الشعوب العربية وصناعة الدستور والاحزاب والانتخابات،، ودورها في الوحدة الدستورية للدول

Page 1

‫الشعوب العربية‬

‫صناعة الدستور‪..‬‬ ‫االحزاب‪ ..‬االنتخابات‪..‬‬ ‫دورها يف الوحدة الدستورية للدول‬ ‫دراسة في إرادة الشعوب‬ ‫من منظور استراتيجي‬ ‫تحليلي اخالقي عالمي علمي حضاري‬

‫قومي مدني إنساني شامل ومتكامل‬

‫د‪.‬عبداللطيف محزة القراري‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األهدأ‬

‫إيل‪..‬‬

‫علماء األمة‪ ..‬قادتها ‪ ..‬مؤسساتها‪ ..‬ابنائها ‪..‬‬ ‫ببصرية و وعي ومسئولية ‪..‬‬ ‫و بتحليل و قلم متواضع ‪ ..‬نصوغ كتابنا هذا‬ ‫راجيا ان يصل كل القلوب و ان ينتفع به كل الناس ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫صناعة الدستور‪..‬‬ ‫االحزاب‪ ..‬االنتخابات‪..‬‬ ‫مقدمة‬ ‫يهدف الكتاب إلي مناقشة المعايير العالمية والفلسفة العملية والتي تساعد شعوبنا العربية في صناعة‬ ‫وصيانة نظام فعال لحياتهم العامة والعربية الموحدة والمحافظة على عقيدتهم المثلى‪ ،‬و بما ينشر بين‬ ‫عموم الناس بذور الفهم العلمي الدقيق و يغرس الشعور المخلص الواسع والعميق في األمة المعاصرة‬ ‫وبما يجسد المسئولية الحقيقية الوطنية ومشاركة األفراد في بناء الديمقراطية القانونية وممارسة‬ ‫السيادة بشرعية عبر الدستور وهو األساس القانوني الثابت للدولة وأسلوب الحكم‪.‬‬ ‫فال دولة بدون دستور‪ ..‬ويناقش الكتاب هذه الجدلية الواقعية بتصور مقارن دقيق‪.‬‬ ‫ويدعوا شباب األمة بان صناعة الدستور هو صناعة شعبية وهي رسالتهم الحضارية ومنهج حياتهم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وهي رسالة ملزمة لشباب األمة فهم الطاقة المحركة للتطور التاريخي وصنع الحياة‪ ،‬وهم‬ ‫من حماة الدستور بما يحقق توارث الكرامة اإلنسانية بين األجيال‪ ،‬وبما يفرض حقوقهم وحرياتهم‬ ‫العامة وينظم واجباتهم بعدالة وحق وحرية تامة‪.‬‬ ‫ويسهم هذا الكتاب في الربط هذا الكتاب بين الدستور والعملية الحزبية والعملية االنتخابية وفي ظل‬ ‫رؤية متميزة إسالمية‪.‬‬ ‫كما يناقش عدة مفاهيم أساسية مثل السيادة والسلطة والديمقراطية وغيرها من شئون الحياة السياسية‬ ‫الثقافية‪ ،‬بحيث تظهر حقيقة الدستور جلية وكاملة‪.‬‬ ‫كما أنه يطرح العملية الحزبية والعملية االنتخابية‪ ،‬حيث فهم الدستور مع هذين العنصرين‪ ،‬يحقق‬ ‫المعنى الكامل للشرعية الشعبية ويجسد اآللية القانونية لتصور الديمقراطية‪.‬‬ ‫كما أنه يعتبر طرح هذين العنصرين المكملين للدستور ي في غاية األهمية حيث يوفر فرصة طرح‬ ‫نظام البيعة في إلسالم بفهم ذلك بشكل نظري وتطبيقي معاصر‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫و بصيغة فاعلة وعقالنية تحدد الرابطة العقائدية والعالقة العضوية لتكون صياغة الدستور والقوانين‬ ‫المكملة مشروعة ومتكاملة حضاريا وإنسانيا وعالميا وبما يخدم كل المجاالت التعايش‪.‬‬ ‫ويجيب على السؤال الهام‪ ..‬لماذا كل فرد في المجتمع ملزم بأن يستفتى في تفاصيل وأبعاد الدستور؟‬ ‫وكيف يجب أن يشارك كل فرد بفاعلية وطنية وإنسانية ودينية صحيحة‪.‬‬ ‫فاختالف الناس في أفكارهم وتحزبهم العام هو ظاهرة طبيعية مستمرة‪ ،‬الجاهل من ينكرها أو يقف‬ ‫ضدها‪ ،‬فيقمع طاقة تطور الشعوب وتقدمها الحضاري‪ ، ،‬فكيف نصنع التوافقية لجذب التفاعل‬ ‫اإليجابي لصنع أفضل أشكال الحياة‪.‬‬ ‫وان قيام اتحاد الدول العربية هو اساس السالم العالمي‪ ،‬وهو من اشرف هدف سياسي نبيل يجب ان‬ ‫تتوحد اإلرادات الدولية من اجله‪ .‬وال سالم عالمي بدون بل سوف يظل التكالب والتآمر والعدوات‬ ‫والبغضاء بين شعوب العالم بسبب فرقة وتخلف وتفتت هذه الرقعة من الكون‪ ،‬وهي المكون االساسي‬ ‫للسالم الكوني‪.‬‬ ‫ولقد شرحنا الدساتير واالحزاب واالنتخابات من منظر تحليلي اخالقي عالمي إنساني حضاري‪.‬‬ ‫فمصير العالم يكمن في حقيقة ومستوى وعي الشعوب‪ ،‬فهي المسئولة االولى وهي الضحية االولى‬ ‫بسبب االخفاق في صنع نظام مدني حضاري يجمع البشرية في تعايش إنساني عالمي منفتح ومتفاعل‬ ‫ومتطور بإرادات حقيقية‪.‬‬ ‫فالشعوب تغفل كثير من نواحي صناعة العملية السياسية‪ ،‬وال تعلم بها قدر حقها‪ ،‬وانها ال تدرك انها‬ ‫تفقد جل كرامتها وحريتها وإنسانيتها وقوتها و وحدتها‪ ،‬بسبب الجهل بالدساتير‪ ،‬واالحزاب‪،‬‬ ‫واالنتخابات‪.‬‬ ‫فهي أدوات ف ي غاية الحساسية واالهمية ويجب ان تفهم وتستخدم بشكل شامل ومتكامل وصحيح‬ ‫ودقيق‪.‬‬ ‫ورغم انني قد كتبت هذا العمل في ‪ ،2102‬ولكني تأخرت في نشره‪ ،‬بسبب االخفاق العالمي‬ ‫واالنساني في الدفع بالحياة الديمقراطية اثناء الربيع العربي‪ ،‬وحدث ما هو مؤسف‪ ،‬وليس هنا المجال‬ ‫لمناقشته‪ ،‬ولكني بعد سنتان قررت‪ ،‬نشره‪ ،‬كما هو عليه‪ ،‬ولم اتمكن حنى من قراءته مرة اخرى‪.‬‬ ‫فالكتاب هو علمي موضوعي حيادي تحليلي اخالقي شامل ومتكامل‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وقد حددت انه (صناعة) بمعنى انها تتطور أخذة بآليات العصر والعلوم والضروريات وحاجات‬ ‫المجتمعات واالقتصاديات والسياسات والثقافات‪.‬‬ ‫والوحدة الدستورية هي الوحدة الحقيقة تتم بإرادة شعوب حرة أبية وبوعي علمي مخلص ‪ ،‬وهي‬ ‫النسيج السياسي المتوافق فكريا والمتماسك روحيا ‪ ،‬من اجل نظام الدولة الكبرى المتحدة‬ ‫واسلوب الحكم الشرعي والسياسات التنموية الناجحة‪.‬‬ ‫انها امانة الشعوب ان تمارس "إرادتها" في اختيار كيفية ممارسة السلطات‪ ،‬ومن يمارسها‬ ‫بمسئولية ومصداقية من اجل مصالحها ومصيرها‪.‬‬ ‫انها امانة الشعوب في ان تتنازل فقط للدستور ليعبر الدستور عن "سيادتها" القانونية‬ ‫والشرعية والسياسية ‪ ،‬وهي بذلك من يحميه بصدق وشجاعة وقوة‪.‬‬ ‫ان هذا هو المعنى الوحيد للكرامة اإلنسانية التي وهبها هللا لإلنسانية‪.‬‬ ‫"فال تخانوا امانتكم وانتم تعلمون"‪..‬‬ ‫عبداللطيف حمزة القراري‬ ‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المنهجية‬ ‫يتبع الكتاب منهجية ثابتة ومبسطة من أجل أن تكون صناعة الدستور وتطورها مسئولية الشعوب‬ ‫مباشرة‪.‬‬ ‫فأفراد المجتمع هم الفقهاء الحقيقيين في صياغة وتنفيذ دستورهم الدائم والكامل‪.‬‬ ‫ولكي ال يقعوا في شرك اآلخرين مما يدعون ألنفسهم احتكار هذه الصنعة والصباغة‪ ،‬وتضليل‬ ‫الشعوب وخيانة الشرعية والضرر باألوطان‪.‬‬ ‫ويعتمد الكتاب منهجية تصنيف المكونات بما يعكس في ذهن المواطن حقيقة مؤسسات الدولة وأطرها‬ ‫القانونية المكملة للدستور‪.‬‬ ‫ورغم اننا نناقش الدساتير بشكل منفرد‪ ،‬لمختلف الدول األوربية والعربية‪ ،‬إال اننا نؤكد أنه إذا ما تم‬ ‫الوعي التام للشعوب العربية‪ ،‬وقد نجحت احدها في صناعة دستور حقيقي حضاري إنساني وطني‪،‬‬ ‫فإن ذلك سوف يؤدي ببقية الشعوب العربية ان تنجح بالمثل في صناعة دستورا مماثال‪ ،‬ويكون‬ ‫متكامال‪ ،‬وشامال‪ ،‬ألن أزمة الوعي و أزمة الوطنية و أزمة الحضارية و وازمة االنسانية هي أزمة‬ ‫شاملة‪ ،‬تصيب الشعوب العربية معا‪ ،‬إذا ما غضت الطرف عن كرمتها وتنازلت عن حريتها وسمحت‬ ‫بكل نقيصة في حقوقها الربانية العالنية والمادية‪ ،‬وإذا ما اصابت فئة كبيرة بمثل هذا الوباء الشامل‬ ‫وهو سريع االنتشار بعيد المدى عميق األثر السلبي متجذر في الجهل والظلم والجبن والكذب‪ ،‬تصبح‬ ‫حينئذ القلة الفاسدة تعرقل تحول الشعوب العربية‪ ،‬وتحاصر نخبها الشريفة‪ ،‬وتضر بأوطانها‪ ،‬وتخون‬ ‫أمانتها‪ ،‬وتمنع كل ما يقربها او يجمع عقليتها‪ ،‬وتشجع فرقتها الدستورية وهي جزء من االمانة الدينية‬ ‫واالخالقية للشعوب الواحدة‪ ،‬وتعبث بمقدراتها ‪ ،‬وتبعثر افكارها‪ ،‬وتلعب بمصير أوطانها‪.‬‬ ‫إال اننا بهذه الفكرة نأمل من القادة الشرفاء ان يضعوا مشروع دستور اتحاد الدول العربية ‪AUS‬‬ ‫نصب أعينهم‪ ،‬وان يجمعوا له من يقدر على إنجازه بكل امانة ومصداقية وحضارية وعالمية‬ ‫وإنسانية‪.‬‬ ‫فهذه امانة االجيال في أعناقكم‪ ،‬فإن كل امة سوف تحاسب تلك التي قبلها فيما أضرت بها‪.‬‬ ‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهو أسلوب منهجي مبسط وموضوعي بحيث يشمل العديد من المسائل الحيوية التي ترسم جميع‬ ‫مكونات الدولة والمجتمع‪ ،‬ومن أجل أن يكون هذا العمل في متناول جميع األفراد وبمختلف الشرائح‬ ‫ومستويات تطورهم الفكري ‪ ،‬وهو طرح مبدئي فيضفون ما يتفقوا عليه أو ينقصون ما يرونه غير‬ ‫مالئم‪ ،‬وهكذا تنبعث التفاعلية الشعبية وتتجسد اإلرادة الشعبية التي تصنع الشرعية و تصنع دساتير‬ ‫تنظيم حياتها‪ ،‬فتكون ذات طابع مقدس‪ ،‬ال تتغير أو تعديل جزئية من إال بإرادة جماعية وآللية‬ ‫مشروعة‪ ،‬وهكذا تعتبر الدساتير الحقيقة هي التي نابعة من صميم صنع الشعوب‪ ،‬ومن خاللها تحيي‬ ‫الشعوب روح المشاركة الفاعلة وينموا الشعور الواسع بواجب المسئولية‪.‬‬ ‫فالدستور والعقيدة هما تؤمان لهما كافة الخصائص العضوية‪ ،‬يخرجا روحيا من رحم واحد‪ ،‬ولكن‬ ‫لكل منهما دوره المستقل‪ ،‬وال يصح أن يتقاتال ويدعي اختالفهما الجوهري‪.‬‬ ‫وسوف تظهر هذه الحقيقة واضحة من خالل تفسير مكونات وعناصر صناعة الدستور‪.‬‬ ‫كما سوف نبين عالقة الدستور باإليديولوجية‪ ،‬واألثر السيئ والسلبي لإليديولوجيات على الدستور‪،‬‬ ‫وخاصة أن اإليديولوجيات هي سلعة مستورة للشعوب العربية‪ ،‬ويحاول قلة من الناس توطين‬ ‫إنتاجها‪ ،‬وفرضها على الشعوب العربية بالقوة والقمع‪ ،‬عكس طبيعتهم وخالف إرادتهم الروحية‪.‬‬ ‫*‬ ‫ويمكن وصف الدستور بأنه مرآة عصرية تعكس نتيجة تجارب الشعوب التاريخية وتظهر مدى‬ ‫مسئوليتهم الوطنية ومستوى وعيهم السياسي‪ ،‬فبقدر المسئولية الوطنية ومستوى الوعي السياسي العام‬ ‫يتحدد للشعوب حقيقة مصيرها في عالم تحكمه صراعات المصالح ومقتضيات الحضارات‪.‬‬ ‫فمقتضيات صنع الحضارات هي‪ ،‬أوال الصحوة الوطنية‪ ،‬ثانيا اليقظة الفكرية ‪ ،‬ثالثا النهضة المادية‬ ‫واإلنتاجية‪ ،‬رابعا التفاعلية الفكرية والمادية بما يعكس مستوى حضاري معين‪ ،‬وهذا ال يتأتى بدون‬ ‫دستور ترسمه الشعوب لشكل حياتها الفكرية والمادية للتفاعل وتتعايش بشرعية حقيقية وصورة تامة‪،‬‬ ‫حيث يتحدد من خالل الدستور شكل حياتها العامة المستقر واألمن والذي يكفل كافة الحريات‬ ‫والحقوق والواجبات العامة‪ ،‬بمقتضيات الحضارة وحسب مقتضيات العقيدة كما أسلفنا‪ ،‬و بذلك‬ ‫تصون الشعوب حاضرها‪ ،‬وتضمن لألجيال مستقبلها‪ ،‬ويكون الدستور أسمى إنجاز و اجب إنساني‬ ‫و وطني وحضاري يتوارثه األحفاد من األجداد لصنع األمجاد‪ ..‬وهكذا يفتخر األحفاد بعقول‬ ‫وتضحيات األجداد‪ ..‬وهكذا تصنع الشعوب كرامتها‪ ..‬وهكذا يقدر األشراف قيمة النضال الوطني‬ ‫والعمل الفكري والمادي الحضاري‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فعندما تعجز الشعوب عن صنع دستورها الكامل وتحميه عبر األجيال‪ ،‬تصبح بمثل هذا العجز غير‬ ‫جديرة بالحياة‪ ،‬ويطوقها طوفان االستعمار و تيارات خارجية وعواصف عدة ال قبل لعقولهم‬ ‫السطحية بعمق التحديات المحيطة‪.‬‬ ‫*‬

‫وبحسب الواقع العالمي والمتباين بحكم المصالح المتعددة أصبحت اإلنسانية رهينة لمثل هذه‬ ‫المقتضيات الحضارية والصراعات الدولية‪ ،‬ولذلك يحاول الكتاب أن يناقش العديد من التساؤالت‬ ‫المطروحة والملحة والمؤثرة بشكل كبير على كفاءة صنعة الدستور من الناحية النظرية والتطبيقية‪،‬‬ ‫ويحاول حل اإلشكاالت الناجمة عن مثل هذه التساؤالت وكثير من االختالفات والتدخالت الخارجية‪،‬‬ ‫فمثال‪ ،‬يصف بدقة ماهية الديمقراطية المعاصرة‪ ،‬وما يجب أن تكون عليه‪ ،‬وما عالقتها بالدستور‪،‬‬ ‫وما عالقة كل ذلك بالعملية الحزبية واالنتخابية ‪ ،‬وما عالقة اإلسالم بمثل هذه المسائل السياسية‪ ،‬وما‬ ‫أثر اإليديولوجيات وما هي حقيقتها‪ ،‬وكيف يمكننا أن نخرج من األزمة العربية الشاملة إلي حياة‬ ‫طبيعية عربية إسالمية متكاملة‪.‬‬ ‫وإن لم نوفق في ذلك‪ ،‬فنكون قد أثرنا أن هذه المسائل واجبة البحث الفكري والمادي‪ ،‬والعلمي‬ ‫والعملي المستمر‪.‬‬ ‫*‬ ‫ولذلك وبشكل أصيل يت بع الكتاب تقسيم الدستور والعمليات الحزبية واالنتخابية إلي مكونات‬ ‫وعناصر‪ ،‬يقوم عليها نظام الدولة وأسلوب الحكم والممارسة الحزبية واآللية االنتخابية‪ ،‬وبما يحقق‬ ‫الديمقراطية الصحيحة وبمقتضى الشرعية الشعبية والعقيدة اإلسالمية‪ .‬وبما يمكن الشعوب عامة من‬ ‫المشاركة الفاعلة عبر تحديد عناصر لهذه المكونات‪ ،‬حيث لكل مكون عناصره الحيوية وهي من‬ ‫صلب مهام إرادة الشعوب ومن صميم اختصاصاهم‪ ،‬وبكلمات أخرى‪ ،‬فإن واجب األفراد وضع‬ ‫مضمون متوافق لهذه العناصر‪ ،‬ويجب أن تصاغ عبر آللية شرعية بأمانة ودقة‪ ،‬فتجسد للوطن‬ ‫وللتاريخ ولألمم إرادة الشعوب في صنع حضارته والتغلب على الصراعات التي تهدد مصيرهم‪.‬‬ ‫والديمقراطية هي صناعة سياسية ال تختلف عن غيرها من الصناعات‪ ،‬بل هي روح كافة الصناعات‬ ‫األخرى‪ ،‬والمعرفة الديمقراطية هي مسئولية الشعب بكامله‪ ،‬فهي تحتاج إلي اإلحاطة بمفاهيم‬ ‫ومسئوليات دقيقة وعديدة‪ ،‬ومعرفة كيفية استخدام األدوات الالزمة وتحديد المتطلبات العامة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والخاصة‪ ،‬ومن أجل أن تنجح في تحقيق مخرجات محددة تغطي حاجات الناس اليومية وتضمن‬ ‫حياتهم بسالم وأمان وتساعدهم في تحقيق رسالتهم في الحياة‪.‬‬ ‫كما يشير الكتاب إلي المعايير العالمية واألعراف والتقاليد الناجحة في هذا الصدد من أجل أن ترتقي‬ ‫الممارسات والمفاهيم إلي المستويات المطلوبة‪.‬‬ ‫ومثل هذه المعايير التي يناقشها الكتاب توفر أدوات تحليلية تخدم مسألة تقييم مختلف الدساتير أو‬ ‫إجراء عمليات المقارنة الدراسية وتدعم عمليات التقويم الضرورية وكيفية اتخاذ ما يلزم لصنع‬ ‫التعديالت والتطويرات الواجبة‪ ،‬وبما يمنع االنحراف عن الشرعية أو االبتعاد عن الصواب عبر‬ ‫طرح ثالثة أبعاد يعرضها الكتاب ضمن مناقشة المعادلة الشرعية في صنع الدستور والديمقراطية‪.‬‬ ‫فالدستور هو وأجب فكري يقتضيه العقل السليم‪ ،‬وهو إنجاز حضاري يحدد أسس ومعالم شرعية‬ ‫التنظيم الرسمي والتعايش العام‪ ،‬فهو العمود الفقري لكيان الدولة‪ ،‬وعليه تقف كافة القوانين‬ ‫والممارسة والسلطات‪ ،‬فالدستور هو كلمة الشعوب وهو من يقول كيف يجب أن يحكم الناس ‪،‬‬ ‫ويقول كيف تدار وتتبادل مصالحهم‪ ،‬ويقول كيف تتحقق سعادتهم وأمنهم وسلمهم‪ ،‬ويقول من يحكم‬ ‫و متى وكيف يعزل ويبعد من ال يصلح إلدارة مصالح الناس بعدالة وحق ونزاهة واستقامة وجدارة‬ ‫علمية وعملية مهنية‪.‬‬ ‫وبذلك يرسم الكتاب عالقة السيادة بالسياسة‪ ،‬وعالقة إرادة الشعوب بالسلطات‪ ،‬وهذه العالقة كفيلة أن‬ ‫تعرف الشعوب بقيمتها وبدورها وبمعنى دولة القانون‪.‬‬ ‫*‬ ‫صناعة الدستور الشامل الكامل هو بمثابة صنع الحياة‪ .‬وهو أمانة كبرى في اعناق الشعوب قبل ان‬ ‫يكون في اعناق قادتها‪.‬‬ ‫ويعد إنجاز الدستور القطري واالقليمي والقومي الشامل مشروع حضاري تفتخر الشعوب به في‬ ‫الساحة الدولية‪ ،‬ويصون ذلك سيادتها ويحميها من األطماع المبررة حال غياب مثل هذه اإلنجاز‬ ‫ومثل هذه الشرعية القومية‪.‬‬ ‫حيث يعكس غياب إنجاز الدستور الوطني واإلنساني والممارسة الشرعية في أسلوب الحكم مدى‬ ‫ضعف الشعوب وتخلفهم الزمني‪ ،‬ويجلب عليها ذلك الضعف االستعمار المباشر وغير المباشر بسبل‬ ‫عدة وأشكال شتى‪ ،‬فال تحمي الشعوب نفسها من بعضها إال بوعي سياسي حقيقي ومسئولية تاريخية‬ ‫وقيادية إنسانية و روح وطنية عارمة ومصداقية وطنية وقيادية مخلصة لعقيدتها ومصلحة الناس‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والمشاركة العامة بفعالية لتقييم وتقويم كل ذلك عبر فترات انتخابية محددة و وفق أسس دستورية‬ ‫وعبر عملية حزبية تعددية ذات كفاءة في ذلك‪.‬‬ ‫ويربط الكتاب مناقشة مسألة الديمقراطية والدستور والعملية الحزبية واالنتخابية والعقيدة الدينية‬ ‫اإلسالمية بموضوعية وتكاملية بما يخدم الدول العربية بشكل عام‪ ،‬وبشكل خاص الدولة الليبية‬ ‫المقدمة اآلن على إعداد دستورها الديمقراطي الكامل‪.‬‬ ‫ولقد أتبع الكتاب منهجية واحدة في تفسير ومقارنة كل الدساتير العالمية على أساس تقسمها إلي‬ ‫مكونات وكل مكون دستوري يشمل على مجموعة من العناصر وهي التي تصاغ في نصوص‬ ‫دستورية وحسب المعادلة المحددة بهذا الكتاب‪.‬‬ ‫كما ينتهي الكتاب بعدة استنتاجات من أهمها عالقة المجتمع بالسلطة والمقارنة بين الدستور‬ ‫واإليديولوجية المطلقة التي ترفض العقيدة ويناقش كل األبعاد والعالقات العضوية السياسية في هذا‬ ‫الشأن‪.‬‬ ‫كما يستعرض مشروع إتحاد الدول العربية الذي كان في األساس مطلب دستوري لتوحيد ثقافي‬ ‫واقتصادي وسياسي مصيري لألمة العربية و واجبها وأمانتها العادلة والعلمية نحو عقيدتها‪.‬‬ ‫*‬ ‫وقسم الكتاب إلي سبعة أبحاث عامة‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫المبحث ‪ ،0‬المدخل العام‪ ،‬ويحتوي على ثالثة مطالب‪ ،‬حيث المطلب األول ويناقش النواحي المؤثرة‬ ‫في فهم ونجاح إعداد الدستور‪ ،‬والمفهوم الشامل والدقيق للعملية الديمقراطية‪ ،‬ويصف الدستور الكامل‬ ‫وأبعاد نظرية وتطبيقية متعددة‪ .‬والمطلب الثاني يناقش األسس الحزبية وعالقة األحزاب بالنظم‬ ‫السياسية وعالقة األحزاب بالمرشحين‪ ،‬وبشكل عام يستعرض الخارطة العربية للعملية الحزبية‬ ‫والتحديات ‪ .‬والمطلب الثالث يناقش الحاجة لتنمية الوعي العام السياسي‪ ،‬وطبيعة العملية االنتخابية‪،‬‬ ‫والحاجة لقانون االنتخابات‪ ،‬واالنتخابات والتكنولوجيا‪ ،‬والعملية االنتخابية وكيفية اكتساب الشرعية‪.‬‬ ‫المبحث ‪ ،2‬الفلسفة العملية في صناعة الدساتير‪ ،‬ويعرض المعادلة الشرعية من أجل إعداد دستوري‬ ‫كامل الشرعية الشعبية ودقة التوظيف السياسي والصياغة القانونية األمينة‪ ،‬كما يستعرض رؤية‬ ‫علمية بشأن التقاليد القانونية العالمية وكيفية االستفادة منها في ربط العالقة العلمية والعملية بين‬ ‫الدستور والعقيدة اإلسالمية‪ ،‬يناقش بعض الدساتير العالمية وتشمل الدستور الفرنسي‪0591‬‬ ‫واألمريكي ‪ 0181‬واأللماني‪ 0551‬والدستور الليبي ‪ ،0590‬من أجل إبراز فكرة تقسيم الدساتير إلي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مكونات وعناصر وأن وراء كل دستور أبعاد سياسية يلزم حصرها وإدراكها جيدا من قبل الشعب‬ ‫ومعدي الدساتير من أجل صناعة دستور ينضوي على الوطن والتاريخ والروح العربية‪.‬‬ ‫المبحث ‪ :3‬أركان وعناصر صناعة الدستور‪ ،‬وينقسم إلي ركنين‪.‬‬ ‫الركن األول ويتضمن خمسة مكونات‪ ،‬وهي‪ :‬مكون نظام الدولة ويتبعه عنصرين‪ ،‬وهي مستلزمات‬ ‫ترسيخ "السيادة" والمسائل المرتبطة بكمالها كتحديد االستقالل والحدود الجغرافية والعلم والنشيد‬ ‫واللغة والعقيدة الدينية لتتراكم قيمتها التاريخية والسياسية عبر األجيال‪ ، ،‬وعنصر "التنظيم‬ ‫السياسي"‪ ،‬وهو يعكس روح وفعالية أسلوب الحكم وطبيعة مؤسسات البالد ومستقبلها‪ .‬ومكون النظام‬ ‫االجتماعي ويناقش بعض مبادئه وتشمل التأمين االجتماعي والصحي‪ ،‬حق تكافؤ الفرص‪ ،‬مقومات‬ ‫األسرة‪ ،‬حق األمومة والطفولة‪ ،‬وأجب األخالق واآلداب العامة‪ ،‬واجب العمل‪ ،‬واجب التعليم‪ ،‬الوفاء‬ ‫للنضال الوطني‪ .‬مكون النظام االقتصادي‪ ،‬ويناقش بعض العناصر األساسية وتشمل الملكية الخاصة‬ ‫والعامة ضوابطهما‪ ،‬شرعية السياسات والبرامج الحكومية‪ ،‬حرية النشاط السياسي‪ ،‬شرعية النظام‬ ‫الضريبي‪ ،‬وأجب االدخار‪ ،‬ومناقشة مسألة التأميم من البعد الدستوري‪ .‬مكون الحريات والحقوق‬ ‫والواجبات العامة‪ ،‬وهو من المكون الروحي الذي يرتكز عليه مصداقية االلتزام السياسي عند التنفيذ‬ ‫وهو ما يصنع تمسك الشعب بدستورهم عن طريق تسليط الضوء السياسي على كل ناحية من أجل‬ ‫تفعيل بناء الوعي العام الالزم‪ ،‬ويشمل مناقشة واجب المساواة في الحقوق والواجبات العامة‪ ،‬تحريم‬ ‫وتجريم كل أشكال التعذيب الجسدي والمعنوي‪ ،‬تفسير الحريات الشخصية والسياسية‪ ،‬تحديد حرية‬ ‫التنقل واإلقامة‪ ،‬تفسير حرمة المواطنة‪ ،‬شرح حق لهجرة وضوابطها‪ ،‬الجنسية وضوابطها‪ ،‬ترسيخ‬ ‫حرمة النفس‪ ،‬ترسيخ حرية الشعائر الدينية‪ ،‬تفعيل حرية الرأي العام‪ ،‬تحديد حرية الصحافة‪ ،‬ترسيخ‬ ‫حق التجمع وضوابطه كما يستعرض أسس المجتمع المدني باعتباره جوهر تأسيس الدولة المدنية‬ ‫وفعاليتها‪ .‬مكون سيادة القانون‪ ،‬وهناك العديد من األسس المطلوب تحديدها دستوريا بدقة من أجل‬ ‫صنع "دولة‪-‬القانون" ولذلك يناقش هذا المكون كثير من األبعاد التي ينبغي أن توضع بالدستور بشكل‬ ‫محكم وصريح و واضح من أجل بناء دولة الدستور والتي تسودها القوانين بشكل صحيح ودائم‪،‬‬ ‫ولذلك يناقش هذا المكون عدة عناصره منها‪ ،‬عالقة أمانة السيادة بالدستور‪ ،‬عالقة إرادة الشعب‬ ‫بالسلطات‪ ،‬مسألة العدالة‪ ،‬مسألة الكرامة اإلنسانية‪ ،‬حق التقاضي‪ ،‬استقاللية القضاء‪ ،‬مسألة‬ ‫الوطنية‪ ،‬مسألة السلم االجتماعي‪ ،‬المساواة القانونية‪ ،‬قرار السلم والحرب‪ ،‬شرعية إنشاء القوات‬ ‫المسلحة وتشكيالتها وبرامجها وموازناتها‪ ،‬المحكمة الدستورية‪ ،‬أمانة الشعب في حماية الدستور‪.‬‬ ‫الركن الثاني من الدستور‪ ،‬والمختص بتوضيح جميع نواحي ضبط أسلوب الحكم‪ ،‬وهو يتشكل من‬ ‫عشرة مكونات ويتبع كل منها عناصر أساسية من أجل أن تتفاعل هذه المكونات الدستورية العشرة‬ ‫بدقة وفعالية وتحقق الركن األول من الدستور بجدارة‪ ،‬حيث‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مكون رئاسة الدولة‪ ،‬ويشمل شروط وضوابط الترشح لرئاسة الدولة‪ ،‬اختصاصات ومسئوليات رئيس‬ ‫الدولة‪ ،‬اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات ‪ ،‬ضوابط دستورية متعارف عليها للحد من خطورة قانون‬ ‫الطوارئ عند اللجوء إليه‪ ،‬مناقشة مسألة التعديل في الدستور الدائم والضوابط الالزمة‪ .‬و يتم التفسير‬ ‫السياسي شرح أسباب وضع هذه العناصر األربع في مستوى مكون رئاسة الدولة وبحيث ال تكون‬ ‫هناك ثغرات مستقبلية‪.‬‬ ‫مكون السلطة التشريعية‪ ،‬ويشمل عناصر تشكيل البرلمانات واالشتراطات‪ ،‬االختصاصات‪ ،‬تحديد‬ ‫المهام واالختصاصات والعالقة بدقة بكل مكونات الدستور‪.‬‬ ‫مكون السلطة التنفيذية‪ ،‬ويشمل عناصر تشكيل الحكومة واالشتراطات الالزمة‪ ،‬تحديد اختصاصات‬ ‫الحكومة‪ ،‬تحديد المسئولية الجماعية للحكومات وشرح أثرها الوطني والديمقراطي‪ ،‬تحديد التقسيم‬ ‫اإلداري للبالد واالختصاصات المحلية‪ ،‬المجالس والهيئات العليا المتخصصة العامة والخاصة‬ ‫وأهمية ذلك التوسعية والكفاءة في شتى المجاالت‪.‬‬ ‫مكون السلطة القضائية‪ ،‬ويشمل عناصر تحديد االستقاللية في نظام الدولة‪ ،‬تحديد الجهاز الرئاسي‬ ‫وأسس تشكليه ودرجات المحاكم وأنواعها‪ .‬وهنا نناقش ما تذهب إليه بعض الدساتير في تبني‬ ‫"المجلس األعلى للقضاء"‪.‬‬ ‫مكون السلطة الدستورية‪ ،‬ويشمل اختصاصات المحكمة الدستورية‪ ،‬حيث تذهب بعض الدساتير في‬ ‫جعل هذا المكون مستقل من أجل دقة الدور والتصاقه بالسياسات والقوانين والقرارات الصادرة بدقة‬ ‫من أجل حماية الحياة الدستورية‪ ،‬وقد أخذ الدستور الفرنسي باستقاللية هذا المكون من أجل تفصيله‬ ‫دستوريا بشكل دقيق وتأكيد الناحية العملية والسياسية الالزمة‪.‬‬ ‫مكون النائب العام‪ ،‬نناقش في هذا الفصل لماذا تذهب بعض الدساتير في جعل النائب العام مكون‬ ‫دستوري مستقل‪ ،‬ونناقش عالقتها بأسس األمن العام الثالثة وهي النيابة العامة‪ ،‬والشرطة‪ ،‬والقضاء‪.‬‬ ‫مكون الجيش والقوات المسلحة واألمن القومي‪ ،‬ونناقش أهمية تحديد الدستور للتبعية الشرعية لهذه‬ ‫القوة‪ ،‬وشرعية آللية اتخاذ القرارات‪ ،‬وشرعية قيادتها العليا‪ ،‬ومسألة موازنتها وإنشاء مؤسساتها‬ ‫وتشكيالتها‪ ،‬ومسألة عقيدة العمل بهذه المؤسسات‪ ،‬ومسألة تحديد أسس القانون العسكري‪ ،‬ومسألة‬ ‫لمجلس القومي ودورها وتبعيته‪ .‬فغالبا ما تغفل الدساتير هذا المكون‪ ،‬وتكتفي بذكر أن رئيس الدولة‬ ‫هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة‪ ،‬وتحدد قرار السلم والحرب من اختصاص رئيس الدولة‬ ‫ويصدر بموافقة السلطة التشريعية‪ ،‬وسوف نناقش هذه األمور بدقة بما يخدم الحالة العربية‪ ،‬وفي ظل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الروح اإلسالمية وأمل األجيال العربية في اتحاد عربي يحقق بهم السيادة التامة والعيش الكريم‬ ‫والحياة السليمة‪.‬‬ ‫مكون الشرطة‪ ،‬يحدد هذا المكون تحديد مدنية جهاز الشرطة‪ ،‬وتناقش مسألة رسالة هذا الجهاز‪،‬‬ ‫واختصاصاته‪ .‬ويحدد مكون مستقل من أجل أن يعكس أهميته في خدمة الشعب وباعتباره جزء من‬ ‫الشعب وحاجة السلطة القضاء وأمن المجتمع‪ .‬وباعتبار أن إصابة هذا الجهاز بأي ضعف أو انحراف‬ ‫في رسالته وعقيدته وطبيعته يعطي مؤشر في مدى عمق انزالق الدولة في الفساد واالستبداد‪ .‬ولذلك‬ ‫تأخذ بعض الدساتير في جعله مكون مستقل ومحدد عناصره الالزمة بدقة لقدسية دوره‪ .‬وليكون‬ ‫واضح أنه مستقل عن بقية المكونات فهو لجهاز لحماية المجتمع وخدمي لبقية السلطات‪.‬‬ ‫مكون مجلس الشورى‪ ،‬ونناقش في هذا المكون طبيعة واشتراطات تشكيل هذا المجلس‬ ‫واختصاصاته‪ ،‬وهو مكون في غاية الدقة السياسية‪ ،‬وقد استخدمته الدساتير في ترسيخ العالقة بين‬ ‫الدولة وعقيدتها السياسية‪ ،‬ويطلق عليه المجلس االقتصادي االستشاري كما هو الحال في الدستور‬ ‫الفرنسي‪ ،‬أو مجلس الشورى االشتراكي كما هو الحال في الدستور المصري ‪ ،0590‬إال أننا سوف‬ ‫نناقش عالقة الدين بالدولة والسياسة‪ ،‬وكيفية جعل هذا الكون يحقق هذه العالقة الدينية الملزمة على‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫مكون الصحافة‪ ،‬ويشمل هذا المكون مناقشة عناصر تحقيق سلطة الصحافة‪ ،‬وخاصة رسالتها‬ ‫واستقالليتها حسب األعراف الدستورية الشرعية‪.‬‬ ‫المبحث ‪ ،8‬مفاهيم ومكونات العملية الحزبية‪ ،‬ويناقش دور األحزاب في فعالية صنع وتنفيذ السياسات‬ ‫العامة‪ ،‬عالقة األحزاب بالعقيدة السائدة‪ ،‬مرتكزات تأسيس األحزاب السياسية‪ ،‬كما يحاول إيجاد‬ ‫بعض الدروس العملية المفيدة من التجربة الحزبية واأللمانية والنمساوية‪ ،‬كما يناقش مكونات‬ ‫وعناصر قانون األحزاب السياسية‪ ،‬وهي تشمل المكون اإلداري الذي يحدد كافة أسس تنظيم‬ ‫األحزاب ورسالتها وشرعية قيادتها والحق البرلماني والشعب والحكومة في االعتراض قبل أن‬ ‫يصرح للحزب أن يكون عضوا فاعل‪ ،‬ويحدد رسالته‪ ،‬من أجل أن تكون األحزاب تعمل في خطوط‬ ‫متوازية ومتنافسة وليست متقاطعة أو متصادمة تجهض لحياة السياسية الطبيعية‪ .‬وهناك المكون‬ ‫السياسي‪ ،‬ويناقض بعض الحقوق األساسية‪ ،‬ومنها حق تكوين األحزاب السياسية ‪ ،‬حق االنتماء‬ ‫مكفول للجميع‪ ،‬حق قيادات األحزاب في االنتخابات الرئاسية والبرلمانية‪ ،‬الضمانات الدستورية‪،‬‬ ‫ومسألة وتبعته التشريعية وليس الحكومية‪ .‬كما أن هناك مكون الضوابط المنهجية والسلوكية‪ ،‬وهو‬ ‫يحدد العقوبات القانونية ضمن قانون األحزاب ذاته‪ ،‬فال يجوز أن تكون هناك قوانين أخرى لها عالقة‬ ‫بهذه المؤسسات المدنية والتطوعية‪ ،‬فهناك مثال‪ ،‬عقوبة مزالة النشاط الحزبي بدون ترخيص‪ ،‬عقوبة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تحول الحزب إلي الطابع العسكري‪ ،‬وعقوبة االنضمام إلي أحزاب غير مشروعة‪ .‬وينبغي أن يكون‬ ‫الدستور وقانون األحزاب دقيق بحيث تجد األحزاب كامل حقوقها السياسية وضماناتها وال تنحرف‬ ‫عن ورها ورسالتها وهذا المكون يسهم في فهم وتطوير هذه الناحية الحيوية‪.‬‬ ‫المبحث ‪ ،9‬مفاهيم ومكونات العملية االنتخابية‪ ،‬ويتم مناقشة عدة مطالب‪ /‬منها العالقة الطبيعة بين‬ ‫االنتخابات والحاجة اإلنسانية وكيفية تطوريها وحمايتها من الفساد‪ ،‬عرض المعاهدات الدولية‬ ‫ومبادئها العامة لتي تشكل اإلطار القانوني والمرجعية الشرعية في صنع قوانين االنتخابات وهي‬ ‫تشمل مبدأ حرية اختيار النظام االنتخابي‪ ،‬مبدأ سيادة قان االنتخابات‪ ،‬مبدأ حقوق الناخبين‬ ‫والضمانات‪ ،‬مبدأ حقوق المرشحين والضمانات‪ ،‬مبدأ ضمان الحق العام في عملية االقتراع بنجاح‬ ‫وسالمة‪ ،‬ومناقشة األدوات القانونية التي تحتاجها صناعة العملية االنتخابية‪ ،‬وتشمل الدستور‬ ‫المعاهدات الدولية‪ ،‬النظام اإلداري بالبالد‪ ،‬السوابق القضائية‪ ،‬ومدونة السلوك‪ .‬كما‪ ،‬و يناقش هذا‬ ‫المبحث مكونات وعناصر قانون االنتخابات‪ ،‬ويتضمن مكون اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات‬ ‫فيناقش مسألة تحقيق االستقاللية حسب ما األعراف الدستورية وما يتطلبه العمل السياسي الرشيد‪،‬‬ ‫اختصاصات وصالحيات اللجنة وعالقة ذلك بالدستور‪ .‬مكون الناخبين ويتضمن مناقشة سجل‬ ‫الناخبين‪ ،‬وبطاقة الناخب‪ ،‬وشروط الناخبين‪ ،‬والضوابط القانونية الالزمة‪ .‬ومكون المرشحين‬ ‫ويتضمن طلب الترشح‪ ،‬قائمة الترشح‪ ،‬حق االعتراض‪ ،‬شروط الترشح لرئاسة الدولة‪ ،‬وشروط تقدم‬ ‫األحزاب السياسية للترشح في االنتخابات العامة‪ .‬مكون عملية االقتراع ويتضمن مناقشة أقسام‬ ‫العملية االنتخابية‪ ،‬اللجان الفرعية‪ ،‬الدائر االنتخابية‪ ،‬المواعيد‪ ،‬طريقة الفرز واإلعالن عن النتائج‪.‬‬ ‫مكون الضوابط القانونية السلوكية‪ ،‬ويتضمن عقوبة التخلف عن أداء الواجب االنتخابي الوطني‪،‬‬ ‫عقوبة استخدام القوة أو التهديد وإفساد االنتخابات حسب األحوال‪ ،‬عقوبة المخالفات المالية‪.‬‬ ‫المبحث ‪ ،6‬االستنتاج العام‪ ،‬يتخلص الكتاب في نهايته جملة من االستنتاجات السياسية الهامة على‬ ‫الصعيد الشعبي‪ ،‬وهي عالقة الفكر اإلسالمي ودوره في تنمية الديمقراطية المعاصرة على نحو‬ ‫مشروع‪ ،‬يستعرض نظرية توازن السلطة والمجتمع‪ ،‬عبر مخطط منطقي‪ ،‬من أجل تعرف الشعب‬ ‫على مخاطر اإليديولوجية وأهمية الدستور في تخليص الشعوب من مساوي اإليديولوجيات وكيف‬ ‫تقودهم الستبداد والفساد‪.‬‬ ‫المبحث ‪ ، 9‬وفيه نناقش مسألة الدستور والبيعة واالنتخابات من منظور إسالمي‪ ،‬لكي نعزز ان هذه‬ ‫المسألة ال تخالف وال خالف ينبغي ان يكون حولها‪ ،‬فالحكمة هي مبتغى القادة العظماء‪ ،‬وغيابها عن‬ ‫الشعوب هي طامة كبيرة‪ ،‬ولعلنا بمثل هذا التحليل الموجز والمتواضع نكون قد أثرنا ما ينبغي ان‬ ‫يبحث فيه بمسئولية حقيقية‪ ،‬وما ينبغي ان يتحدث عنه الخواص والعموم‪ ،‬وان نكون قد ساهمنا في‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ايقاظ سبيل الحكمة في أذهان الناس كافة‪ ،‬فالحياة هي سفينة مشتركة يركبها الجميع‪ ،‬والبد من صيغة‬ ‫تفاهم للسير بها نحو االمان والعمران‪.‬‬ ‫وفي الختام يتعرض الكتاب االستنتاجات‪ ،‬منها "مشروع اتحاد الدول العربية" باعتباره مشروع‬ ‫دستوري يصون التكاملية السيادية والسياسية واالقتصادية والثقافية للشعوب العربية التي مهددة في‬ ‫مصيرها‪.‬‬

‫حيث ان الشعوب العربية لن تتحرر حتى تتوحد‪ ،‬ولن تتوحد حتى تصنع دستورها بوعي وإرادة‬ ‫حرة‪ ،‬و يوم تستطيع ان تصنع دستورها الشامل الموحد‪ ،‬تكون قد عادت اوضاعها سليمة غير منقلبة‬ ‫وقد استقام فكرها‪ ،‬واشتدت عروة مفاهيمها‪ ،‬ونضجت عامتها من الناس‪ ،‬واصبحت الشعوب وقادتها‬ ‫اكثر امانة ومصداقية وإنسانية وحضارية وعالمية‪.‬‬ ‫والكتاب في مجمله منهجية سياسية من أجل التوعية الشعبية وبما يخدم التوظيف تفعيل إرادة الشعب‬ ‫وإبراز معالم التوظيف السياسي التي تخدم عمليات الصياغة القانونية‪.‬‬ ‫وال يعد الكتاب بأي حال أنه يشكل صياغة قانونية محددة‪ ،‬بل يناقش الديمقراطية والدستور والعملية‬ ‫الحزبية والعملية االنتخابية على أنها تنطوي على كثير م الجدليات التي دائما في حاجة للوعي‬ ‫الشعبي الفعال‪ ،‬والمصداقية السياسية‪ ،‬والمسئولية اإلنسانية واألمانة الوطنية و اإلخالص في العقيدة‪.‬‬ ‫فهو خطوة في مشوار التحرر السياسي وكرامة و وعي وفعالية الشعوب والنفوذ العربي العالمي‪.‬‬ ‫*‬ ‫وال نخفي بأن مثل هذه مساهمة في مثل هذا األفق الذي يتسع بقدر أفكار الناس جميعا وبما يكفل‬ ‫الحقوق والحريات والواجبات وبما يحقق أمن الشعوب وسالمتها ونمائها وتطورها البد وأن تكون‬ ‫متواضعة للغاية‪ ،‬والبد أن يكون كل مشارك فيها‪ ،‬حيث المجهود األكبر والمسئولية األعظم تقع على‬ ‫مجموع أفراد المجتمع بالمشاركة الفاعلة واالهتمام الوطني والنقد البناء من أجل التطور اإلنساني‬ ‫والتغيير العام اإليجابي وبما تفرض الشعوب من خالله خروجها من دائرتي الجهل والظلم وهما‬ ‫أقصى عقدتين إذا ربطت حول نواصي األمور جعلت الشعب الواحد هزيل في خارجه وفي داخله‬ ‫يصنع شتى صنوف الخزي والمهانة والضعف والمعاناة‪ .‬ويبدوا كل ذلك جليا يوم تجد الشعوب نفسها‬ ‫بدون فكر موحد ومستقل وإرادة حرة عارمة متماسكة لصنع دستور حياتها بوعيها الحقيقي في دولة‬ ‫محدد نظامها بكفاءة وأسلوب حكمها الشرعي‪.‬‬ ‫المؤلفـــــــــــــــــــــ‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫د‪ .‬عبد اللطيف حمزة القراري‪.‬‬ ‫رئيس الجمعية الدولية للتنمية واألعمال اإلنسانية‪.‬‬ ‫بنغازي ‪ 22‬أغسطس ‪2102‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪0‬‬

‫املدخل العام‬ ‫يشكل هذا المبحث مدخل عام لفهم حقيقة وأبعاد الدستور والعملية الحزبية واالنتخابية ويصف العالقة‬ ‫العضوية بينهم‪.‬‬ ‫فيناقش المفاهيم األساسية الالزمة على المستوى الشعبي ومن أجل تحريك الرأي العام المسئول في‬ ‫المشاركة الواسعة ويحفزها بشكل دائم وفاعل لتحقيق األمانة التاريخية والمسئولية الوطنية المنيطة‬ ‫بالمجتمع‪.‬‬ ‫كما يرسخ منهجية البحث عبر استخدام المكونات األساسية والعناصر الجوهرية كأداة في التفسير‬ ‫السياسي والعملي‪.‬‬ ‫و يناقش مجموعة من المطالب االساسية‪.‬‬ ‫وال يغيب عن ذهننا نحن بصدد إيجاد المعايير الدولية التي تساعد الشعوب العربية في صناعة أقوى‬ ‫الدول وأسلمها شرعية‪ ،‬وهذا هدف ديناميكي يشترك فيها القاري والكاتب من أجل وضع المعيار‬ ‫التوافقي والمتغير بحكم التطورات والمعطيات الزمنية والمكانية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :1‬املفهوم العام للدستور والدميقراطية‬ ‫النواحي المؤثرة في فهم ونجاح الدستور‬ ‫عندما نتحدث عن الدستور فإننا نمس عقيدة سياسية تختص بالشئون الدنيوية وعقيدة دينية تختص‬ ‫بالمصير وطبيعة الحياة بمجملها‪ ،‬ونناقش حاجات أساسية وهموم يومية ومخاوف شعب بكامله‬ ‫ومصير أمة حاضنة قلقة بشأن كل يعيق حركتها وينغص فعاليتها ويقلص كفاءتها‪.‬‬ ‫وبذلك ال يمكن بحال أن نعد أن الدستور هو ورقة تكتب بأي شكل ممكن‪ ،‬أو عقد وميثاق يبرم بأي‬ ‫صيغة معروفة لدي بعض الناس‪ ،‬أو هبة من الحكام للشعوب أو صياغة قانونية تسعى لجنة الصياغة‬ ‫القانونية في حبكها من أجل ال حيلة من تفادي قبولها الشعبي عبر استفتاء عام‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدستور أكبر من كل تحايل فهو مشروع حكم شرعي وشعب حضاري وتنمية مستمرة للقوة‬ ‫والثروات الوطنية‪.‬‬ ‫و هو صمام لحماية سيادة الدول من أي خيانة سياسية ممكنة أو أي تدخالت خارجية سلبية تنهك‬ ‫مسيرة الشعب وعالقته بأمته واألصل في رسالته‪.‬‬ ‫كما أنه نتاج تاريخي يعكس مدى استفادة الشعوب من تجربتها السياسة القاسية ويحدد مسببات الخلل‬ ‫والقصور والضعف ويحميها من العودة لتكرار ما سبق‪.‬‬ ‫وهذه أول مهمة على الشعوب وكل من يتصدى إلعداد وتعديالت الدستور أن تتشكل لديهم الذهنية‬ ‫كمرآة صافية يظهر فيها كامل التجربة السياسية السابقة وتبرز من خاللها جميع معطيات البيئة‬ ‫المحيطة فتتحدد التفاصيل الالزمة بدقة من أجل تحديد روح الدستور الذي تبعث فيه الحياة عبر‬ ‫األجيال‪ ..‬وهذا وأجب قبل أي عملية مشاركة أو استفتاء‪ ،‬فما أسهل على المرء من خيانة األمانة من‬ ‫شيء وما أصعب عليه من شيء مثل الندامة يوم ضياعها ويوم ال يجد من مغيث غير من أودعه تلك‬ ‫األمانة‪.‬‬ ‫فحياة المرء وحياة غيره من الناس وحيوية الكون بجملها أمانة والدستور هو ميثاق يحدد كيف نحمي‬ ‫هذه األمانة وكيف نسخرها لمصلحة الجميع بعدالة وعلم ورقي خلقي‪.‬‬ ‫وبذلك نذكر في الفصول الالحقة أهمية "مقدمة الدستور" وهي عنصر تتشكل من خالله هذه الروح‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫فال ننسى نضال األجداد وتضحيات األحفاد وبطوالت الشباب ودور األمهات ومشاركة الفتيات وكل‬ ‫ما كان سببا في نتاج الدستور الكامل والشعور بقيمته وحبهم للحياة الكريمة‪.‬‬ ‫كما ال ننسى نحن العرب بفضل اإلسالم هم مصدر الدساتير الحديثة وقد تعلمها الغرب من خاللهم‬ ‫بعد دحر هذه األمة بهمجية‪ ،‬وفتتوا كل دولهم وطموحاتهم األولية ويحاولوا أن يقتلعوا الوطنية‬ ‫واألمانة الدينية من جذورها‪ ،‬وقد درسوا ما وجدوا في حضارة اإلسالم بتعمق وتحليل بعث فيهم‬ ‫نجاحهم الدنيوي بشكل واسع‪ ،‬وقد أخذ ذلك منهم ما يزيد عن أربعة قرون‪ ،‬حيث كان فيها ال كتب إال‬ ‫علوم العرب والمسلمين في الطب والدواء والفلك والبحار والسياسة والمجتمع واالقتصاد والثقافة‪،‬‬ ‫وبلورها لصالحهم وليكونوا هم أصل الحضارة ويكون العرب قوم تبع‪ ،‬وجعلهم ال حال جيد لهم في‬ ‫اإلمكان والوجود أبدا‪ ،‬وال تصبح قدرة عندهم في مجرد تنظيم حياتهم بشكها المشروع التام قدر ما‬ ‫أمكن‪ ..‬وبات العرب في الزمن الحاضر وكأن حياتهم اختصرت من العدم للعدم بدون شي يذكر‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وثاني مهمة أن يتعلمها العرب عند صنع دستورهم ذكر هم األصل‪ ،‬وكل ما يلزم لصناعته وحماية‬ ‫هو لديهم واضح وال حاجة الستيراد المضنون كله وكأننا نريد مجرد "االستهالك السياسي"‪ ،‬فهذا ال‬ ‫يجوز في صنع الدساتير والحياة‪ ،‬ولكن تجب الدراسة والتحليل العميق وأخذ كل ما يلزم وبلورته‬ ‫إلعادة صنعه بما يكون أفضل وأصلح وبمثل هذه الصحوة تبدى أول خطوة في مسيرة الحضارة‬ ‫والحياة الكريمة‪.‬‬ ‫وبهذا نكون قد علمنا بأن الدستور ليس علم جامد بل هو شأن دنيوي متطور بفعالية وعي الناس‬ ‫وفكرهم اإلنساني وتفاعله الحضاري والديني‪.‬‬ ‫وسوف نتناول بالتفصيل ما يؤيد ذلك من خالل مناقشة مقومات وعناصر الدستور باعتباره اإلطار‬ ‫العام اإلطار واألساس في بناء مؤسسات الدولة ومصدر شرعية كل القوانين والسياسات العامة‪،‬‬ ‫ونتناول مقومات وعناصر األحزاب السياسية وهي محرك يدفع في اتجاه إنتاج السياسات العامة‬ ‫الناجحة‪ ،‬وأيضا مقومات وعناصر االنتخابات وهي الترس الشرعي الذي يتم تبادل السلطات من‬ ‫خالله حسب مواعيد دقيقة وشروط صحيحة وآلية محكمة من أجل نقل الدولة بكاملها من وضع إلي‬ ‫وضع أفضل منه‪ .‬وبهذا تدور عجلة التقدم التي يديرها بقوة واسعة الدستور الدائم‪.‬‬ ‫خالله المقيدة بمواعيد وآلية دقيقة وحساسة تاريخيا و وطنيا وإنسانيا‪.‬‬ ‫ويمثل هذا الطرح المنهجي المدخل الواسع واألمن لبناء منظومة القيم السياسية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية والثقافية المتكاملة والالزمة لصعود األمم‪.‬‬ ‫ويبعث الكتاب بالروح األخالقية في جسد المعرفة المادية لبناء الدول من أجل أن تتشكل قوة تفاعلية‬ ‫شعبية شرعية تساعد الناس في كسب سعادتهم وكرامتهم‪ ،‬وصيانة حرياتهم وحماية حقوقهم‪ ،‬وفعالية‬ ‫أداء واجباتهم ‪ ،‬ومصداقية نيل حقوقهم‪.‬‬ ‫فمن خصائص الديمقراطية هو التفاعل الفكري الحر‪ ،‬مما يؤدي إلي نموه الواسع ويعمقه‪ ،‬وهذا النمو‬ ‫الفكري هو أساس النهضة‪ ،‬ولكن قد تخطيء الشعوب ‪ ،‬ويتحول هذا التفاعل إلي صراع فكري‪،‬‬ ‫وصعوبة التوافق المتعمد‪ ،‬ويشل إدارة الدولة ويعيق مسألة صنع وتنفيذ سياساتها‪.‬‬ ‫والدستور هو كتاب تطبيق الديمقراطية أي كيفية تنظيم مؤسسات السلطات بشكل مشروع وإنتاج‬ ‫السياسات بشكل فعال‪ ،‬ومثل هذه الفكرة البد أن تكون حاضرة في كل األذهان‪ ،‬فليس الدستور مسألة‬ ‫مصالح محددة أو هوية مستهدفة أو صراع ثقافي ال طائل وطني أو إنساني حقيقي ورائه‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ونناقش كثير من المعاني التي تشكل مفاهيمها عالقة عضوية مع كافة عمليات إدارة شئون وأمور‬ ‫حياة الناس‪ .‬فالغفلة عن مكونات الدستور والجهل بأسس الديمقراطية الشرعية ينبث الجهل بنظرية‬ ‫صنع الحياة‪ ،‬وينشر زيف تطبيق الديمقراطية الحقيقية‪ ،‬ويتجسد القصور الفادح في كيان إدارة كافة‬ ‫شئون الناس‪ ،‬وبذلك تهان الشعوب بقدر جهلها وتتعس بقدر سوء دواخلها‪ ،‬ويحط قدرها بقدر انحطاط‬ ‫خوارجها المادية واألخالقية‪.‬‬ ‫فالعالم والعلم في تفاعل روحي ومادي مستمر ودقيق للغاية‪ ،‬ال تراه عيون العامة في حاضرهم ولكن‬ ‫عيون الحكماء مجهريه فتفحص مستقبل األمم‪ ،‬فترى األخالق والقيم كالذرة جوهر كل حركة ولون‬ ‫وتطور وطاقة وحياة فاعلة‪ ،‬وتراها روح كل صحوة وطنية ونهضة فكرية وعلوم مادية‪ ،‬وبضعف‬ ‫القيم األخالقية والعلوم المادية في الشعوب يصبح سواد حجمها أكبر من نور روحها فتأكل األخضر‬ ‫واليابس في كل حضارة كأي كائن ال عقل وال عالقة له في صنع الحاضر‪.‬‬ ‫فالمعرفة الدستورية تؤسس للوعي الحقيقي وتنشر اإلدراك الوطني المطلوب وتجسد الوازع الديني‬ ‫المسئول‪ .‬وبدون مثل هذه المعرفة تتدنى كافة مقومات وعناصر الحياة ذات القيمة النفسية‪ ،‬وتسود‬ ‫أالمباالة في كل اتجاه وتغرس سلبيات الحياة العامة‪ ،‬فتفشل في بناء دولتها وإنتاج سياساتها وكفاءة‬ ‫نتائجها‪ ،‬فتفقد قيمتها في الحاضر‪ ،‬ويلعنها التاريخ‪ ،‬وتتبرأ منها رسالة الحياة‪ ،‬وتخفق في كل شيء‪،‬‬ ‫فال تنعم بلذة الحياة وجود الطبيعة وال تتنفس نسائم الحرية وال تتذوق طعم الكرامة‪.‬‬ ‫فعندما تفقد الشعوب روح رسالتها في صنع الحياة تصبح غير جديرة بالنفوذ والخلود المنشود‪.‬‬ ‫وصناعة الدستور وآليات وأدوات السياسية الشرعية ‪ -‬أي آليات وأدوات ديمقراطية قانونية في بناء‬ ‫الدولة وممارسة السلطة والسيادة‪ ،-‬هي كبرى الصناعات التاريخية واإلنسانية‪ ،‬يسهم فيها الجميع في‬ ‫كل حاضر‪ ،‬وتتوالى األجيال في حمايتها وتطويرها‪.‬‬ ‫فالدستور الصحيح والديمقراطية الشرعية هي الطريق السريع والواسع والراسخ‪ ،‬تسير الشعوب‬ ‫عليه وتتسابق في حدوده بقدر طاقاتها وعلمها وقيمها من أجل صنع نهضتها ونمو عقلها وتنوع‬ ‫فكرها اإليجابي ورقي مادياتها الحضارية فتصنع الحضارة‪.‬‬ ‫ومثل هذا الكتاب مساهمة في خلق الصحوة الوطنية الالزمة لكل الشعوب‪ ،‬لتستيقظ الناس عندما‬ ‫تكون في حالة سباتها العميق وركودها الطويل فتنهض لليقظة السياسية والعمل الوطني والسيادة‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالمعايير العالمية لصناعة الدولة الحديثة هي خالصة فكرية تتشارك الشعوب في إنتاجها‪ ،‬ويحتاجها‬ ‫العالم عبر مختلف األزمنة‪ ،‬من أجل أن يتوافق أداء الشعوب في أمكنه المتعددة‪ ،‬وتتجانس تفاعالته‬ ‫وتتمر عالقاته‪ .‬وهي مسئولية كل جيل في تدارسها وتطويرها وتبينها بمسئولية‪.‬‬ ‫فالقيم اإلنسانية مثل الكرامة والحرية والحقوق اإلنسانية هي واحدة‪ ،‬ولذلك مهما تعددت ألوان صيغ‬ ‫الدساتير‪ ،‬فهي كاإلنسان واحد في تكوينه العضوي‪ ،‬ولكن أفكاره قد تصعد أو تنحط‪ ،‬بحكم عوامل‬ ‫عديدة‪.‬‬ ‫وهكذا الدساتير في تركيبتها العضوية واحدة‪ ،‬ولكن ألوانها متعددة‪.‬‬ ‫وسوف نستعرض في هذا الكتاب التركيبة العضوية‪ ،‬وبلونه األبيض‪ ،‬وبما يكمن الناس أن تزينه‬ ‫بذوقها‪ ،‬وتجملها بطبعها‪ ،‬وتفعله بعقلها‪ ،‬وتصونه بنفسها‪.‬‬ ‫ويتناول هذا الكتاب عالقة الدستور بالقوانين المكملة‪ ،‬باعتباره العمود الفقري لكيان الدولة‪ ،‬وتمثل‬ ‫القوانين المكملة أطراف كيان الدولة وتصنع كل مؤسسات الدولة الدستورية الشرعية‪.‬‬ ‫ومن خالل تفسير هذه المقومات والعناصر نجلي كثير من المرتكزات ونصقل كثير من األهداف‪،‬‬ ‫من أجل أن تشكل الروح اإلنسانية العالقة العضوية األخالقية فتتوازن ممارسة السلطة وإرادة‬ ‫الشعب‪ ،‬وتتوافق السياسة الشرعية مع السيادة الحقيقية‪ ،‬وفي هذا الصدد نطرح في خاتمة الكتاب‬ ‫"نظرية توازن السلطة والمجتمع"‪ ،‬فيتعرف المواطن على عالقة الدستور باإليديولوجية‪ ،‬والحالة‬ ‫االستبدادية أو الديمقراطية‪ ،‬بحيث تصنع تصور هام في ذهن المواطن وتلهمه بكيفية وأهمية تفاعله‬ ‫الفكري اإليجابي والمسئول‪ ،‬ويشكل هذا التصور قاعدة كلية للفكر السياسي‪ ،‬تفيد عموم الناس في كل‬ ‫زمان ومكان‪ ،‬فيسقطها على واقعه‪ ،‬ويعلم بالنتائج قبل حدوثها‪ ،‬بدون الحاجة للغوص في أعماق‬ ‫نظريات السياسات واإليديولوجيات‪ .‬وال تتطلب منه المشاركة السياسية الكثير من العناء‪ ،‬وهو‬ ‫المنشغل بمتطلبات تفاصيل وتعقيدات عيشه اليومي‪ ،‬فنود من خالل هذا التصور أن نجعل العلم‬ ‫بالدستور ميسر ومتعة‪ ،‬تزيل كبد الحياة‪ ،‬وتعاسة الظلم‪ ،‬وتعيش الناس في تصالح وليس تصارع‪،‬‬ ‫ومن أجل التوافق وليس التصادم‪.‬‬ ‫فصناعة وصون الدستور هي مسئولية أصيلة للشعوب‪ ،‬وهو روح سيادتها‪ ،‬وال يجوز لها أن تتنازل‬ ‫على أي من مقوماته وعناصره لصنع فرد أو استبداد حاكم‪ .‬فهو يحدد آليات وأدوات صنع كرامتها‬ ‫وحرياتها وحقوقها وتوافق وتوازن واجباتها‪ .‬فالتنازل عليه للغير هو بمثابة التنازل عن األوطان‬ ‫واالنسالخ من األديان‪ ،‬والعيش بدون قيم اإلنسان‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدستور له ركنان أساسيان‪ ،‬وقوانين مكملة محددة‪ ،‬تتشارك العقول جميعها في صنعها‪ ،‬وتقييمها‪،‬‬ ‫وتطويرها‪ ،‬وحمايتها‪ .‬وهذا الكتاب يسهم في تقديم معايير قياسية تدعم هذه المهمة التاريخية‬ ‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫ويبين الكتاب أن صناعة الدستور هي صنعة وطنية خالصة لمصلحة المجتمع ومخلصة لمكارم‬ ‫األخالق‪.‬‬ ‫وإذا فقدت أو غفلت الشعوب دورها في صنع وصيانة وصون دستورها وحقيقة وأهمية وحساسية‬ ‫التعددية الحزبية وفعالية العملية االنتخابية أو البيعة‪ ،‬تصبح بذلك فقدت جوهرة الحياة وضاعت‬ ‫سيادتها بيد الذين يسوقنها عبر كيانات غير شرعية كأي كائن ال عقل له وروح فيه‪.‬‬ ‫فالدستور واألحزاب واالنتخابات هي آليات وأدوات تشكلها الشعوب‪ .‬وعدوها الوحيد هو االستبداد‬ ‫الذي وقوده األشرار في كل زمان‪ ،‬فتصنع قوة‪-‬الخير الدستور‪ ،‬وتعمل قوى‪-‬الشر دائما على إلطاحة‬ ‫بالدستور (أي نظام الدولة الشرعي) وإبطال مفعولة‪ ،‬وهذا يشكل أكبر التحديات المصرية‬ ‫االستعمارية التي تواجه الشعوب‪ ،‬وخاصة الشعوب العربية‪.‬‬ ‫ويسلط هذا الكتاب األضواء على المشهد الشامل في بناء دولة الدستور أي نظام الدولة وأسلوب‬ ‫الحكم أي الديمقراطية واألرضية الالزمة للقوانين المكملة لصنع دولة سيادة القانون‪.‬‬ ‫وغرض هذا لكتاب هو الوعي السياسي الوطني‪ ،‬ويوفر أداة ن أجل تقييم وصنع كافة الدساتير‬ ‫ولمشاركة في تعديلها وتطويرها الالزم عبر مراحل تقدم الزمن وتطور األجيال‪.‬‬ ‫يأخذ بنظام متكامل ومختلط يجمع أسس النظام البرلماني‪-‬الرئاسي النيابي وربطها باإلسالم في‬ ‫مجلس الشورى وهو سلطة استشارية وقوة أخالقية وعلمية‪.‬‬ ‫وستكون الشعوب دائما عبر كل األجيال القادمة في حاجة سياسية ماسة ومسألة إنسانية هامة وأمانة‬ ‫وطنية حيوية في فهم كيفية صنع دولتهم وحماية حرياتهم وحقوقهم وصيانة كرامتهم‪.‬‬ ‫ولعل صياغة دستور دائم لبناء الدولة لحديثة المستقلة ذات السيادة الكاملة والحقيقية أهم أداة سياسية‬ ‫تمثل إرادة الشعوب ورسالتها في صنع الحياة الكريمة وسالمة األوطان وسالم األفراد والجماعات‬ ‫المدنية والطوائف الدينية واألقليات العرقية وقوة الشعوب الوطنية واإلنسانية‪.‬‬ ‫وتمثل األحزاب األداة الديمقراطية التي تتشكل الشعوب تحت لوائها الفكري وتتجمع تحت برامجها‬ ‫التنموية وتتحمس وتتنافس فيما بينها أيها يخدم الوطن والمجتمع‪ ،‬وبالتالي تكتسب الشرعية الشعبية‬ ‫لقدر ما تتحصل عليه من تأييد وحجم انتساب األفراد واالقتناع بمصداقيتها الوطنية وكفاءتها السياسية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ومسئوليتها اإلنسانية في تحقيق مطالب الناس‪ ،‬والمحافظة على فعالية النظام العالمي في تحقيق األمن‬ ‫ولسلم الدوليين‪.‬‬ ‫‪.‬ثم تأ تي االنتخابات وهي الوسيلة القانونية والطريقة الشرعية لمنظمة للوصول إلي السلطة وتداولها‬ ‫السلمي‪.‬‬ ‫هذا الكتاب هو لبنة في إطار التوعية لسياسية الوطنية الليبية‪ ،‬وهو جهد أصيل يرسم معالم النظرية‬ ‫السياسية للدستور‪ ،‬واألحزاب واالنتخابات‪.‬‬ ‫بحيث تكون في متناول الجميع في مختلف مستويات التربية والتعليم‪ ،‬من البيت وعبر كافة مراحل‬ ‫ومستويات التعليم‪ ،‬وهو مرشد لتوحيد المفاهيم األساسية لكافة مؤسسات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫فقوة الشعوب السياسية تكمن في وحدتها الفكرية وتنافسها في برامجها التنموية‪.‬‬ ‫كما وضعت معالم هذه النظرية المتكاملة لنواحي بناء الدولة وممارسة السلطة في ثالوث (الدستور‪-‬‬ ‫األحزاب السياسية ‪ -‬االنتخابات)‪.‬‬ ‫وسوف يجد القراء ما يساعدهم دائما على فهم أسس كل الدساتير العالمية‪ ،‬وكيفية تقيمها‪ ،‬وكيفية‬ ‫حماية وتطوير دستورهم لوطني وهي مهمة حضارية ينبغي ال تغيب عن األذهان أبدا‪ ..‬فكل أب وأم‬ ‫ومعلم وقائد وفرد مسئول عن أمانة الحياة هذه ويسخرها قي صنع حرياته وحقوقه وكرامته وحماية‬ ‫دولته من استالب السلطة وانزالق في براثن الفساد واالستبداد‪.‬‬ ‫فالتاريخ ال يعود نفسه كما يشاع‪ ،‬بل الحياة برمتها هي صراع بين قوى الخير والشر‪ ،‬وقوى الشر‬ ‫تسعى دائما إلسقاط الشرعية والعبث في مقدرات الناس وأموالهم ومصائرهم وأعراضهم‪ ..‬وقوى‬ ‫الخير هي قوة دافعة تسعى لبناء دولة شرعية يسود فيها الحق وتنتصر فيها العدالة‪..‬‬ ‫وسوف يجد القراء نظرية توصف كيف يصنع ويعمل الدستور وما عالقته باألحزاب وما دور‬ ‫االنتخابات في استكمال هذه الحلقة الشرعية في بناء الدولة الوطنية وممارسة السياسية الشرعية‪.‬‬ ‫فالدستور هو أساس الدولة‪ ،‬والعدالة هي أساس الحكم‪ ،‬واالنتخاب هو أساس الوصول إلي السلطة‪،‬‬ ‫واألحزاب هي أساس القوة‪-‬السياسية‪ ،‬والشعب هو أساس السيادة‪ ،‬والقانون هو أساس التعامالت‪،‬‬ ‫واألخالق هي أساس التفاعالت‪ ،‬واإلنسانية هي أساس العالقات‪ ،‬والوطنية هي أساس المصالح‪،‬‬ ‫وإرادة الشعوب هي أساس ممارسة السلطات‪ ..‬والحريات والحقوق والكرامة هي روح رسالة صنع‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فمن هذه المنطلقات نبدأ كتابنا في وصف مقومات وعناصر ثالوث بناء وروح أدارة الدول الحديثة‬ ‫والسياسة القانونية‪.‬‬ ‫فكثيرون هم من يبحثون عن معني دقيق لمفهوم "الديمقراطية"‪ ،‬فمنهم من يراها سلعة غريبة عن‬ ‫لمجتمعات العربية ومستورة من دول الغرب خالل حقبة االستعمار‪ ،‬ومنهم من يالحظ عنها تعدد‬ ‫نماذج تطبيقاتها والشكلية وإمكانية تزييفها وانزالقها للدكتاتورية عاتية‪ ،‬قاستها الشعوب العربية بعد‬ ‫خمسينات القرن العشرين‪.‬‬ ‫أذا المطلب األساسي في نجح التجربة الديمقراطية هو أن تحدد الشعوب العربية مفهوم الديمقراطية‬ ‫بشكل دقيق ومتكامل بكل تفاصيله‪ ،‬وتتفق وتتعاقد عليه‪.‬‬ ‫والدستور هو العقد االجتماعي الذي تتفق الشعوب من خالله على شكل دولتهم وأسلوب الحكم‪.‬‬ ‫وتختار وإدارة الدولة‪.‬‬ ‫نناقش في هذه الفقرة‪ ،‬آلية الحكم من أجل تحديد عملي وعلمي لمفهوم الديمقراطية وإزاحة اللبس‪،‬‬ ‫ونناقش من يصنع الدستور‪ ،‬ومراحل إعداد الدستور‪.‬‬

‫المفهوم الشامل للديمقراطية‬ ‫هي شرعية نظام الدولة وأسلوب الحكم وآليته القانونية‬ ‫الشك أن كلمة "الديمقراطية" هي مستوردة عبر التاريخ‪.‬‬ ‫واإلشكاليات السياسية واألزمات تأتي من عدم تعريفها بدقة وبشكل كامل وبمصداقية تامة‪.‬‬ ‫ولكي ننجح في بناء الدولة وتحقيق السياسية الشرعية يلزمنا أن نحدد المعنى الحقيقي لهذه العبارة‬ ‫التي هي في حقيقة األمر تعبر عن منهجية سياسية ونظام حياة كامل يختاره الشعوب وفق إرادتهم‬ ‫ويعبر عن مدى فهمهم للحياة ومستوى عقولهم‪.‬‬ ‫فالدستور والعملية الحزبية واالنتخابية والوعي الشعبي الحقيقي والديمقراطية أشياء متالزمة‪ ،‬ما‬ ‫فصل أحدهم عن األخر إال وقد ظهر االستبداد المتربص بالناس‪ ،‬في أول وهلة من غفلة الوعي‬ ‫وسوء المسئولية العامة‪.‬‬ ‫شيئين متالزمين ال يمكن بفصلهما بأي حال‪ ،‬إال وهما االستعمار واالستبداد‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وجهان لعملة واحدة‪ ،‬ال يعيش ويقوي احدهما بدون األخر‪ ،‬وإذا ما تخلت الشعوب من احدهما‬ ‫تخلصت من االخر‪.‬‬ ‫ومسئولية الشعوب ليست محاربة ومواجهة والتكلم الزائد والوقت الضائع الكاذب في محاربة‬ ‫االستعمار‪ ،‬بل دورها الجذري والحضاري واالنساني والعالمي هي ان تمنع االستبداد ان يحل‬ ‫بأوطانها‪.‬‬ ‫فإن االستبداد هو من يدعوا االستعمار ان يتقدم وان يعبث وان يفسد‪.‬‬ ‫إن االستعمار يموت يوم تصنع الشعوب دستورها وتحميه وتقف عند حدوده وتحقق ابعاده بمسئولية‬ ‫وبوعي حقيقي متواصل ابد الدهر‪.‬‬ ‫إن االمانة التي يتعاقب االجيال على استالمها من بعضها هي هذه الدساتير التي تكمن فيها امنها‬ ‫وسالمتها وكرامتها وحقوقها وحرياتها و نظام حياتها الشاملة‪.‬‬ ‫الديمقراطية تعني "اآللية القانونية" لممارسة الحكم‪ ،‬أي العالقة الشرعية بين المجتمع والسلطة في‬ ‫الحقوق والوجبات‪.‬‬ ‫وسوف نستعرض هذه النظرية‪ -‬في الفصل األخير‪ -‬عبر الشكل يوضح هذه العالقة العضوية الدقيقة‬ ‫والهامة للغاية‪.‬‬ ‫ولقد أظهرت النظرية الليبرالية مقومات هذه اآللية‪.‬‬ ‫وحددتها بواقعية مثالية في الدستور والقوانين المكملة‪.‬‬ ‫ونتناول في هذا الكتاب قانون األحزاب السياسية وقانون االنتخابات بحكم عالقاتهما بالشعب بشكل‬ ‫مباشر‪ .‬وهما األساس حيث النجاح في فهمهما وممارستهما سوف يؤدي إلي حصول الكفاءة في بقية‬ ‫القوانين األساسية المكملة للدستور‪.‬‬ ‫ولقد أحتفظ بالمصطلح بلفظه الالتيني‪ ،‬وال ضير في ذلك‪ ،‬فكلنا ال ننكر مصطلح الكمبيوتر‪ ،‬والهاتف‬ ‫الجوال‪ ،‬والتلفاز‪ ،‬والراديو ‪..‬الخ‪ ،‬فجميعها ضمن مصطلحات تعبر عن مركب فني تقني علمي يقدم‬ ‫خدمات عامة وحيوية هامة‪.‬‬ ‫وهكذا الديمقراطية فهي تعبر عن مركب سياسي‪ ،‬يمكن نتاجه وطنيا‪ ،‬بما يناسب مع خصائص بيئية‬ ‫معينة‪ ،‬ومما تطويره ليعكس مدى تطور العقلية والذوق والمستوى اإلنساني تميز مجتمع عن أخر‪،‬‬ ‫وتعكس فعليا تفوقه‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والديمقراطية هي الحالة الطبيعية للشعوب العربية‪.‬‬ ‫فالعملية األخالقية هي فضيلة أصلية في تكوين هذه الشعوب‪.‬‬ ‫واالستبداد هو حالة مستوردة جلبت مفاهيم ونظم دكتاتورية وتضليل سياسي واسع وعميق‪ ،‬يزرعه‬ ‫وينشره االستعمار كلما كانت الشعوب غير واعية ومتماسكة وغير مسئولة‪ ،‬وغير ناضجة تربويا‬ ‫لتكون مستعدة تاريخيا و وطنيا وإنسانيا‪.‬‬ ‫فاألشرار هم صناع االستعمار واالستبداد ألن مرتعهم الحيواني كل سعة االستبداد والشغف المقيت‪.‬‬ ‫ولذلك الدستور يحدد مقاصد التعليم‪ ،‬وربما يحدد مجانية كثير من مستوياته األولية‪ ،‬من أجل تنشئة‬ ‫أجيال وطنية حقيقة‪ ،‬تصون النفس والعقل والمال والعرض والدين والوطن‪ .‬كما أمرت الشريعة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫فالحاكم هو ما يشغل مركز الصادق األمين في تحقيق الخيرية االجتماعية المستديمة‪.‬‬

