ ‬صعود دول أوربا وبناء دول قومية كبرى متصارعة حول تقسيم‬ ‫ثروات العالم‪ ،‬واعتبار كل قارة او شعوب وجد امامهم غير قادر او‬ ‫ادارك اللعبة الدولية‪ ،‬فهو مولود جديد تم اكتشافه‪ ،‬ومن حق القوة‬ ‫المكتشفة له واجب تنميته واستغالله لتنمية قوتها في مسار صعودها‬ ‫وتوسعها‪.‬‬ ‫‪ ‬واجهت عملية الصعود بالقوة صراعات قومية كبيرة‪ ،‬مبين دول كبرى‬ ‫محددة‪ ،‬وكانت هناك محطات تاريخية استراتيجية هامة‪ ،‬وهي مؤتمر‬ ‫ستفاليا ‪ ،1643‬ومؤتمر فينا ‪.1135‬‬ ‫‪ ‬انتهت تلك الصرعات بعد اربعة قرون بالحرب العالمية االولى ‪-1114‬‬ ‫‪ ،1113‬ثم الحرب العالمية الثانية ‪ ،1145 -1183‬وبرز نظام االمم‬ ‫المتحدة‪ ،‬يقوده دول الحلفاء‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫اتخذ الصراع حول توازن المصالح الدولية مبدأين‪ ،‬وهما مبدأ توازن‬ ‫القوى‪ ،‬ومبدأ تحديد مراكز القوى في العالم وتوزيعها‪.‬‬ ‫تقرر بوضوح مع ‪ 1341‬مبدأ تقسيم العالم االسالمي والصراع العالمي‬ ‫حوله‪ ،‬وهذا المشروع بدأت معالمه ترتسم منذ ‪ 1315‬استقالل مصر‬ ‫المزيف‪.‬‬ ‫مع ‪ 1116‬خضع العرب بدون ادراك لوجود "االستراتيجية – القوة"‬ ‫وهي تعني الصعود والتوسع اعتمادا على ثروات االمم االخرى وفعل‬ ‫كل ما امكن‪ ،‬وبأي وسيلة ممكنة في سبيل تحقيق الغاية القومية‬ ‫المنتصرة‪.‬‬ ‫وقف العرب مع دول الحلفاء ضد الدولة العثمانية المفككة والمنهارة‬ ‫بعد قرون من الصراع والتحالفات الدولية الكبرى حول انتزاع االقاليم‬ ‫التابعة لها‪.‬‬ ‫ظهرت روسيا قوة نووية كبرى مناهضة واعتمدت على ايديولوجية‬ ‫شاملة متباينة تسببت في انقسام دول الحلفاء‪ ،‬ومن ثم محاولة تقسيم‬ ‫العالم إلي شطرين‪ .‬او معسكرين‪.‬‬

‫ومن خالل هذه النقاط الموجزة‪ ،‬التي ال تبالي كثير من الشعوب وقيادتها‬ ‫المزعومة بها‪ ،‬فان العالم رسم استراتيجيتين اساسيتين‪ ،‬ومنهما تفرعت‬ ‫االستراتيجيات والسياسات الدولية العدية عبر هذا التاريخ الطويل‪ ،‬والتي من‬ ‫الصعب العلم بها جميعها‪ ،‬والتي ممكن من خالل قراءتها نتائج االحداث تصنيف‬ ‫اهمها‪.‬‬ ‫فان مفكري الدول الكبرى االستراتيجيين وقيادتها العليا‪ ،‬حصروا انبعاث رؤاهم‬ ‫ورسم سياساتهم و وضع اهدافهم من خالل هذين المدرستين‪.‬‬ ‫وهما‪:‬‬ ‫ استراتيجية‪-‬القوة تقول بعدم االستالم إلي أي نوع من المثالية حيث‬‫حقيقة العالم هي الصراع الممتد عبر قرون‪ ،‬وخاصة في ‪ 1151‬برز‬ ‫هذا الصوت واضحا وشديدا ومؤثرا في السياسات االمريكية‪.‬‬ ‫ استراتيجية – القانون تقول بان الصراح حول المصالح بالقوة لن يوقف‬‫الصراع وان منتهاه االنتهاكات االنسانية واالختراقات الشرعية‪ ،‬وهي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫دمار للمؤسسية العالمية "أي االمم المتحدة" وان العالم مصيره‬ ‫للفوضى‪.‬‬ ‫وسوف نناقش في كتاب "االستراتيجية – الدبلوماسية‪ ..‬التوازنات االخالقية‬ ‫والصراعات والمصالح"‪.‬‬ ‫االستراتيجيات العربية‪ ،‬وغيرها من االستراتيجيات والتفاصيل المتعلقة بالنقاش‬ ‫المتعلق بالمجال الدبلوماسي‪.‬‬ ‫مدرسة استراتيجية القوة‬ ‫تعتمد هذه المصدرة في افكارها ومبادئها ان الصراع بين الدول حول مصالحها‬ ‫القومية والحياتية وامنها هو امر طبيعي وحتمي‪.‬‬ ‫فيؤمنون بحتمية و واقعية الصراع بين الدول والشعوب‪.‬‬ ‫ورؤيتهم تعتمد على ان القوة وحدها هي القادرة على احداث التغيير‪ ،‬والزام‬ ‫االخرين‪ ،‬وحماية المصالح‪ ،‬وهي اساس صعود الدول والقوميات‪.‬‬ ‫وان طبيعة العالقات بين الدول هي كطبيعة العالقات بين االفراد تعتمد على‬ ‫حب السيطرة وكسب اكبر قدر من السلطة والنفوذ‪.‬‬ ‫وكان من اهم منتجاتها الفكرية والتي غيرت وجه التاريخ هو مبدأ "القوة‪-‬‬ ‫االقتصادية"‪.‬‬ ‫وهذا كان يعني والزال يحمل هذه الحقيقة على مدى التاريخ‪ ،‬ان القوة العسكرية‬ ‫المسلحة بأفضل الكوادر والعتاد تتسبب وتسهم في صعود االمم إلي االعلى‪،‬‬ ‫وان القوة االقتصادية تعني هي التوسع وابتالع ثروات الدول والقوميات‬ ‫االخرى‪ ،‬وبرر ذلك بسبب تخلف االخرين عن النهوض التنموي والتقدم‬ ‫الحضاري‪.‬‬ ‫وبذلك حسب هذه المدرسة االستراتيجية فان االستعمار مشروع‪ ،‬من اجل نهضة‬ ‫القوميات الغير قادرة على التنمية وحماية نسفها وغير قادرة على العمل بمنطق‬ ‫موحد وليس لديها مسار عصري‪.‬‬ ‫واتخذت هذه المدرسة "الحروب" كوسيلة مشروعة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫واقرت بان انتهاك القوانين او االنسانية او االخالقيات هو ثمن طبيعي البد من‬ ‫دفعه من اجل توازن العالم‪ ،‬وانتهاء صرعاته‪.‬‬ ‫والمرجعية في هذه المدرسة هي الصراعات واالحداث التاريخية‪ ،‬وما يمكن ان‬ ‫يبرز من خالله نظريات في العالقات الدولية‪.‬‬ ‫وبذلك توقفت الواليات المتحدة منذ ‪ 1156‬امتحان المبعوثين والمرشحين‬ ‫الدبلوماسيين في مادة القانون الدولي‪ ،‬واستبدل باالمتحان في مادة العالقات‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫مدرسة استراتيجية القانون‬ ‫تقول بان الشرعية والعدالة الدولية بين الدول المنتصرة‪ ،‬ونسبيا تحقيق‬ ‫احتياجات وحقوق وحريات بما يحافظ على المصالح ويحميها‪ ،‬وبما ال يجعل‬ ‫القوة هي الحل انما القانون الدولي‪ ،‬واحترام القرارات والقوانين وسيادة الدول‬ ‫وطبيعة نظمها السياسية التي تختارها لنفسها‪.‬‬ ‫فمن حق الدول تقرير مصيرها‪.‬‬ ‫ومن حق الدول حماية سيادتها بعدم السماح للغير بالتدخل في شئونها‪.‬‬ ‫المبادي التي رأت المدرسة الواقعية انها افكار مثالية ال يمكن‬ ‫وغيرها من‬ ‫ْ‬ ‫االعتماد عليها‪ ،‬او حتى االعتداد بها‪.‬‬ ‫ورأت هذه المدرسة ان السالم هو السبيل إلي تحقيق االمن الدولي واالنساني‪.‬‬ ‫وقد ترتب عن ذلك مع بدء الخمسينات في منح الدول استقاللها تحت مظلة االمم‬ ‫المتحدة والشرعية الدولية‪ ،‬و حثت الدول على وضع دساتيرها‪ ،‬تبعا لهذه‬ ‫المدرسة االستراتيجية التي ابثق عنها مبدأ سيادة القانون الدولي‪ ،‬ومبدأ سيادة‬ ‫القانون في شرعية النظم القومية‪.‬‬ ‫اذا يمكن القول في ظل طرح النظرية االستراتيجية بان مدرسة االستراتيجية‬ ‫القانونية‪ ،‬المرجعية هي القانون والتنظيم الدولي‪ ،‬وان المنهجية هي السياسات‬ ‫والقرارات واالتفاقيات واالحكام والتطورات والتحديات الدولية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وغايتها السالم وعدم الوصول إلي نقطة المواجهة في حرب عالمية ثالثة مدمرة‬ ‫للعالم واالنسانية‪.‬‬

‫المنظور االجتماعي واالقتصادي والثقافي‬ ‫كما راينا قد اتخذ المحور السياسي اتجاهين متضادين‪ ،‬وترتب عنه مدرستين‬ ‫مختلفتين‪ ،‬ولكن دخلت كير من السياسات االستراتيجية التوافقية‪ ،‬او التضامنية‪،‬‬ ‫والتآمر المشترك‪ ،‬وسياسات واستراتيجيات المواجهات‪.‬‬ ‫ولكن في المقابل بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ونشأة االمم المتحدة‪ ،‬وظهور‬ ‫السالح النووي كقوة حاسمة للصراع‪.‬‬ ‫برزت روسيا كقوة عظمى تمتلك سالح نووي ولكن ليدها ايديولوجية شاملة‬ ‫مختلفة للتحالف االمبريالي السابق‪.‬‬ ‫وبرزت مدرستين استراتيجيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫‪ ‬المدرسة االستراتيجية الليبرالية‬ ‫‪ ‬المدرسة االستراتيجية الشيوعية‬ ‫وتحول الصراع االجتماعي واالقتصادي والثقافي حول العالم برمته حول هذين‬ ‫المدرستين‪.‬‬ ‫فكان اختيار القيادات االستراتيجية العليا يتم على اساسهما‪.‬‬ ‫وكانت العالقات االقتصادية تتم على اساس التبعية وبموجب مفاهيم واسس‬ ‫ومبادي وضوابط كل مدرسة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وخضعت الدول الضعيفة بين مطرقة استراتيجية – المحور االستراتيجي االول‬ ‫‪ ،‬و سندان مدرسة المحور االستراتيجي الثاني‪.‬‬ ‫وبرزت بسبب ذلك استراتيجيات دبلوماسية عربية‪ ،‬وسلوكيات‪ ،‬واوضاع‬ ‫اجتماعية واقتصادية وثقافية معينة‪ ،‬طيلة اربعة قرون‪.‬‬ ‫ومن االهمية بمكان‪ ،‬اإلدراك االستراتيجي الذي كان في خلفية ذهنية هذين وهي‬ ‫ان الصراع االسالمي‪ ،‬الذي ذكرناه في سياق ذكر المحطات التاريخية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االستراتيجية‪ ،‬ظل االسالم ماثال امام هذين انه مدرسة استراتيجية مناهضة‬ ‫لهما‪ ،‬اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا‪ ،‬واتخذ كتحدي موحد بين المدرستين‪ ،‬و واجب‬ ‫التعاون مشترك والتضامن الضمني بين المدرستين في مواجهته‪.‬‬

‫المدرسة االستراتيجية الليبرالية‬ ‫للمدرسة الليبرالية مبادئها وافكارها ورويتها وغايتها المتميزة‪ ،‬والتي ال تقبل‬ ‫تصور اخر‪.‬‬ ‫وتعد ان المدرسة الشيوعية "الشعبية" عدوا لها‪ ،‬وخطرا على مصالحها‪.‬‬ ‫وان هذه المدرسة سوف تنازعها عن طريق تصورها االجتماعي "الشعبي"‬ ‫وتصورها االقتصادي المختلف‪ ،‬وطبيعية نظامها السياسي الجديد‪.‬‬ ‫المبادي التالية‪:‬‬ ‫حيث اشتملت الليبرالية على‬ ‫ْ‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫المبدأ االقتصادي‪ :‬هو الحرية االقتصادية المتمثل في حرية رأس المال‪،‬‬ ‫حرية االفراد في اختيار انشطتهم االقتصادية‪ ،‬حرية السوق عن طريق‬ ‫فتح المجال للمنافسة القانونية التامة‪ ،‬وجعل قوى العرض والطلب‬ ‫تحرك االقتصاد وتحقيق االسعار الفعلية وحركة االنتاج في جودته‬ ‫وكمياته ونوعياته‪ .‬فالملكية الفردية للنشاط االقتصادي هي االساس‪.‬‬ ‫المبدأ السياسي‪ :‬ترتكز على الديمقراطية وهي تعني ممارسة الشعوب‬ ‫إلرادتها الحرة في وضع دساتيرها وتحديد كيفية تبادال السلطات‬ ‫الثالثة‪ ،‬وممارستها بصورة شرعية‪.‬‬ ‫المبدأ االجتماعي‪ :‬قيم حماية حقوق االنسان ومساواته عن طريق‬ ‫العدالة‪ ،‬و حرياته في ممارسة معتقداته وافكاره وتعبيره‪ ،‬شريطة اال‬ ‫يمس جوهر المدرسة الليبرالية وغايتها وممارساتها‪.‬‬ ‫المبدأ الثقافي‪ :‬حرية التعبير‪ ،‬وحرية االبداع الفكري‪ ،‬وحرية التعليم‬ ‫عبر المدارس الحرة‪ ،‬والثقافة المفتوحة عبر االعالم الحر وكل وسائل‬ ‫الصحافة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ونحن هنا لسنا بصدد شرح المنظومة الليبرالية السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ولكن بصدد القول بان الليبرالية هي مدرسة استراتيجية‪،‬‬ ‫واقعية‪ ،‬موجودة‪ ،‬مؤثرة‪ ،‬تتحكم في شئون العالم على كافة االصعدة‪.‬‬ ‫وهي مصدر لبناء االستراتيجيات المتعددة واشكال الممارسات التي تارة ملتزمة‬ ‫وتارة منفرطة ومنتهكة لكل االعراف والحرمات‪.‬‬ ‫فهي مثلها مثل المدرسة الشيوعية ال تعترف بالبعد االخالقي في االمور‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫وبالتالي االنسانية المعنى لها‪..‬‬ ‫وكل االعتبارات االخالقية واالنسانية ممكنة في حدود انها ال تمس تحقيق‬ ‫المنظومة الليبرالية غايتها في السيطرة العالمية‪.‬‬