‫النظرية والتطبيق‬ ‫الشعوب هي المسئولة واألمنية تاريخيا وإنسانيا و وطنيا بصناعة دستورها‪ ،‬وتطويره‪ ،‬وحمايته‪.‬‬ ‫فالتطوير هي عملية صيانة سياسية وفنية‪ ،‬وعملية الحماية هي صونه من االستبداد واالنحراف عن‬ ‫مبادئه ومقاصده‪.‬‬ ‫وهناك عدة مفاتيح عامة‪ ،‬تساعد الشعوب في صنع وحماية الدستور‪ ،‬ومنها‪ :‬طبيعة الدولية وتناقش‬ ‫مسألة مدنية الدولة أو عالقة الدين بالدولة والمكانة الشرعية لمؤسسة الجيش لتفادي االنقالب وتحولها‬ ‫إلي دولة عسكرية‪ .‬ومسألة حقوق المرأة والمساواة‪ ،‬ومسألة تداول السلطات‪ ،‬وفصل السلطات‪،‬‬ ‫ومسألة المواطنة والمسألة اإلنسانية الكونية‪ ،‬التنظيم السياسي واالختيار بين البرلماني أو الرئاسي أو‬ ‫المختلط‪ ،‬والتعددية للممارسة السياسية المشروعة‪ ،‬الوحدة الوطنية‪ ،‬السلم والمصلحة االجتماعية‪،‬‬ ‫الروح التنموية‪.‬‬ ‫فتكون من مسئولية الشعوب أن يكون لها وعي شامل بهذه لمسائل وتوافقية عقلية تجعلها متماسكة‬ ‫وقوية في صنع دستور حياتها الدنيوية ‪ ،‬والمصيري من كافة النواحي اإلنسانية والتاريخية والدينية‪.‬‬ ‫ونجد شعوب علم أكثر من أي وقت مضى تدرك أهمية هذه الدساتير‪ ،‬وبأن جوهر رسالتها تكمن‬ ‫صياغتها في هذه الدستور وممارسته بأمانة ومصداقية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث تناقش الواليات المتحدة بضعا من التعديالت بعد قرنين كاملين من التطبيق الدستوري‪ ،‬وهذه‬ ‫تركيا تنجح عبر دستورها في باء دولة حضارية رغم التحديات الجم والموقع الجغرافي الحساس‪،‬‬ ‫وشح الموارد الطبيعية‪ ،‬وتناقش تعديالت تضيف تطويرات الزمة تواكب تطور العقلية والتوافقية‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫والبد من إدراك أن ما يمنع نجاح الشعوب في صنعها دستورها هما حقيقتين واقعتين‪ ،‬وهي‬ ‫االستعمار واالستبداد‪ ،‬واألشرار هم دعاة هذين األمرين‪ ،‬وهم كثر‪ ،‬وهو دعاة الثورات المضادة لكل‬ ‫حق‪ ،‬في حين األخيار هم دعاة السالم والديمقراطية‪ ،‬وهم صناع الدساتير‪ ،‬وإن كانوا القلة فهم القوة‬ ‫الطبيعية التي تصنع التغيير الخيري والرقي للحياة الحضارية وهم الفئة الغالبة‪ .‬ألن الحق هما‬ ‫المنتصر الدائم على الباطل العارض‪.‬‬ ‫يوم تهتم وتجد وتجتهد الشعوب عن اإلجابة على هذا السؤال ‪ ،‬وتفسره ألبنائها فيورثه األجيال من‬ ‫بعضها‪ ،‬يومها يكون ذلك الشعب قد أستحق الحياة ونال حرياته وحقوقه‪..‬‬ ‫فيومها يكون شعبا قد أدرك رسالته في الحياة ومسئوليات عقله كاملة فأستحق العيش بكرامة‪.‬‬ ‫الدستور هو قانون الشعب وهو أساس بناء الدولة الحديثة وهو عقد مدني يصل نظام حياة الناس‬ ‫بعقيدتها‪ ،‬وهو أساس إدارة الدولة وفصل السلطات وضمان الحقوق والحريات وتنظيم االختصاصات‬ ‫والواجبات والمسئوليات‪.‬‬ ‫وكل رد هو مسئول مسئولية مباشرة‪ ،‬واألجداد مسئولين أمام األحفاد‪ ،‬والنساء والرجال أمام كل‬ ‫األجيال‪.‬‬ ‫وتكتب الشعوب دستورها بيديها الواعدة وبأقالم الوعي ومداد التضحية‪ ..‬وتورث أجيالها مسئولية‬ ‫حمايته فهو رسالة صنع الحياة تعيش األجيال في ظالل حكمة األجداد بفخر الماضي وعزة الحاضر‬ ‫وعزيمة الشرفاء‪.‬‬ ‫والشباب هم طاقة كل دستور‪ ،‬فال يغيب عنهم مفاهيمه ومقاصده‪ ،‬فتغرب عن أوطانهم الكرامة‬ ‫والعزة في وهلة الغفلة‪ ،‬فتضيع المسئولية اإلنسانية والمصداقية الوطنية واألمانة التاريخية الوطنية‪،‬‬ ‫وتتآكل فعالية اإلدارة الحكومية والسياسات العامة‪ ،‬ويذهب نعيم السيادة غثا مع كل تيار يذيق الناس‬ ‫أعاصير الدمار وعواصف الفوضى‪.‬‬ ‫فالدساتير هي فلك الناس في محيطات الحياة‪ ،‬تمسك أيديهم بدفة السيادة وشراع اإلرادة فتسيير‬ ‫السياسة وتضبط السلطات بما يحي الضمائر ويحمي المصائر ويصون المصالح ويبدد التصارع‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويبطل التصادم‪ ،‬فالناس ترغب في التعايش السلمي والتفاعل األمن‪ .‬وتنشد لذة الكرامة ونسائم الحرية‬ ‫وقدسية الحقوق والواجبات وتتوسد جميعها بيئة العدالة والمساواة‪.‬‬ ‫والمبدأ األساسي أن تمنع الشعوب اإليديولوجيات من أن تخترق شيء من مقومات وعناصر‬ ‫دستورها‪ ،‬فإن اإليديولوجيات تشوه وتبطل فعالية الدساتير لصالح السلطة‪ ،‬وتسمح بالحروب وتغرس‬ ‫بذور الفساد السياسي والمالي‪ ،‬بسبب ما في النفوس من سوء وشرور وأنانية إذا سمح لها أن تسيطر‬ ‫على مصير المجموع‪ ..‬فالبد أن يكون الخيار سليما منذ اللبنة األولى في كل شأن يهم حياة الناس‪.‬‬ ‫وتطبيق هذا المبدأ الوطني عن طريق وعي الشعوب بدورها في حقيقة اختيار جميع الشعب أعضاء‬ ‫"اللجنة الوطنية التأسيسية"‪ ،‬وهي الكيان الممثل عن الشعب في مسئولية تشكيل مقومات وعناصر‬ ‫الدستور وصياغة دستورها الجديد أو التعديل في بنوده‪ ،‬والشعوب الحية والواعية والقوية هي‬ ‫الشعوب المتماسكة في الرأي وتخرج وكأنها صف واحد في كل ما يعترض كرامتها وحريتها‬ ‫وحقوقها ومستوى العيش الكريم والعدالة الحقيقية‪ ..‬لذلك تخرج لترفض أو تقبل أو ترشح من تراه‬ ‫مناسبا في مرحلة صنع دستورها الجديد أو في مراحل قادمة ترى فيها األجيال الالحقة إجراء تطويرا‬ ‫معينا بآلية دستورية مع كامل االحتفاظ واالحترام إلرادة سلفها الصالح‪.‬‬ ‫والتحدي دائما هو أنه عندما يكون أفرادها متأثرين أو يخدمون إيديولوجية معينة أو غير مدركين‬ ‫تماما بكامل أبعاد وفلسفة اإليديولوجيات فإنهم يقاد بعضهم ببعض أو بأحدهم أو يتخاصموا فيتقاسموا‬ ‫مواد الدستور كل حسب رؤيته على حساب الوطن‪ ..‬لذلك البد أن يعرف الشعب لماذا أختار كل‬ ‫عضو في هذه اللجنة التأسيسية‪ ،‬بحيث يكون ممثل لدوره وخادم إلرادته وناقل لروحه‪ ،‬وهذا سوف‬ ‫يؤدي إلي تجانس أعضاء هذه اللجنة وسوف يجد الدستور قبوال واسعا وفوريا ودعما وطنيا وحماسا‬ ‫نفسيا طوال األجيال المتعاقبة‪ ..‬والغش في صناعة الدستور هو الغش في صناعة وطن‪ ،‬وهذا رأس‬ ‫كل خطيئة سياسية وإنسانية وكل فساد في حياة الشعوب‪.‬‬ ‫فمقومات وعناصر الشعوب تعكس بدنه وروحه‪.‬‬ ‫ويتألف الدستور ضمنيا من مكونين أساسيين‪ ،‬وهما‪ :‬نظام الدولة‪ ،‬وأسلوب الحكم‪.‬‬ ‫ولكل من هذبن المكونين مجموعة أساسية من العناصر‪ ،‬والصياغة القانونية والترتيب يختلف من‬ ‫دستور إلى أخر‪ ،‬فهناك إرادة الشعب على قدر مستوى وعيه‪ ،‬وهناك اإلرادة السياسية وهي على قدر‬ ‫مستوى قوتها السياسية والعسكرية‪ ،‬لذلك ظروف بناء الدساتير تؤثر فيها بيئات صنعها والظروف‬ ‫المحطة بانبعاثها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفي هذا الفصل سوف نسلط الضوء على المعنى السياسي لكل عنصر‪ ،‬والمراد به أن مسئولية‬ ‫الشعوب تطوير دساتيرها‪ ،‬فهي من صنع الشعوب وليست من هبات الحكام‪ ،‬وهي من أجل إخضاع‬ ‫ممارسة السلطات الخمسة في خدمة المجتمع والوطن والدين‪.‬‬ ‫وسوف نشرح آلية وضوابط الشرعية لتعديل الدساتير لتكون فعالة وصالحة وكاملة عبر األجيال‪.‬‬ ‫فالدستور لكل بلد هو عمودها الفقري‪ ،‬يجب أن ينمو ويكبر عضويا مع نموها الحضاري وكبرها‬ ‫اإلنساني‪ ..‬فهو تنظيم وقيد وضوابط للممارسة للسلطات وللحريات ورسالة للمؤسسات واألفراد‪.‬‬ ‫ويشمل نظام الدولة‪ ،‬أربعة مكونات جوهرية‪ ،‬وهي‪ :‬حقيقة نظام الدولة‪ ،‬حقيقة نظام المجتمع‪ ،‬ماهية‬ ‫النظام االقتصادي‪ ،‬ونظام الحقوق والحريات العامة‪.‬‬

‫وصف الدستور الكامل‬ ‫الدستور الكامل هو ما تظهر مبادئه السياسية المشروعة واضحة‪ ،‬بدون وجود ثغرات قانونية‪ ،‬وبدون‬ ‫إيجاز مخلل‪ ،‬مع وجود عالقات واضحة بين كل السلطات‪ ،‬وكل ما يلزم من أسس وقواعد تضبط‬ ‫كافة القوانين المكملة وفعالية اإلدارة الحكومية وإنتاج جميع السياسات العامة وجدوى برامجها‪.‬‬ ‫وفي تقديرنا أن الدستور هو عقد تأسيس دولة‪ ،‬وهي منظمة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية‬ ‫يشترك أصحاب اإلقليم في ملكيتها‪.‬‬ ‫ومن البد من إدراك أن القوانين المكملة تعبر عن النظام الداخلي للدولة‪.‬‬ ‫فأي خلل سوف يربك سير أعمال الدولة وعالقاتها وفعاليتها التنموية ونفوذها‪.‬‬ ‫و من األهمية بمكان ضرورة أن ترسم الناس في أذهانها كل تصورات صنع قيمها مبادئها ورويتها‪،‬‬ ‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬ومبدئيا نناقش بعضها‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬مبدأ فصل السلطات‪ :‬البد أن يكون الدستور واضح في فصل السلطات الخمسة‪ ،‬وهي‪ :‬التنفيذية‪،‬‬ ‫والتشريعية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬والشورى واإلعالم‪.‬‬ ‫وكثيرون مما درسوا السياسية وتابعوا الصحف يعرفون مبدأ فصل السلطات الثالثة وهي‪ :‬التنفيذية‬ ‫والتشريعية والقضائية‪ ،‬ولكن التطور في الدساتير والممارسة الديمقراطية أي "السياسة الشرعية" أنه‬ ‫في حالة مبدأ فصل السلطات الثالثة عادة ما تبتلع السلطة التنفيذية سلطة الصحافة‪ ،‬وتبتلع السلطة‬ ‫التشريعية سلطة‪-‬الشورى‪..‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولكن في مناقشة نموذج الدستور الكامل نفصل بين هذه السلطات الخمسة بوضوح‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬مبدأ تداول السلطة‪ :‬يقول عمر بن خطاب رضي هللا عنه "الشورى أساس الخالفة"‪ ،‬والبد من‬ ‫فهم ذلك بشكل معاصر‪ ،‬ومن خالل التحليل السياسي‪ ،‬نجد أن معنى "الخالفة" في جوهره يعني مبدأ‬ ‫تداول السلطة‪ ،‬وهذا واضح لفظيا ‪ ،‬حيث يشير إلي من أستقر عليه الرأي العام في أن يخلف من‬ ‫سبقه في رأس الدولة‪ ،‬وسمي رئيس الدولة "خليفة" ليعكس البيعة العامة‪ ،‬كما ظهر مسمى "أمير"‬ ‫وهي أيضا تشير ممارسة سلطة األمر وليس سلطة التشريع‪ ،‬كما حددت الممارسة السياسية الشريعة‬ ‫مبدأ "البيعة الخاصة" ثم "مبدأ البيعة العامة "‪ ،‬وهذا ما تجده مجسدا بوضح في نصوص هذا‬ ‫الدساتير الحديثة المعاصرة‪ ،‬وقد استندت الدساتير الكاملة على هذين المرحلتين الخاصة والعامة‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬مبدأ األساس الدستوري للقوانين المكملة‪ :‬هناك أكثر من عشرة قوانين أساسية مصيرية مكملة‬ ‫للدستور‪ ،‬ولكن دائما يذكر واالهتمام اإلعالمي والسياسي والشعبي فقط بخمسة قوانين مكملة‬ ‫للدستور‪ ،‬وهي قانون األحزاب‪ ،‬قانون االنتخابات‪ ،‬قانون اإلعالم أو الصحافة‪ ،‬قانون الحقوق‬ ‫اإلنسانية والحريات‪.‬‬ ‫وفي حقيقة األمر نتيجة االستبداد القاهر شكلت هذه القوانين الخمسة جل اهتمام النخب والشعب‪،‬‬ ‫بسبب أنها أخر ما تبقى لها من كالم محدود مسموح وحقوق ممكنة وبقيود متوارثة‪ ،‬و نبين في هذا‬ ‫النموذج الدستوري المتكامل المؤسس على استقاللية السلطات الخمس كيفية إمكانية الوصول إلي‬ ‫صياغة وتنفيذ هذه القرارات الخمسة بمصداقية وكفاءة‪ ،‬وبقية القوانين المكملة والتي هي في غاية‬ ‫الخطورة‪.‬‬ ‫حيث في حقيقة األمر القوانين المكملة للدستور ليست هذه الخمسة فقط‪ ،‬وإنما األهم هو قانون القضاء‬ ‫المستقل‪ ،‬وقانون الشرطة المدني‪ ،‬وقانون القوات المسلحة وقانون مجلس "األمن القومي" وقانون‬ ‫القضاء العسكري‪ .‬وهي قوانين يحدد أسسها في الدستور ويشار إليها ويلزم أن تكون متوافقة مع‬ ‫الدستور وتصادق عليها المحكمة الدستورية‪.‬‬ ‫والبد من معرفة حقيقة هامة‪ ،‬وهي أن صناعة الدستور من أصعب رساالت الحياة‪ ،‬وحماية الدستور‬ ‫وتطبيقه بفعالية وأمانة هي من الجهاد األكبر بمكانة عظيمة‪ ،‬فهو جهاد النفس‪ ،‬حيث الصراع على‬ ‫السلطة من سمات األشرار‪ ،‬واالستبداد هي نزعة قوية في نفوس األشرار‪ ،‬وهم أضعاف األخيار‪،‬‬ ‫مما يجعل الدساتير دائما في خطر ظاهرة "السلطة استالب" أي تعمل السلطة التنفيذية دائما على‬ ‫استالب أكبر قدر من اختصاصات السلطات األخرى من أجل تحقيق مصالح ذاتية أكبر‪ ،‬وهذه حقيقة‬ ‫بشرية تناولتها أدبيات السياسية بصراحة ومصداقية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫لذلك يؤسس الدستور الكامل والدقيق على وضوح وتفصيل وأمانة توزيع االختصاصات بين هذه‬ ‫السلطات الخمسة‪.‬‬ ‫رابعا‪ ،‬مبدأ تحديد دور األحزاب ونوعية نظام الحكم‪ :‬حيث نوعية نظام الحكم سوف يترتب عليه‬ ‫طبيعية ممارسة أسلوب الحكم كما يعتمد عليه دور األحزاب‪.‬‬ ‫فهناك في تقديري ثالثة أواع‪ ،‬وهي النظام البرلماني حيث تكون االختصاصات التنفيذية جميعها لدي‬ ‫رئيس الوزراء أو لحكومة‪ ،‬والنظام الرئاسي حيث تكون جل االختصاصات التنفيذية لدي رئيس‬ ‫الدولة‪ ،‬وال وجود لرئيس الوزراء‪ ،‬وهناك المختلط وهو الذي يجمع ين ميزات هذين النظامين‪.‬‬ ‫ونحن في النموذج لدستوري المعروض للمناقشة واالسترشاد والتفسير السياسي من أجل الوعي‬ ‫الوطني‪ ،‬نعرض نموذج متكامل‪ ،‬وهو "وهو النظام البرلماني –الرئاسي النيابي"‪.‬‬ ‫خامسا‪ ،‬مبدأ سيادة وإرادة لشعوب‪ :‬إرادة الشعوب هي أساس شرعية الدستور‪ ،‬وال يتنازل الشعب‬ ‫عن سيادته لحاكم أو نظام‪ ،‬وإنما يتنازل عن سيادته للدستور‪ ،‬وبهذا تصبح دولة‪-‬الدستور‪ ،‬وعندما‬ ‫يكون الدستور كامال أي قد حدد أسس لسلطات الخمسة‪ ،‬يمكن أن قول دولة‪-‬القانون‪ ..‬وتصبح إرادة‬ ‫الشعوب هي محرك لمراقبة واختيار الهيئة الحاكمة األفضل في األداء والقيم والرؤية‪ ،‬واإلرادة‬ ‫متغيرة ومتفاعلة وبالتالي تحدت مسألة تبادل السلطات‪ ،‬بحيث تكون دائما تفي برضا الشعب وما يريد‬ ‫فعال في يومه‪.‬‬

‫الدستور هو عقد تأسيس الدولة‬ ‫إن أهم حقيقة يفترض على كل فرد تعلمها ليحافظ على كينونته الحضارية واإلنسانية‪ ،‬و لكي يصون‬ ‫قيمته الحقيقية في الحياة ويعكس مستوى مسئوليته و وعيه بمصيره المشترك مع أخوته المتضامنين‬ ‫تحت مظلة تعايش واحدة‪ ،‬وكل إنسان هو كائن سياسي يحب أن يسود ما لم يجهل ويخاف فيتنازل‬ ‫ظلما لمن يسوقه جهال‪ ،‬فالوعي والشجاعة هما أهم القيم االجتماعية الحيوية تثري الحياة الكريمة‬ ‫الطبيعية‪ .‬فكل الناس مكلفين حسب الهبة الربانية العقلية المعجزة والمسئولة ‘ن أمانة توارث الوعي‬ ‫والشجاعة في الخير بين األجيال‪ ،‬وتكون األسرة أمينة لتوارث القيم من جيل إلي أخر‪ ،‬ومن وتعرف‬ ‫مقومات وعناصر ضمان مصيرها وأمنها وسلمها وحياتها الطبيعة‪ ،‬والدستور هو عقد بين كل فرد‬ ‫وكل أسرة ‪ ،‬كيفية ملكيتهم المشتركة لإلقليم‪ ،‬والتمتع واالستغالل األمثل لثروته وحمايته‪ ،‬والدستور‬ ‫هو الوثيقة الوطنية التي يسطر عليها بنود هذا االتفاق‪ ،‬ويسلم من جيل إل أخر‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ال توجد دولة بدون دستور‪..‬‬ ‫كان في الماضي حكرا على األباطرة والملوك ومن ثم احتكره الدكتاتوريين‬ ‫والطواغيت‪..‬‬ ‫فكيف تعود صناعته حكرا على إرادة الشعوب ومسئولياتهم الجماعية‬ ‫فليس هناك معنى لسياسات وممارسات مشروعة بدون دستور‪.‬‬ ‫ولن تكون هناك مجتمعات متحضرة ومنتجة بدون قوانين مكملة دستورية‪،‬‬ ‫فالشعوب التي ال تملك رؤية وطنية‪ ،‬وال تصنع كفاءات قيادية‪ ،‬وال تعرف‬ ‫أسس التعايش السلمي واألمن‪ ،‬هي شعوب ال تملك حياتهم ومصيرها بيد‬ ‫غيرها‪..‬‬ ‫فبالعقل وحد تستحق الشعوب الحياة وتكون جديرة باحترام األمم‪.‬‬

‫وهو عقد وطني تاريخي حضاري إنساني يبرمه الشعب عبر بطريقة محددة علمية قانونية شرعية‪،‬‬ ‫متعارف عليها تستجيب لمعايير محددة تتضح من خالل المناقشة للعناصر والمقومات الطبيعية لنشاط‬ ‫ومسئوليات وأهداف الدولة‪.‬‬ ‫ولمزيد من التوضيح والمقاربة الذهنية‪ ،‬يمكن أن نشابه األمر عموما وكمثال‪ ،‬فإن األمر تماما مثل‬ ‫تأسيس مختلف الوحدات االقتصادية‪ ،‬فمثال‪ ،‬عند تأسيس الشركة للممارسة نشاط معين وتحقيق‬ ‫أغراض محددة‪ ،‬فإن هناك عقد تأسيس يفصل بين المالك وإلدارة‪ ،‬بحيث يظل أصحاب الملك‬ ‫يراقبون ويتابعون ويغيرون اإلدارة كلما عجزت عن تحقيق األهداف‪ ،‬وفي حال ظهور كفاءات‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا المثل البسيط والحقيقي‪ ،‬بأن الشعب هم مالك الوطن وجميع ثرواته‪ ،‬ويسعون من‬ ‫خالل عقد تأسيس دولتهم "الدستور"‪ ،‬إلي تحديد كيفية اختيار هذه اإلدارة‪ ،‬وكيفية مراقبتها‪ ،‬مسألتها‪،‬‬ ‫وتغييرها‪ ..‬وكيفية مشاركتهم في وع السياسات ولخطط السنوية التي تهمهم جميعا‪ ،‬وتحق لهم‬ ‫الرفاهية والسالم واألمان والتقدم الدائم‪.‬‬ ‫وللدستور كونه عقد اجتماعي اقتصادي سياسي ثقافي‪ ،‬مكونات أساسية تمثل مقومات الدولة الحديثة‬ ‫الصحيحة‪ ،‬ولكل مكو ن مجموعة من العناصر‪ ،‬تتطلب من كل مواطن أن يتعرف على هذه العناصر‪،‬‬ ‫ويكن لهم صوت فيها‪ ،‬فكل عنصر يمثل حياة ويترتب عنه صدور مجموعة من القوانين تنظم حياته‬ ‫الحقا‪..‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وسوف نستعرض كل مكون من هذه المقومات الدستورية‪ ،‬وسوف نطرح العناصر األساسية‬ ‫الخاصة بكل مكون‪.‬‬ ‫وحقيقة األمر‪ ،‬أن مسئولية كل مواطن تحتم عليه تعلم حقيقة صناعة الدساتير الوطنية‪.‬‬ ‫حيث " الوطنية" تذهب أدراج الرياح عندما ينتشر الجهل وعدم المباالة بحقيقة هذه المقومات‬ ‫والعناصر الدستورية‪.‬‬ ‫كما أنه لكي تكتسب الدساتير شرعيها البد من موافقة الشعب على كافة بنود عقد تأسيس الدولة‪.‬‬ ‫وهذه البند مصاغة قانونيا وتعكس اتفاق الشعب على مكونات الدولة وعناصر تطورها التنظيمي‬ ‫عبر مسيرتها القادمة‪.‬‬ ‫فعند االستفتاء على الدستور يتطلب من المواطن أن يعلم عندما قوم "نعم" لماذا يقول ذلك‪ ،‬فهو‬ ‫يقولها من أجل حرية وحقوق وكرامة األجيال الالحقة‪ ،‬ويقولها ألن شعبه قدم الدماء والتضحيات لكي‬ ‫يصل إلي مرحلة امتالكه زمام مصيريه بيده‪ ،‬ليقرر بإرادة حرة حقيقية شكل دولته ودورها‬ ‫وضوابطها‪.‬‬ ‫وعندما يسود الجهل والخوف تظهر حالتين‪:‬‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬حالة التزييف والتضليل‬ ‫وفيها تجد المواطن ال يهتم بمقومات وعناصر دستوره في صنع الحياة‪ ،‬ومسئولياته اليومية العملية‬ ‫والتفصيلية أمام خالقه وأمام التاريخ اإلنساني‪ ،‬فيفرض عليه‪ ،‬دستور مشوه‪ ،‬أو بمعنى أخر‪" ،‬دولة‪-‬‬ ‫أال‪ -‬دستور"‪.‬‬ ‫وهناك أمثلة كثيرة‪ ،‬خالل الفترة السياسية التاريخية‪ ،‬منذ خمسينات القرن الماضي‪ ،‬ويكفي وبشكل‬ ‫عام‪ ،‬أن أقول في تقديري‪ ،‬أن الدستور المصري في الخمسينات كان مثال للدستور المشوه‪ ،‬حيث‬ ‫نجده يفسح المجال لأليديولوجية االشتراكية الماركسية بدل اإلسالم‪ ،‬وينتج ما يسمى بالقوة‪-‬السياسية‬ ‫وهي تعني أن يكون هناك فرد رئيسي ترجه له حقيقة اتخاذ القرارات‪ ،‬وامتالك كل شيء‪ ،‬حتى ضاق‬ ‫الخناق على الشعب‪ ،‬وحبست أنفاس الناس‪ ،‬وخرجوا جميعا بهبة رجل واحد في ‪ 29‬يناير ‪2100‬‬ ‫يطالبون بحقهم في الحياة وإيمانهم بضرورة دولة الكرامة‪.‬‬ ‫كما أنني أجد في الدستور السوري‪ ،‬خير دليل على معنى "أال‪-‬دستور"‪ ،‬فهو أنتج دولة يحكمها حزب‬ ‫علماني واحد‪ ،‬يشكل كل المرجعية في الحياة‪ ،‬ويدعم رئيس الدولة‪ ،‬في امتالك الشعب وثرواته‪..‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فأنتج دولة أمنية أال شرعية‪ ،‬تبطش بكل طفل وتنهك حرمة كل فتاة وهين كل رجل شريف وتعذبه‪،‬‬ ‫ولم تراعي فيهم "إال وال ذمة" عندما هبوا في مارس ‪ 2100‬رجاال ونساء وأطفاال يطالبون رحيل‬ ‫هذه الحكم بعد أربعون عاما من الطغيان والخداع السياسي‪ ..‬ولقد شهد العالم وسطر التاريخ صفحات‬ ‫سوادا عمى فعله هذا النظام الدموي والدولة األمنية "أال‪-‬دستورية –أال‪-‬شرعية"‪ ..‬قوامها تعذيب‬ ‫الشعب أصحاب الحق وهدر إمكانيات اإلقليم‪.‬‬ ‫الحالة الثانية‪ :‬حالة دولة الفوضى اإليديولوجية‬ ‫وهي دولة الخداع‪ ،‬فهي دولة ترفض معنى الدستور‪ ،‬وتسعى للحكم بدون دستور‪ ،‬أي بدون عقد‬ ‫تأسيس دولة‪ ،‬وتجعل األيديولوجية‪ ،‬هي الدستور‪ ،‬هي منهج الحياة‪ ،‬هي الشرعية‪ ،‬هي مصدر جميع‬ ‫القوانين منظمة للحياة‪.‬‬ ‫ولقد كان لشعب الليبي فريسة لهذا النوع‪ ،‬خل الحقبة لتاريخية سبتمبر ‪ -0595‬فبراير‪ ،‬حيث جاء‬ ‫المستبد بإيديولوجية ماركسية متطرفة أطلق عليها "النظرية العالمية الثالثة‪ ،‬وألغى الدستور الملكي‪،‬‬ ‫ولم راعي حرمة وقداسة الدساتير‪ ،‬واستغل وقت مبكر لم ينضج فيه الوعي السياسي الليبي الكامل‬ ‫ولم تظهر المسئولية الحضارية واإلنسانية لقصر مدة تكوين دولتهم‪.‬‬ ‫وبشكل مختصر‪ ،‬نقول بأنه عندما يعرض تطبيق إيديولوجية معينة بدل دستور‪ ،‬ينتج كيان‪-‬‬ ‫أيديولوجي‪ ،‬يكون فيه عقد تأسيس الدولة هو ما تفرضه هذه األيديولوجية‪ ،‬ودائما ما تكن قاسية وغير‬ ‫إنسانية‪ ،‬وتهدف للسيطرة المطلقة واالستبداد بعدم اعترافها بأي حقوق أو حريات أو قوانين تتعارض‬ ‫مع فكرتها‪.‬‬ ‫وهناك ظاهرتان متالزمتان مع هذه الحالة‪:‬‬ ‫الظاهرة األولى‪ :‬القائد الرمز‬ ‫بأن مقومات الدولة وعناصر تأسيها واحدة‪ ،‬فتقوم هذه اإليديولوجية‪ ،‬بسكب هذه المقومات والعناصر‬ ‫على األرض‪ ،‬وتستخدم طريق التوجيه الرئاسي والشخص لقائد رمز‪ ،‬الذي يوظف الدولة كيفما شاء‪،‬‬ ‫عن طريق طليعة تستغل الناس إلي أقصى حدود‪ ،‬ويترك للشعب عملية صياغة ما يريده وبما يخدم‬ ‫االتجاه اإليديولوجي المطلوب‪ ،‬وفي كل ما يرسخ بقائه في السلطة والتصرف المطلق في ثروات‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫وسوف نشاهد من خالل المناقشات الالحقة كيفية قيام إليديولوجية بهذه العملية اإلجرامية تاريخيا‬ ‫وسياسيا‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الظاهرة الثانية‪ :‬الطليعة المستفيدة‬ ‫وهي ظهور طبقة الطليعة‪ ،‬وهم أفراد ال انتماء وطني حقيقي لديهم‪ ،‬وساديين يحبون سلب المال‬ ‫والتسلط وشيوع الفساد‪ ..‬فيطلعون بدور التنظيم السياسي في البلد األيديولوجي‪.‬‬ ‫وحيث أن من مقومات كل دولة البد من وجود تنظيم سياسي‪ ،‬يحدد أسلوب الحكم‪.‬‬ ‫فدولة الدستور تحدد أسلوب الحكم ذلك كما سيأتي بيان ذلك‪.‬‬ ‫والكيان‪-‬األيديولوجي الليبي ‪ ،2100-0595‬جاء باللجان‪-‬الثورية وهي تمثل الحزب السياسي للنظام‬ ‫األيديولوجي‪ ،‬واللجان الشعبية وهي تمثل السلطات الثالثة‪..‬‬ ‫ويكون دور هذه األدوات لتضليل األيديولوجي‪ ،‬أو بعبارة ألطف مساندة أيديولوجية‪ ،‬وإطالة عمرها‪،‬‬ ‫والوقوف مها وتبرير كل أخطائها‪ ،‬وخلق كل وسائل القمع والترهيب والتخويف والقمع‪ ،‬بحيث تكن‬ ‫هذه األدوات أمنة‪ ،‬ومتمتعة بكل المزايا لتي تجلبها هذه األيديولوجية‪.‬‬ ‫وكافة الدساتير الوطنية واألعراف اإلنسانية تعد مثل هذه العمليات "خيانة عظمى"‪ ،‬ألنها مارست‬ ‫التضليل وأطالت في عمر الفساد‪ ،‬وإن هم نجوا بفعلهم السوداء في حق الناس‪ ،‬فإن الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫واضح ولن يغفل عن عقاب كل من يحب أن تشيع الفاحشة بين المسلمين‪ ،‬وبمن هم يسعون في‬ ‫األرض فسادا‪ ..‬فهناك نصوص صريحة واضحة ذكرت بالقران الكريم‪ ،‬وهو في تقديري "دستور‬ ‫الحياة"‪ ،‬إن صح التعبير‪ ،‬وهللا وراء القصد‪ ،‬فهو ينتج اإلنسان الكريم‪ ،‬وينتج األسرة النافعة‪ ،‬وينتج‬ ‫المجتمع المسئول‪ ،‬وينتج الدولة المدنية المتطورة‪ ،‬وينتج عالم متوحد إنسانيا وحضاريا يتعايش بتفاهم‬ ‫وتوافق وتجانس لتحقيق السالم واألمان ومودة والرحمة‪ ،‬فهو رسالة رحمة للعالم ومنهج سالم‬ ‫للتعايش وقواعد أمان للبناء في شتى المجاالت‪.‬‬ ‫ولقد كان هدف اإليديولوجية التي حكمت ليبيا خالل ‪ 2100-0595‬هو محاربة الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫فحاربت مل معاني الرحمة والسالم واألمان‪.‬‬ ‫وهذه جريمة تاريخية وإنسانية وسياسية يتحمل وزرها كل من ساهم ايجابيا‪.‬‬ ‫ولكي نتفادى تكرار حدوث ذك البد من التعرف على حقيقية أمرين‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أوال‪ ،‬حقيقة صناعة الدستور الوطني والقوانين المكملة ودور ومسئوليته كل فرد سياسيا‬ ‫وتاريخيا وإنسانيا‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬حقيقة أن المحافظة على الدساتير هي المرحلة األطول واألصعب‪ ،‬فالدساتير تصنع في‬ ‫شهور‪ ،‬ولكنها تصنع لتدوم قرون‪ ..‬وإن "الوطنية" الحقيقية الصادقة هي العامل األساسي الذي‬ ‫يحافظ على فعالية وأهمية وقداسة ودور هذه الدساتير في صنع الحياة الكريمة‪.‬‬ ‫وسوف نناقش هذين األمرين بأكثر تفصيل بأذن هللا‪.‬‬ ‫ولكن ظل "العملية التعليمة" بكافة مستويات تعليم‪ ،‬هي "المسئولية االجتماعية" األساسية في التربية‬ ‫السياسية‪ ،‬من أجل نشؤ اإلنسان السياسي الوطني الدستوري المسئول‪.‬‬

‫أركان ومكونات وعناصر الدستور‬ ‫يعتمد الدستور على ركنين أساسين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ ركن " نظام الدولة"‪.‬‬‫ ركن "أسلوب الحكم"‪.‬‬‫ويتركب كل ركن من عدة مكونات‪ ،‬وهي مقومات عضوية في تركيبة الدستور‪ ،‬وعادة ما تسمى‬ ‫أبواب أو فصل أو فروع‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكن تصنيفها على النحو التالي‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬مكونات ركن نظام الدولة‪ ،‬وتشمل‪:‬‬ ‫ مكون أسس وطبيعة الدولة‬‫ مكون النظام االجتماعي‬‫ مكون النظام االقتصادي‬‫ مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة‬‫ مكون سيادة القانون‪.‬‬‫ثانيا‪ ،‬مكونات ركن أسلوب الحكم‪ ،‬وتشمل‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪-‬‬

‫مكون رئاسة الدولة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون السلطة التنفيذيـة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون النائب العام‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون مجلس الشورى‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون الجيش والقوات المسلحة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون جهاز الشرطة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مكون جهاز وسلطة الصحافة‪.‬‬

‫ولكل من هذه المكونات عناصر تصاغ قانونيا بدقة وتؤسس على وعي شعبي واسع وإرادة حقيقية‬ ‫تتمثل في مدى مشاركة المجتمع المدني ‪ ،‬وطريقة تشكيل لجان تأسيس أو تعديل الدستور‪ ،‬واللجان‬ ‫الفرعية متخصصة حسب األركان و المكونات‪.‬‬ ‫كما أنه يصدر عن كل من هذه المكونات قانون مكمل‪ ،‬وقد تحتاج أيضا كثير من العناصر اإلشارة‬ ‫إلي قوانين مكملة‪ ،‬كعنصر "الجنسية والهجرة"‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬املفهوم العام لألحزاب السياسية‬ ‫األحزاب السياسية هي وسيلة دستورية لممارسة السياسة الشرعية‪ ،‬أو بكلمات أخرى السياسة‬ ‫القانونية أي وفق ضوابط وطريقة دستورية محددة‪.‬‬ ‫والعملية الحزبية هي "جهاد فكري إصالحي"‪ ،‬وليست تصارع وتباين مصلحي وسلطوي‪.‬‬ ‫فكل عمل عنف أو اعتداء أو عدوان أو احتكار أو تضليل وتزييف محرم في العملية الحزبية‪،‬‬ ‫ويخرجها من اإلطار الشرعي‪ ،‬ويجرمها دستوريا ويعاقبها قانونيا‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فاألحزاب الس ياسية هي أداة عامة ينضم إليها أفراد المجتمع من أجل المساهمة في رسم السياسات‬ ‫العامة‪ ،‬التعليمية والصحية والخارجية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والعمل المستمر في تقييم جودة‬ ‫الحكومة في نجاح مخرجاتها بالخصوص‪.‬‬ ‫وبذلك تعتبر األحزاب السياسية وسيلة تحقق اإلصالح الشامل‪ ،‬وتكافح ظهور الفساد العام السياسي‬ ‫والمالي والتنموي‪.‬‬ ‫وتحشد الرأي العام من أجل اجتثاث جذوره ونبذ بذوره‪.‬‬ ‫فتقوم العملية الحزبية على اإلصالحية على أربعة أبعاد‪ ،‬وهي المصلحة العامة‪ ،‬والمصداقية الوطنية‪،‬‬ ‫واإلخالص للعقيدة الدينية‪ ،‬والكفاءة العملية والعلمية‪.‬‬ ‫نستعرض في بداية فصل األحزاب السياسية كثير من النواحي العامة المتعلقة بالمفهوم األحزاب‬ ‫السياسية‪.‬‬

‫نظام األحزاب السياسية‬ ‫يشمل نظام األحزاب كل األحزاب الموجودة في دولة معينة ‪ ،‬والعناصر التي تميز هيكلها ؛ وعدد‬ ‫األحزاب ؛ والعالقات القائمة فيما بينها ‪ ،‬في ضوء حجمها وكذلك قواها الشعبية المؤيدة والمجتمعة‬ ‫حول مبادئه الفكرية في اإلصالح االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬ويأتي في المقام الثالث ‪،‬‬ ‫االيديولوجيات الخاصة بها والمواقع االستراتيجية لها‪ ،‬باعتبارها عناصر لتحديد سبل التفاعل‬ ‫والعالقات مع السياق في كل نطاق‪.‬‬ ‫وبخصوص عدد األحزاب السياسية المتواجدة في نظام سياسي معين ‪ ،‬فإنه يتم التحدث عن الحزبية‬ ‫المتعددة أو الحزبية الثنائية القائمة بين حزبين رئيسيين‪ ،‬أو نظام حزب واحد فريد من نوعه ‪.‬وكما‬ ‫تقدم ذكره من قبل‪ ،‬بشأن أشكال الحكومة الدكتاتورية أو الشمولية‪ ،‬فإنه يمكن الحديث عن نظام‬ ‫الحزب الوحيد الفريد من نوعه (كما حصل في األنظمة الفاشية والشيوعية في الصين أو اإلتحاد‬ ‫السوفياتي) الذي ال يدور حول مؤسسات مستمدة من العملية الديمقراطية ‪ ،‬ولكنه عبارة عن هياكل‬ ‫للحفاظ على السلطة‪.‬‬ ‫كما يتم التعرف على االزدواجية الحزبية (كما هو الحال في الواليات المتحدة وإنجلترا ‪ ،‬على سبيل‬ ‫المثال) على أنها مستمدة من نظام انتخابي يقوم على مبدأ األغلبية ‪ ،‬في حين أن النظام متعدد‬ ‫األحزاب (كما هو الحال في كل من ألمانيا وبلجيكا وفنلندا وهولندا وسويسرا) يتم تعريفه باعتباره‬ ‫ناجما ً عن نظام التمثيل النسبي‪ .‬وتعمل هذه الطريقة االختزالية للتحليل على وضع خط اتصال بين‬ ‫التشظي الحزبي ( في التمثيل النسبي للتعدد الحزبي) واالستقطاب الحزبي (بين حزبين حائزين على‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األغلبية) ‪ ،‬والذي يولد تصورا ً بأن حزبا ً واحدا ً أو الحزب اآلخر يساهم في خلق األزمة في البالد‬ ‫وعدم االستقرار في النظام الديموقراطي‪.‬‬ ‫وتتجاهل معايير أخرى التصنيف الكمي من أجل تفضيل المنافسة أو عدم الدخول في النظام الحزبي‪.‬‬

‫الحكومة السياسية الديمقراطية‬ ‫يـُـميز تصنيف األشكال المعاصرة للحكومات ‪ ،‬بصورة أساسية ‪ ،‬بين فئتين رئيسيتين وهما ‪ :‬النظام‬ ‫البرلماني األوروبي‪ ،‬والنظام الرئاسي األمريكي‪ .‬ومن خالل طريقة تنظيم سلطات وصالحيات كل‬ ‫من هذين النظامين ‪ ،‬والعالقات القائمة فيما بينهما‪ ،‬والنموذج الرابط بكل منهما‪ ،‬ومالحظة السلطات‬ ‫التنفيذية والتشريعية لهما بصورة جوهرية ‪ ،‬فإن في اإلمكان التمييز بين كل نموذج منهما عن اآلخر‪.‬‬ ‫وينشأ النظام الرئاسي في أمريكا من الشرعية الدستورية‪ ،‬ويتميز هذا النظام بما يلي ‪ :‬أ) السلطة‬ ‫التنفيذية وحدوية ‪ ،‬نظرا ألن النظام يركز على شخصيات مثل رئيس الدولة ورئيس الحكومة ‪ ،‬ب)‬ ‫يتم انتخاب الرئيس من قبل الشعب‪ ،‬وليس من قبل السلطة التشريعية ‪ ،‬مما يمنح الرئيس مزيدا من‬ ‫االستقاللية تجاه الطرف األخير المذكور آنفاً؛ ج) يـُعـيـِّن رئيس الجمهورية ويعزل بكل حرية أعضاء‬ ‫حكومته واألمناء العامين‪ ،‬أو وزراء الدولة ؛ د) ال يـُـعتبر الرئيس وال األمناء أي وزراء الدولة‬ ‫مسؤولين سياسيا ً أمام مجلس النواب المعروف باسم الكونغرس؛ هــ) ال يحق للرئيس ‪ ،‬وال ألمناء‬ ‫الدولة ومجلس الوزراء وأعضاء المجلس أن يكونوا أعضاء في مجلس النواب أي الكونغرس ؛ و)‬ ‫كما يمكن أن يكون رئيس الجمهورية تابعا ً أو مؤازرا ً منضويا ً في صفوف حزب سياسي مختلف عن‬ ‫حزب األغلبية بمجلس الكونغرس ‪ ،‬ز )ال يحق للرئيس حل مجلس النواب أي الكونغرس كما ال يحق‬ ‫لمجلس الكونغرس التصويت لتوجيه اللوم إلى الرئيس‪.‬‬ ‫و يأتي النظام البرلماني من التطور السياسي لعدد كبير من الدول األوروبية ‪ ،‬خصوصا في بريطانيا‬ ‫‪ ،‬ويتميز هذا النظام بما يلي ‪ :‬أ )أعضاء مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية والحكومة) هم أعضاء في‬ ‫البرلمان أيضا ً ؛ ب )تتفق الحكومة مع رؤساء األحزاب على تشكيل ائتالف يمثل األغلبية البرلمانية‬ ‫‪ ،‬ج ) تنقسم السلطة التنفيذية بين رئيس الدولة الذي يتولى مهام التمثيل والوظائف البروتوكولية ‪،‬‬ ‫ورئيس الحكومة الذي يتولى مهام اإلدارة والحكومة نفسها ؛ د) يشتمل مجلس الوزراء على شخص‬ ‫محدد بصفته رئيسا ً للوزراء ‪ ،‬مع تمتعه بنفوذ سياسي كبير في الحكومة ؛ هـ) يجري ضمان قوام‬ ‫واحتياجات مجلس الوزراء من خالل دعم األغلبية البرلمانية ؛ و) تناط اإلدارة العامة بمجلس‬ ‫الوزراء تحت اإلشراف المستمر للبرلمان الذي يحق له المطالبة بالمساءلة السياسية للحكومة ؛ ز)‬ ‫وجود ضبط وتحكم عضوي متداخل بصورة دائمة بين أعضاء البرلمان والحكومة ‪ ،‬ح) في حين أن‬ ‫البرلمان يستطيع حجب التصويت على الثقة أو يمكنه طرح المطالبة بتصويت لإلنحاء باللوم على‬ ‫مجلس الوزراء ‪ ،‬والتي بموجبها يتعين على الطرف األخير االستقالة ‪ ،‬فإنه يحق للحكومة أن تطلب‬ ‫من رئيس الدولة حل البرلمان‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وباإلضافة لذلك‪ ،‬فإنه يمكن تبيان شكل آخر من أشكال الحكومة وهو ‪ :‬النموذج الديكتاتوري للحكومة‬ ‫حيث يعمل الديكتاتور أو الحاكم ال ُمـستبد‪ ،‬على استخدام صالحياته المخولة له بحكم سلطاته‪ ،‬وليس‬ ‫من خالل تفويض زمني محدد‪ .‬ويستمد هذا الشكل عادة من األزمة المؤسسية التي يسود فيها اعتقاد‬ ‫عام بأن السلطات القائمة في الحكومة غير قادرة على التعامل مع األوضاع ‪.‬كما قد ينشأ هذا النظام‬ ‫من خالل عمليات استفتائية ‪ ،‬أو بفعل حركات مسلحة‪ ،‬أو انقالب عسكري‪ .‬ويعمل األوائل من هؤالء‬ ‫الحكام على تأسيس حكومات بقيادات كاريزمية ‪ ،‬في حين يعمل المتأخرون منهم على تشكيل‬ ‫ديكتاتوريات بريتوريا أو إمبراطورية ‪.‬كما تحاول الحكومة الدكتاتورية توطيد دعائم حكمها عن‬ ‫طريق التغلغل في أوصال عديدة من حياة المجتمع ‪ ،‬من خالل تنظيم حزب فريد من نوعه‪ ،‬والقيام‬ ‫بالدعاية للنظام‪ ،‬أو من خالل جهاز عسكري قمعي خاص‪ .‬وقد تعمل الدكتاتورية على إنشاء دولة‬ ‫شمولية في الحكم‪.‬‬ ‫ومن الضروري توفر إشارة مرجعية لشكل الحكومة سواء أكانت (رئاسية أو برلمانية أو ديكتاتورية)‬ ‫من أجل تحديد مدى قابلية المؤسسات لالستمرار في الحياة ووضع التصميم القانوني للعمليات‬ ‫االنتخابية ‪.‬وهذا ألن التمثيل النيابي واألداء الوظيفي مضمونان في النظام االنتخابي ‪ ،‬كما أن الحكم‬ ‫مضمون في النظام السياسي‪ .‬وبطبيعة الحال ‪ ،‬فإن من المنطقي ضرورة مواجهة الجوانب التقنية‬ ‫واالقتصادية والثقافية والسياقات السياسية واالجتماعية ‪ ،‬بشأن أشكال الحكومات الرئاسية أو‬ ‫البرلمانية‬

‫األحزاب السياسية والمرشحون‬ ‫تعتبر األحزاب السياسية والمرشحون شركاء رئيسيين في العملية االنتخابية‪ ،‬وهم المتنافسون للفوز‬ ‫بالمناصب التمثيلية‪ ،‬من خالل القيام بالحمالت االنتخابية ومحاولة إقناع الناخبين بالتصويت لهم‪ .‬أما‬ ‫قدرتهم على تنفيذ الحمالت‪ ،‬والفوز بالمناصب التمثيلية‪ ،‬أو تشكيل معارضة ذات مصداقية فتعتمد‬ ‫على البيئة القانونية‪ ،‬والسياسية والثقافية لكل بلد‪ ،‬باإلضافة إلى اعتمادها على كيفية إدارة االنتخابات‬ ‫ونتائجها ‪.‬ومن وجهة نظر أخرى‪ ،‬فإن التصديق النهائي على نتائج االنتخابات يبقى عمليا ً في أيدي‬ ‫األحزاب السياسية والمرشحين أنفسهم‪ .‬ففيما لو رفض هؤالء القبول بنتائج االنتخابات ألي خلل فيها‪،‬‬ ‫حقيقيا ً كان أو وهمياً‪ ،‬فإن ذلك من شأنه تقويض مصداقية الهيئة أو الحكومة المنتخبة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى فاألحزاب السياسية والمرشحين هم فاعلين انتخابيين يمكن لهم كذلك تشويه العملية‬ ‫االنتخابية‪ .‬فممارسات كشراء األصوات‪ ،‬أو التمويل غير المشروع‪ ،‬أو انتشار التجريح والخطب‬ ‫التي تنم عن الكراهية في الحملة االنتخابية‪ ،‬أو الضغط على الناخبين وتهديدهم من قبل مناصري‬ ‫األحزاب‪ ،‬أو الفساد في عملية اتخاذ القرارات‪ ،‬أو التمييز المنهجي ضد فئات اجتماعية محددة تشكل‬ ‫جميعها أمثلة على قدرة األحزاب السياسية على تهديد سير النظام الديمقراطي بدالً من تعزيزه‪ .‬لذلك‬ ‫يتم تطوير واعتماد القوانين والضوابط المتعلقة بالحمالت االنتخابية‪ ،‬والتمويل‪ ،‬وطرق عمل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األحزاب السياسية وذلك بهدف الحد من تلك القدرة على التأثير بشكل سلبي لتلك األحزاب‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي يعطى لهم متسع كافٍ من الحرية للتنافس في االنتخابات‪.‬‬ ‫ومن المبادئ الرئيسية لهذا الموضوع حرية التعبير والتجمع‪ ،‬وحرية التنظيم‪ ،‬والحق في االقتراع‬ ‫وفي الترشح لالنتخاب‪.‬‬ ‫ويتطرق هذا الموضوع حول األحزاب السياسية والمرشحين من الموسوعة إلى المسائل اآلتية في‬ ‫صفحاته التالية‪:‬‬ ‫الضوابط الخارجية المتعلقة باألحزاب السياسية والمرشحين‪ ،‬وهو القسم الذي يركز على القوانين‬ ‫والضوابط المتعلقة بتمويل األحزاب‪ ،‬وتسجيلها‪ ،‬والحصص القانونية‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬ ‫طرق عمل األحزاب السياسية الداخلية‪ ،‬ويتطرق إلى تركيبة الحزب‪ ،‬ودور ومسؤوليات المجموعات‬ ‫الداعمة‪ ،‬وعملية اتخاذ القرارات داخل الحزب‪ ،‬وطرق انتقاء المرشحين‪.‬‬ ‫أما الجزء الخاص باألحزاب السياسية والمرشحين في العملية االنتخابية فيهدف إلى طرح المواضيع‬ ‫المرتبطة بشكل أكبر باالنتخابات‪ ،‬كتسمية المرشحين‪ ،‬وسحب الترشيحات‪ ،‬وطرق التواصل مع‬ ‫اإلدارة االنتخابية‪ ،‬ومدونات السلوك‪/‬مواثيق الشرف‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ،‬يتطرق الجزء الخاص باألحزاب السياسية والمرشحين في البرلمان (السلطة التشريعية) إلى‬ ‫تشكيل الحكومات‪ ،‬وبناء التحالفات‪ ،‬والروابط بين األحزاب السياسية والممثلين المنتخبين‪.‬‬

‫خارطة العملية الحزبية العربية والتحديات‬ ‫من األهمية بمكان أن يجرى على الدوام رسم وتقييم خارطة األحزاب العربية‪ ،‬وتحديد كافة التحديات‬ ‫وتقييم مدى تغلبها عليها‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬وفيما بعض المالمح بشأن هذين األمرين‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬خارطة العملية الحزبية في العالم العري‬ ‫يذهب معظم الباحثين لألخذ "بشكل النظام الحزبي ومدى مشاركة مؤسسات المجتمع المدني" بوصفه‬ ‫معيار لتصنيف النظام السياسي بالدول العربية‪.‬‬ ‫ومن خالله تدرس كافة المتغيرات وخصائص العملية السياسية ويعكس حقيقة اإليديولوجية الحاكمة‬ ‫ومدى انفتاحها أو انغالقها‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬وعلى هذا األساس نجد واقعيا أن الدول العربية ذهبت في االتجاهات األربعة التالية‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪.0‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.8‬‬

‫دول استبعدت العملية الحزبية والمدنية بنصوص حاكمة و وضعت قيودا على‬ ‫حريات التعبير وشددت عملية المراقبة وجرمت كل ما يخالف اإليديولوجية الحاكمة‬ ‫واألجندات السياسية‪.‬‬ ‫دول سمحت بتعدد األحزاب لكن تعطي سلطة تقرير نشأتها من عدمه لألهواء‬ ‫والدوافع الخاصة بالنظام‪.‬‬ ‫دول رفضت بعض الجماعات واألحزاب المشاركة في الحياة البرلمانية أو الحزبية‬ ‫بحجة ما تتضمنه من تشريعات تتناقض مع عقيدتها‪.‬‬ ‫واالتجاه الرابع يذهب إلي ترك باب المشاركة بدون قيود في العملية السياسية‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكن رسم خارطة األحزاب السياسية في الوطن العربي على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫دول تسمح بالعمل الحزبي وهي األردن والسودان واليمن وتونس والمغرب‬ ‫والجزائر وموريتانيا وجيبوتي وجزر القمر والصومال وفلسطين ومصر ‪.‬‬ ‫دول تسمح لبعض األحزاب وتمنع أخرى مثل ما حدث في العراق خالل فترة‬ ‫النظام السابق وسوريا وهما عمليا اقرب إلى الحزب الواحد‪ .‬وهو حزب البعث الذي‬ ‫حكم لعقود‪.‬‬ ‫دول لم تأخذ بنظام األحزاب مثل جميع دول الخليج العربي (السعودية‪ ،‬الكويت‪،‬‬ ‫البحرين‪،‬قطر‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬عمان)‬ ‫دول جرمت العمل الحزبي بشكل مطلق مثل ليبيا ‪ 2101 -0595‬وأسست حزب‬ ‫ثوري واحد ذو مهام وطبيعة خاصة‪ ،‬ومع الربيع العربي ومنذ ‪ 2102‬انطلقت‬ ‫تلقائيا العملية الحزبية المفتوحة وجرت انتخابات ألول مرة في ليبيا بمراقبة دولية‬ ‫واسعة برهنت على أن الديمقراطية التعددية هي الحالة الطبيعية للشعب الليبي‬ ‫وكذلك للشعوب لتعكس تحضرها ومدى حرية إرادتها وقيمة كرامتها عبر انتخابات‬ ‫حرة شفافة نزيهة ومسئولة تعبر عن دولة حقيقية بكامل مشاركة الشعب وهو الركن‬ ‫األول في سيادة الدول‪.‬‬ ‫دول اكتسبت األحزاب السياسية شرعيتها التامة بفضل الربيع العربي وعادت‬ ‫المحظورة منها لتعمل بحرية واستطاعت برغبة الشعب أن تصل بتفوق للسلطة مثل‬ ‫ما حدث في تونس ومن ثم مصر خالل ‪ ،2102‬وهما حزب النهضة في تونس‬ ‫وحزب الحرية والعدالة في مصر‪ ،‬وإن كان هذين الحزبين مؤيدين للمرجعية‬ ‫اإلسالمية وخوض التنافسية الديمقراطية عبر التوافقية الواقعية نحو تحقيق أهدافها‬ ‫وبرامجها برضا الشعب‪ ،‬ويعبر فوزها عن رغبة الشعوب في برامج وقيادات‬ ‫صادقة أمينة افتقدتها لعقود وعن كونها كانت ممنوعة فهي مرغوبة إلي حين اختبار‬ ‫مدى نجاحها وهذا تحدي كبير لها‪ .‬إال أنها واجهت هجوم شرس من الليبراليين وهي‬ ‫المودية للتغير الشامل العلماني‪ ،‬وتعدها خطر عليها‪ ،‬كما واجهت عرقلة خالل‬ ‫المرحلة االنتقالية خالل الربيع العربي‪ .‬وهذا يفيد بأن مستقبل التعددية الحزبية في‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫العالم العربي سوف تكون بين تيارين رئيسين وهي أحزاب سياسية ذات مرجعية‬ ‫إسالمية كثير منها ديمقراطية وقليل متشدد وفرصه ضئيلة في النجاح بسبب انبعاث‬ ‫تصورات معاصرة تتفاعل مع السياسية بحكمة و واقعية‪ ،‬وال تكره وال تفرض‬ ‫شيء وإنما تنافس بأدوات العصر وحسب رضا الناس للتي هي أحسن‪ ،‬وتيار ثاني‬ ‫مرتكز على العلمانية وتأخذ شكلين رئيسين وهما الليبرالية واالشتراكية‪ ،‬وتمتطي‬ ‫القومية العربية وقضية فلسطين والشعارات من أجل االستمرارية‪ ،‬ووهي تواجهها‬ ‫صعوبات بسبب إخفاقها التاريخي الطويل وبسبب حاجاتها للدعم الخارجي‪ .‬إذا‬ ‫خارطة األحزاب السياسية في الوطن العربي هي حاجة ماسة ألن تترك طبيعيا‬ ‫حتى تتشكل العقلية الشعبية بنضوج تام‪ .‬وتظهر معالم دولها الحقيقية القوية برسوخ‬ ‫واسع وفعال يحقق لها المصير األمثل‪.‬‬ ‫أما لبنان فقد انقسمت طائفيا حسب الميثاق الوطني اللبناني في ‪ 9‬أكتوبر ‪ ،0583‬والذي أصبح‬ ‫جزء من مشروع الجامعة العربية كفيلة بتطبيقه ورغم أن الدستور اللبناني لعام ‪ 0529‬نظاميا‬ ‫نيابيا مستوحي من دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة وال يشير إلي الطائفية إال بصفتها مرحلة‬ ‫مؤقتة‪ ،‬إال أنها تم تكريسها بالميثاق الوطني اللبناني (هنري لورنس‪.)0553 ،‬‬ ‫حيث وزعت المقاعد البرلمانية اللبنانية لنسبية طائفية‪ ،‬على أن يكون رئيس الدولة من الطائفة‬ ‫المسيحية‪ ،‬ورئيس الحكومة من المسلمين السنة‪ ،‬ورئاسة البرلمان من مسلمين الشيعة‪.‬‬ ‫وبالنظر إلي الشام ككل وكما هو معروف بدولة سوريا الطبيعية‪ ،‬فقد جرى تقسيمه إلي دويالت‬ ‫سوريا ولبنان وفلسطين واألردن‪ ،‬تحت النفوذ الفرنسي واإلنجليزي على التوالي‪ ،‬ومع اتفاقية‬ ‫التحرك المفتوح للواليات األمريكية‪ .‬وظهور الكيان الصهيوني بالمنطقة وما نتج عنه من والدة‬ ‫حزب مسلح بجنوب لبنان يشكل دولة داحل سوريا الكبرى وليس داخل لبنان فقط‪ ،‬وتحت هذه‬ ‫الظروف فإن الديمقراطية والحياة الحزبية تواجهها تحديات جمة وإن كانت شبه مستحيلة فهي‬ ‫تظل ضرورة حتمية لتواجد وعي وإرادتين شعبية وسياسية للخروج المنطقة ككل من شدة وسلبية‬ ‫التدخالت األجنبية‪.‬‬ ‫حيث أن العالم العربي يتوحد تلقائيا وتنتشر الديمقراطية بشكل طبيعي ومثالي تدرجيا وتتفاعل‬ ‫العملية الحزبية والسياسية يشكلها األفضل كلما ابتعدت التدخالت األجنبية عن المنطقة برمتها‪.‬‬ ‫والدور األكبر لألحزاب السياسية في العالم العربي هو مسئوليتها بناء الرأي العام الواسع والقوي‬ ‫والمؤثر والمسئول‪.‬‬ ‫فضعف وعي الشعوب العربية الراهن وفقدان التضامن والحراك السياسي العربي المسئول‬ ‫والموالة لالستبداد هو سبب نكستها وهو ما يهدد مستقبلها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وحسب رأى الباحثون ‪" :‬في البحرين تحولت األحزاب السياسية إلى جمعيات لم يسمح لها إلى‬ ‫اليوم بالتحول إلى أحزاب ‪ ،‬وفي األردن تم إلغاء األحزاب السياسية منذ عام ‪ 0599‬والى ‪0515‬‬ ‫‪ ،‬وفي الجزائر تم إقصاء جبهة اإلنقاذ وتم توجيه ضربات قاسية وعنيفة للتيارات واألحزاب‬ ‫اإلسالمية في اغلب الدول العربية وغيرها من إجراءات إقصاء اتبعتها السلطات الحاكمة ‪،‬‬ ‫النابعة من غياب ثقافة الديمقراطية‪.‬‬ ‫ففي األردن على سبيل المثال لم يشر قانون األحزاب رقم ‪ 32‬لعام ‪ 0552‬المعمول فيه اليوم في‬ ‫معرض تعريفه للحزب السياسي ‪ ،‬إلى ان من اهداف الحزب الوصول الى السلطة من اجل تنفيذ‬ ‫برامجه وأديباته الحزبية ‪ ،‬وهي سمة فاصلة بموجب ادبيات وتعريفات المفكرين السياسيين‬ ‫والقانونيين للتمييز بينه وبين غيره من الجماعات السياسية مثل جماعات الضغط التي تسعى‬ ‫للتأثير على السلطة وليس حيازتها التي هي من مهام الحزب السياسي ‪ .‬اما االحزاب المعارضة‬ ‫للسلطة فقد نظرت الى مفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها بصورة ال تختلف عن نظرة السلطة‬ ‫الحاكمة اليها ‪ ،‬ونظر جزء منها الى الياتها المتمثلة بالتعددية بوصفها ترسبات فكرية برجوازية‬ ‫يجب رفضها ‪ ،‬مثال حركة القوميين العرب ‪ ،‬كما رفضت الحركات القومية االخرى فكرة‬ ‫الديمقراطية الن ممارستها التاريخية والسياسية دفعتها الى ان تكون كذلك اما الحركات اليسارية‬ ‫واالشتراكية فقد وجهت سهام النقد للديمقراطية باعتبارها مفهوما غربيا واستعاضت عنه بمفاهيم‬ ‫اخرى ‪ ،‬مثل الديمقراطية الصحيحة او ديمقراطية الشعب العامل ‪ ،‬كما فعلت الحركة الناصرية‬ ‫او االجتماعية عند الحزب القومي السوري او الديمقراطية القومية كما فعلت االحزاب الشيوعية‬ ‫‪ ،‬او الحرية كما هو خطاب البعثيين ‪ ،‬كان رفض هؤالء للديمقراطية ينبع من رفض ما سمته‬ ‫بالديمقراطية اللبرالية او البرجوازية او الغربية ‪ ،‬ان غياب ثقافة الديمقراطية انعكست كذلك على‬ ‫بنية الحزب نفسه وعلى نظرته للقضايا المعاصرة ‪ ،‬وعلى عملية اتخاذ القرار بحيث يصبح كل‬ ‫اختالف في الرأي عبارة عن شقاق يتوجب استئصاله واستئصال من يقف وراءه وتتخذ هذه‬ ‫التصفيات في االحزاب الشمولية الحاكمة على سبيل المثال طابع التصفيات الجسدية (حزب‬ ‫البعث في العراق وسوريا ) او السجن (الحزب الوطني في مصر) او النفي واالقامة الجبرية‬ ‫(مثل حكومة االنقاذ في السودان ) لقد اثبتت التجارب الحزبية في وطننا العربي الكبير هشاشة‬ ‫الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وضعف الوعي السياسي في مٍ سألة من اهم مسائل كينونتها‬ ‫واستمرارها ‪ ،‬وهي زرع الديمقراطية فيها بوصفها اسلوبا للحكم وادارة المجتمع سواء اكان‬ ‫الحزب في الحكم ام في المعارضة ‪ .‬لعل افضل ما تختم فيه هذه الفقرة ما قاله جورج حبش وهو‬ ‫احد المؤسسين لحركة القوميين العرب (انه لو قدر له ان يعيد تأسيس الحركة لكان قد اسسها على‬ ‫اسس ديمقراطية‪.".‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ثانيا‪ ،‬العملية الحزبية العربية والتحديات‬ ‫بشكل عام‪ ،‬ليس األحزاب السياسية فقط وإنما كامل الحياة السياسية العربية في حاجة إلي رسم‬ ‫خارطة التحديات المتعددة‪ ،‬من أجل أن تتطور من حال إلي أخر أفضل وأكثر قدرة في صنع‬ ‫حياتها الطبيعية‪.‬‬ ‫والتحدي األكبر في مدى نضوج الوعي الشعبي الواسع المشارك بشجاعة ومسئولية وفي مدى‬ ‫توفر واإلرادة السياسية الحقيقية لترسيخ الديمقراطية في البلدان العربية‪ .‬والمستقبل السياسي‬ ‫للدول دائما بين مدى التوافق والتفاعل الديمقراطي الناجح في ممارسة اإلرادتين الشعبية‬ ‫والسياسية‪.‬‬ ‫وكما ذكرنا فإن العملية الحزبية هي معيار أساسي يعكس حقيقة تفاعل هذين اإلراديتين‪ ،‬و مع‬ ‫الربيع قد بدا هذا التفاعل في االنبعاث‪ ،‬ولم تظهر نتائجه بعد‪ ،‬كما أنه يحتاج إلي مجهود واسع‬ ‫لبناء الوعي الالزم وهو المحرك لإلرادة الشعبية‪ ،‬كما يحتاج األمر لزمن كافي من أجل نتاج‬ ‫قيادات وطنية سياسية تؤمن أن بناء الدول هو نتاج تفاعل اإلرادتين‪ ،‬كما تؤمن بأنه ال شرعية‬ ‫إلرادة سياسية بدون توفر إرادة شعبية تدعمها في كافة قراراتها وسياساتها ورؤيتها‪.‬‬ ‫كما أن هناك تحدي أخر يواجه األحزاب العربية في ذاتها‪ ،‬وهو ضرورة وجود وعي سياسي بأن‬ ‫األحزاب السياسية هي مؤسسات مدنية في أصل نشأتها‪ ،‬مرخصة تشريعيا‪ ،‬وليس حكوميا‪ ،‬من‬ ‫أجل خدمة الشعب وتحقيق مصالحه‪ ،‬وهذا هدفها األساسي وهو اإلصالح و والوعي‪ ،‬وما هدف‬ ‫الوصول إلي السلطة إال لكي تحقق برامج الوعي واإلصالح المطلوبة‪.‬‬ ‫ألن المالحظ بأن التجربة الحزبية العربية تمر بمرحلتين‪ ،‬مرحلة االستبداد وكان مطلوب منها‬ ‫بحكم الواقع شكلية‪ ،‬وداعمة لألنظمة وليس للشعوب‪ .‬ومرحلة الديمقراطية بعد الربيع العربي‪،‬‬ ‫حيث ظهرت مخاطر التصادم والتنافس الفكري وليس التنافس في برامج اإلصالح و والوعي‬ ‫العلمي والعملي والحكيم‪.‬‬ ‫إذا التحدي هو في مدى ابتعاد هذه األحزاب في محاربة بعضها‪ ،‬وأن تقترب من الشعوب بنجاح‬ ‫وهو معيار نجاحها في بنائها الحقيقي عبر الشعب‪ ،‬وليس عبر تحطيم بعضها‪.‬‬ ‫وخالصة القول مع ‪ 2102‬لم تظهر معالم العملية الحزبية الجديدة في العالم العربي بوضوح بعد‪.‬‬ ‫ولعلى الفكرة السابقة تحد من مواجهة األحزاب بعضها وأن تظهر بوجهها لحقيقي للشعب‬ ‫الختبار مدى قدرتها في اكتساب الشرعية والقوة السياسية من الشعب‪.‬‬ ‫كما يالحظ بأن نطاق واسع من الشعب العربي متخوف من العملية الحزبية فهو ال عهد له بعد‬ ‫بممارسة كامل الحرية بشكل مطلق‪ ،‬وتعود على وجود قائد رمز قوي مقنع للجميع‪ ،‬فله أن يحكم‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كيفما شاء وترتاح الشعوب من مسئولية حماية كرامتها وحريتها وتتنازل دفعة واحدة من هذا‬ ‫المبرر وتحفظ ماء وجهها وبما ال يخدش كرامتها أمام بعضها‪ .‬وهذا التحدي األكبر وهو كيف‬ ‫تتلخص الشعوب العربية من رواسب االستعمار واالستبداد وتتحمل تقرير مصيرها بوعيها‬ ‫وبشجاعة تعكس إنسانيتها في رسالة تحقيق العدالة والسعادة والخير لمجتمعها المتضامن‬ ‫والراغب في العيش معا‪.‬‬ ‫كما أن هناك تحدي موروث السياسي الحزبي الذي ترسخ بسبب مطامع استعمارية‪ ،‬وهو التدخل‬ ‫الخارجي‪ ،‬ومناهضة الدول الكبرى لقيام إتحاد طبيعي للدول العربية‪ .‬ومناهضتها للحرية الدينية‬ ‫اإلسالمية للمشاركة في الحياة السياسية كما ترى الشعوب وليس من منظور ورؤية خارجية ال‬ ‫تخرج الشعوب عنها وإال تدخلت إلجهاض الديمقراطية لصالح شكل من أشكال الحكم المطلق‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬ظهر مع بداية حركة االستقالل العربي‪ ،‬والذي بدا مع ثورة ‪ 0509‬الهادفة إلي تحرير‬ ‫الحجاز‪ ،‬ومن ثم مشروعي قيام دول الهالل الخصيب (العراق‪-‬دمشق)‪ ،‬وسوريا الكبرى(وهي‬ ‫األردن ‪ -‬فلسطين‪-‬دمشق‪-‬لبنان)‪ ،‬فانتهى حلم سوريا الكبرى باالستعمار الفرنسي في ‪،0521‬‬ ‫وانتهى حلم الهالل الخصين في ‪ 0508‬باالحتالل البريطاني للعراق‪ ،‬وظهر في العالم العربي‬ ‫مسألتين جديتين مؤثرين في الحياة السياسية‪ ،‬وهما الجامعة العربية كبديل عن الوحدة العربية‬ ‫اإلسالمية الطبيعية‪ ،‬وظهور تيار العروبة العلماني المؤيد من الخارج‪ .‬وهذه تعد تحديات سوف‬ ‫تواجه األحزاب السياسية العربية عندما تحاول بناء وعي عربي إسالمي حقيقي‪ ،‬وعندما ترغب‬ ‫الشعوب العربية في اإلصالح التام واالستقالل والتنمية الشاملة بدون فساد وتدخالت خارجية‬ ‫معرقلة تجد من يدعمها ليستفيد منها‪.‬‬ ‫إذا ترتقب الشعوب لعربية من العملية الحزبية وحدوية ثالثية وهي الوحدة الثقافية والوحدة‬ ‫االقتصادية والوحدة السياسية‪ ،‬والشعوب العربية ليس مستقبلها في استثمارات فيما بينها تسمى‬ ‫خارجية‪ ،‬وإنما في إدارة المال العربي في سياسة عربية عامة واحدة‪ ،‬تصنع التكاملية االقتصادية‬ ‫النسبية العلمية بنجاح واسع‪ ،‬كما توطن النهضة الصناعية بمصداقية‪ ،‬وتصدرها فيما بينها‪،‬‬ ‫للوصل إلي المنافسة واالستقاللية وعدم التبعية الثقافية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬وهي أشد‬ ‫المخاطر وأكبر التحديات‪.‬‬ ‫فقد انتهت الحياة الحزبية األولى في سوريا بانقالب عسكري مدبر في ‪ 0585‬وتولي حسني‬ ‫الزعيم الرئاسة‪ ،‬جاء بعده تكريس دور المخابرات األمريكية في السياسة بالمنطقة‪ .‬وفي دستور‬ ‫عام ‪ 0593‬تكرس نظام حزب البعث الواحد للحكم على المستوى القطري واإلقليمي‪.‬‬ ‫كما أن مصر شاهدت العملية السياسية الثالثية الشهيرة منذ ‪ 0523‬إلي ‪ 0582‬حيث انتهت بتولي‬ ‫حزب الوفد السيطرة على الحكومة تحت سيطرة القوات اإلنجليزية على القصر ومنعه من قرار‬ ‫الحرب ضد إسرائيل‪ ،‬وهكذا كانت تدور العملية الحزبية وتداول الحكومة بين القصر وحزب‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الوفد والتدخل اإلنجليزي‪ ،‬بحيث يقوي طرف على أخر كلما أتجه نحو التأثير في مصالح القوة‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫ولهذا السبب التاريخي والبعد المستقبلي نجد هناك قاعدتين دستوريتين هامتين‪ ،‬وهما منع الدعم‬ ‫واالتصال الخارجي على كافة األحزاب السياسية‪ ،‬ومبدأ الدولة المدنية التي تحرم دستوريا تولى‬ ‫العسكر للسلطة وتحدد أن الوصول للسلطة عبر األحزاب السياسية وهي منظمات مدنية في‬ ‫جوهرها ونشأتها‪ ،‬وإنما نشاطها سياسي وهي غير حكومية من أجل شعبيتها التامة واستقالليتها‬ ‫الكاملة‪.‬‬

‫وظائف األحزاب السياسية واألنظمة السياسية‬ ‫دعنا نناقش في هذا المطلب المسائل الثمانية ألهميتها في الممارسة الحزبية الوظيفية والوعي‬ ‫الشعبي‪.‬‬ ‫وحسب ما يقول الباحثون بأنه في النظم الديمقراطية تعد األحزاب السياسية هياكل بالغة األهمية‪.‬‬ ‫والديمقراطيات المعاصرة هي ديمقراطيات تمثيلية‪ ،‬حيث ينتخب الناس ممثليهم ليقوموا بسن‬ ‫القوانين‪ ،‬وتنفيذها نيابة عنهم‪ .‬وفي ظل نظام الحكم التمثيلي الديمقراطي تنشأ الحاجة لوسيلة تقدم‬ ‫المرشحين لتولي المناصب العامة‪ ،‬ولطرح القضايا المهمة للنقاش العام‪ .‬وتقوم األحزاب السياسية‬ ‫بهذا الدور‪.‬‬ ‫وفي االنتخابات يختار الناس من يريدونه من المرشحين لتولي المناصب العامة‪.‬‬ ‫واألحزاب السياسية هي تنظيمات طوعية ومدنية غير مسلحة‪ ،‬تسعى ألن ينضم إليها أكبر عدد ممكن‬ ‫من األعضاء بوسائل اإلقناع‪.‬‬ ‫وتنظم األحزاب أعمالها بلوائح خاصة‪ ،‬تحدد اشتراكات عضوية‪ ،‬وبعضها ليست له لوائح‪ ،‬وال يجمع‬ ‫اشتراكات من أعضائه‪.‬‬ ‫فاألحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة هي مجموعات منظمة تسيطر أو تسعى للسيطرة على‬ ‫الحكم في البالد الديمقراطية‪.‬‬ ‫وتتنافس األحزاب السياسية في االنتخابات لالحتفاظ بالسلطة أو للوصول إلى السلطة‪.‬‬ ‫وقد تنشط األحزاب السياسية على المستوى القومي أو اإلقليمي أو المحلي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفي ألنظمة الدكتاتورية (االستبدادية) ال تسمح إال بحزب واحد‪ ،‬يستأثر بالحكم‪ .‬وتسمى مثل تلك‬ ‫الدول دول الحزب الواحد ‪ .‬في الدول ذات الحزب الواحد‪ ،‬يفوز المرشحون الذين يختارهم الحزب‬ ‫في االنتخابات تلقائيًا‪ ،‬لعدم وجود منافسين لهم‪ .‬وفي الدول الشيوعية‪ ،‬ذات الحزب الواحد‪ ،‬كالصين‬ ‫مثالً‪ ،‬يهيمن الحزب الشيوعي على الحكومة‪ .‬وتعد العضوية في الحزب َم ِّزيَّة ال ينالها شخص إال بعد‬ ‫استيفاء شروط معينة‪ .‬ويقوم الحزب بمهام أكثر مما تقوم به األحزاب السياسية في الدول‬ ‫الديمقراطية‪ .‬ولذلك ينشئ الحزب الواحد عدة أجهزة‪ ،‬لضم أعضاء إليه‪ ،‬ولتدريب قادته‪ .‬وعلى غرار‬ ‫ذلك حزب البعث في سوريا والعراق وتطلعاته القومية على مستوى العالم العربي وتنشئة واختيار‬ ‫قيادته من أجل فرض اإليديولوجية القمعية والسيطرة على الحكم في البالد العربية‪ ،‬ولكنه أخفق‬ ‫وانحصر في هذين البالد وسقط أبديا مع الربيع العربي ‪ 2100‬ومع سقوط نظام صدام في العراق‬ ‫‪ .2113‬كذلك الحزب الوطني الحاكم في مصر لمدة أكثر من ثالثة وثالثين عاما ‪ 0511-2100‬في‬ ‫ظل تأييد وتكريس سلطة رئيس واحد‪ ،‬وحزب التجمع الدستوري في تونس ثالثة وعشرين عاما‬ ‫‪ ،2100-0519‬وليبيا حزب اللجان الثورية وظل مسيطرا ألكثر من أربعون عاما في تأييد القائد‬ ‫والمعلم والمفكر والملهم األوحد‪ ،‬ويقوم بالتصفية الجسدية لكل معارض سياسي أو ثقافي أو اقتصادي‬ ‫أو اجتماعي‪.‬‬ ‫أما في الدول المتعددة األحزاب‪ ،‬فيختار كل حزب مرشحين لمختلف المناصب‪ ،‬لينتخب الناخبون من‬ ‫يشاءون من بينهم‪ .‬لذلك‪ ،‬تحاول األحزاب اختيار مرشحيها‪ ،‬ممن تحسب أنهم أكثر قبوالً لدى‬ ‫الناخبين‪ ،‬وأفضل خبرة للوظيفة‪ .‬وقد يتم االختيار في اجتماع لقادة الحزب‪ ،‬أو في مؤتمرات ينظمها‬ ‫الحزب ألعضائه في كل المناطق‪.‬‬ ‫كون البلد تنتهي حالة تعدديتها الديمقراطية إلي حزبين أو أكثر فهذا ال يمكن فرضه في ظل‬ ‫الديمقراطية وإنما التفاعل والتوافق والتباين هو ما يفرضه ويسيره‪ ،‬وما ينبغي هو أن تدرك الشعوب‬ ‫وأعضاء األحزاب كيف تسير العملية السياسية وتنتهي في ظل أربعة مسائل هامة‪ ،‬وهي ‪ ،‬نظام‬ ‫الحزبين‪ ،‬نظام التعددية الحزبية‪ ،‬مسألة القطرية واالتحادية‪ ،‬وعلى سيبل المثال‪ ،‬نقتبس من أراء‬ ‫الباحثين ما يلي‪:‬‬

‫مسألة ‪ :1‬نظام الحزبين‪.‬‬ ‫وهو شائع في البالد الناطقة باإلنجليزية‪ .‬ويشمل المملكة المتحدة التي ساد فيها مؤخ ًرا حزبا‬ ‫المحافظين والعمال‪ .‬وهناك أحزاب صغيرة أخرى‪ ،‬كحزب األحرار الديمقراطيين‪ ،‬غير أن النظام‬ ‫االنتخابي يقلل من أهميتها‪.‬‬ ‫وبالرغم من وجود حزبين في بلد من البلدان‪ ،‬يسيطر حزب واحد على الحياة السياسية في مناطق‬ ‫معينة في الدولة‪ .‬ففي المملكة المتحدة مثالً‪ ،‬هناك دوائر انتخابية معينة تكاد تكون معقالً تقليديًا لحزب‬ ‫العمال‪ .‬وهناك ما يسمى بالدوائر الهامشية التي تتأرجح بين الحزبين‪ ،‬وغالبًا ما يفوز فيها أحدهما‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بفارق بسيط في األصوات عن الحزب اآلخر‪ .‬وفي االنتخابات القومية‪ ،‬ال يشترط في المرشحين أن‬ ‫يكونوا من سكان المناطق التي يتقدمون لالنتخاب فيها‪.‬‬ ‫وكما ينبغي معرفة آلية الحزب الفائز حسب طبيعة النظام الرئاسي أو البرلماني‪.‬‬

‫مسألة ‪ :2‬التعددية الحزبية‪.‬‬ ‫نظام قائم في كثير من البالد التي تحكم حك ًما برلمانيًا‪ .‬ففي أستراليا مثالً يوجد ثالثة أحزاب‪ .‬ومن‬ ‫البالد المتعددة األحزاب بلجيكا والدنمارك وفرنسا والهند وإيطاليا وسريالنكا واليابان‪ .‬وقد يكون في‬ ‫كثير منها أربعة أو خمسة أحزاب كبيرة‪ ،‬إضافة إلى عدد من األحزاب الصغيرة‪ ،‬ولكل حزب أهدافه‬ ‫ومراميه االقتصادية أو االجتماعية‪ .‬ومع اختالف نظم التعددية الحزبية‪ ،‬فالغالب أن يكون من بينها‬ ‫أفكارا محافظة‪.‬‬ ‫أفكارا تحرريةً أو راديكالية (متطرفة)‪ ،‬أو أحزاب يمينية تتبنى‬ ‫أحزاب يسارية‪ ،‬تتبنى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفي ظل التعددية الحزبية‪ ،‬يندر أن يكسب حزب واحد عددًا من المقاعد في الهيئة التشريعية‪ ،‬بحيث‬ ‫كثيرا‬ ‫يكفيه لتشكيل حكومة‪ .‬لذلك‪ ،‬عادة ما‪ ،‬يأتلف حزبان أو أكثر لتشكيل حكومة ائتالفية‪ .‬غير أن‬ ‫ً‬ ‫من الحكومات االئتالفية تخفق في االتفاق على سياسة أو منهج موحد‪ ،‬وتسقط الحكومة‪ .‬فالتعددية‬ ‫استقرارا‪ ،‬كما هو الحال في نظام الحزبين‪.‬وتختار األحزاب‬ ‫الحزبية تؤدي إلى قيام حكومة أقل‬ ‫ً‬ ‫السياسية رؤساءها في مؤتمر عام‪ ،‬أو ينتخبهم ممثلوها في الهيئة التشريعية‪.‬‬ ‫وأيضا ينبغي معرفة آلية الحزب الفائز حسب طبيعة النظام الرئاسي أو البرلماني‪.‬‬

‫مسألة ‪ :3‬آلية عمل الحزب في النظام الرئاسي‬ ‫في النظام الرئاسي ـ كما هو الحال في الواليات المتحدة األمريكية ـ يقتضي الدستور توزيع السلطات‬ ‫عضوا في الهيئة التشريعية للدولة‬ ‫بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لذلك فالرئيس ليس‬ ‫ً‬ ‫وكذلك الوزراء ال يحق لهم جمع العضوية‪.‬‬ ‫فالرئيس منتخب من قبل الشعب‪ ،‬وقد يكون من حزب غير الحزب صاحب األغلبية في الهيئة‬ ‫وكثيرا ما يعتمد الرئيس على قادة الحزبين لكي يتمكن من الحصول على موافقة الهيئة‬ ‫التشريعية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التشريعية على سياساته‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مسألة ‪ :4‬آلية عمل الحزب في النظام البرلماني‬ ‫في الدول البرلمانية الديمقراطية كالمملكة المتحدة‪ ،‬رئيس الحكومة هو رئيس الوزراء‪ .‬وهو عضو‬ ‫في البرلمان‪ ،‬وفي الغالب األعم‪ ،‬زعيم الحزب صاحب األغلبية في مجلس العموم‪ .‬وعادةً‪ ،‬يختار‬ ‫رئيس الوزراء أعضاء وزارته من قادة الحزب نفسه أي أغلبية األعضاء في البرلمان‪.‬‬ ‫وفي المملكة المتحدة‪ ،‬يستحوذ رئيس الوزراء ومجلس وزرائه على السلطة التنفيذية والتشريعية في‬ ‫آن واحد‪ .‬وهم أعضاء في البرلمان ومسئولون لديه‪ .‬فإذا أخفق رئيس الوزراء في االحتفاظ بمساندة‬ ‫ٍ‬ ‫البرلمان له‪ ،‬فقد يطالب حزب المعارضة بانتخابات عامة جديدة‪.‬‬

‫مسألة‪ :5‬التنظيم داخل الهيئة التشريعية‬ ‫ينسق األعضاء المنتخبون المنتمون ألحزاب سياسية داخل المجلس التشريعي أو البرلمان أعمالهم‬ ‫من أجل أداء مهامهم بفعالية‪ .‬ويدير جلسات المجلس رئيس ينتخبه األعضاء‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يختار‬ ‫حزب األغلبية رئيس المجلس‪.‬‬ ‫ولكل حزب أعضاء نشطون ينقلون لرؤساء األحزاب مالحظاتهم عن رأي أعضاء الحزب حول‬ ‫مشروعات القوانين المعروضة لالقتراع ويعملون على تأكيد االلتزام الحزبي بين األعضاء‪.‬‬ ‫وفي داخل معظم الهيئات التشريعية‪ ،‬تُنشأ لجان تُمثَّل فيها كل األحزاب‪ ،‬حسب ثقلها في المجلس‪،‬‬ ‫للبحث في مشروعات القوانين‪ .‬ويرأس هذه اللجان عادة ً عضو من حزب األغلبية‪.‬‬

‫مسألة ‪ :6‬مسألة النظام الموحد أو االتحادي‬ ‫ففي البالد التي تأخذ بنظام الحكومة الموحدة‪ ،‬مثل‪ :‬فرنسا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬والمملكة المتحدة‪ ،‬تتركز معظم‬ ‫السلطات في الحكومة المركزية‪ ،‬ويشمل ذلك السيطرة على الحكومات المحلية‪ .‬أما في البالد ذات‬ ‫النظام االتحادي‪ ،‬مثل‪ :‬أستراليا وكندا‪ ،‬فتقسم السلطات بين الحكومة المركزية وحكومات الواليات‪،‬‬ ‫أو األقاليم‪.‬‬ ‫وتركز األحزاب السياسية‪ ،‬في البالد ذات النظام الموحد‪ ،‬على تولي وتنظيم الحكومة المركزية؛ فهي‬ ‫في األساس قومية التوجه‪ ،‬في نشأتها وتكوينها‪ .‬وفي البالد ذات النظام االتحادي‪ ،‬تسعى األحزاب‬ ‫السياسية للوصول إلى السلطة لتنظيم كل من الحكومة المركزية‪ ،‬وحكومات الواليات أو المقاطعات‪.‬‬ ‫فهي إذن أحزاب قومية وإقليمية في أنشطتها وتكوينها‪.".‬‬

‫مسألة ‪ : 7‬تشكيل المعارضة‬ ‫في كل بلد ديمقراطي‪ ،‬يقع عبء انتقاد سياسات الحزب الحاكم‪ ،‬وطرح البديل لها‪ ،‬على عاتق‬ ‫الحزب‪ ،‬أو األحزاب خارج السلطة‪ .‬وفي بالد مثل فرنسا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬وبالد أخرى ـ حيث تتعدد‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كبيرا‪ .‬أما في‬ ‫األحزاب ـ قد تختلف آراء األحزاب المعارضة حول نوع نظام الحكم نفسه اختالفًا‬ ‫ً‬ ‫البالد ذات الحزبين‪ ،‬فإن حزب األقلية يشكل عادة ً معارضةً موحدة ً‪ .‬وقد تتجمع عدة أحزاب في شكل‬ ‫ائتالف‪ ،‬ليعارض الحكومة أو ليحل محلها‪.‬‬

‫مسألة ‪ :8‬وظائف الحزب‬ ‫حيث تقوم األحزاب السياسية في البالد الديمقراطية بعدة وظائف مهمة‪ ،‬وتشمل‪:‬‬ ‫‪ -0‬اختيار مرشحين للمناصب العامة‪.‬‬ ‫‪ -2‬المساعدة في تنظيم الحكم‪.‬‬ ‫‪ -3‬تمثيل معارضة للحزب الحاكم‪.‬‬ ‫‪ -8‬تجميع األموال لتجهيز الحمالت االنتخابية‪.‬‬ ‫‪ -9‬وظائف أخرى كثيرة منها أنها توضح للناخبين الشؤون العامة‪ ،‬والمشكالت التي تحتاج إليها لعمل‬ ‫حكومي‪ .‬وتضع برنام ًجا‪ ،‬أو منه ًجا سياسيًا‪ ،‬وتستهدف وضعه موضع التنفيذ لمصلحة البالد‪ ،‬إذا‬ ‫كسبت السلطة‪ ،‬أو احتفظت بها في االنتخابات القادمة‪ .‬وتخضع مثل هذه السياسة للدراسة والنقاش‬ ‫داخل الحزب‪ .‬وقد تتناول أي مجال يرى الحزب أنه مهم‪ ،‬كصيانة الموارد الطبيعية‪ ،‬أو تولي‬ ‫الخدمات العامة‪ ،‬أو التخطيط االقتصادي‪ ،‬أو ملكية األراضي والصناعات الكبرى‪ .‬ويصدر الحزب‬ ‫أحيانًا بيانًا يبين سياساته‪ ،‬أو خطته لسنوات قادمة؛ إلغراء الناخبين بإعطاء أصواتهم لمرشحيه‪ .‬أما‬ ‫في البالد ذات الحزب الواحد‪ ،‬فتتمثل مهام الحزب السياسي في اختيار المرشحين للمناصب وتنظيم‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫‪ -9‬وظائف أخرى حيث في الدول الديمقراطية تستخدم األحزاب السياسية وسائل اإلعالم‪ ،‬كالصحف‬ ‫واإلذاعة والتلفاز وغيرها‪ ،‬لتتحدث إلى الناس عن برامجها وأهدافها؛ فهي تنشد كسب السلطة‪ ،‬أو‬ ‫البقاء فيها‪ .‬وتحاول األحزاب المعارضة الكشف عن مواطن الضعف في سياسات وبرامج الحكومة‪،‬‬ ‫وتزعم أنها تقدم البديل األفضل لها‪ .‬وبذلك تزيد األحزاب السياسية وعي الناس بشؤونهم‪ ،‬وتسلط‬ ‫األضواء على المسائل التي تهمهم‪.‬‬

‫مسألة ‪ :9‬عدد االحزاب‬ ‫كلما قل عدد االحزاب كلما دل ذلك على التوافقية الفكرية‪ ،‬ودل على الوعي ونبذ الخالفات‪ ،‬ومعرفة‬ ‫الواقع السياسي الدولي والمصيري‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فليس هدف االحزاب الصراع على السلطة‪ ،‬بل هو التنافس حول افضل سبل اإلصالح‪ ،‬وحول‬ ‫ضمان امن وسالمة العيش الكريم الموحد والمسئول حضاريا وإنسانيا وعالميا و وطنيا وعلميا‪ ،‬فقد‬ ‫يكون كثرة االحزاب عن حالة من الفوضى والتخبط‪ ،‬وهذا في علم الحضارات‪ ،‬حالة التخلف ‪ ،‬أي لم‬ ‫تعرف ان تستخدم الوسائل بشكل ناجح في مواجهة هذا التخلف والخروج منه‪.‬‬

‫مطلب ‪ :3‬املفهوم العام لالنتخابات‬ ‫فالدستور هو عماد العملية الحزبية والعملية االنتخابية‪.‬‬ ‫ونجاح العملية الحزبية سوف يدعم النجاح في العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫واالنتخابات تعني اختيار من يتولى السلطات برضا الناس‪.‬‬ ‫ورضا كل الناس غاية صعبة‪ ،‬ولكن في السياسية جعلت لها وسيلة قياسية منطقية ونسبية يحتكم إليها‬ ‫الناس بسبب اختالف مطالبهم ورؤاهم وقدراتهم ونفوسهم وعقولهم‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن نلقي بعض الضوء على فلسفة العملية االنتخابية من الناحية العمومية‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فهناك عدة أنواع وهي االنتخابات البرلمانية وهي تخص مجلس الشيوخ ومجلس‬ ‫النواب‪ ،‬واالنتخابات الرئاسية وهي تخص رئيس الدولة ورئيس الحكومة‪ ،‬وهناك االنتخابات الخاصة‬ ‫وهي تخص سلطة القضاء وسلطة الصحافة وسلطة الشورى‪.‬‬ ‫ولفهم مقصد العملية االنتخابية العمومية‪ ،‬يمكن تقسيم االنتخابات إلي طريقتين‪:‬‬ ‫ طريقة االنتخاب باالقتراع العام المباشر السري‬‫ طريقة االنتخاب باالقتراع الغير مباشر‪.‬‬‫أوال‪ ،‬االنتخاب العام المباشر والسري‬ ‫وهنا يقصد من خالله أن يكون االختيار من كافة الشعب‪ ،‬وأن يقوم كل فرد بمباشرة االقتراع في‬ ‫أماكن محددة أن يختار من يراه األفضل من قائمة المشرحين المعتمدين‪.‬‬ ‫وأن يكون سري بحيث ال يعرف بقية الناس اختياره‪ ،‬وكذلك ال يعرف المرشح ذاته من صوت له‪.‬‬ ‫وفي ذلك تفادي لمسألة االستغالل أو النزاع وغيرها من السليبات‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫إال أن هذه الطريقة السرية ترتب عنها كثير من التزوير‪.‬‬ ‫ولتفادي عملية التزوير اتخذت احتياطات سياسية‪ ،‬حيث يتقرر يرأس كل دائرة اقتراع قاضي‪ ،‬وفي‬ ‫حالة عدم توفر عدد كافي يرأس دائرة وهي تضم أكثر من مركز اقتراع ويستعان بعدد كافي من‬ ‫القضاة‪ .‬والسبب في اختيار أنهم طوال حياتهم ال يحق لهم الترشح العام في أي من السلطات األخرى‬ ‫غير القضاة‪.‬‬ ‫وكذلك الحال مع الشرطة والجيش واألمن القومي‪ ،‬فجميعهم ال يحق لهم الترشح حسب مفهوم الدولة‬ ‫المدنية‪ ،‬وسالمة العملية االنتخابية والحزبية‪.‬‬ ‫فال يجوز للقضاة ورجال الشرطة والجيش واألمن القومي المشاركة في العملية الحزبية‪.‬‬ ‫وهناك نوعان أساسين يخضعان لعملية االنتخاب العام المباشر السري‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ االنتخابات البرلمانية‪ :‬وتعبر عن كيفية تشكيل السلطة التشريعية‪ ،‬وهو يتكون من مجلسين‪،‬‬‫مجلس النواب ومجلس الشيوخ‪ ،‬وينتخب مجلس النواب عن طريق االقتراع العام المباشر‬ ‫والسري‪ ،‬والمدة النيابية سنتين‪ ،‬ويحدد عدد النواب بالمعيار العددي نسبة لعدد السكن‬ ‫بالمحلة‪ ،‬حيث يوضع معدل عام تشمل انتخاب النواب على مستوى التقسيم المحلي‪ ،‬وعادة ما‬ ‫تكون مدة النائب سنتان‪ ،‬ويختار النواب فيما بينهم رئاسة مجلسهم‪ ،‬حسب القانون‪ .‬إال أن‬ ‫هناك طريقتين بشأن انتخاب "مجلس الشيوخ"‪ ،‬وهو االنتخاب العام المباشر السري‪ ،‬والمدة‬ ‫البرلمانية ستة سنوات‪ ،‬ويتم على أساس المعيار الجغرافي‪ ،‬فقد تكون الدولة متحدة ومقسمة‬ ‫إلي محافظات أو مقاطعات أو اتحادية مقسمة إلي أقاليم مستقلة داخليا‪ ،‬بحيث يحدد الدستور‬ ‫عدد األعضاء بالتساوي على حسب تقسيم الوحدات اإلدارية المحدد بالدستور‪ .‬وقد يتم‬ ‫تشكيل "مجلس الشيوخ" عن طريق االقتراع إذا ما حدد الدستور ذلك‪ ،‬بحيث يقوم مجلس‬ ‫النواب بترشيح عدد األعضاء بمحافظتهم أو إقليمهم‪ ،‬مع العلم‪ ،‬بأن مجلس النواب مكون على‬ ‫أساس اختيار الناس لهم من أجل تمثيل مصالحهم‪ ،‬فهم عادة معرفون فقط على مستوى الحي‬ ‫المقيمين فيه‪ ،‬وقد يكونوا من عموم الناس ومن مختلف الفئات تجار وفالحين ومدرسين‬ ‫ومحامين وغيرهم‪ .‬أما أعضاء مجلس الشيوخ فيتم اختيار على مستوى المحافظة أو اإلقليم‬ ‫الذي يمثله مجلس النواب المحلي‪ .‬وتحال األسماء في أظرف وتعتمد من المحكمة الدستورية‬ ‫ورئاسة الدولة ‪ .‬إال أن المتبع األكثر هو انتخاب مجلس الشيوخ عن طريق االنتخاب العام‬ ‫المباشر السري‪ .‬مع مالحظة أن تفاوت المدة النيابية ومدة الشيوخ لها مقصد سياسي بليغ‪،‬‬ ‫وكذلك أم مجلس الشيوخ عادة ما يقسمون إلي ثالثة فئات‪ ،‬بحيث يجدد كل سنتين فئة‪ ،‬وبذلك‬ ‫يكون خالل ستة سنوات مجلس الشيوخ متجدد بالكامل‪ ،‬وكذلك مجلس النواب تجدد ثالثة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مرات‪ ،‬وبهذا ال يمكن أن يحدث فراغ تشريعي أو تكوين تكتل تشريعي ضار بهذه المؤسسة‬ ‫التشريعية‪.‬‬ ‫ االنتخابات الرئاسية‪ :‬وتعبر عن كيفية انتخاب رئيس الدولة ‪ ،‬حيث في في النظام الرئاسي‬‫يكون للرئيس صالحيات واسعة‪ ،‬والرئيس المنتخب هو من يختار رئيس الحكومة والوزراء‬ ‫والسفراء والقضاة ويرأس القوات المسلحة بكافة مؤسساتها‪ ،‬وهو غير مناسب للدولة العربية‬ ‫التي عانت االستبداد وتأثرت بشكل جسيم في طبيعة تفكيرها وخلق كثير من السلبيات‪ ،‬وفي‬ ‫النظام البرلماني يحد من سلطات رئيس الدولة فتكون رئاسة رمزية ومن أجل توازنات‬ ‫قانونية بين السلطات‪ ،‬اختيار رئيس الحكومة من قبل البرلمان وتكون الحكومة مسئولة‬ ‫بالتضامن أمام البرلمان‪ .‬وعلى كل حال‪ ،‬فتجرى انتخابات عامة مباشرة وسورية للرئيس‪،‬‬ ‫وتتنافس األحزاب السياسية‪ ،‬والفائز بأعلى األصوات يكون رئيس الدولة والذي يليه نائب‬ ‫الرئيس‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬االنتخاب باالقتراع الغير مباشر‪:‬‬ ‫وهي عن طريق االختيار الداخلي‪ ،‬وفق الئحة خاصة بكل مؤسسة‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬العملية االنتخابية بالمجلس األعلى للقضاء‪ ،‬فهذه المؤسسة تمتاز باالستقاللية عن الشعب أو أي‬ ‫سلطات ومؤسسات أخرى‪ ،‬فأعضائها ال يجوز لهم الترشح في االنتخابات العامة أو المشاركة فيها‪.‬‬ ‫كما أنها تخصصية ال تقع ضمن التقييم الشعبي العام‪ ،‬فهي من يحكم ويفصل في مختلف المنازعات‪.‬‬ ‫وتكون العملية االنتخابية خاصة‪ ،‬بحيث يتولى القضاة المعتمدين بالسلك القضائي بتقديم أصواتهم‬ ‫حسب ورقة االقتراع ألحد المرشحين الذين تتوفر فيهم الشروط حسب الالئحة الداخلية الخاصة‬ ‫بالمجلس األعلى للقضاء‪.‬‬ ‫وكذلك االختيار بالنسبة لبقية المحاكم‪ ،‬تكون عملية االقتراع الغير مباشر عن طريق "الجمعية‬ ‫العمومية" وهم كافة العاملين من قضاة ومحامين ومستشارين معتمدين بالجهة‪ .‬ويكون اعتماد النتيجة‬ ‫االنتخابية بعد الطعون عن طريق البرلمان والمحكمة الدستورية‪.‬‬ ‫ويشمل ذلك ال محكمة الدستورية‪ ،‬إال أن بعض الدساتير قد أعطت رئيس الدولة تعين جميع األعضاء‬ ‫أو نصفهم أو عدد معين‪ ،‬والبقية باالقتراع عن طريق البرلمان‪ .‬إال أنه جاري تطويرات في كثير من‬ ‫الدساتير أن يكون جميع األعضاء منتخبين‪ ،‬وترشيحهم من البرلمان والمجلس األعلى للقضاء‬ ‫والمحاكم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫من أجل الوصول إلي أسمى اختيار لهذه المؤسسة التي قراراتها نافذة‪ ،‬فهي من يجيز أو يوقف أي‬ ‫قانون أو قرار أو سياسات تفسرها بأنها غير مطابقة للدستور‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬يطبق االقتراع غير مباشر بمختلف السلطات األخرى‪ ،‬وأهمها المجلس األعلى‬ ‫للصحافة واإلعالم‪ ،‬وكذلك مجلس الشورى‪.‬‬ ‫وتطورت مفاهيم وأدوات فنية عدة‪ ،‬منها المرشحين المستقلين والقوائم الحزبية‪ ،‬والعتبة البرلمانية‪،‬‬ ‫والصوت الغير مجزى‪ ،‬والدوائر الحزبية‪ ،‬واللجان المركزية والعامة ولجان االقتراع‪ ،‬وسجالت‬ ‫الناخبين وشروط المرشحين‪ ،‬والعملية الرقابية االنتخابية‪ ،‬وكل ذلك يتناوله قانون االنتخابات‪،‬‬ ‫ويعرف أنه قانون مكمل أي البد أن يكون لكافة نصوصه أساس دستوري‪.‬‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬هناك عالقة عضوية بين مفاهيم السياسة والصياغة القانونية المقومات فيما يتعلق‬ ‫بصنعة وممارسة االنتخابات العامة‪.‬‬ ‫وكذلك عدة نواحي فنية حساسة انبثقت من أجل الوصول إلي تحديد أقصى درجات الدقة في احتساب‬ ‫التمثيل الشرعي‪ ،‬فخرج مفهوم معايير تقسيم الدوائر االنتخابية وقوائم المرشحين‪ ،‬ونظام القوائم‬ ‫والفردية كما سيأتي مناقشتها‪.‬‬

‫الحاجة لتنمية الوعي السياسي اإليجابي‬ ‫لقد أدركت اإليديولوجيات أن الشعوب ال تسعى لوحدها إلي طلب الوعي السياسي‪ ،‬وإنما البد أن‬ ‫تكون هناك آللية مبرمجة‪ ،‬تذكر الشعوب وتوجيهها وتنمي تفكيرها‪ ،‬فهي مشغولة بلقمة العيش أكثر‬ ‫من انشغالها بالقلم والعلم والسياسة‪.‬‬ ‫ولقد استغلت هذا الضعف الشعبي ووهي تمسح العقول بشكل مستمر‪ ،‬وتوظف من يعينها‪ ،‬النتشار‬ ‫سيطرتها وصنع قادتها الشعبية‪.‬‬ ‫وك ذلك العملية االنتخابية هي آلية إيجابية وتحتاج لعملية تنشئة سياسية إيجابية بالمدارس وغيرها‪.‬‬ ‫ونذكر هنا مثال‪ ،‬تركياـ تجرى بشكل دوري عمليات انتخابات في تالميذ المدارس من أجل الفوز‬ ‫على مستوى بالبلد بمركز رئيس الدولة‪ .‬وعندما يفوز "التلميذ الموهوب" ‪ ،‬وليس بطرق أخالقية‬ ‫وطنية تربوية نزيهة سليمة‪ ،‬يسلم له رئاسة الحكومة "رئاسة الوزراء" ليس رئيس الدولة‪ ،‬ليوم‬ ‫واحد‪ ،‬يصدر القوانين ويقرر ويأمر‪ ،‬ويكون رئيس الحكومة بجانبه في ذلك اليوم في خدمته وال‬ ‫يقرر‪ .‬وبالطبع ذلك اليوم عطلة حكومية‪ .‬وقرارات الطفل إنما هي مرآة للمستقبل‪ ،‬وليست نافذة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫هناك دول تصنع مركز للتدريب متكاملة توجد فيها قاعة حكومية‪ ،‬وقاعة برلمانات‪ ،‬ومحاكم‪،‬‬ ‫وغيرها مما يلزم لبناء الدولة حسب دستور البالد‪ .‬وتتم تشكيل األحزاب السياسية الصورية‪،‬‬ ‫واالنتخابات التدريبية‪ ،‬ثم انعقاد البرلمان دورته وتمارس الحكومة التدريبية نشاطها‪ ،‬وكل ذلك طبقا‬ ‫لدستور وقوانين البلد من أجل ترسيخها في أذهان الشباب‪.‬‬ ‫وهناك تكريم الندوات ولمفكرين والكتاب والناشطين السياسيين‪ ،‬وكذل ذلك الزم من أجل بناء‬ ‫اإلنسان الواعي‪ ،‬وهذا ضروري للغاية قبل إمكانية تحقيق أي تنمية مكانية‪ ،‬فبناء وعي اإلنسان هو‬ ‫األساس‪.‬‬

‫ماهية العملية االنتخابية‬ ‫تعتبر العملية االنتخابية وسيلة قانونية وآلية إدارية يمارس الشعب من خاللها إرادته الحرة بشكل‬ ‫منظم وضوابط تحقق كامل الشرعية لنتيجة العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫ويعبر صوت كل فرد عن رأيه ‪ ،‬ويختار بإرادة حرة أفضل القيادات المرشحة للممارسة السلطات‬ ‫وإدارة البالد خالل فترة دستورية محددة‪.‬‬ ‫ويستعرض هذا الفصل المفاهيم النظرية والتطبيقية من أجل إجراء االنتخابات بصورة شرعية تامة‪.‬‬ ‫حيث‪ ،‬يحدد الدستور أسس االنتخابات الوطنية ضمن ترسيخه الشرعي لمقومات أسلوب الحكم‬ ‫القانوني والديمقراطي‪.‬‬ ‫ويعتبر الدستور مشروع وطني لبناء دولة يسود نظامها ومؤسساتها القانون‪ ،‬ويستند أسلوب حكمها‬ ‫على أدوات الديمقراطية الحقيقية‪ ،‬المتعارف عليها عالميا والموثوق في فعاليتها في بناء دولة‬ ‫الحضارة‪.‬‬ ‫ويستند صنع قانون نظام االنتخابات على مقومات شرعية وعناصر قانونية سوف نتناولها بشكل عام‬ ‫في مقاالت منفصلة‪.‬‬ ‫ويعتبر قانون االنتخابات أداة سياسية جوهرية ومسئولية وطنية من أجل التعبير عن "اإلرادة العامة"‬ ‫في اختيار "الهيئة الحاكمة"‪ ..‬وهي‪ ،‬السلطة التشريعية‪ ،‬والسلطة التنفيذية ‪ ،‬والسلطة االستشارية التي‬ ‫تعبر عن قيم المجتمع‪ ..‬ويختص الدستور وحده بمسألة األسس الشرعية والقانونية ومسألة تكوين‬ ‫واستقاللية السلطة القضائية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويمكن القول بأن (نظام‪-‬االنتخابات) هو (المحرك السياسي) للدولة‪ ،‬فال إرادة سياسية بدون انتخابات‬ ‫شرعية‪ ،‬وتقع كامل المسئولية على الشعب وعلى ممثليهم في صنعه الحضاري‪ ،‬وتعتمد كفاءته‬ ‫ومظهره العصري والحضاري‪ ،‬وقوته في صنع السلطة وعمر الدولة النفعي الديمقراطي والشرعي‪،‬‬ ‫على حقيقية وعي الشعب ومستوى القيام بدوره ومسئوليته الوطنية والتاريخية‪ ،‬وكذلك حقيقة وطبيعة‬ ‫ممثليهم الوطنيين نحو المجتمع‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬يمكن صنع محرك السيارة في دول مثل ‪-‬الصين وأمريكا وبريطانيا وكينيا‪ ،-‬وسوف يكون‬ ‫مستوى هذه المحركات متأثرة بسلبيات وإيجابيات هذه الدول ومجتمعاتها‪ ..‬وكذلك "محرك‪-‬‬ ‫االنتخابات" فهو يعكس مدى رقي و وعي ومسئولية المجتمع في تنافسه العالمي وبمدى شعوره‬ ‫بأهمية مصيريه وتفاعله الوطني مع البيئة الدولية بإنسانية‪.‬‬ ‫ونحن اآلن بصدد إجراء "انتخابات‪-‬وطنية"‪ ،‬وهي ليست دستورية بعد‪ ..‬وبذلك‪ ،‬ما يصدر عن‬ ‫المجلس الوطني االنتقالي المؤقت بشأن االنتخابات يعبر عن مرحلة انتقالية محددة زمنيا وشرعيا‪،‬‬ ‫من أجل النجاح في االنتقال من مرحلة‪-‬الثورة إلي مرحلة‪-‬الدولة‪.‬‬ ‫وعلى كل فرد أمانة الوعي بمقومات والعناصر األساسية "النظام‪-‬االنتخابات" التي ينبغي عليه‬ ‫معرفتها من أجل القيام بدوره ككائن سياسي حقيقي‪ ،‬وليس ككائن اجتماعي فقط‪ ،‬وال ينطبق عليه قول‬ ‫"أرسطو" في قديم الحضارات إن اإلنسان كائن حيواني وهو يقصد مجرد كائن اجتماعي عندما‬ ‫تحكمه غرائزه وليس عقله النفيس في صنع وعيه اإلنساني والسياسي‪.‬‬ ‫ولقد انتفضت الشعوب العربية من أجل (كرامتها) وأول عناصر هذه الكرامة أن يكون صوت كل‬ ‫فرد دستوري أي شرعي ويدلى بحرية مباشرة وعامة ومؤثرة‪ ،‬وبما يعكس قيمة ومسئولية األفراد‬ ‫الوطنية والدينية واإلنسانية والحضارية‪.‬‬ ‫فليس هناك وطن حر بدون إرادة حرة عامة ومنظمة مصدرها وعي حقيقي‪.‬‬ ‫فبناء الدول يبدأ من بناء اإلنسان‪ ،‬ومن خالل اإلنسان يتحقق بناء المكان وكافة أصناف النماء‪..‬‬ ‫وبناء الوعي الحقيق أساس بناء كل إنسان‪ ،‬وهو الطريق لدولة الدستور وآليات القانون‪.‬‬ ‫من األهمية بمكان و لألمانة المستقبلية‪ ،‬أن نشير إلي أنه البد أن "ترسم" و "ترسخ" في أذهان الناس‬ ‫مبادئ أساسية من أجل ممارسة الدور السياسي من قبل "المجتمع" و "السلطة" بنجاح و استدامة‪.‬‬ ‫ومن هذه المباديء‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ مبدأ اإلدراك السياسي‪ :‬وهذا يعني ضرورة وعي الناس واهتمامهم جميعا بالسياسة‪ ،‬فال‬‫يمكن بمكان عزل الناس عن إدراك المفاهيم وممارسة حقوقهم السياسية‪ ،‬فالسياسة هي‬ ‫ممارسة السيادة‪ ،‬والسيادة مصدرها الناس‪ ،‬وممارسة السلطات شرعيتها مصدرها إرادة‬ ‫الناس‪ .‬ويكمن ذلك في ضرورة فهم الناس ألهمية الدستور والعملية الحزبية واالنتخابية في‬ ‫تنظيم وضبط شئون حياتهم‪ .‬ولقد ذكرنا آنفا "المعادلة الدستورية"‪ .‬وهي ممارسة الناس‬ ‫إلرادتهم الحرة هو أساس كل عمل سياسي شرعي وتوظيف ناجح وقوانين فاعلة‪.‬‬ ‫ مبدأ إدراك النواحي الفنية‪ :‬حيث صناعة الدستور وصناعة األحزاب وصناعة االنتخابات‬‫ترتكز على جوانب علمية‪ ،‬وطرق فنية وحقائق سياسية وتاريخية واقتصادية وثقافية ودينية‪.‬‬ ‫فالبد إلفراد المجتمع أن يكونوا على علم بهذه النواحي لكي تتشكل الذهنية الفنية الالزمة‬ ‫والمشاركة بوعي وفعالية‪ .‬وهذا يتطلب اإلطالع الشعبي لكل التطويرات والندوات وتجارب‬ ‫الشعوب األخرى في هذه اآلليات الفنية المستخدمة كأساس في إدارة شئون الناس وتحقيق‬ ‫مصالحهم وانتشار الخير ومكافحة مسببات الفساد في األرض‪.‬‬ ‫ مبدأ إدراك حقيقة الشرعية‪ :‬من أجل تبسيط هذه المسألة الحيوية‪ ،‬وضعنا قاعدة عامة وهي‬‫تتنازل الشعوب عن سيادتها للدستور‪ ،‬وهو تنازل دائم‪ ،‬وبالتالي تكتسب الدولة السيادة وليس‬ ‫الحاكم أو أي صفة شخصية‪ ،‬وإنما الوظائف العليا هي تمثيل مؤقت ومحدد وخاص في‬ ‫جز ئية مقررة‪ .‬وتتنازل الشعوب عن إرادتها للسلطات حسب الدستور في فترات محددة في‬ ‫تسحبها‪ ،‬وبهذا تكتسب الحكومات والبرلمانات شرعية مؤقتة ومحددة وكل حسب جزئياته‬ ‫الدستورية‪ .‬واالنتخابات هي اآللية التي يتنازل بها الشعب عن هذه اإلرادة ثم يسحبها‬ ‫ويوظفها بما يصنع أفضل القيادات في كافة السلطات عبر االقتراع العام المباشر واالقتراع‬ ‫الغير مباشر‪.‬‬

‫الحاجة لقانون االنتخابات‬ ‫كما ذكرنا آنفا هناك أكثر من نوع من االنتخابات برلمانية‪ ،‬ونيابية ورئاسية ‪ ،‬ولكن الناخب واحد‬ ‫وهو المواطن الواعي فكريا والمسئول وطنيا على المحافظة وحماية دولة دستورية ونظام حكم‬ ‫ديمقراطي‪.‬‬ ‫فمجموع المواطنين هم القوة‪-‬السياسية في البلد‪ ،‬ولكن حين يكون غير منظمين في البلد فسوف تكون‬ ‫مساهمته الديمقراطية ضعيفة من ناحية الوعي التام ‪ ،‬ومن الصعب أن تكون لهم رؤية موحدة‪ ،‬أو‬ ‫موقف موحد اتجاه كثير من القضايا والمتغيرات الدولية والمحلية الحساسة‪ ..‬وبالتالي المواطن الوعي‬ ‫هو الذي توصل إلي الواعي الالزم بحيث يختار الحزب – وهو جماعة سياسية‪ -‬متخصصة من اجل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫البحث والتحليل و و إستراتجيات علمية وسياسية في إدارة مختلف شئون البلد خالل فترة تداول‬ ‫السلطة المحددة بالدستور‪.‬‬ ‫فمن الصعب أن يضع كل مواطن برامجه السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية وكافة الشئون‬ ‫الدولية‪ ،‬إضافة أن تكون هذه البرامج مؤسسة على قيم ورؤية محددة‪ ،‬وتحديد وسائل تحقيقها‪.‬‬ ‫لذا يختار المواطن أوال‪ ،‬من األحزاب المتنافسة في الساحة السياسية‪ ،‬أيهما يتفق معها في قيمها‪،‬‬ ‫ويؤيد برنامجها االنتخابي‪ ،‬وهذا البرنامج يحدد بدقة ما يجب أن تقوم الحزب إذا توصل إلي السلطة‪،‬‬ ‫ويمكن للمواطنين أن يسحبوا منه الثقة عبر السلطة التشريعية حال فشله‪ ،‬ويظهر ذلك في قياس‬ ‫معدالت الرأي العام‪.‬‬

‫االنتخابات والتكنولوجيا‬ ‫إن إدخال تكنولوجيا االتصاالت والمعلومات في العملية االنتخابية يتمخض عنه كل من االهتمام‬ ‫والقلق بين الناخبين‪ ،‬فضالً عن الممارسين في شتى أنحاء العالم‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬تعتمد أغلب‬ ‫مؤسسات اإلدارة االنتخابية حول العالم على التكنولوجيا الحديثة لتحسين العملية االنتخابية‪ .‬تتراوح‬ ‫وسائل التكنولوجيا من استخدام أدوات األتمتة المكتبية البسيطة‪ ،‬كبرامج معالجة النصوص وجداول‬ ‫البيانات إلى أدوات معالجة البيانات األكثر تعقيداً‪ ،‬كأنظمة إدارة قواعد البيانات والمسح الضوئي‬ ‫وأنظمة المعلومات الجغرافية‪.‬‬ ‫كانت بعض هذه األدوات متاحة منذ فترة‪ ،‬كما أن نقاط القوة والضعف بها معروفة‪ .‬إال أنه في كل‬ ‫عام ثمة تكنولوجيا وأدوات جديدة غير معروفة تجد طريقها إلى السوق‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬حتى كتابة‬ ‫هذه الوثيقة‪ ،‬تُستخدم عدة أنظمة لالقتراع تعتمد على أتمتة التسجيل و‪/‬أو عد األصوات‪ .‬وهناك أنظمة‬ ‫أخرى تقوم بالتحقق من أهلية الناخبين والتحقق من هويتهم‪ .‬كما تقوم بعض البلدان أيضا ً بتجربة‬ ‫االقتراع عبر اإلنترنت‪ .‬تهدف كل هذه الجهود إلى ضمان مصداقية العملية الديمقراطية وموثوقية‬ ‫نتائج االنتخابات‪.‬‬ ‫رغم أن هذه التكنولوجيا تفتح آفاقا ً جديدة وتمنح إمكانيات جديدة للعملية االنتخابية‪ ،‬خاصةً بالنسبة‬ ‫لعمليات االقتراع‪ ،‬غير أنها قد تنطوي على مخاطر غير متوقعة‪ ،‬كزيادة بيع األصوات أو صعوبة‬ ‫تدقيق نتائج االنتخابات ‪.‬كذلك ينبغي الحذر من مخاطر إدخال التكنولوجيا بشكل غير مالئم أو في‬ ‫وقت غير مناسب‪ ،‬خاصةً إن كان هناك احتمال التهاون في شأن الشفافية أو الملكية المحلية أو‬ ‫استدامة العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫من بين وسائل التكنولوجيا الجديدة التي تم إدخالها‪ ،‬يتركز االهتمام العام أساسا ً على تلك التي تدعم‬ ‫االقتراع اإللكتروني‪ ،‬كما أن مشروع أيس قد قام بإعداد قسم "التركيز على" لتسليط الضوء على هذا‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الموضوع‪ .‬إال أن الهدف من تناول موضوع االنتخابات والتكنولوجيا هو التعريف بالتكنولوجيا ذات‬ ‫األثر على مجموعة متنوعة من األنشطة المتعلقة بإدارة االنتخابات‪.‬‬

‫كيف تكسب العملية االنتخابية شرعيتها‬ ‫ليس هناك معنى للعملية االنتخابية في دولة ال تتمتع بديمقراطية حقيقية‪.‬‬ ‫وليس هناك نتيجة من العملية االنتخابية في دولة لم تنضج فيها التعددية الحزبية والمشاركة الحزبية‬ ‫الفاعلة والواسعة‪.‬‬ ‫وليس هناك معنى للديمقراطية بدون وعي شعبي واسع‪ ،‬يدعمه وإرادة شعبية حرة ومشاركة مسئولة‬ ‫وعقول مهتمة‪.‬‬ ‫وليس هناك معنى ألطر قانونية تصنع الديمقراطية ال تأخذ بمتطلبات وتطورات وحاجات العالم‪،‬‬ ‫فمن السذاجة السياسية واالستخفاف بالعقول أن يأتي مستبد وأن يفرض ديمقراطيته على شعب أو أن‬ ‫يعتقد أن فكرته الديمقراطية هي الحل النهائي والعالمي والوحيد لجميع الشعوب‪ ،‬وكل ما يدعى ذلك‬ ‫فهو ضرب من الجنون السياسي ومردها هالك شعب بكامله إذا أرتضى بالتضليل السياسي‪.‬‬ ‫فالديمقراطيات من صنع التطور اإلنساني والقانوني وليست نتاج أهواء ومصالح مرحلية ومزاجية‪،‬‬ ‫والعملية االنتخابية والحزبية جزء ال يتجزأ عنها‪.‬‬ ‫رغم له ال يوجد نظام انتخابي موحد لجميع الدول‪ ،‬وهذا غير واقعي‪ ،‬إال أنه هناك معايير عامة‬ ‫دولية‪ ،‬من خاللها تؤدي النم االنتخابية المتعددة نتائجها بشكل شرعي ودقيق‪.‬‬ ‫وسوف نناقش في (المبحث ‪ )5‬هذه المعايير األساسية ومصادرها الدولية‪.‬‬ ‫وفي حقيقة األمر أن عدد األصوات هو ما يكسب كل قوة سياسية ويزيد من حجم تأثيرها‪.‬‬ ‫و تهدف العملية االنتخابية إلي عدد أصوات الناخبين‪ ،‬وليس لها أي دور سياسي‪ ،‬فهي محايدة‪ ،‬غير‬ ‫منخرطة في التنافس السياسي‪ ،‬وهي جهة فنية محضة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هناك ثمان معايير دولية خاصة بعد األصوات‪ ،‬وهي‪" :‬الشفافية‪ ،‬األمن‪ ،‬المهنية‪ ،‬الدقة‪ ،‬السرية‪ ،‬دقة‬ ‫المواعيد‪ ،‬المسؤولية والعدل"‪ ) ..‬وهذه المعايير تلتزم لجان الفرز‪ ،‬وهناك طريقة قانونية متبعة في‬ ‫تشكيل لجان الفرز‪ ،‬ودور فقط عملية عد األصوات‪.‬‬

‫‪‬‬

‫تفضي عملية تسجيل الناخبين إلى التحقق من أهلية األفراد لإلدالء بأصواتهم‪ .‬وكونها إحدى المراحل‬ ‫األكثر تكلفة ووقتا ً وتعقيدا ً في العملية االنتخابية‪ ،‬فإنها تأخذ حيزا ً كبيرا ً ونصيبا ً وافرا ً من ميزانية الهيئة‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫االنتخابية ووقتها ومواردها‪ .‬وإذا ما جرت األمور بشكل صحيح‪ ،‬فإن عملية تسجيل الناخبين تضفي‬ ‫شرعية على العملية االنتخابية‪ ،‬أما أذا ما شاب نظام تسجيل الناخبين أية عيوب فإن هذه العملية بأكملها‬ ‫تصبح غير شرعية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هناك معاهدات دولية يتم التقيد بها وهي تكرس الحقوق اإلنسانية‪ ،‬والحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬وحقوق‬ ‫المرأة‪.‬‬

‫‪ ‬تفضي عملية العملية االنتخابية إلي فتح الفرصة للمواطنين لتشريح أنفسهم في مراكز السلطات العامة‪.‬‬ ‫وهناك شروط وتفاصيل متعلقة بهذا الجانب لكي تتحقق الديمقراطية وتحقق نتائجها‪ .‬وهي أيضا تحتاج‬ ‫أن يتوفر فيها مقوماتها وأن تتم بشكل صحيح من أجل أن تضفي على العملية االنتخابية شرعيتها‪.‬‬ ‫‪ ‬هناك اللجنة العليا لالنتخابات ولجان األشراف والفرز المنبثقة عنها‪ ،‬فمعيار االستقاللية‪ ،‬هو األساس‪،‬‬ ‫ويتأتى ذلك من خالل رئاسة قضاة لهذه اللجان‪ ،‬والمعروف أن رجال السلك القضائي ال ينخرطون في‬ ‫العملية السياسية الحزبية واالنتخابية في البلد‪ ،‬وال يتقلدون أي مناصب تنفيذية‪ ،‬وال يمارسون نشاطات‬ ‫ذات عائد بجانب مهامهم القضائية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أن تتم المراقبة الخارجية وهي تابعة لمختلف مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية‪ ،‬والمراقبة الداخلية‬ ‫تابعة للنظام اإلداري للجنة االنتخابات العليا‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪2‬‬

‫فلسفة الدستور‬ ‫السياس ة ضرورة إنسانية وحياتية لكل الناس ولكن بسبب االستعمار واالستبداد الموالي له أصبحت‬ ‫أشد ضروب الحياة ضراوة وخطورة‪.‬‬ ‫والكتابة والعمل فيها يحتاج إلي حكمة بالغة‪ .‬فنحن في حديثنا عندما نميز بين الحق والباطل والعدل‬ ‫والظلم والقمع والحريات والحقوق واالنتهاكات والجهل والعلم والفساد واإلصالح والدين والحياة‬ ‫فنحن نمارس السياسية‪.‬‬ ‫والهدف هو مصلحة المجتمعات والصداقة الحميمة بين الشعوب والدول وهو لب الرسالة السياسية‬ ‫الجسيمة والعظيمة‪.‬‬ ‫وال يخلوا الدستور من كل ذلك‪ ،‬حيث يعد الدستور نشاط سياسي عام وعظيم وميثاق وطني عميق‬ ‫وشريف ومسئو لية حضارية إنسانية وتاريخية‪ ،‬فهو يفيد الناس في كيفية تمثيل سيادتهم بموجب كيان‬ ‫شرعي موحد تتحقق من خالله جميع مصالح الناس ويضمن كامل حقوقهم وحرياتهم اإلنسانية‬ ‫ويجسد سلمهم االجتماعي وينظم واجباتهم اتجاه بعضهم بما يحقق سالمة الوطن والنمو المستقر و‬ ‫وينشر التعايش الطبيعي بشكل منظم وفعال‪.‬‬ ‫والعملية الحزبية واالنتخابية هي جزء من الدستور وهي آلية قانونية تمكن للناس من مباشرة حقوقهم‬ ‫السياسية والتعبير عن إرادتهم بوعي وحرية ومسئولية بشأن توجيه ممارسة السلطات العامة بالشكل‬ ‫األفضل‪.‬‬ ‫فالدستور مشروع بناء الدول‪ ،‬وهو مشروع الشعوب الدائم واألعظم‪ ،‬فيه مصيرها السياسي والوطني‬ ‫واإلنساني‪ ،‬وتشكل مكوناته وعناصرها العمود الفقري لطبيعة الحياة السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وتشكل عصب تفكيرها ونهضتها ومصيرها ‪.‬‬ ‫وهو صنعة سياسية وشعبية ويشكل أمانة الشعوب نحو أجيالها المتعاقبة‪ ،‬ويحمل في طياته مدى‬ ‫تطور الفكر والتجارب الصائبة‪ ،‬حيث ال تسير نظم الحياة القانونية إال عن طريق تنظيم ممارسة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية‪ ،‬وتحدد سبل حماية األجيال من شر داء االستبداد و وباء‬ ‫االستعمار‪.‬‬ ‫فالدساتير الناجحة ال تنسخ وال تقتبس كنصوص قانونية أو بمزاجية وعبثية‪ ،‬وإنما عند إعدادها‬ ‫وتطويرها في كل وقت البد من مسئولية البحث عن الجذور التاريخية وغرسها في مقدمته من أجل‬ ‫أن تشكل روح الشعب الالزمة في ترسيخ مكوناته ومقوماته كشجرة طيبة مغروسة في قلوب وعقول‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫فبناء الدول وممارسة الديمقراطية ليست لعبة سياسية أو كعكة السلطة كما ظن العابثين‪ ،‬و‘إنما هي‬ ‫صنعة وطنية إنسانية تاريخية ومصيرية وسياسة قانونية مشروعة‪ ،‬صنعة تبعث الروح في الدستور‬ ‫لصنع الحياة‪ ،‬كما تبعث في كيان الدولة المادي المؤسساتي أساليبها الحميدة وتنشر بين الناس‬ ‫أنفاسهم الطاهرة‪.‬‬ ‫وهي صنعة البد أن يتصدى لها أشراف القوم وعلمائهم ومسئوليهم من أجل صنع حياة مشروعة‬ ‫كاملة‪ ،‬تضم الجميع وال تفرقهم‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي كل دستور يواجه إشكالية تحديد اللجنة التأسيسية المناسبة‪ ،‬بسبب ضعف وعي الشعوب‬ ‫وقلة مشاركتها‪ ،‬بما خلفه االستعمار واالستبداد‪ ،‬فتحول الناس إلي منقادين مستفيدين وليس قياديين‬ ‫قادرين في اإلسهام وصنع الحياة‪ ،‬باإلضافة إلي تحديد طرق وزمن التفاعل والتواصل مع كل أطياف‬ ‫الشعب‪.‬‬ ‫وأول درس يفيد في حل هذه اإلشكالية هو إدراك أن زمن إعداد الدستور ليس محدد بفترة شهور‬ ‫وأيام‪ ،‬بل هو مشروع حياة‪ ،‬تحدد ساعة انطالقه‪ ،‬وتحدد فيه كل ما أتفق عليه الناس كأساس لحياتهم‬ ‫ال مناص عنه‪ ،‬ثم تبدأ عملية التحسينات واإلضافات‪ ،‬واالستعانة بكل من هو أفضل‪ ،‬وبكل ما هو‬ ‫جديد وضروري وأرقي حتى يكتمل الدستور‪ ،‬فالتعجل في إكماله غير صائب‪ ،‬والتباطؤ والمماطلة‬ ‫لهي أكبر المصائب المصيرية‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فقد وضع الدستور األمريكي في ‪0918‬‬ ‫وأستغرق أربعة سنوات حتى ‪ 0950‬عندما أعتبر دستورا كامال‪ ،‬ومن ثم شاهد سبعة شعرة تعديال‪،‬‬ ‫وهذه التعديالت الجامدة أي بموافقة ومشاركة الشعب تضيف إلي مشروعيته التاريخية‪ ،‬وأيضا مثال‬ ‫الدستور دولة جنوب أفريقيا‪ ،‬وهو يعد من الدساتير العالمية الناجحة‪ ،‬فقد بدأت كتابته في ‪0511‬‬ ‫وأكتمل في سبعة سنوات‪ ،‬وخالل السنتين األولى والثانية سمي الدستور االنتقالي‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفي تقديري السياسي‪ ،‬أيضا الزال الدستور األلماني غير مكتمل نهائيا‪ ،‬فقد أقره الشعب للجمهورية‬ ‫األولى في ‪ ،0585‬وعدله للجمهورية الثانية االتحادية في ‪ ،0550‬وال زال يطلق عليه "القانون‬ ‫األساسي"‪.‬‬ ‫وخالصة القول بأن الدستور هو أفضل منتج إداري وإنجاز حضاري توصلت إليه العقلية البشرية‪.‬‬ ‫ويمكن أن يقاس هبوط األمم وصعودها‪ ،‬أو قيام حضاراتها و زوالها ‪ ،‬بمدى فعالية وسالمة‬ ‫دستورها‪ ،‬ومدى عمق تأثيره في الواقع وفي النفوس وبين األجيال األمة‪.‬‬ ‫فأي شعب أو أمة إنسانية تعيش بدون دستور شرعي‪ ،‬إنما هي تعيش تجربة حياتية قاسية ونظام حكم‬ ‫فوضوي يقصيها عن طعم الحياة الكريمة ولذة التفاعل الحضاري وفخر صعود أصالتها ونفوذه‪.‬‬ ‫فالدستور ومراحل تعديله يعبر عن مراحل التطور ويعكس مدى صعود الشعب أو هبوطه‪.‬‬ ‫فكل تعديل سلبي يطال الدستور الشرعي أو يتسبب في إلغائه بالقوة أو إبطال مفعوله بالتضليل لهو‬ ‫أكبر مآسي الناس وأعظم خيانة لألوطان‪ ،‬وهو جرم تاريخي ال يغتفر بين األجيال‪.‬‬ ‫ولذلك من الخطأ الجسيم أن تنسخ أجزاء من الدساتير وتلصقها بدستور جديد أو عند التعديل بدون‬ ‫وعي عام وإرادة عارمة حقيقية‪ ،‬فالدساتير ال تستورد وإنما تنتج من داخل الشعوب‪ ،‬وكثيرا ما تسقيها‬ ‫دماء غزيرة‪ ،‬ويصبح التفريط فيها خيانة الشعوب إلبطالها‪.‬‬ ‫فمن العبث السياسي والطيش القانوني أن تصنع الدساتير بدون أن تنبعث من توفر وعي شعبي‬ ‫سياسي تام ومشارك وحقيقي‪ ،‬وبدون الحرص على توقد الروح الوطنية في النفوس‪ ،‬ورؤية رشيدة‬ ‫تنطلق من قيم راسخة‪ ،‬وليس من عقول العابثين الذين يظنون أن الديمقراطية لعبة سياسية والسلطة‬ ‫كعكة تحتاج للتوافقية في تقسيمها‪ ،‬و وإنما السياسة العامة وجوهرها الدستور و وسيلتها العملية‬ ‫الحزبية واالنتخابية البد دوما أن تكون من خالل عمليات علمية مستندة على إستراتيجية تصنعها‬ ‫رؤية مصيرية‪ ،‬تنجلي من خاللها أهداف ثابتة و واضحة‪ ،‬وقيم متوافقة تخلق منهجية مشروعة تحقق‬ ‫المهام الالزمة بفعالية‪.‬‬ ‫فقد تطور العقل األوربي بعد قرون من الظلمات والصراعات الدامية القاسية‪ ،‬ولم يكون هناك ما‬ ‫يجمعهم إال سياسة خارجية موحدة تحفظ سيادة النظام الحاكم ضد عدوا اتفقوا عليه‪ ،‬وبعدما تحقق لهم‬ ‫النصر‪ ،‬وانفتحوا على حضارة عدوهم بعد انغالق دام عشرة قرون‪ ،‬وبدأت لهم إنجازات علمية‬ ‫وفلسفية وإنسانية شتى‪ ،‬ومن خالل حركة المستشرقين والتراجم والتحوير‪ ،‬تحقق تطورات فكرية‬ ‫عديدة أثرت حياة الغرب بعد همجية شديدة‪ ،‬فكان من أهم ما أخذوا و وظفوا هو "العقد االجتماعي" و‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫"حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬والنظام االتحادي‪ ، ،‬و وظفوه بطريقتهم الخاصة‪ ،‬وأضافوا إليه‬ ‫مما يجعله غربيا خاصا وال عالقة له بالعرب واإلسالم‪ .‬ولم تجد هذه التطورات الفكرية قبوال‬ ‫فحاربتها الكنسية مما تسبب في ظهور "العلمانية" لفصل العلم عن الدين‪ ،‬وترك النهضة تأخذ‬ ‫مجراها‪ ،‬وسادت السلطة الزمنية بشكل مطلق نسبيا عن الكنسية‪ ،‬إلي أن جاءت الحروب القومية‬ ‫مطالبة بتأسيس سيادة الدولة على القومية مالك اإلقليم وليس الكنسية أو الدين‪ ،‬ثم جاء تطور التنظيم‬ ‫السياسي الذي أنبعث من نهضة فكرية حلتها المعرفة من الحضارة اإلسالم بداء من سقوط أولى‬ ‫واليات األندلس‪ ،‬وبدأت عملية تحليل النظام السياسي لتلك الدولة الكبرى المعادية‪ ،‬فظهر العقد‬ ‫االجتماعي‪ ،‬والنظام السياسي االتحادي‪ ،‬وحق الشعوب في تقرير المصير‪ ،‬وكان النظام السياسي في‬ ‫كل دول أوروبا إمبراطوري‪ ،‬يستند على حق الملوك في تقرير مصير الشعوب‪ ،‬وال وجود لعقد‬ ‫اجتماعي‪ ،‬وامتالك اإلمبراطور أو الملك لكل األقاليم التي تسقط في حروبه التوسعية‪ ،‬فكانت الثورة‬ ‫الفرنسية واستقالل الواليات المتحدة ومن ثم الربيع األوربي ‪ ،0121‬وكانت ثورات الشعوب بداية‬ ‫للديمقراطية المعاصرة‪ .‬والزالت الشعوب تعاني مسألة حماية السيادة وتنظيم السلطات‪ ،‬وما زال‬ ‫االستعمار يستخدم نظم االستبداد للتوسع وكسب المصالح بسهولة‪ ،‬فيستخدم أشرار القوم كموالة‬ ‫فيضلل الناس في كثير من المفاهيم ويقودهم لالنحراف الفكري والسياسي‪ ،‬فتضيع أهم منجزاتهم‬ ‫وهي‪ :‬العقد االجتماعي أي وجبات وحقوق الحكام والمحكومين‪ ،‬والوصول السلمي للسلطة بتحكيم‬ ‫الناس‪ ،‬وحق الشعب في تقرير مصيرهم أي شكل دولتهم التي تحفظ سيادتهم فالناس أحرار وليسوا‬ ‫عبيد عند سادة القوم وللقصير أو إمبراطور‪.‬‬ ‫ومن ظهرت إرادتين متصارعتين وهما اإلرادة الشعبية التي ترغب في التحرر واإلرادة السياسية‬ ‫التي ترغب في التحكم‪.‬‬ ‫وكان البد من دستور يحدد مقومات وعناصر العالقة بين الشعب والسلطات‪.‬‬ ‫وظهرا فكرة المؤسسات أي تتحول السلطة إلي مؤسسة متخصصة‪ ،‬منفصلة في قيادتها ومهامها عن‬ ‫األخرى‪ ،‬وتطورت نظرية "فصل السلطات"‪ ،‬وهي نظرية إسالمية محضة‪ ،‬ولعلى نظام قضاء‬ ‫اإلسالمي وصالحية محاكمته للحاكم‪ ،‬ما فجر هذه النظرية في عقول فالسفة األوربيين بعد قرون من‬ ‫تجارب التطبيق والنجاح‪.‬‬ ‫وهكذا بدأت مقومات وعناصر الدستور تتبلور في عقول الناس‪ ،‬وبدأت معارك الدستور تحتل أبرز‬ ‫مكانة في تاريخ الشعوب‪ ،‬وما الربيع العربي ‪ 2100‬ببعيد‪ ،‬فكان مطلب دستور نابع من إرادة‬ ‫الشعوب ودولة عادلة وحياة كريمة وحريات سياسية وإصالحات اقتصادية وثقافة جيدة مطالب‬ ‫ضحت الشعوب بأفذاذ أكبادها من أجلها‪ ،‬وفقدت أعز ما تملك من شبابها‪ ،‬وسكت دماء زكية وانتهكت‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أعراض عدوا وظلما‪ ،‬من قبل نظم مستبدة تريد استعباد الناس‪ ،‬ونهب ثرواتهم وتضليلهم الفكري‬ ‫واالستخفاف السياسي والطغيان العسكري‪.‬‬ ‫فالدستور النابع من الشعب هو شجرة طيبة تحتاج الشعوب لتضحيات ثمينة ولجهود مكثفة وعقول‬ ‫واعية من أجل اقتالع "شجرة االستبداد الخبيثة" من جذورها‪ ،‬لكي يكون هناك مجاال لشجرة‬ ‫الدستور أن تنمو وتجد عقول تسقيها وسواعد تحميها وأجيال تقطف ثمارها وتتوسع في انتشارها‪.‬‬ ‫فاالستبداد شجرة خبيثة تتوسع في األرض كالنار في الهشيم‪ .‬تقتل كل مقومات وعناصر الحياة الطيبة‬ ‫بين الناس‪.‬‬ ‫ولذلك كثيرون من يصفون بأن الدستور هو مشروع وطني إنساني تاريخي‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن يغرس الشعب منابع الخير في مطلع دستوره‪ ،‬فيظهر هويته التي على أساسها‬ ‫هو جدير بالحياة فوق أرضه‪ ،‬ويظهر تجربة تاريخه ونضاله الوطني الذي جاء من خالله دستور‬ ‫حياتهم الجديدة‪ .‬والبد أن يكون مقدمته تدفع األجيال قدما لحماية دستورهم وإدراك ثمنه وعواقب‬ ‫ضياعه‪ ،‬فهو ليس كتاب عادي أجوف يقرأ بشكل عارض ويرمى جانبا‪ ،‬بل هو قائمة واجبات وحقوق‬ ‫البد أن يحاسب عليها المرء وكل بيت وكل مؤسسة يوميا‪ ،‬وتقييم الكفاءات على أساس معيار الوطنية‬ ‫المقاس بمعدل إنتاجية كل فرد ومؤسسة وحسن األداء والتدقيق في المصداقية ومدى المسئولية قبل‬ ‫أي معايير فنية أخرى‪.‬‬ ‫فإذا نجحت الشعوب في صنع قيادتها الوطنية نجحت في صنع حياتها وضمان مستقبل أجيالها‪.‬‬ ‫وبالطبع هذا أمر‪ ،‬صعب للغاية‪ ،‬ولكنه ملزم وال مناص عنه‪ ،‬وال يجوز التالعب فيه لمصلحة ذاتية‬ ‫زائلة‪.‬‬ ‫وهذا أمانة الشعوب في الحياة‪ ،‬فوراء كل دستور رسالة‪ ،‬والشعوب الغافلة والمتخلفة يحدد لها الحكام‬ ‫رسالتها في الحياة‪ ،‬ويكتبوا لها نظام حياتهم‪ ،‬ويحددوا لهم وجباتهم اتجاه من يحكمهم‪ ،‬ويجودوا عليهم‬ ‫بفتات الحقوق والحريات‪ ،‬وتكون لمعالي القوم فقط‪ ،‬وتظهر دولة‪-‬الحقراء يقودها أمناء على الفساد‬ ‫و سفراء للشر‪ ،‬فيطول قهر الشعوب‪ ،‬ويعيش الناس دهر يمنع فيه الكالم الطيب وتكمم الناس أفواه‬ ‫بعضها‪ ،‬وتحرم السياسة على األشراف وتترك لإلتباع فيزيد التضليل وينتشر القمع‪ ،‬ويصم السمع فال‬ ‫يميز العدل عن الظلم‪ ،‬وتكف األعين فال تبصر الحق وال تحزن عن باطل ‪ ،‬وتعمى البصائر فال ترى‬ ‫للدين مجاال في الحياة‪.‬‬ ‫فالدستور تصنعه الشعوب وتنتج من خالله أفضل من يحكم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدستور تاج تضعه الشعوب على رأسها عندما تبيد كل غفلة وتقهر كل تخلف وتجتث كل مستبد‪.‬‬ ‫فتحاسب كل مضلل وتمنع كل ظالم لكي ال يسقط التاج عن رؤوس األجيال‪ ،‬فاألشرار للفساد والفتن‬ ‫وال قتل كالهشيم للنار‪ ،‬تقضي على كل خير وتقتل األخيار‪ ،‬وهي في لحظة تكون تقتل نفسها من حيث‬ ‫ال تدري‪ ،‬فإذا ما انتهى الفساد وجدت ما تبقى من األشرار نفسها مشوهة‪ ،‬فالبد من دستور يحفظ‬ ‫القانون الطبيعي للحياة‪ ،‬ويمنع التكرار‪.‬‬ ‫ونستعرض في هذا الفصل‪ ،‬المعادلة الدستورية‪ ،‬وروح بعض الدساتير العالمية‪.‬‬ ‫فالدستور الحي والنابع عن إرادة شعبية واسعة‪ ،‬هو دستور سيكون حاضرا في القلوب‪ ،‬ماثال لكل‬ ‫األعين‪ ،‬ونفسيا عند كل األجيال‪.‬‬ ‫ولقد قللت الشعوب العربية من القيمة الحقيقة لإلدارة‪ ،‬وعبر القرون الماضية الطويلة‪ ،‬لم االهتمام‬ ‫الحقيقي باإلدارة ف تتبع تطوراتها وتجسدها في حياتها بما يضمن تميزها وبمنع تخلفها‪ ،‬وما أخشاه‬ ‫أيضا أن يقلل العرب من القيمة الحقيقة للدستور‪ ،‬أو يسأ فهمه وتطبيقه كما حدث مع اإلدارة‪،‬‬ ‫فالحضارة واإلدارة وجهان لعملة واحدة‪.‬‬ ‫وترتبط اإلدارة العامة ومكونات الدستور بعالقة عضوية‪ ،‬من شأنها أن تحقق أفضل المؤسسات‬ ‫والسياسات والممارسات‪..‬‬

‫مطلب ‪ :0‬معادلة الشرعية الدستورية‬ ‫تتركب معادلة وضع الدستور من ثالثة مراحل دقيقة للغاية‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬ ‫الصياغة القانونية‪------‬التوظيف السياسي ‪ ------‬ممارسة اإلرادة الشعبية‬ ‫ويتبع مثل هذه المراحل حسب الترتيب المنطقي لها من أجل الشرعية الدستورية‪.‬‬ ‫والمالحظ أن هناك طريقتين تحدث بحكم الواقع‪ ،‬وهذا ما دفعنا لتحديد المعادلة أو الترتيب المنطقي‬ ‫للمراحل المشار إليه‪.‬‬ ‫حيث‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬طريقة إعداد غير شرعية‪ :‬حيث ما يحدث أن في اإليديولوجية أو نظام الحاكم المهيمن أن يغيب‬ ‫دور اإلرادة الشعبية الحقيقية‪ ،‬فيقوم الحاكم بشكل أو أخر بممارسة سلطاته أو أن تستخدم إيديولوجية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بشكل أو أخر في عملية التوظيف السياسي لمكونات وعناصر الدستور‪ ،‬وتستغل الصياغة القانونية‬ ‫عبر مأجورين أو غير مدركين للنظريات والسياسية وأبعادها في سبك ما تحتاجه عملية التوظيف‬ ‫السياسي‪ ،‬وتتولى لجنة الصياغة حبك الثغرات والمبررات القانونية‪ ،‬بحيث تتحقق للحاكم والنظام‬ ‫السياسي المهيمن ممارسة "إرادة سياسية مطلقة" على حساب "اإلرادة الشعبية" الغائبة‪ ،‬ومن ثم تبدأ‬ ‫مرحلة االستخفاف والطاعة العمياء‪ ،‬وهو مبتغى كل إيديولوجية‪.‬‬ ‫وترتكز هذه الطريقة الغير شرعية على توظيف الصياغة القانونية في تحريف وتشويه مكون‬ ‫"السلطة القضائية"‪ ،‬حيث فساد هذا المكون يفسح المجال لقيام دولة االستبداد والفساد وتقنين لكل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬طريقة اإلعداد الشرعية‪ :‬وهي تتم عن طريق أوال‪ ،‬تأكيد وجود ومشاركة إرادة شعبية حقيقية‬ ‫وأن تلعب دورها فعال‪ ،‬فتحرص على توعية الشعب‪ ،‬وتعمل من خالل التوعية أن تجعل الدستور‬ ‫نابع من وجدانه‪ ،‬وإيجاد كل ما يلزم من معطيات تاريخية ومبادئ وقيم وأهداف وهموم ومعالجات‬ ‫وتحديات بحيث للدستور مكانة في النفوس ومسئولية تاريخية وإنسانية وقدسية في حمايته‪ ، ،‬ثانيا‪،‬‬ ‫تأسيس لجنة وطنية لوضع مسودة الدستور بوعي سياسي وكفاءة مشهودة‪ ،‬على أساس المسئولية‬ ‫الوطنية التامة‪ ،‬وهذا يتطلب أن تكون مجردة من االنتماءات والمصالح المختلفة‪ ،‬وعدم االنخراط في‬ ‫االنتماء أو العمل القيادي بنظام سياسي ضلل الشعب وأضر بالبلد والناس‪ ،‬ثالثا‪ ،‬تأتي عملية الصياغة‬ ‫القانونية وهي عملية فنية يصوغ فيها القانونين المقاصد والمفاهيم حسب التوظيف السياسي الذي تم‬ ‫من خالل مرحلتي التوعية والمشاركة ولجنة التأسيس‪ ،‬ومرحلة الصياغة هي لجنة أو جزء من‬ ‫المرحلة التأسيسية ولكنها تلعب دور محايد من أجل أن تنجز الصياغة حسب مخرجات عملية التوعية‬ ‫والمشاركة وتفاعل المجتمع مع لجان اللجنة التأسيسية وهي لجان اقتصادية وسياسية‪ ،‬واجتماعية‪،‬‬ ‫وثقافية‪ ،‬واللجنة القضائية‪ ،‬ولجنة الصياغة‪ ..‬من أجل عملية أحكام الصياغة القانونية ‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫يعمل القضاء على أساسها‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان في الطريقة الشرعية أن تكون هناك لجنة قضائية‪ ،‬مشكلة من شرفاء القضاة‪،‬‬ ‫لتحقيق استقاللية القضاء وكل ما يحتاجه من معطيات‪ ،‬فإن الدستور الشرعي يلعب فيه القضاء‬ ‫الدستوري وسلطة القضاء دورا هاما‪ ،‬فالدولة الصالحة قوامها العدل‪.‬‬ ‫ثم تأتي المرحلة الحاسمة وهي المشروعية النهائية للدستور عن طريق االستفتاء العام‪.‬‬ ‫وعلى الشعب أن يدرك حقيقة وجود إرادته الحرة‪ ،‬وجوهر عملية التوظيف السياسي ‪ ،‬ودقة وترتيب‬ ‫المراحل السابقة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويعتبر "التوظيف السياسي" عملية محورية في إعداد الدستور‪ ،‬وقد تجري بمشاركة الشعب أو من‬ ‫خلف الكواليس في غيابه أو بأحد طرق االستخفاف القيادي‪ ،‬فهناك مكونات وعناصر دستورية‬ ‫عديدة‪ ،‬البد للعشب أن يقول كلمته فيها بوعي ومسئولية‪.‬‬ ‫ولكي يعطي الشعب هذا الدور البد أن يكتسب كل معلومة ورأي وحدث حول صناعة الدستور‪.‬‬ ‫وسنجد في هذا الكتاب كثيرا مما يلزم ويفيد في عملية التوظيف السياسية السليمة‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬التقاليد القانونية العاملية‬ ‫لقد نظرت فيما قدمته شبكة المعرفة االنتخابية‪ ،‬بشأن بحثها في التقاليد القانونية التي تعد أصل‬ ‫ومرجعية لتكوين أطر قوانينها ونظام حياتها‪.‬‬ ‫وأردت هنا أن نوضح للمواطن العربي أن اعتماد "اإلسالم مصدر التشريع وقواعد في إنشاء‬ ‫القوانين"‪ ،‬هو شأن تاريخي متعارف عليه عالميا‪ ،‬وهو وأجب لكي ال تخرج األمة عن أسرتها‬ ‫القانونية المميزة‪ ،‬وتكون في مهب مختلف القواعد األخرى تأخذ من هذا وذاك بدون أصل عائلي‬ ‫قانوني يحدد هويتها بدقة راسخة‪.‬‬ ‫وأن الدساتير في األصل جذورها القانونية دينية‪.‬‬ ‫السؤال دائما عن البدائل عما تستطيع الدولة تتبعه في نص أو أسلوب أو كيفية صوغ معينة‪.‬‬ ‫من األهمية بمكان أن أسرد الرأي العالمي بشأن تحليل التقاليد القانونية في شأن ممارسة الحقوق‬ ‫السياسية‪ ،‬حيث عن مجموعات وأسر قانونية عالمية متعددة‪ ،‬وال يوجد دوليا ما يمنع دولة ما أن‬ ‫تكيف التوجيهات الدولية حسب أصول قوانينها‪.‬‬ ‫وهذا مفيد في صياغة الدستور واالنتخابات واألحزاب السياسية فكلها حقوق سياسية مدنية عامة‪.‬‬ ‫ومفيد في االستفادة من األحكام ومبادئه ومقاصده في الدستور وفي كافة القواعد القانونية ‪.‬‬ ‫هناك بعض الفئات العامة التي تبرز من النظم القانونية المختلفة في أي بلد أو أي وقت ‪ .‬ويجري‬ ‫تقاسمها من قبل مجموعة معينة أو كاملة من األنظمة مما يجعل من الممكن تحديد الفئات أو األسر‬ ‫القانونية المختلفة ‪.‬وبمعنى آخر ‪ ،‬فإنه من منطلق التقاليد القانونية التي يتبعها كل نظام قانوني يمكننا‬ ‫الحديث عن فئة أو عائلة قانونية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن النظام القانوني الوطني قد ينتمي لفئة أو عائلة قانونية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫محددة ‪ ،‬وفي الوقت ذاته ‪ ،‬فإن من الممكن‪ ،‬على مستوى االختصاص والسلطان القضائي المحلي أو‬ ‫المجتمعي‪ ،‬أن نالحظ هناك أيضا ً وجود نظام قانوني مختلف ينتمي إلى تقاليد قانونية مختلفة ‪.‬‬ ‫وتعتبر كندا بمثابة مثال على هذه الحالة‪ :‬حيث أن نظامها الوطني ينتمي إلى تقاليد القانون العام‪ ،‬في‬ ‫حين أن النظام في مقاطعة كوبيك ينتمي إلى تقاليد القانون المدني‪ .‬كما يمكن العثور على أمثلة أخرى‬ ‫بين مختلف بلدان أمريكا الالتينية التي تحتوي على أناس من أجناس السكان األصليين ‪ ،‬حيث تنتمي‬ ‫نظمها الوطنية لفئة أو عائلة القانون المدني ‪ ،‬وفي الوقت ذاته وبشكل متزامن‪ ،‬فإنه يحصل في‬ ‫الواليات القضائية اإلقليمية األدنى مستوى ‪ ،‬أن يجري تطبيق ما يـُس َّمى قانون األعراف األصلية في‬ ‫المسائل االنتخابية أيضا‪.‬‬ ‫وفي الواقع ‪ ،‬فإن هناك عدة ُزمـر أو عائالت قانونية مستمدة من أصل أو ماض مشترك ‪ ،‬أو من‬ ‫مؤسسات متماثلة ‪ ،‬أو من رموز لغوية أو مفاهيم مشتركة ‪ ،‬أو بحكم التشابه في مصادر القانون ‪ ،‬أو‬ ‫من مجتمع اإلجراءات واألساليب أو التقنيات التي يستخدمها فقهاء القانون والقضاء‪ ،‬أو من المبادئ‬ ‫الفلسفية أو االقتصادية أو السياسية المتشابهة والتي يتشكل منها كل نظام قانوني‪.‬‬ ‫وتعتبر معرفة الزمرة أو العائلة القانونية التي ينتمي إليها كل نظام قانوني وطني ذات فائدة في توسيع‬ ‫وجهة نظر المؤسسة أو العملية االنتخابية الموضوعة قيد الدراسة والتحليل ‪ ،‬فضالً عن إمكانية‬ ‫وفهـم متعمق للفوارق واالختالفات التي تميز كل‬ ‫الحصول على مقاربة أكثر إنارة وأوثق جدارة ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نظام قانوني عن غيره‪.‬‬ ‫وحيث أن الدراسة يجب أن تأخذ في الحسبان نوع األسرة أو الزمرة التي ينتمي إليها النظام القانوني‬ ‫وضرورة دراسة منظومة سياقاتها الثقافية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬فإن ترجمة المصطلحات لن‬ ‫تخلو من أي انتقاد‪ ،‬كما لن تصبح مسلما ً بها بصورة تلقائية‪ ،‬سواء كان ذلك لتجريد نظام قانوني معين‬ ‫من األهلية أم ال ‪ ،‬عند محاولة دراسة أو شرح أو فهم للمؤسسات أو الوسائل أو العمليات االنتخابية‬ ‫في بلد محدد أو لمجموعة معينة من البلدان‪.‬‬ ‫كما أن فئات أو عائالت القانون المدني الروماني ‪-‬الجرماني ‪ ،‬وأسر القانون الروماني الديني ‪ ،‬أو‬ ‫عائالت القانون المدني ‪ ،‬تجد أصولها في القانون الروماني (اللوائح االثنتا عشرة ‪ ،‬مجموعة القوانين‬ ‫المدنية) ‪ ، (Corpus Iuris Civile‬ومجموعة الشرائع الكنسية ‪ ((Corpus Iuris Canonici‬كما‬ ‫أنها تأثرت حقيقة بالقانون الديني الكنسي ‪.‬كما تم إثراؤها بفعل إسهامات المعلقين وتعقيبات الالحقين‬ ‫أو "ما بعد المعلقين" ‪ ،‬وأعمال الفقهاء القانونيين في الجامعات الالتينية‪-‬الجرمانية‪ .‬وبهذه الطريقة‪،‬‬ ‫تشكل هناك ما يُس َّمى مجموعة القانون العام‪ .‬ومن خالل عمليات تدوين القوانين الالحقة‪ ،‬والتي‬ ‫اشتـُـق منها العديد من القوانين المدنية والتجارية والقوانين الجنائية أو اإلجرائية ‪ ،‬والتي جرى‬ ‫تمريرها لتشكيل القوانين الوطنية وصوالً الى إنشاء الدساتير ‪.‬وفي مثل هذه األسرة القانونية‪ ،‬فقد تم‬ ‫تفضيل اختيار تطوير القوانين المدنية وتدوين األحكام القانونية على أسس العدل والمساواة ‪.‬وينتمي‬ ‫لهذه العائلة القانونية فئة قوانين منطقة البلدان االسكندنافية ‪ ،‬وأمريكا الالتينية ‪ ،‬والعديد من األقطار‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األفريقية التي كانت في السابق في عداد مستعمرات بلدان القارة األوروبية‪ ،‬كما تنتمي لهذه العائلة‬ ‫القانونية بصورة مبدئية مختلف النظم القانونية القائمة في عدة دول بالقارة األوروبية أيضا ً ‪.‬‬ ‫وخالل القرن الحادي عشر ‪ ،‬ظهرت في انكلترا مجموعة أحكام القانون العام‪ .‬وكان هذا التقليد‬ ‫القانوني قد انتشر على نطاق واسع في غالبية البلدان الناطقة باالنكليزية‪ .‬ويتميز هذا التقليد القانوني‬ ‫بإنشاء األحكام القانونية المستقاة من القرارات القضائية‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن النظام يتبع السوابق‬ ‫القضائية التي تتلقى من خاللها قضية قضائية نفس الحل القانوني المقرر في حالة سابقة‪ ،‬ومماثلة لها‪.‬‬ ‫ولذلك ‪ ،‬فإنه على النقيض من األسر القانونية التي تفضل خلق التشريعات ‪ ،‬فإن القانون العام‬ ‫اإلنجليزي يـُعتبر بمثابة محصلة نتاج وعمل القضاة ‪.‬وبصورة رئيسية ‪ ،‬فقد سعت كل من المملكة‬ ‫المتحدة ‪ ،‬والواليات المتحدة "‪ ،‬وبعض البلدان من أصول إفريقية ‪ ،‬وأمريكية والدول المحيطية‬ ‫التابعة لنظام الكومنولث القانوني إلى احتضان وتبني هذه العائلة القانونية‪ .‬وتعمل معظم هذه الدول‬ ‫على تطبيق القانون اإلنجليزي ‪ ،‬وتعترف بعاهل المملكة المتحدة رئيسا ً لكل دولة من تلك الدول‪.‬‬ ‫ونظرا ً ألن النظم الدينية ال تشترك في تقليد قضائي موحد فيما بينها‪ ،‬فإنها ال تشكل أسرة قانونية في‬ ‫حد ذاتها ‪.‬وتتمثل الميزة الرابطة الوحيدة بينها في الطابع الديني أو الفلسفي لقانونها ‪ ،‬حيث يـُـعتبر‬ ‫القانون والدين فيها مترادفين بصورة عملية‪ .‬وفي مختلف النظم التي تنتمي إلى هذا التقليد ‪ ،‬فإن‬ ‫تطبيق هذا الخليط من قواعد السلوك ينطبق على مواضيع معينة‪ ،‬مثل القانون الهندوسي أو القانون‬ ‫البر أهماني ‪ ،‬المتبع في مناطق شاسعة من أنحاء الهند ‪ ،‬أو القانون العبري الذي تتمسك به الجاليات‬ ‫اليهودية األرثوذكسية المنتشرة في العديد من البلدان‪.‬‬ ‫وعلى كل ‪ ،‬فإن هناك عددا ً غفيرا ً من البلدان التي تعتنق وتمارس غالبية المواطنين فيها الدين‬ ‫االسالمي‪ ،‬وتشارك بصورة فعالة في الثقافة والتقاليد القانونية ‪ ،‬وبالتالي فإن من الممكن دمجها‬ ‫وإلحاقها في األسرة القانونية اإلسالمية ‪.‬ويجري إخضاع وإقرار كل مجال من مجاالت القانون‬ ‫اإلسالمي من خالل قوانين الدولة ‪.‬ويعود أصل القانون اإلسالمي إلى القرن السابع الميالدي ‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي أتى فيه النبي دمحم (ص) برسالة القرآن ‪ ،‬وهو الكتاب الذي يشتمل على جملة العقائد‬ ‫والمبادئ التي تحكم المنظمات االجتماعية والدينية لمختلف شعوب األمة اإلسالمية (المتواجدة‬ ‫بصورة رئيسية في شمال أفريقيا والشرق األوسط وآسيا الوسطى والشمالية وأوقيانوسيا الشمالية‬