‫المدرسة االستراتيجية الشيوعية‬ ‫للمدرسة الشعبية " الشيوعية" مبادئها وافكارها ورويتها وغايتها المتميزة‪ ،‬وهي‬ ‫ايضا ال تقبل تصور اخر‪.‬‬ ‫وتعد ان الليبرالية مناهضة لها تماما‪.‬‬ ‫وان الليبرالية عائق امامها ومهدد لمصالحها التوسعية وصعود قوة عالمية‬ ‫محسوبة لها‪ ،‬وفي خدمتها االممية وحدها‪.‬‬ ‫المبادي االربعة االساسية‪.‬‬ ‫وقد اختلفت جوهريا في‬ ‫ْ‬ ‫وحيث كما ذكرنا نحن في طور البناء التوضيحي للنظرية االستراتيجية‪ ،‬ولسنا‬ ‫في صدد المقارنة بين المنظومتين الليبرالية و "الشيوعية" الشعبية‪.‬‬ ‫نقول بان المدرسة االستراتيجية الشعبية جاءت مؤخرا‪ ،‬أي في ‪،1117‬‬ ‫واالخرى قد حددت معالمها مع ‪.1776‬‬ ‫ولذلك وضعت مرتكزات اساسية مختلفة‪ ،‬يمكن ان نلخصها كما يلي‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫المبدأ االقتصادي‪ :‬التخطيط المركزي الذي تسيطر عليه القوة الشعبية‬ ‫هو االساس‪ ،‬فالمصلحة العامة هي المقدسة‪ ،‬وال معنى للملكية الفرية‪،‬‬ ‫إال بقدر الحاجة الشخصية والزمنية والمكانية المحددة‪.‬‬ ‫المبدأ السياسي‪ :‬القوة الشعبية هي من يصل للسلطة‪ ،‬ومن حقه وضع أي‬ ‫نظام يحكمه‪ ،‬وهذه النخبة وهي الطبقة العمالية "البروليتاريا" وهي‬ ‫الطليعة‪ ،‬وهي الطبقة الواعية‪ ،‬وهي من تحكم‪ ،‬ومن الممكن ان تكون‬ ‫فوق القوانين‪ ،‬فهي من يضعها لمصلحة الجميع ‪ .‬والدستور هو القانون‬ ‫الذي يختاره الشعب‪.‬‬ ‫المبدأ االجتماعي‪ :‬ال معنى لألديان‪ ،‬فالشعوب هي من يحدد منظومة‬ ‫القيم العامة‪ ،‬مصدرها ما يتقفون عليه عامة‪ ،‬وممكن ان يغيروها كلما‬ ‫بداء لهم ذلك‪ ،‬شريطة ان ال تمس قيمهم النظام السياسي واالقتصادي‬ ‫المقرر في ظل تصور اممي شيوعي عالمي‪ ،‬تنشده شعوب العالم‪.‬‬ ‫المبدأ الثقافي‪ :‬كل وسائل االعالم ومؤسسات التعليم ودور الصحافة هي‬ ‫ملك عام‪ ،‬وعلى المجتمع ان يسخرها في تحقيق المصلحة الشعبية‬ ‫العامة وقوة النظام السياسي الشعبي السائد‪.‬‬

‫وهكذا رأت كل من المدرستين انهما نقيض بعضهما البعض‪.‬‬ ‫وال سبيل للتعايش السلمي رغم المحاوالت والتوافقات‪.‬‬ ‫حتى تغلبت استراتيجيات وسياسات وخطط المنظومة الليبرالية وسيطرت على‬ ‫العالم لوحدها منذ ‪.1111‬‬

‫المصير االستراتيجي العربي‬ ‫يطلق على االستراتيجية "الشيوعية" بهتانا "الشعبية" بدال من "الشيوعية"‪.‬‬ ‫وإذا ما اتبعتها الشعوب اصبحت ضحية الفوضوية والغوغائية ‪ ..‬ولست طرفا‬ ‫مؤيدا ألي نظرية ال ترتكز على مرجعية اخالقية صريحة وبمصداقية عالمية‬ ‫وإنسانية وحضارية متكملة ماديا ومعنويا لكل الشعوب‪.‬‬ ‫وهذا ما ينبغي ان نتعلمه‪ ،‬ان نميز عن طريق الوصول إلي االفضل في كل‬ ‫فكر‪ ،‬وال نستورد االفكار بل نوطن ما نتعلمه من افكار‪ ،‬فاألفكار كالبذور البد‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ان تغرس في البيئة لكي تنبت ثمارها‪ ،‬وليست مصنوعة لالجترار االكاديمي‪،‬‬ ‫وان نميز الثمار من السموم عن طريق التجارب العلمية المخبرية‪ ،‬وال نجعل‬ ‫شعوبنا حقل تجارب‪ ،‬وال نقف إال على النتائج ونحسن ونعدل حتى نصل‬ ‫للوسيلة التي تحقق النهوض فعال وليس عن طريق الشعارات التي تبنى عليها‬ ‫اإليديولوجيات‪.‬‬ ‫واعلم إذا اختلفت االيديولوجيات بين الشعوب تختلف العقول جذريا‪ ،‬وتتصادم‬ ‫االفكار‪ ،‬و تتصادم االنظمة والسياسات وتتصارع النفوس وتضيع المصالح‪،‬‬ ‫وهذا ما حدث للشعوب العربية العقد االول من القرن الماضي‪.‬‬ ‫على كل حال‪ ،‬رغم ان المنظومة الليبرالية قد تغلبت عالميا‪.‬‬ ‫إال انها حسب رأي كافة المفكرين الجادين انها ضيعت فرصتها في اعادة تشكيل‬ ‫العالم بشكل جديد نظيف صحيح ‪ ،‬بل بدأت في ارتكاب اخطأ افظع واوسع مما‬ ‫يمكن تصوره‪.‬‬ ‫وادخلت العالم في دوامة صراعات وقوائم االجرام النهاية وال حدود لها‪.‬‬ ‫وانحرفت عن مبادئها االستراتيجية االربعة‪ ،‬التي سبق ذكرها‪.‬‬ ‫وكانت اول من انتهكها واهملها واخترقها وجاء بتصورات جديدة‪ ،‬ورؤي‬ ‫تسميها رؤى الصقور‪ ،‬في مواجهة رؤى الحمائم‪.‬‬ ‫وعادت إلي استراتيجية‪ -‬القوة‪.‬‬ ‫وبدأت في تطبيق هذه القوة في المحور االجتماعي واالقتصادي والسياسي‬ ‫والثقافي العالمي‪.‬‬ ‫ونكون قد وصلنا غلي توضيح مسألة كيف تنطلق بالتفكير االستراتيجي القيادي‪.‬‬ ‫فهو ليس وليد فكرة بطل او جهود شخص عمالق تو شعوب تقتد وراء‬ ‫غرائزها كالقطعان‪ ،‬بل اسواء ألنها تعلم انها لن تعيش ابدا‪ ،‬وان مصيرها هو‬ ‫بقدر وعيها وتضامنها وحسب درجة بناء قيادتها‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ومن خالل مما ذكرنا من مدراس استراتيجية أربعة أساسية‪ ،‬وقسمناها إلي‬ ‫محوريين متداخلين‪ ،‬كما وضحنا ان وراء كل منهما مرجعية واسعة عميقة‬ ‫متميزة‪ ،‬وقد اعلنت موقفها بصراحة وقوة وتحملت التحديات والنتائج‪.‬‬ ‫وسوف يشاهد العالم عودة الصراع بين هذه المدارس االربعة حسب المحوريين‬ ‫السابقين‪.‬‬ ‫وان المصير العربي في اشد خطر مما كان عليه في الفترات السابقة‪.‬‬ ‫وفي كتابنا التقادم سوف نبحث في كيفية بناء االستراتيجية العربية والمحاوالت‬ ‫السابقة‪.‬‬

‫‪-‬ب‪-‬‬

‫منظور الواقعية واالخالقيات‬ ‫((المدرسة االخالقية))‬ ‫ربما هذه الكتاب يرتكز في عمله تقديم هذه (نظرية المدرسة االخالقية) ‪ ،‬وهي‬ ‫عمل أصيل يختص بنشره‪ ،‬وألول مرة هذا الكتاب‪ ،‬وهو يشكل مدرسة فكرية‬ ‫عميقة‪ ،‬ممكن ان تنبعث منها االفكار واالبداعات عدة‪ ،‬وتبنى عليها السياسات و‬ ‫تدور حولها االفعال و العالقات الدولية‪ ،‬حيث ابعادها الدولية في غاية االهمية‬ ‫عندما ذكرنا في اهداف عالية عند االهداء لهذا الكتاب‪..‬‬

‫مفهوم المدرسة االخالقية‬ ‫ترتكز المدرسة االخالقية على ضرورة رسم مسار التوفق على اساس مرجعية‬ ‫متوفر فيها منظومة قيم وعدالة واخالقية كاملة‪.‬‬ ‫ويرى الكتاب بان االمة العربية لصعودها فإن لها مرجعية اسالمية عظيمة‪.‬‬ ‫كما ان هذه المرجعية هي المسئولة عن نتاج طبيعة التصور ودرجة وضوحه‬ ‫ومستويات التحفز واالستمرارية والتأييد الشعبي واالنساني الالزم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫كما تقسم المدرسة االخالقية انواع االستراتيجيات إلي ثالثة مستويات‪ ،‬وهي‬ ‫العليا على مستوى الدول والشعوب‪ ،‬واالدارية وهي االقتصادية على مختلف‬ ‫مستويات وانواع المنظمات الدولة‪ ،‬واالستراتيجية التشغيلية وهي استراتيجية‬ ‫المهمة او التخصص في تنفيذ وتحقيق هدف تنفيذي متكرر محدد‪.‬‬

‫وتهتبر المدرسة االخالقية بان االستراتيجية العليا هي االساس‪.‬‬ ‫ماذا تقول لنا هذه العالقة الثالثية في المدرسة االخالقية؟‬ ‫انه كلما كانت المرجعية واسعة وصلبة وراسخة كلما زاد ذلك في مدى قيمة‬ ‫وتوسع االستراتيجيات االخرى التي تؤسس على ارضية االستراتيجية العليا‪.‬‬ ‫ايضا كلما كانت االستراتيجية االدارية صاعدة ومرتفعة كلما زاد ذلك في‬ ‫االستراتيجية التخصصية التشغيلية والمهمات جميعها‪.‬‬ ‫ايضا درجة االنفتاح بين االستراتيجية العليا واالستراتيجية االدارية في مختلف‬ ‫المجاالت مهمة‪ ،‬ألنها تتيح االبداع‪ ،‬فالبد ان تكون االستراتيجية العليا تستوعب‬ ‫المنهجيات العلمية‪ ،‬وال يحدث رفض وتضييق‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫واخيرا فان االستراتيجية التشغيلية هي المسئولة عن توسع ومدى قيمة االداء‬ ‫والمخرجات‪ ،‬وهي معتمدة ومرتبطة باالستراتيجية العليا القيادية واالستراتيجية‬ ‫االدارية في المجاالت‪.‬‬ ‫ونحن هنا امام مدرستين مسئولتين عن صعود وهبوط االمم والدول‪.‬‬ ‫وها المدرسة االخالقية وهي االساس التاريخي‪.‬‬ ‫ومدرسة القوة التي اصبح لها الغلبة والمسيطرة على عالقات الدول في زمننا‬ ‫المعاصر‪.‬‬ ‫ومن خالل هتين المدرستين تنبثق االستراتيجيات االخرى وتتحدد طبيعتها‪ ،‬هل‬ ‫هي تتمتع بروح اخالقية أم مادية بحثة مرتكزة على القوة ومجردة من كل القيم‪.‬‬ ‫كل ما قمنا عرضه في هذا الكتاب هو من وجهة نظر وتمهيد للمدرسة‬ ‫االخالقية‪.‬‬ ‫وينغي لنا االن ان نستعرض منحنيات مدرسة القوة والمدرسة االخالقية‪.‬‬ ‫على أساس قانون العرض والطلب الطبيعي‪.‬‬ ‫حيث‪:‬‬

‫منحنى طلب االستراتيجية في مدرسة القوة‬ ‫ س ‪ :‬يمثل خط العمودي القوة العسكرية‪ ،‬وهو خط صاعد ‪X Axis‬‬‫ ص ‪ :‬يمثل خط االفقي القوة االقتصادية "النمو‪-‬التوسع‪-‬االنتاج" ‪Y‬‬‫‪Axis‬‬ ‫ أ يمثل منحنى االستراتيجية‪ ،‬وهو منحنى عرص ‪، Supply Curve‬‬‫كلما زادت القوة زاد الطلب على القوة االقتصادية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫فهذا ملخص مدرسة االستراتيجية‪ ،‬الحاجة الي القوة االقتصادية عن طريق‬ ‫التوسع االفقي على حساب الدول والمنظمات االخرى‪ ،‬وزيادة القوة العسكرية‬ ‫للتغلب في المنافسة المباشرة او الغير مباشرة‪.‬‬ ‫وبالتالي ينظر لنجاح االستراتيجية عن طريق زاوية منحنى االستراتيجية تجاه‬ ‫القوة العسكرية‪ ،‬وبمدى حجم القوة االقتصادية المستخدمة‪.‬‬ ‫لما كان هذا هو الحال في مدرسة القوة‪ ،‬فان المدرسة االخالقية جاءت بمنحنى‬ ‫الطلب "االستراتيجية" حيث ينبغي ان تكون مطلب كل الدول والشعوب‪ ،‬فهي‬ ‫صعود في النفوذ‪ ،‬وتوسع في النمو‪.‬‬ ‫و إذا نظرت للمعادلة عن طريق إحداثيات اخرى‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫منحني طلب االستراتيجية في المدرسة االخالقية‬ ‫االحداثيات‪:‬‬ ‫ س ‪ :‬يمثل خط االفقي للقوة االخالقية ‪ Ethical Power‬والقيم‬‫والعدالة‪X Axis ،‬‬ ‫ ص ‪ :‬يمثل خط العمودي القوة العسكرية‪ ،‬وهو خط صاعد ‪Y Axis‬‬‫ أ يمثل منحنى االستراتيجية‪ ،‬وهو منحنى عرص ‪، Supply Curve‬‬‫كلما زادت القوة االخالقية والقيم والعدالة واصبح لها ثمن مرتفع في‬ ‫الحياة االنسانية‪ ،‬كلما زاد انتاج القوة العسكرية واالقتصادية لحمايتها‪،‬‬ ‫وهكذا يصعد منحنى االستراتيجية‪.‬‬