‫مطلب ‪ :3‬الفلسفة العملية للدساتري العاملية‬ ‫ينصح أن تقوم الشعوب بالتفسير السياسي لدساتير الشعوب األخرى‪ ،‬أن يلعب اإلعالم هذا الدور‪،‬‬ ‫فهو يساعد في نمو الوعي‪ ،‬وتمسك الشعوب بدستورها‪ ،‬ومعرفة قيمته وكافة معطياته‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫في حقيقة األمر مثل هذا الدور محرم في دول االستبداد ألنه يكشف حقيقة دساتيرها وممارستها‬ ‫المزورة‪.‬‬ ‫والبد أن نعرف أن كل قانون أو قرار أو سياسة عامة تخضع لمناقشة دستورية منذ بداية كل إجراء‬ ‫وحتى إنجازه‪ ،‬والمراقبة التشريعية والدستورية مستمرة‪.‬‬ ‫ولذلك استطاعت الدول المتقدمة أن تنجز الكثير ‪ ،‬في حين كانت سياسية االشتراكية والعلمانية‬ ‫العربية تجيد الكذب والتضليل والتبعية المحرمة‪.‬‬ ‫فدعنا اآلن نناقش بعض من الدساتير لكي نبرز أهمي ذلك‪ ،‬ومن أجل أن نبرز بعض الحقائق منها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫أن وراء كل دستور فلسفة ورؤية سياسية أرتكز عليها الدستور‪ ،‬علما بأن السياسي ال يمكن‬ ‫أن تكون له رؤية ما لم تكون له فلسفة مكتسبة من قدراته على تفسير على الرؤى السائدة‬ ‫والحكم عليها والبحث عن فلسفته المنافسين التي قادتهم لمثل هذه الرؤى‪ ،‬وما يمكن أن‬ ‫تصنعه هذه الرؤى من أهداف‪ ،‬وهذا يساعد الساسة والشعوب على فهم المهام الموجهة‬ ‫ضدهم‪ ،‬والتنبؤ بالمواقف المتوقعة‪.‬‬ ‫أن الرؤية الواضحة تصنع الدستور وتجعل الشعب متمسك ويشعر بقيمته وأنه نابع عن‬ ‫إرادته ويمثل سيادته‪ .‬فالشعوب التي ال تصنع رؤية وتعيش في ضوءها‪ ،‬هي شعوب تعيش‬ ‫في الظالم وما يقتبس من نور الدول المتقدمة ذات الرؤى العالمية‪.‬‬ ‫أن جميع الدساتير‪ ،‬وإن اختلفت طرق الصياغة‪ ،‬فأنها جميعا لها تركيبة واحدة‪ ،‬تتكون من‬ ‫مكون ات محددة‪ ،‬وهي مكون الدولة أو السيادة‪ ،‬مكون حقوق الشعب‪ ،‬مكون السلطة التنفيذية‪،‬‬ ‫مكون السلطة التشريعية‪ ،‬مكون السلطة القضائية‪ ،‬ومكون التقسيم اإلداري أو اإلدارة‬ ‫المحلية‪.‬‬ ‫هناك مسألة تحديد االختصاصات‪ ،‬وهي اختصاصات رئيس الدولة‪ ،‬واختصاصات الحكومة‪،‬‬ ‫واختصاصات البرلمان‪ ،‬واختصاصات القضاء والمحكمة الدستورية‪ ،‬ومسألة العالقة بين‬ ‫هذه السلطات العامة‪ ،‬وبين السلطات المحلية‪.‬‬

‫فلسفة الدستور الفرنسي‬ ‫صدر أخر تعديل للدستور الفرنسي في ‪ 8‬أكتوبر ‪ ،0591‬وهو ما نستند عليه في هذا التفسير والحكم‬ ‫الفلسفي العلمي‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث يرتكز الدستور الفرنسي على النظام السياسي الرئاسي‪ ،‬والتنظيم االشتراكي العلماني‪ ،‬ويحدد‬ ‫روحه الوطنية على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬أي وضع دستورها الذي يعبر عن سيادتها‬ ‫الكاملة واستقاللها الدائم ومشروعية إدارة شئونها حياتها‪.‬‬ ‫ولذلك انطلقت في مقدمة الدستور‪ ،‬وليان مصدر مشروعيته‪ ،‬وهو الشعب والحدث التاريخي وهو‬ ‫إعالن حقوق الشعب حسب الثورة الفرنسية ‪.0915‬‬ ‫يتكون الدستور الفرنسي من أثنى عشر مكون‪ ،‬ويطلق على كل مكون مسمى "باب"‪ ،‬وهي تشمل‪:‬‬ ‫‪ .0‬مقدمة ‪ :‬وفي تقديري‪ ،‬هذا تمهيد أساسي ملزم‪ ،‬فهو يعبر عن ميثاق وطني وتعهد‪ ،‬ويوضح‬ ‫المنطلقات السياسية‪ ،‬وقيم المجتمع ومبادئه‪ ،‬حيث نجاح النظرية الدستورية هو أن تجعل‬ ‫الدستور نابع من وجدان لشعوب‪ ،‬وتشعر بأنه أساس حياتها‪ ،‬ويعبر عنها فعال‪ ،‬لكي تعطيه‬ ‫قدسيته الوطنية والمسئولية المصيرية‪ ،‬وتتشكل األمة عندما تصل إلي أعلى مستوى‬ ‫االعتزاز والتوافق الجماعي بنظام حياتها الدائم‪ .‬يعكس الدستور مبادئه األساسية‪ ،‬كمرتكزات‬ ‫من أجل التوعية السياسية والمسئولية الوطنية ويظهر الحقيقة التاريخية وتطورها‪ ،‬من أجل‬ ‫تمام المشروعية وتحميل أجيال أمانة حمايته وبروز منطلقه وحاجة الشعب إليه عبر األجيال‬ ‫المتعاقبة‪ ،‬وهي‪ :‬إعالن مصدر المشروعية الثورة الفرنسية ‪ ،0915‬مبدأ حقوق اإلنسان‪ ،‬مبدأ‬ ‫السيادة الوطنية‪ ،‬مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬مبدأ المساواة والتضامن بين الشعوب‬ ‫المتحالفة أو المتعاهدة‪ ،‬مبدأ الحرية المساواة و اإلخاء على األساس االشتراكي‪.‬‬ ‫‪ .2‬مكون السيادة‪ :‬ونظرا للحقيقة التاريخية فإن السيادة بمعنى الوحدة الوطنية واالستقالل هما‬ ‫روح الدولة حسب هذا الدستور‪ ،‬ونجد بعد ذلك أن أول مهام رئيس الدولة هو السهر على‬ ‫حماية هذه السيادة‪ ،‬ثم تناول هذا المكون عنصر "التنظيم السياسي" وتم تحديد بالنظام‬ ‫االشتراكي‪ ،‬وبروح علمانية صريحة‪ ،‬وهنا ظهر جوهر الدستور‪ ،‬في مواده ‪ .3 ،0،2‬وتطلب‬ ‫تحديد ممارسة السلطات أي "االختصاصات" بدقة‪ ،‬وظهرت الحاجة لمكون العالقة بين‬ ‫السلطات العامة‪.‬‬ ‫‪ .3‬مكون رئاسة الدولة‪ :‬في حقيقة األمر‪ ،‬ارتكز الدستور على النظام الرئاسي بامتياز‪ ،‬ومبعث‬ ‫المبرر لكل باحث سياسي‪ ،‬بأن الدستور وضع نظام انتخابي واسع‪ ،‬وبذلك برر مثل‬ ‫صالحيات كبيرة‪ ،‬كما أنه كما ذكرنا أن تاريخ الدولة والقارة عامل مؤثر‪ .‬وقد تناولت مواد‬ ‫كثيرة صالحيات رئيس الجمهورية بشكل مفصل‪ .‬وتعتبر صالحيات رئيس الدولة مكون‬ ‫عضوي مستقل‪ ،‬كالجهاز العصبي في جسم اإلنسان‪ ،‬وله عدة عناصر مفصلية‪ ،‬تحدد طبيعة‬ ‫عمل هذا النظام العضوي لكيان الدولة‪ .‬ويمكن أن نلخص هذه الصالحيات الواسعة فيما يلي‪:‬‬ ‫(المهام الرئيسة)‪ ،‬السهر على ضمان سيادة الدولة‪ ،‬واحترام الدستور‪ ،‬وضمان الوحدة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الوطنية‪ ،‬وسالمة سير السلطات العامة‪ ،‬وهذا عرف دستوري‪ ،‬يحدد فيه المهمة الرئيسة‪،‬‬ ‫وهي تعبر عن مسألة الوطنية والمسئولية التاريخية‪ ،‬فرئيس الدولة هو رمز مصداقيتها‬ ‫الوطنية‪ ،‬وحمايته للدستور ولسالمة للوطن ولمصالح الناس‪ ،‬وهذا ما أدى للحاجة إليه‪،‬‬ ‫ويعفى من منصبه حال فشله‪ ،‬وإن لم يذكر صراحة ولكن معنى التعهد أو القسم الدستوري أو‬ ‫تكليفه بذلك ضمنيا هو المقصود دستوريا وشرعيا ‪ )2( .‬التعيينات‪ ،‬فهو المسئول األول على‬ ‫كافة التعيينات في وظائف الدولة المدنية والعسكرية‪ ،‬وتشمل تعين رئيس الوزراء من‬ ‫ضمنهم بالطيع وزير الدفاع حسب روح الدستور‪ ،‬وأعضاء الحكومة‪ ،‬والسفراء والمندوبين‬ ‫بالخارج‪ ،‬وشملت مسألة إعفائهم من مناصبهم من صالحيات واختصاصات رئيس‬ ‫الجمهورية‪ ،‬وتعين ثالثة من أعضاء المجلس الدستوري من أصل تسعة‪ )3( .‬القيادة‪ ،‬فهو‬ ‫يتولى رئاسة جلسات الحكومة‪ ،‬ورئاسة القوات المسلحة والدفاع المدني‪ ،‬ويتولى رئاسة‬ ‫المجلس األعلى للقضاء‪ ،‬ورئاسة مجوعة الدول الفرنسية‪ )8( ،‬آلية صنع القرارات‪،‬جاءت‬ ‫في مكون العالقة مع السلطة التشريعية‪ ،‬وكثير من المواد حددت في مكون رئاسة الدولة‪،‬‬ ‫فهناك مسألة انعقاد البرلمان في دورات غير عادية‪ ،‬ومسألة اقتراح مشروعات القوانين‪،‬‬ ‫ومسألة المعاهدات واالتفاقيات فهي تحتاج إلي توضيح دستوري‪ ،‬وفي العموم‪ ،‬نجد أن‬ ‫الدستور منح رئيس الجمهورية صالحية طلب انعقاد البرلمان في دورات غير عادية محددة‬ ‫بمدة زمنية دقيقة‪ ،‬وأن يحيل إليه مراسلته بدون حضوره للبث فيها خالل عشرة يوما من‬ ‫تاريخ إرسالها‪ ،‬ولكن نجد عملية توازن دقيقة ومسئولة للغاية وهي أن قرار الحرب بقوة‬ ‫القانون وبيد البرلمان‪ ،‬كما أنه ال يملك إمكانية حل البرلمان‪ ،‬وال تعديل الدستور بدون آلية‬ ‫برلمانية محددة‪ ،‬كما حدد الدستور في مسألة تشكيل لجنة مشتركة بمن خالل مجلسي‬ ‫البرلمان‪ ،‬وهي كيفية مرنة تحاسب لعدم االتفاق بين مجلس الشيوخ وجلس النواب في‬ ‫مشروعات القرارات المقترحة رئاسيا‪ )9( .‬مسألة الحكم االستثنائي‪ ،‬وهو ما يعرف عربيا‬ ‫بشكل واسع‪ ،‬بقانون الطوارئ‪ ،‬في حقيقة األمر‪ ،‬نجد أن الدستور حدد كيف يمارس الحكم‬ ‫ونجده أن هناك مجلس النواب أي الجمعية الوطنية حسب تعبير الدستور الفرنسي‪ ،‬فهي‬ ‫مختارة من الشعب بمعيار سكاني والبد أن تكون قائمة وال يمكن حلها خالل فترة الحكم‬ ‫االستثنائي‪ ،‬كما أشترط أن ينتهي الحكم حال إمكانية عودة مؤسسات السلطات العامة‬ ‫للممارسة مهامها الدستورية‪ ،‬كما أشترط ال يجوز مخالفة الدستور‪ ،‬فهو مكتوب ‪ ،‬ويعرف ما‬ ‫يمكن تطبقيه ‪ ،‬كما أنني أجد أن المقصود في الدولة المتقدمة أن قانون الطوارئ هو في حالة‬ ‫الكوارث وخاصة الحرب بالدرجة األولى سياسيا‪.‬‬ ‫‪ .8‬مكون الحكومة‪ :‬أيضا نجد أن الدستور الفرنسي‪ ،‬مهتم بالجانب السياسي والجانب اإلداري‬ ‫والجانب الشرعية بشكل صريح و واضح‪ ،‬حيث في تقديري‪ ،‬يحدد أن جوهر مسئوليات‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الحكومة‪ ،‬وهو يعرفها "بالوزير األول ومن يتبعه إداريا من وزراء مكلفون‪ ،‬يختص بوضع‬ ‫"السياسات العامة"‪ ،‬وعمليات "اإلدارة العامة"‪ .‬والذين يدرسون اإلدارة العامة‪ ،‬يدركون أن‬ ‫المشرعين هو ساسة واقتصاديون وعلماء إدارة عامة‪ ،‬وبذلك يدركون أن صلب الدولة هو‬ ‫تحقيق التنمية الشاملة ونموها الدائم‪ .‬وهذا مستقبلها الحقيقي‪ ،‬يدركون معنى القوة االقتصادية‬ ‫في حياة الدول المعاصرة‪ ،‬ومخاطر التخلف في أي جانب قومي‪ .‬وبالتالي جل المواد المتعلقة‬ ‫بهذا الجانب تحدد كيفية ممارسة الوزير األول هذه االختصاصات‪ ،‬وإمكانية رئاسة جلسات‬ ‫مجلس الوزراء بالتفويض والتنسيق مع رئيس الجمهورية المسئول األول على كل شيء‬ ‫تقريبا‪ ،‬ألنه منتخب بشكل واسع ودقيق وصعب‪ .‬وطالما حدد الدستور هذا الجانب التنفيذي‬ ‫بدقة‪ ،‬بات على البرلمان عملية الموافقة بعد الدراسة‪ ،‬وحال عدم الوصول لحل‪ ،‬يحق للوزير‬ ‫األول طلب تشكيل لجنة تتألف من مجلسي الشيوخ والنواب للبث‪ ،‬وفي حال عدم الوصول‬ ‫لحل تام‪ ،‬يتدخل رئيس الدولة بقراره بالخصوص‪ ،‬كما حدد الدستور "هيمنة الحكومة" أي‬ ‫ال وزير األول والوزراء على المؤسسة العسكرية‪ ،‬وفي هذا داللة على "إعداد واالعتماد‬ ‫األساسي للميزانية الدفاع أو لحرب‪ ،‬حسب مفهوم الدول الكبرى‪ .‬ازكما ذكرنا أن رئيس‬ ‫الدولة هو من يختار "الوزير األول" فقد حدد الدستور إمكانية تفويضه من قبل رئيس الدولة‬ ‫في رئاسة جلسات مجلس الوزراء‪ ،‬والتعيين في الوظائف العامة المدنية والعسكرية‪ ،‬ويحل‬ ‫مكانه عندما يتطلب ذلك‪ ،‬فهو مختار فالبد تواجد توافق وتفاهم شامل‪ ،‬بحسب الطبيعة‬ ‫البشرية والواقعية السياسية‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬لكل فرد في المجتمع لتبسيط األمر‪ ،‬فرئيس‬ ‫الحكومة في الدستور الفرنسي هو مدير عام الدولة‪ ،‬ورئيس الجمهورية هو رئيس مجلس‬ ‫إدارة الدولة‪ .‬وطبيعة عمله سياسية والتمثيل القانوني للدولة على الساحة الدولية‪.‬‬ ‫‪ .9‬مكون المجلس الدستوري‪ :‬وهو يعنى المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬إال أن ما يميزه فعال‪،‬‬ ‫ويعطيه صفة مجلس قضائي أكبر من درجة محكمة عليا‪ ،‬هو طريقة تشكليه‪ ،‬حيث جميع‬ ‫الرؤساء المنتخبين بعد نهاية والياتهم يصبحوا أعضاء في المجلس مدى الحياة‪ .‬ويتشكل‬ ‫المجلس من تسعة أعضاء منتخبين‪ ،‬ثالثة يعينهم رئيس الجمهورية‪ ،‬وثالثة يعينهم مجلس‬ ‫الشيوخ‪ ،‬وثالثة تعينهم الجمعية الوطنية‪ .‬وال يجوز جمع العضوية مع أي تشكيالت السلطات‬ ‫أخرى والتمثيل المهني‪ ،‬وتحدد بقانون أساسي قواعد تنظيم وعمل المجلس الدستوري وكافة‬ ‫اإلجراءات والمدد الالزمة‪ .‬االختصاصات‪ )0( :‬يشرف على إجراءات وسالمة االنتخابيات‬ ‫بجميع أنواعها‪ ،‬والفصل في الطعون‪ ،‬وقراراته نافذة‪ )2( ،‬يختص في الفصل في المنازعات‬ ‫بشأن صحة انتخابات البرلمانية واالستفتاء العام‪ )3( ،‬تعرض القوانين األساسية واللوائح‬ ‫والقرارات البرلمانية العتماد مطابقتها للدستور قبل إقراراها‪ ،‬و يكون البث في كل ما‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يعرض خالل مدة محددة‪ ،‬أو يتولى الرئيس إقراراها‪ .‬قرارات المجلس نافذة وغير قابلة‬ ‫للطعن‪ ،‬والنص الذي يبث في عدم دستوريته ال يجوز أن يصدر أو أن يطبق‪.‬‬ ‫‪ .9‬مكون البرلمان‪ :‬وهو السلطة التشريعية‪ ،‬ويتكون البرلمان الفرنسي من مجلس الشيوخ ويتم‬ ‫تشكليه بطريقة االقتراع غير مباشر ومن أعضاء مجالس البلديات واألقاليم والمحالت‬ ‫المنتخبين‪ ،‬ومجلس الجمعية الوطنية‪ ،‬ويمثلوا النواب ويتم انتخابهم عن طريق االنتخاب العام‬ ‫المباشر‪ .‬ومدة االنتخابات ‪ ،‬وتجدد في مجلس الشيوخ بطريقة جزئية على أساس نصف العدد‬ ‫ونصف المدة‪ .‬ويجتمع البرلمان في جلسات عالنية وتنشر محاضر الجلسات في الجريدة‬ ‫الرسمية‪ .‬وينعقد البرلمان في دورتين عاديتين‪ ،‬كل مدتها ثالثة أشهر‪ ،‬شتوية تبدأ في أكتوبر‪،‬‬ ‫وصيفية تبدأ مع نهاية أبريل‪ ،‬وجميع الدورات الغير عادية تكون بطلب رئيس الجمهورية أو‬ ‫توفر النصاب القانوني المحدد لطلب مجلس البرلمان‪ ،‬وتفتح وتفض جلسات البرلمان غير‬ ‫العادية بمرسوم رئاسي‪ ،‬ومدة االنعقاد أثنى عشرة يوما‪ ،‬يفصل ما بينها شهر على األقل‪.‬‬ ‫وفي تقديري "مثل هذه نواحي الزمة عمليا‪ ،‬من أجل أن تعمل السلطات مع بعضها بشكل‬ ‫محكم‪ ،‬وال يستند تفاعلها الصحيح على اجتهادات متغيرة‪ ،‬قد تبطل الدستور على المدى‬ ‫الزمني‪ ،‬حيث يرتكز الدستور على التفاعل المستمر بين السلطات جميعها وبشكل متوازي‪.‬‬ ‫االختصاصات‪ ،‬وتشمل‪ )0( :‬يصدر البرلمان القواعد العامة والمبادئ الالزمة لمجموعة من‬ ‫القوانين األساسية‪ ،‬والتي في تقديري كل ما يمس حياة المواطن والمجتمع مباشرة‪ ،‬وقد حدد‬ ‫الدستور مثال‪ ،‬قانون الحريات والحقوق والواجبات العامة‪ ،‬قانون الجنسية‪ ،‬وقانون النظم‬ ‫المالية للزواج والتركات والتبرعات‪ ،‬قانون مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬قانون التأميم‪ ،‬قانون‬ ‫الملكية‪ ،‬تحديد الوعاء الضريبي‪ ،‬والنظام المالي للدولة‪ )2( .‬مناقشة قانون الموازنة العامة‪،‬‬ ‫(‪ )3‬إعالن الحرب بقوة البرلمان‪ )8( ،‬اعتماد حق العفو الرئاسي‪ )9( ،‬مناقشة كافة‬ ‫مشروعات ومقترحات القوانين والسياسات العامة‪ )9( .‬تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي‬ ‫البرلمان من أجل الوصول إلي حل في حاالت التباين واالختالفات ويحدد الدستور آلية‬ ‫الوصول للبث النهائي‪.‬‬ ‫‪ .9‬مكون السلطة القضائية‪ :‬السلطة العليا في القضاء الفرنسي حسب دستورها‪ ،‬يرأس القضاء‬ ‫مجلس أعلى للقضاء‪ ،‬يتشكل من قضاة منتخبين من البرلمان‪ ،‬وينعقد جلساته برئاسة رئيس‬ ‫الدول‪( ، .‬مالحظة‪ :‬السلطة العليا في تقتضي مؤسسات قضاء يرأسها مجلس أعلى للقضاء‬ ‫مستقل تماما وبآلية حقيقية‪ ،‬يتشكل من قضاة منتخبين من البرلمان‪ ،‬وينعقد جلساته ويرأسه‬ ‫رئيس قضاة منتحب داخليا‪ ،‬او رئيس الدولة المنتخب‪ ،‬وهذا جائز‪ ،‬وهذه جدلية كبيرة وتحتاج‬ ‫ان تكون مستمدة من شرعة حقيقية‪ ،‬ومن خالل شعب واعي ومسئول تماما‪ .‬فهذا المجلس هو‬ ‫من يحقق العدالة للشعب‪ ،‬واي خلل سلبي في تكوينه‪ ،‬سوف تتأثر العدالة نسبيا)‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ .1‬مكون عالقة السلطات العامة‪ :‬في حقيقة األمر‪ ،‬رغم أنه يشاع مبدأ فصل السلطات العامة‪،‬‬ ‫وخاصة الثالثة الرئيسة‪ ،‬وهي التشريعية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬والتنفيذية‪ ،‬إال أنه عمليا من خالل‬ ‫الدستور إيجاد عالقة متقنة بحيث أن تعمل كل سلطة بكفاءة واستقاللية‪ .‬وفي تقديري‪ ،‬فإن‬ ‫الدستور الفرنسي هو نظام سياسي رئاسي‪ ،‬وبصالحيات رئاسية تنفيذية واسعة‪ ،‬وفيه القضاء‬ ‫غير مستقل‪ ،‬بل حدد الدستور في مادة مستقلة‪ ،‬بأنه على رئيس الجمهورية أن يضمن‬ ‫استقالل القضاء‪ ،‬وفي مادة أخرى‪ ،‬كلفه رئاسة المجلس األعلى للقضاء و وزير العدل وهو‬ ‫وكيل مجلس القضاء‪ ،‬وتتم من خالله التعيينات القضائية ومع توفر حق تعين ثلث أعضاء‬ ‫المجلس الدستوري‪ ،‬ومن هنا كان الزما‪ ،‬في الدستور الفرنسي أن يكون هناك مكون خاص‬ ‫يتناول العالقة السياسية بحيث تتحقق الديمقراطية المشروعة والمنشودة‪.‬‬ ‫‪ .5‬مكون المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ :‬وهو سلطة استشارية تعكس روح نظام السياسي‪،‬‬ ‫وطالما أن الدولة اشتراكية علمانية‪ ،‬فيكون هذا المجلس هو صمام أمان أن تسير السياسات‬ ‫والقرارات واالتفاقيات والمعاهدات في مسارها االستراتيجي‪ ،‬وتحافظ على طبيعة النظام‪،‬‬ ‫وأن تحقق لتنمية على أسسه‪ .‬وفي تقديري‪" ،‬أن القوانين المصيرية متأثرة بالقوانين‬ ‫المصرية‪ ،‬ونجد أن الدستور المصري تبنى هذا المكون فسماه المجلس االشتراكي‪ ،‬وفي‬ ‫التعديالت األخيرة‪ ،‬أطلق عليه مجلس الشورى‪ ،‬وأحتفظ بصون االشتراكية‪.‬‬ ‫‪ .01‬مكون مجموعة دول الفرنسية‪ :‬وهذا مكون له أبعاد وخلفية تطورات تاريخية سياسية‪،‬‬ ‫وطموحات ثقافية ومستقبلية‪ ،‬ويعكس أن االتفاقيات هي األساس والمبادئ هي الجوهر‪ .‬ومن‬ ‫هذا المنطلق يتناول الدستور منطلق التوسع المشروع‪ .‬وفي تقديري‪ ،‬ما أحوج الدستور‬ ‫العربي النموذجي لتطوير مثل هذا المكون وله مبادئه ومنطلقات وآفاقه الخاصة و‬ ‫الضرورية‪.‬‬ ‫‪ .00‬مكون األحكام االنتقالية‪ :‬يتناول أحكام اإلجراءات الالزمة لتحول مؤسسات وقوانين‬ ‫وأوضاع سابقة لتطابق الدستور الجديد‪ .‬وبذلك يكون تحولها دستوري‪.‬‬

‫فلسفة الدستور األمريكي‬ ‫(( مرجع‪ :‬بروفسور بيثان براون‪" ،‬تقييم الدستور األمريكي ورأيه في مطالب التعديالت وإمكانية‬ ‫االستفادة منه في الدول العربية"‪:‬قناة العربية‪ ،‬برنامج من واشنطن‪)).2102/9 ،‬‬ ‫أبدى البروفسور "نيثان براون‪ ،‬من جامعة واشنطن‪ ،‬أن أهم ما يميز الدستور األمريكي أنه نابع من‬ ‫روح الشعب‪ ،‬فينظروا إليه بشكل من القدسية‪ ،‬ويعدونه أساس حياتهم وقوتهم وتقدمهم وتميزهم‪.‬‬ ‫وحسب رأيه فهو دستور وجيز وفيه ثغرات استغلت سياسيا‪ ،‬وخاصة في انتخابات الرئاسة لعام‬ ‫‪ 2111‬وما ترتب عنها من تحول عالمي للقيم والسياسية األمريكية العالمية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وال ينصح الدولة العربية باألخذ بالدستور األمريكي‪ ،‬وإذا ما تم يكون ذلك بحذر‪.‬‬ ‫كما أشاد بمكونات الدستور المصري‪ ،‬ألنه منبثق من دراسة التجارب األوربية‪ ،‬ولم يكن من الدستور‬ ‫األمريكي‪ ،‬وأشار إلي االستفادة من الدستور األلماني وجنوب أفريقيا ولم يضيف الدستور الكندي‬ ‫كما أشار غيره‪.‬‬ ‫ولعلى أعمق ما أشار إليه هو مسألة ثغرة "تحول السلطة الدستورية" إلي فاعل سياسي‪.‬‬ ‫وعندما يحدث ذلك فهذا عائق كبير وخطر جسيم‪.‬‬ ‫وبالمناسبة نجد من تتبع اإلشكالية التي جرت بين الرئاسة المصرية المنتخبة وسببها "المحكمة‬ ‫الدستورية" بحل البرلمان المنتخب في يوم واحد قبل بدء االنتخابات ولم تتم خالل انعقاده أكثر من‬ ‫مرة‪ ،‬وإبطال قرار الرئيس الدولة في عودتها بمجرد انتخابه بإرادة شعبية حقيقية‪ ،‬وهو في حاجة‬ ‫لسلطة تشريعية منتخبة تساعده في خروج البالد من أزمتها وإدارتها في عملياتها ومؤسساتها وإنتاج‬ ‫سياساتها‪ .‬وبذلك تحولت المحكمة الدستورية إلي فاعل سياسي وصدور قرارات تنفيذية‪ ،‬وكان في‬ ‫اإلمكان وضع خارطة طريق للخروج من األزمة‪ ،‬أو الرجوع للشعب مصدر الشرعية‪ .‬المقصود من‬ ‫ذلك أن الدول والشعوب أدركت األهمية البليغة للمحكمة الدستورية‪ ،‬ويجري فكريا كثير من‬ ‫التطويرات‪ ،‬منها ما يجري بخصوص تعديل عضوية المحكمة الدستورية بالدستور التركي‪.‬‬ ‫وتهدف مثل هذه لتطويرات عدم إمكانية موالة المحكمة الدستورية "للحاكم" وعدم تحولها إلي فاعل‬ ‫سياسي تنفيذي‪.‬‬ ‫ولتفادي ذلك أن تكون السلطة القضائية‪ ،‬والدستورية‪ ،‬قيادتها منتجة ومنتخبة من داخلها‪ ،‬وهذا يجعلها‬ ‫متجددة ومستقل ة بشكل حقيقي‪ ،‬ويبعدها على أن تتحول أو تستغل كفاعل سياسي‪ ،‬خالل األزمات‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫ومع وسجود أصوات منادية بإدخال تعديالت‪ ،‬إال أنه أشار إال أن هناك ميزة التكييف السياسي‪ ،‬وهنا‬ ‫يقصد أن الساسة يجدون مداخل وثغرات عدة أمدت في عمره وفعاليته الخارجية واالتحادية‪.‬‬ ‫وال نن كر أن الدستور االتحادي دائما مشروع ضخم ومعقد‪ ،‬وليس باإلمكان نجاحه بدون توفر وتحديد‬ ‫البواعث والمعطيات التي تدفع بشعوب األقاليم بقبوله وتستوجب على الساسة استقراره‪ .‬فضم‬ ‫خمسون والية أي دولة في عقد وطني واحد هو مشروع عقالني فذ‪.‬‬ ‫مشروع الدولة األكبر‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫صدر الدستور األمريكي في ‪ 0919‬بحضور عشرة واليات‪ ،‬وصار نافذا عندما صادقت عليه والية‬ ‫نيويورك وفرجينا المعارضتين في ‪ ،0911‬و قد أدخلت عشرة تعديالت خالل السنوات األربعة‬ ‫‪ .0950-0919‬ومن ثم عدل سبعة شعرة مرة خالل ‪ .0552 -0950‬و يصفه الباحثون بأنه دستور‬ ‫والتعديالت العشرة األولى في‬ ‫جامد حيث يجري تعديله بآلية تشريعية تشمل موافقة شعبية بالواليات واالتحاد‪(..‬‬ ‫‪ 0950‬تسمى "وثيقة الحقوق"‬ ‫‪.)Bill of rights‬‬ ‫وما كانت أمريكا لتصبح دولة كبرى وبقدر من هذه القوة اإلستراتجية بدون دستور مؤسس على‬ ‫توافق وطني وفكري ومنهجية واقعية ورؤية مستقبلية ومشاركة شعبية لتيني كل ذلك‪ ،‬وهي دولة‬ ‫أقرب للفرقة وانتشار االختالفات و استمرارية النزعات الحروب األهلية من أي استقرار سياسي‪،‬‬ ‫فهي دولة كبرى تأسست بشكل غير مشروع من عدم فاتحدت مائتان مستعمرة أوربية تحت هدف‬ ‫واحد وهو حماية أمنها القومي من االستعمار األم‪ ،‬وجمعها هدف مصالحها االتحادية في بسط‬ ‫نفوذها العالمي‪ .‬فهي من قوميات عدة ولكن مصالحها العالمية وأمنها القومي وتاريخها القصير‬ ‫المشترك جعلها تصبغ على نفسها شرعية الدولة‪-‬القومية‪.‬‬ ‫فنالحظ أن ساستها اتخذوا التوافق‪-‬الفكري‪ ،‬و سياسة‪-‬القوة‪ ،‬والروح‪-‬الوطنية االتحادية يحميها دستور‬ ‫مشروع بشكل تام‪ ،‬لتكون األصلح من أجل البقاء واالحتفاظ على ما تكتسبه‪.‬‬ ‫ولعلله من المفيد أيضا أن نذكر أن مكون حقوق الشعب‪ ،‬وهو ما يطلق عليه "وثيقة الحقوق"‪ ،‬جعل‬ ‫الشعب يشعر بأن الدستور وثيقة مقدسة لديهم‪.‬‬ ‫وما أود أن أشير إليه وهو أن إعداد دستور وطني وسياسي ومشروع دولة كبرى‪ ،‬يحتاج إلي جهود‬ ‫وفلسفة سياسية ورؤى ومسئولية‪ ،‬وأستنتج أربعة معايير هامة‪ ،‬وهي‪ -0 :‬مكون حقوق الشعب هو‬ ‫قلب الدستور وتموت شرعية الدولة بانتهاك أي من عناصره والتي يجب أن تكون محددة بشكل دقيق‬ ‫وتام‪ -2 ،‬احترام رأي الفالسفة الذين هم أساس حضارة الشعوب يعد من مصادر الشرعية‪ -3 ،‬توازن‬ ‫عالقة السلطات العامة وصحة ودقة تداخلها على المستوى االتحادي واإلقليمي جوهر ديمومة‬ ‫الدستور وقوته‪ -8 ،‬رجاحة العقل و النضال الوطني المادي أو الفكري المخلص هما أساس الشرعية‬ ‫الرئاسية‪ ،‬وهذا ما نراه من خالل النقاط التالية المقتبسة من موسوعة "‪ ،"Wikibedia‬والتي أصبغت‬ ‫على الدستور األمريكي قدسية شعبية وشرعية سياسية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تتضمن وثيقة الحقوق على انه ال يحق لمجلس الشيوخ سن قوانين تفرض إتباع دين معين‪ ،‬وتمنع حرية النقد‬ ‫حديثا أو كتابة أو تحد من حرية الصحافة أو تمنع التجمعات الشعبية للتعبير عن مطالبهم ‪ .‬وال يحق لمجلس‬ ‫الشيوخ أيضا سن قانون يمنع المواطنين من حمل السالح أو اقتناءه أو بيعه‪ ،‬أو شراءه ‪ .‬وال يحق ألحد ممثلي‬ ‫الدولة أو الجيش دخول بيت مواطن إال بموافقة المالك‪ ،‬وال يحق للدولة البحث في أوراق أو ممتلكات‬ ‫المواطنين وال يحق اخذ أموال األفراد العقارية بدون تعويض مقبول من المواطنين ‪ .‬وفي حالة ارتكاب جريمة‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فللمجرم الحق في اإلسراع لمحاكمته‪ ،‬وله الحق في أن يعرف الجرم الذي ارتكبه أو المخالفة التي قام بها‪،‬‬ ‫وله الحق في مقابلة الشهود الذين يشهدون ضده وسماع أقوالهم‪ ،‬وله الحق في الحصول على شهود‬ ‫لمصلحته وله الحق في تعي ين مجلس قضائي يدافع عنه‬ ‫‪‬‬

‫تستمد مواد الدستور األمريكي مضمونها من نظريات الفيلسوفين اإلنجليزيين " توماس هوبز " ‪ ،‬والفيلسوف‬ ‫الفرنسي " جان ج اك روسو " ‪ ،‬وآمن هؤالء المفكرين بأن قبول األفراد بااللتزام السياسي تجاه المجتمع على‬ ‫أساس المصلحة الذاتية والمنطق‪ ،‬وأدركوا تماما ً مزايا مجتمع مدني تكون ألفراده حقوق وواجبات ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫أدت بنود الوحدة بين الواليات األمريكية إلى إعطاء قوة للواليات أكثر من القوة التي كان يجب إعطاؤها‬ ‫للحكومة المركزية ‪ .‬بناء على ذلك دعا مجلس الشيوخ إلى عقد مؤتمر في ‪ 41‬ايار ‪ 4871‬لمناقشة أ مر‬ ‫الدستور‪ ،‬وأرسلت الواليات نوابه ا إلى فيالديلفي ا وكان أول المؤتمر اختيار رئيس للواليات المتحدة ‪ .‬وقد‬ ‫اقترح على أ ن يكون " بنيامي ن فرانكلين " أول رئيس للدولة الجديدة العتبارات أهمها سنه ورجاحة عقله ( كان‬ ‫‪ 74‬سنة ) ولكنه رفض ذلك ‪ .‬و بالفعل وقد اقترح المؤتمرون أ ن يكون جورج واشنطن أول رئيس للواليات‬ ‫المتحدة ‪ .‬وبالفعل فقد تم اختياره من قبل األغلبية العظمى ‪ .‬ثم بدأ المؤ تمرون في مناقشة الدستور الجديد‪،‬‬ ‫وبعد مساجالت عنيفة اقر الدستور األمريكي بافتتاحيته التالية ‪ (( :‬نحن‪ ،‬شعب الواليات المتحدة‪ ،‬وحتى نشكل‬ ‫وحدة متكاملة‪ ،‬ويتم العدل ونضمن األمن القومي‪ ،‬ونزود حماية عامة‪ ،‬ونبني مستقبال جيدا ونؤمن الحرية‬ ‫ألنفسنا نتبنى هذا الدستور للو اليات المتحدة األمريكية ))‪.‬‬

‫‪‬‬

‫نص الدستور في المادة األولى من الدستور على أن جميع القوى السياسية البد لها أ ن تكون في يد المجلس‬ ‫التشريعي األعلى والذي يتألف من مجلس الشيوخ ومجلس النواب ‪ .‬و أعطي دستور الواليات المتحدة‬ ‫( الفدرالي ) سيادة أعلى من دساتير الواليات‪ ،‬وهذه الحالة أعطت المحكمة العليا سلطة فرض تطبيقه‪ ،‬فقد‬ ‫تضمن الدستور فقرة أعلنت أن إجراءات الحكومة القومية تكون لها السيادة عندما يتضارب استخدامها‬ ‫الدستوري لسلطتها مع اإلجراءات المشروعة للواليات ‪.‬‬

‫ومن خصائص الدستور األمريكي‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫يرتكز على النظام السياسي الرئاسي المستند على قوة السلطة التشريعية االتحادية‬ ‫"الكونغرس"‪.‬‬ ‫يرتكز على هيمنة السلطة التشريعية االتحادية على الواليات من أجل حماية االتحاد من‬ ‫مسببات و بواعث التفكك أو الخروج على النسق العام السياسي واالستراتيجي‪.‬‬ ‫يرتكز على أسلوب وضع القواعد السياسية والقانونية العامة‪ ،‬وبما أن يكون موجزا ولكنه‬ ‫شامال وديناميكيا في تغطية كل التطورات والتكييف معها‪ ،‬وخاصة مسألة الشرعية السياسية‬ ‫وممارسة السلطات وتكريس حقوق الشعب وتطور السياسات الخارجية والقضاء‪.‬‬ ‫يرتكز على الشرعية الشعبية في تعديالته ‪ ،‬مما خلق تعلق شعبي كبير إضافة إلي تأثير وثيقة‬ ‫الحقوق‬ ‫أعطاء مكون السلطة التشريعية األولوية في تركيبة الدستور ينم على إدراك سياسي وشعبي‬ ‫وعميق لهذين اإلرادتين‪ .‬وكما ذكرنا فإن كل دستور ناجح نابع من تاريخ الشعوب ورؤية‬ ‫سياسية راجحة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ نشأة البالد وحربها األهلية في ‪ 0191‬يحتم تركيبة الدولة االتحادية ولو بالقوة لمنع التفكك‪،‬‬‫وال يمكن أن تكون دولة متحدة‪ ،‬وكذلك العلمانية بسبب تعدد األجناس واألعراق واللغات‬ ‫واألديان‪.‬‬ ‫ ال يفهم الدستور األمريكي على أساس مجرد قراءة نصوصه فقط‪ ،‬ولكن من خالل سياساتها‬‫ومن كل ما صدر من قوانين مكملة‪ ،‬فهي ليست فقط منفذة للدستور‪ ،‬ولكن تتناول قواعد‬ ‫دستورية‪ ،‬مما صعب الفهم السياسي والقانوني‪ ،‬وخلق ثغرات ممكنة كما جاء على لسان‬ ‫البروفسور "نيتان براون"‪ .‬فهو يمتاز بين قوة العالقة بين الرئيس المنتخب والكونغرس‪ ،‬فإذا‬ ‫تمت جاز فعل الكثير‪ .‬وقد نجد ذلك من واضحا‪ ،‬من خالل مكون "سمو الحكومة القومية"‪:‬‬ ‫حيث نص‪ :‬أوال‪ ،‬هذا الدستور‪ ،‬وقوانين الواليات المتحدة التي تصدر تبعا ً له‪ ،‬وجميع‬ ‫المعاهدات المعقودة أو التي تعقد تحت سلطة الواليات المتحدة‪ ،‬تكون القانون األعلى للبالد‪.‬‬ ‫ويكون القضاة في جميع الواليات ملزمين به‪ ،‬وال يعتد بأي نص في دستور أو قوانين أية‬ ‫والية يكون مخالفا ً لذلك ثانيا‪ ،‬يكون الشيوخ والنواب المشار إليهم آنفاً‪ ،‬وأعضاء المجالس‬ ‫التشريعية لمختلف الواليات‪ ،‬وجميع الموظفين التنفيذيين والقضائيين التابعين للواليات‬ ‫المتحدة ولمختلف الواليات‪ ،‬ملزمين بموجب قسم أو إقرار بتأييد هذا الدستور‪ .‬ولكن ال يجوز‬ ‫أبدا ً اشتراط امتحان ديني كمؤهل لتولي أي منصب رسمي أو مسئولية عامة في الواليات‬ ‫المتحدة‪.‬‬ ‫ لم يحدد الدستور"علمانية الدولة" كما فعل الدستور الفرنسي‪ ،‬ولكن نجد عبارتين أساسيتين‪،‬‬‫وهما ال يجوز إصدار قانون أو قرار على أساس ديني‪ ،‬وكذلك نص واضح على حرية‬ ‫األديان‪ ،‬ولذلك بعد سياسي‪ ،‬حيث العلمانية جلبت مشاكل عدة لليهود في أوربا وأدت إلي‬ ‫هجرتهم إلي أمريكا‪ .‬كما أنها تجلب مشاكل للمسلمين في أوربا فهي تبيح قوانين وممارسات‬ ‫تمانع وتعترض على حق اآلخرين في حرية المظاهر والتمايز والخصائص الدينية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مناقشة مكونات الدستور‪:‬‬ ‫صدر الدستور األمريكي باسم الشعب في المقدمة‪ ،‬وحددت إنشاء دولة اتحاد عادلة مستقرة تعزز‬ ‫الخير العام وتؤمن الحريات لألجيال‪ ،‬وتوفر سبل الدفاع المشترك بين أقاليم والياتها‪.‬‬ ‫وأرتكز على مفهوم اختصاصات السلطات العامة االتحادية وللواليات‪ ،‬وحدد العالقات وكافة‬ ‫االعتبارات بدقة‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬المكون التشريعي‪ :‬وقد أعطاه الساسة األولوية في التركيبة الدستورية‪ ،‬وأطلق على هذا المكون‬ ‫البرلماني مسمى "الكونغرس"‪ ،‬وهو يشكل من مجلس الشيوخ‪ ،‬ومجلس النواب‪.‬‬ ‫وقد حدد الدستور حق كل والية في انتخاب مجلسي سلطتها التشريعية‪.‬‬ ‫وأعضاء مجلس النواب االتحادي منتخبين من الشعب في كل الواليات كل سنتين‪ .‬ويتم إدارة كل‬ ‫انتخاب النواب االتحاديين بإشراف وموافقة مجلسي برلمانات الوالية‪ .‬وقد حدد مسألة السن‬ ‫والمواطنة والتأهيل المالئم‪ .‬وال يسمح بجمع العضوية‪ ،‬ومسألة إجراء التعدد السكاني العقدي‬ ‫الدوري‪ ،‬بشكل دوري كل شعرة سنوات‪ .‬دوري‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويتشكل مجلس الشيوخ االتحادي من عدد شيخين تختارهم السلطة التشريعية بكل والية‪ ،‬ومدة دورة‬ ‫االنعقاد ستة سنوات‪ ،‬يتجدد خاللها المجلس بكامله‪ ،‬بحيث يقسم أعضاء مجلس الشيوخ إلي ثالثة‬ ‫فئات عددية‪ ،‬تسمح بتجديد انتخاب الفئة األولى بعد سنتين‪ ،‬والفئة الثانية في السنة الرابعة‪ ،‬والفئة‬ ‫الثالثة في السنة السادسة‪.‬‬ ‫ويرأس نائب الرئيس المنتخب إدارة مجلس الشيوخ‪ ،‬ويتولى الكونغرس تحديد بقية مسئوليه‪ ،‬وال‬ ‫يمتلك نائب الرئيس ورئيس مجلس الشيوخ حق التصويت‪.‬‬ ‫وترتكز آلية القرار على اختصاص الكونغرس في مداولة مشروعات القوانين والقرارات وكل ما‬ ‫يستلزم التصويت‪ .‬ويستلزم موافقة رئيس الواليات المتحدة لكي يصبح قانون نافذ‪ .‬فإذا رفضها رئيس‬ ‫الواليات يحدد اعتراضاته‪ ،‬ويدرسها المجلسين كل على حدة‪ ،‬وتحتاج كل موافقة تشريعية إلي نصاب‬ ‫ثلثي أعضاء كل مجلس العتماد التعديالت أو المقترحات أو االعتراضات‪.‬‬ ‫وتشمل السلطات الممنوحة للكونغرس‪ ،‬فرض قواعد القوانين الحيوية وسلطة الموافقة‪ ،‬بحيث تشمل‬ ‫مثال‪ ،‬فرض قانون الضرائب ليكون موحد بكل الواليات‪ ،‬االقتراض الخارجي‪ ،‬تنظيم التجارة الدولية‬ ‫والتجارة المحلية بين الواليات‪ ،‬قانون الجنسية والهجرة‪ ،‬إصدار العملة‪ ،‬قوانين المعاقبة الجنائية‬ ‫وإنشاء المحاكم األدنى من المحكمة العليا المقررة بالدستور‪ ،‬قانون التعليم‪ ،‬قانون البريد‪ ،‬تعريف ما‬ ‫يصدر من أعمال تهدد األمن القومي وكيفية المعاقبة عليها‪ ،‬قانون إعالن الحرب أو رد العدوان‪،‬‬ ‫إنشاء الجيوش والموازنة‪.‬‬ ‫تكوين قوة بحرية والتكفل بها‪ .‬ووضع قواعد إلدارة وتنظيم القوات البرية والبحرية‪ .‬وضع أحكام‬ ‫لدعوة المليشيا إلى تنفيذ قوانين االتحاد‪ ،‬وقمع التمرد وصد الغزو‪ .‬وضع أحكام لتنظيم وتسليح‬ ‫وتدريب المليشيا‪ ..‬وسن كل القوانين الضرورية والمالئمة للتنفيذ‪ ،‬وكل القوانين تتعلق بتحصيل دخل‬ ‫عام‪.‬‬ ‫وقد حدد الدستور تبعا لمكون السلطة التشريعية االتحادية "جميع السلطات واالختصاصات‬ ‫المحظورة على الواليات"‪ .‬وهذا ما مكن الواليات المتحدة من أن تكون لها سياسيات مركزية‬ ‫متماسكة سيادية مالية وخارجية ودفاعية وقضائية‪.‬‬ ‫ويعود نجاح ذلك لقرون كون السلطة التشريعية االتحادية نابعة من الواليات‪ ،‬كما أنها سلطة حقيقية‬ ‫واسعة موثوق فيها‪.‬‬ ‫إضافة للتأييد الشعبي العارم النابع من محبة دستورهم بسبب جدية تطور وتطبيقات وثيقة الحقوق‪،‬‬ ‫وقد إدراك الساسة حيوية مسألة الوحدة االتحادية واألمن القومي والرفاهية االجتماعية بتنمية‬ ‫اقتصادية قوية وجعلها محورية في تنافسهم االنتخابي واستمرارية التفاعل الشعبي مع مقاصد‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬مكون السلطة التنفيذية‪ :‬يتم تناط كامل السلطة التنفيذية برئيس للواليات المتحدة‪ ،‬ويشغل‬ ‫منصبه مدة أربع سنوات‪ )0( ،‬طريقة االنتخاب‪ :‬يتم انتخاب الرئيس ونائبه عن طريق "هيئة‬ ‫ناخبين"‪ ،‬تتشكل على مستوى الواليات‪ ،‬ويكون عدد الهيئة بكل والية مساوي للعدد مجلس الشيوخ‬ ‫وعدد مجلس النواب في كل والية‪ ،‬وتشرح كل هيئة فرعية عدد اثنان على أن يكون أحدهم من والية‬ ‫أخرى‪ ،‬وليس بالضرورة االثنان من نفس الوالية‪ ،‬ويقومون باالقتراع فيما بينهم‪ ،‬وترسل األصوات‬ ‫إلي الحكومة الفيدرالية موجهة إلي رئيس مجلس الشيوخ‪ .‬ويقوم مجلس الشيوخ بتحديد الفائز‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المتحصل على أكبر أصوات من المجموع الكلي لألصوات‪ )2( .‬صالحية السلطة التشريعية في‬ ‫عزل الرئيس‪ ،‬حيث " يمكن للكونغرس أن يحدد بقانون أحكام حاالت عزل أو وفاة أو استقالة أو‬ ‫عجز الرئيس ونائب الرئيس كليهما‪ ،‬معلنا ً من هو المسئول الذي يتولى عند ذلك مهام الرئاسة ويبقى‬ ‫مثل ذلك المسئول إلى أن تزول حالة العجز أو يتم انتخاب رئيس‪ ..‬كما يعزل الرئيس ونائب الرئيس‬ ‫وجميع موظفي الواليات المتحدة الرسميين المدنيين من مناصبهم إذا وجه لهم اتهام نيابي بالخيانة أو‬ ‫الرشوة أو أية جرائم أو جنح خطيرة أخرى‪ ،‬وأدينوا بمثل هذه التهم‪ )3( .".‬اليمين الدستوري‪ :‬يؤدي‬ ‫الرئيس قسم اليمين ويكون أمام الكونغرس وعلى النحو التالي‪" :‬أقسم جازما ً (أو أؤكد) بأنني سأقوم‬ ‫بإخالص بمهام منصب رئيس الواليات المتحدة وبأنني سأبذل أقصى ما في وسعي ألصون وأحمي‬ ‫وأدافع عن دستور الواليات المتحدة"‪ )8( .‬رئاسة القوات المسلحة‪ :‬يكون الرئيس قائدا ً أعلى لجيش‬ ‫وبحرية الواليات المتحدة‪ ،‬ولمليشيات مختلف الواليات عندما تدعى إلى الخدمة الفعلية لدى الواليات‬ ‫المتحدة‪ )9( .‬المعاهدات‪ :‬تكون له السلطة‪ ،‬بمشورة مجلس الشيوخ وموافقته‪ ،‬لعقد معاهدات‪ ،‬شرط‬ ‫أن يوافق عليها ثلثا عدد أعضاء المجلس الحاضرين‪ )9( .‬التعيينات‪ :‬كما له أن يرشح‪ ،‬وبمشورة‬ ‫مجلس الشيوخ وموافقته‪ ،‬أن يعين‪ ،‬سفراء ووزراء مفوضين آخرين وقناصل وقضاة للمحكمة العليا‬ ‫وسائر موظفي الواليات المتحدة اآلخرين‪ ".‬ولكن يمكن للكونغرس أن ينيط بواسطة قانون‪ ،‬حسبما‬ ‫يرتئي‪ ،‬تعيين مثل هؤالء الموظفين األدنى رتبة‪ ،‬بالرئيس وحده‪ ،‬أو بالمحاكم‪ ،‬أو بالوزارات"‪)9( .‬‬ ‫حق العفو‪ :‬كما تكون له سلطة إرجاء تنفيذ األحكام‪ ،‬ومنح العفو عن جرائم ترتكب ضد الواليات‬ ‫المتحدة‪ ،‬ما عدا في حاالت االتهام النيابي‪ )1( .‬يزود الرئيس الكونغرس من وقت آلخر‪ ،‬بمعلومات‬ ‫عن حال االتحاد‪ ،‬ويقدم له للدراسة‪ ،‬توصيات بتلك اإلجراءات التي يعتقد أنها ضرورية ومالئمة‪.‬‬ ‫(‪ )5‬انعقاد الكونغرس في دورات غير عادية‪ :‬للرئيس وفي ظروف استثنائية‪ ،‬أن يدعو كال‬ ‫المجلسين‪ ،‬أو أي منهما‪ ،‬إلى االنعقاد‪ .‬وفي حال حدوث خالف بينهما بالنسبة إلى موعد إرجاء‬ ‫الجلسات‪ ،‬فله أن يرجئها إلى الموعد الذي يراه مالئما ً‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬مكون السلطة القضائية‪ )0( :‬تناط السلطة القضائية في الواليات المتحدة بمحكمة عليا واحدة‬ ‫وبمحاكم أدنى درجة كما يرتئي الكونغرس‪ )2( .‬تشمل السلطة القضائية جميع القضايا المتعلقة‬ ‫بالقانون والعدل التي تنشأ في ظل أحكام هذا الدستور وقوانين الواليات المتحدة والمعاهدات المعقودة‬ ‫أو التي ستعقد بموجب سلطتها‪ .‬كما تشمل جميع القضايا التي تتناول السفراء والوزراء المفوضين‬ ‫اآلخرين والقناصل وجميع القضايا الداخلة في اختصاص األميرال والمالحة البحرية والمنازعات‬ ‫التي تنشأ بين اثنتين أو أكثر من الواليات‪ ،‬وبين إحدى الواليات ومواطني والية أخرى‪ )3( .‬جريمة‬ ‫الخيانة بحق الواليات المتحدة ال تكون إال بشن حرب عليها‪ ،‬أو باالنضمام إلى أعدائها وتقديم العون‬ ‫والمساعدة لهم‪ .‬وال يدان أحد بتهمة الخيانة إال استنادا ً إلى شهادة شاهدين يشهدان على وقوع نفس‬ ‫العمل الواضح النية‪ ،‬أو استنادا ً إلى اعتراف في محكمة علنية‪ )8( .‬للكونغرس سلطة تحديد عقوبة‬ ‫جريمة الخيانة‪ .‬ولكن ال يجوز االقتصاص من نسل أو أقارب المتهم أو تجريده من حقوقه المدنية أو‬ ‫مصادرة أمواله وممتلكاته إال أثناء حياته‪ )9( .‬تكون للمحكمة العليا صالحية النظر أساسا ً في جميع‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫القضايا التي تتناول السفراء والوزراء المفوضين اآلخرين والقناصل‪ ،‬وتلك التي تكون فيها إحدى‬ ‫الواليات طرفا ً‪ .‬وفي جميع القضايا األخرى المذكورة آنفاً‪ ،‬تكون للمحكمة العليا صالحية النظر فيها‬ ‫استئنافاً‪ ،‬من ناحيتي الوقائع والقانون‪ ،‬مع مراعاة االستثناءات واألنظمة التي يضعها الكونغرس‪.‬‬ ‫رابعا‪ ،‬مكون عالقات الواليات‪ :‬يتم على أساس احترام كل والية لكافة القوانين بالواليات األخرى‪،‬‬ ‫والتعاون القضائي‪ ،‬ويجوز للكونغرس أن يحدد قوانين عامة ترسخ العالقات بين الواليات‪.‬‬ ‫خامسا‪ ،‬مكون عالقات الحكومة الفيدرالية بالواليات‪ :‬تضمن الواليات المتحدة لكل والية في هذا‬ ‫االتحاد حكومة ذات نظام جمهوري وتحمي كال منها من الغزو‪ ،‬كما تحميها‪ ،‬بناء على طلب الهيئة‬ ‫التشريعية‪ ،‬أو السلطة التنفيذية (في حال تعذر انعقاد الهيئة التشريعية) من أعمال العنف الداخلية‪.‬‬ ‫ويضمن الكونغرس أال تمس سيادة كل والية على إقليمها‪ ،‬فمثال‪ ،‬ال يسن قوانين تدمج والية بأخرى‬ ‫أو ضمن جزء من أراضيها أو تفسير الدستور بما يضر بأي والية قائمة حال صدور الدستور‪.‬‬ ‫سادسا‪ ،‬مكون تعديل الدستور‪ :‬يقترح الكونغرس‪ ،‬كلما رأى ثلثا أعضاء المجلسين ضرورة لذلك‪،‬‬ ‫تعديالت لهذا الدستور‪ ،‬أو يدعو‪ ،‬بناء على طلب الهيئات التشريعية لثلثي مختلف الواليات‪ ،‬إلى عقد‬ ‫مؤتمر القتراح تعديالت‪ ،‬تصبح في كلتا الحالتين‪ ،‬قانونية من حيث جميع المقاصد والغايات‪ ،‬كجزء‬ ‫من الدستور‪ .‬مع مراعاة ما جاء في السلطات المحظورة على الواليات‪.‬‬

‫فلسفة الدستور األلماني‬ ‫لقد أثبتت الديمقراطية األلمانية الثانية نجاحها‪ .‬ويعود هذا النجاح لعدة أسباب‪ :‬منها التقدير العالي‬ ‫للحياة الديمقراطية‪ ،‬خاصة بعد فترة الحكم الديكتاتورية‪ ،‬إضافة إلى السعي نحو إثبات الذات ونيل‬ ‫القبول بين الجيران الديمقراطيين‪ .‬كما أن للدستور دوره في استقرار ونجاح هذه الديمقراطية‪ .‬وفي‬ ‫العام ‪ 0551‬بعد انتهاء تقسيم ألمانيا الذي دام ‪ 81‬عاما‪ ،‬تم تبني "القانون األساسي" على أنه‬ ‫"دستور" جمهورية ألمانيا الموحدة ‪.‬‬ ‫يمثل النظام السياسي الحالي في جمهورية ألمانيا االتحادية النظام السياسي الديمقراطي الثاني في‬ ‫التاريخ األلماني‪ .‬أعضاء المجلس البرلماني الذين أسسوا الجمهورية االتحادية وقاموا بصياغة‬ ‫دستورها الجديد (القانون األساسي) كانوا قد تعلموا دروسا من التاريخ من انهيار الديمقراطية‬ ‫األولى‪ ،‬ديمقراطية جمهورية فإيمار‪ ،‬ومن ديكتاتورية الحكم االجتماعي القومي (النازي)‪ .‬كانت‬ ‫جمهورية ألمانيا االتحادية واحدا من أبناء الحرب‪ .‬وكان للديمقراطية أن تعم في الجزء الغربي من‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫البلد المقسم إلى دولتين في العام ‪ .0585‬إال أن الدستور الذي تمت صياغته بداية على أنه دستور‬ ‫مبدئي صمد عند تحقيق هدف الوحدة كنوع من حرية القرار‪.‬‬ ‫ولكي نأخذ عن دساتير البلدان األخرى أي جزئية أو نستند على فلسفتها الدستورية‪ ،‬وهنا نقصد‬ ‫الحكمة العملية السياسية‪ ،‬يستلزم معرفة الحقائق الكاملة والكامنة في تلك البلد والدساتير العالمية‬ ‫وكيف أخذت من بعضها وحقيقة التفاعالت‪.‬‬ ‫ونقول بأن الصناعة الدستورية هي صناعة "شعبية" و "سياسية"‪ ،‬البد من شعب واعي وساسة‬ ‫وطنيين حكماء‪ .‬فالسياسة ليست لعبة أو كعكة كما جرت بساذجة على لسان كثيرين‪.‬‬ ‫وفي تقديري نجد الدستور االتحادي األلماني أكثر مالئمة لألخذ منه عند تكوين مشروع "اتحاد الدول‬ ‫العربية ”‪ "Arab United States “ AUS‬المنشود‪ ،‬أكثر من وضعه أو األخذ منه لدولة عربية‬ ‫واحدة كما يرى بعض المفكرين‪.‬‬ ‫حيث نجد فيه روح العملية السياسية التي جمعت الروح اإليجابية في الدستور البريطاني‪ ،‬والفرنسي‬ ‫واإلنجليزي والضغوط الدولية‪ .‬ومن خالله تسود االقتصاد األوربي المعاصر‪ ،‬رغم فقرها النفطي‬ ‫وكثرة التحديات حولها وخروجها مهزومة الحروب العالمية‪ ،‬فليس لها دور محوريا سياسيا أو‬ ‫عسكريا عالميا‪ ،‬ومع أن العرب كانوا يظنون أنهم أحسن حاال وهم في محور المنتصرين‪ ،‬وهم‬ ‫األغنى نفطيا في العالم ولكن ليس لهم أدنى دستور أو فكرة اتحاد حقيقي يجمعهم‪.‬‬ ‫و يمتاز الدستور األلماني أنه أخذ عن النظام السياسي األمريكي وعن النظم األوربية‪ ،‬فجاء معدل‬ ‫برلمانيا ورئاسيا‪ ،‬فهي تعلم حقيقة التحديات الدولية ووضعها الدولي ودورها الحيوي المفترض‬ ‫تطويره‪.‬‬ ‫دولة االتحاد والواليات‪ :‬و تتألف من دولة االتحاد ومن ‪ 61‬والية‪ .‬ويحدد الدستور األلماني مجاالت عمل‬ ‫وصالحيات كل من االتحاد والواليات‪ .‬ومن هذه الناحية فإن النظام االتحادي األلماني يشبه إلى حد كبير النظم‬ ‫االتحادية في الدول األخرى‪ .‬أما الحياة العامة في ألمانيا فهي محكومة بالدستور (القانون األساسي)‪ .‬وحسب مبدأ‬ ‫سيادة الدولة وتوزيعها يخضع المواطنون في كافة األحوال تقريبا لسلطة الوالية أو للجهة اإلدارية التي تمثل هذه‬ ‫السلطة ‪.‬ويهدف الدستور بإتباعه هذا المبدأ إلى الجمع بين ميزات دولة االتحاد وميزات الواليات االتحادية‪ .‬بينما‬ ‫يتعامل مواطنو الدول االتحادية األخرى في حياتهم اليومية غالبا مع جهات تمثل الدولة االتحادية‪ .‬ويشترط الدستور‬ ‫المساواة في شروط المعيشة بين كافة الواليات االتحادية‪ .‬تخضع هذه الشروط المعيشية بشكل أساسي للسياسات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫واليات جمهورية ألمانيا االتحادية‪ :‬جمهورية ألمانيا االتحادية هي عبارة عن نظام اتحادي فدرالي‪،‬‬ ‫وتتمتع كل من الحكومة االتحادية وحكومات الواليات بصالحيات ومهمات‪ ،‬حيث تعتبر الحكومة‬ ‫االتحادية مسئولة عن السياسة الخارجية والسياسة األوروبية والدفاع والعدل والعمل والسياسة‬ ‫االجتماعية والصحية‪ ،‬بينما تخضع سياسات األمن الداخلي والمدارس والتعليم العالي وكذلك اإلدارة‬ ‫المحلية واإلقليمية لسلطة الواليات‪ .‬وتتركز مسؤولية االتحاد بشكل أساسي في سن القوانين التي‬ ‫تشارك الواليات االتحادية ممثلة بمجلس الواليات أيضا في سنها‪ .‬وتكون من وظيفة إدارات‬ ‫الواليات في المقابل العمل على تطبيق قوانين الواليات إضافة القوانين االتحادية‪ .‬وتكمن أسباب هذا‬ ‫التقسيم والتوزيع في الماضي‪ :‬فقد نشأت الدولة القومية األلمانية في العام ‪ 6786‬من خالل اتفاق‬ ‫العديد من الدويالت المستقلة‪ .‬وبهذا لم يكن من الضروري بناء دولة مركزية كبيرة‪ .‬ومن بين ‪61‬‬ ‫والية تتفرد ثالث واليات بخاصة متميزة وهي أن كال منها عبارة عن مدينة واحدة‪ ،‬وهي برلين‬ ‫وبريمن وهامبورغ‪ ،‬بينما تمتد مساحات الواليات األخرى لتشمل العديد من المدن والمناطق الريفية‪.‬‬ ‫األحزاب السياسية‪ :‬في الدستور األلماني يجب أن تنطلق من أساس دستوري يضبط عملها‬ ‫الديمقراطي لكي تكون مشروعة‪ ،‬وتحل أو تمنع من عملها حسب طلب من الحكومة والبث فيه من‬ ‫قبل المحكمة الدستورية‪ ،‬علما بأن الحكمة في ذاتها هي مشكلة دوما من ائتالف حزبي تعددي ‪ .‬ولقد‬ ‫وضحنا ذلك في الفصل السادس‪..‬‬ ‫نظام االنتخاب‪ :‬نظام االنتخاب األلماني يجعل من الصعوبة بمكان تفرد أحد األحزاب السياسية‬ ‫بالسلطة وتشكيل الحكومة‪ .‬األمر الذي حدث مرة واحدة فقط خالل ‪ 61‬عاما‪ .‬أما القاعدة فهي‬ ‫تحالف األحزاب في الحكم‪ .‬ولكي يعرف الناخبون من الذي سيكون شريك الحزب الذي ينتخبونه في‬ ‫الحكم‪ ،‬تقوم األحزاب غالبا بالتعبير عن رغباتها في تشكيل التحالفات واالئتالفات قبل خوضها‬ ‫الحمالت االنتخابية‪ .‬وبانتخابه أحد األحزاب يكون المواطن قد عبر من ناحية عن ميله إلى تحالف‬ ‫معين من األحزاب‪ ،‬وعن رغبته في توزيع القوى بين األحزاب الحاكمة في المستقبل من ناحية‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫والدستور هو النافذة التي تطل من خالله الشعوب على العلم بشكل مشروع‪.‬‬ ‫وفيما مناقشة عن مكونات الدستور األلماني‪ ،‬وفي ظل ما جاء عن "يورغن هارتمان"‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أوال‪ ،‬مكون السلطة التشريعية‬ ‫وهو "البوند ستاغ" ويعني البرلمان االتحادي‪ ،‬وأعضاؤه منتخبون ويمثلون جميع الشعب األلماني‪،‬‬ ‫وعددهم ‪ ،951‬وينتخب نصفهم عن طريق االنتخاب لوائح انتخابية على مستوى الواليات‪ ،‬وعادة ما‬ ‫يعرف باسم "مجلس الشيوخ"‪ ،‬والنصف األخر باالنتخاب العام عن طريق الدوائر االنتخابية‪ ،‬وهم‬ ‫بمثابة مجلس النواب‪.‬‬ ‫وهناك (مجلس الواليات) مجلس الواليات يمثل الواليات المختلفة ويعتبر هيئة ثانية إلى جانب‬ ‫"البوندستاغ " (البرلمان االتحادي)‪ .‬ومن مهامه مناقشة كل القوانين االتحادية‪ .‬وعلى اعتباره‬ ‫ممثال للواليات يتمتع المجلس بدور المجلس الثاني في بقية الدول االتحادية الذي يعرف عادة باسم‬ ‫"مجلس الشيوخ"‪ .‬ويتألف مجلس الواليات حصرا من ممثلين عن الواليات‪ .‬ويتناسب نظام‬ ‫التصويت مع عدد سكان الواليات بشكل عادل‪ :‬حيث تتمتع كل والية بثالثة أصوات على األقل‪ ،‬بينما‬ ‫يمكن أن تتمتع الواليات األكثر سكانا بعدد من األصوات يصل إلى ستة ‪.‬‬ ‫وفي العموم ترتكز مهام السلطة التشريعية على ثالثة اختصاصات رئيسة‪ ،‬وهي‪ )0( :‬مهمة انتخاب‬ ‫المستشار االتحادي‪ ،‬وهو رئيس الحكومة‪ ،‬ويدعم "البوند ستاغ" ضمان استمراره في الحكم من‬ ‫خالل تأييد سياساته‪ .‬ويمكن عزل المستشار من خالل التصويت على نزع الثقة‪ .‬وتتنافس األحزاب‬ ‫السياسية في الدوائر االنتخابية للحصول على أعلى األصوات وكسب الكتلة البرلمانية‪ ،‬ويمنح الشعب‬ ‫ثقة كبيرة في دور وأهمية العملية الحزبية‪ .‬وال يمكن لألحزاب التي تحصل على أقل من عتبة ‪%9‬‬ ‫من أصوات الناخبين المشاركة في البرلمان‪ )2( .‬المهمة التشريعية‪ ،‬ولها جانبين‪ ،‬فهناك مشروعات‬ ‫القوانين المقترحة من البرلمان‪ ،‬حيث ومنذ ‪ 0585‬قام البوندستاغ بطرح أكثر من ‪ 01111‬مشروع‬ ‫قانون وسن أكثر من ‪ 9911‬قانون‪ ،‬تناول الكثير منها تغييرات وتعديالت في القوانين السارية ‪.‬‬ ‫وهناك مشروعات القوانين والسياسات المقترحة من الحكومة‪ ،‬ويتساوى البوندستاغ مع البرلمانات‬ ‫في الديمقراطيات البرلمانية األخرى‪ ،‬حيث أن مهمته الرئيسية تتجلى في سن القوانين والتشريعات‬ ‫التي تقترحها ا الحكومة األلمانية‪ ،‬وله مقر خاص ‪ ،‬وال يمتاز بالجدل السياسي كالبرلمان البريطاني‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بل يرتكز على العمل السياسي على شاكلة النظام األمريكي‪ .‬ويؤدي هذه المهمة بفعالية عن طريق‬ ‫تشكليه للجان متخصصة وهي التي تناقش بشكل مكثف القوانين المقترحة على البرلمان‪ )3( .‬المهمة‬ ‫الرقابية البرلمانية‪ ،‬وتتجلى في الرقابة على أداء الحكومة‪ .‬والرقابة البرلمانية التي تتم ممارستها‬ ‫بشكل علني‪ ،‬تمارسها المعارضة البرلمانية بشكل أساسي‪ .‬أما الرقابة التي ال تظهر للعموم والتي ال‬ ‫تقل فاعلية عن رقابة المعارضة‪ ،‬فهي الرقابة التي يمارسها أعضاء البرلمان المنتمين إلى األحزاب‬ ‫الحاكمة‪ ،‬والذين يطرحون تساؤالتهم المحرجة على ممثلي الحكومة بشكل مستمر وخالل وعلى‬ ‫هوامش المداوالت وغير عالنية‪ ،‬ولها أثرها في التصويب السياسي‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مكون السلطة التنفيذية‬ ‫ويشمل جانبين جوهرين وهما‪ ،‬رئاسة الدولة والحكومة‪ .‬ويطلق على رئيس الدولة‪ " ،‬الرئيس‬ ‫االتحادي"‪ ،‬وهو يمثل الرئيس االتحادي الجمهورية االتحادية كأعلى سلطة‪ .‬وهو يمثل البالد في‬ ‫الخارج ويعين أعضاء الحكومة والقضاة وكبار الموظفين‪ .‬وبتوقيعه تصبح القوانين سارية المفعول‪.‬‬ ‫وهو يعفي الحكومة من مهامها وباستطاعته عمل ذلك قبل الموعد المحدد‪ ،‬كما حصل في صيف‬ ‫‪ .2119‬ولم يمنح الدستور األلماني رئيس الجمهورية حق النقض (فيتو) الذي يتمتع به الرئيس‬ ‫األمريكي أو غيره من الرؤساء الذي يمكنهم تعطيل قوانين وقرارات صادرة عن الهيئات البرلمانية‪.‬‬ ‫وتنحصر مهمته في المصادقة على القرارات البرلمانية وعلى مقترحات الحكومة المتعلقة بالتعيينات‬ ‫في المناصب‪ .‬إال أنه يتأكد من مواءمة هذه القرارات والمقترحات لقواعد ونصوص الدستور ‪.‬‬ ‫و يمارس الرئيس االتحادي مهمته لفترة رئاسة تمتد خمس سنوات‪ ،‬ويمكن تجديد انتخابه لفترة‬ ‫رئاسية أخرى‪.‬‬ ‫أما انتخاب الرئيس االتحادي فيتم من خالل المجلس االتحادي‪ ،‬الذي يتألف من أعضاء البرلمان إلى‬ ‫جانب نفس العدد من المنتخبين من أعضاء برلمانات الواليات الستة عشر‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويطلق على رئيس الحكومة "المستشار االتحادي"‪ ،‬وهو العضو المنتخب الوحيد في الحكومة‪،‬‬ ‫ويمنحه الدستور حق تعيين الوزراء بصفته رئيس أعلى سلطة سياسية في البالد‪ .‬ويحدد المستشار‬ ‫أيضا عدد الوزارات ومجاالت اختصاص كل منها‪ .‬وهو صاحب الحق في توزيع المسؤوليات‬ ‫والمهمات‪ .‬األمر الذي يعكس سلطة المستشار ودوره الحاسم في وضع سياسة الحكومة‪ .‬وبهذه‬ ‫الصالحيات يتمتع المستشار االتحادي بدور سياسي قيادي أشبه بذلك يتمتع به رؤساء الجمهورية في‬ ‫الديمقراطيات األخرى ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مكون السياسية العامة‬ ‫النظام البرلماني الديمقراطي يعني أن سياسة الدولة يتم وضعها من قبل رئيس الحكومة و وزرائه‬ ‫وليس من قبل سلطة عليا‪ .‬فوضع السياسة العامة من مسئوليات الحكومة‪ ،‬وهناك جانب القوانين‬ ‫والقرارات التي تمس الواليات‪ ،‬فالدستور يضع القواعد الالزمة والعالقات بين سلطات االتحاد‬ ‫والواليات‪ ،‬فمثال‪ ،‬ترك الدستور المالي في ألمانيا للواليات مجاال واسعا لتمويل مهماتها‪ .‬حيث يتم‬ ‫فرض الضرائب األساسية ذات عائدات عالية بموجب قوانين اتحادية‪ ،‬إال أنها تتطلب رغم ذلك‬ ‫موافقة ممثلي الواليات (من خالل مجلس الواليات)‪ .‬ويكون جزء من حصيلة هذه الضرائب من‬ ‫نصيب الحكومة االتحادية أو حكومات الواليات‪ ،‬بينما يتشارك الجميع (اتحاد وواليات) في اقتسام‬ ‫الجزء اآلخر من الضرائب‪ ،‬وخاصة الضرائب ذات المردود العالي‪ .‬من هذا الجانب تشابه دولة‬ ‫االتحاد األلمانية إلى حد كبير دولة الكيان الواحد‪ .‬وتقوم الواليات بمراقبة وتنفيذ معظم الشؤون‬ ‫اإلدارية لدولة االتحاد‪ .‬أي أن النظام اإلداري األلماني يخضع لمبادئ فيدرالية ‪.‬وتقوم إدارات‬ ‫الواليات بتنفيذ قوانين الواليات المختلفة‪ .‬كما أنها تقوم بتنفيذ وتطبيق القوانين االتحادية إلى درجة‬ ‫كبيرة ‪.‬‬ ‫وفي ‪ 2115‬تم تعديل الدستور بشكل يحظر على الواليات أية استدانة جديدة اعتبارا من العام ‪،2121‬‬ ‫يحدد المديونية الجديدة التي المصرح بها لالتحاد اعتبارا من ‪ 2109‬بنسبة ال تزيد عن ‪ 1339‬من‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي (ضوابط االستدانة) مع مراعاة األحوال االستثنائية في حال وقوع أزمات‬ ‫اقتصادية ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتتمتع الواليات بسلطة مطلقة في كل ما يتعلق "بالتعليم العام والتعليم العالي‪ ،‬واألمن الداخلي وما‬ ‫يتبع له من شؤون الشرطة"‪ ،‬إضافة إلى اإلدارة الذاتية للمناطق المختلفة‪ .‬أما "مجلس الواليات" ذو‬ ‫النفوذ السياسي الواسع فإن الواليات تجد فيه تعويضا عن الدور التشريعي الكبير لدولة االتحاد‬ ‫المسئولة عن سن القوانين‪.‬‬ ‫ويساهم (مجلس الواليات) في صدور القوانين االتحادية‪ .‬وبهذا فهو يختلف عن أمثاله في الدول‬ ‫االتحادية األخرى‪ .‬ويسن الدستور على نوعين من مشاركة المجلس في التشريع ‪ )0( .‬القوانين‬ ‫االتحادية التي تزيد األعباء اإلدارية المالية للواليات‪ )2( ،‬القوانين التي تحل محل قوانين تقع ضمن‬ ‫سلطة الواليات تحتاج بالضرورة إلى موافقة (مجلس الواليات)‪ ،‬لكي يصبح القانون نافذا في هذه‬ ‫الحال فإنه يجب أن يخضع لموافقة مجلس الواليات بعد أن يوافق عليه البوندستاغ‪ .‬أي أن مجلس‬ ‫الواليات يتمتع بذات الصالحيات التشريعية للبوندستاغ‪ .‬ويصل عدد القوانين التي تخضع لموافقة‬ ‫مجلس الواليات حاليا إلى حوالي ‪ %91‬من مجمل القوانين ‪.‬‬ ‫بما أن تنفيذ القوانين االتحادية يقع بشكل أساسي على عاتق إدارات الواليات‪ ،‬فإن القوانين الهامة‬ ‫والقوانين التي يرتبط تنفيذها بتكاليف كبيرة تستدعي تدخل السلطات اإلدارية للواليات في الموافقة‬ ‫عليها ‪.‬‬ ‫وهنا يجب التمييز بين القوانين الخاضعة بالضرورة لموافقة (مجلس الواليات) والقوانين التي يمكن‬ ‫للمجلس االعتراض عليها‪ .‬فالمجلس يمكنه االعتراض على هذه القوانين‪ ،‬إال أن البوندستاغ يمكنه‬ ‫رغم ذلك التصويت على هذا الرفض ورفضه بذات الغالبية التي تم بها الرفض في مجلس الواليات‪،‬‬ ‫سواء بأغلبية مطلقة أو بأغلبية الثلثين‪ ،‬وفي هذه الحال يمكن الرفض بالغالبية المطلقة ألعضاء‬ ‫البوندستاغ على األقل غالبية مطلقة‪ .‬ومنذ أيلول‪/‬سبتمبر ‪ 2119‬تقوم عملية إصالح النظام الفيدرالي‬ ‫الجديد بمهمة تنظيم وإعادة توزيع المهمات واالختصاصات بين الحكومة االتحادية وحكومات‬ ‫الواليات‪ .‬ويهدف هذا اإلصالح إلى رفع كفاءة ومرونة اتخاذ القرارات على المستوى االتحادي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وعلى مستوى الواليات على السواء‪ ،‬إضافة إلى فصل وتحديد أوضح للمسؤوليات والصالحيات بين‬ ‫هذين المستويين ‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬مكون السلطة القضائية‬ ‫تعتبر المحكمة الدستورية العليا هي السلطة القضائية العليا‪ ،‬وهي إحدى المؤسسات األلمانية التي‬ ‫نشأت في النظام الديمقراطي لما بعد الحرب‪ .‬وقد منحها الدستور حق إلغاء القوانين التي يتم اتخاذها‬ ‫بطريقة ديمقراطية إذا ما توصلت إلى االنطباع بأن هذه القوانين تتعارض مع الدستور‪ .‬وتتدخل‬ ‫المحكمة الدستورية فقط عندما يطلب منها ذلك من خالل طلب أو دعوى‪ .‬أما الهيئات التي يحق لها‬ ‫اللجوء إلى المحكمة الدستورية فهي محددة بالهيئات االتحادية‪ :‬رئيس الجمهورية والبوندستاغ‬ ‫ومجلس الواليات والحكومة االتحادية وبعناصر هذه الهيئات كأعضاء البرلمان والكتل البرلمانية‬ ‫وحكومات الواليات‪ .‬وتعمل المحكمة الدستورية في إطار هذه "الخالفات الدستورية" على حماية‬ ‫توزيع سلطة الدولة االتحادية بالطريقة التي ضمنها الدستور‪ .‬ومن أجل إتاحة المجال أمام األقليات‬ ‫البرلمانية للجوء إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬فإنه يكفي مصادقة ثلث أعضاء البرلمان على اقتراح ضد‬ ‫قانون ما ‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك فإن الدستور يتيح للمواطن الفرد إمكانية "رفع شكوى دستورية" إذا ما رأى اعتداء‬ ‫على حقوقه األساسية من قبل أية سلطة حكومية‪ .‬وتتراكم سنويا آالف الدعاوى الدستورية التي‬ ‫يرفعها المواطنون أمام المحكمة التي تتمتع بحق اختيار الدعاوى التي تتصف أحكامها باالتجاه العام‬ ‫فيما يتعلق بالحقوق األساسية‪ .‬كما أن من واجب كل محكمة ألمانية النظر فيما يسمى "دعوى محددة‬ ‫للرقابة" ورفعها للمحكمة الدستورية إذا ما وجدت تعارضا بين قانون ما وبين أحكام الدستور‪.‬‬ ‫والمحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في دستورية األحكام والقوانين‪.‬‬ ‫يرسم الدستور األلماني حدودا للتشريع القانوني ضمن اإلطار الدستوري‪ ،‬كما يلزم إدارة الدولة‬ ‫بالحق والقانون‪ .‬وتحتل الفقرة األولى من الدستور مكانة خاصة‪ ،‬فهي تعتبر أهم فقرة من الدستور لما‬ ‫تنص عليه من احترام كرامة اإلنسان‪" :‬ال يجوز المساس بكرامة اإلنسان‪ .‬وتلتزم الدولة بكافة‬ ‫مؤسساتها باحترامها وحمايتها"‪ .‬وتضمن الحقوق األساسية أيضا أمورا‪ ،‬منها حرية التجارة في إطار‬ ‫القوانين‪ ،‬والمساواة بين الناس أمام القانون‪ ،‬وحرية اإلعالم والصحافة وحرية الجمعيات وحماية‬ ‫األسرة ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يصف الدستور ألمانيا على أنها بلد سيادة القانون‪ :‬تخضع فيها كافة تصرفات الجهات الحكومية‬ ‫لرقابة القانون‪ .‬وتعتبر الدولة االتحادية مبدأ آخر من مبادئ الدستور‪ .‬وهي تعني تقاسم السلطة بين‬ ‫مجموعة من الواليات األعضاء من جهة وبين دولة مركزية من جهة أخرى‪ .‬وأخيرا يعتبر الدستور‬ ‫ألمانيا على أنها دولة اجتماعية‪ .‬والدولة االجتماعية تفرض على السياسة اتخاذ إجراءات تضمن‬ ‫للناس مستوى الئقا من الحياة المادية‪ ،‬في حاالت البطالة واإلعاقة الجسدية والمرض والشيخوخة‪ .‬أما‬ ‫الميزة الخاصة التي يتمتع بها الدستور فهي ما يعرف باسم "الطبيعة األزلية" التي تتمتع بها أسس‬ ‫هذا الدستور‪ .‬الحقوق األساسية وطريقة الحكم الديمقراطية والدولة االتحادية والدولة االجتماعية‪،‬‬ ‫كلها مبادئ ال يجوز المساس بها من خالل تعديالت الحقة على الدستور‪ ،‬أو حتى في حال صياغة‬ ‫دستور جديد للدولة‪.‬‬ ‫أما حقيقة أن الشعب يمارس السلطة من خالل مؤسسات محددة‪ ،‬فهي تتواكب مع نص الدستور على‬ ‫طريقة الحكم المعتمدة على التمثيل الديمقراطي‪ .‬وتمتلك دساتير الواليات االتحادية وسائل‬ ‫الديمقراطية المباشرة‪ .‬فمن خالل المبادرة الشعبية تطالب مجموعة قليلة من المواطنين برلمان الوالية‬ ‫بصياغة قانون ما‪ .‬ويطالب االستفتاء الشعبي بطريقة مشابهة البرلمان بالموافقة على مشروع قانون‬ ‫مطروح‪ .‬وإذا لم يلتزم البرلمان باالستفتاء يمكن اللجوء إلى قرار شعبي‪ ،‬يمكن من خالله للغالبية‬ ‫إقرار هذا القانون‬ ‫و ينقسم القضاء األلماني إلى خمسة أقسام من المحاكم‪ :‬محكمة النظام واالنضباط‪ ،‬محكمة العمل‪،‬‬ ‫المحكمة اإلدارية‪ ،‬المحكمة االجتماعية‪ ،‬المحكمة المالية‪ .‬ويوجد في األحوال العادية ثالث جهات‬ ‫قضائية تقوم بتقييم األحكام القضائية ‪.‬‬ ‫ويمكن ألصحاب العالقة الطعن بحكم المحكمة‪ .‬عندها ال بد لجهة قضائية أعلى (االستئناف) من‬ ‫مراجعة في هذا الحكم واتخاذ القرار والحكم المناسب‪ .‬أما الحكم الذي ال يمكن مراجعته أو الطعن به‬ ‫فهو حكم المحكمة النهائية (المرحلة الثالثة) التي يعتبر الحكم الصادر عنها حكما قطعيا ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫إصدار األحكام القضائية حكر على حوالي ‪ 21111‬قاض محترف يعملون بشكل مستقل وال‬ ‫يخضعون لسلطة غير سلطة القانون‪ .‬وعادة ما يبقى القاضي في عمله مدى الحياة‪ .‬ومن حيث المبدأ‬ ‫ال يمكن عزل القاضي من منصبه‪ .‬باإلضافة إلى ذلك يوجد في ألمانيا حوالي ‪ 9111‬نائب عام وأكثر‬ ‫من ‪ 091111‬محام ‪.‬‬ ‫ويعتبر النظام القانوني األلماني مثاال تحذو حذوه األنظمة القانونية في دول أخرى‪ .‬سيادة القانون التي‬ ‫يتم تثمينها عاليا على المستوى الدولي تجتذب الشركات وتتيح إمكانية االستثمار وتوفر أجواء الحياة‬ ‫االقتصادية المثالية في ألمانيا‪.‬‬ ‫وجمهورية ألمانيا االتحادية هي دولة قانون تعمل بمبدأ سيادة القانون في ضمان الحقوق وحماية‬ ‫الحريات وتحقيق العدالة‪ .‬ويساهم الدستور األلماني بشكل كبير في بلوغ هذه األهداف‪ ،‬حيث ينص‬ ‫على مبادئ دولة القانون ويؤكد على أهميتها‪ .‬كما تسهر أعلى سلطة قضائية في البالد على ضمان‬ ‫االلتزام بهذه المبادئ‪.‬‬

‫فلسفة الدستور الليبي ‪1551‬‬ ‫تم وضع الدستور الليبي في ‪ 8‬أكتوبر ‪ 6566‬عن طريق لجنة وطنية توافقية على مستوى األقاليم‬ ‫الليبية الثالثة‪ ،‬وهي أقاليم كانت حينذاك تكافح من أجل تحقيق االستقالل التام و الوحدة الوطنية‬ ‫والترابية‪ .‬ومن ثم نالت ليبيا اعتراف األمم المتحدة باستقاللها في ‪ 22‬ديسمبر ‪ ،1551‬وبهذا تكون‬ ‫ليبيا أول دولة دستورية بامتياز في العالم‪.‬‬ ‫ولكل دستور تفاصيل سياسية معينة يجب أن تعرف لكي ال يضيع جهاد األجداد وحجم التضحيات‬ ‫والبطوالت التاريخية واالنجازات اإلنسانية والفنية‪ ،‬فقيمة النضال الوطني ال يسيء تقديرها إال‬ ‫السفهاء‪ ،‬فكل إنجاز اتجاه بناء الدستور هو إنجاز شعب نحو بناء وترسيخ كرامته‪ ،‬وضياعه يعد‬ ‫أصل الخيانة الكبرى التي يأتي بعدها ضياع الحريات وفقدان الكرامة اإلنسانية‪ .‬نعم فإن الدستور‬ ‫هو أحدى اإلنجازات الوطنية والتاريخية الكبرى‪ ،‬ويجب أن تكون في كل دستور مقدمة معبرة عن‬ ‫ثمن الحرية والكرامة المدفوع لكي يتذكره األجيال وال يفرط فيه‪.‬‬ ‫ونضال الشعب الليبي طويل ينبغي أن يشار إليه كروح إلحياء الدستور ومكسب االستقالل نقطة‬ ‫تحول في تاريخ هذا البلد‪ ،‬واالحتفاظ بذكراها هو بمثابة االحتفاظ بدستورها‪ ،‬فاالستقالل والدستور‬ ‫الليبي تؤمان‪ ،‬والنضال الوطني الليبي يشرع مصدر شرعيتهما‪ ،‬حيث تزامن نضال الليبيين الذي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أستمر لمدة عقود منذ االحتالل اإليطالي في ‪ ،1511‬حيث إيطاليا تحتج بحقبة االستعمار القديم‪،‬‬ ‫وتريد أن تعيد مستعمراتها اإلمبراطورية خارج حدودها الطبيعية‪ ،‬حاول إعادة مرورا بفترتي‬ ‫الحرب العالمية األولى والثانية‪ ،‬حيث استبيحت األراضي الليبية لتكون ساحات لالقتتال بين دول‬ ‫االستعمار من أجل السيطرة على خيرات البلدان وإذالل الشعوب‪.‬‬ ‫وبعد انتصار الحلفاء في ‪ ،1525‬وتأسيس منظمة األمم المتحدة‪ ،‬وظهور السالح النووي‪ ،‬وإعالن‬ ‫روسيا أنها قوة نووية‪ ،‬ولها إيديولوجية عالمية شيوعية متباينة مع الرأسمالية الغربية‪ ،‬وبدأت‬ ‫الحرب الباردة بين المعسكرين‪ ،‬كل يحشد أتباعه ويقوي تحالفه السياسي والعسكري‪ .‬ونتيجة لذلك‬ ‫وفي العام ‪ 1521‬طالبت روسيا باحتالل ليبيا كحصتها في إطار تقسيم الدول العربية الذي‬ ‫استحوذت عليه بريطانيا و فرنسا في االستعمار الحديث أوال‪ ،‬بحكم شرعيتهما االستعمارية منذ‬ ‫‪ 1011‬ودورهما في إضعاف وتفكيك الدولة العثمانية‪ .‬ولهذا أصرت روسيا بحكم كونها أحدى دول‬ ‫الحلفاء أن يكون لها حصتها في التقسيم وأصرت على ليبيا‪ ،‬و من هنا تحول المستعمر البريطاني‬ ‫ودخلت أمريكا على الخط حسب مبدأ ترومان ‪ ،‬ومن ثم تم الدفع بقبول استقالل ليبيا‪ ،‬وتوج النضال‬ ‫التاريخي الليبي‪ ،‬وتفادى الليبيون أن يتحول نضالهم ضد مستعمر جديد‪ .‬وحققت بريطانيا وأمريكا‬ ‫أن يكون لهما قواعدهما لحماية ليبيا من عودة الفاشية والنازية والشيوعية‪.‬‬ ‫والذي أقصده هنا يجب أن يؤسس الدستور على وعي سياسي دولي كافي ألن أهمية الدستور تكمن‬ ‫في مدى قوة شعور الشعب نحو دستورهم ومدى مشاركتهم في إعداد هذا الميثاق الغليظ‪ ،‬الذي يفيد‬ ‫اقتران شعب بوطن‪.‬‬ ‫وجاء عام ‪ 1565‬وهو موعد تنفيذ مشروع تبادل روسي‪-‬أمريكي‪ ،‬وحدث ما يكن في حسبا الليبيون‪،‬‬ ‫وهو عواقب اتفاق استعماري‪ ،‬بين روسيا وهي قائدة المعسكر "الشيوعي‪-‬االشتراكي"‪ ،‬وأمريكا‬ ‫قائدة المعسكر "اإلمبريالي‪-‬الرأسمالي" على أن تخرج روسيا من مصر‪ ،‬وتسلم لليبيا لالتحاد‬ ‫السوفيتي‪.‬‬ ‫وحدث االنقالب العسكري بتدبير خارجي‪ ،‬وأجهضت الديمقراطية الليبية‪ ،‬ورمي بالدستور الليبي‬ ‫عرض الحائط عن طريق إعالن دستوري عسكري غير شرعي‪.‬‬ ‫ونستفيد من تجربة الدستور الليبي ‪ 1551‬مسألتين هامتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫وهذا يعطي مبدأ دستوري عالمي متعارف عليه‪ ،‬وهي إمكانية وضع الدستور للدول أثناء مرحلة‬ ‫التحرير‪ ،‬بحيث عندما تنتصر في كفاحها المسلح من أجل الحرية والكرامة‪ ،‬يكون نظام الدولة‬ ‫وأسلوب الحكم واضح ومعد مسبقا لتفادي مخاطر الفراغات السياسية‪ ،‬والتخبط بسبب حداثة التجربة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وصعوبة بناء الدولة وتصادم التيارات السياسية واالتجاهات الفكرية‪ ،‬ألن اهم ما في الدستور هو‬ ‫الروح السليمة والنفوس الوطنية الحقيقية وعدم ارتضا الخيانة بأي حال وثمن‪.‬‬ ‫كما أن الدستور يمثل سيادة الدولة بنظامها المتعارف عليه في الساحة الدولية‪ ،‬ويعبر عن تحقيق‬ ‫حقوق شعب على أقلميه‪ ،‬و يعكس شرعية أسلوب الحكم‪.‬‬ ‫على الشعوب العربية أن تدرك أن الدساتير هي إنجاز حضاري إسالمي‪ ،‬فهو عقد بين الناس في‬ ‫كيفية تنظيم شئون حياتهم وعالقاتهم ببعض‪ ،‬وعالقاتهم بالغير‪ ،‬وتحديد حقوقهم و واجباتهم العامة‪.‬‬ ‫وهو نتاج أصيل لهذه الشعوب‪ ،‬أما الشعوب األوربية فهو بالنسبة لهم‪ ،‬منقول عبر المستشرقين‪ ،‬ولم‬ ‫يؤخذ بذلك إال بعد ‪ 1021‬وبسبب ظهور ما سمي بثورات الربيع األوربي‪ ،‬و انتشار مبدأ حق‬ ‫الشعوب في تقرير مصيرها‪ .‬ومن هذه المنطلق فإن المنطق السياسي السليم أن تصنع الشعوب‬ ‫دستورها وبنفسها‪ ،‬وتحميه‪ ،‬وتكون حذرة من المستعمر‪ ،‬حيث طبيعية الحركة االستعمارية أن ال‬ ‫تحترم اتفاقيات‪ ،‬بل تنقض عليها حال يتغير ميزان القوة لصالحها‪ ،‬أوال ظهور أي تسوية تجد فيها‬ ‫مصالحها‪ ،‬وأن تتنازل عن كل القيم ما دام ذلك ضروري لالستمرارية وتحقيق غايتها‪ .‬وبذلك فهو‬ ‫وثيقة تحمي استقالل أو سيادة الدول‪ ،‬ودافع للدول بمنظمة األمم المتحدة أن تؤيد نيلها الستقاللها‬ ‫المشروع‪ ،‬وأن تصبح ذات شخصية اعتبارية دولية‪.‬‬ ‫ومن خالل الدستور تكون الدولة قد أنجزت مرحلة تأسيسها‪.‬‬ ‫أما مرحلة بناء الدول فهي تفاعلية مستمرة ال تنتهي بفترة معينة‪ ،‬ولكنها مستويات تنموية صاعدة‬ ‫وهابطة‪.‬‬ ‫وعوامل ذلك هو الوعي والمشاركة الشعبية الحقيقية‪ ،‬انتخاب القيادات الوطنية وذات الكفاءة‪ ،‬إتقان‬ ‫العالقات الدولية و تحقيق العوامل الخارجية الرسمية اإليجابية‪ ،‬واالستغالل األمثل لموارد البالد‬ ‫وتنميتها بأقصى درجات اإلصالح ومنع أدنى فساد سياسي أو مالي‪.‬‬ ‫ولذلك نجد أن دستور ‪ 1551‬الليبي جعل أحد مكوناته "النظام المالي للدولة"‪ .‬ونجد أنه حدد مواد‬ ‫مالية تنفيذية و رقابية تفصيلية‪ ،‬وهي ما أرتكز عليها إعداد وصدور "قانون النظام المالي للدولة‬ ‫الليبية في ‪ .1552‬وظل هذا القانون ساري العمل ونافذ لتاريخيه بسبب شرعيته الدستورية ودقته‬ ‫المالية‪.‬‬ ‫كما أنه ينبغي في حالة صدور دستور ليبي جديد أن يشار إلي الدستور الليبي األصل ‪ ،1515‬وهذا‬ ‫يعطي العمق لتاريخي للدستور واالمتداد الشرعي ويقدر النضال الوطني ودور األجداد وتضحيات‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الشعب‪ ،‬وال يقطع أي دستور جديد من جذوره الشرعية‪ ،‬حيث في ذك مخاطر‪ ،‬وضياع حقائق‬ ‫تسبب في تغييب الوعي الشعبي الالزم‪ .‬ولهذه ذكرنا لمحة تاريخية بحيث يدرك المواطن أن‬ ‫الدستور هو شريان الشعب في الحياة المدنية المنظمة فال ينبغي أن تنقطع منابع شرعيته وال ينبغي‬ ‫أن يلوث بخدمة االستعمار وال أن تعيش لشعوب بدستور أو شريان حياة غيرها‪.‬‬ ‫فالشعوب الغير قادرة على صناعة دستورها بنفسها وحمايته عبر األجيال هي شعوب غير جديرة‬ ‫بالحياة‪.‬‬

‫مناقشة مكونات الدستور‪:‬‬ ‫المالحظ أن الفصل األول والفصل الثاني تمثل ركن "نظام الدولة"‪ ،‬حيث أشتمل على أسس الدولة‬ ‫وهي السيادة والتنظيم السياسي‪ ،‬وتناول في الفصل الثاني الحريات والحقوق والواجبات العامة‬ ‫ونظام المجتمع بشكل موجز جدا‪ ،‬كما أن مقومات النظام االقتصادي لم يحددها‪ ،‬بل أستبدلها بالنظام‬ ‫المالي في الفصل السابع ضمن أسلوب الحكم‪.‬‬ ‫ومن الفصل الثالث إلي الفصل العاشر تمثل ركن "أسلوب الحكم"‪ ،‬وهي السلطات الثالثة والعالقة‬ ‫بينهما‪ ،‬والتقسيم اإلداري واإلدارة المحلية‪ ،‬كما يستنبط من عموم صناعة الدساتير‪.‬‬ ‫وتعبر "المقدمة الدستورية" عن ثالثة مسائل حيوية‪ ،‬وهي مالئمة للمرحلة‪ ،‬وكما ذكرنا يؤسس على‬ ‫بعضه‪ ،‬فمثال‪ ،‬بيعة الملك المذكورة في المقدمة شرعت لمسألة اليمين الدستوري وفي عبارة قسم‬ ‫المسئولين أن يكونوا مخلصين للوطن وللملك‪ ،‬وسوف أناقش مسألة اليمين في الفصل الختامي من‬ ‫الكتاب‪ ،‬فقد شملت المقدمة النقاط التالية‪:‬‬ ‫حددت طريقة شرعية الدستور بإعداده عن طريق ممثلي الشعب عن األقاليم الثالثة في جمعية‬ ‫وطنية تأسيسية بإرادة هللا‪.‬‬ ‫حددت نظام الدولة وهو قيام دولة ملكية وسطرت بيعة الشعب للملك‪.‬‬ ‫حددت المبادئ المحورية التي يتشكل حولها الدستور‪ ،‬وهي‪" ،‬تكوين دولة ديمقراطية ذات سيادة‬ ‫تؤمن بوحدتها القومية وتصون الطمأنينة الداخلية وتهيئ وسائل الدفاع وتكفل إقامة عادلة وتضمن‬ ‫مبادئ الحرية والمساواة واإلخاء وترعى الرقي االقتصادي واالجتماعي والخير العام "‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الفصل األول‬ ‫شكل الدولة ونظام الحكم‬ ‫وهذا الفصل يعبر عن مكون "نظام الدولة"‪ ،‬وهو عادة يشمل عنصرين أساسين‪ ،‬وهما‬ ‫"السيادة والتنظيم السياسي‪ ،‬حيث حددها على النحو التالي‪:‬‬ ‫أ‪" -‬السيادة"‪ :‬حيث سطر بأن ليبيا دولة مستقلة ال يجوز التنازل عن جزء من أراضيها‪( ،‬ونالحظ‬ ‫هنا هذه العبارة تدل على الكفاح الجاري حول ضرورة استقاللية إقليم طرابلس وإقليم فزان‬ ‫من االستعمار)‪ .‬ورسم حدود الدولة الجغرافية وموقعها كجزء من الوطن العربي وقسم من‬ ‫القارة األفريقية‪ ،‬وفي ذلك بعد سياسي خارجي وتفكير إستراتيجي مما يشير إلي السيادة‬ ‫الخارجية في سياستها مستقلة ومستقرة‪ .‬كما أن تحديد العلم‪ ،‬والنشيد الوطني‪ ،‬ودين الدولة هي‬ ‫من مظاهر السيادة‪ ،‬وتأكيدها في الدستور يعكس توافق الفكر السياسي والتجانس الشعبي‪.‬‬ ‫(وقد عرف الدستور في المادة ‪ 81‬مفهوم "السيادة" فهي هلل وهي بإرادته تعالى وديعة األمة ‪،‬‬ ‫واألمة مصدر السلطات)‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ثانيا‪" ،‬التنظيم السياسي"‪ :‬حيث حدد بأن نظام الحكم وراثي نيابي – تتم االنتخابات العامة على‬ ‫مستوى النواب فقط‪ ،-‬وحدد أسم الدولة "المملكة الليبية" بما يتوافق مع طبيعة النظم الوراثية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫حقوق الشعب‬ ‫وهذا الفصل تناول مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة‪ ،‬وفي حقيقة األمر فهذه‬ ‫الحريات والحقوق متعارف عليها عالميا في جميع الدساتير‪.‬‬ ‫إال أن المهم هو تدريس هذه الحقوق بالمدارس وتوجيه األسر على تنشئة أبنائهم عليها‪ ،‬فهي‬ ‫من جهة تكفلها الدولة ومن جهة أخرى يمارسها المجتمع ويرفض كل منهم أن يتعدى عليها‪،‬‬ ‫حيث نالحظ أن اإليديولوجيات ونظم االستبداد أول ما تنتهك هذه الحريات بأيدي النفس من‬ ‫أجل خراب األوطان والضرر بسالمة لتعايش‪.‬‬ ‫ويشمل العناصر المتعارف عليها عالميا في تحقيق الحريات والحقوق اإلنسانية‪ ،‬وتشمل‪:‬‬ ‫"شروط الجنسية تحدد بقانون وفق أساس الدستور"‪" ،‬المساواة القانونية والعدالة االجتماعية‬ ‫تكفلها الدولة"‪" ،‬الحرية الشخصية تكفلها الدولة والقانون"‪" ،‬منع السخرة تكفله الدولة وحسب‬ ‫قانون في حاالت طارئة"‪" ،‬حق التقاضي مكفول للجميع حسب القانون"‪ ،‬تكفله الدولة"‪،‬‬ ‫"عدالة القضاء بتوفير ضمانات الدفاع الكافية وعالنية المحاكمة والمتهم بريء حتى تثبت‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫إدانته"‪" ،‬كرامة اإلنسان حيث ال يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه إال بأمر‬ ‫قضائي"‪" ،‬ال جريمة وال عقوبة إال بناء على قانون وال عقاب إال على األفعال الالحقة‬ ‫لصدور القانون"‪" ،‬ال يجوز اإلبعاد عن الوطن وال يجوز أن تحظر حرية تنقلهم أو إقامتهم في‬ ‫جهة معينة أو أن يلزموا في اإلقامة بمكان معين"‪" ،‬للمساكن حرمتها فال يجوز دخولها أو‬ ‫تفتيشها إال في األحوال القضائية وبالكيفية المبينة بالقانون"‪" ،‬سرية جميع المخاطبات‬ ‫والمراسالت والبرقية واالتصاالت على اختالف صورها مكفولة وال يجوز مراقبتها أو‬ ‫تأخيرها"‪" ،‬حرية األديان واالعتقاد مطلقة وتحترم الدولة جميع األديان والمذاهب وتكفل‬ ‫لألجانب حرية ممارسة شعائرهم الدينية على أن ال يخل بالنظام العام وال ينافي اآلداب"‪،‬‬ ‫"حرية الفكر مكفولة ولكل شخص الحق في التعبير عن رأيه وإذاعته بكافة الطرق والوسائل‬ ‫وال يجوز إساءة استخدام هذه الحرية فيما يخالف النظام العام أو ينافي اآلداب"‪" .‬حرية‬ ‫الصحافة واإلعالم مكفولة بشتى الوسائل الالزمة وبما ال يضر بسالمة الوطن ومصلحة‬ ‫المجتمع أو ينافي اآلداب والنظام العام"‪" .‬حق االجتماع السلمي مكفول"‪" ،‬حق تكوين‬ ‫الجمعيات المدنية السليمة مكفول وينظمها القانون"‪" ،‬التعليم حق مكفول للجميع وتعمل الدولة‬ ‫على نشره بما تنشئه من مدارس رسمية وبما تسمح بإنشائه من مدارس خاصة تحت رقابتها"‪،‬‬ ‫"التعليم الحر مكفول ما لم يخل بالنظام العام أو يناف اآلداب‪ ،‬ويكون تنظيم أمر التعليم العام‬ ‫بالقانون"‪" ،‬التعليم األولي إلزامي ومجاني بنين وبنات"‪" ،‬للملكية حرمة فال يمتع المالك من‬ ‫التصرف في ملكه إال في حدود القانون وال ينزع من أحد ملكه إال بسبب المنفعة العامة وفي‬ ‫األحوال والكيفية المحددة بالقانون ويشترط التعويض العادل"‪ ،‬حق كل فرد مخاطبة السلطات‬ ‫العامة تحميل توقعيه فيما يعرض له من شأن‪ ،‬ومخاطبة السلطات باسم المجاميع فال تجوز إال‬ ‫للجهات النظامية أو األشخاص المعنوية"‪ " ،‬يحظر عقوبة المصادرة العامة لألموال‬ ‫الخاصة"‪" ،‬األسرة هي الركن األساسي للمجتمع وهي في حمى الدولة‪ ،‬وتحمي الدولة الزواج‬ ‫وتشجع عليه"‪" ،‬العمل واجب على كل قادر وهو في حماية الدولة‪ ،‬ولكل من يقوم بعمل الحق‬ ‫في أجر عادل"‪" ،‬واجب الدولة العمل على تحسين مستوى المعيشة من دخل كافي ومسكن‬ ‫الئق بقدر اإلمكان"‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫ملغي حسب قانون ‪ 0‬لسنة ‪ ،0593‬ويشمل المواد ‪ 39‬إلي ‪ ،35‬الخاصة بتنظيم عالقة السلطات‬ ‫االتحادية بسلطات الواليات‪(( .‬مالحظة‪ :‬وهي ان المواد االتحادية ال تصلح داخل البلدان‬ ‫العربية‪ ،‬آلنها ولدت لكي تكون متحدة‪ ،‬ولذلك هذه المواد تتبلور لتناسب البلدان العربية‬ ‫مجتمعة في ظل دستور شامل متكامل مرن ومصيري‪ ،‬فالدول العربية في حاجة إلي تجميع‬ ‫دستوري وال ينفعها تفتيت دستوري‪ ،‬ولن ينج ذلك بحكم انه مخالف لطبيعتها‪ ،‬والشعوب‬ ‫العربية تفقد كل شيء نفيس في هذه الحياة بسبب فرقتها وتخلفها و مستوى الوعي المتدني‬ ‫الذي ترتضيه ))‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الفصل الربع‬ ‫السلطات العامة‬ ‫وهو يحتوي على مكون "العالقة بين السلطات الدستورية الثالثة"‪( ،‬ونالحظ الرئاسة العليا‬ ‫للسلطات التشريعية والتنفيذية مع استقاللية السلطة القضائية"‪ ،‬وهذا بطبيعة النظم الملكية‬ ‫المتعارف عليها التي ال تفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية بشكل تام‪( ،‬كما أنه بحكم‬ ‫المرحلة التاريخية حيث كانت ليبيا دولة جديدة ويحتاج ممارسة فصل السلطات لتطورات‬ ‫فكرية وتجارب سياسية و وعي عام كافي ومسئولية وطنية تامة)‪ ،‬فقد حددت العالقة بين‬ ‫السلطات الثالثة على النحو التالي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬يتولى الملك السلطة التشريعية باالشتراك مع مجلس األمة‪ ،‬ويصدر الملك القوانين بعد أن‬ ‫يقرها مجلس األمة على الوجه المبين بالدستور‪.‬‬ ‫ب‪ -‬السلطة التنفيذية يتوالها الملك على الوجه المبين بالدستور‪.‬‬ ‫ت‪ -‬السلطة القضائية تتوالها المحكمة العليا والمحاكم األخرى التي تصدر أحكامها في حدود‬ ‫الدستور وفق القانون وباسم الملك ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫الملك‬ ‫يمثل هذا الفصل "مكون رئاسة الدولة" وصالحيات رئيس الدولة كما هو في عموم تركيبة‬ ‫الدساتير‪ ،‬ونالحظ قيادة السلطات بشكل واسع بيد الملك‪ ،‬وهذا ما أربك رؤية تحرر الدولة‬ ‫بأعين الشعب‪ ،‬رغم أنها كا نت دولة حقيقة وتسعى لتجسيد دولة القانون‪ ،‬إال أن المرحلة‬ ‫العربية كانت شديدة الحساسية ومع اختالف التيارات الفكرية الناشئة التي يغريها كل حديث‬ ‫وتخضع لكل وتفوق وهي الزالت كذلك‪ ،‬وقد كانت الشعوب العربية في لحظات خروجها‬ ‫متكدرة من استقالل منقوص وترغب في عدم تفتيت وحدتها القومية العربية وإضعافها‪ ،‬ومع‬ ‫بروز تيار "عروبة مزيف" موجه ضد تركيا ومع تدخالت أجنبية استغلت األمر وطورته‬ ‫لفرقة األمة العربية وإضعافها الشديد على حساب أكذوبة قومية وتقدمية واهية‪ ،‬وفي ظل‬ ‫مواجهة حرب باردة محيطة تتقاسم العالم العربي عسكريا وإيديولوجيا‪ ،‬وفي ظل توقف الحياة‬ ‫الحزبية الليبية وجود التفاعالت المدنية والسياسة‪ ،‬ما كان يمكن لشخص واحد في ظل دولة‬ ‫مولودة حديثة أن يتخذ قرارات لوحده في مثل هذه الضغوط والنوايا الدولية الغير حميدة ضد‬ ‫الشرعية واإلنسانية‪ ،‬فالعالم يتعامل مع الدول بواقعية ويبرر كل الوسائل الممكنة حسب‬ ‫مصالحها المادية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وترتب عن ذلك استهداف سقوط الملك هو سقوط الدستور ودخول البالد في عدم قدرتها على‬ ‫العمل الحكومي والتشريعي وال توجد صالحيات قضائية دستورية صريحة تبطل محاوالت‬ ‫إلغاء الدستور وعدم احترامه‪.‬‬ ‫ويمكن أن نلخص الصالحيات في التالي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬سيادة األمة أمانة األمة للملك ثم ألوالده من بعده‪( .‬وفي تقديري هذه مسألة حساسة في مجال الشرعية‬ ‫الدولية حيث ربطت السيادة بشخص الحاكم‪ ،‬وبالتالي سقوطه أو تنازله يشرع دوليا لغيره‪ ،‬وهذا ما استغل‬ ‫فعال في ‪.)0595‬‬

‫ب‪ -‬نظام الحكم وراثي وكما مبين بالدستور المواد ‪. 51-25‬‬ ‫ الصالحيات كما وردت بالدستور وتشمل‪ :‬الملك هو الرئيس األعلى للدولة‪ ،‬والملك مصون‬‫وغير مسئول‪ .‬و يتولى الملك سلطته بواسطة وزرائه وهم المسئولون‪ .‬و ال يتولى الملك عرشا‬ ‫خارج ليبيا إال بعد موافقة مجلس األمة‪ .‬والملك يصدق على القوانين ويصدرها‪ .‬والملك يضع‬ ‫اللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها‪ .‬الملك هو‬ ‫القائد األعلى لجميع القوات المسلحة في المملكة الليبية ‪ ،‬ومهمتها حماية سيادة البالد وسالمة‬ ‫أراضيها وأمنها ‪ ،‬وتشتمل الجيش وقوات األمن‪ .‬يعلن الملك الحرب ويعقد الصلح ويبرم‬ ‫المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس األمة‪ .‬الملك يعلن األحكام العرفية وحالة‬ ‫الطوارئ على أن يعرض إعالن األحكام العرفية على مجلس األمة ليقرر استمرارها أو‬ ‫إلغاءها‪ ،‬الملك ينشئ ويمنح األلقاب واألوسمة وغير ذلك من شارات الشرف‪ .‬أما إنشاء الرتب‬ ‫المدنية فمحظور‪ .‬الملك يعين رئيس الوزراء وله ان يقيله أو يقبل استقالته من منصبه ويعين‬ ‫الوزراء ويقيلهم أو يقبل استقالتهم بناء على ما يعرضه عليه رئيس الوزراء‪ .‬الملك يعين ويقيل‬ ‫الممثلين بناء على ما يعرضه عليه وزير الخارجية ويقبل اعتماد رؤساء البعثات السياسية‬ ‫األجنبية لديه ‪ .‬الملك ينشئ المصالح العامة ويعين كبار الموظفين ويعزلهم وفقا ألحكام‬ ‫القانون‪ .‬تسك العملة باسم الملك وفقا للقانون‪ .‬ال ينفذ حكم اإلعدام الصادر من أية محكمة ليبية‬ ‫إال بموافقة الملك‪ .‬للملك حق العفو وتخفيف العقوبة ‪ .‬و يفتتح الملك دورات مجلس األمة‬ ‫ويفضها ويحل مجلس النواب وفقا ألحكام الدستور وله عند الضرورة أن يجمع المجلسين معا‬ ‫لبحث أمر هام ‪ .‬للملك أن يدعو مجلس األمة إلى اجتماعات غير عادية إذا رأى ضرورة ذلك‬ ‫‪ .‬ويدعوه أيضا متى طلب ذلك بعريضة تمضيها األغلبية المطلقة ألعضاء المجلسين‪ ،‬ويعلن‬ ‫الملك فض االجتماع غير العادي ‪ .‬للملك تأجيل انعقاد مجلس األمة على أنه ال يجوز أن تزيد‬ ‫مدة التأجيل عن ثالثين يوما وال أن يتكرر في دور االنعقاد الواحد بدون موافقة المجلسين ‪.‬‬ ‫يجوز للملك في حالة التغييب عن ليبيا أو حدث يعوقه أن يعين نائب له‪ .‬ويجوز لمجلس األمة‬ ‫أن يعين خلفا أو نائب للملك في حالة الوفاة وعدم وجود نائب أو خلفا للملك‪.‬‬ ‫ قبل أن يباشر الملك سلطته الدستورية يقسم اليمين اآلتية أمام مجلس الشيوخ والنواب في‬‫جلسة مشتركة‪ " :‬أقسم باهلل العظيم أن أحترم دستور البالد وقوانينها وأن أبذل كل ما لدي‬ ‫من قوة للمحافظة على استقالل ليبيا والدفاع عن سالمة أراضيها "‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ تعين مخصصات الملك والبيت المالك بقانون ‪ .‬وال يجوز نقصها في مدة حكمه ولكن يمكن‬‫زيادتها بقرار من مجلس األمة ‪ .‬ويحدد القانون مرتبات وأوصياء العرش على أن تؤخذ من‬ ‫مخصصات الملك‬ ‫ تنظم بقانون قواعد اإلجراءات القضائية التي يجب أن تتبع في حالة رفع قضايا من جانب‬‫الخاصة الملكية أو ضدها ‪.‬‬

‫الفصل السادس‬ ‫الوزراء‬ ‫يمثل هذه الفصل "الحكومة" أي مكون السلطة التنفيذية‪.‬‬ ‫يؤلف مجلس الوزراء من رئيس الوزراء ومن الوزراء الذين يرى الملك تعيينهم بناء على ما‬ ‫يعرضه عليه رئيس الوزراء‪ .‬و يقسم رئيس الوزراء والوزراء قبل توليهم أعمال مناصبهم‬ ‫اليمين الدستوري أمام الملك‪.‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫للملك أن يعين عند الضرورة وزراء بدون وزارة ‪.‬‬ ‫ال يلي الوزارة إال ليبي‪.‬‬ ‫ال يلي الوزارة أحد أعضاء البيت المالك ‪.‬‬ ‫يجوز الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس األمة ‪.‬‬ ‫تُناط بمجلس الوزراء إدارة جميع شئون الدولة الداخلية والخارجية ‪.‬‬ ‫توقيعا ت الملك في شئون الدولة يجب لنفاذها أن يوقع عليها رئيس الوزراء والوزراء‬ ‫المختصون ‪ .‬ويعين رئيس الوزراء ويعفى من منصبه بأمر ملكي‪ ،‬أما الوزراء فيكون تعيينهم‬ ‫وإعفاؤهم من مناصبهم بمراسيم يوقعها الملك ورئيس الوزراء ‪.‬‬ ‫الوزراء مسئولون تجاه مجلس النواب مسئولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة وكل مسئول‬ ‫عن أعمال وزاراته ‪.‬‬ ‫إذا قرر مجلس النواب بأغلبية جميع األعضاء الذين يتألف منهم المجلس عدم الثقة بالوزارة‬ ‫وجب عليها أن تستقيل ‪ ،‬وإذا كان القرار خاصا بأحد الوزراء وجب عليه اعتزال الوزارة ‪.‬‬ ‫وال ينظر مجلس النواب في طلب االقتراع بعدم الثقة صريحا كان أو ضمنا إال إذا تقدم به‬ ‫خمسة عشر نائبا فأكثر‪ .‬وال يجوز أن يطرح هذا الطلب للمناقشة إال بعد ثمانية أيام من يوم‬ ‫تقديمه ‪ ،‬وال تؤخذ اآلراء عنه إال بعد يومين من تمام المناقشة فيه ‪.‬‬ ‫للوزراء أن يحضروا جلسات المجلسين ‪ ،‬ويجب أن يسمعوا كلما طلبوا الكالم ‪ ،‬وال يجوز أن‬ ‫يشتركوا في التصويت إال إذا كانوا أعضاء ‪ ،‬ولهم االستعانة بمن يختارون من موظفي‬ ‫وزارتهم أن ينيبوهم عنهم ‪ ،‬ولكل مجلس أن يطلب من أي وزير حضور جلساته عند‬ ‫الضرورة ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪-‬‬

‫في حالة إقالة رئيس الوزراء أو استقالته يعتبر جميع الوزراء مقالين أو مستقيلين (ومبدأ‬ ‫المسئولية الجماعية عرف دستوري ديمقراطي ثابت ال يجوز التحايل عليه لما في ذلك ضرر وطني وتاريخي‬ ‫وتصرف غير مسئول)‪.‬‬

‫ ال يجوز للوزراء أن يتولوا أية وظيفة عامة أخرى في أثناء توليهم الحكم أو أن يمارسوا أية‬‫مهنة أو أن يشتروا أو يستأجروا شيئا من أمالك الدولة أو يؤجروها أو يبيعوها شيئا من‬ ‫أموالهم أو يقايضوها عليه‪ ،‬وال أن يدخلوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في التعهدات‬ ‫والمناقصات التي تعقدها اإلدارة العامة أو المؤسسات الخاضعة إلدارة الدولة أو مراقبتها ‪،‬‬ ‫كما ال يجوز لهم أن يكونوا أعضاء في مجلس إدارة أية شركة أو أن يشتركوا اشتراكا فعليا في‬ ‫عمل تجاري أو مالي‬ ‫ تحدد مرتبات رئيس الوزراء بقانون ‪.‬‬‫ تحدد بقانون مسئوليات الوزراء المدنية والجزائية ‪ ،‬وطريقة اتهامهم ومحاكماتهم فيما يقع‬‫منهم من جرائم في تأدية وظائفهم ‪.‬‬

‫الفصل السابع‬ ‫مجلس األمة‬ ‫ويمثل هذا الفصل مكون "السلطة التشريعية"‪ .‬وحسب هذا الدستور فهي تتكون من مجلسين‪،‬‬ ‫مجلس الشيوخ ومجلس النواب‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬مجلس الشيوخ ‪ :‬وهو يؤلف مجلس الشيوخ من أربعة وعشرين عضوا يعينهم الملك‪،‬‬ ‫على أن يكونوا ليبي الجنسية وال تقل سنه عن أربعين سنة ميالدية يوم تعينه وحسب الشروط‬ ‫بقانون االنتخاب‪ ،‬و يعين الملك رئيس مجلس الشيوخ‪ ،‬على أن ينتخب المجلس وكيلين‬ ‫وتصديق الملك على نتيجة االنتخاب‪ ،‬ومدة التعين سنتين قابلة للتجديد‪ ،‬وعضوية المجلس‬ ‫ثمان سنوات‪ ،‬ويجدد اختيار نصف الشيوخ كل أربع سنوات‪ .‬ومن انتهت مدته يجوز إعادة‬ ‫تعيينه‪ ،‬يجتمع مجلس الشيوخ عند اجتماع مجلس النواب وتوقف جلساته معه‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬مجلس النواب‪ :‬يؤلف مجلس النواب من أعضاء يجرى انتخابهم باالقتراع السري العام‬ ‫على مقتضى أحكام قانون االنتخاب‪.‬و يحدد عدد على أساس نائب واحد عن كل عشرين ألفا‬ ‫من السكان أو عن كل جزء من هذا العدد يجاوز نصفه‪ .‬واالنتخاب حق لليبيين البالغين إحدى‬ ‫وعشرين سنة ميالدية على الوجه المبين في القانون‪ ،‬ويجوز للمرأة أن تمارس هذا الحق وفقا‬ ‫للشروط التي يضعها القانون‪ .‬و يشترط في النائب ‪ )0 :‬أن يكون قد أتم الثالثين سنة من عمره‬ ‫حسب التقويم الميالدي ‪ )2.‬أن يكون اسمه مدرجا بأحد جداول االنتخاب ‪ )3 .‬أن ال يكون من‬ ‫أعضاء البيت المالك ‪ .‬وذلك باإلضافة إلى الشروط األخرى المنصوص عليها في قانون‬ ‫االنتخاب‪ .‬مدة مجلس النواب أربع سنوات ما لم يحل المجلس قبل ذلك‪ .‬و ينتخب مجلس‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫النواب رئيسا ووكيلين في أول كل دور انعقاد عادي ويجوز إعادة انتخابهم‪ .‬أذا حل مجلس‬ ‫النواب في أمر فال يجوز حل المجلس الذي يليه من أجل نفس األمر‪ .‬األمر الصادر بحل‬ ‫مجلس النواب يجب أن يشتمل على دعوة الناخبين إلجراء انتخابات جديدة في ميعاد ال يتجاوز‬ ‫ثالثة أشهر وعلى تحديد ميعاد الجتماع المجلس الجديد في عشرين يوم تلي لتمام االنتخاب ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬أحكام عامة في المجلسين‪ ،‬وتشمل ‪ ":‬النظام الداخلي‪ :‬يضع كل مجلس نظامه الداخلي‬ ‫مبينا فيه طريقة السير في تأدية أعماله ‪ ،‬وحدد الدستور الليبي األسس الالزمة لمثل هذا التنظيم‬ ‫التشريعي‪ ،‬وتشمل األتي‪ ،‬يقوم رئيس كل من المجلسين بحفظ النظام في داخل مجلسه وال يجوز‬ ‫ألية قوة مسلحة دخول المجلس أو االستقرار على مقربة من أبوابه إال بطلب من رئيسه‪ ،‬كلما‬ ‫اجتمع المجلسان بهيئة مؤتمر تكون الرئاسة لرئيس مجلس الشيوخ وفي حالة غيابه يتولى الرئاسة‬ ‫رئيس مجلس النواب ‪ ،‬ال تعد جلسات المؤتمر صحيحة إال إذا توفرت األغلبية المطلقة ألعضاء‬ ‫كل من المجلسين اللذين يتألف منهما المؤتمر‪ ،‬ال يجوز ألحد أن يتقدم بطلب إلى مجلس األمة إال‬ ‫كتابة وللمجلس أن يحيل إلى الوزراء ما يقدم إليه من العرائض‪ .‬وعلى الوزراء أن يقدموا‬ ‫اإليضاحات الالزمة عما تضمنته هذه العرائض كلما طلب المجلس ذلك عضو مجلس األمة يمثل‬ ‫الشعب كله وال يجوز لناخبيه وال للسلطة التي تعينه تحديد وكالته بقيد أو شرط‪ ،‬وال يجوز الجمع‬ ‫بين عضوية مجلس الشيوخ وعضوية مجلس النواب‪ ،‬قسم اليمين قبل مباشرة المهام‪ -‬يفصل كل‬ ‫مجلس في صحة انتخاب أعضائه وفقا لنظامه الداخلي وال تعتبر النيابة باطلة إال بقرار يصدر‬ ‫بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم المجلس ويجوز أن يعهد بهذا االختصاص إلى سلطة‬ ‫أخرى بقانون‪ ،‬يدعو الملك مجلس األمة سنويا إلى عقد جلساته العادية خالل األسبوع األول من‬ ‫شهر نوفمبر‪ ،‬فإذا لم يدع إلى ذلك يجتمع بحكم القانون في اليوم العاشر من الشهر نفسه‪ ،‬ويدوم‬ ‫دور انعقاده العادي إذا لم يحل مجلس النواب مدة خمسة أشهر على األقل ويعلن الملك فض‬ ‫انعقاده‪ ،‬أدوار االنعقاد واحدة للمجلسين فإذا اجتمع أحدهما أو كالهما في غير الزمن القانوني‬ ‫فاالجتماع غير شرعي والقرارات التي تصدر فيه باطلة بحكم القانون ‪ -‬جلسات المجلسين علنية‬ ‫على أن كال منهما ينعقد بهيئة سرية بناء على طلب الحكومة أو عشرة من األعضاء ليقرر ما إذا‬ ‫كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجري في جلسة سرية أو علنية‪ -‬ليس لمجلس األمة‬ ‫بغير موافقة الحكومة أن ينظر في دوراته غير العادية في غير الموضوعات التي دعي لالجتماع‬ ‫من أجلها‪ ،‬ال تعتبر جلسات المجلسين صحيحة إال إذا حضر أغلبية األعضاء عند افتتاح الجلسة‬ ‫وال يجوز ألي من المجلسين أن يتخذ قرارا إال إذا حضر الجلسة عند اتخاذ القرار أغلبية أعضائه‬ ‫ تصدر القرارات في كل من المجلسين بأغلبية الحاضرين في غير األحوال المشترط فيها أغلبية‬‫خاصة ‪ ،‬وإذا تساوت األصوات عد األمر الذي حصلت المداولة فيه مرفوضا ‪ -‬يكون تصويت كل‬ ‫من المجلسين في المسائل المعروضة عليه وفقا للطريقة التي يبينها نظامه الداخلي‪ ،‬ال يناقش كل‬ ‫من المجلسين مشروع قانون قبل أن تنظر فيه اللجان المختصة بمقتضى النظام الداخلي ‪ -‬كل‬ ‫مشروع قانون يقره أحد المجلسين يبعث به رئيسه إلى رئيس المجلس اآلخر ‪ -‬كل مشروع قانون‬ ‫رفضه أحد المجلسين ال يجوز تقديمه ثانية في الدورة ذاتها ‪ -‬لكل عضو من أعضاء مجلس األمة‬ ‫أن يوجه إلى الوزراء أسئلة واستجوابات وذلك على الوجه الذي يبين بالنظام الداخلي لكل مجلس ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وال تجري المناقشة في استج واب ما إال بعد ثمانية أيام على األقل من يوم تقديمه وذلك فيما عدا‬ ‫حالة االستعجال وبشرط موافقة من وجه إليه االستجواب ‪ -‬لكل مجلس وفقا لنظامه الداخلي أن‬ ‫يجري تحقيقا في مسائل معينة تدخل في حدود اختصاصه ‪ ،‬ال يمنح أعضاء مجلس األمة أوسمة‬ ‫أو نياشين أثناء مدة عضويتهم ‪ ،‬ويستثنى من ذلك األعضاء الذين يتقلدون مناصب حكومية ال‬ ‫تتنافى مع عضوية مجلس األمة ‪ ،‬الرتب واألوسمة والنياشين العسكرية‪ ،‬يحدد قانون االنتخاب‬ ‫أحوال سقوط عضوية أحد أعضاء مجلس األمة ويصدر قرار السقوط بأغلبية جميع األعضاء‬ ‫الذين يتألف منهم المجلس التابع له العضو‪ ،‬إذا خال مقعد أحد أعضاء مجلس األمة يختار له عضو‬ ‫بطريق التعيين أو االنتخاب طبقا ألحكام هذا الدستور وذلك خالل ثالثة أشهر من يوم إشعار‬ ‫المجلس الحكومة بخلو المقعد‪ ،‬وال تدوم نيابة عضو مجلس الشيوخ الجديد إال إلى نهاية مدة سلفه‪،‬‬ ‫وتنتهي نيابة العضو الجديد في مجلس النواب بانتهاء مدة المجلس – (الحصانة البرلمانية‪ :‬ال‬ ‫يجوز مؤاخذة أعضاء مجلس األمة فيما يبدون من اآلراء في المجلسين أو في اللجان التابعة لهما‬ ‫وذلك مع مراعاة أحكام نظامهما الداخلي و ال يجوز أثناء دورة االنعقاد اتخاذ إجراءات جنائية أو‬ ‫االستمرار فيها إذا كانت قد بدأت نحو أي عضو من أعضاء مجلس األمة وال القبض عليه إال بإذن‬ ‫المجلس التابع هو له‪ ،‬وذلك فيما عدا حالة التلبس بالجناية)‪( -‬االنتخابات النيابية‪ :‬تجري‬ ‫االنتخابات لمجلس النواب خالل األشهر الثالثة السابقة النتهاء مدته وفي حالة عدم إمكان إجراء‬ ‫االنتخابات في الم يعاد المذكور فان مدة نيابة المجلس القديم تمتد إلى حين االنتخابات المذكورة ‪،‬‬ ‫وذلك بالرغم من األحكام الواردة في المادة ‪ ،018‬و يجب تجديد نصف أعضاء مجلس الشيوخ‬ ‫خالل األشهر الثالثة السابقة لتاريخ انتهاء مدة عضوية األعضاء الذين تنتهي مدتهم‪ ،‬فإن لم يتيسر‬ ‫التجديد في الميعاد المذكور امتدت عضوية األعضاء الذين انتهت مدتهم إلى حين تعيين األعضاء‬ ‫الجدد) – (المرتبات الشهرية والمكافآت‪ :‬تحدد بقانون مكافآت أعضاء مجلس األمة على أن كل‬ ‫زيادة فيها ال تسري إال بعد انتهاء مدة مجلس النواب الذي قررها)‪( - )( .‬المصادقة على القوانين‪:‬‬ ‫ي صدق الملك على القوانين التي يقرها مجلس األمة ويصدرها خالل ثالثين يوما من إبالغها إليه ‪،‬‬ ‫ل لملك خالل المدة المحددة إلصدار القانون أن يطلب من مجلس األمة إعادة النظر فيه‪ ،‬وعلى‬ ‫المجلس في هذه الحالة بحث القانون من جديد ‪ ،‬فإذا أقره ثانية بموافقة ثلثي األعضاء الذين يتألف‬ ‫منهم كل من المجلسين صدق عليه الملك وأصدره خالل ثالثين يوما من إبالغ القرار األخير إليه ‪.‬‬ ‫فإذا كانت األغلبية أقل من الثلثين امتنع النظر فيه في دور االنعقاد نفسه فإذا عاد مجلس األمة في‬ ‫دور انعقاد آخر إلى إقرار ذلك المشروع بأغلبية جميع األعضاء الذين يتألف منهم كل من‬ ‫المجلسين صدق عليه الملك وأصدره خالل ثالثين يوما من إبالغ القرار إليه‪ ،‬و تصبح القوانين‬ ‫التي أصدرها الملك نافذة في المملكة الليبية بعد انقضاء ثالثين يوما من تاريخ نشرها في الجريد‬ ‫الرسمية ‪ .‬ويجوز نقص هذا الميعاد أو إطالته بنص خاص في هذه القوانين ‪ .‬ويجب نشر القوانين‬ ‫في الجريدة الرسمية خالل خمسة عشر يوما من تاريخ إصدارها) – ( اقتراح القوانين‪ :‬للملك‬ ‫ولمجلسي الشيوخ والنواب حق اقتراح القوانين عدا ما كان منها خاصا بالميزانية أو بإنشاء‬ ‫الضرائب أو بتعديلها أو اإلعفاء من بعضها أو إلغائها فاقتراحه للملك ولمجلس النواب)‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الفصل الثامن‬ ‫السلطة القضائية‬ ‫تعكس عناصر هذا المكون أن السلطة القضائية‪ ،‬وهي غير مستقلة تماما حسب المعايير‬ ‫الديمقراطية الحديثة التي يترأس القضاء مجلس أعلى للقضاء مستقل عن السلطة التنفيذية‪،‬‬ ‫ونجد أن في النظام الملكي كالرئاسي يقوم الملك أو رئيس الدولة بتولي اإلدارة العليا للقضاء‪.‬‬ ‫ويعد ذلك في الدول النامية له مخاطره عديدة‪ ،‬حيث يوفر ذلك حصانة شخصية من جانب‬ ‫وجانب أخر ال يمكن أن يتوفر القضاء الدستوري‪ ،‬وقد جاء في المواد ‪ ، -080‬ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تشكل المحكمة العليا من رئيس وقضاة يعينون بمرسوم ‪ .‬ويؤدون اليمين أمام الملك قبل توليهم‬ ‫مناصبهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬يحدد قانون القضاة اختصاصات المحكمة العليا ‪ ،‬ويرتب جهات القضاء األخرى ويعين‬ ‫اختصاصاتها‪.‬‬ ‫ت‪ -‬جلسات المحاكم علنية‪ ،‬إال إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام واآلداب‪.‬‬ ‫ث‪ -‬القضاة مستقلون وال سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون‪ ،‬وهم غير قابلين للعزل وذلك‬ ‫على الوجه المبين في القانون ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬يعين القانون شروط تعيين القضاة ونقلهم وتأديبهم ‪.‬‬ ‫ح‪ -‬ينظم القانون وظيفة النيابة العامة واختصاصاتها وصلتها بالقضاء ‪.‬‬ ‫خ‪ -‬يكون تعيين أعضاء النيابة العامة في المحاكم وتأديبهم وعزلهم وفقا للشروط التي يقررها‬ ‫القانون ‪.‬‬ ‫د‪ -‬ينظم القانون ترتيب المحاكم العسكرية ويبين اختصاصاتها والشروط الواجب توفرها فيمن‬ ‫يتولون القضاء فيها ‪.‬‬ ‫( ألغيت المواد ‪ 091‬و ‪ 090‬و ‪ 092‬و ‪ 093‬و ‪ 098‬و ‪ 099‬و ‪ 099‬و ‪ 099‬و‬ ‫‪ 091‬بالقانون رقم ‪ 0‬لسنة ‪) 0593‬‬

‫الفصل التاسع‬ ‫النظام المالي‬ ‫يعتبر هذا الفصل في عموم الدساتير ضمن عناصر مكون السلطة التشريعية‪ ،‬حيث تتولى‬ ‫السلطة التشريعية مسألة مناقشة واعتماد وإصدار قانون الميزانية‪ ،‬وتخويل وزارة المالية‬ ‫بتنفيذه‪ ،‬وتقوم السلطة التشريعية بمراقبة تنفيذ الموازنة العامة‪ .‬وعادة في الدساتير الحديثة ال‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يفرد فصل مستقل للنظام المالي بالدولة‪ ،‬ويلخص األمر في نص وأسس يحكم قانون النظام‬ ‫المالي للدولة كل التفاصيل‪.‬‬ ‫إال أننا نرد بعض مما جاء في أول دستور للدولة الليبية يؤسس لدولة جديدة ويهدف إلي تفادي‬ ‫حدوث فساد مالي‪ .‬ف كانت في حاجة ماسة ودقيقة لتوضيح اإلدارة المالية للبالد‪ ..‬فحدد الدستور‬ ‫ا ختصاص مجلس األمة في مناقشة وإقرار الميزانية بناءا على تصور مقدم من الحكومة‪ ،‬وال‬ ‫يجوز النقل بين أبوب الميزانية إال بعد موافقة تشريعية‪ ،‬وقد جاء في المواد ‪ ، -095‬ما يلي‪:‬‬ ‫تحديد موعد تقديم مشروع الميزانية‪ ،‬مناقشة أبواب الميزانية من قبل النواب قبل فض‬ ‫الجلسات‪ ،‬التفويضات المالية المؤقتة ‪ 0/02‬على أساس بنود وتقديرات ميزانية العام السابق‬ ‫عند تأخر الميزانية‪ ،‬اختصاص مجلس الشعب في الموافقة على النقل بين األبواب أو الجواز‬ ‫لمصروف غير وارد بالميزانية المقررة‪ ،‬يجوز في حالة الضرورة وضع مشروع ميزانية‬ ‫استثنائية ألكثر من سنة تتضمن موارد ونفقات استثنائية وال تنفذ إال إذا أقرها مجلس األمة‪،‬‬ ‫يقوم ديوان المحاسبة بمراقبة حسابات الحكومة ويقدم إلى مجلس األمة تقريرا بنتيجة هذه‬ ‫المراقبة ‪ .‬وتحدد بقانون اختصاصات الديوان وتشكيله وقواعد المراقبة التي يمارسها ‪ ،.‬ال‬ ‫يجوز فرض ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها أو إعفاء أحد إال بقانون" ‪ .‬وال يجوز إعفاء أحد من‬ ‫أداء الضرائب في غير األحوال المبينة في القانون ‪ .‬كما ال يجوز تكليف أحد بتأدية شي من‬ ‫األموال والرسوم إال في حدود القانون‪ ،‬ال يجوز تقرير معاش على خزانة الحكومة أو تعويض‬ ‫أو إعانة أو مكافأة إال في حدود القانون‪ ،‬ال يجوز عقد قرض عمومي وال تعهد يترتب عليه‬ ‫التزام مالي مستقبلي إال بموافقة مجلس األمة" إنفاق مبالغ من الخزانة في سنة أو سنوات مقبلة‬ ‫إال بموافقة مجلس األمة ‪ .‬يحدد نظام النقد بقانون‪ ،‬إذا استحكم الخالف بين مجلس النواب‬ ‫ومجلس الشيوخ على تقرير باب من أبواب الميزانية يحل بقرار يصدر من المجلسين‬ ‫مجتمعين بهيئة مؤتمر باألغلبية المطلقة‪ ،‬تؤول للخزانة العامة جميع إيرادات العامة بما فيها‬ ‫جميع الضرائب والرسوم" الدولة بما فيها حصيلة الضرائب والرسوم وغير ذلك من األموال‬ ‫وفقا ألحكام الدستور والقوانين ‪.‬‬ ‫( ألغيت المواد ‪ 093‬و ‪ 098‬و ‪ 099‬بالقانون رقم ‪ 0‬لسنة ‪) 0593‬‬

‫الفصل العاشر‬ ‫اإلدارة المحلية‬ ‫يمثل هذا الفصل "التقسيم اإلداري واإلدارة المحلية" وهو من عناصر مكون السلطة التنفيذية‪،‬‬ ‫وهو عنصر مفصلي بحيث يمكن الحد من المركزية ومنح صالحيات للوحدات اإلدارية‬ ‫بالبلد‪ ..‬كما أنه شأن حديث في إدارة الدول‪ ،‬حيث التقسيم الجغرافي للبلد ترتكز عليه توزيع‬ ‫المخصصات و ضع الخطط التنموية والسياسات العامة وممارسة الحكومة لمهامها وتمثيل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كامل الشعب عن طريقها‪ ،‬فالبد أن تكون مقررة بالدستور‪ ،‬بإرادة الشعب‪ ،‬وال يجوز لحاكم أن‬ ‫يتصرف في لتقسيم اإلداري للبلد‪.‬‬ ‫وقد جاء في الدستور أن تقسم المملكة الليبية إلى وحدات إدارية وفقا للقانون الذي يصدر في‬ ‫هذا الشأن ‪ ،‬ويجوز أن تشكل فيها مجالس محلية ومجالس بلدية ‪ ،‬ويحدد القانون نطاق هذه‬ ‫الوحدات كما ينظم هذه المجالس ‪.‬‬

‫الفصل الحادي عشر‬ ‫أحكام عامة‬ ‫تناول هذه الفصل عناصر دستورية هامة ال يخلوا منها أي دستور‪ ،‬وهي ‪" :‬اللغة الرسمية"‪،‬‬ ‫"حقوق األقليات"‪" ،‬اللجوء السياسي"‪" ،‬تنظيم الهجرة"‪" ،‬حرية األديان"‪" ،‬العفو العام"‪،‬‬ ‫"الجيش والقوات المسلحة"‪" ،‬تعديل الدستور"‪ ،‬وقد جاء في شأنها ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تحدد بقانون األحوال التي يجوز فيها استعمال لغة أجنبية في المعامالت الرسمية‪.‬‬ ‫ت‪ -‬للمملكة الليبية عاصمتان هما طرابلس وبنغازي ‪.‬‬ ‫ث‪ -‬تسليم الالجئين السياسيين محظور‪ ،‬وتحدد االتفاقات الدولية والقوانين قواعد تسليم المجرمين‬ ‫العاديين‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ال يجوز إبعاد األجانب إال طبقا ألحكام القانون ‪.‬‬ ‫ح‪ -‬يحدد بقانون الوضع القانوني لألجانب وفقا لمبادئ القانون الدولي ‪.‬‬ ‫خ‪ -‬تضمن الدولة لغير المسلمين احترام نظام أحوالهم الشخصية ‪.‬‬ ‫د‪ -‬ال يمنح العفو العام إال بقانون ‪.‬‬ ‫ذ‪ -‬تحدد بقانون طريقة إنشاء وتنظيم القوات البرية والبحرية والجوية ‪.‬‬ ‫ر‪ -‬ال يجوز بأية حال تعطيل حكم من أحكام هذا الدستور إال أن يكون ذلك وقتيا في زمن الحرب‬ ‫أو في أثناء قيام األحكام العرفية ‪ ،‬وعلى الوجه المبين في القانون ‪ ،‬وعلى أي حال ال يجوز‬ ‫تعطيل انعقاد مجلس األمة متى توفرت في انعقاده الشروط المقررة في هذا الدستور ‪.‬‬ ‫ز‪ -‬للملك ولكل من المجلسين اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه‬ ‫أو إضافة أحكام أخرى ‪.‬‬ ‫س‪ -‬ال يجوز اقتراح تنقيح األحكام الخاصة بشكل الحكم الملكي وبنظام وراثة العرش وبالحكم‬ ‫النيابي وبمبادئ الحرية والمساواة التي يكفلها هذا الدستور‪.‬‬ ‫ش‪ -‬ألجل تنقيح هذا الدستور يصدر كل من المجلسين باألغلبية المطلقة ألعضائه جميعا قرارا‬ ‫بضرورته وبتحديد موضوعه ‪ ،‬ثم بعد بحث المسائل التي هي محل للتنقيح يصدر المجلسان‬ ‫قرارهما في شأنها‪ ،‬وال تصح المناقشة واالقتراع في كل من المجلسين إال إذا حضر ثالثة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أرباع عدد أعضائه ‪ ،‬ويشترط لصحة القرارات أن تصدر بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء‬ ‫الحاضرين في كل من المجلسين وأن يصدق عليها الملك ‪.‬‬ ‫ص‪ -‬تنظم بقانون المهاجرة إلى ليبيا ‪.‬‬

‫الفصل الثاني عشر‬ ‫أحكام انتقالية وأحكام وقتية‬ ‫وهذا يعكس ضرورة وجود تصور لكل ما يمكن أن يحدث أو يتغير نتيجة الدستور المستحدث‬ ‫‪ ،‬ونالحظ أن الدستور أشار إلي إعداد "قانون اإلدارة المحلية"‪ ،‬وبالتالي حدد كيفية التقسيم‬ ‫اإلداري وتعيين المحافظ إلي أن يتم صدور القانون‪ ،‬واألحكام االنتقالية "عرف دستوري"‬ ‫فعال‪ ،‬ونضرب هنا مثاال‪ ،‬قد طلبنا من المجلس االنتقالي في ‪ 2100/8/2‬إبان مرحلة التحرير‪،‬‬ ‫أن يحدد تقسيم البالد كمحافظات عمال بهذا الدستور الذي يعد من أصول الشرعية السياسية‪،‬‬ ‫يؤخذ منه ما يناسب ويلغي ما يحتاج إلي تطوير‪ ،‬فيعين محافظين بحيث تظهر معالم البالد‬ ‫واضحة ويستقر في النفوس التغيير والتحسن المأمول‪ ،‬وال تدخل في مرحلة تخبط وإرباك‬ ‫وتراجع فكري وخيبة أمل شعبية‪ .‬إذا مكون األحكام االنتقالية والوقتية هي مفهوم دستوري نتج‬ ‫عنه أيضا ما يعرف باإلعالن الدستوري‪ ،‬وهنا ينبغي توضيح مسألة في غاية الحساسية‬ ‫الشرعية‪ ،‬حيث هناك نوعين من اإلعالن الدستوري‪ .‬أوال‪ ،‬اإلعالن الدستوري الشرعي‪ ،‬وهو‬ ‫يصدر بناءا على ثورة شعبية شرعية تحدد أحكام انتقالية إلي حين استكمال الدستور‪ ،‬وبهذا‬ ‫يعد اإلعالن الدستوري بمثابة دستور مؤقت أو انتقالي‪ .‬ثانيا‪ ،‬اإلعالن الدستوري الغير‬ ‫شرعي‪ ،‬وهو يكون صادر بناء على ثورة مصدرها القوة كاالنقالبات العسكرية‪ ،‬وتعد هذه‬ ‫اإلعالنات هي بمثابة حكم عسكري وتبطل الدستور ويتحمل الشعب المسئولية التاريخية‬ ‫ويتحمل مرتكبي الجرم المسئولية السياسية والخيانة الوطنية وال تقسط بالتقادم‪.‬‬ ‫وكل دستور انتقالي هو بمستوى أحكام انتقالية‪ ،‬تستمد شرعيتها من الشعب‪ ،‬وكل إعالن‬ ‫دستوري شرعي هو تعهد ملزم لجهة صدوره أمام الشعب حسب بنود وفترة زمنية محددة‪.‬‬ ‫وقد جاء في الدستور الليبي ‪ 0590‬المواد ‪ ،202 -212‬ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إلى أن يصدر قانون اإلدارة المحلية تقسم المملكة الليبية إلى عشر وحدات إدارية رئيسية‬ ‫تسمى بقرار من مجلس الوزراء ‪ .‬ويرأس كل منها موظف يعين بمرسوم ملكي ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬يظل مجلس الشيوخ قائما بتشكيله الحالي إلى أن تنتهي عضوية كل عضو من أعضائه ‪.‬‬ ‫ت‪ -‬جميع القوانين والتشريعات واألوامر واإلعالنات المعمول بها في أي جزء من ليبيا وقت نفاذ‬ ‫هذا القانون تظل سارية بالقدر الذي ال يتعارض مع أحكام التعديل الدستوري المستحدث ‪،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وذلك إلى أن تنقضي أو تلغى أو تعدل أو تستبدل بها تشريعات أخرى تسن وفقا للقواعد المبينة‬ ‫في هذا الدستور‪.‬‬ ‫( ألغيت المواد ‪ 506‬و ‪ 501‬و ‪ 508‬و ‪ 507‬و ‪ 505‬و ‪ 560‬و ‪ 566‬و ‪ 565‬و ‪ 562‬بالقانون رقم ‪ 6‬لسنة ‪) 6512‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪3‬‬

‫أركان ومكونات وعناصر الدستور‬ ‫(الركن األول)‬ ‫نظام الدولة يف الدستور‬ ‫عادة ما يطلق على الركن األول مسمى القسم أو الفرع أو الفص أو الباب األول‪ ،‬حيث الدستور‬ ‫يتركب عضويا من ركنين‪ ،‬وقد يكونان واضحين منفصلين كم هو الحال في الدساتير المفصلة‪ ،‬مثال‬ ‫الدستور المصري ‪ ،0590‬أو متداخلين ويبرز ذلك في الدساتير الموجزة ‪ ،‬مثال الدستور األمريكي‪.‬‬ ‫ويعتبر الركن األول بمثابة الروح التي يؤسس عليها الركن‪.‬‬ ‫فعندما يكون منفصلين يصبح من السهولة تقييم وفهم وتطبيق الدستور‪.‬‬ ‫حيث مثل هذه العالقة هي مسألة عضوية دقيقة وحيوية‪ ،‬كعالقة الروح والبدن في الكيان اإلنساني‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬لكل متطلباته وطبيعته ليؤدي إلي سهول وفعالية إدارة تفاعلهما بشكل محكم‪.‬‬ ‫ويتفرع عن الركن األول مجموعة مكونات أساسية ‪ ،‬يمكن أن نسميها مقومات ‪ ،Constitutes‬وهي‬ ‫عادة ما يترتب عنها الحاجة إلي مؤسسات وقوانين مكملة حسب عناصرها‪.‬‬ ‫إال أننا سوف نطلق عليها مكونات أي مقومات‪.‬‬ ‫ويشمل الركن األول خمسة مكونات من خاللها تتشكل روح الدستور وتتجسد األرضية التي سوف‬ ‫تتشكل عليها حقيقة مقومات وعناصر الركن الثاني من الدستور‪.‬‬ ‫ويتكون الركن األساسي من الدستور من خمسة مكونات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫"أسس الدولة ‪ -‬أسس النظام االجتماعي ‪ -‬أسس النظام االقتصادي ‪ -‬أسس الحقوق والحريات‬ ‫والواجبات العامة ‪ -‬أسس سيادة القانون‪".‬‬ ‫ويشمل ذلك تحديد و ووعي الشعب بحقيقة عناصر محددة وهي "سيادة وأسم ودين والتنظيم‬ ‫االجتماعي واالقتصادي والسياسي للدولة"‪ ،‬وهذا المكون يمثل روح الدستور‪ ،‬حيث بقية مقومات‬ ‫وعناصر الدستور تبنى على حقيقة هذا المكون األساسي‪ ،‬ويمكن أن نجمله في التوضيح التالي‪:‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون أسس الدولة‬ ‫ويشمل هذا المكون توضيح كافة تفاصيل عنصر "السيادة"‪ ،‬وعنصر "التنظيم السياسي"‪ ،‬وهذين‬ ‫العنصرين مرتبطين بعدة تفاصيل دقيقة وهما روح الدستور وترتكز عليهما كافة المكونات األخرى‬ ‫وعناصرها وتفاصليها‪.‬‬ ‫والبد من وضعها إداريا وسياسيا وإسالميا و وطنيا بعناية فائقة‪ ،‬وفيما يلي التفسير السياسي والفني‬ ‫لهذين العنصرين‪:‬‬