‫في هذه الحالة يعتبر منحنى القوة االقتصادية او النمو واالنتاج او التوسع هو‬ ‫بمثابة منحنى الطلب في القانون الطبيعي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ويكون اعلى نقطة عند اعلى مستوى في احداثي س "االخالق والقيم"‪ ،‬وادنى‬ ‫نقطة عند اخر نقطة في احداثي ص "القوة العسكرية"‪.‬‬ ‫وعبر القانون الطبيعي سوف تحدث عملية توازن‪ ،‬عند تقاطع منحنى الطلب‬ ‫"التوسع االقتصادي" مع منحنى العرض "االستراتيجية"‪.‬‬

‫منحني طلب االستراتيجية والعالقة مع القانون الدولي‬ ‫االحداثيات‪:‬‬ ‫ س ‪ :‬يمثل خط العمودي القوة العسكرية‪ ،‬وهو خط صاعد ‪X Axis‬‬‫ ص ‪ :‬يمثل خط االفقي القوة االقتصادية "النمو‪-‬التوسع‪-‬االنتاج" ‪Y‬‬‫‪Axis‬‬ ‫ أ يمثل منحنى االستراتيجية‪ ،‬وهو منحنى عرص ‪، Supply Curve‬‬‫كلما زادت القوة زاد الطلب على القوة االقتصادية‪.‬‬ ‫في حين يمثل القانون الدولي منحنى الطلب‪.‬‬ ‫ويفيد الرسم البياني بانه عندما تكون معدل القوة صفر يكون منحنى استخدام‬ ‫القانون الدولي في اقصى درجة ممكن تحقيقها من القوة االقتصادية أي النمو‬ ‫والتوسع‪ ..‬وهذ بالطبع التصور المصالي‪ ،‬وربما في العالم البشري صعب‬ ‫تحقيقه بسبب غريزة المطامع والمظالم‪.‬‬ ‫وا لمهم هنا ان ندرك انه كلما انخفض مستوى االعتداد بالقانون الدولي كلما‬ ‫انخفضت القيمة المضافة‪ ،‬أي يكون تأثير القوة اقل‪ ،‬والفائدة من التوسع اقل‪.‬‬ ‫وكلما ارتفع معدل االعتداد بالقانون الدولي كلما كان اثر القوتين العسكرية‬ ‫واالقتصادية اكبر‪.‬‬ ‫كما اننا نستطيع ايضا ان نخفض من مستوى االستراتيجية‪ ،‬أي ان نجعل االتجاه‬ ‫نحو التوسع االقتصادي اكبر بالنسبة للقوة العسكرية‪ ،‬وهذا سوف يعطينا قيمة‬ ‫مضافة اكبر‪.‬‬ ‫اذا استراتيجية هانز التي تدعوا الي انتهاك القانون الدولي كليا‪ ،‬يترتب عنها ان‬ ‫يكون منحنى الطلب على القانون الدولي في ادناه‪ ،‬وهذا سوف يجعل القيمة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫المضافة وتأثير القوة العسكرية في ادناه‪ ،‬وهذا ما يفسر اليوم حجم القوة النووية‬ ‫الهائلة‪ ،‬ولكنها لم تحقق أي توسع وانما تهديد وتعريض العالم لمخاطر جمة‪.‬‬

‫القاري رسم هذه المنحنيات‪ ،‬وتفاصيل اكثر في كتاب منهجية السالم‬ ‫ويجد‬ ‫ْ‬ ‫العالمي‪.‬‬

‫‪-‬ج‪-‬‬

‫منظور الواقعية والقيادات‬ ‫نناقش مسائلتين مهمتين‪ ،‬وهما الواقع الذي تنبثق منه االستراتيجيات وكيف‬ ‫تتعامل معه من اجل تغييره وضبطه في اتجاه تحقيق االستراتيجية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وثانيا وهو مسالة ماهية القيادات االستراتيجية وكيفية فرزهم االولي‪ ،‬ثم‬ ‫اعداداهم الثانوي‪ ،‬او تطويرهم العالي‪.‬‬ ‫فالقيادة االستراتيجية هي صنعة متميزة في حد ذاتها‪.‬‬ ‫ويظهر من خالل هذا الفصل كثير من االمور االستراتيجية الهامة التي ينبغي‬ ‫على الحكومات والمنظمات االستفادة منها‪.‬‬

‫فرز القيادات االستراتيجية‬ ‫ان شر واشد ما تعاني منه الدول المتخلفة ان ينظر للجميع في الواقع القائم بانهم‬ ‫سواسية في طبائعهم‪ ،‬وقدراتهم‪ ،‬ومشاعرهم‪ ،‬ودوافعهم‪ ،‬وقدراتهم‪ ،‬وسلوكياتهم‪.‬‬ ‫وال يدركون ان هذه الطبيعة تصنع عبر االجيال‪ ،‬حيث يصير االنسان معدن‬ ‫ذات طبيعة معينة‪.‬‬ ‫فالدول االستراتيجية عميقة االهتمام باكتشاف المتميزين والمبدعين والمناسبين‬ ‫حسب كل مهمة‪.‬‬ ‫وهم يدركون ان مسالة االختيار هذه او الفرز او االنتقاء هي ألرضية الصلبة‬ ‫التي يتشكل على اساسها المستقبل ويصبح ذات قيمة‪.‬‬ ‫فخذ مثال‪ ،‬اكياس مملوءة بقطع من الفوالذ والحديد والذهب والفضة والنحاس‬ ‫منها الالمع ومنها المتأكل"‪.‬‬ ‫فإن تم التعامل معها على اساس طبيعة واحدة فهذا خسارة فادحة‪ ،‬وال قيمة‬ ‫اقتصادية او انتاجية‪ ،‬بل عبث حياتي واسع‪.‬‬ ‫وعندما تفرز هذه المعادن‪ ،‬يمكن صناعة منها كل حسب طبيعته قيمة متميزة‪،‬‬ ‫وخدمة متميزة‪ ،‬ويتكامل الذهب الذي هو في جميع االكياس‪ ،‬وهكذا الفضة‪،‬‬ ‫والنحاس‪ ،‬والحديد‪ ،‬ويعاد صياغة المتأكل فكل شيء يمكن ان يلمع ويحسن‪.‬‬ ‫وهذا الفرز حسب الطبيعية التربوية سوف يدفع االخرين واالسر باالهتمام بهذا‬ ‫الجانب الحيوي ‪ ،‬وهو اول قيمة ينظر إليها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وهذا ما نسميه افرز االستراتيجي العملي او التفاعلي او السلوكي أو الطبيعي‪،‬‬ ‫ويكون له إدارات متخصصة‪ ،‬وخاصة على مستوى الدول‪.‬‬ ‫ثم الفرز القيادي‪.‬‬ ‫ويقصد به فرز الذي لديهم قدرات قيادية استراتيجية‪ ،‬والذين لديهم ملكة او‬ ‫قدرات قيادية تنفيذية‪.‬‬ ‫ويتضح ذلك من خالل السلوك القيادي‪.‬‬ ‫حيث القادة االستراتيجيون يميلون للصمت‪ ،‬والنظرة الشاملة للمواضيع‪ ،‬والغرق‬ ‫في التفكير بشأن ربط المواضيع واالجزاء ببعض‪ ،‬فهم يميلون للعموميات اكثير‬ ‫من التفاصيل‪ ،‬ويميلون إلي انتاج تصور افضل بعد تشكل كامل االجزاء في‬ ‫ذهنهم‪.‬‬ ‫وعادة ما يقترحون فكرة جديدة‪ ،‬او يظهرون أخطاء كلية معينة‪ ،‬يهتمون‬ ‫بالحقيقية الكامنة وراء االمور والتي تفسر الواقع‪.‬‬

‫ما يجب ان يكون عليه القيادات االستراتيجية؟‬ ‫تسعى الدول من اجل صعودها والحماية من الهبوط إلي االهتمام بخلق خط من‬ ‫القيادات االستراتيجية‪ ،‬جميعهم مؤمنون بمدرسة استراتيجية معينة‪.‬‬ ‫وهذا الخط القيادي األعلى‪ ،‬او النخبة العليا‪ ،‬او القيادات المتميزة‪ ،‬هم من يرسم‬ ‫مصير شعوبها‪ ،‬ويشكل حقيقة النظام العالمي‪.‬‬ ‫وخصائص تدريبهم اشمل‪:‬‬ ‫‪ ‬القضايا الوطنية والعالمية‪ :‬تم تحديد القضايا الهامة في اذهانهم‪،‬‬ ‫وايمانهم بحلول معينة‪ ،‬ومخاطر معينة‪ ،‬وهم ينظروا للقضايا من‬ ‫مستويات علوية مالئمة‪ ،‬بحيث يظهر لهم كل اجزاء القضايا‪ ،‬وتشابكها‬ ‫ببعضها‪ ،‬ولديهم القدرة و تتوفر االمكانيات‪ ،‬بحيث يمكن طلب جزء‬ ‫معين من كل قضية‪ ،‬فتظهر تفاصيلها في الذهن واضحة وتناولها بعمق‬ ‫جزء في ظل تصور كلي علوي واضح و راسخ‪ .‬فهم يرون ال يمكن‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫فصل نتيجة القضايا الوطنية عن القضايا العالمية‪ ،‬فكل تطور عالمي‬ ‫البد ان يكون استراتيجيا مبرمج له سلفا‪.‬‬ ‫الواقعية و المستقبل‪ :‬يتعلم القادة االستراتيجيون بان الواقع يجب ان‬ ‫يكون من صنعهم مسبقا‪ ،‬والبد من استخدام كل امكانات القوة في الواقع‬ ‫من اجل ضمان المصالح في المستقبل ‪ ،‬فهم ال يفصلون بين الماضي‬ ‫والحاضر والمستقبل‪ ،‬وال يستلمون للواقع‪ ،‬هم يرون ان التحدي هو ما‬ ‫يخلق التقدم والتفوق‪ ،‬وان الحضارات هي نتاج تحدي االنسان لقوة‬ ‫للبيئة الطبيعية‪ ،‬فهم في حراك مستمر وتتغير للواقع متواصل‪ .‬ينظرون‬ ‫إلي ان كل واقع هو سلم للمستقبل البد من صعوده وحدهم او ضمن‬ ‫القادرين‪ ،‬وهكذا صعدوا للفضاء قبل غيرهم‪.‬‬ ‫التفاعل الداخلي والخارجي‪ :‬يرون ان السياسات الداخلية مرتبطة في‬ ‫نتائجها مع السياسات الخارجية‪ ،‬وان البيئة الداخلية للدول او المنظمات‪،‬‬ ‫هي نتاج ما يتحقق خارجيا من مصالح وتفوق وتوسع واستيعاب‬ ‫لألخرين‪ ..‬وبكلمات اخرى‪ ،‬يرون ان فشل الدول على صعيدها الداخلي‬ ‫هو حتما ايضا سيكون فشلها على الصعيد الخارجي‪ ،‬وفي الجانب‬ ‫اآلخر‪ ،‬يرون فشل دولهم ومنظماتهم على الصعيد الخارجي هو ايضا‬ ‫حتما سيكون فشال اوسع على الصعيد الداخلي‪ ،‬فهناك نظرة تكاملية‪،‬‬ ‫وعالقة عضوية في ضمائرهم‪ ،‬واذهانهم الرشيدة‪ .‬إال ان الدول المتخلفة‬ ‫تختار قيادتها الخارجية بشكل مؤسف للغاية‪ ،‬فكانت النتيجة سيئة على‬ ‫الصعيد الداخلي‪ ،‬وال زال الحال مستمر في الفشل والتدني والضعف‬ ‫االستراتيجي العربي متجذر وعميق‪.‬‬ ‫البحث عن العامل المميز‪ :‬لديهم القدرة على تحديد المميزات والقدرات‬ ‫واالمكانات التي تحقق لهم التميز في المنافسة او الصراع‪ ،‬واالستفادة‬ ‫منها وعدم ضياعها‪ ،‬فقد يكون العامل المميز هو العامل الرابط الذي‬ ‫يربط كافة مهام المنظمة في مسار واحد ومحققا للرؤية بكفاءة‪،‬‬ ‫فاكتشاف العوامل المميزة تتمتع القيادات االستراتيجية‪.‬‬ ‫تطوير التفكير االبداعي‪ :‬تتوفر لدي القادة االستراتيجيون ملكة انتاج‬ ‫االفكار االصيلة‪ ،‬وبشكل متعدد‪ ،‬ويمكنهم ان يضعوها في اساليب‬ ‫منطقية تمكن االخرين من فهمها‪ ،‬واالقتناع بها‪ ،‬واتباعها‪ ،‬فهم قادرون‬ ‫على تجزئة االفكار‪ ،‬وربطها ببعض‪ ،‬وهم قادرون ويحترمون‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االبتكارات‪ ،‬وليدهم رغبات في التجديد والتغيير والتميز في اداء‬ ‫منظماتهم او قطاعاتهم‪.‬‬ ‫‪ ‬امتالك القيم‪ :‬االخالق والقيم ليست عنصر واحد‪ ،‬وانما هي مركب من‬ ‫المبادي والمفاهيم واالساليب والسلوكيات والغايات‪ ،‬تجعل القادة‬ ‫ْ‬ ‫متحفزين ولديهم طاقات تفوق غيرهم في تحقيق النجاح وفق مسار‬ ‫واضح وراسخ‪ .‬فالقيم الحسنة هي التي تحفز القوة‪ ،‬وهي التي تدفع‬ ‫بالنشاط وتمنع التوقف او الفتور‪ ،‬او الهروب واالنكسار أو االنحسار‪.‬‬ ‫والقيم هي التي تجعلنا نقدر قيمة افعال او ردود افعال االخرين‪ ،‬وما‬ ‫يجب علينا فعله‪ ،‬القيم هي التي تبين لنا متى نقف وما ال يجب تجاوزه‪،‬‬ ‫القيم هي اساس التفضيالت‪ ،‬القيم هي التي تتحكم في مسائل الرغبات‬ ‫والكره والمحبة او القبول والرفض‪ ،‬القيم هي وراء التضحيات‪..‬‬ ‫وخالصة القول قيادات بدون قيم ايجابية ال قيمة استراتيجية لها في‬ ‫صعود اممها‪.‬‬ ‫‪ ‬الرسالة‪ :‬القادة االستراتيجيون يضعون اهدافهم في صورة رسالة‬ ‫رمزية‪ ،‬معبرة للجمهور‪ ،‬محفزة للعاملين‪ ،‬ضابطة لالدا والمخرجات‪،‬‬ ‫محترمة في اعين المنافسين والمتصارعين‪ ،‬فهي كلمات مؤثرة وفاعلة‬ ‫وموجهة‪ ،‬فمثال‪ ،‬القول " نحن امة قوية تحترم إرادة االخرين وتكافح‬ ‫من اجل حقوق االنسان وتبني الحضارة متماسكة بعقيدة سمحة ال تقبل‬ ‫الباطل أو الظلم وتنشر العدل والمساواة واالخاء والحق والحريات‪"..‬‬ ‫وربما اقصر من ذلك بكثير‪ ،‬المهم كلمات تصنع الحياة السليمة او‬ ‫المنتج السليم‪.‬‬