‫السيادة‬ ‫يحدد الدستور كافة معالم ومصادر سيادة الدولة ومرجعية ومصادر التشريع‪ ،‬ويغرس في النفوس‬ ‫والتاريخ ويؤكد دوليا حقها الوطني والشعبي والحكومي بأنها دولة مستقلة ذات سيادة كاملة‪،‬‬ ‫وبالتالي لها الشخصية االعتبارية الدولية من حقوق و واجبات‪ ،‬ويكون باختيار ورضا عام ويعبر‬ ‫عن حقيقة تركيبة سيادة الدولة‪ ،‬وخاصة إذا كانت دولة بسيطة متحدة ذات سيادة واحدة وهيئة‬ ‫حاكمة واحدة‪ ،‬أم هي مركبة من أقاليم و واليات وتحديد نوعية االتحاد هل هو مركزي أم غير –‬ ‫مركزي‪ .‬وليبيا قد اختارت النظام المركزي في دستور ‪ 0590‬إال أنها أجرت بعض التعديالت‬ ‫في ‪ 0592‬للتعديل في صالحيات وتعديل العالقة بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية‪ ،‬ثم‬ ‫في ‪ 0593‬ألغي النظام المركزي وتشك النظام المتحدة‪ ..‬وتحديد أن السيادة هي للشعب ويتنازل‬ ‫عليها للدستور الذي يخضع له الجميع‪ ،‬وكافة مؤسسات الدولة وقيادتها هي من أجل خدمة الشعب‬ ‫ومصالحه وسالمة الوطن‪.‬‬ ‫وبموجب العقد االجتماعي تتنازل الشعوب عن سيادتها للدستور‪ ،‬وليس للحكام‪.‬‬ ‫وتمنح إرادتها للهيئة الحاكمة لممارسة السلطات الثالثة‪ ،‬وتسحبها للتداول السليم حسب الدستور‬ ‫والقوانين المكملة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫التنظيم السياسي‬ ‫عادة ما نجد نص يحدد النظم السياسي برلمان أو رئاسي أو مختلط‪ ،‬ويحدد على أساس رأسمالي‬ ‫حر‪ ،‬ويحدد مصادر التشريع‪ ،‬والعملية الحزبية تعددية أم محتكرة لأليديولوجية المهيمنة‪ .‬فيعبر‬ ‫هذا العنصر عن روح السياسية واالقتصادية واالجتماعية والدينية للبالد‪ .‬فمثال‪ ،‬تقوم الدساتير‬ ‫بتحديد شكل نظام الدولة بعبارات كثيرة‪ ،‬مثل‪" ،‬رأسمالي‪ ،‬أو اقتصاد حر" أو "عام أو‬ ‫اشتراكي"‪ ،‬ومن ثم عالقته بعقيدة الناس بذكر عبارة "دين الدولة اإلسالم"‪ ،‬وهنا تبرز إشكالية‬ ‫حيث االشتراكية منافية تماما للدين وتعده أفيون الشعوب‪ .‬كما أن الرأسمالية ال تعترف بقيود‬ ‫وضوا بط أخالقية أو شرعية‪ ،‬كما أن العلمانية هي مذهب سياسي يدعوا بشكل أو أخر عن فصل‬ ‫الدين عن الدولة‪ ،‬وفصل السياسية عن األخالق‪ .‬وبذبك صنع الدساتير في الدول العربية تعاني‬ ‫من صراع مثل هذين التيارين‪ .‬وسوف نطرح حلول لهذه اإلشكالية من أجل الفهم الدقيق الكافي‪،‬‬ ‫ومن أجل التوافقية اإلنسانية والوطنية والتنموية والكونية‪ ،‬والتي يجب أن تكون مطالب راشدة‬ ‫لدي الكل‪ .‬فكثير ما نجد عبارة أن الدولة علمانية كما نص عليه الدستور الفرنسي‪ ،‬أو أن الدولة ال‬ ‫تتخذ قرار أو قانون على أساس ديني كما هو الحال في الدستور األمريكي‪ ،‬أو أن نظام الدولة‬ ‫اشتراكي كما نص عليه الدستور المصري ‪ .2100-0592‬وهناك جانبين حيويين في تحديد‬ ‫التنظيم السياسي العالقة بين العقديتين السياسية والدينية‪ ،‬والعملية الحزبية واالنتخابية‪ .‬حيث عند‬ ‫ذكرهما بوضح سوف يعيق سالمة تطبيق الدستور وفعاليته‪ ،‬كما أن للشعوب العربية أن يكون لها‬ ‫الدور األساسي في هاتين المسألتين‪ .‬وفي الدساتير العلمانية ترفض تحديد دين الدولة‪ ،‬كما لتؤيد‬ ‫نص اإلسالم مصدر التشريع الرئيسي‪ ،‬ناهيك عن إضافة نص " وال يجوز صدور أو العمل بأي‬ ‫حكم يخالف الشريعة اإلسالمية"‪ ،‬وهنا تضمنت القرآن وهو قانون رباني وتضمنت السنة أي‬ ‫القانون النبوي‪ .‬والبد من توقف الشعب العربية عند مثل هذه المسائل‪ ،‬فهي في غاية الحساسية‪،‬‬ ‫والهدف منها هو احترام دور العقيدة في الحياة بأمانة علمية وحضارية‪ ،‬وتوخي الحالل واالبتعاد‬ ‫عن الحرام ‪ ،‬وهي ناحية هامة في إصالح كافة جواب الحياة‪ .‬وسوف نناقش هذه المسألة في‬ ‫الفصل األخير‪ ،‬بما يجلب التوافق ويزيل المخاوف ويزيح اللبس‪ .‬فمثال‪ ،‬نجد نص الدستور‬ ‫المصري ‪ 2100-0592‬بأن االشتراكية هي أساس التنظيم السياسي‪ ،‬وحدد االتحاد االشتراكي‬ ‫هو الكيان الحزبي العام والوحيد والحاكم‪ ،‬وفي مثل هذا تحديد روح التنظيم‪ ،‬والبد من فهم ذلك‬ ‫بعناية‪ .‬يعترض أحد‪ ،‬فهما نبض الحياة فيما بعد وتتشكل عليهما مؤسسات الدولة وهياكل‬ ‫االقتصاد وعالقات المجتمع وحرية االعتقاد والعبادات والفكر وممارسة السلطات‪ ..‬فنقول‬ ‫وبشكل خاص‪ ،‬أن ليبيا دولة إسالمية‪ ،‬ال جدال في وضع نص "اإلسالم دين الدولة"‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫عبارة أخرى وهي في غاية المسئولية التطبيقية ‪ ،‬والبد أن يعي الشعب والمسئولين ذلك‪ ،‬وهي‬ ‫نص "اإلسالم و الشرعية اإلسالمية هي مصدر التشريع األساسي"‪ ،‬وفي حقيقة األمر نشير إلي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫هذه العالقة عضوية وفي غاية الدقة ومرتبطة بالسلطات الثالثة "التشريعية‪ -‬القضائية –‬ ‫الشورى" وهي سلطات تشكل جزء من الهيئة الحاكمة‪ ،‬إال أن السلطة التنفيذية هي سلطة فنية‬ ‫ومدنية تدير شئون عامة فهي ليست معنية مباشرة وبشكل كلي كما يتخوف أو يرفض بغير علم‪.‬‬ ‫إاذ عندما نصنع أي مكون ونضع تفاصيل عناصره البد أن نوضح للشعب بالقصد السياسي‬ ‫والكيفية التطبيقية من أجل أن يكون حيا في كل النفوس‪ .‬وتمثل العالقة بين السلطة التشريعية‬ ‫واألحكام والحرية والقدسية الدينية‪ ،‬وليس هناك عالقة تنفيذية مباشرة‪ ،‬كما أن ذلك يحتم عدم‬ ‫اعتماد قرارات تناهض دين الدولة‪ ،‬وعبارة ليبيا دولة مدنية‪ ،‬وهو ما يسعى إليه كثير من ألراى‬ ‫العام‪ ،‬فهي ال تعني إطالقا دولة غير دينية‪ ،‬وإنما تعني دولة حضارية تقوم على سيادة المدنين‬ ‫وال تسمح بقيادة العسكر للشأن السياسي والتشريعي والقضاء المدني‪ ،‬تمنع وصول العسكر‬ ‫للسلطة‪ ،‬كما أنها في ذات الوقت تفيد أنها دولة تقوم على أن األسرة هي أساس المجتمع وليس‬ ‫القبيلة‪ ،‬والجنسية ينظمها القانون‪ ،‬كما أنها تمهد ألسس تكوين مؤسسات المجتمع المدني الحقا في‬ ‫بنود الدستور‪ ..‬والبد في هذا العنصر من بند أو فقرة تحديد التنظيم السياسي‪ ،‬فهناك التنظيم‬ ‫السياسي الديمقراطي المبني على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة‪ ،‬وهناك النظام‬ ‫الشمولي المبني على أساس الحزب الواحد ‪ ،‬وهو نظام استبدادي شمولي إيديولوجي كالذي ساد‬ ‫في ليبيا خالل الدولة االشتراكية ‪ ،2100-0595‬وكان االتحاد االشتراكي هو الحزب السياسي‬ ‫الوحيد‪ ،‬ثم تغير إلي اللجان الثورية وبدأت حركة تصفية واغتيال وسجن المعارضين السياسيين‪..‬‬ ‫واألحزاب ينظمها القانون‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬مكون النظام االجتماعي‬ ‫في بادئي األمر أعلم أنه إذا شهدت يوما انتشار وتفشي األعراض السلبية بين أفراد المجتمع‪ ،‬من كره‬ ‫وحسد وتباغض وأحقاد وتصارع وفساد خلقي يحول دون القيم وسلوكيات تحول دون االنسجام‬ ‫االجتماعي و ارتفاع معدل الجريمة والفقر والتضليل السياسي ومرده فقدان الضمير الوطني‬ ‫واإلنساني ‪ ..‬فأعلم أنه أنك تعيش في دولة بدون دستور‪ ،‬أو بمعنى أخر تعيش لسوء الحظ في دولة‬ ‫إيديولوجية تتحكم في السلطات‪ ،‬وتنتهج سيبل االستخفاف بالعقول والعنف‪ ،‬وشخصيا قد شهدت هذه‬ ‫التجربة لعدة عقود‪.‬‬ ‫فالمكون االجتماعي أو نظام المجتمع هو مكون مقدس‪ ،‬يجب أن تكون لجميع عناصره حرمة وطنية‬ ‫وإنسانية ودينية‪ ،‬أي نحافظ على سالمتها من أجل سالمة الوطن‪ ،‬ونحافظ عليها من أجل تكوين‬ ‫مجتمع إنساني عقالني‪ ،‬ونحافظ عليها من أجل القيام بالتوجيهات الدينية التي فيها السالمة الكونية‬ ‫والمصيرية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدستور الكامل هو الذي يوضح عناصر هذا المكون بدقة‪ ،‬ويحرص أن يحميه من مصطلحات‬ ‫إيديولوجية خطيرة‪ ،‬كعبارة المجتمع االشتراكي أو غيرها من مفاهيم هذه اإليديولوجية التي تسببت‬ ‫في تقهقر وتفرق وضياع إمكانيات الدول العربية وتقنين سبل بطشها وقمعها وإذاللها‪.‬‬ ‫ومرحلة بناء العزة تبدأ من دقة تحديد هذه العناصر بوعي شعبي عارم‪ ،‬واستعداد الدائم في حمايتها‬ ‫والحرص على تطبيقها التام‪.‬‬ ‫فإن لم يكن الشعب في تفاعلية مستمرة مع دستوره الذي ينظم كافة أمور حياته الدنيوية فسوف يصبح‬ ‫الدستور ال معنى له في الحياة اليومية‪ ،‬وتتحول الحياة إلي معاناة أكثر منها متعة وانسجام في خلق‬ ‫المنافع وتبادلها السليم‪.‬‬ ‫فهذا المكون االجتماعي يمثل مرآة ينظر إليها األفراد كل صباح ومساء‪ ،‬فيروا حقوقهم كاملة و‬ ‫واجباتهم تجاه بعض‪ ،‬وأن تكون المرأة نظيفة في كل يوم ال يخدشها شيء من عناصر مكون‬ ‫االقتصاد‪ ،‬وال تكسرها مكونات السلطات‪.‬‬ ‫فالدستور بأكمله هو من يحدد شكل المجتمع‪ ،‬وقد يكون ذلك عبر وجود مكون خاص بنظام المجتمع‪،‬‬ ‫ومن ثم تجد أثر كل مكون عليه‪ ،‬أو تكون عناصره متدخلة مع بقية مكونات الدستور‪.‬‬ ‫والخطورة أن كل إيديولوجية لها مفهومها الخاص حول طريقة تنظيم المجتمع‪ ،‬وهي ال تهدف إلي‬ ‫بنائه وتقويته بل إلي التحكم فيه وإخضاعه للتوجيهات اإليديولوجية بحيث يكون أداة عمياء وفاعلة‬ ‫سياسيا واقتصاديا وثقافيا في مسار وسياسات وأهداف تلك اإليديولوجية التي تفرض نفسها من خالل‬ ‫مكونات الدستور‪.‬‬ ‫ونؤكد على أنه في الواقع توجد عقيدتين‪ ،‬تتحكمان في طبيعية حياتنا اليومية‪ ،‬ونتيجة الصراع بينهما‬ ‫هي ما يرسم شكل الدستور وكافة مكوناته وعناصره ‪ ،‬وهما العقيدة السياسية والعقيدة الدينية‪ ،‬ويوجد‬ ‫تداخل وتباين ‪ ،‬حال عدم فهم العالقة العضوية بينهما‪ ،‬والبد من حل هذه اإلشكالية‪.‬‬ ‫فالعقيدة السياسية هي مسئولية تاريخية ومصيرية دنيوية‪.‬‬ ‫والعقيدة الدينية هي مسئولية إنسانية ومصيرية أخروية‪.‬‬ ‫وكلتا العقدتين مسئولية وطنية وكونية‪ ،‬والصراع المفتعل بينهما يؤدي بالضرر الجسيم في تجسيد‬ ‫حياة مادية وروحية طبيعية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والبد من معرفة العالقة التفاعلية الصحيحة بينهما‪ ،‬وهذا ما نحاول أن نغرسه من خالل هذا‬ ‫المشروع‪.‬‬ ‫فال يمكن فصل الناس عن السياسة‪ ،‬فالشعوب هي مصدر سيادة الدولة‪ ،‬وبتنازلها عن تلك السيادة‬ ‫للدستور‪ ،‬تصبح ممارسة السياسة أو ممارسة السلطات مشروعة‪.‬‬ ‫وال يمكن فصل الناس عن دينهم‪ ،‬فهذا عبث وفيه موت الشعوب روحيا وتدميرهم أخالقيا‪ ،‬وفقدان‬ ‫الحياة لرسالتها‪ ،‬فنجاح الدولة يكمن في قدرتها على صنع هذه التوافقية الدقيقة والمسئولة عن تحقيق‬ ‫التنمية السليمة والشاملة‪.‬‬ ‫وبذلك تقع المسئولية على كل فرد وجماعة أن تدرس هذا المكون بدقة‪ ،‬وتحدد مدى استجابته لصحيح‬ ‫عقيدتها‪ ،‬وخصائصه التي تميزها وطموحاتها التي ترفعها ومعطياتها التي تجعل حياتها متماسكة‬ ‫ومتراحمة ومحترمة‪.‬‬ ‫وفي خاتمة المشروع سوف نطرح شكل توضيحي يبين نظرية عالقة المجتمع والسلطة‪.‬‬ ‫حيث الدستور في مجمله يدور حول محاور ضبط هذه العالقة‪ ،‬ويرسم العالقات والواجبات والحقوق‬ ‫بين مكونات هذه المحاور الرئيسة والعضوية في بناء كيانات الدول‪.‬‬ ‫ومن الخطورة بمكان أن ال يستعان في وضع الدساتير بعلماء الدين و المجتمع لمناقشة عناصر هذا‬ ‫المكون‪ ،‬وأثار المكونات األخرى عليه‪ ،‬فصناعة الدستور ليست لعبة ديمقراطية وإنما هي أمانة‬ ‫إنسانية ومسئولية تاريخية وحاجة وطنية ومصداقية دينية‪.‬‬ ‫ونؤكد بأن الركن الدستوري األول وهو نظام الدولة وهو الروح التي سوف يؤسس ويسوى عليها‬ ‫الركن الثاني‪ ،‬وهو يمثل مؤسسات السلطات وأسلوب حكم الذي ينتج عنه الممارسة السياسية‬ ‫الشرعية وإنتاج كافة السياسات بفعالية‪ ،‬وهذا الركن الثاني هو رهينة لهذه الروح الدستورية أو بمعنى‬ ‫أخر رهينة للركن األول‪.‬‬ ‫ويختص المكون االجتماعي في الدستور بكافة العناصر األخالقية الالزمة لبناء مجتمع حقيقي متكامل‬ ‫ومتكافل‪ ،‬وهو مسئولية تضامنية بين الدولة واألفراد‪ ،‬ويشمل هذا المكون الدستوري العناصر التالية‪.‬‬

‫التأمين االجتماعي والصحي‬ ‫يحدد الدستور مدى وكيفية تكفل الدولة خدمات التأمين االجتماعي والصحي‪ ،‬ومعاشات العجز‬ ‫عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا‪ ،‬حيث هناك قانون خاص بالتأمين االجتماعي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والصحي‪ ،‬والبد من أساس دستوري‪ ،‬ويستشار فيه أهل التخصص‪ .‬وكان اإلسالم أو من شرع‬ ‫هذا الحق في عهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬واليوم تسنه جميع الدساتير‪ .‬وبحيث يقوم‬ ‫المجتمع على أساس التضامن االجتماعي بما يمنع العوز المادي عن المواطنين‪.‬‬

‫حق تكافؤ الفرص‬ ‫وهنا البد من التميز في المغزى بين التساوي بين الناس عند التقدم للتوظف‪ .‬وال يقصد من خالله‬ ‫الحق الدولة في توفير فرص عمل للجميع‪ .‬ويالحظ بأن هناك دساتير تسن أن العمل حق تكفله‬ ‫الدولة‪ ،‬وهذا قد يؤدي إلى أن تنزلق الدولة في النظام االشتراكي والتوظيف العام وتدني الكفاءة‬ ‫والدخول‪ ،‬فالدولة وأجبتها السياسات التي تخلق فرص عمل للجميع وعدم حدوث بطالة‪،‬‬ ‫والحكومة التي تفشل في ذلك‪ ،‬ال يعاد انتخابها‪ ،‬وهذا أحد المعايير التنافسية في العملية الحزبية‪،‬‬ ‫ونجاح العملية االنتخابية‪ ،‬من خالل وعي الشعب في تقييم فعالية برامج المرشحين‪ .‬فلكفاءة‬ ‫العلمية والعملية والمقومات الوطنية واألخالقية هي أساس المفاضلة في فرص العمل المتاحة‪.‬‬ ‫فالذي يمنح أو يشغل وظيفة على أساس قربة أو مودة أو علمه بمن هو أفضل منه فقد خان هذا‬ ‫المبدأ الدستور وخان عقيدته وخان دور الكفاءة في صنع حياة‪.‬‬

‫مقومات األسرة العقيدة والوطنية واألخالق واإلنسانية‬ ‫األسرة قوامها الدين اإلسالمي‪ ،‬واألخالق الكريمة‪ ،‬والتقدم الحضارية‪ ،‬وروح الوطنية الصادقة‪،‬‬ ‫ومسئولية األمانة اإلنسانية‪ .‬وتحرص الدولة على تنمية مقومات األسرة كما يحددها الدستور‪،‬‬ ‫وتمنع كل أشكال العصبية القبلية والطائفية والعرقية والتفرقة الوطنية في الحياة السياسية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬

‫حق حماية األمومة والطفولة‬ ‫وحق تكفله الدولة وينظمه القانون‪ ،‬ويراعي فيه الشباب والنشء‪ ،‬وبما يوفر لهم كل المؤسسات‬ ‫األساسية‪ ،‬لتنمية ملكاتهم كالنوادي الرياضية والثقافية والحاضنات االقتصادية‪ ،‬ويحمي األم‬ ‫والطفل من الحاجة والتسول‪ ،‬وعدم التعلم‪ ،‬أو االنحراف بالتأهيل واإلصالح األخالقي واإلنساني‬ ‫والحضاري األمين‪ ..‬وحق المرأة في إجازتها كافية لرعاية مواليدها تكفله جميع مصالح العمل‬ ‫الخاصة والعامة‪.‬‬

‫األخالق واآلداب واجب عام‬ ‫ويحدد الدستور الخلق واآلداب العامة الواجبة‪ ،‬حيث كل خلق هو مسئولية الجميع‪ ،‬وتحرص‬ ‫الدولة على تنميتها وحمايتها‪ ،‬والمحافظة على الثقافة األصيلة المفيدة‪ ،‬واحترام اآلداب العامة‬ ‫أساس الحياة النبيلة‪ ،‬وانتهاك األدب العام يعاقب عليه بقانون‪ ،‬فالدولة بركنيها المؤسسات‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وأسلوب الحكم روجها األخالق‪ ،‬وتضمر الدولة وتضعف وتفشل في األداء السياسي واالقتصادي‬ ‫ويظهر التنافر االجتماعي بسبب سوء الخلق‪ ..‬فاألخالق جوهر العقائد والممارسات‪ ،‬وجزء في‬ ‫نجاح كل دستور فيما يحدده من قواعد وأسس تحفظ اآلداب وتصون األخالق‪ ،‬حيث كل خلق هو‬ ‫مصدر القيم االجتماعية المنشودة‪ ،‬فمثال‪ ،‬المصداقية والوطنية واألمانة واإلنسانية وضبط النفس‬ ‫والتضامن والشرف كل منها في ذاته يشكل خلق على مستوى الفرد‪ ،‬ولكن عندما يتحد المجتمع‬ ‫في الدفاع عن أحد هذه الخلق‪ ،‬فيصبح ذلك الخلق قيمة‪ ،‬فمثال‪ ،‬عندما يحدث اعتداء على شرف‬ ‫أحد األفراد‪ ،‬يهب كل المجتمع مستنكرا لذلك االنتهاك والوقوف مع المتضرر حتى يحبر ويعاقب‬ ‫المعتدي‪ ،‬حينئذ يقال أن الشرف في ذلك المجتمع "قيمة"‪ ،‬وعندما يدافع عنها جميعا وغيرها يقال‬ ‫عنها منظومة القيم في ذلك المجتمع‪ .‬وبالتالي البد من دستور يكون دافع وضابط من أجل صون‬ ‫الخلق والبدء في صنع منظومة القيم ‪ ،‬حيث يعد المجتمع مريض بدون قيم أساسية تحقق السلم‬ ‫والمودة والتماسك والشعور والطابع الموحد‪ .‬وتعتبر الشريعة اإلسالمية مصدر مكارم األخالق‪،‬‬ ‫وإذا ما نص الدستور على أن الشريعة اإلسالمية مصدر التشريع‪ ،‬بات من حق كل مواطن أن‬ ‫يشتكي بالمحاكم حول أي خلق أو آداب منافية للشريعة والدستور‪ ،‬وإذا لم يسن ذلك باتت األخالق‬ ‫واآلداب مسألة علمانية غير مقيدة وال يحاسب عنها إال بقانون وضعي‪ .‬ومن مصلحة الدول‬ ‫العربية أن تحدد األخالق بدقة في الدستور ومصدرها‪ ،‬حيث نشاهد أصوات منكرة وسلوكيات‬ ‫غير حميدة‪ ،‬كلعب األطفال في الطرقات العامة‪ ،‬وأمام ممتلكات ومؤسسات اآلخرين‪ ،‬وكأن‬ ‫األمر عادي‪ ،‬وهو في حقيقته غير حضاري‪ ،‬ويعكس سوء التنشئة‪ .‬ويذكرني‪ ،‬بالمناسبة في العام‬ ‫‪ ،0519‬بمدينة لينز بالنمسا‪ ،‬حضر مندوبي عن السلطات ألخذ رأي بإزالة ملعب كرة لألطفال‪،‬‬ ‫خلف شقة مستأجرة لشهر‪ ،‬حيث سكان الحي يروا في وجود ملعب رسمي في حيهم مصدر‬ ‫إزعاج للكبار‪ .‬وكل ما رأيت إال أطفال في زى جميل موحد ولم أسمع صوت واحدا‪ ..‬ولكن أخذ‬ ‫رأي السكان وتم إغالق الملعب‪ ،‬والمقصود أن السلطات هي في خدمة الشعب ويخضع كل فرد‬ ‫للدستور‪ ،‬وال مجال للتأويل للهروب من الدستور أو المجاملة للهروب من الحق والتي تجر‬ ‫المجتمعات للتخلف‪..‬‬

‫العمل واجب على الجميع‬ ‫تعد جميع أنواع العمل المشروعة شرف للمواطن‪ ،‬والقصد منها تقديم المصلحة‪ ،‬واإلصالح‪،‬‬ ‫فالعمل عبادة‪ ،‬والفساد في العمل وسوء األداء يجرمه ويصوبه القانون‪ ،‬وال يجوز أكراه أو إجبار‬ ‫أحد على عمل ليس في طاقته‪ .،‬فالتنمية أساسها ركنان اإليمان وهو روح العمل واإلصالح وهو‬ ‫النتاج المادي الملموس‪ ..‬والبد أن يكون الدستور واضح في هذا العنصر التنموي واألساس‬ ‫الحضاري‪ ..‬والوظيفة العامة حق للمواطنين‪ ،‬وهم في خدمة الشعب‪ ،‬وبكفل القانون القائمين‬ ‫عليها حمايتهم وتوفير بيئة العمل المالئمة‪ .‬والفصل من العمل يحكمه القانون في جميع األحوال‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫التعليم واجب كل فرد وحق تكفله الدولة‬ ‫التعليم حق تكفله الدولة‪ ،‬وهو إلزامي في المرحلة االبتدائية‪ ،‬وتحرص الدولة على محو األمية‪،‬‬ ‫وتعتبر مادة التربية اإلسالمية مادة أساسية في مناهج التعليم العام‪ ،‬ومجانية التعليم في مؤسسات‬ ‫الدولة الحكومية‪ ،‬ويمنح تراخيص لمزاولة التعليم بقانون ‪ ،‬وتكفل الدولة استقاللية الجامعات‬ ‫ومراكز البحث العلمي‪ .‬ويوفر للطلبة منح دراسية الستكمال الدراسات الجامعية غير مقيدة‬ ‫بعمر‪ ..‬وجزء من هذه المنح يمثل رسوم دراسية للجامعة بحيث يخلق تنافس بين الجامعات و‬ ‫وتتقاضى منه رواتبها وكل لوازم تطويرها الفني والعمراني‪ ،‬كما تحرص الدولة على المساهمة‬ ‫من خالل موازنة عامة من أجل االستثمار في بناء اإلنسان وتنمية العملية التعليمية الوطنية‬ ‫والحضارية‪.‬‬

‫الوفاء لقيمة النضال الوطني‬ ‫أن النضال الوطني هو قيمة إنسانية واجتماعية عليا‪ ،‬وتزول الدول وتغيب عن خارطة الوجود‬ ‫بسبب غياب مثل هذه القيمة‪ ،‬وتنتكس المجتمعات وتسود المظالم والسلبيات بسبب عدم الوفاء‬ ‫لمثل هذه القيمة‪ .‬والنضال الوطني عمل شاق يبرز له فقط خيار القوم وأشدهم تماسكا وقوة وخلقا‬ ‫وأحسنهم أصل وتربية‪ ،‬فواجب اآلخرين أن يكونوا أوفياء نحوهم‪ ،‬حتى ال تندثر هذه القيمة العليا‬ ‫وتصبح المجتمعات مغلوب على أمرها وتعيش في الذل كل الدهر‪ ،‬وتتجرع سموم المهانة‬ ‫واالنحطاط والتخلف وكأنها خلقت لتكون رخيصة‪ ،‬والذين ال يقرون بقيمة النضال الوطني هم‬ ‫غير قادرين وغير مخلصين لمجتمعهم ودينهم‪ ،‬فقيمة النضال الوطني واضحة وراسخة في‬ ‫العقيدة‪ ،‬والتقليل من شأنها هو فساد للحياة اإلنسانية‪ .‬كما أن تاريخ الشعوب أهم ما فيه نضال‬ ‫األجداد في تحرر ناسهم وبناء واستقالل دولتهم‪ ،‬والعيش بحرية وكرامة‪ .‬وبذلك تسن بعض‬ ‫الدساتير على صون هذه القيمة‪ .‬فيذكر مثال‪ ،‬واجب الدولة نحو أسر شهداء الوطن والواجب‬ ‫العام‪ ،‬ونحو الجرحى طيلة فترة الحاجة‪ ،‬والتعويضات الالزمة‪ ،‬والمكانة االجتماعية المالئمة‪،‬‬ ‫واألحقية السياسية في المفاضلة القيادية‪ .‬وقد تكون هناك مزايا تشمل كفالة الدولة للمصاريف‬ ‫الدراسية والصحية وتوفير السكن الالئق والتكريم السنوي‪ ،‬وكل ذلك بقانون مكمل يحدد‬ ‫االشتراطات واآلليات والتقديرات والمتابعة‪ .‬وخاصة أن الربيع العربي قد خلف العديد من مآسي‬ ‫بسبب قوة االستبداد التي واجه نيرانها ومعداتها المدمرة أبطال عزل مسالمين قل نظيرهم في‬ ‫التاريخ‪ .‬فدستور يغفل عن حقيقة الربيع العربي وقيمة الوفاء لخير فيه لمستقبل األوطان‪ .‬فالنضال‬ ‫حاجة دائمة كدوام الصراع بين الخير والشر‪ ،‬والحق والباطل‪ ،‬والعدل والظلم‪ ،‬فالشر والباطل‬ ‫والظلم هي قوة صراع صفرية تعمل دوما القتالع جذور الخير والحق والعدل‪ .‬كذلك وجود قيمة‬ ‫للنضال الوطني في الدستور كفيلة أن تبدد قوة الشر‪ ،‬و كفيلة أن تعكس الدستور يسعى للخير‬ ‫والعدل والحق‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :3‬املكون االقتصادي‬ ‫وهو مكون حيوي في الدستور وحقيقة صياغته تعكس أحدى اإليديولوجيتين الرأسمالية أو‬ ‫االشتراكية‪ ،‬وهناك في الواقع نظام تفاعلي مختلط ‪ ،‬وهنا سوف نشير إلي الصياغة التي تمنع هيمنة‬ ‫الفكر االشتراكي من خالل الدستور‪ ،‬حيث النظام االشتراكي أسسه الملكية العامة والتخطيط‬ ‫المركزي والتأميم اإلجباري وأرتفع االستقطاع الضريبي وضعف مستوى الدخل الفردي لصالح‬ ‫الميزانية العامة وتولي الدولة األنشطة االقتصادية‪ ،‬وبذلك نتناول النظام األمثل‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪،‬‬ ‫وخال صة القول بأن هذا المكون هو روح االقتصاد بالبالد‪ ،‬وفيما صياغة كاملة‪ ،‬كمثال‪ ،‬ألن الدستور‬ ‫هو كلمة شعب بأكمله‪ ،‬وليس رأي قرد أو فكر الحاكم‪ ،‬هو قناعة و وعي و ومسئولية‪ ،‬وقيما يلي‬ ‫وجهة نظرنا‪:‬‬

‫حق الملكية الخاصة وضوابطها‬ ‫تعتبر الملكية الخاصة مقدسة‪ ،‬وهذا ما أقره اإلسالم‪ ،‬وال يجوز تحريمها بأي تصور أيديولوجي‬ ‫اشتراكي أو شيوعي‪ ،‬وال يجوز ضمن ملكية خاصة إلي عامة إال برضا وتعويض وحكم‬ ‫قضائي‪ ،‬فالملكية هي الدافع ولمحرك األساسي الروحي لكل نشاط اقتصادي‪ .‬وجميع الدعاوي في‬ ‫الملكيات الخاصة من اختصاص محاكم القضاء المستقل‪ ،‬وتشمل الملكية الخاصة كل المقتنيات‬ ‫النقدية والعينية المقيدة والمسيلة واألنشطة االقتصادية والفكرية‪.‬‬

‫أسس الملكية العامة وأخالقياتها‬ ‫الملكية العامة جائزة‪ ،‬وقد حدد اإلسالم كثير من ضوابطها األخالقية وحسن إدارتها وحرمتها‪،‬‬ ‫وهي و واجبة في كل الثروات المشتركة من ماء ومواد خام ووارد طبيعية يحددها القانون‪ ..‬وال‬ ‫يجوز استغالل أو االعتداء عل كل ما هو مملوك أو موجود بمقرات وعقارات عامة‪ ..‬ويعاقب‬ ‫المعتدي بقانون‪ ،‬فالملكية العامة أساس من أساسيات تماسك بناء الدولة بمواردها المشتركة‬ ‫وقوتها الوطنية اإلستراتجية ونهضتها االقتصادية الوطنية ‪ ،‬وتخضع كل لملكيات العامة لرقابة‬ ‫السلطة التشريعية وينظمها قوانين متخصصة‪ ،‬وهما ما يعرف بجهاز الرقابة اإلدارية الذي‬ ‫يراقب ويوجه األداء ويحيل للقضاء المخالفات‪ ،‬وجهاز ديوان المحاسبة الذي يتابع العمليات‬ ‫والمعامالت المالية ويمنع االنحرافات ويحيل المخالفات لجهاز الرقابة اإلدارية لمباشرة التحري‬ ‫والتحقيق والتأديب اإلداري أو إلحالة للقضاء الجنائي‪ ..‬كما أن ملكية األراضي الزراعية ينظمه‬ ‫قانون مستمد من التشريع اإلسالمي وبما يحقق التوسع األفقي واالختالط االجتماعي ونبذ‬ ‫االستيالء بحجة وضع اليد القبلي‪ ،‬فالملكية بوضع اليد تكون بقدر أحيائها جزئيا‪ ،‬فجفاف األرض‬ ‫عن طريق وضع اليد هو عمل أثم وضار بالناس واإلقليم فيضعف التنمية ويجلب االستعمار‪،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فترك األرض بدون حياة هو جهل وطني وعقل غير حضاري‪ ..‬فالعمل في األرض هو أشرف‬ ‫وأسعد وأفضل مهنة‪ ،‬وهي األساس لألقوام التي لها جذور تاريخية حضارية‪.‬‬

‫شرعية الخطط والسياسات العامة‬ ‫تتولى الدولة وضع السياسات العامة‪ ،‬وتختص الحكومة التنفيذية بإعدادها وتنفيذها‪ ،‬بعد إقراراها‬ ‫من السلطة التشريعية‪ .‬ومن خالل تحليل الدساتير‪ ،‬نجد مسألة هامة وهي اختصاص السلطة‬ ‫التنفيذية باإلدارة الحكومية والسياسات العامة‪ ،‬مع وجود باب المشاركة البرلمانية‪ ،‬حيث يقترح‬ ‫البرلمان مشروعات القرارات والقوانين جديدة أو تعديالت حسب مطالب الشعب‪ .‬فالتفاعلية‬ ‫والمشاركة البد أن تكون متوفرة بين السلطات بعضها‪ ،‬وبين السلطات والشعب‪ .‬وهناك ضوابط‬ ‫دستورية‪ ،‬مثل ‪ ،‬تكفل السياسات نمو الدخل القومي وزيادة مستوى الدخل الفردي وتحسين ورفع‬ ‫مستوى المعيشة‪ ،‬والقضاء على البطالة‪ ،‬وزيادة فرص العمل‪ ،‬وربط األجر باإلنتاج‪ ،‬وضمان‬ ‫الحد األدنى لألجور‪ ،‬و وضع حد أعلى بما يكفل تقريب مستوى األجور‪ ،‬وتوجيه فائض الدولة‬ ‫وفقا لخطط تنموية وطنية‪ .‬ولكل فرد نصيب في الناتج القومي يحدد القانون‪ ،‬وال يجوز التخطيط‬ ‫المركزي بما يحد من صالحيات وفعالية التقسيم اإلداري بالبلد فالتنمية المتوازنة هي أساس القوة‬ ‫الوطنية واالقتصادية‪ ،‬وتوطين التنمية بكل المدن والضواحي والحد من الهجرة نحو المدن وشل‬ ‫االقتصاد العام على المدى البعيد والضرر بحقيقة مصير البلد‪ .‬ومثل هذه الضوابط وغيرها‬ ‫يضعها المختصين تشكل معيار لتقيم وتوجيه السياسات العامة والحكم عليها ومحاسبتها‪ ،‬وهي‬ ‫تحدد سبل المشاركة والتفاعلية الالزمة ‪.‬‬

‫حرية النشاط االقتصادي‬ ‫للمواطنين حرية اختيار نوعية النشاط االقتصادي الخاص وتأسيس جميع أنواع الشركات‬ ‫المحددة بالقانون التجاري‪ ،‬وال يجوز تدخل الدولة كما ال يجوز ممارسة نشاط محرم يمنعه الدين‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ومن حق المواطن التنقل الشخص وتحويل رؤوس أمواله وأرباحه إلي بلد أخر و وفق‬ ‫قانون يحمي مصلحة الوطن وال يضر بمصلحة الفرد‪ .‬كما يجوز للرأس المال األجنبي االستثمار‬ ‫المحلي وفق قانون تشريعي يرتضيه الشعب وبضوابط مفيدة لنمو االقتصاد الوطني والرفاهية‬ ‫االجتماعية والتقدم العلمي والتقني‪ ..‬والمنافسة والممارسة التجارية التامة واجب ينظمه القانون‬ ‫التعاقدات اإلدارية‪.‬‬

‫شريعة النظام الضريبي‬ ‫يقوم لنظام الضريبي على العدالة االجتماعية‪ ،‬وال تخصم ضريبة إال بقانون‪ .‬وعادة ما تسن‬ ‫الدساتير على اختصاص السلطة التشريعية في جواز الوعاء الضريبي ونوعية الضريبة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫االدخار واجب عام‬ ‫تحفيز االدخار بالمصارف وأجب وطني تحميه الدولة وتشجعه‪.‬‬

‫التأميم األساس هو المنع‪ ،‬واإلجازة بقيود شرعية‬ ‫ال يجوز التأميم إال العتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض عادل‪ ،‬ورضا الطرفين‪.‬‬

‫مطلب ‪ :4‬مكون احلريات واحلقوق والواجبات العامة‬ ‫وكثيرون يرغبون في دولة القيم‪ ،‬وهي دولة الحريات والحقوق والكرامة والواجباتـ ولكل مواطن‬ ‫كإنسان خلق كريما‪ ،‬له العديد من أنواع الحقوق والحريات والخصوصيات لتحقيق سعادته في‬ ‫األرض‪ ،‬وهذا هو الهدف األساسي للحكوماتـ‪ ،‬كما أن عليه كفرد وكمجتمع مسئوليات جسيمة‬ ‫دقيقة متكاملة ومتكافلة‪ ،‬والحقوق والواجبات تشكل كامل منظومة القيم المنشودة في كل مجتمع‪،‬‬ ‫وهما وجهان لعملة واحة‪.‬‬ ‫فهناك حقوق و واجبات الفرد‪ ،‬وحقوق و واجبات المجتمع‪ ،‬وحقوق و واجبات الحكومة‪.‬‬ ‫والدولة التي ليس فيها دستور يرسم هذه الحقوق والواجبات بشكل واضح يظل دستور عاجز عن‬ ‫صنع اليقظة الوطنية والنهضة الدنيوية‪.‬‬ ‫ومثل هذه المنظومة هي روح نظام الدولة وأساس دولة عادلة بناءة قانونية منظمة‪.‬‬ ‫فالحرية هي شأن متعدد األنواع واألبعاد وكثير التفاصيل‪ ،‬والبد أن يحدد الدستور اإلطار العام‬ ‫بدقة‪ ،‬فهي أساس في ممارسة الحقوق السياسية وخاصة الحزبية‪ ،‬ودور الصحافة واإلعالم‬ ‫كسلطة رابعة مستقلة هامة‪ ،‬وفيما تفصيل لجملة من هذه الحريات ترسمها الدساتير‪:‬‬

‫المساواة في الحقوق والواجبات العامة‬ ‫المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة‪ ،‬ال تمييز بينهم بسبب الجنس أو األصل‬ ‫أو اللغة أو الدين أو العقيدة‪ .‬والعدالة اإلسالمية في القضاء بالحق بين الناس خير مصدر‬ ‫لترسيخ العدالة اإلنسانية والقانونية‪.‬‬

‫تحريم كل أشكال التعذيب‬ ‫ال يجوز حبس المواطن في غير األماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون‪ ،‬وال‬ ‫يجوز إيذاء السجين بدنيا أو معنويا ويجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة اإلنسان‪ .‬وال‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يجوز الحكم على مواطن إال عبر المحاكم المختصة والقضاء المستقل والعدالة الكاملة‬ ‫بقانون‪.‬‬

‫الحريات الذاتية والسياسية‬ ‫حق الحريات الخاصة والسياسية حق مصون تكفله الدولة كرامة للذات اإلنسانية وامتثاال‬ ‫للعقيدة اإلسالمية‪ ،‬فال يمس اإلنسان في نسفه أو دينه أو عرضه وممتلكاته‪ ،‬وال يجوز‬ ‫القبض على أحد أو مراقبته بسبب الرأي أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من‬ ‫حقوقه المقررة بأي قيد أو منعه من التنقل إال بأمر تقره ضرورة التحقيق وصيانة أمن‬ ‫لمجتمع‪ ،‬ويصدر هذا األمر من القاضي المختص أو النيابة العامة‪ .‬و وفق قانون يحدد مدة‬ ‫الحبس االحتياطي‪ ،‬وللمساكن حرمة فال يجوز دخولها وال تفتيشها إال بأمر قضائي مسبب‬ ‫وفقا ألحكام القانون‪.‬‬

‫حرية التنقل حق تكفله الدولة‬ ‫حق تنقل األفراد داخل وخارج الوطن تكفله الدولة‪ ،‬وال يجوز أن تحظر على أي مواطن‬ ‫اإلقامة في جهة معينة‪ ،‬وال يجوز تفتيشه بالطرق والشوارع بدون أمر قضائي‪ .‬فمثال‪ ،‬قد‬ ‫شاهدنا أربعة عقود من بوابات أمنية كل عشرين كم في بلد شاسع مثل ليبيا‪ ،‬توقف الناس‪،‬‬ ‫وتنزلهم من الحافالت والسيارات من أجل التفتيش‪ ،‬مما يضيع الوقت‪ ،‬ويولد الكره بين‬ ‫الناس‪ ،‬ويضعف المواطنة‪ ،‬ويشير أن الدولة أمنية تخشى مواطنيها‪ ،‬حيث هناك منافذ‬ ‫حدودية وقيود لدخول األجانب‪ ،‬يحدد سبب الدخول والمستندات الالزمة والمدد الكافية‪.‬‬ ‫وخالصة القول مثل هذه البوابات وإيقاف الناس بالتعسف هو مساس بحق الفرد وامتهان‬ ‫لكرامته وانتهاك لألعراف الدستورية المعاصرة والحضارية‪.‬‬

‫حرمة المواطنة‬ ‫المواطنة تعني الشراكة في الوطن وثرواته‪ ،‬والمسئولية عن المصير المشترك‪ ،‬والواجب‬ ‫العام المشترك في تنمية البلد‪ .‬فال يجوز إبعاد أي مواطن عن البالد أو منعه من العودة‬ ‫إليها‪ .‬وال يجود للمواطن الضرر بأي شكل بسالمة الوطن ومصلحة المجتمع‪.‬‬

‫حق الهجرة وضوابطها ينظمه قانون‬ ‫الهجرة ظاهرة طبيعية وحاجة إنسانية‪ ،‬وهي حق مكفول للراغبين والمحتاجين حسب‬ ‫ضوابط معينة‪ ،‬وكذلك حق العودة مكفول للوطن إذا رغب في قطع الهجرة‪ ،‬وينظمها‬ ‫قانون تصدر قواعده السلطة التشريعية‪ ،‬وهي تجيزه أو توقفه حسب ظروف وحاجة البلد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث عادة ما تكون هناك دواعي مثل الحاجة إلي توازنات سكانية بين الشعوب العربية‪ ،‬أو‬ ‫حاجة البلد إلي زيادة سكانها‪ ،‬أو رغبة األفراد في العيش حسب فرص متاحة لهم‪.‬‬

‫ضوابط الجنسية المزدوجة‬ ‫امتالك أكثر من جنسية بجوار جنسية البلد األصل مسألة دقيقة ينمها قانون الجنسية‬ ‫والهجرة‪ ،‬وهناك شروط في حال جوازها‪ ،‬فمثال‪ ،‬ال يجوز الترشح للمواقع السياسية‬ ‫والمناصب المدنية والعسكرية إال بعد التنازل عن الجنسية األخرى وضرورة الجنسية‬ ‫الواحدة طوال شغلها‪ ،‬إال أنه يجوز ممارسة حق االنتخاب وكافة الحريات األخرى‪.‬‬ ‫والقانون المصري يمنع الترشح للمناصب العامة ولو تحصل أحد الوالدين على جنسية بلد‬ ‫أخرى‪ .‬وقواعد قانون الجنسية والهجرة تصدر عن السلطة التشريعية‪ ،‬وبالتالي تتفاعل مع‬ ‫إرادة الشعب حسب األحوال والحاجات الالزمة‪ .‬فقد يقرها الشعب أو يرفضها ويضع لها‬ ‫ضوابطها‪ .‬كما أن هناك مسألة القادمين للبلد من جنسيات أخرى‪ ،‬فيحدد الدستور القاعدة‬ ‫القانونية بشأنهم‪ .‬فالجنسية المزدوجة باتت منتج ومسألة عالمية البد من التعامل معها‬ ‫بحرص‪.‬‬

‫حرمة النفس جزء من الكرامة اإلنسانية‬ ‫حياة المواطنين حرمة يحميها القانون‪ ،‬وبما ال يخالف ويختلف مع األحكام القطعية في‬ ‫القرآن والسنة النبوية‪ ،‬فيحرم قتل النفس التي كرم هللا‪ .‬فال يجوز ألي من فرد من القوات‬ ‫المسلحة أو أجهزة الدولة إطالق النار على األفراد بنية القتل أو التهديد مهما كانت مصادر‬ ‫التعليمات‪ ،‬ومن يفعل يتحمل المسئولية الشخصية‪ ،‬وتحال للقضاء الجنائي للبث في كافة‬ ‫األطراف المرتبطة والمسببة للجريمة‪ .‬وحرمة النفس من المقاصد اإلسالمية الخمسة يثبتها‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية‬ ‫تكفلها الدولة ومسئولية المجتمع‪ .‬ولكل األديان السماوية حرياتها وحرمتها حسب سماحة‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وهي من المقاصد اإلسالمية الخمسة‪.‬‬

‫حرمة سرية المراسالت وكافة االتصاالت الخاصة‬ ‫و هي من القواعد األخالقية التي تسهم في منظمة القيم العامة‪ ،‬وتكرس الثقة واالحترام بين‬ ‫السلطات والمجتمع‪ ،‬فال يجوز تنصت على المحادثات الهاتفية وال يجوز مصادرة‬ ‫المراسالت أو االطالع عليها أو رقابتها‪ ،‬إال بأمر قضائي‪ ،‬فحرمة التجسس أفراد األمة‬ ‫على بضعها محرمة شرعيا‪ ،‬وتقرها الدساتير بجميع أنواعها‪ ،‬ومسألة التطبيق هي رهينة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫التنشئة السليمة والممارسة السليمة في اختيار القيادات العامة‪ ،‬حيث تكريس كل خلق‬ ‫وانتشاره يعزز القوة الوطنية‪ ،‬وهي قوة العالقة بين السلطة والمجتمع‪ ،‬والدستور هو العقد‬ ‫الشرعي بينهما‪.‬‬

‫حرية الرأي مكفولة‬ ‫ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير‪ ،‬أو غير ذلك من وسائل‬ ‫التعبير وفي حدود القانون‪ .‬والنقد الذاتي البناء ضمان سالمة الوطن‪ ،‬وال يجوز الضرر‬ ‫بأي وجه‪ .‬وهي من المقاصد اإلسالمية الخمسة‪ ،‬وهي حرمة العقل الذي هو مصدر الفكر‬ ‫والمنتج للرأي‪ .‬فالشعب حينما يكون بدون رأي حر في أي وقت أو في مسائل حياته هو‬ ‫شعب يعيش وهو فاقد اإلرادة‪.‬‬

‫حرية الصحافة الخاصة مكفولة‬ ‫كل أنواع والرقابة على الصحف محظورة‪ ،‬فهي مهنة وطنية رسالتها تنمية الوعي العام‬ ‫وتقوية الروح الوطنية‪ ،‬وال يجوز بوقفها بغير حكم قضائي‪ ،‬ومن أجل سالمة الوطن‬ ‫ولمصلحة الوطن‪ ،‬عادة ما يحدد في الدستور رسالة الصحافة‪ ،‬بحيث ال تمس سالمة‬ ‫الوطن ومصلحة المجتمع وحريات وحقوق و واجبات األفراد وخصوصياتهم وأسرار‬ ‫الدولة‪ .‬وينظم الصحافة دستور قانون خاص‪ .‬وفي حاالت طارئة قد يجيز الدستور فرض‬ ‫رقابة محددة ولفترة معينة تتصل بالسالمة العامة واألمن القومي‪ .‬والنص الدستوري‪،‬‬ ‫يكون مثال‪" ،‬ال يجوز ممارسة الصحافة في الضرر بالوحدة لوطنية أو المصلحة العامة أو إشعال‬ ‫الفتنة والفرقة أو الضرر بسمعة أحد أو إنهاك حرمات دينية أو شخصية"‪.‬‬

‫حق اللجوء السياسي مكفول ومشروط‬ ‫حيث لكل أجنبي أضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق اإلنسان أو السالم أو‬ ‫العدالة‪ ،‬أو خشي على نفسه أو أهله بسبب رأيه السياسي‪.‬‬

‫حق التجمع مكفول ومصون‬ ‫وهو أساس تحرر المجتمعات‪ ،‬حيث كافة أنواع التجمعات المدنية العامة والمواكب مباحة‬ ‫في حدود القانون واآلداب العامة‪ ،‬ويلزم الهدوء وال يجوز التسلح أو ممارسة محرم ديني‬ ‫بأي وجه‪ ،‬كما ال يجوز لرجال الدولة حضورها من قبل الدولة والحري بدون أمر قضائي‬ ‫وقانون‪ .‬وهذا حق تقره الفطرة وتكفله الدولة وال يمنعه إال مستبد ومتعدي على قانون‬ ‫الطبيعة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المجتمع المدني أساس الحياة المدنية والحضارية‬ ‫تكفل الدولة الديمقراطية حرية تكوين كافة مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬حيث للمواطنين حق‬ ‫تكوين كافة أنواع مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وحق كل مواطن بدون قيود سلطوية‬ ‫وتوجيهات طائفية وفئوية وإيديولوجية االنتساب إليها حسب القانون منظم لتماسك المجتمع‬ ‫وتحقيق الحريات والحقوق‪ ،‬فال يجوز إنشاء الجماعات المسلحة أو السرية أو المعادية‬ ‫لنظام المجتمع‪.‬‬ ‫نقابات واتحادات العمال أساس صالح السياسات ومصالح العمال وكفاءة األداء‬ ‫تكفل الدولة الديمقراطية حرية تكوين نقابات واتحادات األعمال والعمال‪ ،‬حيث ينظمها‬ ‫قانون مدني كجماعة ضغط و تحمي مصلحة العمال وتنمي المهن والصنعة والتجارة‬ ‫ولخدمات واألبحاث‪ ،‬وليست أدوات للوصول إلي السلطة أو ممارستها ولكنها وسيلة‬ ‫للضغط أو التأييد لمصلحة العمال‪ ،‬ومسئوليتها تنظيم كافة أنواع اإلضراب واالعتصام بما‬ ‫ال يضر بسير العملية االقتصادية ويجني الحقوق بعدالة‪.‬‬

‫مطلب ‪ :5‬مكون سيادة القانون‬ ‫نوضح من خالل هذا المكون معاني سيادة القانون‪ ،‬لكي نحقق "دولة‪-‬القانون"‪ ،‬حيث هذه‬ ‫مصطلحات باتت متداولة بين الناس كثيرا‪ ،‬ويرون من خاللها الحل الكافي‪ ،‬ويجدون نوع من‬ ‫الراحة السياسية والكرامة الذاتية‪ .‬ولكن البد من تحديد العناصر الالزمة لهذا المكون بدقة بحيث‬ ‫تتحقق مطالب ومطامح األفراد والمجتمعات‪.‬‬ ‫والجدير بالمالحظة‪ ،‬فقد ساد االعتقاد بأن مجرد كلمة دولة‪-‬القانون تعكس كل شيء سياسي‪ ،‬كما‬ ‫اكتفى الناس بأن دولة القانون تعني فقط ال عقوبة أو إجراء بدون قانون‪ ،‬وأن الناس جميعا‬ ‫سواسية أمام القانون‪ ،‬وأنه لكل فرد الحق في اللجوء للقضاء للعدالة واألنصاف‪.‬‬ ‫وفي حقيقة األمر‪ ،‬سياسيا مجرد االكتفاء بهذه العناصر ال يحقق دولة الدستور تامة‪ .‬ألن نظم‬ ‫االستبداد تستطيع أن تزعم وتحقق ذلك بكيفيتها وقوتها‪.‬‬ ‫ولكن هناك عدة عناصر أخرى بحيث يكتمل مفهوم هذا المعنى لدي كل مواطن‪.‬‬ ‫فدولة القانون هي دولة الدستور الشرعي‪.‬‬ ‫‪.‬ودولة سيادة القانون هي دولة الدستور وهو مصدر شرعية كل القوانين المنظمة للدولة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفيما يلي التفسير السياسي للعناصر المحيطة بمكون "سيادة القانون" في الدستور‪:‬‬

‫الدستور يمثل السيادة القانونية‬ ‫كما ذكرنا في المدخل العام بأم الشعب هو مصدر سيادة الدولة‪ ،‬وإرادته الحرة هي مصدر‬ ‫شرعية ممارسة السلطات والسياسيات‪ .‬ويتنازل عنهما للدستور والقوانين المكملة‪ .‬ومن‬ ‫هنا يصبح الدستور هو مصدر السيادة‪ ،‬يخضع له الجميع‪ .‬فوجود مثل هذا النص أو‬ ‫اإلشارة بالغة األهمية في صنع الوعي الشعبي الالزم والمتوارث بين األجيال‪ .‬ألن‬ ‫الدستور والبد وأن تكون له قداسة‪ ،‬بحكم الشرعية الممنوحة له من قبل الجميع بوعي دقيق‬ ‫وإرادة حرة واسعة‪ .‬وسياسيا و واقعيا‪ ،‬يتعامل مع الدستور على أساس أنه مصدر السيادة‬ ‫السياسية والقانونية‪ ،‬فهو أساس الشرعية‪ ،‬وقد يحدث التالعب بنصوصه مما يؤدي إلي‬ ‫ممارسة السلطات والسياسات بشكل مطلق وصدور قوانين غير مجدية وربما ضارة‪،‬‬ ‫بحجة أن الدستور ال يمانع أو متطابقة‪ .‬حيث بالدستور تمتلك الحكومة أحقية تمثيل سيادة‬ ‫الشعب‪ ،‬والدستور هو أم القوانين‪ ،‬وهو أساس الدولة والحكم‪ ،‬ودولة القانون هي دولة‬ ‫ينظمها ويحكمها دستور تصنعه شعوب واعية و ومجتمعات متماسكة ومسئولة‪ .‬سيادة‬ ‫الدستور مستمدة من سيادة الشعب و وضع لحمايته وتحقيق مصالحه‪.‬‬

‫إرادة الشعوب أساس ممارسة السلطات‬ ‫تخضع مؤسسات الدولة والسلطات جميعها إلرادة شعب‪ ،‬تنتخبها‪ ،‬لتحقق للشعب كامل‬ ‫حقوقه ومقاصده ونظم المسئوليات والعالقات كافة‪.‬‬

‫القانون أساس العدالة‬ ‫فال جريمة وال عقوبة بدون قانون‪.‬‬

‫تصون الدولة الكرامة اإلنسانية‬ ‫تصون الدولة حقوق الشعب المتمثلة في الحريات والحقوق والواجبات العامة‪ ،‬ويحترم‬ ‫المجتمع والسلطة كل قواعد سيادة القانون‪ .‬ويحدد الدستور حماية "الكرامة اإلنسانية" بما‬ ‫يشمل قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية‪ .‬وحق الدفاع مكفول أصالة‬ ‫أو بالوكالة ويجب أن يكون لكل متهم محام يدافع عنه وضمانات يحددها القانون‪.‬‬

‫حق التقاضي تكفله الدولة للجميع‬ ‫ومنها حق التقاضي مصون ومكفول للجميع بالدستور‪ ،‬فالدولة تصون الحقوق بين لناس‬ ‫والشعوب تنميها وتحرص عليها‪ .‬فالحكم بالحق هو أساس العدالة‪ ،‬والعدالة هي أساس‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تنظيم الحياة البشرية‪ ،‬المعنوية والمادية‪ ،‬وأساس كل نظام حكم ناجح‪ ،‬و"الكفاءة العدلية"‬ ‫في أي بلد تقاس بمدى انتشار وسيادة الحق واإلصالح فيه‪ ،‬وبمدى انتهاء الظلم والفساد‬ ‫فيه‪ .‬فيتقاضى لناس لرفع المظالم وذرا الفساد وإحقاق المصالح‪ ،‬وحماية المقاصد‬ ‫اإلسالمية الخمسة"النفس العرض‪ ،‬والدين‪ ،‬والعقل‪ ،‬والوطن‪ ،‬والمال"‪.‬‬

‫استقاللية القضاء يقررها وينظمها الدستور‬ ‫ال سلطان على القضاء غير الدين والضمير واإلنسانية والعلم وأسس العدالة واألمانة و‬ ‫والوطنية‪ .‬والسلطة القضائية هي مؤسسة عامة مستقلة ينظمها قانون تشريعي وتصدر‬ ‫عنها لوائحها الخاصة وطريقة انتخاب قيادتها باقتراع الغير مباشر‪ .‬فهناك كمثال الدستور‬ ‫الفرنسي يرأس رئيس الجمهورية القضاء‪ ،‬وهناك ما يجعلها تحت وزارة العدل‪ ،‬ومنها ما‬ ‫يحدد لها مجلس أعلى مستقل‪ .‬وسيادة القانون ال تتحقق إال باستقاللية تامة وحقيقية للقضاء‪.‬‬

‫االستقاللية المالية لجهاز القضاء‬ ‫حيث تكفل الدولة ميزانية مستقلة للقضاء حيث تحددها جهات القضاء وتعتمدها السلطة‬ ‫التشريعية‪ ،‬بحيث تكفل كامل درجات القضاء وقرب مؤسساتها من الناس وبما يكفل سرعة‬ ‫الفصل في القضايا‪.‬‬

‫الوطنية روح دولة القانون‬ ‫حيث حماية المكاسب الوطنية والدينية ودعمها والحفاظ عليها وأجب وطني يصونه‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫سالمة المواطن والوطن هدف سيادة القانون‬ ‫حيث تقوم الدولة بالمحافظة على سالمة الوطن و حماية مقومات وحدته وكافة سبل أمنه‬ ‫االجتماعي وتحقيق وسعادته التي ال تتأتى إال بحماية منظمة قيم اربي األسر أبنائها عليها‪،‬‬ ‫وتحميها قوانين الدولة وتكلفها بتحقيقها من أجل حماية األرواح والمكتسبات والوطن في‬ ‫ظل عقيدة سمحا وتفاهم إنساني وتفاعل حضاري وتعامل قانوني‪ ،‬فمن ال يقدس القيم فهو‬ ‫ال يعرف قيمة حياته وكرامة نفسه ويجهل كل أسس السالمة الوطنية واالجتماعية‪،‬‬ ‫والدستور شرعة لنشر الخير وسالمة الناس و األرض مصدر خيراتهم وبقائهم المستقل‬ ‫بكرامة‪ .‬فهدف سيادة القانون هو تحقيق سالمة المواطن والوطن‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫سالمة تنفيذ القوانين‬ ‫أساس السلم االجتماعي وصحة سيادة القانون‬ ‫فكل قانون يخدم مسألة حياتية حيوية ومصلحة معينة‪ ،‬عامة وخاصة‪ ،‬وكفاءة تنفيذ‬ ‫التشريعات أساس شرعية العالقات والتعامالت‪ ،‬وتحقق الهدف الكلي وهو التطور‬ ‫اإلنساني على األرض‪ ،‬فمثال‪ ،‬قانون أداء الضريبة على الدخول واألنشطة االقتصادية‬ ‫يشكل واجب وطني‪ ،‬وال تفرض ضريبة بدون قانون تشريعي‪ ،‬وغرضه العدالة‬ ‫االجتماعية والمنفعة العامة‪ .‬وهكذا لكل قانون قصد عام ومنفعة عامة وينظم المصالح‬ ‫الخاصة‪ ،‬فالقوانين هي روح الحياة الطبيعية‪ ،‬والخلل في رسمها أو تطبيقها يؤدي إلي‬ ‫التصادم االجتماعي ومن ثم االنهيار االقتصادي‪ .‬وتحترم األوطان من خالل سالمة‬ ‫قوانينها وصحة تنفيذها‪.‬‬

‫الجميع سواسية أمام القانون هي روح السيادة‬ ‫فال حصانة لقرار أو مواطن طبيعي أو مسئول عام أو جهة اعتبارية من رقابة القضاء‪،‬‬ ‫وال استثناء في المثول أمام القضاء‪ ،‬وال تقام الدعوى إال بأمر من جهة قضائية وطبقا‬ ‫للقانون‪ .‬فإذا أختل ميزان المساواة يكون نتيجة انحراف في ممارسة السيادة العامة‪.‬‬

‫الكرامة اإلنسانية هي نتاج "سيادة القوانين"‬ ‫تحرص مجمل الدساتير على قيمة "الكرامة اإلنسانية"‪ ،‬حيث تفقد الحياة قيمتها وتفقد‬ ‫الشعوب قدرتها على تحقيق التنمية في جميع مجاالت الحياة إذا أغفلت الدولة تحقيق هذه‬ ‫القيمة العليا من أجل الحياة الطبيعية المثلى‪ .‬فمثال‪ ،‬تقر الدساتير"ال يحبس وال يقبض على أحد‬ ‫إال بأمر قضائي أو من النيابة العامة‪ ،‬ويبلغ كل من يقبض عليه أو يحبس أو يوقف بأسباب اعتقاله‬ ‫فورا‪ ،‬وله حق االتصال بمن يرى إبالغه بما وقع‪ ،‬وله حق االستعانة بمن يساعده على وجه ينظمه‬ ‫القانون‪ ..‬وله الحق في معرفة التهم المنسوبة إليه وله حق التظلم‪ .‬وكل قانون ينتهك حرمة كرامة‬ ‫اإلنسان في ماله أو عرضه أو عقله أو دينه فهو باطل وهو قانون فاقد شرعية سلطانه على الناس‪،‬‬ ‫ومن ينفذه فهو ظالم"‪ .‬واالستبداد هو مصدر لكثير من القوانين الظالمة ويقود لناس للعيش‬

‫في الظلمات‪ ،‬واالستبداد ال يستقر له الحكم الظالم إال عبر "سجون الرأي" أو السجون‬ ‫السياسية‪ ،‬وهي أكبر جريمة عصرية ضد الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وهي أكبر وصمة عار في‬ ‫تاريخ الحضارة المعاصرة‪ ،‬وهي سبب تردي وضعف الشعوب العربية وفرقتها وفقرها‬ ‫رغم سعة خيارتها‪ .‬فدعم االستبداد جرم إنساني وخيانة وطنية‪ ،‬وطاعة االستبداد ظلم‬ ‫للنفس وظلم الناس لكرامتها جميعا‪ .‬فاإلنسان مميز في الدنيا بعقله وتنوع فكره فمن أبطل‬ ‫هذه الخاصية‪ ،‬فقد ساهم في جرم تحول المجتمعات اإلنسانية إلي تجمعات حيوانية‪" ،‬تعيش‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كاألنعام بل أضل"‪ ،‬فالشرير يغنم بقوته وحيلته وبكل خسة واألضعف والشريف يضحى‬ ‫ضحية وفريسة لالنتهاك والتضليل‪.‬‬

‫تصدر القوانين واألحكام باسم الدستور‬ ‫فهو الشريعة السياسية والوطنية والتاريخية والحضارية للشعوب‪ ،‬ويكون االمتناع عن‬ ‫تنفيذها أو تعطيل تنفيذها جريمة يعاقب عليها لقانون‪ .‬فال صحة وال سيادة لقانون ليس له‬ ‫أصل في الدستور وتصادق عليه " السلطة الدستورية القضائية"‪ .‬فمثال‪ ،‬ال تصدر القوانين‬ ‫المكملة باسم الشعب‪ ،‬وإنما طبقا للدستور‪ ،‬حيث عبارة أسم الشعب‪ ،‬يعطي القوانين‬ ‫شرعية عليا فتصبح كالدستور‪ ،‬وهذا يقود النحراف التشريعي وممارسة السلطات وفاعلية‬ ‫الدستور‪ .‬والمبدأ هو أن يكون الدستور معبرا عن إرادة الشعب كاملة‪ ،‬أي كل ما يريده‬ ‫الشعب من شأن في تنظيم حياتهم وحماية حقوقهم وإدارة مصالحهم بكفاءة وشرعية‪ .‬فلكي‬ ‫تكون السيادة للقانون فصدور كل اإلحكام تكون بموجب الدستور والقوانين المكملة هي‬ ‫األساس‪.‬‬

‫قرار الحرب والسلم يضبطه الدستور‬ ‫وهو ومن صالحية السلطة التشريعية‬ ‫البد أن يكون في الدستور كيف تتخذ وتنفذ قرارات السلم والحرب‪ ،‬وتحديد اشتراطاتها‬ ‫الجوهرية‪ ،‬وليس هناك قيادة عليا فوق إرادة الشعب في شأن السلم والحرب‪ ،‬فهذه قضية‬ ‫مصيرية‪ ،‬تهم الرجال والنساء‪ ،‬األطفال والشيوخ‪ ،‬األسرة والمجتمع‪ ،‬فال سلطان لفرد على‬ ‫جميع قوات البالد المسلحة‪ ،‬ويجعل في قبضته من القوة ما يتأله من خالل على الناس‪،‬‬ ‫ويستضعفهم جراء خوفهم‪ ،‬و يستخف بهم جراء طمعهم‪ ،‬فالقوة للدولة وحدها‪ ،‬من خالل‬ ‫هيئات شرعية متناوبة بإرادة شعبية واعية ومسئولة‪ .‬حيث تخضع كل قرارات الحرب‬ ‫والسلم والتسلح وإنشاء مؤسساتها وقوانينها للسلطة التشريعية‪ .‬وليس هناك معنى دستوري‬ ‫شعبي حضاري لمعنى القائد األعلى‪ ،‬فالمسلمين لهم قائد أعلى واحد‪ ،‬ولهم شريعة عليا‬ ‫واحدة‪ ،‬ولديهم قيم عليا واضحة راسخة في التاريخ‪ ،‬رسوخ الجبال القويات الشامخات‪.‬‬ ‫فالسلم في اإلسالم أساس العالقات بين الشعوب والدول‪ ،.‬والحرب ال تدخل المدن وال تقتل‬ ‫طفال وال شيخا و تنزع زرعا وال تهدم بيتا وال تستلب وال تنهب‪ ،‬فالمحرمات والمبيحات‬ ‫في اإلسالم إنسانية عميقة‪ ،‬وليس هناك قائد أعلى ينظمها و يسن ما يري ويتصرف‬ ‫بمزاجه كيفما شاء‪ ،‬والشعوب مسئولة في أن تكون قواتها بيد أهل التشريع وليس بيد‬ ‫المنفذين لمنع النفوذ المحظور‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تشكيالت الجيش والقوات المسلحة بموجب الدستور‬ ‫وتقرها السلطة التشريعية‬ ‫حيث تكوين أية نوعية من القوات أو فصائل متعددة تكون مقيدة بروح ومقاصد الدستور‪،‬‬ ‫لتحقق الكفاية في سالمة المجتمع وأمن الوطن‪ .‬حيث االلتحاق بالقوات المسلحة ينظمه‬ ‫قانون وتكوين الجيوش على أساس الكفاءة والوطنية‪ ،‬وال يجوز التجنيد اإلجباري فهو‬ ‫فرض كفاية في أحوال السلم‪ ،‬والدفاع عن الوطن واجب مقدس يتصدى الجميع للعدو وهو‬ ‫فرض عين على كل مواطن حال نشوب الحروب‪ ،‬وال تجبر النساء على حمل السالح‪،‬‬ ‫ولهن حق الخيار في طبيعة دورها فهن مصدر الحماس ومنبع القوة وصوت الحياة‪.‬‬ ‫وحماية العرض وأجب مقدس يتحمله كل المجتمع‪ .‬والخلل في التصور العام الدستوري‬ ‫لهذه القوات وتعدد تشكيالتها هو الطريق السريع لالستبداد والدة الطغاة الكبار وتعالي‬ ‫الجرمين وانتشار الفساد وضعف السياسات وغياب النظام والقانون وسيادة الخوف‪ .‬فإذا‬ ‫تأسست فرق مسلحة خارج شريعة الدستور ضاعت في لدولة سيادة القانون‪ ،‬فلكي تتحقق‬ ‫سيادة القانون فالبد أن تكون القوة في يد القانون السلطة التشريعية والسلطة الدستورية‬ ‫والقضائية‪ .‬وما سبب تخلف األمة العربية واالستخفاف بعقولها وكرامتها وضياع ثرواتها‬ ‫إال بسبب االنقالبات العسكرية‪ .‬الذي ننتج عن استثناءات دستورية ستخل بمبدأ سيادة‬ ‫الدستور الذي هو روح سيادة القانون‪ .‬وخاصة أن هذه القوات تكون في مرحلة ما تحت‬ ‫سيطرة أجنبية‪ ،‬بسبب ما تستورده من عتاد حربي متطور ال قبل لهم باستخدامه وتقنياته‬ ‫ومستلزماته‪ .‬وقد عرف سياسيا منذ ‪ 0892‬من استعان بسالح أو قوات عدوه وإن كان‬ ‫مرحليا حليفه فقد وقع في فخ غريمه المستعمر‪ .‬وعلى هذا المبدأ كانت الدول األوربية‬ ‫تتسابق على التسلح بنفسها تمشيا مع هذا القول اإلستراتيجي‪ .‬والمقصود هنا أن تكون‬ ‫الدساتير العربية تعزز "قوة القانون" و "قوة األخالق" فهما مصدر تفوقها على كل سالح‬ ‫وتجنب ضرره‪.‬‬

‫المحكمة الدستورية‬ ‫"المصداقية الدستورية" التطبيقية والتفسيرية للتشريعات‬ ‫تعتبر كافة القوانين والقرارات والسياسات العامة واللوائح التنفيذية التي تصدر عن أجهزة‬ ‫الدولة جزء من التشريعات العامة‪ ،‬فال يجوز إصدار أي قانون أو حكم أو قرار يخالف‬ ‫الدستور بأي وجه‪ ،‬وتختص المحكمة الدستورية في البث والتصديق على صحة كل ما‬ ‫يصدر دستوريا‪ .‬وبذلك يحذر من أن يكون الدستور ناقص أو مضلل أو فيه من الثغرات ما‬ ‫يسيء إلي حقيقة تطبيقه‪ .‬حيث أن المحكمة الدستورية ال تصحح الدستور وإنما تصحح ما‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫خرج عن مقصد أو نص الدستور وروحه أو أثر سلبا في جدواه‪ .‬وهذه هي المهمة الرقابية‬ ‫الدستورية فهي طلب التصويب حسب الدستور‪ .‬والدستور الناقص أو الصادر عن شعب‬ ‫غير واعي قد يفتقر إلي كثير من مقومات التصويب وذلك يقلل من فعالية دور المحكمة‬ ‫الدستورية‪ .‬فالصنعة الدستورية هي صنعة دائمة‪ ،‬فعبر تفاعلية الوعي الشعبي والكفاءة‬ ‫القضائية والوطنية التشريعية تتطور الدساتير بحيث تكون كاملة وشاملة وبدون ثغرات‬ ‫سلبية‪ .‬فدائما عند التطبيق تقاس جودة وفعالية هذه الدساتير‪ ،‬فهي محرك السلطات ودافع‬ ‫للعالقات ومجدي للمعامالت‪.‬‬

‫أمانة الشعوب‬ ‫هي مسئولية حماية الدستور وشرعية ممارسة السلطات‬ ‫فاألمانة الكبرى للشعوب هي حماية الدستور‪ ،‬والخيانة الوطنية هي االنحراف عن‬ ‫نصوصه أو مقاصده أو التضليل بشكل أو أخر‪ .‬فالشعوب تصنع الشعوب دستورها‬ ‫بإرادتها وبعقلها‪ ،‬وتحميه بوعيها الوطني وسواعدها الشريفة‪ .‬فهي صاحبة حق السيادة في‬ ‫تأسيس أساس الدولة وأساس العادلة‪ .‬وتعد إرادتها الحرة والمسئولة أساس كل سياسة عامة‬ ‫ناجحة‪ ،‬وهي أساس كل تطور وعولمة كل تفاعل إنساني وحاجات حضارية ونهضة زمنية‬ ‫وسعادة مكانية‪ ،‬ودستورها هو عماد قوامها الطبيعي‪ ،‬فال يجوز إلغاء العمل بأي بنود‬ ‫الدستور أو عبارته أو مقاصده‪ ،‬وال يجوز التعديل بدون الرجوع إلي سيادتها عبر‬ ‫خطوتين‪ ،‬أوال‪ ،‬النصاب التشريعي أي موافقة كافية من أعضاء البرلمان المنتخبين‬ ‫والمشورة العلمية‪ ،‬والخطوة الثانية االستفتاء العام عن قبول التعديل المحدد والالزم‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك يتم عبر ووفق آلية قانونية محددة بهذا الدستور‪ ،‬وال يجوز إجراء التعديل في أكثر من‬ ‫مادة أو أكثر من مرة خالل دورة برلمانية تشريعية واحدة‪ .‬فالدستور المرن القابل للتعديل‬ ‫تفرضه الحياة الواقعية وتطور األجيال وتجدد وتنوع الحاجات وتغير التحديات‪ .‬فالدين‬ ‫أمانة عقائدية وهو طريق فوز اإلنسان بمكانته الخاصة في اآلخرة‪ ،‬والدستور هو أمانة‬ ‫سياسية وعامة وهو طريق فوز المجتمع بحياة دنيا كريمة‪ .‬ومن يفقد دستوره يفقد حريته‬ ‫الدينية‪ ،‬وتصعب عليه الدنيا واآلخرة‪ .‬فالدستور والدين هما وجهان لعملة القيم الموحدة‪،‬‬ ‫فإذا الشعب يوما فقد منظومة قيمه كاملة فسوف يعيش دهرا طويال حياة بدون دينه‬ ‫ودستوره‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫(الركن الثاني)‬ ‫أسلوب احلكم يف الدستور‬ ‫يتكون القسم الثاني أو الباب الثاني من الدستور ن عشرة مقومات أو قد تسمى فصول‪ ،‬وهي روح‬ ‫كيانات ممارسة السلطات ونشاطات الدولة‪ ،‬وهي شجرة الدولة التي تؤتي ثمارها السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية واإلنسانية والعالمية‪.‬‬ ‫كما ذكرنا ترتكز صناعة الدساتير الوطنية على مكونين مقومات وعناصر نظام الدولة‪ ،‬ومقومات‬ ‫وعناصر أسلوب الحكم‪.‬‬ ‫وتمثل عناصر المكون األول روح مقومات وعناصر أسلوب الحكم في الدستور‪.‬‬ ‫بحيث يشكل المكون األول األساس السياسي وبذور الفكر واألرضية الوطنية واإلنسانية والدينية‬ ‫التي يرتكز عليها غرس مقومات وعناصر المكون الثاني‪.‬‬ ‫وبشكل عام يمكننا القول بأن المكون األول يحدد البذور في عناصره والجذور في مقوماته وعلى‬ ‫أسساها تظهر شجرة الدولة المتمثلة في ساقها وهو المجتمع وأغصانها وهو فروع المؤسسات‬ ‫وممارسة السلطات‪ ،‬وعلى أساس كل هذا تظهر الثمار‪.‬‬ ‫فإذا كانت النتيجة سيئة في الشكل والمذاق وظهرت مختلف األمراض‪ ،‬فهذا يرجع إلي أن هناك‬ ‫خلل في البذور والجذور أصال‪ ،‬أو تلوث في الساق واألغصان لشجرة الدولة‪.‬‬ ‫كما أن هناك عامل أخر وهو التلوث الفكر وقوة الشر المضادة التي ستكون دائما وراء إبطال‬ ‫فعلية وحقيقة الدستور من أجل أن تعتدي على السلطة فتنهب خيرات الشعوب وتذلها وتهينها‬ ‫وتعذبها وهذه رسالة لشيطان في األرض‪ ..‬والناس بأهوائهم الفكرية إما أتباع الرحمان وإما هم‬ ‫أتباع لشيطان‪ ..‬والنفوس إما أصوات الحق وإما أصوات الشر‪ ،‬والناس صفين إما قوة الخير وإما‬ ‫قوة الشر‪.‬‬ ‫وبذلك الدستور دائما ورائه قوة شر تريد تشويه وإبطاله‪ ،‬ولعلى االنقالب العسكري في ‪0595‬‬ ‫في ليبيا أكبر دليل تاريخي ينبغي للشعوب العربية جميعها االتعاظ منه‪..‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويتركب مكون أسلوب الحكم من عشرة مقومات‪ ،‬وتتشكل هذه المقومات من عناصر‪ ،‬ترسم‬ ‫بشكل دقيق فهي متفاعلة مع بعضها في أطار هذه المكون ‪ ،‬وتستمد طبيعتها من المكون‬ ‫الدستوري األول وهو مقومات نظام‪-‬الدولة‪.‬‬ ‫وفيما عرض لمقومات نظام أسلوب الحكم وعناصره‪:‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون رئاسة الدولة‬ ‫أهم في هذا المكون هو تحديد صالحيات رئيس الدولة‪ ،‬وعالقاته بكافة السلطات‪.‬‬ ‫واليوم تحاول الدساتير الوصول إلي جعله األمين على الدولة‪ ،‬والمصدق النهائي على‬ ‫كافة السياسات والقرارات والبرامج‪ ،‬فهو وجه الدولة‪ ،‬وهو ما يرث صفة "الصادق‬ ‫األمين" في مجتمع‪.‬‬ ‫وهذا المعيار كفيل بأن يحدد من هو الشخص المناسب عند المفاضلة االنتخابية في‬ ‫مواعيد تبادل السلطة‪ ،‬حسب مبدأ تداول السلطة الدستوري‪.‬‬ ‫كما أنه هناك عناصر هامة‪ ،‬ثمال‪ ،‬الهيئة العليا لالنتخابات‪ ،‬دور األحزاب السياسية‪،‬‬ ‫ومسألة تعديل الدستور‪ .‬فهي مسائل مفصلية ترتقي في األهمية للمستوى األعلى في‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فيما يلي التفسير السياسي لمثل هذه العناصر التي تشملها مختلف الدساتير‪.‬‬

‫شروط وضوابط الترشح لرئاسة الدولة‬ ‫يحدد الدستور بكفاءة سياسية و ووعي وطني وبدقة قانونية في صياغة وتحديد شروط‬ ‫الراغبين والمتقدمين لتولي منصب رئاسة الدولة‪ ،‬ولفترة سلطة‪-‬زمنية محددة‪ ،‬ويشمل هذه‬ ‫العنصر عادة الجنسية التامة واألصيلة‪ ،‬والتمتع من الخلو من سوابق جنائية وسياسية‪ ،‬أي‬ ‫ال يكون مرتكبا أو طرفا في جريمة أو تالعب أو مشاركة في فساد سياسي أو مالي‪،‬‬ ‫وسوف نبين كيفية ربط هذا العنصر وتكامله مع قانون األحزاب واالنتخابات الحقا‪ ،‬وأال‬ ‫تقل سنه ع األربعين وهذا مستمد من حقيقة علمية ويؤديه اإلسالم بنص قطعي ومهم‬ ‫ويوجب االقتداء‪ ،‬وجاء في الدستور المصري‪ ،‬وأن يكون الوصول لرئاسة الدولة عن‬ ‫طريق االنتخاب السري العام المباشر‪ ،‬وأن ينال المشرح ثلثي موافقة البرلمان أي السلطة‬ ‫التشريعية‪ ،‬وعشر عدد كل مجلس نيابي أي محلي قبل أن يضم في قائمة المرشحين‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المقبولين لعرضه على الشعب والمنافسة يما بين المؤهلين لقيادة الدولة‪ ..‬وهذه مسألة امة‬ ‫للغاية‪ ،‬حيث البد من شرعية للتأكد من المرشح قبل عرضه بشكل فوضوي‪ ،‬فلسلطة‬ ‫التشريعية هي تمثل رأي وفكر كل أطياف الشعب‪ ،‬كما أن المجالس المحلية تمثل مصالح‬ ‫وهموم الناس في منطقة محددة‪ ،‬فإذا تحصل هذا الشخص على هذا القدر من الممثلين عن‬ ‫فكر ومصالح الشعب‪ ،‬فسيكون حقا مؤهل أن يتنافس مع غيره من المؤهلين في أيهم أنفع‬ ‫فكر وأكبر مصلحة وأرب لقلوب الناس‪.‬‬