‫ماهية القيادة االستراتيجية‬ ‫ان القيادات االستراتيجية هي ظاهرة فردية‪ ،‬موزعة في العالم‪ ،‬فهي من‬ ‫التوازنات القدرية‪ ،‬ونرها تولد وتظهر في كل المجتمعات‪ ،‬وغير مقيدة بمكان او‬ ‫زمان او تفوق عرق بشري على أخر‪.‬‬ ‫ولكن المعضلة هو في تفوق مجتمع على اخر‪..‬‬ ‫وكثيرا ما نجد هجرة تلك القدرات والقيادات المتميزة المبدعة غلي بيئة افضل‬ ‫لكي تحصل على فرصة النجاح ونمو قدراتها المتميزة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والتي تبقى في المجتمعات المتخلفة مصيرها المعاناة واالنتهاء بدون ان يستفاد‬ ‫منها‪.‬‬ ‫الن المجتمعات عندما تتخلف حضاريا يصحب ذلك تخلفا ذهنيا‪ ،‬ويصبح الشق‬ ‫االيمن من الدماغ ضئيل‪ ،‬وال يعمل بصورة استراتيجية عقالنية كافية‪ ،‬وتصبح‬ ‫تميل إلي الفعل ورد الفعل الغريزي‪ ،‬وهو الخوف والهروب وعدم التحليل‬ ‫والميل للحياة البدائية‪ ،‬وعدم االعتزاز بالهوية‪ ،‬وعدم ادراك واحترام العقيدة‪.‬‬ ‫وتتفشى في المجتمعات امراض اجتماعية و ثقافية واقتصادية ال حصر لها‪.‬‬ ‫مما يعيق بروز القيادات االستراتيجية ولعب دور فيها‪.‬‬ ‫ولكن ذكرنا فيما سبق مسالة "الصحوة" واثارها في انطالقة الفكر االستراتيجي‬ ‫ومن ثم التحليل االستراتيجي لمصاحب له‪ ،‬واللذان من خاللهما تتشكل الرؤية‬ ‫القيادية والرؤية العامة المتكافئة نسبيا‪.‬‬ ‫وعندما نتحدث عن سمات القيادات االستراتيجية فأننا ينبغي ان ندرسها‬ ‫ونستنتجها من المجتمعات الحضارية‪ ،‬ألنها افرزت قيادات واقعية يمكن قياس‬ ‫نتائجها‪ ،‬ومقارنتها‪ ،‬ومعارفة سماتها‪.‬‬ ‫على كل حال‪ ،‬فيما يلي سمات القيادات االستراتيجية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫تتميز القيادات االستراتيجية بقدرة هائلة طبيعية من التفكير‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬ودائما عقولهم في حالة تحليل استراتيجي متزامنة‬ ‫ومتواصلة مع هذه القدرة التفكيرية المتميزة‪ ،‬مما يجعلهم على قدرة‬ ‫واسعة وكبيرة في صنع الرؤى الدقيقة والمبتكرة‪.‬‬ ‫هم اصحاب رؤية واضحة في اذهانهم‪ ،‬وهم يرون بسهولة وسرعة مما‬ ‫يعجز االخرون عن فهمه وتصوره‪ ،‬وهذه الرؤية تشكل لديهم حالة‬ ‫اندفاعية في اتجاه مسار محدد‪.‬‬ ‫هم اصحاب اهداف بعيدة‪ ،‬ويتحمسون لتحقيقها‪.‬‬ ‫اهدافهم دائما ذات طبيعية عامة‪ ،‬وتاريخية و وطنية‪ ،‬وطوية المدى‪،‬‬ ‫ونحو حلول لقضايا هامة‪ ،‬فهم ليسوا اصحاب مصالح ذاتية‪ ،‬وهذه ما‬ ‫يميزهم بسهولة عن القيادات االدارية التقليدية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫فكرهم االستراتيجي الهائل يخلق لديهم طاقة و اصرار هائل نحو تحقيق‬ ‫االنجاز الكبير المتهم‪.‬‬ ‫يقبلون التحديات وال يخافون منها ويوجهوها بأدوات العصر‬ ‫وبمناورات في غاية الذكاء‪ ،‬فهم اذكياء بشكل مميز‪.‬‬ ‫يحبون االبداع ويحترمون المبدعين‪ ،‬ويستمعون للعلماء ويقربوهم في‬ ‫مجالسهم‪ ،‬ويستعينوا بهم في مهامهم‪.‬‬ ‫يحبون االصالح‪ ،‬ويشجعون عليه‪ ،‬وهو ديدنهم‪ ،‬ويحاربون الفساد‬ ‫ويخشونه‪ ،‬ويكافحونه بقوة‪ ،‬ويدركون ما لإلصالح من اهمية في تحقيق‬ ‫منحزتاهم الحقيقية‪ ،‬وما لإلصالح من اهمية في سمعتهم التاريخية‪ ،‬فهم‬ ‫شرفاء‪ ،‬صادقون‪ ،‬امينون‪ ،‬يشعرون ان قيمتهم بسبب قيمهم العالية التي‬ ‫شكلت عقليتهم االستراتيجية الكاملة الجوانب االربعة‪.‬‬ ‫هم بالطبع اصحاب مرجعية واضحة راسخة ذات منظومة قيم متكاملة‪،‬‬ ‫ويؤمنون بها بشكل كبير ال نفاق فيه‪.‬‬ ‫هم بالطبع اصحاب منهجية تساعدهم على مناقشة رؤاهم وكيف‬ ‫يحققوها‪ ،‬ويمكن من خالل هذه المنهجية ان يحددوا عوامل النجاح ‪،‬‬ ‫ويحددوا مؤشرات قياس النجاح االستراتيجي‪.‬‬ ‫لديهم قدرات على انتاج افكار أصيلة متعددة‪ ،‬وهذه ما يتسبب في حب‬ ‫االبداع والمبدعين‪ ،‬واالبتكارات والتشجيع عليها‪.‬‬ ‫التواضع في رفعة والتصرف بحكمة‪ ،‬فهم قدوة لهم تأثير طويل المدى‪،‬‬ ‫فال يحبون اذالل البشر او اهانتهم‪ ،‬وانما تكريم من يستحق التكريم‬ ‫والرفعة‪ ،‬والعناية بمن يحتاج إلي تحسين واصالح‪ ،‬حيث البلدان‬ ‫والشعوب واالمم تقاس اوال وتصمد وتصعد بقوة صفوفها االمامية‪.‬‬ ‫االحساس الدائم والسريع بنقاط قوة وضعف الخصم ومعرفة كيفية‬ ‫التعامل معها‪.‬‬ ‫يحبون العدالة ويتخذونها اساس في ترسيخ قوتهم‬ ‫يقربون من هم على شكلتهم‪ ،‬فهو اصحاب ثقة عالية في قدراتهم‬ ‫وتميزهم‪ ،‬فال يخافون على فقدان ادنى مزياهم‪ ،‬فهم يعلمون تقدير‬ ‫العظماء لتفوقهم‪ ،‬ولهاذ نرى في الدين االسالمي‪ ،‬انه من رأى اعلم‬ ‫واعظم منه فليقدمه للمهمة‪ ،‬لكي ال تسجل له خيانة عند هللا‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والقيادات االستراتيجية هي الصفوف االولى في الدول‪.‬‬ ‫وهم رؤساء الدول والحكومات والبرلمانات ومجالس القضاء والمحاكم‪،‬‬ ‫والهيئات والمنظمات العامة واالستراتيجية‪.‬‬ ‫وال يقصد به مدراء المستويات الوسطى‪ ،‬فهم منهجيون‪ ،‬اكثر من كونهم‬ ‫مرجعيون‪ ،‬وهم تابعون اكثر من كونهم قياديون مستقلون‪.‬‬ ‫وانما البد من توفر قدر من السمات االستراتيجية التي تمكنهم من التفاعل‬ ‫والتعامل وتحويل رؤى القيادات العليا غلي تطبيقات منهجية فاعلة ومستقرة‪.‬‬ ‫ان في هذا العالم يولد كثيرون بهذه الميزات‪.‬‬ ‫ولكن االكثر هم من يولدوا دهماء بسطاء مما ان تستغلهم أي استراتيجية معادية‪،‬‬ ‫وتسخرهم‪ ،‬ضد االصالح وضد الحق وضد العدالة وضد الحريات‪..‬‬ ‫وهذه القوة الفاسدة هي من يصنع جيوش االجرام التي تحرم المجتمعات من‬ ‫فرص وصول قيادتها االستراتيجية للمراكز والمواقع بحيث تبدا عجلة التقدم‬ ‫والصعود والتوسع الحقيقي‪.‬‬ ‫فليس هناك من مجتمع متخلف وال توجد سجناء الراي واجهوا الطغاة وسجنوا‬ ‫وعذبوا وضحوا من اجل االصالح والنماء وسعادة وامن شعوبهم‪ ،‬فهم العظماء‬ ‫وهم هبة الخالق لتلك المجتمعات التي ظلمتهم‪ ،‬بصمتهم وخبنهم وجهلهم‪،‬‬ ‫واطماعهم الذاتية‪.‬‬ ‫ان المجتمعات ال يمكن ان تنهض وتتميز اال من خالله قادتها االستراتيجيون‪.‬‬ ‫وعندما يصل القادة المتميزون للسلطات وتلتف حولهم شعوبهم فاعلم ان هذا‬ ‫المجتمع هو العظيم فعال‪.‬‬ ‫ومن االهمية بمكان ادراك اهمية ودور واستغالل المعادالت الطردية‬ ‫االستراتيجية التي تربط العالقة العضوية بين تفاعالت القيادات االستراتيجية‬ ‫وجيوش الدول‪ ،‬وتفاعالت الشعوب مع عملية تشكل جيوشها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫العالقات االستراتيجية الطردية‬ ‫وهي كما يلي‪:‬‬ ‫القيادات االستراتيجية ‪ <-----‬الجيوش االستراتيجية‬ ‫الشعوب الحضارية ‪ <---------‬الجيوش االستراتيجية‬ ‫وقد استخدمت هذه العالقات االستراتيجية في بناء استراتيجيات ادت إلي صعود‬ ‫أمم بالقوة والتنمية الفكرية والمادية وهبوط االخرى بالضعف والتخلف على‬ ‫المستويين الفكري والممادي‪.‬‬ ‫ويحدد قانون العالقة الطردية االستراتيجية الطبيعية‪ ،‬االتي‪:‬‬ ‫ ان القيادات االستراتيجية االصالحية صحيحي وسليمي المرجعية‪ ،‬تولد‬‫جيوش استراتيجية عقيدتها حماية االمة والكرامة االنسانية وحدود‬ ‫االوطان واالنسان‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬ ‫ ان الشعوب الحضارية اليقظة الناهضة تفرز من ابنائها جنود عظماء‬‫شرفاء يرفعوا راية االوطان ويخدموا العقيدة واالنسان والحضارات‪.‬‬ ‫وبذلك استخدمت هذه المعدالت الطردية منذ بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬على‬ ‫اضعاف دول عظمى‪ ،‬و عن طريقها تم تفتيت حضارات وقيام عالم متحضر‬ ‫وتحويله إلي عالم ثالث‪.‬‬ ‫ولكي ال نخرج عن عمومية وموضوعية طرح النظرية االستراتيجية في هذا‬ ‫الكتاب‪.‬‬ ‫فسوف نناقش بأكثر تفصيل في كتاب "االستراتيجية الدبلوماسية‪ ..‬والتوازنات‬ ‫االخالقية والصراعات والمصالح"‪ ،‬بشكل محدد ودقيق للغاية‪.‬‬

‫مقارنة التفكير االستراتيجي والتفكير التنفيذي‬ ‫هناك نمطين من القيادة متميزين‪ ،‬لكل منهما خصائصه وادواره كما يلي‪:‬‬ ‫اوال‪ ،‬خصائص التفكير االستراتيجي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫التخطيط ‪ :‬طويل المدى‬ ‫الشكلية ‪ :‬تفكير تصوري يتبلور حسب رؤية‬ ‫الكيفية ‪ :‬انعكاسي أي اسقاط تعليمي او تصوري على الواقع‬ ‫االهتمام‪ :‬ايجاد حلول للقضايا الكبيرة والمستقبلية والفرص‬ ‫االبداع ‪ :‬دائما منشغل بالبحث الجديد والتجديد واستباق االنسدادات‬ ‫الفاعلية ‪ :‬البحث عن النتائج‪ ،‬بمعنى ما نتيجة العمل؟‬ ‫المستوى‪ :‬فوقي‪ ،‬أي النظر من علو لرؤية المشهد بكامله‬ ‫كـلـي ‪ ،‬أي النظر إلي المشهد بكامله‪ ،‬ورؤية كل االجزاء والمهام و‬ ‫المسارات الممكنة والمحتملة‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬خصائص التفكير التنفيذي‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫التخطيط ‪ :‬قصير المدى ومباشر‬ ‫الشكلية ‪ :‬تفكير عملي‬ ‫الكيفية ‪ :‬فعل وعمل‬ ‫االهتمام‪ :‬حل المشاكل االنية‬ ‫االبداع ‪ :‬ال يوجد فالتعامـل جوهره مع الروتين والمسلمات ‪ ،‬والتعامل‬ ‫مع االنسدادات عند وقوعها‬ ‫الفاعلية ‪ :‬ال يبحث عن الفاعلية وانما يبحث عن الكفاءة‪ ،‬أي كيف‬ ‫يؤدى العمل؟‬ ‫المستوى‪ :‬ميداني‬ ‫جزئي ‪ :‬أي النظر إلي المهمة أو الجزء المتعامل معه فقط‪.‬‬

‫في حقيقة االمر‪ ،‬جميع الدول والمنظمات تحتاج في ارض الواقع إلي النوعين‬ ‫من التفكير‪.‬‬ ‫كما ان كل القيادات البد لها وان تمتاز نسبيا بقدر مناسب من الخصائص حسب‬ ‫حاجة موقعها‪.‬‬ ‫فمواقع اتخاذ القرارات عادة ما توصف بانها استراتيجية‪ ،‬فرؤساء المنظمات‬ ‫مسئولي عن تفعيل االستراتيجية العليا‪ ،‬ومدراء االدارات مسئولي عن تفعيل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫االستراتيجية الوظيفية او التنافسية حسب المجال‪ ،‬ورؤساء االقسام مسئولي عن‬ ‫تنفيذ االستراتيجية التشغيلية‪.‬‬ ‫وتقل خصائص التفكير االستراتيجي وتزداد خصائص التفكير التنفيذي كلما‬ ‫اتجاهنا من اعلى الهرم غلي اسفله‪ ،‬سواء في الدولة او القطاعات والمنظمات‪.‬‬ ‫ولكن الذي نسلمه هو االهتمام فقط بالتفكير التنفيذي‪ ،‬وهو فطري‪ ،‬وغريزي‪،‬‬ ‫وال يحتاج إلي جهد فكري‪ ،‬ومن هناك تظهر كثير من العيوب في الدول‬ ‫والمنظمات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ تكرار حدوث االزمات ‪ :‬حيث تصبح الدولة او المنظمة معتمدة على‬‫ردود االفعال‪ ،‬وكأنها مؤسسة اطفاء الحريق‪ ،‬تفاقم االوضاع‪ ،‬خسائر‪،‬‬ ‫حلول جزئية‪ ،‬عدم رضا عام‪ ،‬عدم التحكم في الفساد‪ ،‬انخفاض معدالت‬ ‫النمو‪ ،‬بطالة مقنعة‪ ،‬توسع سلوكيات سلبية على مستوى العاملين‬ ‫والمجتمعات والقيادات‪.‬‬ ‫ تفاقم االخطار الخارجية‪ :‬عدم وجود تفكير استراتيجي‪ ،‬يعني عدم وجود‬‫االهتمام بالصعود والقوة والفوز‪ ،‬بمعنى اخر حالة من الضعف المريء‬ ‫للخصوم ‪ ،‬ومن هنا تكثير التدخالت الخارجية‪ ،‬كما ان اثار‬ ‫االستراتيجيات للدول االخرى تصيب المنظمات والدول والقيادات في‬ ‫مقتلها‪ ،‬بمعنى ال يوجد نظام مناعة يحمي كيان الدولة‪.‬‬ ‫ ضياع الفرص‪ ،‬ال يمكن رؤية الفرص‪ ،‬وال يمكن استغالل ما تتعرض‬‫له من فرص او ما تمتلكه من امكانات وقدرات‪ ،‬بسبب االنشغال‬ ‫بالمشاكل اليومية‪ ،‬وضياع جهود كبيرة‪ ،‬وموارد ضخمة‪ ،‬وما يبرز من‬ ‫زيادة في تعقيدات الواقع وتشعباته المنبعثة من االخطاء والضارة على‬ ‫المدى االني والقصير والطويل‪.‬‬ ‫ومن هنا نلمس بان الحاجة غلي التفاعلية والتكاملية بين التفكيرين والقيادتين‬ ‫االستراتيجية والتنفيذية هي مسالة حيوية وهامة على صعيد مصير البلدان‬ ‫ومنظماتها‪.‬‬ ‫من اجل تفادي االزمات‪ ،‬واالخطار الخارجية‪ ،‬واالستفادة من الفرص‬ ‫واالمكانات‪ ،‬واالستثمار في الواقع لمستقبل االفضل‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ادوات اعداد القيادات االستراتيجية‬ ‫تعتبر الدول والمنظمات مسئولة عن تنمية ملكة التفكير االستراتيجي على‬ ‫مستوى مختلف قياداتها‪.‬‬ ‫ويعد التدريب االستراتيجي من ابرز وانجح هذه الوسائل التنموية القيادية‪.‬‬ ‫وال نركن إلي وهم االعتقاد بان كل القيادات تفكر استراتيجيا‪.‬‬ ‫فالواقع يدل على عكس ذلك تماما‪ ،‬حيث العمل الروتيني‪ ،‬وطول مدة التكليف‪،‬‬ ‫تنتج عنه‪ ،‬ظاهرة "المسلمات" حيث تصبح االمور كأنها مسلمة‪ ،‬ويكون‬ ‫التصرف معها بحالة شبيهة بأال وعي‪ ،‬وهي خمول وظيفي وكساد واال مباالة‪،‬‬ ‫وتدني االنتماء‪ ،‬واالتجاه للسلوكيات الخاطئة‪.‬‬ ‫فبقاء القيادات والعاملين دائما على ما هم عليه‪ ،‬كالماء الذي ال يتجدد يتعكر‪،‬‬ ‫ويتغير لونه‪ ،‬ونقائه‪.‬‬ ‫فهناك امرين لحل هذه االشكالية الطبيعية‪:‬‬ ‫اوال‪ ،‬الوقوف على حقيقة االمور‬ ‫ثانيا‪ ،‬التدريب‬ ‫وتشمل مسالة الوقوف على حقيقة الواقع‪ ،‬المراجعة الميدانية‪ ،‬والمراجعة‬ ‫الذاتية‪ ،‬والظهور على طبيعة مشاعر‪ ،‬وسلوكيات العاملين في القطاعات‬ ‫والمنظمات‪ ،‬وتقدير المستوى العقلي الذي تمتاز به كل قيادة مكلفة‪ ،‬مدة انشغالها‬ ‫بالوظيفة‪ ،‬وما تراه افضل‪ ،‬كيف تفكر في مستقبلها الوظيفي ومستقبل المنظمة‪،‬‬ ‫ما هي المشاكل التي تراها‪ ،‬وما هي مقترحاتها في الحل‪..‬‬ ‫ومثل هذه الدراسات االستراتيجية التحليلية سوف تظهر حقائق كانت عمدا ط ْي‬ ‫االهمال والكتمان‪.‬‬ ‫وتبرز الحاجة للمواجهة والمعالجة واالصالحات‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫والدول التي ال تستطيع فعل ذلك‪ ،‬فهي في احدى الحاالت التالية‪ :‬اما انها في‬ ‫واقع االزمة‪ ،‬او انها في واقع الفساد السياسي والمالي‪ ،‬واما انها ال تمتلك قيادات‬ ‫استراتيجية عليا جيدة‪.‬‬ ‫فمسالة انتقاء القيادات والحرص على اعادة تركيبها وبلورة افكارها واستغاللها‬ ‫االمثل هو احدى الخطوات في مسارات الصعود‪.‬‬ ‫وتشمل مسالة التدريب استخدام االدوات االتية‪:‬‬ ‫‪ ‬اعادة التأطير ‪ :reframing‬يهتم التدريب االستراتيجي بمسالة تعليم‬ ‫القيادات على عملية ايجاد الحول للمشاكل الواقعية والمنظورة مستقبليا‪،‬‬ ‫عن طريق البحث عن االسباب والعلل والقصور والعوامل‪ ،‬وعدم‬ ‫النظر إلي ظاهر المشكلة‪ ،‬بل الذهاب إلي جوهرها‪ ،‬وهذا يحتاج إلي‬ ‫حلقات من التدريب‪ ،‬تحصر فيها‪ ،‬االزمات والمشاكل والمخاطر‪ ،‬وتبدأ‬ ‫عمليات اعادة التأطير‪ ..‬عمليات البحث عن جذور المشاكل‪ ،‬واالزمات‪،‬‬ ‫والعوائق‪ ،‬وسبر اعماق الظواهر‪ ،‬ومن ثم اعادة التأطير حيث تنتج اطر‬ ‫عمل جديدة‪ ،‬جزئية وكلية‪ ،‬وغالبا ما تنتج عنها اعادة هيكلة وهي تسبق‬ ‫اعادة البناء المزعومة عند حلول االزمات‪ ،‬وتنتج عنها افكار جديدة‪،‬‬ ‫وتحديات ‪ ،‬تحتاج إلي نوايا استراتيجية حقيقية‪.‬‬ ‫‪ ‬التعامل مع الموضوع من خالل زوايا متعددة‪ :‬عند تدريب القيادات‪،‬‬ ‫البد من تأهيلهم على ممارسة النظر إلي المشاكل واالمور االنية‬ ‫والمستقبلية من خالل زوايا متعددة‪ ،‬حيث الناس مجبولين غريزيا على‬ ‫النظر دائما من زاوية واحدة‪ ،‬وعادة ما تكون القرارات المتخذة على‬ ‫البعد والزاوية الواحدة قاصرة وغير استراتيجية‪ ،‬بل ربما تسبب ظهور‬ ‫مشاكل وزيادة احتماليات االزمات‪ .‬وسوف نشرح هذا التكتيك ببعض‬ ‫التفصيل‪.‬‬ ‫‪ ‬استخدام االسلوب البحثي‪ :‬وفيها يتم اعطاء القيادات مشاكل موجودة‪،‬‬ ‫او طلب منهم‪ ،‬عرض مشاكل يرونها تواجههم‪ ،‬ومن االشتراك‬ ‫الجماعي في البحث عن الحل المشترك‪ .‬كما يشمل ايضا االهتمام‬ ‫بجانب تشجيع القيادات على تقديم الدراسات والقيام باألبحاث‪ ،‬وتقييم‬ ‫دراسات وابحاث عالمية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪ ‬استخدام لعب االدوار‪ :‬وهي عن طريق "دراسة الحالة"‪ ،‬بحيث يفوض‬ ‫القيادي المرشح لدور معين‪ ،‬ومن ثم النظر إلي سلوكه‪ ،‬وقراراته‪،‬‬ ‫وخطة عمله‪ ،‬وتصوراته‪ ،‬مما يحفز العملية العقلية االستراتيجية‪،‬‬ ‫وعندما يواجه الواقع يكون تمرس عليه مسبقا‪ .‬وال يجعل الدولة او‬ ‫المنظمة حقل تجارب‪ ،‬وضيع الفرص واالمكانات وحدوث االزمات‪.‬‬ ‫وجود ادارة استراتيجية علي في الدولة او معهد استراتيجي من الوسائل الالزمة‬ ‫لالنطالقة االستراتيجية والمحافظة على استمراريتها وتطورها‪.‬‬ ‫تكتيك التدريب على كيفية التعامل مع المواضيع واتخاذ القرارات بعد النظر من‬ ‫زوايا متعددة‪:‬‬ ‫عند النظر للموضوع أي كان او قرار مطلوبا‪ ،‬فيلزم التدرب على النظر في‬ ‫اتجاهات او اهتمامات ستة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫زاوية الحقائق واالرقام ‪ :‬التدريب على ممارسة طلب ما يتصل بهذا‬ ‫الموضع او القرار كل الحقائق واالرقام‪ ،‬وبقدر العقلية االستراتيجية‬ ‫القيادية تظهر الحقائق واالرقام‪.‬‬ ‫زاوية المشاعر‪ ،‬التدريب على النظر واستخدام ما يحتاجه الموضوع‬ ‫من قيم واخالق‪ ،‬وما يفتقده المعنيين‪ ،‬من تلك المشاعر والقيم‪ ،‬وما اثار‬ ‫القرار االخالقية واالنسانية‪ ،‬فالفساد ينبث عن طريق غياب مثل توظيف‬ ‫المشاعر االيجابية بشكل بناء وكلي‪.‬‬ ‫زاوية االيجابيات ‪ :‬التدريب على النظر إلي ما يحققه القرار والحل من‬ ‫مكاسب وفوائد سواء كمية او نوعية‪ ،‬وما هي اثارها‪ ،‬وابعادها االنية‬ ‫والمستقبلية‪ ،‬وما يحققه من تفادي ومعالجات للسلبيات‪.‬‬ ‫زاوية االبداع‪ :‬التدريب على التفكير االبداعي‪ ،‬وهو يتمثل ‪ ،‬في صنع‬ ‫الرؤى والتصورات‪ ،‬ونقد للواقع‪ ،‬ومقترحات التجديد والتغيير‬ ‫والتطوير‪ ،‬وانواع االبتكارات الممكنة والتأملية والمأمولة‪.‬‬ ‫زاوية التحكم والضبط‪ :‬التدريب على كيفية التحكم في سير االمور على‬ ‫خط استراتيجي‪ ،‬وضبط كافة االمور والنواحي ذات الصلة‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫ضبط السلوكيات‪ ،‬مواعيد االنجاز‪ ،‬درجات االنجاز‪ ،‬المواصفات‪،‬‬ ‫المنافسات‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ زاوية السلبيات‪ :‬ايضا التدريب على التعرف على انواع السلبيات‬‫الموجودة‪ ،‬والمحتملة‪ ،‬واكتساب القدرة على تصويبها‪.‬‬ ‫يقوم بمثل هذا التدريب االستراتيجي قيادات استشارية متميزة‪ ،‬ومن خاللها‬ ‫سوف تظهر كثير من الحقائق‪ ،‬فيتم اكتشاف المواهب‪ ،‬وكذلك يتم اكتشاف‬ ‫القيادات الفاشلة‪ ،‬التي يلزم تغييرها‪ ،‬فالدولة والمنظمات ليست رهان الفشل او‬ ‫النجاح‪ ،‬بل االصرار على واجب الفوة هو الواجب االستراتيجي‪ ،‬وهو الواجب‬ ‫المصيري‪ ،‬وهو ما يعكس جدارة البقاء والحياة‪.‬‬ ‫ولقد ذكرنا لمحة عن انواع ادوات اعداد القيادات االستراتيجية‪ .‬ا‬ ‫وبعد ما يتم التدريب االستراتيجي االعدادي‪ ،‬تذهب القيادات إلي مرحلة التدريب‬ ‫القيادي االستراتيجي التطويري‪.‬‬