‫اختصاصات ومسئوليات رئيس الدولة‬ ‫وفي حقيقة األمر ترسم اختصاصات رئاسة الدولة بدقة وحسب إرادة الشعب‬ ‫الحقيقية‪،‬وعلى أساس تبادل وفصل السلطات‪ ،‬وهذا العنصر بالغ األهمية وشديد‬ ‫الحساسية‪ ،‬وتعتمد عليه الفاعلية الديمقراطية‪ ،‬والشرعية السياسية‪ ،‬وخاصة فصل‬ ‫اختصاصات سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء‪ ،‬وبين رئيس الدولة والبرلمان‪،‬‬ ‫ونتناول في هذا العنصر تقييد وتوضيح اختصاصات رئيس الدولة‪ ،‬وال نقصد الحكومة‬ ‫التنفيذية‪ ،‬حيث رئيس الدولة ينظر إليه من منظور أعلى لخلق توازنات وتدخالت فاعلة‪.‬‬ ‫وما يصلح ويفسد الدستور حقيقة هذه المادة دستوريا وتطبيقيا‪ .‬ألن في علم السياسة هناك‬ ‫ظاهرة السلطة وظاهرة القوة السياسية‪ ،‬أي من يملك القدرة الفعلية في اتخاذ القرار‪ .‬ولقد‬ ‫لحظنا تأخر المجلس العسكري المصري في إصدار اإلعالن الدستوري التكميلي الذي‬ ‫يحدد كامل صالحيات الرئيس‪ ،‬إلي ما بعد االنتخابات ‪ 22‬مايو ‪ ،2102‬حتى يعرف من‬ ‫الرئيس المنتخب وتعالج هذه االختصاصات في ضوءها‪ ،‬لطبيعة المرحلة الشائكة حينها‪،‬‬ ‫وهنا يعبر المجلس العسكري القوة السياسية وكيف تتقاسم مع الصالحيات الرئاسية‪.‬‬ ‫و نذكر إجماال ما يمكن أن يحدد في هذا العنصر من اختصاصات ومسئوليات‪ ،‬وعلى سبيل‬ ‫المثال‪ :‬يحدد الدستور في هذه المادة ما يلي‪( :‬يتولى رئاسة الدولة رئيس منتخب بقانون طبقا‬ ‫لهذا الدستور‪ ،‬ومهامه أن يسهر على سالمة الوطن‪ ،‬ويحمي ويحقق مصالح الشعب‪ ،‬وال يحق له‬ ‫االستمرار في الحكم بقوة أو بأي وجه إذا رفضه ثلثي البرلمان وخرج الشعب عليه وطلب منه التنحي‪،‬‬ ‫وال يجوز لرئيس الدولة اتخاذ أي قرارات تنفيذية أو تشريعية أو أحكام قضائية بشكل فردي أو مستقل‪،‬‬ ‫وإنما هو مخول بالتصديق على كافة القوانين والخطط والسياسات العامة الصادرة واالتفاقيات‬ ‫والمعاهدات الدولية المبرمة لكي تكون نافذة‪ ،‬فهو صمام األمان للشرعية السياسية وسيادة الدولة‬ ‫ويمثل رمز الوطنية واإلنسانية والمصداقية في الدولة‪ ،‬وهو المسئول الوحيد في تمثيل الدولة بالداخل‬ ‫والخارج‪ ،‬واستقبال الرؤساء واعتماد السفراء‪ ،‬ويمثل الدولة لدي األمم المتحدة وكافة المحافل الدولية‬ ‫الرئاسية‪ ،‬وال يجوز عزله من منصبه خالل فترته الشرعية المنتخبة إال بقرار مصدق عليه ثلثي‬ ‫البرلمان ومن ثم استفتاء الشعب بعد نتائج التحقيق‪ ،‬وفي حال خلو منصب رئيس الدولة بوفاة أو‬ ‫استقالة أو عزل أو تعليق مهامه خالل فترة التحقيق‪ ،‬يتولى نائب الرئيس بقرار محدد من رئيس‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫البرلمان‪ ،‬ويتولى رئيس البرلمان المنصب عند خلوه من الرئيس ونائبه‪ ،‬ويدعوا فورا لالنتخابات‪،‬‬ ‫لغرض انتخاب رئيس جديد في مدة ال تتجاوز شهرين‪ ،‬وتجدد المدة بأمر من المحكمة الدستورية حسب‬ ‫الفترة لمحددة ستون يوما أخرى‪ ،‬وحال خلوه هذه لمناصب جميعا‪ ،‬يتولى رئيس المحكمة الدستورية‬ ‫رئاسة الدولة مؤقتا بذات هذه األحكام)‪.‬‬ ‫"والمقصود بوجود مثل الفقرة الدستورية الدقيقة هو تحديد الدرجة القصوى في تنظيم تداخل وتفاعل وعالقات السلطة‬ ‫الخمسة ببعض‪ ،‬حيث من خاللها يمكن تحديد شيئين هامين‪،‬أوال‪ ،‬حصر اختصاصات الرئيس بحيث يمكن ضبط مسئولياته‬ ‫وقياس أدائه وتحقيق كفاءته في دوره المحدد ومنع تداخل سلطاته مع بقية السلطات أو توسع دوره في الدولة حيث‬ ‫التنافس على امتالك كل القوة السياسية سرطان وخاليا تستشري عند المكوث في السلطة‪ ،‬وسريع االنتشار في النفوس‬ ‫ويتعمق مع األيام بحيث يستحيل التخلص منه على مستوى الفرد والدولة‪ ،‬وبالتالي البد وأن تكون درجة صالحيات السلطات‬ ‫وقائية وصحية ال تولد هذا الداء االستبدادي الخطير‪ .‬ثانيا‪ ،‬وهي مسألة التداول السلمي على السلطة والبد من وضع أسس‬ ‫سياسية وقانونية دقيقة تبدأ بإحكام مسألة تبادل السلطة من مستوى رئاسة الدولة‪ ،‬ألنها إذا نجحت في هذا المستوى فسوف‬ ‫تنجح على مستوى بقية السلطات‪ ،‬وفشلها يأتي بموت روح الدستور في الدولة وفي النفوس‪ ،‬كما أنها تحدد من يتولى‬ ‫رئاسة الدولة في حال غياب الرئيس وبحيث ال تقع إدارة الدولة في أي فراغ سياسي‪ ،‬وكما ذكرنا أن الدستور يعكس‬ ‫منظومة القيم العليا لدي الشعب‪ ،‬وعبر التاريخ الحق والقيم العليا دائما تحارب بثورة مضادة أو قوى الشر‪ ،‬وتتفاعل عوامل‬ ‫خارجية وداخلية عديدة‪ ،‬بحيث يفشل الدستور وتسقط الدولة في حالة تنظيم فوضوي وممارسة غوغائية للسلطات‪ ،‬يسهل‬ ‫معها استعمار البالد ونهب ثرواتها‪ ،‬فالستبداد واالستعمار وجهان لقوة الشر‪ ،‬وتحديد المسئولية الوطنية واألمانة التاريخية‬ ‫والطبيعية اإلنسانية هي من أهم مقومات رئيس الدولة‪ ،‬ولذلك يشار إليه برمز البالد‪ ،‬فعملية اختياره‪ ،‬تعبر عن مستوى‬ ‫وعي الشعب‪ ،‬حيث الفساد والكذب والخدع والجهل والقسوة صفات دنية‪ ،‬والصدق واألمانة والحكمة والحزم هما سمات‬ ‫رئيسة وهي جوهر ما يحدد من صالحيات ومسئوليات‪ ،‬فدور الرئيس يكمن في منع الفساد السياسي والمالي واالقتصادي‬ ‫والثقافي في البالد‪ ،‬وهذا جوهر اختصاصاته وثقة الشعب في مستوى خلقه و منطلقه وخبرته"‪.‬‬

‫اللجنة العليا لالنتخابات بوابة تبادل قيادات السلطات‬ ‫البد للشعب أن يدرك بوعي دقيق ومسئولية تامة بأن هذا العنصر الدستوري هو أساسي‬ ‫في ممارسة الديمقراطية الصحيحة‪ ،‬وهو األساس في تبادل السلطات بصورة سليمة‬ ‫منشودة‪ ،‬والبد أن تتوفر فيه مسالتين عضويتين‪ ،‬وهما أن يكون في مستوى رئاسة الدولة‪،‬‬ ‫ال سلطات له وال سلطان عليه إال سيادة الدستور واإلجراء بقانون ويخضع مباشرة للشعب‪.‬‬ ‫لذلك البد من تحديد جوهر هذا العنصر الهام‪ ،‬وهي تشمل تحديد طبيعة العضوية‬ ‫بالدستور‪ ،‬وطبيعة اختصاصات هذه اللجنة العليا بالدستور‪ ،‬ومثال‪ ،‬وعادة ما تذكر الدساتير‬ ‫هذه الجوهر على النحو التالي‪:‬‬ ‫أ ‪ .‬طبيعة عضوية اللجنة العليا لالنتخابات‬ ‫تتشكل عضوية اللجنة العليا من رؤساء ونواب محاكم القضاء بالدولة‪ ،‬بحيث يتولى رئاسة اللجنة‬ ‫لعليا لالنتخابات رئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬ونائبه يحدد أقدم نواب المحكمة الدستورية‪ ،‬وبعضوية‬ ‫جميع رؤساء محاكم بالدولة‪ ،‬و أقدم النواب ف كل محكمة المحاكم نائب احتياطي يستدعى من قبل‬ ‫رئيس اللجنة لعليا حال العذر أو تغييب العضو األساسي‪ ،‬كما تحدد أن يكون عدد مماثل من األعضاء‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يختارهم الشعب من لمائه و وجهائه وأعيانه ومناضليه وأشرافه ومثقفيه وهم من يمثل مجتمع المدني‬ ‫وليس من األحزاب إطالقا‪ ..‬وبهذا تنبعث لجنة االنتخابات مستقلة قضائيا وغير مرتبطة عبر األجيال‬ ‫بأي أسم او شخصية‪ ،‬وإنما دينامكية ومحكمة للغاية‪ ،‬كما أن تمثيل دور المجتمع فيها علمي وثقافي‬ ‫وديني واقتصادي وشعبي غير مرتبط بناحية فطرية أو رغبات سياسية وفكرية مشروعة فيما بعد‬ ‫على أساس قانون‪.‬‬ ‫ب ‪ .‬اختصاصات اللجنة العليا لالنتخابات‬ ‫وتكون االختصاصات محددة أيضا‪ ،‬وهي تشمل وبدقة تحديد المهام الجوهرية التي تجسد النظرية‬ ‫السياسية المتكاملة‪ ،‬وهي ما سوف يؤسس عليها قانون االنتخابات‪ ،‬وقد يطلق عليها المفوضية أو‬ ‫اللجنة المركزية وغيرها‪ ،‬وإنما المهم حسب النظرية السياسية المتكاملة أن ندرك بـأن هذه اللجنة‬ ‫طبيعة عضويتها واختصاصاتها يلزم أن تحدد في جوهر الدستور‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إعالن فتح باب التشريح واألشراف على إجراءاته وإعالن القائمة النهائية للمرشحين‪".‬وهذا مهم للغاية حيث اللجنة دائمة‬ ‫وهي تحدد مواعيد كل نوع من االنتخابات‪ ،‬وتصدر قراراها فورا بدون الرجوع للرئيس أو البرلمان‪ ،‬وتصدق عليه المحكمة‬ ‫الدستورية‪ ،‬ويصبح نافذ بحكم الدستور وسيادة الشعب"‪.‬‬

‫األشراف العام على إجراءات االقتراع والفرز‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫إعالن نتيجة االنتخاب‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫الفصل في كافة التظلمات والطعون وفي جميع المسائل المتعلقة باختصاصاتها‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫وضع الئحة لتنظيم أسلوب عملها وكيفية ممارسة اختصاصاتها‪ ،‬وتصدر قراراتها بأغلبية أعضائها‪ ،‬وتكون قراراتها نهائية‬ ‫ونافذة بذاتها‪ .‬غير قابلة للطعن عليها بأي طريقة وأمام أي جهة‪ ،‬كما ال يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو وقف التنفيذ‪.‬‬

‫‪.5‬‬

‫يحدد قانون االنتخابات كافة التفاصيل الفنية واإلدارية والمالية المتعلقة بأنواع االنتخابات الرئاسية‪ ،‬والبرلمانية‪ ،‬والشورى‪،‬‬ ‫والنيابية كل حسب مواعيد متفاوتة ‪ ،‬بحيث تقرر الدورة الشورى ستة سنوات‪ ،‬والبرلمانية خمسة سنوات‪ ،‬والرئاسية أربعة‬ ‫سنوات‪ ،‬والنيابية سنتان‪ ..‬وهذا يحقق البعد الزمني‪ ..‬بحيث ال تجرى جميع االنتخابات في عام واحد وهذا غير عملي وله أثار‬ ‫سياسية سلبية حال فوز قوى سياسية واحدة ‪ ،‬كما أنه يحقق تغيير في الوجوه والكفاءات‪ ،‬ويحقق سير الدولة بكفاءة‪ ،‬فمثال‪،‬‬ ‫عند ت رشيح رئيس دولة جديد‪ ،‬ثم يجد برلمان لديه خبرة باألمور السابقة‪ ،‬ويستمر للمدة المتبقية وعندما يأتي برلمان جديد‬ ‫يجد ما قبله وكذلك رئيس لديه خبرة بما يحقق تماسك الثوابت وتعاقب المسئوليات ومتابعة اإلنجازات واالتفاقيات والخطط‬ ‫والسياسات‪.‬‬

‫أحكام وشروط قانون الطواريء‬ ‫ال يجوز بأي حال أن يصدر أو أن يحكم رئيس الدولة بقانون الطواري‪ ،‬إال وفق قرار‬ ‫تشريعي محدد المدة‪ ،‬وينتهي بزوال مسبباته‪ ،‬وهي حاالت الحرب والخشية على سالمة‬ ‫الوطن من العدوان الخارجي ‪ ،‬والكوارث المهددة للسلم والمصلحة العامة‪ ،‬وعندما يقرر‬ ‫تشريعيا الحاجة للحكم بشكل استثنائي‪ ،‬أي بقانون طوارئ‪ ،‬فإنه يكون عن طريق تشكيل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حكومة وحدة وطنية مؤقتة‪ ،‬وهذا ما توصلت إليه كثير من الدول في حاالت األزمات‪،‬‬ ‫وربما تتشكل من رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء‪ ،‬من أجل تحقيق غرضين‬ ‫أوال تفادي االنزالق في أسلوب الحكم االستبدادي‪ ،‬ثانيا‪ ،‬لتكون هناك آلية منظمة مسئولة‬ ‫شرعية في اتخاذ القرارات الجماعية بكفاءة‪ ،‬لذلك يوصى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أو‬ ‫الحكومة الطارئة بذات األسس المقررة بالدستور‪ ،‬أي ليس من حقها إلغاء دائم أو انتهاك‬ ‫الدستور ‪ ،‬الذي جاءت من خالله‪ ،‬وأن تتشكل من رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس‬ ‫الحكومة‪ ،‬لتحقق مقاصد الدستور األساسية‪ ،‬وعندما يخرج الشعب عنها‪ ،‬إلنهاء حاالت‬ ‫الطوارئ‪ ،‬فيعود السلطان للجنة االنتخابات‪ ،‬حسب تشكيلها الدستوري‪ ،‬لإلعالن عن‬ ‫االنتخابات في مواعيدها وفق ما هي مقررة دستورا‪ ،‬ويعود العمل بالدستور في حاالته‬ ‫الطبيعية‪ ،‬وخاصة إذا بدى واضحا انتهاء مسببات اللجوء لقانون الطوارئ‪ ،‬وتذمر الشعب‬ ‫منه‪ ،‬ولكي ال يتم الخروج عن الدستور والتالعب بأسلوب الحكم‪ ،‬وهو عصب إدارة شئون‬ ‫الناس و جوهر سعادتهم وسبيل سالمتهم‪.‬‬

‫األحزاب السياسية ودورها في االنتخابات الرئاسية‬ ‫ال تخلوا الدساتير الشرعية من تحديد األساس القانوني لتشكيل األحزاب وممارسة نشاطها‪،‬‬ ‫حسب قانون األحزاب‪ ،‬ولكن البد من وضع أساس دستوري واضح كامل لها‪ ،‬مثال‪ ،‬أوال‪،‬‬ ‫عندما يأتي تحديدها كعنصر من مكون الرئاسة‪ ،‬فهذا يشير إلي دورها في الوصول إلي‬ ‫السلطة‪ ،‬ثانيا‪ ،‬البد من تحديد دورها في أنواع االنتخابات الثالثة الرئيسة‪ ،‬وهي البرلمانية‬ ‫والرئاسية ورئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة التنفيذية‪ .‬فهذا هام للغاية‪ .‬ألن أسلوب الحكم‬ ‫الديمقراطي جوهرها تعددية حزبية مقننة ومفصلة بدقة‪ ،‬وبدون تعددية تتعرض الشعوب‬ ‫لحاالت اضطراب عديدة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬قد نجد نص دستوري في هذا المكون‪ ،‬نص مثل‬ ‫"يصادق البرلمان والمحكمة الدستورية على نتيجة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬التي تتقدم فيها‬ ‫األحزاب السياسية مرشحيها للرئاسة‪ ،‬ويجوز تقدم المستقلين الترشح للمنافسة الرئاسية‪،‬‬ ‫ويصدر القرار البرلماني باسم الشعب يحدد فيه شرعية تولي رئيس الدولة ونائبه حسب‬ ‫فوزهم بأكثر أصوات الشعب‪ .‬وطبقا لقانون االنتخابات‪.‬‬

‫ضوابط التعديل في الدستور‬ ‫أيضا عملية الدستور هي مسألة تعود إلرادة الشعب‪ ،‬وال يجوز التالعب من خالل هذا‬ ‫العنصر الواقعي‪ ،‬حيث مهما كانت الدساتير صلبة إال أنها سوف تتعرض للحاجة للتطوير‪،‬‬ ‫لتواكب عقول وقوة األجيال‪ ،‬األكثر نضوجا وعلما‪ ،‬بعامل الجينات الوراثية‪ ،‬فكل أبن‬ ‫يرث صفات أباه ويضيف عليها سلبا أو إيجابا بحكم البيئة المحيطة‪ ،‬ولذلك ما تتطلبه‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الشرعية الشعبية هو الحصول على أكثر من ثلثي أصوات البرلمان من أجل التعديل‪ ،‬مع‬ ‫ضرورة استفتاء الشعب على المواد التي يرى البرلمان أو يوافق على تعديلها‪ ،‬كما يستفتى‬ ‫الشعب على صيغة النص الجديد المعدل‪ ،‬وال يجوز أكثر من تعديل واحد في الدورة‬ ‫البرلمانية الواحدة‪ ،‬وليس من اختصاص الرئيس الدولة أو رئيس الحكومة القيام بأي تعديل‬ ‫دستوري أو قانوني أو التصرف بغير نصوص ومقاصد الدستور وكافة آلياته الشرعية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬مكون السلطة التشريعية‬ ‫يتشكل هذا المكون من فرعين أساسين‪ ،‬هما الحكومة والسلطة المحلية‪ ،‬ولكل فرع عناصره‬ ‫التنفيذية‬ ‫وفيما يلي تفسير أهم عناصر هذا المكون المفصلي في صناعة الدساتير الوطنية‪:‬‬

‫طريقة تشكيل البرلمان واالشتراطات‬ ‫البرلمان هو الهيئة أو السلطة التشريعية‪ ،‬ويطلق عليه مجلس الشعب كما هو الدستور‬ ‫المصري‪ ،‬ومجلس األمة كما هو في الدستور الكويتي وفي الدستور الليبي الملكي‬ ‫‪ ،6566‬والمجلس الوطني كما هو في الدستور التركي‪ ،‬وأي كانت األسماء فهو المجلس‬ ‫األعلى للسلطة التشريعية‪ ،‬وهو المختص بممارسة السلطة التشريعية‪ ،‬ويمثل محافظات أو‬ ‫أقاليم الدولة والشعب معا‪ ،‬فهو طبقا النتخابه ينال صالحيات تمثيل الشعب واألرض‪،‬‬ ‫حيث اختياره يتضمن المعيار العددي والجغرافي بشكل سياسي وقانوني متعارف عليه‬ ‫دوليا‪ .‬وهنا نقصد مسألة في غاية األهمية وهي عندما يتم اختيار البرلمان يصبحوا‬ ‫ممثلي عن الشعب في تصديق السياسات العامة والرقابة على أداء مؤسسات الدولة‪،‬‬ ‫والمشاركة في ذلك‪ ،‬مما يترتب مسئولية على الشعب في اختيار رجال دولة لديهم الكفاءة‬ ‫الالزمة‪ ،‬حيث يصبحوا الجسر الذي تعبر من خالله كل ما يتعلق بالدولة خالل الفترة‬ ‫البرلمانية‪ ،‬فالبد وأن يكونوا أداة فاعلة وليس فيها أدنى عيوب تلوث العمل الصالح أو‬ ‫تعرقله‪ ،‬وتمرر الفساد وتدعمه‪ .‬فهم مرآة تعكس الشعب بكامله‪ ،‬فكل فرد يعكس عدد هائل‬ ‫من الناس صوتوا له بأنه إنسان صالح لمثيل الشعب والمشاركة في قيادة الدولة‪ .‬وعن‬ ‫طريق االنتخابات البرلمانية وباالقتراع "العام‪-‬السري‪-‬المباشر"‪ ،‬يتم اختيار الفائزين‬ ‫حسب تحصيلهم من أصوات الشعب والفائز بأعلى أصوات يكون نال أعلى درجة من‬ ‫التأييد وأصبح بموجب هذه اإلرادة الشعبية يملك شرعية تمثيلهم في قيادة الدولة‪ ،‬وسوف‬ ‫نتناول قانون االنتخابات‪ ،‬حيث نستعرض كثير من المقومات والعناصر األساسية‪ ،‬ومن‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األهمية بمكان مالحظة أن الدستور هو مرجعية قانون االنتخابات البرلمانية‪ ،‬وهناك‬ ‫مسائل في غاية الدقة‪ ،‬فمثال‪ ،‬البرلمانات هي سلطة تشريعية على مستوى الدولة وال تمثل‬ ‫أفراد أو طائفة أو قبيلة أو جهة‪ ،‬وبالتالي يتم االنتخاب على مستوى المحافظات وإعطاء‬ ‫كل محافظة نفس العدد من المقاعد‪ ،‬باعتبارها أحدى مرتكزات التقسيم اإلداري للبلد من‬ ‫أجل التنمية المتوازنة والخدمات المالية والصحية والتعليمية المتساوية‪ ،‬وتحديد الدوائر‬ ‫داخل المحافظات ال يقصد من خالله النسبية العددية‪ ،‬وإنما هي مسألة تنظيمية داخل‬ ‫المحافظة بحيث يشارك كل الناس التساوي‪ ،‬وتسهيل العملية االنتخابية لتتم في نفس اليوم‬ ‫وبدقة‪ ،‬وال يتعطل الناس وتتعطل المصالح‪ ،‬وتفادي االزدحام مصدر كل إشكال‪ .‬ويحدد‬ ‫الدستور طريقة احتساب عدد مقاعد البرلمان وكيفية الزيادة التي تطرأ عليها‪ ،‬كما يتخذ‬ ‫الدستور الشعبي رأي الشعب في منع مسألة التعيين في عدد من مقاعد البرلمان‪ ،‬وهي‬ ‫موجودة في بعض الدساتير‪ ،‬والمالحظ أنهم سوف يكونون مطية لمن قام بتعيينهم بحكم‬ ‫الطبيعية البشرية‪ .‬فمثال‪ ،‬يسن الدستور (عدد أعضاء مجلس الشعب هم أربعمائة وجميعهم‬ ‫منتخبين وال يجوز التعيين‪ ،‬ويشترط في أعضاء مجلس الشعب الجنسية القانونية‪ ،‬وأن‬ ‫يكون من أي جميع فئات الشعب وممن يتمتع برؤية مستقبلية ومصداقية وطنية وكفاءة‬ ‫تعليمية أو ثقافية وخبرة عملية وتأييد عام على مستوى البلد أو المحافظة للقيام بدوره‬ ‫األساسي وال يجوز التقدم لمن ليس له قدرة في المشاركة في صنع واعتماد سياسات‬ ‫وخطط وبرامج وقوانين وقرارات البلد التي تخدم مصلحة الناس‪ ، (..‬مع أهمية مراعاة ما‬ ‫نهى عنه اإلسالم‪ ،‬وهي "الرويبضة" أي حديث الرجل التافه في األمور العامة‪ ..‬كما‬ ‫يمكن مالحظة تفاعلية "مجلس الشورى" وهو تخصصي علمي ويمثل عقيدة الشعب‪،‬‬ ‫حيث يمكن تحديد في الدستور صالحياته في طلب إعادة انتخاب مرشح أخر يليه في‬ ‫األصوات إذا تبين عدم قدرة عضو مجلس الشعب في القيام بدوره وبناءا على طلب ثلثي‬ ‫من مجلس الشورى ومجلس الشعب معا‪ ،‬وهذا الشرط سوف يبعد القبلية وسوف يبعد كل‬ ‫متطفل على هذا الدور التاريخي‪ .‬وسوف يقلل من خطر "أزمة الوعي" وهو متغير يؤثر‬ ‫في النظرية الديمقراطية‪ ،‬حيث ما تخشاه الديمقراطية هو عدم وعي الشعب بالدرجة‬ ‫المطلوبة ‪ ،‬فيختار الناس عن طريق معايير عاطفية أو قبلية أو طائفية أو مصلحي فتعطى‬ ‫أصواتهم لمرشح غير جدير بهذا الموقع الذي يخدم الناس على مستوى البلد‪ .‬ويحدد‬ ‫الدستور مدة مجلس الشعب عادة ما تقدر بخمس سنوات ميالدية من تاريخ أول اجتماع‪.‬‬ ‫ويجوز لألحزاب والعاملين بالحكومة وفي القطاع العام الترشح‪ ،‬وال يجوز لمنتسبين‬ ‫السلك القضائي أو مختلف تشكيالت القوات المسلحة أو الشرطة من العاملين والمتقاعدين‬ ‫الترشح لعضوية البرلمان" وهذا الشرط يحفظ استقاللية السلطة القضائية بدقة كما أنه‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يحفظ المعنى الكامل للدولة المدنية‪ ،‬وهذين الفئتين هما قوتين أساس حماية وتنفيذ الدستور‬ ‫فيجب أن يكون خارج لمنافسة على السلطات المدنية"‪ .‬ويختص مجلس الشعب دون غيره‬ ‫في الفصل في صحة العضوية أو عزل أو تأديب أحد أعضائه حسب الئحته الداخلية‬ ‫المقررة من الجميع والمعتمدة من رئيس المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫اليمين الدستوري‬ ‫ال يجوز مباشرة أي عضو لمهامه قبل أداء قسم اليمين الدستوري على الوجه المبين في‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫اختصاصات مجلس الشعب‪-‬البرلمان‬ ‫يختص البرلمان وبوجه خاص في كافة االختصاصات والمسئوليات التالية‪:‬‬ ‫‪ . 1‬طريقة واعتماد تشكيل الحكومة‬ ‫في النظام البرلمان يتولى البرلمان تكليف رئيس الوزراء من الحزب الفائز أو المرشح المستقل الذي‬ ‫فاز بأعلى األصوات والنائب الذي يليه في عدد األصوات‪ .‬ويتولى رئيس الوزراء ونائبه اختيار أعضاء‬ ‫الحكومة حسب الوزارات وبشرط النسبية فتوزع المراكز الوزارية حسب عدد أصوات كل حزب من‬ ‫مجمل قوى شرعية عدد األصوات الشعبية المشتركة في االنتخابات البرلمانية‪ .‬ويصادق على الحكومة‬ ‫رئيس الدولة والمحكمة الدستورية وأدائها اليمين الدستوري قبل شروع الحكومة في أي مهام‬ ‫دستورية‪.‬‬

‫‪ . 2‬ت كليف المحافظين وصالحياتهم حسب الدستور‬ ‫يمكن أن يحدد الدستور كيفية اختيار المحافظين وصالحياتهم‪ ،‬فهم سلطة رقابية تنفيذية عن الخطط‬ ‫والسياسات التنموية في نطاقها المحلي ومسئولة عن متابعة تنفيذ التشريعات بالقطاعات النوعية‬ ‫التنفيذية‪ ،‬وتتولى السلطة التشريعية اختيار من يرونهم مناسبين لتولي مهام السلطة التنفيذية‬ ‫بالمحافظات‪ ،‬ومدة التعيين خمس سنوات‪ ،‬ويجوز للبرلمان الجديد المنتخب تغيير أو البقاء حسب ما‬ ‫تراه مناسبا‪ .‬و "حيث تسعى الشعوب إلي تحقيق فعالية عدم المركزية وتفادي البيروقراطية‪ ،‬فيمكن‬ ‫تحديد صالحيات كبيرة للمحافظ فهو يمثل رئيس الدولة ورئيس الحكومة بالمحافظة وتصدر كافة‬ ‫الموازنات السنوية باسمه ويشرف على وحدات الدولة بالمحافظة‪ ،‬ويعتمد ما يصدر عنها وما يجري‬ ‫فيها"‪ .‬ويجب أن يتم االختيار بأمانة وطنية قصوى فهؤالء هم محرك التنمية واألمان والسالم في‬ ‫الدولة‪ .‬ويفوض كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة صالحياتهما للمحافظين كل حسب محافظته‪،‬‬ ‫ويمكن سحب هذا التفويض بناء على طلب رئيس الدولة أو سالحكومة وبموافقة ثلثي مجلس الشورى‬ ‫وثلث مجلس الشعب‪ ،‬وهذا الشرط بحيث يضمن كفاءة االختيار والتعيين فقد يتنازع الرئيس الدولة‬ ‫ورئيس الحكومة مع المحافظ المعنيين بظروف محلية معينة‪ ..‬فالمحافظ يمثل حاكم محلي في المحافظة‪،‬‬ ‫يمتلك شرعية من البرلمان ومسئوليات تنفيذية على جميع الوحدات بالمحافظة‪ .‬وكلما كان نظام‬ ‫المحافظة فاعل كلما تقلصت مطالب الشعب في تقسيم البالد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ . 3‬المشاركة في صنع القرارات والسياسات‬ ‫يتولى مجلس الشعب بجانب الحكومة تقديم المقترحات والدراسات والرؤى ومشروعات القرارات‬ ‫والقوانين والسياسات وتقديمها للحكومة للمناقشة واالعتماد النهائي من قبل الحكومة ورئيس الدولة‬ ‫المرشحين‪ .‬وبحضور مجلس الشورى كل الجلسات‪ ،‬ويتم االعتماد بأغلبية األصوات في كل ما يختلف‬ ‫عليه‪ .‬ويرجح دائما الجانب الذي يجتمع فيه رأي رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب‬ ‫ورئيس مجلس الشورى‪ ..‬وتصدر عن مجلس الشعب الئحة تنظيم آللية اتخاذ القرارات بالخصوص‬ ‫ويصدق عليها رئيس الدولة ورئيس المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪ . 2‬اعتماد ما يصدر عن الحكومة‬ ‫يختص مجلس الشعب بمسئولية اعتماد كافة مشروعات الموازنات السنوية والقرارات والقوانين‬ ‫والسياسات والخطط والبرامج في مختلف المجاالت لتنفيذية والوزارية‪ ،‬ويختص رئيس الدولة‬ ‫بالتصديق على فعاليتها والمحكمة الدستورية بعملية التصديق على دستوريتها قبل أن تكون نافذة‬ ‫وشرعية‪ .‬وال يجوز لرئاسة األركان أو أي مؤسسة عسكرية أن تتخذ قرارا أو تطلب موازنة بدون‬ ‫اعتماد مسبق من مجلس لشعب لكي يصبح نافذا ومشروعا للتطبيق من قبل وزارة لدفاع أو وزارة‬ ‫الداخلية حسب االختصاص‪ .‬كما ال يجوز لوزارة لدفاع أو وزارة الداخلية أن تصدر قرارات أو أوامر‬ ‫مباشرة للقوات المسلحة أو األمنية القومية أو لشرطة بدون اعتماد مسبق من مجلس الشعب‪.‬‬

‫‪ . 5‬الرقابة على الحكومة‬ ‫ينشىء مجلس الشعب لجان متخصصة تمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية‪ ،‬ويرأسها أحد‬ ‫أعضائه ويمكن االستعانة بالخبرات الوطنية المطلوبة‪ ،‬ويصدر قرار التعيينات ويصبح نافذ بعد تصديق‬ ‫المحكمة الدستورية‪ .‬وتباشر هذه اللجان عملها بشكل يومي‪ ،‬ويمكنها تقديم الدراسات والمشورة‬ ‫وتحليل ومتابعة كافة التفاصيل الفنية‪ ،‬ويمكنها تقديم طلب استدعاء أو استجواب أو سحب الثقة من أحد‬ ‫الوزراء‪ ،‬ويختص مجلس لشعب ومجلس الشورى في االعتماد النائي في هذا الشأن ويتبع ما نص‬ ‫عليه في الالئحة الداخلية للمجلس والمعتمدة دستوريا لتحقيق كل ما يلزم بشأن تحقيق فعالية ونتيجة‬ ‫العملية الرقابة من التصويب والوقاية من أي ضرر مستقبلي‪ .‬وطبيعة هذه اللجان أنها تخصصية يومية‬ ‫داخلية تفيد المجلس في أداء مهامه على وجه الخصوص‪.‬‬

‫‪ . 6‬الجهاز الرقابي التنفيذي‬ ‫تنشى الدولة جهاز ديوان المحاسبة للمراجعة المالية المشكل والمختص حسب قانون ديوان المحاسبة‪،‬‬ ‫وكذلك جهاز الرقابة اإلدارية المركزية والمشكل والمختص حسب القانون‪" .‬وفي حقيقة األمر هذين‬ ‫جهازين متخصصين ومعروفين على مستوى العالم"‪ ..‬والمهم ذكرهما دستوريا ألن الدستور هو أساس‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬وما ال يذكر فيه يمكن أن يلغى أو أن يواجه عدم التفعيل أو التحوير والتغيير‬ ‫وإضعاف دوره‪ ،‬وليبيا مرت بتجربة أربعة عقود شاهد هذا الجهاز عمليات دمج وفصل متعددة‪ ،‬وعدم‬ ‫دستورية مثل هذه األجهزة يترتب عنها تعيين قيادات بمواصفات معينة تخدم توسع السلطة المطلقة‬ ‫وتقنين ما يلزم من لتعميق الفساد المغلف بشرعية سياسية استبدادية‪ ،‬ولذلك يقترح في الدول النامية‬ ‫أن يذكر الدستور أسس هذا الجهاز وتقسيمه إلي الجانب المالي والجانب اإلداري‪ ،‬وعلما بأن الجانب‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المالي يتابع منع أسباب الفساد المالي‪ ،‬وليس المخالفات البسيطة على المستوى األدنى بل يشرع في‬ ‫إنهاء الفساد المالي على المستويات العليا والوسطى‪ ،‬ألن الفساد ينطلق من هذه المستويات ثم ينتشر‬ ‫لذر الرماد أو تحصيل حاصل‪ ،‬وعندما تعالج ‪ %1‬على المستوى األعلى تكون تلقائيا قد عالجت ‪%11‬‬ ‫على المستويات الدنيا المرتبطة باألعلى‪ ،‬والذي يحدث في دولة الفساد واالستبداد هو مكافحة‬ ‫المخالفات على أدنى وحدات ومستويات الوظيفية‪ ،‬من أجل حماية النظام في األعلى وتلميعه‪ ،‬وتمويه‬ ‫الشعب‪ ،‬بأن هناك رقابة فاعلة ‪ ،‬وهذا ما يقود لتوسع الفساد باألعلى حتى يسقط النظام‪ ،‬ويصعب‬ ‫عالجه‪ ،‬ألن هذه األجهزة يصيبها الفساد أيضا ألنها إيديولوجية وليست دستورية وشرعية‪ .‬والجانب‬ ‫إلداري هو رهينة النجاح في اإلصالح الجانب المالي‪ ،‬ويهدف الجانب اإلداري إلي منع أي ضعف أداء‬ ‫فني أو أداء سياسي أو أداء قانوني‪ ،‬فهذه أجهزة عضوية في كين لدولة وهي أجهزة قوية وليدها قوة‬ ‫شرعية بأنها تابعة لمجلس ممثل لكل الشعب‪ .‬فهي أيضا تراقب على مجلس الشعب وتراقب على لجانه‪،‬‬ ‫وال يجوز فصل أحد أعضائه إال حسب قانون والئحة الخاصة بهذين الجهازين‪ ،‬ولهما صفة القبض‬ ‫القضائي والتحقيق اإلداري وتحويل القضايا للمحاكم لمختصة‪ .‬فدولة بدون هذين لجهازين و وفق‬ ‫أسس دستورية هي دولة معرضة للفساد المالي والفساد السياسي‪ .‬وطبيعة هذين الجاهزين أنهما‬ ‫دائمين‪ ،‬والتعيين من داخل الجهاز‪ ،‬وهما على مستوى لدولة لهدف خدمة مهام نظام الدولة الدائم‬ ‫وليس لهدف لخدمة السلطة التشريعية خالل فترة توليها مهامها‪ .‬وبكلمات أخرى تقوم السلطة‬ ‫التشريعية بأمر لجانها التابعة لها وتوجيهها وأخذ ورفض حسب ما تراه مناسبا‪ ،‬في حين هذين‬ ‫الجهازين مستقلين وتمارس اختصاصهما حسب قانون متخصص ومستقل يخضع له الكل‪.‬‬

‫‪ . 1‬التنظيم الداخلي والالئحة المالية و ا إلدارية للبرلمان‬ ‫يضع المجلس اللوائح الخاصة بتنظيم أعماله حسب الدستور‪ ،‬وحسب الدستور فنه ال يجوز لرئيس‬ ‫الدولة أو الحكومة إجراء أي تعيينات أو تكليفات داخل البرلمان أو األجهزة التابعة للسلطة التشريعية أو‬ ‫المشاركة في لوائحها وتنظيمها الداخلي‪ ،‬أو يتقاضى موظفي السلطة التشريعية أو أجهزتها ولجانها‬ ‫مكافأة أو مرتب من الحكمة أو من أي جهة أخرى‪ ،‬وال يجوز ألحد من موظفيها ممارسة أي نشاط‬ ‫تجاري أو اقتصادي أو مهني أو اإليجار والمبايعة أو المقاضية مع أي جهة تابعة للدولة‪ .‬وتبقى‬ ‫مسئولية تطوير التنظيم الداخلي والالئحة مسئولية البرلمانات المتعاقبة‪ ،‬أي قد يأتي برلمان ويجدد‬ ‫مواد في لالئحة ويلغي بعض وهكذا في عملية مرنة ونحو التطوير الفكري المتجدد والتوسع بحكم‬ ‫عامل الزمن وطور مستويات األجيال‪.‬‬

‫مطلب ‪ :3‬مكون السلطة التنفيذية‬ ‫يتشكل هذا المكون من فرعي أساسين‪ ،‬هما الحكومة والتقسيم اإلداري والسلطة المحلية‪.‬‬ ‫ولكل فرع عناصره التنفيذية الحيوية المتعلقة بالتفاصيل الخاصة بإدارة شئون الناس وإصالح‬ ‫أحوالهم وأوضاعهم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وعناصر هذه الفروع تشمل‪ ،‬تشكيل الحكومة واشتراطاتها واختصاصاتها وعالقتها برئاسة‬ ‫الدولة لعدم التداخل و وضوح المسئوليات الوطنية وأعمال الوزارات‪ .‬وفرع السلطة المحلية‬ ‫يشمل التقسيم اإلداري وتشكيل المجالس النيابية واختصاصاتها وكذلك مسألة المجالس العلمية‬ ‫والقومية المتخصصة‪ ،‬وكذلك ذلك جزء من السلطة التنفيذية‪ ،‬وال يجوز بمكان النظر إلي السلطة‬ ‫التنفيذية أنها الحكمة فقط وإنما لها مكونات عدة‪ .‬فكل فرد هو أداة تنفيذية في هذا الوطن‪ .‬والبد‬ ‫من الصول إليه ألداء دوره وتحقيق مصالحه وأمنه وسالمته‪.‬‬ ‫ونؤكد على أهمية أن يتناول الدستور بدقة "الصياغة القانونية" و "الرؤية التفصيلية" والواقعية‬ ‫وحسب روح الدستور وأسسه وبعناية وطنية فائقة لهذا المكون التنموي‪ ،‬فهو متعلق مباشرة‬ ‫بإدارة بشئون الناس وإصالح كافة األمور‪ ،‬ومراعاة نظرة وتوقع الناس على أن الحكومة على‬ ‫أنها هي الدولة المعنية بحكم مسئوليتها المباشرة بتحقيق مصالحهم اليومية‪.‬‬ ‫ولذلك في النظام البرلماني النيابي المؤسس على التعديدية الحزبية تركز القوى السياسية في‬ ‫التنافس فيما بينها على تقديم أفضل البرامج التي تخدم الناس وتفوز برئاسة الحكومة وأن يكون‬ ‫لها أكبر قدر من مقاعد البرلمان من أجل التوافق في الرؤية في تحقيق تنمية كافة المجاالت‪.‬‬ ‫كما أن هذا المكون يرسم بدقة ويوزع االختصاصات التنفيذية بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة‪،‬‬ ‫وكالهما يشكالن جزء من السلطة التنفيذية‪ .‬وهذا التوزيع مهم لمنع احتكار هذه السلطة بقبضة‬ ‫واحدة والسقوط في هوة السلطة المطلقة أو االنحراف التدريجي نحو دولة االستبداد‪.‬‬ ‫وفيما يلي التفسير السياسي لهذه الفروع التنفيذية وعناصرها‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تشكيل واختصاصات احلكومة‬ ‫ويتضمن العناصر الجزئية التالية‪:‬‬

‫تشكيل الحكومة واالشتراطات‬ ‫يختص البرلمان باعتماد واإلعالن عن رئيس مجلس الوزراء ونائبه حسب أصوات‬ ‫المرشحين الفائزين‪ ،‬ويختص رئيس الوزراء ونائبه باختيار بقية الوزراء حسب التوزيع‬ ‫النسبي لعدد األصوات الفائزة من كافة لمرشحين ووفق النواحي المفصلة فنيا بقانون‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وتعرض على البرلمان العتماد كامل الحكومة والتصديق عليها دستوريا‪.‬‬ ‫ويشترط فيمن يتولى هذه المناصب الوزارية شرط كامل الجنسية بأمانة‪ ،‬وشرط العمر‬ ‫المناسب للخبرة لتأكد اكتمال الموهبة والخلق الكريم والشعور بالمسئولية‪ ،‬وشرط الوطنية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الفاعلة بتأكيد عدم وجود سابقة قضائية جنائية أو سياسية على أي وجه ال يقبله الشعب‬ ‫وليس في مصلحة الناس وتنمية البالد‪ ،‬ويستجوب ويستقيل عن طريق البرلمان كل عضو‬ ‫في الحكومة يثبت عنه القصور في أي شأن وطني كالتهرب من الضريبة أو عدم أداء‬ ‫رسوم أي مخالفة‪ ،‬أو كتبات أو أراء من شأنها أن تعكس سوء النية أو اآلداب أو قصور‬ ‫الرؤية أو عدم المصداقية‪ ،‬وأداء كامل اليمين الدستوري قبل مباشرة المهام‪ .‬وال يجوز لمن‬ ‫يعمل بوظيفة عامة أن يقوم بأي نشاط أخر وعلى أي وجه‪ ،‬كما ال يجوز له المساهمة في‬ ‫امتالك مشروعا بشكل مباشر أو غير مباشر يثبت أنه يحقق له مصلحة من تولي منصبه‬ ‫بالدولة‪.‬‬

‫اختصاصات الحكومة‬ ‫يختص مجلس الوزراء وبوجه خاص في اإلدارة الحكومية والسياسة العامة‪ ،‬وهذا بالطيع‬ ‫يعطيه أيضا صالحية اقتراح كافة المشروعات والقوانين الالزمة والتعيينات الوظيفية‬ ‫وهي جزء من عملية التنظيم اإلداري‪ ،‬إال أن الدستور الفرنسي كما رأينا منح كافة‬ ‫صالحيات التعيينات لرئيس الجمهورية‪ ،‬والدقيق في هذا األمر هو أن تعرض الحكومة‬ ‫المرشحين للوظائف العامة العليا من وزراء وسفراء و وكالء ورؤساء المصالح العامة‪،‬‬ ‫ويقر الرئيس هذا الترشيح وبما يراه مناسب‪ ،‬ويصادق على قرارات التعيينات البرلمان‪.‬‬ ‫وهذا يحقق النظرية اإلدارية المتبعة بنجاح من أجل الكفاءة واالستقاللية وتفادي التبعية‬ ‫الشخصية وضعف األداء‪ .‬حيث رئيس الدولة ورئيس الحكومة في النظام البرلماني‪-‬‬ ‫الرئاسي كل منهم له شرعية شعبية تعطيه مصدر قوة حقيقة واستقاللية في غاية الفعالية‪.‬‬ ‫كما قد يحدد الدستور أهمية حضور الوزراء جلسات البرلمان أو إرسال مندوبي الحكومة‪.‬‬ ‫وكفاءة السياسات العامة وعمليات اإلدارات الحكومية هما ما تتنافس األحزاب حولهما‬ ‫األحزاب في برامجهما ومعارضتهما من أجل الفوز بتأييد الشعب وحصد األغلبية في‬ ‫المقاعد البرلمانية‪ ،‬ومن ثم الفوز برئاسة الحكومة‪ ،‬وفيما يلي مناقشة هذين االختصاصين‪.‬‬ ‫‪ . 6‬السياسات العامة والموازنة العامة‬ ‫تختص الحكومة وعلى وجه الخصوص بإعداد السياسة العامة وتتمثل في حل كافة المشاكل المحددة‬ ‫والمثارة حسب الرأي العام‪ ،‬والميزانية العامة هي القاسم المشترك في كافة هذه السياسات بمختلف‬ ‫المجاالت‪ .‬وتتم على هذا النحو المبين‪ ،‬بحيث يختص رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالدرجة األولى‬ ‫في وضع سياسات إدارة شئون البالد وتقديرات الموازنة العامة السنوية الالزمة‪ ،‬وعرضها على‬ ‫السلطة التشريعية لمناقشتها وإقراراها بقانون تشريعي‪ ،‬يصادق عليه رئيس الدولة قبل أن يصبح‬ ‫نافذا‪ ،‬ويحق لرئيس الدولة من إلقاء بيان سنوي أمام البرلمان يحدد فيه الخطوط العريضة للسياسات‬ ‫والخطط العامة ورؤيته المثلى إلدارة البالد وتحقيق مقاصد الدستور وفعالية سيادة الدولة واستقاللها‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وعالقاتها الدولية‪ ،‬وذلك بحضور أعضاء الحكومة ومجلس الشورى‪ ،‬ليشكل ذلك معطيات الرؤية‬ ‫المشتركة في إدارة البالد‪ ،‬ويجب على البرلمان أن يأخذ في االعتبار وبمشاركة مجلس الشورى‬ ‫للوصول إلي إدارة شئون البالد بالشكل األمثل و أشمل لكل ما تحتاجه الدولة‪ ،‬وتكون جلسات تداول‬ ‫السياسات والخطط والبرامج والموازنة العامة "علنية" من أجل تحقيق مبدأ الشفافية الذي يرضي‬ ‫الشعب ويكسبه ثقته في الهيئة الحاكمة ويضفي عليها كامل الشرعية الشعبية وتجني الحماس الشعبي‬ ‫والوطنية التامة عند تنفيذها‪ .‬ومسئولية الوزارات صحة ودقة تنفيذها ما يصدر نهائيا وبرقابة مهنية‬ ‫ومالية تتولها مؤسسات السلطة التشريعية المتخصصة‪ ،‬وهي اللجنة البرلمانية المتخصصة‪ ،‬وديوان‬ ‫المحاسبة وفروعه‪ ،‬جهاز الرقابة اإلدارية المركزي وفروعه‪.‬‬

‫‪ . 2‬اإلدارة الحكومية‬ ‫اإلدارة الحكومية هي عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة بشأن كل وزارة وما يتبعها‪ .‬حيث‬ ‫تتولى الحكومة إصدار كافة اللوائح التنفيذية لجميع القوانين المعتمدة في نطاق مسئوليات وزاراتها‬ ‫والالزمة في إدارة شئون ومصالح الناس‪ .‬وتتولى الحكومة مسئولية التعيينات اإلدارية الالزمة لكفاءة‬ ‫األداء وحسن سير األعمال بالوزارات‪ .‬و القرارات الالزمة إلنشاء وتنظيم المرافق العامة‪.‬و تعرض‬ ‫الحكومة كافة مشروعات قراراتها واتفاقياتها ومعاهداتها السياسية واإلدارية والمالية على البرلمان‬ ‫حسب اآللية الدستورية في اتخاذ القرارات الشرعية‪ .‬وكل وزير هو الرئيس اإلداري األعلى لوزارته‪،‬‬ ‫ومسئول على تنسيق ومتابعة وزارته وما يتبعها من جهات عامة و وحدات إدارية ومتخصصة‪،‬‬ ‫والمحافظة على أمن الدولة وحماية جميع حقوق المواطنين و مصالح الدولة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التقسيم اإلداري أو اإلدارة احمللية‬ ‫ويتضمن ذلك العناصر الجزئية التالية‪:‬‬

‫التقسيم اإلداري للبالد‬ ‫حيث يختص الدستور بتحديد طبيعة التقسيم اإلداري للبالد فهو جزء من تأكيد طبيعة‬ ‫السيادة الكاملة كما أنه تؤسس عليه أعمال الوزارات ولجهات التابعة لها وكيفية إداراتها‬ ‫ونطاق المسئوليات كافة‪ .‬وليبيا بحكم شرعية دستور ‪ 90‬فإنها األنسب لها بالتجربة‬ ‫واألمانة الوطنية هو تقسيم البالد إلي المحافظات وهي وحدات إدارية تتمتع بالشخصية‬ ‫االعتبارية المستقلة إداريا وماليا في إدارة مصالح الناس والمحافظة على الوحدة الوطنية‬ ‫وسالمة البالد‪ .‬وتتشكل هذه المحافظات من المدن والقرى والمديريات حسب قانون التقسيم‬ ‫اإلداري للبالد واإلدارة المحلية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تشكيل المجالس المحلية‬ ‫وهي مجالس نيابية تمثل مصالح الناس والمنتخبة عدديا حسب تقسيم دوائر المحافظات‬ ‫وطبقا لقانون االنتخابات‪ .‬ويتم اختيار النواب عن طريق االنتخاب المباشر من الشعب في‬ ‫نطاق الدائرة المحلية‪ .‬ويكون اختيار رؤساء ووكالء النواب بالمحافظة بطريق االنتخاب‬ ‫من بين األعضاء‪ .‬ويصدر قرارا من البرلمان بالتصديق على قرار اللجنة العليا لالنتخابات‬ ‫المختصة بعمليات االنتخابات عبر لجانها المقررة‪ .‬وتكون مدة االنتخاب قصيرة‪ ،‬وما بين‬ ‫سنتان أو لمدة ثالثة سنوات قابلة إلعادة االنتخاب حسب إرادة الناس المعنيين‪ .‬وال يجوز‬ ‫الترشح على أسس طائفية أو عرقية أو قبلية أو يرها من العصبيات‪.‬‬

‫اختصاصات المجالس المحلية‬ ‫وهي مجالس نيابية جزئية تمثل مصالح الناس في نطاقها المحلي المرسوم معياريا‬ ‫جغرافيا وعدديا‪ ،‬وهي وحدة تفاعلية‪ ،‬طبيعة اختصاصاتها رقابية وتقيميه فيما يخص تنفيذ‬ ‫السياسات والبرامج والموازنات العامة في نطاقها‪ ،‬وترفع مطالب منتخبيها‪ ،‬وتسجيل‬ ‫اعتراضهم‪ ،‬وتطلعهم على حقيقة ما يجري من إنجاز لمطالبهم‪ .‬فهم أداة هامة للنواب‬ ‫بالمحافظات‪ ،‬حيث النائب هو عضو البرلمان في المحافظة‪ ،‬والمجالس المحلية تعمل‬ ‫باالتصال المباشر مع الناس المنتخبين لهما‪ .‬فهي تلمس عن قرب حاجات وأراء الناس‪،‬‬ ‫وبذلك يستطيع النواب أن يعبروا عن مطالب الناس في جلسات البرلمان بدقة عن مجريات‬ ‫األمور العامة عن حقائق اإلنجاز واألنفاق والتحصيل‪ .‬والنواب والمجالس المحلية يمثالن‬ ‫عموم الناس وهمومهم وأمالهم ومصالحهم اليومية واعتراضاتهم على سير أعمال‬ ‫الوزارات وإلنجازات وكل ما يراه الناس مشروع وفي ظل إرادة عامة متجانسة تنشد‬ ‫مصلحة البلد وسالمة الوطن وتحقيق األمن والسلم والرفاهية والعدالة االجتماعية‪ .‬ويتولى‬ ‫الرؤساء و وكالئهم في تمثليهم في المراقبة على سير األعمال وتنفيذ الميزانيات‬ ‫والسياسات داخل إدارة المحافظة‪ ،‬و يحدد قانون المجالس المحلية كافة االختصاصات‬ ‫والموارد المالية الالزمة وطرق الرقابة عليها‪ ،‬وبما يحقق دورها األساسي في فعالية تنفيذ‬ ‫وفي الرقابة على خطة التنمية ومصالح الناس وسالمتهم وأمنهم‪.‬‬

‫المجالس العليا العامة والخاصة والمتخصصة‬ ‫يحدد الدستور‪ ،‬وبما يجيز للحكومة أن تنشئي مجالس علمية وبحثية وإستراتيجية قومية‬ ‫متخصصة على مستوى البالد‪ ،‬التي تعاون الحكومة ورئاسة البالد وكافة السلطات في‬ ‫رسم سياساتها في جميع مجاالت النشاط القومي‪ .‬وأن يكون لها فروع بالمحافظات‬ ‫والمحليات‪ .‬وذلك يشمل مجاالت التعليم على مختلف مستوياته‪ ،‬حيث يجوز مجالس عليا‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫علمية تختص باعتماد الشهادات العلمية والنتائج البحثية لما يخدم تنمية المواهب ولتنافس‬ ‫بين القطاع العام والخاص في النتاج العلمي والبحثي واالقتصادي والثقافي‪ .‬ويصدر قانون‬ ‫خاص ينظم تنظيم وعمل واختصاصات هذه المجالس وعالقتها بالحكومة‪ .‬وتمثل هذه‬ ‫المجالس أرضية النمو الفكري وضمانة الحرمة العقلية وأمال النفوس في بلوغ المستوى‬ ‫الكريم في الحياة‪ .‬كما أن مجمل نتاجها تتوارثه السلطات لصالح البالد وحقوق األجيال‪.‬‬ ‫وتشكل هذه المجالس سوق عمل للمواهب وخريجي الجامعات المتفوقين وذوي الدرجات‬ ‫العلمية العليا إلثبات قدراتهم‪ ،‬وكيفية صنع الحياة والتنمية بحيث تكفل فرص عمل واسعة‬ ‫في كافة الميادين ‪ .‬ويتناول القانون التفاصيل العلمية وإلدارية الالزمة‪ .‬ولكن البد من‬ ‫وضع أساس لهذا الحق الدستوري‪.‬‬

‫مطلب ‪ :4‬مكون السلطة القضائية‬ ‫يحدد هذ ا المكون مبدأ االستقاللية والقيادة العليا بحيث يحقق القضاء مسئوليته اإلنسانية والربانية‪،‬‬ ‫فهم كلمة الحق في الدولة‪ ،‬وهم سيف العدالة الذي يفصل بين لناس وبين السلطات وبين الناس‬ ‫والسلطات جميعا‪ ،‬الكل سواسية أمام في كافة القضايا ومستوياتها‪ ،‬وأهم ما نذكر هنا أن بعض‬ ‫الدساتير تتالعب وتضع نصا يفيد بأن رئيس الدولة هو الرئيس األعلى للقضاء‪ ،‬أو ال يحدد‬ ‫الدستور طريقة االنتخاب الداخلي في القيادة اإلدارية والقضائية بمؤسسات هذا الجهاز‪ ،‬مما يتيح‬ ‫فرصة تزكية أو تعيين أو تكليف أو تمكين للقضاة خارج إرادة ومعرفة القضاة بأنفسهم وبكفاءتهم‬ ‫وبنزاهتهم وبمواهبهم وبعدالتهم وبجدهم و بوطنيتهم وبحرصهم فهم من يقرر من األنسب في كل‬ ‫مستوى إداري وقضائي ونوع محكمة واختيار المجلس األعلى للقضاة وهو روح استقاللية‬ ‫وكفاءة جهاز القضاء بالدولة‪.‬‬ ‫وفيما تفسير عناصر هذا المكون ومبادئه‪:‬‬

‫استقاللية القضاة ودستورية المحاكم‬ ‫يحدد الدستور بأن السلطة القضائية مستقلة تماما‪ ،‬وتتوالها محاكم على اختالف أنواعها‬ ‫ودرجاتها‪ ،‬والقضاة مستقلون ال سلطان عليهم في قضائهم‪ ،‬وال يخضعون لغير القانون والعدالة‬ ‫والضمير ومكارم األخالق‪ ،‬وال يجوز ألي سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة‪ .‬والقضاة‬ ‫غير قابلين للعزل وينظم قانون القضاة مساءلتهم التأديبية‪ ،‬كما ينظم القانون طريقة االنتخاب‬ ‫الداخلي لمنصب رئاسة المحاكم والنواب والرؤساء المختصين بكافة اإلدارات واألقسام والفروع‬ ‫والشروط الالزمة‪ ،‬ومسببات اإلعفاء تكون بحسب قرار التأديب الداخلي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فاعلية المجلس األعلى للسلطات القضائية‬ ‫وهو القيادة العليا للقضاة والمحاكم‪ ،‬ويحدد الدستور المفاهيم األساسية وكيفية تشكيل القيادة‬ ‫القضائية المستقلة‪ ،‬وأجمعت التجارب على فعالية تشكيل مجلس أعلى يجمع قيادات منتخبة داخليا‬ ‫من سلك القضاة وبمعرفتهم وإرادتهم المستقلة‪ .‬وفي حقيقة األمر السلطة القضائية ال تتبع‬ ‫للسلطات األخرى‪ ،‬وتحديدا السلطة التشريعية أو لتنفيذية أو الشورى أو األعالم ‪ ،‬وليس بينهما‬ ‫عالقات أو تدخالت‪ ،‬إنما هي ذات صالحيات ومقومات ومفاهيم عدلية‪ ،‬مسئولياتها تحقيق العدالة‬ ‫في البالد‪ ،‬حيث العدالة هي حصن كل األوطان واستقرار النظام وقوة المجتمع واقتصاده‪ .‬فهي‬ ‫تفصل في كل أنواع الخالفات بين الدولة واألفراد‪ ،‬وبين األفراد بحيث ال يوجد مظالم وال فساد‬ ‫وال طغيان‪ .‬فالسيادة الدستورية هي المظلة التي تجمع الكل في توافق و وئام وسالم‪ .‬وبذلك يحدد‬ ‫الدستور الكيان العام المستقل والمتفاعل مع بعضه في ظل قيادة إدارية قضائية عليا‪ ،‬وكما ذكرنا‪،‬‬ ‫فعادة ما يطلق عليه "المجلس األعلى للقضاء"‪ ،‬وهو من مكونات السلطة العليا أو مؤسسة رئاسة‬ ‫الدولة‪ ،‬وهو في الخط اإلداري الذي يجمع البرلمان والحكومة والمجلس األعلى للصحافة أو‬ ‫اإلعالم ومجلس الشورى‪ ،‬وبالتالي يكون التنسيق واالتصاالت اإلدارية على هذا المستوى‬ ‫القيادي والتنظيمي‪ ،‬ويختص المجلس األعلى بتحويل القضايا للمحاكم التابعة والمختصة‪ ،‬ويعتمد‬ ‫قراراتها ولوائحها وقيادتها المنتخبة‪ ،‬وتطوير مهنة القضاء وتحقيق استقالليتها التامة وكفاءة‬ ‫العدالة العامة‪ ،‬ويحدد قانون القضاء كل ما يلزم في تنظيم جهاز قضاء الدولة على أسس الدستور‬ ‫الذي أراده الشعب وصاغه المكلفين بضمير مخلصين في عملهم هلل و بوعي سياسي ومسئولية‬ ‫تاريخية وإنسانية و رؤية وطنية‪.‬‬

‫دستورية قانون القضاء واالختصاصات‬ ‫يصدر قانون القضاء المكمل للدستور‪ ،‬والمختص في أمور محددة وفق الدستور‪ ،‬وبما يجسد‬ ‫تحقيق استقاللية القضاء وفاعلية القيادة العليا المتمثلة في مجلس أعلى للقضاء‪ ،‬مسئول عن‬ ‫تحقيق الكفاءة العدلية في المجتمع والدولة‪ ،‬وفي كل مكان وزمان‪ ،‬وغير مرتبط بنظام سياسي‬ ‫وأهدافه الزمنية‪ ،‬فهو ذات مسئولية إنسانية حضارية عالمية تاريخية و وطنية ودينية‪ .‬فهو حسب‬ ‫يصدر قانون مكمل يحدد كيفية تفاصيل تشكيل المجلس األعلى واختصاصاته‪ ،‬وفيما يتعلق‬ ‫بتأسيس المحاكم والشروط الالزمة في تأسيسها وفيمن يتولون القضاء فيها‪ .‬وال يجوز ألي سلطة‬ ‫أن تنشئي محاكم أو أن تكلف قضاة أو أن تفصل في أي منازعات قضائية ويحدد القانون كامل‬ ‫االختصاصات حسب الدستور‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :5‬مكون احملكمة الدستورية‬ ‫مهمة هذا المكون هو الرقابة على نصوص كافة القوانين والقرارات والخطط والسياسات‬ ‫واالتفاقيات والمعاهدات والعالقات الخارجية بأنها مطابقة للدستور في بنوده ومقاصده وأنها‬ ‫أتبعت اآللية الشرعية في اتخاذها‪ ،‬ويمكن أن نختصر ذلك بأن "المحكمة الدستورية هي المكون‬ ‫الذي يضمن تطبيق الدستور بدقة قانونية بحيث ال يتم تحريف أو تأويل أو التالعب بنصوص‬ ‫الدستور"‪.‬‬ ‫وفيما يلي عناصر هذا المكون‪:‬‬

‫االستقاللية الذاتية والدرجة العليا‬ ‫يحدد الدستور بأن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية عليا مستقلة قائمة بذاتها‪ ،‬ويحدد مقرها‬ ‫الرئيس وعادة بالعاصمة وبجوار مجمع مقر المؤسسات السلطات األخرى لسرعة التنسيق والبث‬ ‫والمتابعة‪.‬‬

‫االختصاص الرقابي الدستوري‬ ‫يحدد الدستور اختصاص المحكمة الدستورية بوضوح وبدقة‪ ،‬وهي مسئولية دستورية رقابية‬ ‫وتفسيرية‪ ،‬حيث تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية كافة‬ ‫القوانين والقرارات واللوائح الصادرة عن جميع السلطات‪ ،‬وتتولى دون غيرها مسئولية تفسير‬ ‫النصوص الدستورية لتفادي أي إشكال في الفهم والتطبيق وذلك على الوجه الذي يحمله الدستور‪.‬‬

‫قانون المحكمة الدستورية‬ ‫بموجب الدستور يصدر قانون المحكمة الدستورية وهو قانون مكمل ويختص بتحديد التنظيم‬ ‫اإلداري الذي يحقق استقاللية المحكمة الدستورية وكيفية إجراء الرقابة القضائية الدستورية‪ ،‬كما‬ ‫ينظم هذا القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬ويبين الشروط الواجب توفرها في‬ ‫أعضائها وحقوقهم وحصانتهم وطريقة االنتخاب الداخلي لرئيس المحكمة نائبه وكيفية تعيين‬ ‫مسئولي جميع مستويات إداراتها‪.‬‬

‫مطلب ‪ :6‬مكون النائب العام‬ ‫النائب العام هو صمام االمان في البلدان‪ ..‬إن حسن اختياره استقامت اوضاع الناس والبلدان‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وال تستقيم وتترسخ عدالة بدونه‪ ،‬وال يظهر رهب ورعب وفساد إال بسبب قصور في اختياره او‬ ‫دوره‪ ،‬فهو ممثل الشعب في تحقيق العدالة واالمن واإلصالح بين الناس‪ ،‬وهو منصب مدني‬ ‫عدلي وليس عسكري‪.‬‬ ‫تعتبر النيابة العامة واألجهزة القضائية والشرطة هي "الجهاز األمني في الدولة"‪ ،‬وهي أجهزة‬ ‫مدنية‪ ،‬ولها استقاللية دقيقة ينبغي أن يرسمها الدستور الحديث‪ ،‬وتكون واضحة لعموم الشعب‪.‬‬ ‫فالنيابة العامة تتبع السلطة التشريعية ويرأسها النائب العام ولها قانون مكمل خاص يصدر وفق‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫والشرطة تتبع السلطة الحكومية‪ .‬والقضاء سلطة عليا مستقلة‪ .‬وهناك قانون خاص ينظم العالقة‬ ‫بين هذه األجهزة المستقلة الثالثة‪ ،‬وذات طبيعية وظيفية حساسة ومكملة لبعضها‪.‬‬ ‫وعبر هذه المنظومة األمنية العدلية المدنية يتحقق أمان وطمأنينة الناس على أموالهم ومصالحهم‬ ‫وحقوقهم وحماية أنفسهم وأعراضهم‪ ،‬ودينهم وحرياتهم‪.‬‬ ‫وهذا في مجمله يشكل جهاز "األمن الداخلي" في "الدولة المدنية"‪.‬‬ ‫أما في "الدولة األمنية" فيحدث خلل وتتشكل أجهزة أخرى بسبب وجود ثغرات دستورية وعدم‬ ‫توفر وعي شعبي مسئول‪.‬‬ ‫وبذلك نص الدستور على مكونات النائب العام والشرطة والقضاء كمكونات مستقلة مطابق تمام‬ ‫للمعيار الدستوري الفعال‪.‬‬ ‫فال يسمح بالمساس بحرية فرد أو جهة أو تفتيشهما أو الدخول لمقرهما بدون أمر من النيابة‬ ‫العامة أو المساس بمصلحة المجتمع أو سالمة الوطن‪ ،‬وهذا يجسد دولة "سيادة القانون"‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا المكون صمام القيم واألخالق والنظام في الدولة من أجل تجسيد فعالية العدالة‪ ،‬فمن‬ ‫خالله يشعر الناس باألمان وينتشر االطمئنان و يتحقق السالم االجتماعي‪ .‬حيث يعد أداة قانونية‬ ‫توفر في الدولة بيئة صالحة للتنمية تكون فيها النفوس مطمئنة على عقيدتها ودستورها واستقالل‬ ‫وطنها وسيادة الشعب الحقيقية‪ ،‬والمحافظة على إرادة حرة توجه السلطات الزمنية‪ ،‬وتستبدلها‬ ‫كلما أخلت بنظام دولة‪-‬الدستور‪ ،‬وسيادة القانون‪.‬‬ ‫وهنا مسألة هامة وهي تحديد مصدر هذه القيم والسلوك القويم التي تبعث العدالة واألمان في‬ ‫المجتمعات‪ ،‬وتهيئ النفوس وتمهد األرضية لتطور الدولة الشرعية‪ ،‬فنجد‪ ،‬مثال‪ ،‬الدستور‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المصري يربطها هذه القيم بكلمة السلوك االشتراكي‪ ،‬وهنا نستبدلها بالسلوك اإلسالمي‪ ،‬كما أن‬ ‫يحدد المحافظة على النظام السياسي ويقصد به االشتراكي‪ ،‬ونستبدلها بالنظام الشرعي وهو نظام‬ ‫يرتكز على الدستور المدني والعقيدة اإلسالمية وهي روح األخالق وبناء اإلنسان بحيث يتحقق‬ ‫الهدف النهائي وهو العدالة واألمان والسعادة وهو األساس السياسي في مطلب تأسيس الدول‪.‬‬ ‫وفيما تحديد عناصر هذا المكون‬

‫تحقيق القيم العليا العامة‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬هناك مهمة إستراتيجية للمدعي العام‪ ،‬وهي ترسيخ القيم العليا المثلى في جميع‬ ‫عالقات وتعامالت المجتمع والسلطة‪ ،‬فقيمة العدالة الشاملة هي أساس استقرار الدولة‪ ،‬وحصنها‬ ‫المنيع من كافة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤدي إلي انهيار المجتمعات والدول‪ .‬فالجميع‬ ‫تحت طائلة القانون وفي ظالل الدستور ومظلة العدالة‪ .‬ومبدأ العدالة ومبدأ األمن االجتماعي‬ ‫ومبدأ استقرار الشرعية هما أساس مهام المدعي العام‪ .‬وبذلك يحدد الدستور‪ ،‬مثال ( بأن على‬ ‫المدعي العام مسئولية اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتأمين حقوق الناس ومصالح المجتمع وسالمة الوطن وفعالية‬ ‫النظام الدستوري‪ ،‬وبالتزامه بجميع قيم وأخالقيات اإلسالم في سلوكه بالعمل وفي مساعيه في المحافظة على‬ ‫المكاسب الوطنية واستقرار األمن والسلم االجتماعي وتجسيد العدالة القانونية والحقوق اإلنسانية والحريات)‪.‬‬

‫طبيعة االختصاصات والقانون الخاص بالنيابة العامة‬ ‫يحدد الدستور أسس القانون المكمل‪ ،‬بحيث يشمل تحديد اختصاصات المدعي العام‪ ،‬وتحديد‬ ‫مبادئه في مهامه وهي العدالة الشاملة‪ ،‬واألمن االجتماعي التام‪ ،‬والقيم العليا‪ ،‬وسالمة الوطن‪،‬‬ ‫وفعالية الدستور‪ ،‬ومصلحة المجتمع‪ ،‬وبموجب الدستور يصدر الذي يوضح كافة اإلجراءات‬ ‫المهنية المتخصصة في سبيل تحقيق كل ذلك‪ .‬ويحدد الدستور تبعية المدعي العام للسلطة‬ ‫التشريعية‪ ،‬ويحدد القانون المكمل كيفية تطبيق هذه العالقة اإلدارية بحيث يكون خاضعا للرقابة‬ ‫التشريعية في كافة مهامه وتقييم أدائه‪ .‬ويحدد القانون المكمل أحقية ودور كل مواطن في أهمية‬ ‫رفع الدعوة القضائية للمدعي العام ضد كل من يخالف الدستور أو قوانينه المكملة‪ ،‬أو ضد كل‬ ‫من أخل بالعدالة أو أربك النظام العام أو أنتهك حرمات اإلسالم أو أساء للسلم واألمن االجتماعي‬ ‫والوطني‪ ،‬وضد كل من ينادي أو يعمل لقمع الحريات أو التعسف في حقوق الناس أو المساس‬ ‫بخصوصياتهم‪ ،‬وضد كل من ألحق الضرر بمصالح المجتمع وسالمة الوطن‪"..‬والبد من مثل هذه‬ ‫التفاصيل في القانون المكمل بحيث يدرك المواطن حقيقة دوره الوطني واالجتماعي ويصبح لديه الوعي الالزم‬ ‫ويشعر بالمسئولية‪ ،‬وهذا األمر هو جانب من مقومات المواطنة"‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :7‬مكون اجليش والقوات املسلحة واألمن القومي‬ ‫يعتبر هذا المكون مصيري‪ ،‬ونالحظ ال يخلوا دستور بدون اإلحاطة بهذا الجانب في بناء الدولة‬ ‫وحماية سيادتها‪.‬‬ ‫ومهمتها الدستورية حماية حدود البلدان وحماية الشعوب من العدوان الخارجي‪ ،‬وليس لها دور‬ ‫داخلي حسب الدساتير والتشريعات السليمة‪ ،‬وليس لها دور سياسي او تدخل في الشئون‬ ‫االقتصادية او االجتماعية او الثقافية‪ ،‬فهي لها مهام ربانية مقدسة‪ ،‬ومن اهم وارقى وافضل‬ ‫المهام‪ ،‬يراعى فيها ما يرتضيه خالق الكون والبشرية‪ ،‬فهي مؤسسة لتحقيق الدفاع عن االمن‬ ‫واالستقرار لحدود اوطان‪.‬‬ ‫وهي ملك الشعوب وليس ملك الحكام‪ ،‬وينفق عليها الشعوب من مالهم وجهدهم وثرواتهم‪ ،‬وليس‬ ‫للحكام ماال يسع الجيوش‪ ،‬مالم يحدق الفساد واالستبداد واالستعمار‪.‬‬ ‫وتحمي الدساتير الجيوش من ان تتحول إلي أداة لقمع الشعوب وان تقتل ابنائها وتترك اعدائها‬ ‫أعداء االوطان‪ ،‬فهذا احد اسباب طلب الشعوب للدساتير‪ ،‬وهي ان تكون الجيوش تحمي‬ ‫الشعوب‪ ،‬وال عالقة لها بحماية االنظمة‪ ،‬كما ان الدساتير تحميها الشعوب وليس الجيوش‪ ،‬وإذا‬ ‫ما حدث خطأ وهو ان تولي الجيوش هذه المهمة عن الشعوب نيابة عن الشعوب فقدت الدساتير‬ ‫معانيها وحقيقتها‪ ،‬واصبحت ال تعني دستورا مطلقا‪ ،‬ألن الدستور يعني كل القوى الحقيقية بيد‬ ‫الشعب وحده‪ ،‬ويتصرف بوعي تام‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان وبعد دراسة بعض من الدساتير ومشاهدة األوضاع العربية لعدة عقود‪ ،‬أن‬ ‫نذكر بأهمية أن يكون لدساتير الدولة العربية مكون خاص يوضح كافة العناصر بالقوات المسلحة‬ ‫واألمن القومي‪.‬‬ ‫ومن أجل التوضيح لكافة الناس‪ ،‬نالحظ وجود حقيقتين بشأن رئاسة الجيش والقوات المسلحة‬ ‫واألمن القومي‪ ،‬وهو ما يطلق عليه "القائد األعلى" لهذه األجهزة‪ ،‬وتفرعاتها وتشكيالتها‪.‬‬ ‫ الحقيقة األولى‪ :‬أن بعض الدول الكبرى الزالت تضع في دساتيرها أن رئيس الدولة هو القائد‬‫األعلى‪ ،‬وهذا يوفر لها مرونة في التوسعات‪ ،‬ألن هناك عقيدة راسخة بسبب حروبها لقرون‬ ‫بأن مهمة هذه القوات باتت واضحة و واسعة بالخارج‪ .‬ومع وجود عالقة محكمة بين السلطة‬ ‫التشريعية والتنفيذية بشأن موازنات وبرامج ومؤسسات وتطويرات هذه القوات‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ الحقيقة الثانية‪ ،‬أن كثير من جيوش العالم الثالث هي غير مصنعة لعتادها‪ ،‬وبذلك فاقدة‬‫لقدرات حربية ضرورية عديدة‪ ،‬مما يجعلها عاجزة حتى عن أبسط المهام الدفاعية‬ ‫االعتيادية‪ ،‬أمام جيوش هذه الدول العاتية‪ ،‬وبذلك تتدخل جيوش العالم الثالث في تبعية حتمية‬ ‫تمس بسيادة الدولة‪ .‬ومن هنا مسألة أن رئيس الدولة هو في ذات الوقت "القائد األعلى لهذه‬ ‫األجهزة" شأن في غاية الخطورة‪ .‬بل ما ينبغي أن تكون سلطات وصالحيات السلطة‬ ‫التشريعية واضحة ودقيقة وشاملة‪ ،‬وخاصة بمسألة الموازنة العسكرية‪ ،‬والتدريبات‬ ‫الخارجية‪ ،‬والترقيات‪ ،‬والتكليفات‪ .‬مع ضرورة وجود نص دستور ال يجوز أن يتولى أو‬ ‫يترشح لمهام رئاسة الدولة كل من عمل بالجيش أو القوات المسلحة واألمن القومي‪ ،‬كما هو‬ ‫الحال مع القضاء والشرطة‪.‬‬ ‫وبذلك على الشعب ومن يضعون الدستور أن يكونوا على وعي بكل عناصر هذا المكون‪ ،‬الذي‬ ‫مهمته األساسية حماية الوطن من أي عدوان خارجي‪.‬‬ ‫فالجيش والقوات المسلحة واألمن القومي هي من أجل حماية الوطن‪.‬‬ ‫والقضاء والنيابة العامة والشرطة هي من أجل حماية النظام العام والدستور‪.‬‬ ‫فعملية حماية الشعب وحماية البلد هي مسألة مركبة يضبطها الدستور بدقة وأمانة مصيرية‪.‬‬ ‫ويجب أن تكون كل صالحيات وتطورات وعالقات هذه القوات تحت مجهر الدستور وإرادة‬ ‫الشعب و وفق أسلم النظريات والتطبيقات‪.‬‬ ‫ويمثل هذا المكون مصير األوطان وحقيقة البلدان ومدى قدرة الشعوب في تقرير مصائرهم‪.‬‬ ‫فمسألة الشرعية الشعبية هي أساس الشرعية الدستورية‪ .‬وجاءت الدساتير لتفصل بين مكون‬ ‫القوات المسلحة ومكون السلطة التنفيذية فيما يتعلق بكافة مقوماتهما وعناصرهما‪ .‬فمثال‪ ،‬الفصل‬ ‫بين العقيدة السياسية وعقيدة الجيش‪ .‬حيث عقيدة الجيش ثابتة هي الدفاع عن سالمة حدود الوطن‬ ‫من أي عدوان خارجي‪ ،‬وهم ينالون مرتباتهم وكافة المزايا باعتبارهم أبطال مرابطين في كافة‬ ‫ثغور القتال على حدود الوطن لحماية ليال ونهارا‪ ،‬بعيون وطنية ساهرة وقلوب مؤمنة تطمع في‬ ‫معالي جنة الخلد عند مليك مقتدر‪ .‬وليس لهم أية مطامع وال مهام في تولي المناصب اإلدارية‬ ‫والمالية والسياسية‪ ،‬حيث ال يرشحون أنفسهم وال ينتخبون أحدا طالما هم في السلك العسكري‪.‬‬ ‫في حين العقيدة السياسية هي تطمع في تولي مهام تحرس من خاللها رسم السياسات والبرامج‬ ‫العامة الحياتية اليومية‪ ،‬ونشر القيم المثلى‪ ،‬وتحقيق مطالب الناس وكسب تأييدهم للبقاء في‬ ‫السلطة‪ .‬فالجيش هو عقيدة القوة الوطنية القتالية لحفظ حدود الوطن وروح المواطن‪ .‬والسياسة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫هو عقيدة السلطة‪ ،‬والبد لها من أن تخضع لقوة القانون‪ .‬وال يمكن بحال أن تختلط القوة القتالية‬ ‫وقوة القانون بيد فرد واحد أو مجموعة أفراد معينة أو مؤسسة حاكمة نافذة‪ .‬ومن خالل مناقشة‬ ‫المعايير الدستورية التالية نرسخ لمبدأ "التبعية الشرعية" لكافة أجهزة القوات المسلحة‪ ،‬ومن أجل‬ ‫أن تكون مقيدة بالدستور وخاضعة إلرادة الشعب ‪ ،‬في حاالت السلم والحرب‪ .‬والعقيدة الصحيحة‬ ‫للقوات المسلحة هو ما يعينها في مصداقية وفعالية رسالتها ومهامها‪ .‬ويصدر بموجب الدستور‬ ‫القوانين العسكرية المكملة‪ ،‬والتي من واجبها حماية الدستور وحماية الوطن وحماية الشعب‪.‬‬ ‫فمصير األمم يصعد ويهبط بصعود أو هبوط عقيدة الجيوش‪ .‬فالعقيدة هي مصدر قوة الجيوش‪،‬‬ ‫والدستور هو مصدر شرعيتها‪ ،‬وإرادة الشعب هو مصدر سلطاتها‪.‬‬ ‫وهناك معيار األمن القومي‪ ،‬ويجب أن ال تخلط قوانينه وأسسه وتبعيته ومؤسساته بمعيار القوات‬ ‫المسلحة‪.‬‬ ‫فالعالقة بين القوة والقانون هي أساس الشرعية‪ ،‬وهي جوهر العالقات بين الدول وبناء الدول‬ ‫ومستقبل شعوبها‪ .‬فالبد أن تكون القوة في خدمة القانون‪ ،‬وليس العكس مما يؤدي للهالك الحتمي‪.‬‬ ‫وفيما يلي تفسير أهم العناصر المتعلقة بمكون الجيش الوطني ومكون األمن القومي‪:‬‬