‫آليات تطوير القيادات االستراتيجية‬ ‫تقدم لنا العلوم االستراتيجية "االليات الخمس" لتطوير قدرات القيادة في مواجهة‬ ‫تعقيدات الواقع التي تواجه تطبيق االستراتيجيات‪.‬‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫آلية االستجابة لتعقيدات الواقع‬ ‫آلية التوسع والروافع ‪Stretch and leverage‬‬ ‫آلية معالجة التغيير‬ ‫آلية المناورة االستراتيجية‬ ‫آلية مواجهة الضغوط الخارجية‬

‫وفيما يلي شرح المقصود بكل آلية‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬تطوير القيادة على آلية االستجابة لتعقيدات الواقع‬ ‫غالبا وفي كل االحوال تجد ان واقع الدول والمنظمات شديد التعقيد‪.‬‬ ‫وكثيرا ما يكون مضطرب وخاصة في االزمات او التحوالت االستراتيجية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪strategic‬‬ ‫ويرى االستراتيجيون بان هناك اربعة "استراتيجيات تكتيكية‬ ‫‪ " techniques‬من اجل التعامل مع الواقع واالستجابة بطريقة تضمن خط‬ ‫نجاح تطبيق االستراتيجية‪.‬‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫التكتيك التخطيطي االستراتيجي‪ :‬ومنطق اهل آلية هذه االستجابة‪ ،‬هو‬ ‫ان عند تطبيق االستراتيجيات‪ ،‬سوف تكون التغييرات الالزمة تحدث‬ ‫تدريجية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬رسم خط سير يبين االستراتيجية المقصودة‪،‬‬ ‫واالستراتيجية القائمة‪ ،‬ويتم السير على هذا الخط من اجل معالجة‬ ‫المقاومة واالحتواء الالزم‪ ،‬واحداث التغييرات المطلوبة‪ ،‬الن‬ ‫االستراتيجيات البد وان تحدث تطورات وتحديات اثناء تطبيقها‪ ،‬مما‬ ‫يحتاج تحديد آلية االستجابة والسير قدما‪.‬‬ ‫آلية االستراتيجية الناشئة‪ :‬ويقول اهل آلية هذه االستجابة‪ ،‬ان عند‬ ‫االحتكاك بالواقع في تطبيق االستراتيجية‪ ،‬يقابلها االضطراب‪ ،‬فيتم وهو‬ ‫في حالة متوسطة‪ ،‬استخدامه تغذية مرتجعة ‪ ، feedback‬ويتم اعادة‬ ‫تشكيل االستراتيجية المقصودة‪ ،‬مما يخلق واقعا جديدا‪ ،‬نتيجة لبروز ما‬ ‫يعرف "باالستراتيجية الناشئة"‪ ،‬وعبر هذا المنطق فان االستراتيجية‬ ‫المقصودة في حالة تغيير ديناميكية حسب درجات االضطرابات‪ .‬الن‬ ‫االضطرابات ربما تكون نتاج في التصورات‪ ،‬او غير مستوفية‬ ‫االشتراطات الزمنية او البيئية المحلية او الخارجية‪.‬‬ ‫آلية القيادة الملهمة‪ :‬وهذا المنطق يعتمد على اختيار وقدرات القائد‬ ‫الملهم‪ ،‬تتشكل على ضوئها تتحدد شكلية تطبيق االستراتيجية ونتائجها‬ ‫المحكومة بدرجة تعقيدات الواقع وطرق التعامل معه‪.‬‬ ‫آلية النوايا االستراتيجية‪ :‬يرى اهل هذا المنطق في التعامل معه‬ ‫واالستجابة للتحديات واالضطرابات والتعقيدات عن طريق ممارسة‬ ‫القيادات للرؤية االستراتيجية‪ ،‬حيث هذه الرؤية تخلق ما يسمى بالنوايا‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬يمكن من خاللها تكثيف الجهود وخلق االحتشاد الالزم‪،‬‬ ‫والتعرف على الفرص ‪ ،‬وتحديد االتجاهات‪ ،‬مما يمكن القادة‬ ‫االستراتيجيون ان يميلوا نوعا ما عن االهداف المرسومة‪ ،‬واستخدام‬ ‫النوايا‪ ،‬وهي لها مخاطر‪ ،‬ولكن ينصح بعملية اتخذا تدابير وتقديرات‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫مالئمة عدة‪ ،‬الن الطموح ليس مثل االهداف‪ ،‬فالطموح قد تكون غير‬ ‫واقعية وال يوجد لها امكانات‪ ،‬ولذلك النوايا االستراتيجية في االستجابة‬ ‫للواقع تمارس بواقعية ايضا‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬تطوير القيادة على آلية التوسع والروافع‬ ‫في حقيقة االمر‪ ،‬ان االستراتيجيات جميعها تهدف إلي تحقيق الصعود في اتجاه‬ ‫االعلى‪ ،‬والتوسع في االتجاه االفقي‪.‬‬ ‫وهذا العملية تحتاج على ارض الواقع إلي ما يسمى الروافع ‪. leverages‬‬ ‫كيف يحدث هذا على ارض الواقع؟‬ ‫الواقع كما ذكرنا هو مركب من التعقيدات والمقاومات والتحديات والعراقيل‪.‬‬ ‫وف ي اثنا الصعود او التوسع احتاج إلي تكتيكات استراتيجية في التعامل مع‬ ‫الواقع في نقاط محددة‪ ،‬وعلى سيبل المثال‪ ،‬فيما يلي آليات الروافع التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫تكتيك تركيز الموارد‪ :‬معناه تستطيع المنظمة او القطاع او الدولة تركيز‬ ‫مواردها االساسية عندما تنتقي المنظمة هدفا محوريا يشكل مركز ثقل‬ ‫في تطبيق ومستقبل االستراتيجية‪.‬‬ ‫تكتيك تجميع الموارد‪ :‬معناه تفادي المنظمة تشتيت استخدام مواردها‪،‬‬ ‫من اجل استخدامها في اتجاهات محددة‪ ،‬وليست في اتجاهات كثيرة‬ ‫غير ذات فائدة‪.‬‬ ‫تكتيك تكامل الموارد ‪ :‬في هذه الطريقة تنظر المنظمة او الدولة إلي‬ ‫محيطها وتكتشف الفرص التي تعينها بالتكامل في داخلها مع االخرين‪،‬‬ ‫مما يقوي المواقع نحو البيئة الالزمة‪.‬‬ ‫تكتيك ترشيد الموارد ‪ :‬وفي هذه الطريقة تعكف المنظمة او الدولة على‬ ‫دراسة حجم عملياتها وتفادي أي هدر‪ ،‬وعالج ظواهر التضخم غير‬ ‫المبرر في حجم القوى العاملة لتفادي تكاليفه وتدني كفاءته وما ينجم‬ ‫عنه من سلوكيات‪.‬‬

‫االستراتيجيات والقرارات تحتاج آليات التخطيط والروافع وال يصلح التنفيذ‬ ‫بدون تسخير كل مقومات النجاح الممكنة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ثالثا‪ ،‬تطوير القيادة على آلية معالجة التغيير والسلوكيات‬ ‫تمر الدول والمنظمات بدورات حياتية استراتيجية‪ ،‬كل دورة لها واقع معين‪،‬‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫مرحلة البناء‪ :‬واقع يحتاج إلي كفاءة بناء النظم واستقطاب الكوادر‬ ‫المتميزة‪.‬‬ ‫مرحلة االستقرار‪ :‬نجاح مرحلة البناء يؤدي إلي ما يسمى بمرحلة‬ ‫االستقرار‪ ،‬وهذا واقع يجشع ويلزم بإجراء عمليات معايرة‬ ‫االستراتيجيات وضبطها‪ ،‬وفي هذه المرحلة تستمد االستراتيجية قوتها‬ ‫وتجذرها‪.‬‬ ‫مرحلة التأقلم‪ :‬واقع يحتاج إلي اجراء تغييرات طفيفة للتناسب مع‬ ‫التغيرات المحيطة الصغيرة‪ ،‬فال يمكن تصور واقع محيط بدون‬ ‫تغييرات وتطورات‪ ،‬والبد لالستراتيجيات من مرونة التكيف‪.‬‬ ‫مرحلة الصراع‪ :‬واقع يحتم االنطالق في اتجاه جديد عبر مراحل ‪ ،‬او‬ ‫تغيير االتجاه بشكل سريع‪ ،‬او تغيير التجربة او بسبب حدوث خطأ‪،‬‬ ‫وهذا واقع يحتاج للمغالبة‪.‬‬ ‫مرحلة الثورة‪ :‬وهي واقع يحتاج للتغير الشامل‪ ،‬االداري والسياسي‬ ‫واالقتصادي والثقافي‪ ،‬ويجب ان يتم بشكل سريع وفي جميع‬ ‫االتجاهات‪ ،‬والمفاهيم واالسس من اجل واقع جديد‪.‬‬

‫وهكذا ت بدأ مراحل دوران حياة الدول او المنظمات من جديد‪ ،‬بناء‪ ،‬ثم استقرار‪،‬‬ ‫ثم تأقلم‪ ،‬ثم صراع‪ ،‬ثم ثورة‪.‬‬ ‫طول مرحلة االستقرار والتأقلم هي ما يميز قوة استراتيجية عن أخرى‪.‬‬ ‫فالستراتيجيات المحكمة والقيادات الحكيمة يمكن ان تجعل مرحلة االستقرار‬ ‫قرونا عديدة‪ ،‬وكذلك مرحلة التأقلم‪.‬‬ ‫والقيادات الغير استراتيجية تضيع منها الفرص سريعا‪ ،‬وتكون فترة االستقرار‬ ‫قصيرة‪ ،‬مما يوقعها في صراع واسع‪ ،‬وتبدل االستراتيجيات وطبيعة البناء‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫كما ان االستراتيجيات تواجه واقع يحتاج إلي مرحلة البناء‪ ،‬والدخول إلي‬ ‫االستقرار وضبط االستراتيجيات‪ ،‬ومرحلة التأقلم لالستمرارية مع التكييف‬ ‫للتغيرات المحيطة والدولية‪ ،‬واالستعداد للصراع وتفادي الثورات‪.‬‬ ‫مهارات قيادية استراتيجية‬ ‫وهناك مهارتين قيادتين مهمتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ المهارة القيادية في زيادة الكفاءة‪ :‬البد من حرص القيادات على زيادة‬‫الكفاءة لقطاعات والمنظمات‪ ،‬وهي استراتيجية ادارية قصيرة المدى‪،‬‬ ‫وتشمل كل المجاالت‪ ،‬والمهام التشغيلية‪.‬‬ ‫ المهارة القيادية في االستعداد للمستقبل‪ :‬البد من وجود تصور ما يجب‬‫ان يكون عليه القطاع او لمنظمة في المستقبل‪ ،‬وهو استراتيجية طويلة‬ ‫المدى‪ .‬وترتكز على االستعداد لمواجهة التغييرات المحتملة وما يلزم‬ ‫من تغييرات في البيئة الداخلية والمحيطة‪ ،‬ويشمل ذلك تغيير السلوكيات‬ ‫البشرية الخاطئة‪ .‬وهو امر بالغ االهمية ويحتاج إلي مهارة استراتيجية‬ ‫دقيقة‪.‬‬ ‫المهارة االستراتيجية في متطلبات التغيير السلوكي‬ ‫جميع االعمال االستراتيجية تستدعي نوعا من التغيير‪.‬‬ ‫وطبيعيا اصعب هذه التغييرات الالزمة هو تغيير سلوك الناس‪.‬‬ ‫وتغيير سلوك العاملين فن البد أن يتعلمه القادة االستراتيجيون‪ ،‬ويقومون به‬ ‫بكفاءة‪.‬‬ ‫وتحتاج الناس لثالثة امور لتغيير سلوكها‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ التوجيهات‪ :‬صدور توجيهات واضحة وملزمة حول السلوك المطلوب‪.‬‬‫وتهتم القيادة بالمتابعة السريعة‪ ،‬والتنفيذ الشامل‪ ،‬والتغلب على الصعاب‬ ‫بشكل حازم وفوري‪ ،‬بحيث ال تنتهك التوجيهات في مهدها‪ ،‬وتؤدي إلي‬ ‫نوع تعنت ورسوخ السلوك المقاوم والسلبي الذي يضر بواقع‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ االستطاعة‪ :‬وهذا يعني البد من تأكد القيادات من توفر بيئة يقدر من‬‫خاللها تنفيذ العاملين لتلك التوجيهات السلوكية المطلوبة‪ ،‬وهنا يلزم من‬ ‫توفر معطيات بيئية مالئمة لتطبيق التوجيهات‪ ،‬فالسياسات مثل‬ ‫الحوافز‪ ،‬واختيار القيادات ونظام التعويضات‪ ،‬وتمييز اصحاب السلوك‬ ‫الحميدة وترقيتهم وتمكينهم‪ ،‬ومحاسبة الفاسدين واستثنائهم من مواقع‬ ‫القيادة ‪ ،‬جميعها من عمليات تحسين البيئة‪.‬‬ ‫ اإلرادة‪ :‬البد من توفر اإلرادة على كافة المستويات‪ ،‬وان تراقب هذه‬‫االرادة استراتيجيا ‪ ،‬الن غيابها‪ ،‬يجعل تغيير السلوك مسألة شكلية‪.‬‬ ‫وسوف يدخل الدول والمنظمات في "مرحلة الصراع"‪.‬‬ ‫وفيما يلي بعض السلوكيات المتوقعة في مواجهة االستراتيجيات‪ ،‬وكيفية‬ ‫مواجهتها‪:‬‬ ‫‪ ‬مواجهة سلوك التمرد‪ :‬عندما تكون هناك استراتيجية كبرى عميقة‪ ،‬فمن‬ ‫المتوقع حدوث تمرد تجمع له "قوة – تمرد" على المستوى االدنى‪،‬‬ ‫كوسيلة ضغط وتفاوض‪ ،‬او اسقاط االستراتيجية‪ ،‬او الدولة او المنظمة‪.‬‬ ‫ويتم مقاومة التمرد بالطرق السياسية السريعة‪ ،‬ويعكس وجود قيادات‬ ‫عليا متضامنة ومضادة لالستراتيجية‪ ،‬ويقول االستراتيجيون هناك‬ ‫خيرات وهي االقناع‪ ،‬أو المال للتعويض‪ ،‬او التهديد بالقوانين الشرعية‬ ‫والقوة الالزمة‪ .‬والتمرد هو اصعب انواع السلوكيات‪ ،‬والبد من‬ ‫االستعداد له قبل تنفيذ االستراتيجيات‪ ،‬أي احداث تغييرات قيادية‬ ‫مطلوبة بكاملها‪ ،‬قبل خروج االستراتيجيات على المستويات االدنى‪.‬‬ ‫‪ ‬مواجهة سلوك الوكالة‪ :‬يقصد بهذا السلوك ان يربط الشخص نفسه‬ ‫بمصدر قوة ليستغلها مقابل اعطاء الوالء لمركز القوة او الشخص‬ ‫االخر‪ ،‬ويصبح الشخص الثاني يوجهه ضد االستراتيجية او لمصالحه‪.‬‬ ‫‪ ‬مواجهة سلوك التحالفات‪ :‬ويقصد به ان يقترن مجموعة من االشخاص‬ ‫في القطاع او المنظمة ويشكلوا قاعدة قوية تحقق مصالحهم‪ ..‬وهذا‬ ‫منتشر في الدول المتخلفة بشكل واسع‪ ،‬ويعيق صعود البلدان‬ ‫والمنظمات كما انه منافي للقيم العدالة والحقوق الوظيفية والجدارة‬ ‫ويتسبب في الهروب من المحاسبة‪ ،‬وتقنين الفساد‪ ..‬ويلزم معالجة هذا‬ ‫السلوك‪ ،‬استمرارية استخدام اسلوب التدوير وتغيير القيادات‪ ،‬وتشكيل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ادارة تنمية برية قوية‪ ،‬والحرص على التحليل االستراتيجي الذي تفتقده‬ ‫الدول المتخلفة‪.‬‬ ‫مواجهة سلوك االمبراطوريات‪ :‬في هذا السلوك يقوم المدراء باالقتران‬ ‫مع المرؤوسين وليس مع االقران‪ ،‬ويشكلوا هرما معينا معيقا‪ ،‬ومعالجة‬ ‫مثل هذا السلوك عن طريق التدوير والتحليل االستراتيجي‪ ،‬واستبدال‬ ‫المدير مع التفكيك الالزم بحرص واهتمام‪ ،‬حيث ال يمكن نجاح‬ ‫االستراتيجيات في ظل وجود هرم امبراطوري معيق‪.‬‬ ‫مواجهة سلوك التحكم ‪ :‬عبر هذا السلوك يقوم االشخاص بالتحكم في‬ ‫الموارد من اجل االبتزاز وفرض الشروط‪.‬‬ ‫مواجهة سلوك االستغالل‪ :‬في هذا اسلوك يسعى االشخاص لالستفادة‬ ‫من موقع الوظيفة والمنصب‪.‬‬ ‫مواجهة سلوك التربص‪ :‬ويتم عبر نصب شراك للمقربين بقصد‬ ‫ازاحتهم من الطريق‪ ،‬ويتعين على القائد االستراتيجي ان يستشعر‬ ‫النوايا الداخلية لألشخاص‪ ،‬ويعرف خلفياتهم‪ ،‬وحقيقة شخصيتهم‪ ،‬وان‬ ‫يعرف قيمة كل شخص في القطاع او المنظمة‪ ،‬بحيث يستطيع ان‬ ‫يعرف المقصد من السلوكيات الغير المتباينة مع االستراتيجية والقيم‬ ‫المحمودة‪ ..‬ولهذا نجد في مرجعية االسالم‪ ،‬انه من تولى امر اثنان‪،‬‬ ‫وظلم ولم يعدل في حقوقهم و واجباتهم‪ ،‬جاء كالحاكم الظالم‪ ،‬وإن حقق‬ ‫العدالة فقد جاء كالحاكم العادل‪ ،‬الن العدل يزرع كالبذرة وبنمو كالنبتة‬ ‫ويصبح شجرة مثمرة كلما تعدد وانتشر‪ ..‬وإدارة المواقف تعلمنا بانه ال‬ ‫يستهان بصغار االمور فربما عواقب صغار االمور تكون اكبر واطول‬ ‫امدا مما يتصور المرء‪.‬‬ ‫مواجهة سلوك المعسكرات‪ :‬فقد سبق وذكرنا سلوك التحالف والسلوك‬ ‫االمبراطوري‪ ،‬وسلوك المعسكرات يقصد به ان يتنافس التحالفات او‬ ‫االمبراطوريات داخل القطاعات او المنظمة‪ ،‬كل من اجل مصالحه‪،‬‬ ‫وهذا التنافس يعيق القدرة التنافسية االستراتيجية للدولة او المنظمة‪،‬‬ ‫والبد من انهاء كافة انواع هذه المعسكرات‪ ،‬عن طريق التفكيك‬ ‫االستراتيجي كما ذكرنا‪ ،‬واالدارة العليا هي المسئولة اذا وجدت مثل‬ ‫هذه المعسكرات‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪ ‬مواجهة سلوك المرشحية‪ :‬في هذا السلوك يرغب شخص ما توجيه‬ ‫االستراتيجية لغرض ما‪ ،‬فعلى وحدة الرقابة االستراتيجية المتابعة‬ ‫الدقيقة لمعالجة التحديات المتوقعة‪ ،‬ومنها السلوكيات الخاطئة المحددة‪.‬‬ ‫‪ ‬مواجهة سلوك الصفارة‪ :‬وهذا من ادنى السلوكيات الخسيسة التيم‬ ‫شخص او اكثر بتسريب المعلومات وطلب نداءات التدخل في شأن‬ ‫الدولة او المنظمة‪ ،‬فهوا يطلق مثل هذه الصفارة دعوة للغير بان هناك‬ ‫خطر او اخطاء او فرص وغيرها مما يحفز او يحث او يلزم االخرين‬ ‫بالتدخل ضد االستراتيجية القائمة او التغيير الذي يرفضه‪.‬‬ ‫وهذه سلوكيات نمطية متوقعة ومحصورة عالميا‪ ،‬البد من وجود قيادات‬ ‫استراتيجية للتعامل معها حتى تصل الدول او المنظمات او االستراتيجيات‬ ‫لمرحلة االستقرار‪.‬‬ ‫كما ينبغي مراقبتها دائما فهي ما تبرز عند حدوث أي دواعي للصراع‪ ،‬مما‬ ‫يسقط المنظمة او الدول او االستراتيجيات في مرحلة الصراع أي توقع ثورة‪.‬‬ ‫االستجابة حسب مدرسة القــــــــــــوة‬ ‫ترى مدرسة القوة ان مثل هذه السلوكيات طبيعية‪ ،‬فهي تنطلق من واقعية‬ ‫الصراع البشري ونزاع الدول حول مصالحها وامنها‪ ،‬فالتحالفات والمعسكرات‬ ‫طبيعية ويجب تقبلها‪.‬‬ ‫وفي راينا هذا ممكن على مستوى الدول ولكن على مستوى المنظمات غير‬ ‫طبيعي‪ ،‬ما لم ينظر غليها من جانب االحزاب وجماعات المصالح التي تضغط‬ ‫من اجل مصلحة جماعية معينة جائزة‪.‬‬ ‫على كل حال‪ ،‬تقدم مدرسة القوة وصفتها للتعامل مع مثل هذه السلوكيات‪ ،‬على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬تقبل وضع التحالفات والتعامل معه‬ ‫‪ ‬تقبل السلوكيات وعالجها‬ ‫‪ ‬ضرورة التركيز على بناء القيادة الوسطى‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪ ‬تعلم استخدام االدوات التقليدية‪ ،‬مثال‪ ،‬االهتمام بالنتائج ال الوسائل‪،‬‬ ‫التوافق مما يؤدي غلي نتائج مرضية افضل من تحقيق نتائج قصوى‬ ‫في ظل الخالف‪ ،‬بدال من التركيز على تقليص الحجم والتكلفة ركز‬ ‫على زيادة االنتاجية‪ ،‬التركيز على المواضيع ذات االولوية‪ ،‬تقدير‬ ‫تصرفات كل تحالف وسبب دخول كل فرد فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬عالج سلوك التحالفات‪ ،‬مثال‪ ،‬عالج ترتيب المواضيع فسوف يتغير‬ ‫سلوك التحالفات‪ ،‬زد في توضيح القضايا مما يزيد في كسب التأييد‪،‬‬ ‫فتت المواضيع إلي اصغر قدر ممكن من يؤدي إلي تقليل اهتمامات‬ ‫التحالفات وحجم المعارضة‪.‬‬ ‫‪ ‬المواجهة المباشرة‪ ،‬وهي مثال‪ ،‬عن طريق انشاء حلف استباقي ‪ ،‬أو‬ ‫حلف مضاد‪ ،‬غير المواقع القيادية لزعماء التحالفات‪ ،‬عمليات‬ ‫االستيعاب‪ ،‬زد من عمليات االتصاالت واالقناع‪ ،‬حاول اخراج زعماء‬ ‫التحالفات من المنظمة اذا كانت المنظمة تجارية‪.‬‬ ‫االستجابة حسب المدرسة االخالقية‬ ‫في المتاب نقترح ألول مرة المدرسة االخالقية في صنع االستراتيجيات وتحليها‬ ‫وفهمها ومواجهتها‪.‬‬ ‫وتعتمد معالجة السلوك الفاسد عن طريق العملية التربوية االستراتيجية منذ‬ ‫االسرة والمراحل التعليمية خاصة االبتدائية‪.‬‬ ‫البد من تعريفه االجيال الناشئة بنوعية السلوكيات الخاطئة وضررها‪.‬‬ ‫كما ان ترسيخ المرجعية االخالقية في ذهن االطفال والتالميذ حتى يظهر على‬ ‫سلوكياتهم ألمر واجب في بناء الدول والمجتمعات القوية‪.‬‬ ‫فمستقبل االمم يبدا من مواقع اطفالهم اليوم وحقيقة العملية التربوية السليمة‪.‬‬ ‫فسلوك البشر هو اصعب واخطر ما تواجهه استراتيجيات البناء‪.‬‬ ‫وهذه االنماط السلوكية متكررة وهي تعيق االستراتيجيات والتقدم‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وتصحيح سلوك البشر بعد حقب من الفساد لهو من اعمق واسمى االعمال‬ ‫االستراتيجيات و اعقدها وادقها‪.‬‬ ‫والبد له من تكاثف قيادي استراتيجي واسع‪ ،‬و اعي وحازم بشكل كبير وسريع‪.‬‬ ‫"والجدير باألهمية يجب على الشعوب والقادة معرفة ما علمنا االسالم وبرهنته‬ ‫العلوم الحديثة‪ ،‬وهي ان المسئول عن هذه السلوكيات الخاطئة‪ ،‬هي "الناصية"‪،‬‬ ‫والناصية هي الفص االمامي في أعلى جبهة االنسان‪ ،‬وتبت العلم ان هذه‬ ‫الناصية هي المسئولة عن الكذب‪ ،‬والمبادرة بالكذب والخطأ واالصرار عليهما‪،‬‬ ‫ولهذا نجد ان مركز كل السلوكيات السابقة هو عملية الكذب والتفنن فيه‪ ،‬وعدم‬ ‫تركه‪ ،‬و للقيادة االستراتيجية اداراك ان الشخص الكاذب ال يولى وال يثق فيه‪،‬‬ ‫والبد من ان يهتم به هذه الناحية في نطاق المرجعية‪ ،‬فدمار الدول وهبوط االمم‬ ‫والمنظمات جراء انتشار هذا الوباء الخطير والسكوت عنه‪ ..‬ولذلك نجد في‬ ‫القران الكريم حدد العقاب و وجهه مباشرة إلي هذه الناصية وانظر سبحانه كيف‬ ‫وصفها‪(:‬لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة‪ "..‬صدق هللا العظيم"‪.‬‬ ‫رابعا‪ ،‬تطوير القيادة على آلية المناورة االستراتيجية‬ ‫افضل وسيلة لمواجهة القوة الخارجية عن طريق محاولة التحكم في سلوكها‬ ‫وليس عن طريق التصادم معها‪.‬‬ ‫فالمناورة هي عملية التأثير في سلوك االخرين وليس التصادم معهم‪.‬‬ ‫وفيما يلي بعض مرتكزات عملية المناورة االستراتيجية‪:‬‬ ‫‪ ‬اظهار حجم القوة‪ :‬اشعر الخصم بوجود موارد وقدرات متفوقة لديك‬ ‫مما يضعف عزمه في المقاومة او المواجهة‪.‬‬ ‫‪ ‬تحسين االوضاع الميدانية‪ :‬اجري تحركات ميدانية بحيث تحسن‬ ‫وضعك امام الخصم بدون ان تستفزه‪ .‬والبد ان تتصور نوعيات ردود‬ ‫افعاله وكيفية التحكم فيها‪ ،‬فمثال‪ ،‬تقدير حجم ردة فعله‪ ،‬وقتها‪ ،‬كم‬ ‫قسوتها وشدتها‪ ،‬مدى فعاليتها‪ ،‬كيف يمكن التأثير على ردة فعله‬ ‫وتشكيلها‪.‬‬ ‫‪ ‬توفر قوة الردع‪ :‬الحاجة لردع الخصم وكيفية الحماية من تحركاته‪،‬‬ ‫ويتم ذلك عبر طريقتين‪ ،‬وهما الدفاع الجيد مما يدفعه نحو االنسحاب‪،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫ثانيا اقناع الخصم بان االنتقام سيكون قادما وسيكون فعاال وال محالة من‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬توفر االلتزام والتصميم الجماعي‪ :‬يجب ان يرى الخصم وجود تصميم‬ ‫واسع وراسخ كما يجب ان يرى التزام في عمليات المواجهة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعلم استراتيجية التفاوض‪ ،‬وهي تفاوض من موقع قوة‪ ،‬فال تدع الخصم‬ ‫يعرف اجندتك او شخصيتك او تفكيرك او دوافعك وما تحرص عليه‬ ‫وما تخاف ان تفقده‪ ،‬واعرف خصمك اجندته وكيف يفكر وما هي‬ ‫شخصيته وما يخاف ان يفقده وما يحرص عليه منك‪ ،‬وكن صلبا في‬ ‫مواقفك‪ ،‬ومتفهما في مظهرك بما يضعف حدة الخصم اتجاهك‪ ..‬ال تقبل‬ ‫شروط مسبقة بدون في المقابل تضع شروط مسبقة‪ ،‬كن حذرا في‬ ‫االجابة على اسئلة الطرف االخر وبادله بعدد مماثل من االسئلة الهادفة‬ ‫والموازنة مع اسئلته‪ ،‬ال تقبل مفاوضات سرية واجعلها عبر قنوات‬ ‫رسمية‪ ،‬ال تقبل االقامة او الدعوة في بالد الخصم‪ ،‬واجعلها في مكان‬ ‫امن في السرية والمقاصد معك‪ ،‬كن حذرا من ان يعرف الطرف االخر‬ ‫شخصيتك وتفكيرك ويتقرب منك لهذا الغرض‪ ،‬ولك في مفوضات‬ ‫"اوسلو ‪ "1118‬واستمرت ثالثة اشهر في كوخ سياحي ضاعت بعدها‬ ‫القضية الفلسطينية وتحولت إلي سلطة بلدية‪ ،‬بسبب تفاوض استراتيجي‬ ‫استخدمه الطرف االخر ومناورة استراتيجية محكمة‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬آلية تطوير القيادات في مواجهة الضغوط الخارجية‬ ‫وخالصة القول في هذه المسالة ان تطبيق االستراتيجيات يحتاج إلي تطوير‬ ‫القيادات وانماط او آليات تطبيق تحقق امكانية االستمرارية في تطبيق‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫فالجانب العملي في االستراتيجيات ال يقل اهمية عن الجانب النظري‪ ،‬فهم‬ ‫متكامالن‪ ،‬ويغذي بعضهما البعض‪.‬‬ ‫ال توجد دولة او منظمة وقيادتها تعمل في فراغ‪ ،‬بل في تفاعل مع محيط داخلي‬ ‫وخارجي‪.‬‬ ‫ودائما هناك ضغوط خارجية تواجهها الدول والمنظمات‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫وفيما يلي بعض االساليب االستراتيجية التي يمكن ان تمارسها القيادات في‬ ‫التعامل مع مختلف الضغوطات المذكورة‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫اسلوب االذعان‪ :‬وفيه تعمل القيادات على تعود التعايش مع الضغوط‪،‬‬ ‫وعلى توخي النماذج الرسمية وطاعة القوانين‪ ..‬حسب المدرسة‬ ‫االخالقية ال يجاوز االذعان ألنه هو الطريق النحطاط الشعوب‬ ‫وحكوماتها‪ ،‬والبد من ان تكون هناك منظومة قيم تصنع العزة‪،‬‬ ‫فالشعوب والدول العزيزة ال تذل وال تذعن ‪.‬‬ ‫اسلوب التنازالت‪ :‬وفيه تعمل القيادات على خلق عالقات مع جهات‬ ‫متعددة‪ ،‬والتهدئة عن طريق تنبني بعض المطالب‪ ،‬و المساومة عن‬ ‫طريق التفاوض‪ .‬وتوصي المدرسة االخالقية بعدم اجراء تنازالت بدون‬ ‫تنازالت مماثلة وتكون ذات رؤية استراتيجية‪ ،‬ولنا في "صلح الحديبة"‬ ‫خير مثال‪.‬‬ ‫اسلوب التجنب ‪ :‬وفيه يتم اعتزال الجهة الضاغطة وتجنب االحتكاك‬ ‫المباشر معها‪ ،‬او طريق ما يسمى بالهروب القصير أي بتغيير االهداف‬ ‫وتحديد اخرى بعناية‪ ،‬كما توصي االدبيات بالتسريح أي تجاهل القيم‬ ‫والمعايير الواضحة أي غض الطرف عما يفعل الخصم وهذا ما‬ ‫نستنكره في المدرسة االخالقية‪.‬‬ ‫اسلوب المواجهة ‪ :‬وهو يعنى التعرض والهجوم على مصدر هذه‬ ‫الضغوط‪ ،‬وتوصي االدبية االستراتيجية بتحدي كل القوانين والقواعد‪،‬‬ ‫ولكن في المدرسة االخالقية ال نوصي بانتهاك القوانين والقواعد‬ ‫السليمة‪ ،‬ل االخالقية نقول ان ذلك يخلق اسوة سيئة ويدخل العالم في‬ ‫فوضة‪ ،‬كما انه يضعف من اثر القوة المستخدمة في مواجهة الضغوط‪،‬‬ ‫فالشرعية تضاعف أثر القوة المستخدمة في المواجهة‪ ،‬كما توصي‬ ‫استراتيجية القوة بطلب العون الخارجي‪ ،‬وفي المدرسة االخالقية نقول‬ ‫بناء احالف الفضول امر استراتيجي‪ ،‬وهو بناء تحالفات على أسس‬ ‫االخالقية فتكون عونا غير مباشر في الهجوم بضرب مرتكزات الخصم‬ ‫الضاغط‪ .‬فترفض المدرسة االخالقية استيراد قوات عدو او منافس‬ ‫للتغلب على ضغوط او منافسة معينة‪ ،‬الن أثر مثل هذه االستعانة مدمر‬ ‫اكثر مما لو تمت مواجهة العدوين معا‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪ ‬اسلوب المعالجة‪ :‬وهو يعني التخطيط المسبق وتوقع حجم الضغوط‬ ‫وانواعها‪ ،‬بمعرفة من هم االعداء والخصوم‪ ،‬والقيادات التي ال تستطيع‬ ‫ان تحدد او تهتم هي فاشلة وضارة لشعوبها ومنظماتها‪ ،‬وعد تحديدها‬ ‫يبدا العمل على اعادة تشكيلها بالتأثير على الواقع المستندة عليه‬ ‫وعوامل قواتها ودوافعها ومبرراتها‪ ،‬والعمل على التحكم في عناصر‬ ‫البيئة الخارجية وتوجيهها االيجابي لصالح االستراتيجية القائمة‪ .‬فحمل‬ ‫مسئوليات تنفيذ االستراتيجيات كمسألة صعود الجبال بأحمال ثمينة‪،‬‬ ‫فهناك جهد ومجاهدة وتعاون وتنسيق واصرار وعزيمة‪ ،‬فصعود الجبال‬ ‫يعتمد على معالجة اماكن تمسك فيها‪ ،‬اماكن تقف عليها‪ ،‬وتعالج بعدها‬ ‫ما يجب في الخطوة القادمة‪ ،‬فالرؤية واضحة وهي قمة الجبل‪ ،‬وخريطة‬ ‫الطريق واضحة‪ ،‬ولكن االرضية التي تمسك فيها متغيرة كلما يتغير‬ ‫موقعك إلي أعلى‪ ،‬والمعالجة الزمة واالدوات الالزمة وحبال الشد‬ ‫والعالقات ضرورية‪.‬‬ ‫كما ان هناك تقسيم اخر‪ ،‬ونعفي على عناصره‪ ،‬حسب المدرسة االخالقية‬ ‫المقترحة‪ ،‬كما يلي‪:‬‬ ‫‪ ‬اسلوب االزالة‪ :‬وهي ما يعرف بالصراع او التنافس الصفري‪ ،‬وهو‬ ‫الشائع في السياسية الدولية بين العرب واسرائيل‪ ،‬حيث ترى اسرائيل ال‬ ‫مستقبل امن لها في ظل وجود االسالم والعرب‪ ،‬والخالصة‪ ،‬أنه يعني‬ ‫عندما ترى دولة او منظمة ان دولة او منظمة اخرى تمنعها من تحقيق‬ ‫اهدافها‪ ،‬فهذا يعني صراع صفري بين الدول‪ ،‬او تنافس صفري على‬ ‫مستوى المنظمات‪ ،‬ولكن التعامل االمثل هو تقييم نوعية هذه االهداف‬ ‫من الناحية االخالقية‪ ،‬فان كانت مشروعة ومفيدة ومطلوبة ينبغي‬ ‫التنافس المحترم‪ ،‬واالبتعاد عن مفهوم الصراع الصفري ألنه في غاية‬ ‫العدوانية والشرور االستراتيجي‪ ،‬واستخدام التصحيح الصفري‪ ،‬وهي‬ ‫محاولة اعادة البناء لتفادي التصادم‪.‬‬ ‫‪ ‬اسلوب االستيعاب‪ :‬وهو ايضا شاع في السياسات الدولية‪ ،‬وخاصة اثناء‬ ‫حقبة الحرب الباردة‪ ،‬وهو يعني ادماج الطرف االخر في تحقيق بعض‬ ‫مكاسبه‪ ،‬بحيث في المقابل يسخر كامل قدراته في االستراتيجية القائمة‪،‬‬ ‫ولفهم هذا االسلوب اكثر‪ ،‬نأخذ مثال استراتيجية الحرب الباردة‪ ،‬فقد قام‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫كل من المعسكر الرأسمالي والمعسكر االشتراكي باحتواء الدول‬ ‫العربية لصالحه‪ ،‬ولكن في نفس الوقت ظن من كل دول عربية انها‬ ‫حققت مطامعها وهي حماية نظامها السياسي والحصول على حماية‬ ‫دولية مع القيام بعالقاتها السياسية واالقتصادية والدولية في مسار‬ ‫االستراتيجية التابعة لها‪ ،‬ولم يكن للدول كثير الخيار في تجنب‬ ‫االحتواء‪ ،‬ألنه كان جزء من االستراتيجية الكبرى للطرفين الدوليين‬ ‫المتنازعين‪ ..‬وهكذا يمكن لمنظمتين كبرتين متنافسين ان تخلق بيئة‬ ‫تفرض على الصغار تبني مواصفات احدهما وبذلك تكون امتداد ال احد‬ ‫المنظمات الكبرى‪ ..‬فاالستيعاب هو طمس هوية وحقيقية استقاللية‬ ‫الطرف الذي تم استيعابه‪ ،‬ولن يكن له كامل السيادة في حرية قراراته‬ ‫ونظمه ألنه البد من مراجعتها حسب التبعية االستراتيجية‪ ،‬وهذه هي‬ ‫واقعية االستيعاب‪.‬‬ ‫اسلوب التحالف‪ :‬بمعنى التحالف الخارجي‪ ،‬وهو يعني خلق جبة‬ ‫مشتركة من دولة او اكثر ضد خصم مشترك فقد يكون دولة اكبر‪ ،‬او‬ ‫تحالف اخر‪.‬‬ ‫اسلوب المهادنة‪ :‬بمعنى االتفاق على تأجيل الصراع لمصلحة الطرفين‬ ‫بشكل مؤقت‪ ،‬ثم يعود الصراع على ما كان عليه من نقطة التوقف‪.‬‬ ‫اسلوب المشاغلة‪ :‬بمعنى التعامل مع احد اطراف البيئة الخارجية لمنعه‬ ‫من التدخل في نتيجة التدافع‪،‬‬ ‫اسلوب التجنب‪ :‬بمعنى االبتعاد عن عنصر معين في البيئة والتعامل مع‬ ‫عنصر اخر في البيئة بما يمنع التصادم مع معطيات معينة‪.‬‬ ‫اسلوب التوظيف‪ :‬هو استغالل احد عناصر البيئة التنافسية وتوظيفها في‬ ‫تحقيق االهداف‪ ،‬طالما كان ممكنا ويخدم مصلحة المتنافسين‪ ،‬ونجد ذلك‬ ‫كان واسع االستخدام اثناء الحرب الباردة‪ ،‬فكانت االستراتيجية الكبرى‬ ‫واضحة للطرفين‪ ،‬وكم من صراع وحرب وفساد خلق في الدول‬ ‫العربية بتعاون الطرفين آلنه في صلب مصلحتهما‪.‬‬

‫فوعي القيادات لهذه االساليب المستخدمة مهم للغاية‪ ،‬فالمسألة هي من ناحتين‪،‬‬ ‫كيف توظيفها وكيفية مواجهتها‪.‬‬ ‫*‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


‫المراجـع‬ ‫لقد اعتمدت في مادة الكتاب على مجموعة مؤلفات‪:‬‬ ‫للمؤلف "الدكتور جاسم سلطان"‪.‬‬ ‫وعددها ثمانية كتب ملخصة قيمة جدا‪ ،‬تناول عدة مواضيع ‪ ،‬التاريخ‬ ‫واالقتصاد والحضارات والتفكير االستراتيجية والممارسة السياسية‪،‬‬ ‫بشكل متماسك يجعلها تخدم هدف كبير وهو صحوة االمة العربية‪،‬‬ ‫والخروج من التخبط‪.‬‬ ‫صادرة عن "مؤسسة ام القرى للترجمة والتوزيع" ‪ ،‬سنة ‪.5002‬‬ ‫و ننصح بقراءة هذه الكتب بجانب هذا الكتاب فهي مثمرة للغاية‪.‬‬ ‫***‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني ‪ISBN 978-1-239-07138-4‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.