‫شرعية تبعية أجهزة القوات المسلحة‬ ‫تهتم الدساتير بعملية تحقيق الشرعية الشعبية والدينية والسياسية لجيوشها‪ ،‬وهي مسألة "التبعية‬ ‫القيادية" ومسألة "آلية اتخاذ القرارات"‪ ،‬وبذلك تسعى الدول عن طريق الدستور في صنع هذه‬ ‫الشرعية المصيرية‪ .‬فمثال‪ ،‬تقوم بذلك عبر نص دستوري‪ ،‬على النحو التالي (الدولة وحدها هي‬ ‫من ينشي القوات المسلحة‪ ،‬وهي ملك للشعب ومهمتها حماية حدود البالد والدفاع عن سالمة‬ ‫الوطن وروح المواطن وحماية الدين واألعراض العرض من أي اعتداء مسلح أو عدوان‪ ،‬و‬ ‫تكون تبعية كافة أفراد ومؤسسات القوات المسلحة للسلطة التشريعية المنتخبة‪ ،‬وقراراتها ملزمة‬ ‫لهم جميعا‪ .‬وال يحق للقوات المسلحة إصدار قرارات وتعليمات سياسية أو تشريعية أو أية‬ ‫سياسات وبرامج وخطط تنفيذية‪ .‬والسلطة التشريعية هي الممثل الوحيد إلرادة الشعب‪ ،‬يرجع لها‬ ‫قرار السلم وقرارا الحرب‪ .‬وال يجوز لرئيس الدولة أو أي قيادة سياسية أن تتولى القيادة العليا‬ ‫للقوات المسلحة‪ ،‬وإنما بموجب الدستور ينشى مجلس رئاسة األركان‪ ،‬ويصدر قانون يحدد كافة‬ ‫النواحي الفنية واإلدارية‪ ،‬وقانون القضاء العسكري الالزم‪ ،‬وفنيا تتبع رئاسة األركان وزير‬ ‫الدفاع‪ ،‬الذي من سلطاته التصديق على كافة مشروعات القرارات والخطط العسكرية الفنية‪،‬‬ ‫وعمليات التطوير والتصنيع‪ ،‬والموازنات المالية‪ ،‬حيث يختص بمجلس الوزراء باعتمادها‬ ‫النهائي‪ ،‬وال تكون نافذة إال بعد التصديق عليها من السلطة التشريعية‪ ،‬ومجلس الشورى‪ ،‬وموافقة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المحكمة الدستورية‪ .‬وينشي البرلمان لجنة شئون الدفاع متخصصة في شئون متابعة وتقييم أداء‬ ‫القوات المسلحة و أعمال وزارة الدفاع‪ ،‬ومن اختصاصاتها مناقشة كافة ما يرفع من رئاسة‬ ‫األركان و وزارة الدفاع‪ ،‬وعرض تقريرها على البرلمان‪ ،‬التخاذ ما يلزم في تحقيق مصلحة‬ ‫الشعب وسالمة الوطن‪ .‬وال يجوز للقوات المسلحة أدنى خرق لهذه الشرعية المقيدة دستوريا أو‬ ‫الخروج عن آلية اتخاذ القرارات بالطريقة المحددة والمشروعة‪ .‬ويبين القانون العسكري المكمل‬ ‫التنظيم الداخلي وآلية اتخاذ القرارات والقيادة العليا وشروط الخدمة والترقية والتعبئة حسب‬ ‫الدستور‪.‬‬

‫شرعية آلية اتخاذ القرارات وإنشاء القوات‬ ‫قرارات الحرب والتسلح وإنشاء األجهزة األمنية من صالحيات السلطة التشريعية‪ ،‬بناء على ما‬ ‫تعرضه رئاسة األركان وتصدق عليه وزارة الدفاع‪ .‬وال يجوز لرئاسة األركان أو وزارة الدفاع‬ ‫أن تتخذ قرارات الحرب أو السلم أو التسلح أو إنشاء أي أجهزة أو كتائب مسلحة أو أمنية أو طلب‬ ‫التسلح بدون تتبع آلية الشرعية الدستورية في جميع القرارات العسكرية الشرعية المحددة بهذا‬ ‫الدستور‪ ..‬وإذا لم تحدد الدساتير هذه المسألة بدقة وتتبع معيار شرعي محكم فسوف تتعرض‬ ‫لالستبداد ألن السلطة تنتج قوة سياسية وتجد أنيابها في القوة المسلحة‪.‬‬

‫التجنيد فرض كفاية و واجب الكفاءة‬ ‫تفرض اإليديولوجيات نظام التجنيد العام‪ ،‬حيث لها مطامح استعمارية واسعة‪ ،‬وبطبيعتها معادية‬ ‫ومتباينة مع غيرها‪ ،‬ال تقل التوافق أو التحاور‪ ،‬وصرعها وجودي صفري‪ ،‬وصدامها الثقافي‬ ‫حتمي‪ .‬وهذا لمبدأ يقود الشعوب لالنحطاط االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬ويجعل جل الموازنات‬ ‫العامة تذهب بحكم القوة في غير مصالح الشعب التنموية الحقيقة والقوة الشرعية‪ .‬ولكن اإلسالم‬ ‫حدد مبدأ إنساني حضاري رباني‪ ،‬حيث نظر للجيوش أنها قوات إنسانية‪ ،‬مهمتهما المحافظة على‬ ‫األرواح والقيم والسلم وناموس الحياة الطبيعي‪ .‬وأرتكز على مبدأين أولهما التأهيل البدني‬ ‫والنفسي‪ ،‬والثاني التأهيل الروحي في جميع حاالت السلم‪ .‬وفي حاالت الحرب تقدر عملية التعبئة‬ ‫نسبيا‪ ،‬حتى تطال الرجل والمرأة في حماية كل الناس والدين والوطن‪ .‬فاألساس في الجيوش هو‬ ‫الدفاع وليس العدوان‪ ،‬وهذا يطلب القلة القادرة والكفاءة في صنع القوة‪ ،‬وليس الكثرة التي ترهق‬ ‫الدولة‪ .‬وقد نص نجد الدستور‪ ،‬على النحو األتي(االلتحاق بالقوات المسلحة يكون بناء على‬ ‫الرغبة الوطنية والمقدرة البدنية والنفسية والمستويات األخالقية والتربوية والتعليمية الذاتية‪،‬‬ ‫فمؤسسة الجيش رسالتها الدفاع عن الوطن‪ ،‬وعقيدتها اإلسالم‪ ،‬وأفرادها ينشدون النصر أو‬ ‫االستشهاد في سبيل الوطن والدين والنفس والعرض والدستور‪ ،‬وقوة األخالق هي سبيلهم في كل‬ ‫قتال‪ ،‬وروح اإليمان هي حياتهم في كل األحوال‪ ،‬واإلخالص هي منهجية استقامة وإتقان‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مهامهم‪ .).‬ومن أهمية بمكان الرجوع لقيم اإلسالم في معيار التجنيد الناجح‪ ،‬فمثال‪ ،‬قد تبين أنه في‬ ‫جيوش اإلسالم األولى كان يرفض انضمام الشخص العاصي‪ ،‬ألن العاصي يجلب الخسارة‬ ‫ويضعف نفوس بقية الجنود وهو يجلب بنسفه الفر وليس فيه جدوى في دفع ونجاح الكر‪ .‬كما أن‬ ‫العاصي ضعيف الخلق‪ ،‬يحدث خلل في قيم المؤسسة على المدى القصير والمتوسط والطويل‪،‬‬ ‫وعند فوز الجيوش هو من يرتكب كل جرم منهي عنه‪ .‬والدستور الناجح هو الدستور الذي ال‬ ‫يجيز بحال التجنيد اإلجباري‪ ،‬فالتجنيد اإلجباري أداة صنع االستبداد وتحول الشعب جميعه إلي‬ ‫الطاعة العمياء‪ ،‬ويختلط الجيش والشعب‪ ،‬ويلتف على بعضه‪ ،‬ويصبح كل فرد ينشد أكبر قدرة‬ ‫من السموم ليدفع الضيق عن نفسه ويضيق بأسه لغيره‪ .‬وبذلك تتحول رسالته الجيوش من الدفاع‬ ‫عن الوطن بكفاءة إلي مالحقة الناس بعضهم‪ ،‬وتبديد قدراتهم التنموية االجتماعية والثقافية‬ ‫والسياسية‪ ،‬وتبدأ عملية فشل الدولة والتنمية من خالل مبدأ "التجنيد اإلجباري"‪ ،‬وهو أول أداة‬ ‫مضادة لتكوين المجتمع المدني وتعيق تشكيل األحزاب السياسية التعددية وتعيق التطور الفكري‪،‬‬ ‫فيتحول الشعب من مجتمع مدني حر متحضر إلي مجتمع‪-‬عسكري مصلحي يقوى باستمرارية‬ ‫االستبداد ويكون الشعب منهك قابل للهزيمة بشكل استعماري مدروس‪ ،‬حيث االستبداد هو طريق‬ ‫لقبول االستعمار‪ .‬والتجنيد اإلجباري يسيء للتنمية والسلم والديمقراطية‪ ،‬ويسيء لإلنسانية‬ ‫والحضارة ‪ ،‬وهو وسيلة واسعة النتشار الخوف والتخلف والفساد‪ ،‬وهذا ما ظهر من التجربة‬ ‫العربية لعقود مظلمة وغاشمة عاشتها الشعوب العربية‪ ،‬حيث تحولت الجيوش لقتل الشعوب‪،‬‬ ‫واغتصاب النساء واألطفال‪ ..‬والنهب والسلب‪ ،‬حتى جاء الربيع العربي في ‪2100‬م‪ ،‬لتبدأ مسيرة‬ ‫الجيوش الوطنية الشرعية الدستورية‪ ،‬وتنتهي الكتائب المأجورة لألنظمة السياسية‪.‬‬

‫مجلس األمن القومي‬ ‫يحدد الدستور أسس هذا الجهاز القومي‪ ،‬وهو جهاز مختص ويقوده مجلس أعلى يتبع رئاسة‬ ‫الدولة‪ .‬ويختص بالنظر في كافة مسائل تأمين البالد وسالمتها ويبين القانون كافة اختصاصاته‪،‬‬ ‫وفي حقيقة األمر هذا الجهاز هو ما يتبعه أجهزة األمن الخارجي واألمن الداخلي‪ ،‬وهي أجهزة‬ ‫غير مسلحة‪ ،‬والبد أن يكون مستقل عن القوات المسلحة‪ ،‬وأن يكون له قانون خاص متقن‬ ‫لمصلحة المجتمع وسالمة الوطن‪ .‬وأن يكون يعتمد على الكفاءات العلمية واألبحاث والدراسات‬ ‫والتطويرات التي تحافظ على سيادة الدستور وسالمة الوطن وأمان المجتمع من أي مخاطر قد‬ ‫تضر بحريته وكرامته وحقوقه اإلنسانية الروحية والمادية وآلية قراراته دستورية تعتمدها‬ ‫السلطة التشريعية‪ ،‬وتصادق عليها المحكمة الدستورية‪ ،‬وتقوم لجنة شئون الدفاع بالرقابة الفنية‬ ‫الالزمة ‪ .‬هنا تختلف الدساتير‪ ،‬فمنها ما يعده من ضمن القوات المسلحة‪ ،‬ومما يقود لظهور الدولة‬ ‫األمنية درع االستبداد‪ ،‬ومنها ما ينظر إليه قوات مدنية‪ ،‬كجهاز الشرطة‪ ،‬ويحدد الدستور تبعيته‬ ‫وآلية قراراته‪ .‬والمهم الدستور الكامل يتضمن ألسس هذه العنصر للحماية القومية التي ولدت‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ظاهرة حديثة معاصرة‪ ..‬ومن خالل النظر في مشروع تعديل الدستور التركي ‪ 2102‬بشأن‬ ‫سحب رئاسة المجلس القومي من صالحيات رئيس الدولة‪ ،‬وفي ذلك إشارة إلي أمرين أساسين‪،‬‬ ‫أوال‪ ،‬تبعية هذا الجهاز لرئاسة الدولة‪ ،‬ثانيا‪ ،‬عدم تولي رئيس الدولة لهذا الجهاز بما يمنح له‬ ‫الصالحية والفعالية واالستقاللية اإلدارية والفنية المستقلة والالزمة‪ ،‬ثالثا‪ ،‬تصديق رئيس الدولة‬ ‫على الرئيس المنتخب للمجلس القومي يمنح سلطة إدارية فاعلة وكافية‪.‬‬

‫قانون القضاء العسكري‬ ‫ينشأ موجب هذا الدستور قانون خاص بالقضاء العسكري‪ ،‬ويبين اختصاصاته في حدود‬ ‫المرتكزات الواردة في الدستور‪.‬‬

‫مطلب ‪ :8‬مكون الشرطة‬ ‫أهم ما في هذا المكون هو تحديد طبيعة هذا الجهاز المدنية‪ ،‬وتبعيته الوزارية الحكومية وليس‬ ‫لرئيس الدولة كما في بعض الدساتير‪ ،‬وبحيث يخضع الجميع لسلطة إحضاره للقضاء‪ ،‬وال يوجد‬ ‫تدخل في السلطات وبما يعيق فعالية السلطة التشريعية والدستورية‪ ،‬وكذلك اإلشارة إلي "قانون‪-‬‬ ‫الشرطة" وهو قانون مكمل للدستور على أساس ما أراد الشعب فيه من حقوق وضمانات وحماية‬ ‫لسلمهم وأمنهم االجتماعي‪ .‬ويجب أن تكون أسس الرسالة واالختصاصات واضحة‪ ،‬وجهاز‬ ‫الشرطة هو أحد المرتكزات الثالثة في تحقيق نظام األمن في الدولة‪ ،‬وهي الشرطة القضاء‬ ‫والنيابة‪ ،‬وغيرهما إنما هي أجهزة تخيف المجتمعات وقد تنحرف في مهامها وعقيدتها الوطنية‪،‬‬ ‫وخاصة في ظل النظم اإليديولوجية أو عدم وجود منظومة تربوية قوية لتنشئة األجيال أخالقيا‪،‬‬ ‫فاألخالق الحسنة أساس الوطنية الحقيقية‪ ،‬فال يمكن تحقيق التنمية الوطنية بدون تربية أخالقية‬ ‫يتماسك النسيج االجتماعي من خاللها‪ ،‬وإن كانت تنمية الموارد البشرية هي من أهم اهتمامات‬ ‫اإلدارة العامة‪ ،‬فالسبيل إلي تحقيقها يكمن في المرتكزات األخالقية المحددة ضمن العناصر‬ ‫الدستورية‪ ،‬ويكون األفراد على وعي تام مستمر بالمقاصد العامة لهذه العناصر ودورها في‬ ‫سالمة سير األمور العامة والعدالة والتنمية‪ ،‬فحماية المجتمعات هي شأن مدني دستوري‪ ،‬وفيما‬ ‫يلي لمحة عن مضمون هذا المكون الهام‪:‬‬

‫الشرطة جهاز مدني‬ ‫يحدد الدستور بأن ماهية الشرطة أنها هيئة مدنية نظامية وتتبع الحكومة لحماية المواطنين‪..‬‬ ‫ويحدد القانون الذي ينظم تبعيتها الوزارية وصالحياتها ورسالتها وكافة الضمانات ألداء دورها‬ ‫العدلية واألخالقية واإلنسانية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫اختصاصات ورسالة الشرطة‬ ‫يحدد الدستور رسالة ومهام هذا الجهاز الذي من واجبه خدمة كل مواطن‪ ،‬وتوفير الطمأنينة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬والسهر على حفظ األمن والسلم االجتماعي‪ ،‬واآلداب األصيلة واإلسالمية‬ ‫والحضارية‪ ..‬و ال يجوز ألي سلطات أن تنشي جهاز أخر معلن أو سري يتكفل باألمن العام أو‬ ‫أن يكون ذات طابع عسكري أو أن يأخذ صالحيات الشرطة ويقلل من حقيقة وطبيعة دورها‪ .‬أو‬ ‫أن يحول هذا الجهاز لمهام أو طبيعة عسكرية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :9‬مكون جملس الشورى‬ ‫يمثل سلطة استشارية وقوة أخالقية‪ ،‬ويحدد جسر العالقة بين اإلسالم والسلطات‪ ،‬عن طريق‬ ‫غرس القيم والعلم والسلم واألمن والمحافظة على المكاسب في كل ما يتخذ من السلطات‪ ،‬فرأيه‬ ‫العلم واألخالق وهي تؤثر بشكل كبير في الشعب‪ ،‬فعندما تكون استشارة المجلس معلنة ومختلفة‬ ‫مع قرارات وسياسات وخطط وبرامح معينة متخذة من السلطة التنفيذية والتشريعية‪ ،‬الشك أن‬ ‫ذلك سوف يؤثر في الشعب‪ ،‬وقد يطالب برأي مجلس الشورى‪ ،‬كما أن الشعب سوف يطمئن كلما‬ ‫يعتمد مجلس الشورى فيما يعرض عليه من قوانين وقرارات وسياسات وخطط‪ ..‬والبد أن نميز‬ ‫بين البرلمان وهو سلطة تشريعية ويمثل قوة شعبية‪ ،‬وبين مجلس الشورى الذي هو قوة أخالقية‬ ‫وسلطة علمية‪.‬‬ ‫ونحن رأينا كيف يجعل الدستور الفرنسي مكون خاص للمجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وهو‬ ‫في حقيقة األمر سلطة استشارية تحقق النظام االشتراكي في ظل بيئة تحيطها وتحكمها تطورات‬ ‫سريعة وتسابق محموم‪ ،‬ومسائل عديدة معقدة‪ ،‬بين دولة أعلنت نظامها االشتراكي والتعايش‬ ‫الرأسمالي‪.‬‬ ‫وهكذا الدستور المصري أنتج مكون خاص يسمى "مجلس الشورى" من حماية االشتراكية على‬ ‫غرار المكون الفرنسي‪.‬‬ ‫وما أحوج الدول لعربية أن تجعل مكون خاص من أجل حماية الشرعية اإلسالمية‪ ،‬ومن أجل‬ ‫استغاللها األمثل في سياساتها العامة و إداراتها الحكومية وفي حماية الشعب من االنحراف‬ ‫الداخلي وحماية الوطن من العدوان الخارجي‪.‬‬ ‫و فيما يلي العناصر السياسية الالزمة في فهم هذا المكون الدستوري األخالقي والعلمي والحيوي‬ ‫للغاية‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫شروط الترشح وعضوية مجلس الشورى‬ ‫عادة ما يكون عدد أعضاء مجلس الشورى ثلث البرلمان‪ ،‬ويتم اختيارهم على مستوى الدولة من‬ ‫علمائها ومثقفيها من كتاب وأدباء وباحثين وفقهاء الدين اإلسالمي مما لهم نتاج وأراء وتحليالت‬ ‫معروفة ومؤثرة في الناس وتعد مساهمات أخالقية وعلمية وأدبية‪ ،‬فهم أصحاب العلم والدين‪.‬‬ ‫ويرأس مجلس الشورى أكثرهم أصوات في االنتخابات و له وكليين مما يليه في عدد األصوات‪.‬‬ ‫و مدة عضوية مجلس الشورى ال تزيد عن ستة سنوات‪ ،‬أو ما يقرره قانون االنتخابات‪.‬‬

‫طريقة تشكيل مجلس الشورى‬ ‫يتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى عن طريق االقتراع الغير مباشر على مستوى البلد ويصوت‬ ‫في دوائر على مستوى المحافظات‪ ،‬أو في دوائر يقررها القانون‪ ،‬وتعرض قوائم المرشحين‬ ‫المعتمدين من اللجنة العليا لالنتخابات للتصديق النهائي عليها من البرلمان والمحكمة الدستورية‬ ‫على الشعب للتصويت عليهم‪ ،‬وذلك لتحقيق مبدأ البيعة الخاصة ومبدأ البيعة العامة‪ ،‬ويفوز الذين‬ ‫تحصلوا على أعلى األصوات بالترتيب الستكمال عدد مجلس الشورى المقرر بالقانون‪ ،‬والباقي‬ ‫يصبحوا احتياط بترتيب األصوات‪ ،‬ويحل أعالهم في األصوات محل من يتغيب لوفاة أو استقالة‬ ‫أو مرض وغيرها من األعذار التي تمنعه من االستمرار‪ ،‬ويعود كل عضو إلي سابق عملهم‬ ‫بكامل وضعه إلي عمله السابق حال إنهاء مدة العضوية المقررة بقانون االنتخابات‪ ..‬وال يجوز‬ ‫حل مجلس الشورى إال بدعوة الناخبين إلجراء االستفتاء وقبول انتخابات جديدة مبررة تلزم‬ ‫تغيير كامل المجلس لعدم توافقه في أداء اختصاصاته بكفاءة وتجانسه الوطني والفكري وإخفاقه‬ ‫في أداءه حسب تقييم الشعب‪ .‬وال يجوز الجمع بين العضوية في مجلس الشورى والعضوية‬ ‫بالبرلمان أو الحكومة‪.‬‬

‫اختصاصات مجلس الشورى‬ ‫يختص مجلس الشورى في كل كل ما يراه كفيال بالحفاظ على القيم العليا وأصول وأحكام الدين‬ ‫اإلسالمي وسماحته وعدالته ونعمته ورحمته على العالمين "وما أرسلناك إال رحمة للعالمين‪،‬‬ ‫صدق هللا العظيم"‪ ،‬ويقول هللا عز وجل "يرفع هللا الذين أمنوا منكم وأتوا العلم درجات"‪ ،‬وتشمل‬ ‫االختصاصات المهام التالية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬

‫دعم الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي وحماية القوى السياسية ومقومات وعناصر‬ ‫ومقاصد الدستور‪.‬‬ ‫إباء الرأي في كافة مشروعات القوانين والقرارات والسياسات والخطط العامة‪ ،‬وكافة‬ ‫االتفاقيات والتحالفات ومعاهدات الصلح والسلم والتعاون الدولي‪ ..‬ويبلغ رأيه لجميع‬ ‫السلطات وينشر في الجريدة الرسمية على الشعب‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪.3‬‬

‫رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وجميع أعضاء السلطة التشريعية والنيابية غير مسئولين‬ ‫أمام مجلس الشورى‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫يحق لمجلس الشورى حضور كافة جلسات المداولة في البرلمان‪ ،‬وبطلب من رئيس‬ ‫البرلمان‪ ،‬ليكون حاضرا ويؤخذ برأيه قبل صدور التشريعات والمقترحات بشأن صالح أمور‬ ‫لناس وسير أعمال الدولة بالشكل األمثل‪ ..‬ويحق لمجلس الشورى طلب البرلمان والحكومة‬ ‫إلقاء بيان عن السياسة العامة للدولة أو أية بيانات أخرى في اجتماع مشترك يرأسه رئيس‬ ‫السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪.5‬‬

‫تقديم الدراسات والمقترحات للبرلمان في بنود كل ما يصدر عن الدولة‪ ،‬أو ما يقترحه من‬ ‫جديد التخاذ السلطات قراراها النهائي فيما تراه ضروريا وعمليا ومطلوبا شعبيا وعلمي‬ ‫وأخالقيا للدولة‪.‬‬

‫مطلب ‪ :11‬مكون سلطة الصحافة‬ ‫يمثل هذا المكون حرمة العقل وأهمية الفكر وقداسة وإنسانية الضمير‪.‬‬ ‫وتحدد الدساتير الديمقراطية الحرية اإلعالمية والصحافية بقانون يجسد هذه االستقاللية‬ ‫والمسئولية بأمانة وطنية ودينية وتاريخية‪.‬‬ ‫وجود مثل هذا المكون في الدستور هو ما يحقق ويدعم ويطور تأسيس اإلعالم والصحافة‬ ‫كمؤسسات ومهام ورسالة وسياسة عامة نافعة‪.‬‬ ‫وفي حال عدم وجود مكون سلطة الصحافة فهذا يعني أن مثل العناصر المذكورة أدناه تكون‬ ‫تحت السلطة التنفيذية‪ ،‬وينتج عن ذلك دستور ناقص وغير واضح‪ ،‬ويجب على الشعوب أن‬ ‫تكون واعية وأصحاب مهنة اإلعالم مسئولين و وطنين في انتزاع هذا الحق وحمايته عبر‬ ‫األجيال‪ ،‬وااللتزام الوطني والحضاري والمهني والعلمي واإلنساني واألخالقي في مهامهم‪ ،‬فأن‬ ‫قوة األعالم والكلمة تغيير ما ال تستطيع السلطات األخرى فعله‪ ..‬وهذه أمانة تاريخية عظيمة‪.‬‬ ‫وفيما يلي التفسير السياسي ألهم عناصر سلطة الصحافة‪:‬‬

‫االستقاللية المهنية‬ ‫المثل األعلى لإلنسانية هو "ال سلطان على العقل لغير األخالق والضمير والعقيدة"‪ ،‬وال قيود‬ ‫سياسية زمنية على الكلمة الدائمة النافعة‪ ،‬فصناعة الكالم عندما تكون حرة ومؤسسة دستورية‬ ‫تكون أسمى وأشرف وأقوى المهن‪ ،‬وعندما تكون مأجورة أو خاضعة لسلطة تكون أسفل مهنة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولذلك مهمة كحدي السيف تحتاج كغيرها من السلطات والمؤسسات الحساسة لضوابط ومصادر‬ ‫تشريعية تستند عليها قوانينها وتنظم عملياتها وقيادتها‪ .‬وما يميز كل ذلك أن الصحافة هي مهنة‬ ‫شعبية وال يحق أن تحتكرها الحكومة‪ ،‬بل كلما ابتعدت الحكومة عن هذه األعباء كلما رأت‬ ‫المجتمع على حقيقته‪ ،‬وتكون أكثر فعالية وتأثير‪ ،‬ألنها ما سيظهر هو العيوب ومختلف‬ ‫االتجاهات والسلبيات واإليجابياتـ وليس هناك شي مصطنع أو مزيف‪ ،‬بل تكون تتفاعل مع بيئة‬ ‫حية ‪ ،‬إذا اقتنعت الشعوب بالقيادات والبرامج‪ ،‬تكون السلطة في أوج قوتها وشرعيتها‪ ،‬وتقدس‬ ‫الشعوب من ال يضللها ويزيف الحقائق ويخفي الفساد‪ ،‬وخالصة القول بأن "الصحافة" هي سلطة‬ ‫رابعة‪ ،‬وهي سلطة شعبية مستقلة‪ ،‬وال سلطان عليهم في عملهم لغير القانون‪ ،‬شأنها شأن‬ ‫السلطات األخرى‪ ،‬فالصحافة تمثل مرآة اجتماعية للممارسة مختلف السلطات المتفاعلة‪ ،‬وتكون‬ ‫صورة الدولة وسير أعمالها واضحا وغير منكسرا‪ ،‬عندما تكون الصحافة وهي مرآة في وضع‬ ‫مستقيم ومستقل عن أي انعكاسات تشوه ما يظهر عليها من معالجات ومخرجات‪ ،‬فعندما تكون‬ ‫مستقلة ومستقيمة وفي المواجهة تماما‪ ،‬فتظهر صورة حجم أداء السلطات واضحة‪ ،‬وبذلك يزيد‬ ‫ذلك من إيجابيات السلطات وتخشى سلبياتها‪ ،‬وكثيرا ما تسهم الصحافة الحرة في إسقاط‬ ‫الحكومات وتقف مع الشعوب عندما تنتفض ألي سبب يستنقص أو يلتف حول الدستور وقوانينه‬ ‫المكملة‪.‬‬

‫رسالة الصحافة‬ ‫تمارس الصحافة رسالتها بحرية وأمانة وطنية في خدمة سالمة واستقالل الوطن ومصلحة وأمان‬ ‫المجتمع‪ ..‬وتعمل على حماية الدستور الذي أمدها بحياة كاملة‪ ،‬وأي دستور ال يوجد فيه مكون‬ ‫الصحافة المستقلة الحرة فهو دستور ناقص‪.‬‬

‫تحديد الدستور لمفهوم حرية الصحافة‬ ‫في حقيقة األمر عندما ال يقر الدستور وبكل مفهوم حرية اإلعالم والصحافة واستقالليتهما بدقة‬ ‫مهنية‪ ،‬يعد نقص يؤدي إلي أربك شديد في نشاط الدولة‪ .‬ونجد أن كثير من الدساتير أجمعت على‬ ‫أن حرية الصحافة واإلعالم تتمثل في حرية التعبير بالرأي والكلمة والتصوير بكافة وسائل‬ ‫اإلعالم من صحف وإذاعات مرئية ومسموعة‪ ،‬وحرية امتالكها الخاص لجميع مؤسساتها‬ ‫ومعداتها‪ ،‬وال يجوز وقفها أو مصادرتها إال عبر حكم قضائي قابل للطعن واالستئناف‪ ،‬إذا تبين‬ ‫ما يخل بسالمة الوطن وسالمة ومصلحة المجتمع أو حرمة الفرد والمقدسات واألعراض وكافة‬ ‫اآلداب العامة‪ ..‬وللصحافيين حق الحصول على األنباء والمعلومات وممارسة نشاطها طبقا‬ ‫لقانون‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مصادر التمويل‬ ‫والملكية الخاصة كأساس والملكية العامة كحاجة عملية‬ ‫ال يجوز لمن يمارس الصحافة من عاملين ومالكين أن يتقاضى تمويال خارجيا‪ ،‬ويعاقب على ذلك‬ ‫بقانون‪ ،‬وتختص الدولة بالرقابة المالية على مصادر التمويل وسبل توزيعها كأي وحدة إدارية‬ ‫بالدولة‪.‬‬ ‫وفي حقيقة األمر فإن اإلعالم والصحافة هو مؤسسة خاصة ذات ذمة مالية مستقلة‪ .‬ويجوز للدولة‬ ‫أي بقرار من جميع السلطات ‪:‬التنفيذية والتشريعية والدستورية والشورى أن تنشي الدولة‬ ‫مؤسستها اإلعالمية وصحافتها للدفاع عن منجزاتها وتوضيحه برامجها‪ .‬أو أن تقفل أو يعيد‬ ‫فتحها بطلب من السلطة التشريعية في أي دورة برلمانية‪.‬‬

‫كيفية اختيار القيادة العليا المستقلة لمؤسسات اإلعالم والصحافة‬ ‫يقوم على شئون الصحافة مجلس أعلى يحدد قانون الصحافة طريقة تشكليه واختصاصاته‬ ‫وعالقاته بسلطة الدولة‪ .‬وتنتخب إداراته من أوساط المهنة‪ ،‬ويخضع لحكم الشعب في تقييم أداءه‪،‬‬ ‫ويمارس المجلس اختصاصاته بما يدعم "استقاللية" و "رسالة " و "حرية" الصحافة ومهامها‬ ‫الوطنية والدستورية واإلنسانية والحضارية والعلمية ولتحقيق السلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪4‬‬

‫مقومات العملية احلزبية‬ ‫يتضمن هذا الفصل المدخل الحزبي وهو تمهيد من أجل بناء عقلية عامة متوازنة ومتوافقة‪.‬‬ ‫حيث الفهم الدقيق لهذه الوسيلة الديمقراطية لإلصالح والوصول للسلطة في غاية األهمية والحيوية‪.‬‬ ‫كما نناقش مكونات قانون األحزاب السياسية‪ ،‬وهما مكون التنظيم اإلداري ومكون العمل السياسي‬ ‫ومكون الضوابط القانونية السلوكية‪.‬‬ ‫ولكل من هذه المكونات مجموعة من العناصر تتناولها الدساتير العالمية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫املدخل احلزبي‬ ‫األحزاب السياسية ليست غاية في ذاتها وال السلطة‪ ،‬وإنما الغاية هي مناقشة وسائل حل المشاكل‬ ‫العامة وأهمها تكوين وعي عام سليم وفعال‪.‬‬ ‫ومن أجل أن تكون الديمقراطية معاصرة وأصيلة‪ ،‬ينبغي أن يكون هناك فهم عام مشترك قوي بشأن‬ ‫المطالب االتية‪.‬‬ ‫وهذا ما سوف نتناوله بشكل عام في هذا المدخل الحزبي‪.‬‬

‫مطلب ‪ :1‬دور األحزاب السياسية يف السياسة العامة‬ ‫فعندما نناقش عالقة األحزاب السياسية بالسياسات العامة‪ ،‬فأننا نناقش مدى حاجة المجتمع والدولة‬ ‫لتكوين األحزاب السياسية‪ ،‬وما هي ماهيتها و دورها الحقيقي في المجتمع وعالقتها بالسلطة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وبشكل أساسي‪ ،‬تؤسس األحزاب السياسية طبقا للدستور‪ ،‬فال شرعية وال أهمية وال دور لألحزاب‬ ‫السياسية بدون دستور فعال ودقيق في مقوماته وعناصره‪ ،‬وهي أيضا صنعة مشتركة – أي على‬ ‫يشارك فيها جميع أفراد الشعب على مختلف مستوياتهم وانتمائهم‪ .‬ولهذه الصنعة مقومات وعناصر‬ ‫فنية متجددة‪ ،‬ومن خالل هذه المقومات والعناصر يمكن تقدير وتحقيق مدى فعالية وأهمية دور‬ ‫العملية الحزبية في السياسة العامة‪ .‬ويشمل ذلك تقدير مدى قدرة هذه األحزاب العامة في تحقيق‬ ‫العملية اإلصالحية ومن ثم العملية التطويرية من أجل تنمية فعلية ومستدامة‪ .‬التنمية‪ ،‬ودورها‬ ‫ومسئوليتها في تحقيق ونشر السلم االجتماعي‪ ،‬ودورها في توجيه عمليات الحكومة وتقييم سياساتها‪،‬‬ ‫ومدى أخالقياتها في احترامها لمسئولياتها الدستورية واالجتماعية والتاريخية والثقافية‪ ،‬و يمكن أن‬ ‫نعبر عن كل ذلك بمدى نجاحها في مسئوليتها الوطنية‪.‬‬ ‫فاألحزاب السياسية تمثل القوة الفكرية في البلد‪ .‬فقد تكون ضعيفة أو متجمعة في التكتالت محدودة أو‬ ‫مفتتة ومتجزئة ‪ ،‬وكل ذلك يرجع لمدى حجم ومستوى النضوج الفكري العام‪ ،‬ويرجع لسبب تاريخي‬ ‫وهو مدى معاناة الشعب من االستبداد واالستعمار‪ ،‬وفترة تجاوزه لهذه المرحلة‪.‬‬ ‫حيث نظم االستبداد واالستعمار كلما طالت في الزمن كلما استطاعت أن تطال كل شرائح المجتمع‪،‬‬ ‫وتمسخ العقول‪ ،‬وبذلك هناك مرحلة إصالحية مدتها نسبية لكي تصل الشعوب إلي نضوج تام وحقيقي‬ ‫وتتخلص من كل عناصر الفساد‪.‬‬ ‫وأصعب مراحل العمل ية الحزبية هي في الفترات االنتقالية‪ ،‬فتظهر الفوضى الفكرية واالنفالت‬ ‫األخالقي‪ ،‬فيصعب عملية التنظيم واإلصالح الحقيقية‪ ،‬ويظهر الصراع بين من يدعون إلي‬ ‫المصداقية واإلصالحية وبيم من يريدون العودة للوراء ومن أجل مصالح الذاتية والتنمية الواهية‪.‬‬ ‫والدور الدستوري للعملية الحزبية هي تجميع األفراد كيانات للمشاركة في السياسات العامة‬ ‫وتنصيب القيادات حسب نضوجهم الفكري‪ ،‬وحسب تقديرهم للمطالب العامة وسبل تحقيقها‪ ،‬ودورهم‬ ‫الرقابي في متابعة السياسات العامة المنفذة من قبل األحزاب المعارضة‪ ،‬وكل ذلك من أجل تحقيق‬ ‫الكفاءة في السياسات العامة‪ ،‬أي حل مشاكل الناس بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب بدون‬ ‫تأخير‪ ،‬وعن طريق استغالل أقل الموارد وتحقيق أقصى المخرجات العامة‪.‬‬ ‫بالطيع هذا يتطلب جهود فكرية ‪،‬و أعمال فنية ومتخصصة متعددة‪ ،‬والبد أن يكون هناك كيانات‬ ‫منظمة وممولة تستطيع أن تكون قادرة على إنتاج سياسات عامة منافسة‪.‬‬ ‫فأول معيار ينبغي أن ينظر إليه الفرد هو إلي طبيعة سياسات أي برامج هذه األحزاب‪ ،‬ومدى قدرتها‬ ‫ومصداقيتها في تحقيقها‪ ،‬وما هي القدرات المنضمة لكل حزب‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدور األساسي لألحزاب السياسة بعد تكوين الوعي هو إنتاج السياسات العامة األفضل للشعب‪ ،‬وفي‬ ‫كافة المجاالت العامة االقتصادية والفكرية والثقافية واإلنسانية والعملية والحضارية‪.‬‬ ‫كما أن األحزاب السياسية ليست منابر خطابية فقط‪ ،‬وإنما هي تتناول الخطاب العملي‪ ،‬الذي يحل‬ ‫مشاكل الشعب الملموسة‪ ،‬من مشكلة البطالة‪ ،‬مشكلة اإلسكان‪ ،‬مشكلة غلوا األسعار‪ ،‬مشكلة الفساد‪،‬‬ ‫مشكلة معدل الجريمة‪ ،‬وأيضا مشكلة التجارة وهي تجيع المنتج المحلي وتوفير منافذ استيراده وآلية‬ ‫الدعم الالزم ومراقبتها‪ ،‬ومشاكل المعاهدات والعقود والتحالفات الدولية بكل شفافية و وطنية‬ ‫ومسئولية تاريخية‪.‬‬ ‫أذا دور األحزاب السياسة هو ليس صراع على السلطة وإنما الصراع حول من هو أفضل مصير‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫ومسئولية المجتمع أن يكون كله مشارك ألنه هو المعني بكل ذلك وهو مصدر القوة الحقيقية‪ ،‬ففي‬ ‫عدم وعيه تنمو قوة الفساد ومع وعيه ومشاركته المسئولة ووعيه الناضج تتشكل قوى سياسية‬ ‫إصالحية حقيقية‪.‬‬ ‫ومن حسنات العملية الحزبية واالنتخابية أنها تمنح مشاركة نسبية لألحزاب السياسة حسب نسب‬ ‫الفوز بأصوات أفراد المجتمع‪ ،‬وبذلك يخلق توع وتفاعل ودقة في تنفيذ السياسات العامة‪ .‬حيث يأتي‬ ‫الحزب بقيادات جديدة وتكثر ساحة األفكار والبرامج والمقترحات القانونية والتنموية‪.‬‬ ‫وكلما طالت التجربة الحزبية كلما زاد ذلك في كفاءة العملية الحزبية‪.‬‬ ‫إذا البد م إدراك حقيقة أن األحزاب السياسية ليست تتنافس على السلطات‪ ،‬واالنتفاع من خاللها‪،‬‬ ‫واستالب السيطرة لصالحها‪ ،‬وإنما هي أداة الغرض منها تحقيق أكبر قدر من الفعالية في السياسة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫كما أنه من األهمية بمكان إدراك حقيقة أن قيمة البالد أساسها التقييم المستمر للفكر السياسي السائد‬ ‫وممارساته عبر جميع المراحل‪ ،‬من مرحلة بناء الدول وهي "المرحلة الدستورية‪ ،‬ألي مرحلة تأسيس‬ ‫وعمل األحزاب وتنافسها وهي "مرحلة السياسة العامة"‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬كيفية تحديد تقديرات الميزانية العامة‪ ،‬وصحة تنفيذها‪ ،‬ومدى فعاليتها في تحقيق التنمية‬ ‫الشاملة‪ .‬حيث الميزانية العامة هي المظلة االقتصادية التي يتعايش المجتمع في ظلها‪.‬‬ ‫وعندما تغفل األحزاب السياسية دورها في هذا المرتكز األساسي في الحيوي والجوهري في مدى‬ ‫فعالية السياسية العامة‪ ،‬فإنها تكون قد أخفقت في دورها التاريخي والسياسي والمدني والحضاري‪،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كما ال يمكن للدولة أو األحزاب السياسية أن تنجح في سياساتها وعملياتها وتحقق أهدافها ما لم تتدخل‬ ‫وتتقن وتصدق في هذا المرتكز الهام‪.‬‬ ‫وعندما يكون هناك نظام سياسي مستبد‪ ،‬يرفض دور األحزاب السياسية‪ ،‬والتعددية الفكرية‪ ،‬فأنه حتما‬ ‫قد أنحرف عن الصواب السياسي‪ ،‬وأختار اإلخفاق اإلداري والقيادي‪ ،‬ولن يكون هناك دور لمسميات‬ ‫قيادية في اإلدارة العامة‪ ،‬مثل الوزراء وهي قادة القطاعات العامة‪ ،‬أو السفراء وهم ممثلي كرامة‬ ‫الشعب ومصير البالد‪ ،‬وإنما تتحول هذه الوظائف العامة إلي مستوى‪ ،‬ال يمكنني أن أصفه ببالغة‬ ‫أكثر مما وصفه صاحب نظرية العالمية الثالثة ألتي فرضت على الشعب الليبي خالل ‪،2100-0599‬‬ ‫وأطلق مفكرها السياسي بأنه نجح في تأسيس "دولة الحقراء"‪ ،‬فتحول السفراء والوزراء إلي حقراء‪،‬‬ ‫وليس هناك من حزب يعترض‪ ،‬أو رأي فكري يحلل ويصوب‪ ،‬وليس هناك من ثقافة وال اقتصاد وال‬ ‫سلم اجتماعي‪ ،‬وإنما تحولت الدولة إلي مؤسسة أمنية قمعية ظالمة وليست فاعلة‪.‬‬ ‫إذا مسئولية كل فرد أن يقيم يقارن أهداف وسياسات كل األحزاب‪ ،‬وينتسب ويدافع عما يخدم البالد‬ ‫سالمة الوطن ومصالح المجتمع‪ ،‬وهذه هي األهداف األساسية ألي سياسة عامة طبيعية وناجحة‪.‬‬ ‫كما أنني أود هناك التذكير بمالحظة هامة وعامة لجميع الناس‪ ،‬حيث السياسية العامة‪ ،‬وهي العملية‬ ‫التفاعلية بين السلطة والمجتمع‪.‬‬ ‫حيث الكلمة التي يلفظها الفرد تعكس قيمته‪ ،‬وال قيمة للفرد في الحياة العامة إذا كانت كلماته جوفاء‬ ‫خرقاء ال أساس فكري لها‪ ،‬فيكون مثله كأي كائن أخر يعيش ببدنه وبدون حاجة للعقل‪.‬‬ ‫والكتاب والباحثين والعلماء هم من يعكس القيمة الكلية للمجتمع‪.‬‬ ‫والفكر السياسي هو ما يعكس قيمة البالد‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذه الحقيقة‪ ،‬فإن األحزاب السياسية‪ ،‬هي صناعة فكرية‪ ،‬تسهم في الصنع الفكري‬ ‫الفردي واالجتماعي الكلي وتشارك في صنع الفكر السياسي الذي ينتج أكبر قيمة للبالد‪ ،‬وأكبر فعالية‬ ‫لسياساتها العامة وكافة عملياتها وأهدافها‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬عالقة األحزاب السياسة بالعقائد الدينية‬ ‫لنختصر الحديث في أحداث التاريخ‪ ،‬والذي بات معروفا لعامة الشعب‪ ،‬فالسياسة والتاريخ ليس حكرا‬ ‫على نخبة من الناس‪ ،‬بل عبر األحزاب السياسة بات هناك وسيلة عامة يشارك كل الشعب من خاللها‬ ‫في حماية مصير وطنه ونجاح مجتمعه‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فنقول وباختصار شديد‪ ،‬أن بسبب الحرب الباردة‪ ،‬ونتيجة لعدة أحدث تاريخية صاحبت الصراع بين‬ ‫السلطة الزمنية والدينية األوربية‪ ،‬فأوجدت الحرب الباردة وهي صراع استعماري عالمي والصراع‬ ‫بين السلطة السياسية والسلطة الدنية‪ ،‬الصرع بين عقديتين ‪ ،‬وهما "العقيدة السياسية" و"العقيدة‬ ‫الدينية"‪ .‬وأرغمت كل دول العالم على استيرادهما‪ ،‬وقامت الشعوب بغير واعي كافي باستهالك بكل‬ ‫ما ينتجه هذا الصراع بشغف وبدون تحكيم العقل‪.‬‬ ‫والصراع السياسي والتصادم الفكري أصبح واضح وله جذوره التاريخية والفكرية‪ ،‬ونحن من خالل‬ ‫هذه الكتابة المتواضعة‪ ،‬نحاول التصالح الفكري العقالني‪ ،‬واإلصالح العملي الحضاري من أجل‬ ‫إنتاج ممارسة إدارية وسياسية متجانسة في روحها الفكرية األخالقية ومستقلة في عملياتها الفنية‬ ‫التخصصية المدنية والمتطورة زمنيا وماديا‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬تعتبر األحزاب السياسية تكتل فكري مدني يجمع قوى الشعب العقالنية اإليجابية‬ ‫المنظمة من أجل نتاج سياسات عامة وعمليات إدارية حكومية تخدم بدقة ومصداقية ومسئولية‬ ‫مصالح اجتماعية وسالمة األوطان‪ ،‬وبحيث تكون أداة سياسية لتجزئة الكتلة أو القوة السياسية في‬ ‫البلد وتمنع انبعاث ظاهرة السلطة المطلقة‪ ،‬وهي ظاهرة سياسية أخطر ما يواجه الشعوب ويضر‬ ‫بعمق في فعالية اإلدارة العامة وحقيقة السياسات العامة‪.‬‬ ‫إذا العملية الحزبية هي وسيلة سياسية مدنية فكرية في مواجهة تنافسية حقيقية تحد من ممارسة‬ ‫ظاهرة "استالب السلطة" للقوة السياسية‪ ،‬حيث تعلمت الشعوب من خالل تجاربها‪ ،‬أن اإلنسان بطبعه‬ ‫السياسي أناني وسلطوي‪ ،‬عندما يصل لسدة الحكم سيحاول اكتساب أقصى قدر ممكن من المصالح‬ ‫الذاتية والنفوذ الذي يكرس بقائه في السلطة ويوسع صالحياته وخروجه عن طائلة القوانين‪ ،‬وهي‬ ‫ظاهرة طبيعي ة يعكسها الواقع السياسي‪ ،‬لذلك العملية الحزبية السياسية مسألة حتمية تمنع أن تصبح‬ ‫اإلرادة السياسية فوق اإلدارة الشعبية‪ ،‬والقوة فوق القانون‪ ،‬فتوازن حجم القوة واإلرادة السياسية مع‬ ‫القوة واإلرادة االجتماعية‪ ،‬وتنتج دولة عادلة اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا‪ ،‬وتجسد قيم الكرامة وهي‬ ‫الحرية والمساواة والحقوق اإلنسانية‪.‬‬ ‫ونحن نعلم أن الدستور يحدد هذه القيم في مكونه االجتماعي‪ ،‬كما يحدد عملية الرقابة والتقييم والتغيير‬ ‫في السياسات العامة لتكون دائما فاعلة من خالل مبدأ فصل السلطات والمؤسسات المعنية الناتجة ن‬ ‫هذا الفصل السياسي واالختصاصات اإلدارية والسياسية المقيدة‪.‬‬ ‫في حين األداة الحزبية تمارس أيضا عملية الرقابة‪ ،‬فهي دائما تقيم ‪ ،‬فتعارض أو تؤيد بما يوجه‬ ‫السياسات العامة في االتجاه السليم‪ ،‬وبما يحقق الكفاءة في كافة عمليات اإلدارة الحكومية من تخطيط‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وقيادة وتنظيم ورقابة عملية تتعلق بمسائل معينة تحت المتابعة مسئولة ومعنية في ظل برامج تنافسية‬ ‫تجعل الشعب في حركة تفاعل مستمر وغير غافل عن التفاصيل وجزئيات األمور العامة المعقدة‪.‬‬ ‫واالستبداد هو سياسة‪-‬القوة التي تتحول ظاهرة السلطة من خاللها إلي عقيدة سياسية‪ ،‬وتنتج بسرعة‬ ‫وبشكل واسع قادة إداريين ذوي عقيدة إيديولوجية‪ ،‬ومنتفعين كثر وأتباع مغررين ضارين‪ ،‬وتخلق‬ ‫تيارا فكريا وثقافيا جارف لكل القيم واألخالق النبيلة‪ .‬وتصبح الدولة منتجة لسياسة عامة سلبية غير‬ ‫مجدية‪ ،‬وينتشر من خاللها لزيف والكذب والفساد والظلم‪ ،‬وتخفق العملية التنموية في شتى المجاالت‪،‬‬ ‫وكانت التجربة الليبية ‪ 2101-0599‬خير دليل تاريخي وعلمي كافي لكل الشعوب لتحذر من مثل‬ ‫هذه التجربة االستبدادية‪ ،‬ألتي انتهت بخروج الشعب بكامله كالطوفان يدك أركان دولة فاسدة في‬ ‫مقوماتها وفعاليتها التنظيمية والسياسية‪ .‬فرضت الفساد كواقع حتمي‪ ،‬وأصبح اإلصالح مستحيل‬ ‫وحالة ميئوس منها‪.‬‬ ‫حيث تحول القادة في اإلدارة العامة إلي رموز للنظام‪ ،‬وأصبح سقوطهم يمثل سقوط النظام والدولة‪،‬‬ ‫فهم أركان استقراره في كل األحول وديمومته بدون الشرعية وقوته بدون دستور وخارج كل خلق‬ ‫وقانون‪.‬‬ ‫وأصبحت السياسية العامة ترتكز على التجهيل الثقافي والتضليل الفكري والتفكك األسري والفساد‬ ‫المالي والقمع السياسي والسيطرة األمنية واإلخفاق االقتصادي‪.‬‬ ‫وفي كل ذلك الدولة الليبية ظلت تحت سطوة الحزب الواحد الثوري‪ ،‬الذي يحرض على ممارسة‬ ‫اإلدارة الشعبية ويحرض عامة الشعب على ممارسة السلطة الشعبية التي تشارك في قرارات معينة‬ ‫تخدم شرعية هذه الساسة العامة‪ ،‬وقبولها الشعبي المزيف بحيث ال تخدش الكرامة لمنتهاها‪ ،‬ويمارس‬ ‫المسألة القانونية للقادة اإلداريين والسياسيين المكلفين‪ ،‬في مهزلة تاريخية وحنكة استبدادية جعلت مثل‬ ‫هؤالء القادة جزء من العملية االستبدادية ومراكز قوة للنظام في أوساط الشعب‪.‬‬ ‫و يقصد من ذلك أمرين‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬ال يوجد دولة في تاريخ البشرية بدون تنظيم إداري وسياسي ينتج السياسات العامة‪،‬‬ ‫ومصدر هذا التنظيم والسياسات إما أن يكون دستور شعبي وطني إنساني حقيقي‪ ،‬وإما أن‬ ‫تكون هناك إيديولوجية سياسية تشكل عقيدة سياسية وروح هذا التنظيم وسياساته العامة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬ال يوجد دولة في البشرية بدون تنظيم سياسي‪ ،‬وهذا التنظيم قد يرتكز على الحزب‬ ‫الواحد‪ ،‬وقد يأخذ أية شكل ممكن‪ ،‬فقد يكون مباشر يقتحم الشعب ويكون أداة إدارية‬ ‫وسياسية تنفيذية‪ ،‬وقد يكون غير مباشر فيعمل في خفاء لتكريس النظام والحكام‪ ،‬وقد‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يرتكز على التعديدية الحزبية‪ ،‬وفي هذه الحالة البد من دستور وطني و وعي شعبي‬ ‫وحراك حزبي إيجابي ومسئول‪.‬‬ ‫وهنا تقع مسئولية الشعوب‪ ،‬ودورهم الوطني واإلنساني والتاريخي‪ ،‬حيث هم الساحة التي قد تخضع‬ ‫بإذعان للحزب الواحد‪ ،‬وتجرم التعدد والتنوع الفكري‪ ،‬فتشل عقولها‪ ،‬وتطفوا غرائزها البدنية‪،‬‬ ‫وتتحول إلي أداة استهالكية يستغلها الطواغيت في قتل كل القيم وفساد الدول ونتاج السياسات العقيمة‪.‬‬ ‫وقد تكون لشعوب ميدان فكري تتفاعل فيه نعمة العقول اإليجابية‪ ،‬بحيث تخلق كيانات سياسية‪ ،‬لها‬ ‫برامجها التنموية التي تجسد التنمية والعدالة االقتصادية‪ ،‬والقوة القانونية‪ ،‬والعالقات االجتماعية‬ ‫والعالمية السلمية‪ ،‬والثقافة األدبية الهادفة واإلنسانية‪.‬‬ ‫ودور الحزب السياسي هو إنتاج النخبة السياسية والبحث عن القدرات والكفاءات اإلدارية بحيث‬ ‫عندما تصل وتشارك نسبيا في السلطة‪ ،‬تضع هذه النخب والقدرات من أجل صنع ورسم وتنفيذ‬ ‫السياسات العامة‪ ،‬وتحرص على حتمية تطوير عمليات اإلدارة العامة في أجهزة الدولة‪.‬‬ ‫فالنخب السياسية والقدرات اإلدارية هما عنصران متفاعالن‪ ،‬وتلعب الحزبية التعددية في نموهما‬ ‫الواسع‪.‬‬ ‫ومنع الحزبية السياسية التعددية‪ ،‬هو أمر مخالف لقانون الطبيعة‪ ،‬وعندما يحاول االستبداد فرض‬ ‫الحزب الواحد‪ ،‬والفكر الواحد‪ ،‬والحاكم الفرد‪ ،‬ودولة القوة ال دولة القانون‪ ،‬فأنه يقضي على ظاهرة‬ ‫نمو النخبة‪ .‬ولكنه ال يستطيع قتلها واجتثاثها نهائيا‪ ،‬حيث النخبة هي بذرة حسنة‪ ،‬توجد في األرض‪،‬‬ ‫ومن المستحيل تلويث كل األرض بحيث تختفي تماما‪ ،‬وعندما تأتي رياح التغيير وتهطل أمطار‬ ‫بإرادة السماء تنبث هذه النخب وتنشر بسرعة وقوة‪ .‬فهما حاول الطغاة تعطيل قوانين تنظيم حياة‬ ‫الشعوب‪ ،‬فأن هناك قانون طبيعي ال يستطيعوا أن يصلوا إليه‪.‬‬ ‫وعلى الشعوب أن تعي قانون التغيير‪ ،‬وهو مرتكز على تغيير النفوس‪ ،‬بحيث تتغذى بالقيم اإلنسانية‪،‬‬ ‫واألخالق الكريمة‪ ،‬والقوة العقالنية الفكرية االيجابية والمسئولة‪ ،‬فتتغير أوضاعها وأحوالها تبعا ‪،‬‬ ‫ونسبيا بقدر ما تكتسبه من قيم وأخالق وعقل‪.‬‬ ‫ودور األحزاب السياسية هو تفعيل قانون التغيير اإلنساني نحو التنمية الحقيقية‪ ،‬وال يجوز لألحزاب‬ ‫السياسية أن تعمل من أجل تغيير نظام وأسلوب الحكم الدستوري الذي منحها الشرعية‪.‬‬ ‫والعمل الحزبي روحه الدستور الذي تستمد من مقومات وعناصر قانون األحزاب‪ /‬كما سيأتي‬ ‫مناقشتها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :3‬تأسيس األحزاب السياسية‬ ‫تؤسس األحزاب السياسية على أساس الدستور وطبقا لقانون خاص باألحزاب السياسية‪.‬‬ ‫ولكن هل هذا يكفي‪ ،‬أما هناك نواحي عامة أخرى متعددة وخصائص وتوقعات شتى‪.‬‬ ‫في حقيقة األمر تكوين األحزاب السياسية حاجة إنسانية طبيعية‪ ،‬فإذا منعتها القوانين‪ ،‬تشكلت بشكل‬ ‫سري‪ ،‬وقد تنحرف عن أدوراها‪ ،‬وقد تواجه بالقهر والتعذيب الغير إنساني‪ ،‬وق هي تخطيء ويكون‬ ‫لها مقاصد غير متفق عليها بشكل عام وتكون بذلك مشروعة بشكل دقيق‪.‬‬ ‫أذا وجود دستور وجود قانون ينظم هذه الحاجة‪ ،‬هو نتاج ما وصل إليه الفكر اإلنساني المتطور‪.‬‬ ‫فدع الكل يفكر‪ ،‬و دع الكل ينتج ودع كل فرد حر يختار دائما األفضل‪ .‬وهذا هو السبيل الوحيد‬ ‫لإلبداع‪.‬‬ ‫ومجتمع ليس فيه إبداعات علمية وتجسيد عملي لها هو مجتمع يعيش على هامش التاريخ‪ ،‬وغير‬ ‫محسوب على لحضارات‪ ،‬وقدره أن يعيش ليقتات على فكر وإبداعات غيره من الشعوب الحرة‬ ‫الواعدة والواعية‪.‬‬ ‫وثالث درس بعد عالنية األحزاب وليس سريتها‪ ،‬والمساهمة الحضارية‪ ،‬هو درس المشاركة العامة‬ ‫بمصداقية‪.‬‬ ‫حيث األحزاب السياسية ليست شركة اقتصادية كما أنها ليست جمعية خيرية أو تكتل جماعي يعبر‬ ‫عن مصلحة ذاتية أو قبلية أو طائفية‪ ،‬أو أي نعرة عصبية دينية وإيديولوجية‪ ،‬وإنما هو وسيلة تنموية‬ ‫شاملة لغرض التنافس العقالني وليس التصادم الفكري المضلل والمزايدة الكاذبة‪ ،‬فهو أداة سياسة‬ ‫عامة تخدم تحقيق مصالح الناس عامة وبأكبر قدر و أوسع أثر تفيد المجتمع والوطن على حد سواء‪.‬‬ ‫فهو أداة معاصرة تجسد إمكانية تطبيق مبدأ فصل السلطات‪ ،‬ومبدأ التداول السلمي لقيادات السلطات‪.‬‬ ‫فالحزب هو طريق الشعب للوصول إلي السلطة‪.‬‬ ‫وال يمكن إدارة الحزب وكأنه مؤسسة عائلية أو ملكية خاصة‪ .‬بل قيادته البد وأن تكون منتخبة‪،‬‬ ‫وخاضعة لتقييم الشعب‪ ،‬ورقابة عامة‪ ،‬و انتساب الشعب ألي حزب‪ ،‬إنما يعبر عن شرعية أفكار‬ ‫الحزب وصالحية أهدافه وفعالية برامجه‪ ،‬والثقة في قيادته أن تكون جديرة باالنتخاب باعتبارهم نخبة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أفرزها الحزب بإرادة الشعب الحرة‪ ،‬وبشكل مدني حر‪ ،‬وفي مرحلة تهيئة سياسية لدوره الحكومي‬ ‫في حال قبوله ن أكثر الشعب‪.‬‬ ‫وبالتالي تكون األحزاب السياسية أكثر نفعية وأوسع فعالية وأقصى كفاءة عندما يفهم كل فرد ماهية‬ ‫األحزاب السياسية بشكل دقيق وصحيح ويكون ملتزما و واعيا بشكل مسئول‪.‬‬ ‫وبذلك هناك أساسين البد أن يوضعان في مستهل صياغة قانون أو تكوين األحزاب السياسية‪" :‬أولهما‬ ‫بيان ماهية الحزب السياسي وحقيقة مقاصده‪ ،‬وثانيهما دور األحزاب السياسي في الحياة العامة‬ ‫والسياسية"‪ ،‬ويعت بر هذين األساسين روح المقومات والعناصر اإلدارية السياسية التي تكونان كيان‬ ‫األحزاب السياسية في البلد وحقيقتها وفعاليتها‪.‬‬ ‫األساس األول‬ ‫طبيعة تشكيل األحزاب السياسية يحددها الدستور والقانون‬ ‫فمثال‪ ،‬من ناحية الماهية والمقصود‪ ،‬نجد أن القانون المصري الحزبي تناولها على النحو التالي‪:‬‬ ‫حيث وفق قانون األحزاب السياسية رقم ‪ 099‬لسنة ‪ 2119‬يحدد بأن الحزب السياسي هو كل جماعة‬ ‫(مدنية) تؤسس طبقا للدستور وقانون األحزاب وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل‬ ‫الديمقراطية (والتعددية الحزبية) لتحقيق برامج محددة (منافسة) فيما بينها تتعلق بالشئون السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية (والثقافية) للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم‬ ‫(والتداول السلمي للسلطة وفق مبدأ فصل السلطات)‪.‬‬ ‫وكما يالحظ القاري بأننا أضفنا كلمات بين القوسين‪ ،‬في داللة أو كل عبارة يتم إسقاطها أو إضافتها‬ ‫في الدستور والقوانين المكلمة سيكون لها دور في إدارة البالد ومصيره السياسي‪.‬‬ ‫حيث هذه العبارات المضافة في المثال المطروح‪ ،‬توسع في تقييد النص وتجعله أكثر فعالية سياسية‬ ‫ودقة‪ .‬حيث البد أن يكون لألحزاب دور ثقافي من أجل تغذية التنمية الفكرية وتنوعها وهي األرضية‬ ‫التي تنطلق وتغنى منها المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية فحرية العقل هي األساس في‬ ‫كرامة اإلنسان‪ .‬كما أضافنا منافسة وذلك لغرض منع الصراع وخاصة أخذ الحكومة السلطة بقوة‬ ‫غير مباشرة كما تحدد منع الصراع وتنبي توفر عامل الكفاءة في األداء والجودة في البرامج لنجاح‬ ‫المنافسة‪ ،‬وأضافنا التداول السلمي للسلطة على أساس مبدأ فصل السلطات وهذا يشير إلي تنوع‬ ‫مشاركة الحزب البرلمانية والرئاسية والحكومية ‪ ..‬كما حددنا تعريف الجماعة بأنها مدنية وذلك‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫لتفادي ظهور الحزب الواحد الحكومي المؤيد للسلطة الحاكمة بشكل مطلق ومدعوم لخدمتها وليس‬ ‫لخدمة الشعب والوطن‪.‬‬ ‫وخالصة القول بأن كل كلمة في الدستور البد أن ترتبط عضويا بالتي تقابلها في القوانين المكملة‬ ‫لغرض تحقيق النظرية السياسية الديمقراطية الصحيحة والمتكاملة‪ ..‬حيث قانون األحزاب السياسية‬ ‫مؤسس على دستور ويكمله أي يضع تفاصيل وجزئيات األسس الدستورية بدقة بليغة وفي اتجاه واحد‬ ‫راسخ ومستقر‪.‬‬ ‫األساس الثاني‬ ‫حقيقة دور وإسهام األحزاب يحددها الدستور والقانون‬ ‫نص القانون المشار إليه بأن األحزاب السياسية التي تؤسس طبقا ألحكام هذا القانون (تؤسس وفق‬ ‫الدستور وتشكل طبقا ألحكام هذا القانون)‪ ..‬تسهم في تحقيق التقدم السياسي واالجتماعي واالقتصادي‬ ‫للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسالم االجتماعي واالشتراكية‬ ‫والحفاظ على مكاسب العمال والفالحين وذلك على الوجه المبين بالدستور‪..‬‬ ‫في حقيقة األمر هذا النص بالقانون حدد نطاق ومضمون مبادئ وأهداف األحزاب‪ ،‬وجعلها ملتزمة‬ ‫باإليديولوجية االشتراكية وقد غرس في الدستور كامل يلزم لتجسيدها في الدولة‪ ،‬إال أننا قد وضعنا‬ ‫األسس وفق رؤية إسالمية مدنية وفصلنا الدين عن السلطة التنفيذية أي عن الحكومة وجسدنه في‬ ‫السلطة التشريعية والشورى بشكل أساسي‪ ..‬وبذلك يمكن أي يكون النص السابق أكثر مالئمة للشعب‬ ‫الليبي عندما يحدد(أن األحزاب السياسية الليبية تسهم في تحقيق التنمية السياسية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية والثقافية على أساس المحافظة على وحدة الوطن وسيادة البالد ومصلحة وسالم وأمن‬ ‫المجتمع ورفاهية الفرد واألسرة‪ ..‬وعلى أساس تحالف جميع القوى السياسية بالبلد من أجل السلم‬ ‫واألمان والنماء والحرية والكرامة والعدالة والمساواة والحفاظ القيم والمعتقدات اإلسالمية اإلنسانية‬ ‫والحضارية والعالمية‪ ..‬وذلك على الوجه المبين بالدستور و وفق اإلرادة الشعبية الحرة‪.‬‬ ‫هنا منح لألحزاب السياسية المدنية دور أوسع ونطاق المبادئ واألهداف مفتوح‪ ،‬غير مقيد‬ ‫بأيديولوجية ولكنه منضبط بمنبع أخالقي موحد وهو اإلسالم يتعلق بالتشريع والشورى‪ ،‬وهذا مطلب‬ ‫لكل بلد أهله جميعا على دين واحد وقانونهم الكوني الدائم هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫وهذا يمنع قيام أحزاب سياسية دينية بمعنى أن تقوم بعضها بمعادية اإلسالم أو التحلل من العقيدة‬ ‫لخدمة إيديولوجية عالمية‪ ،‬أو أن تقوم بعضها على أساس نشر والدعوة للعقيدة‪ .‬حيث مجال الدعوة‬ ‫كما هو في اإلسالم أو مجال التبشير كما هو في المسيحية هو دور مؤسسات المجتمع المدني الخيرية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أي تتنافس على الخيرات وليس على السلطات‪ ..‬وال يمنع أن تصوت هذه المؤسسات الخيرية‬ ‫لألحزاب التي تعدها صائبة في مسلكها وأقوالها وأفعالها ومساعيها اإلنسانية والحضارية والعالمية أو‬ ‫أن تمتنع‪.‬‬ ‫وخالصة القول ال يجوز للحزب السياسي أن يباشر مهام الدعوة لألديان أو تأسيس دور عبادتها أو‬ ‫تفسير ونشر تعاليمها فذاك تخصص ومجال أخر‪ ..‬ولكن من المهم أن تكون هناك أحزاب ذات طابع‬ ‫إسالمي أي تستمد إلهامها وفكرها وتنمية عقلها وروحها الذاتية و للمنتسبين وفي عمق برامجها من‬ ‫يحقق مقاصد الرسالة اإلسالمية الخمسة وهي‪ :‬حرمة النفس وحرمة العقل وحرمة المال وحرمة‬ ‫الدين وحرمة الوطن‪.‬‬ ‫فقط أنظر إلي هذه المقاصد الخمسة وسوف تفصل ما بين الحزب السياسي اإلسالمي والجمعية‬ ‫الخيرية الدينية‪ ،‬حيث الحزب ينطلق من المقاصد في صناعة برامجه وتشكيل مبادئه وأهدافه‪،‬‬ ‫والجمعية الدينية الخيرية تنطلق من العبادات لغرض تزكية النفس وتغذية الروح‪ ،‬وباختصار أن‬ ‫األحزاب مسئولياتها صناعة مادية أي ما يتعلق باحتياجات البدن والعقل والضمير والجمعيات الدينية‬ ‫مسئولياتها روحية أي ما يتعلق بالقلب بالروح والقلب‪.‬‬ ‫واليوم بعد انتفاضة الربيع العربي في ‪ 2100‬وتحرر إرادة الشعب وكسر قيود الخوف وأغالل القمع‬ ‫وتحطم جذران سجون االستبداد وإلي األبد نجد جليا و واسعا رغبة الناس في أحياء الدور الفكري‬ ‫المادي في الحياة السياسية اإلنسانية ولعالمية ولحضارية‪ ،‬حيث فاز حزب النهضة ذو الطابع‬ ‫اإلسالمي بأغلبية أصوات الشعب لتونسي‪ ،‬وفازت األحزاب اإلسالمية في مصر وكذالك حزب‬ ‫العدالة والتنمية في المغرب ومن قبلهما حزب العدالة والتنمية في تركيا وهي دولة ذات دستور‬ ‫علماني‪ ..‬وهذا كافي لبيان أن إرادة الشعب هي التي تقرر ما يجب على كل فرد وليس إلرادة فرد‬ ‫وحده أن تقرر ما يجب على الجميع الخضوع له‪.‬‬ ‫عالقة األحزاب السياسية بالدستور‬ ‫ولغرض تسهيل عملية تأسيس وإدارة األحزاب السياسية بفعالية‪ ،‬فإنه كما ذكرنا أنه هناك مبدئين‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬ضرورة أن يحدد الدستور في ركنه األساسي وهو مسألة مقومات الدولة أن التنظيم السياسي في‬ ‫الدولة يقوم على التعددية الحزبية‪ ،‬أي أكثر من حزب تتنافس للوصول للسلطة وأن توزع مقاعد‬ ‫السلطات فيما بينها نسبيا حسب األصوات الشعبية المؤيدة لها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬أن يحدد كثيرا في الركن الثاني وهو الخاص بأسلوب الحكم كثيرا من األسس كما أسلفنا‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬من تلك األسس الهامة وهي "طبيعة المشاركة السياسية" أي هل النظام رئاسي أم‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫برلماني‪ ،‬وأن يحدد أن الجهة المسئولة هي "اللجنة السياسية" التابعة للبرلمان‪-‬السلطة التشريعية أي‬ ‫السلطة الممثلة لمصالح الشعب وإرادته‪ ،‬وذلك لتفادي خطأ إمكانية االعتقاد أو التضليل بأن تبعية‬ ‫األحزاب السياسية للسلطة التنفيذية "الحكومة" كما أن ذلك يشير بأن األحزاب عندما ال تكون هي‬ ‫الفائزة وليست في الحكم تكون ليس سلطات أو مشاركة تنفيذية وتكون تمارس دورا معارضا وليس‬ ‫ضاغطا‪ ،‬فالدور المعارض يقوم عرض الحجج ومقارنة مع أداء التنفيذ مع ما كانت تعرضه من‬ ‫برنامج انتخابي وال تمارس ضغط ألن الضغط يتطلب هدف مصلحة محددة وهذا ال يتناسب مع دور‬ ‫األحزاب التي تقوم على أساس خدمة كل الشعب والبلد كوحدة واحدة متجانسة متكاملة‪.‬‬ ‫وخالصة الدرس أن "الديمقراطية السياسية الشرعية المعاصرة" تقوم على مبدأ ‪ :‬ال ديمقراطية بدون‬ ‫تعددية حزبية دستورية‪.‬‬ ‫وأن يضع الدستور األسس السياسية لألحزاب وأن يشير إلي قانون االحزاب السياسية المكمل‬ ‫للدستور‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬العملية احلزبية يف التجربة األملانية‬ ‫حسب الدستور األلماني فإن مهمة األحزاب السياسية هي المساهمة في بناء الوعي السياسي للشعب‪.‬‬ ‫وهكذا فإن تسمية مرشحين للمناصب السياسية وتنظيم حمالت انتخابية ترقيان إلى مرتبة الواجبات‬ ‫الدستورية‪ .‬ولهذا السبب تحصل األحزاب على تعويض مادي من الدولة مقابل النفقات التي تتحملها‬ ‫في إطار هذه الحمالت االنتخابية‪ .‬هذا التعويض المادي ألعباء الحمالت االنتخابية الذي ابتدعته‬ ‫ألمانيا‪ ،‬أصبح مبدءا متبعا في معظم ديمقراطيات العالم‪ .‬وحسب الدستور أيضا فإن تشكيل األحزاب‬ ‫السياسية يخضع لألسس الديمقراطية (ديمقراطية األعضاء‪-‬أي تكوين هيئتها العامة عبر انتخاب‬ ‫حزبي حقيقي)‪ .‬وينتظر من هذه األحزاب اعترافها بالدولة الديمقراطية ‪.‬‬ ‫أما األحزاب التي يشكك في ديمقراطيتها فيمكن منعها بناء على طلب تتقدم به الحكومة‪ .‬ولكن ليس‬ ‫هناك ما يلزم بمنع هذه األحزاب‪ .‬وعندما تتبين الحكومة أن أحد هذه األحزاب يشكل خطرا على‬ ‫النظام الديمقراطي وتتشكل لديها القناعة بأن منعه ضروري‪ ،‬فيمكنها في هذه الحال تقديم طلب بحظر‬ ‫هذا الحزب‪ .‬أما قرار المنع بحد ذاته فهو محصور بالمحكمة الدستورية العليا‪ .‬وبهذه الطريقة يمكن‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تفادي خطورة أن تقوم األحزاب السياسية الحاكمة بمنع أي حزب يعارضها‪ ،‬ويشكل خطرا سياسيا‬ ‫منافسا لها ‪.‬‬ ‫كانت طلبات حظر األحزاب في تاريخ الدولة االتحادية قليلة جدا‪ ،‬وكان من النادر حظر أحدها‪.‬‬ ‫فالدستور األلماني يشجع ويدعم األحزاب‪ .‬واألحزاب بدورها تمثل في جوهرها أدوات التعبير عن‬ ‫آراء المجتمع واتجاهاته‪ .‬وهي تتحمل مخاطر الفشل في االنتخابات وآثار انسحاب أعضائها‪ ،‬وتبعات‬ ‫الجدل حول الشخصيات وتوزيع المناصب وحول المسائل الحساسة في البالد ‪.‬‬ ‫نظام األحزاب األلماني في غاية الوضوح‪ .‬ومن نظام هيمنت عليه ثالثة أحزاب دام لفترة طويلة‪،‬‬ ‫تطور اآلن نظام ثابت من خمسة أحزاب رئيسية‪ ،‬وذلك مع توسع كل من حزب الخضر في‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬والحزب الذي خلف الحزب االشتراكي في ألمانيا الشرقية ‪ SED‬بعد عودة الوحدة‬ ‫األلمانية في ‪ .0551‬في انتخابات البوندستاغ األخيرة ‪ 2115‬حققت إلى جانب األحزاب الشعبية‬ ‫الواسعة االنتشار ‪ CDU/CSU‬و‪ ، SPD‬أحزاب أخرى "صغيرة" نتائج طيبة تجاوزت نسبة ‪% 01‬‬ ‫تنتمي أحزاب االتحاد المسيحي لعائلة األحزاب األوروبية المسيحية‪ ،‬وتشارك في كافة أنحاء ألمانيا‬ ‫تحت اسم االتحاد الديمقراطي المسيحي)‪ ، (CDU‬ماعدا والية بافاريا (بايرن)‪ ،‬حيث تخلى الحزب‬ ‫عن التواجد تحت اسمه األساسي فاتحا المجال أمام شريكه حزب االتحاد االجتماعي المسيحي‬ ‫‪(CSU) .‬وقد اعتاد ممثلو الحزبين في البرلمان على بناء كتلة برلمانية مشتركة‪.‬‬ ‫الحزب الديمقراطي االجتماعي األلماني )‪ (SPD‬هو ثاني أكبر حزب سياسي ألماني‪ ،‬وهو ينتمي إلى‬ ‫أسرة األحزاب الديمقراطية االجتماعية والديمقراطية االشتراكية في أوروبا‪ .‬وتعتبر كل من أحزاب‬ ‫‪CDU/SCU‬و ‪SPD‬مسألة الدولة االجتماعية من األمور األساسية التي ال خالف عليها‪ ،‬وال بديل‬ ‫عنها‪ .‬وبينما يعبر حزبا ‪ CDU/CSU‬عن مصالح الشركات وأصحاب األعمال الحرة ورجال‬ ‫األعمال‪ ،‬يعتبر حزب ‪ SPD‬مقربا من النقابات ‪.‬الحزب الديمقراطي الحر )‪ (FDP‬ينتمي إلى عائلة‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األحزاب األوروبية الحرة‪ .‬وهي تعتمد مبدأ تدخل الدولة في السوق‪ ،‬أي في الحياة االقتصادية بأدنى‬ ‫حد ممكن‪ .‬وهو يمثل بشكل أساسي مصالح أصحاب الدخل المرتفع والطبقات المثقفة وينال تأييدها ‪.‬‬ ‫أما حزب الخضر فهو ينتمي إلى أسرة أحزاب الخضر والبيئة األوروبية‪ .‬وما يميز هذه األحزاب هو‬ ‫دعوتها للربط بين مبادئ اقتصاد السوق وبين الرقابة الصارمة للدولة على حماية الطبيعة والبيئة‪.‬‬ ‫ويمثل الحزب أيضا مجموعات الناخبين من أصحاب الدخل الجيد والمستوى الثقافي فوق المتوسط ‪.‬‬ ‫الحزب اليساري هو أحدث قوة سياسية ناشئة تزداد قوة وأهمية في البالد‪ .‬ويتمتع بقوة واضحة بشكل‬ ‫خاص في الواليات الشرقية التي انضمت إلى الجمهورية االتحادية مع عودة الوحدة األلمانية‪ .‬ولكنه‬ ‫تمكن أيضا من دخول البرلمانات في الواليات األخرى‪ .‬وباعتباره حزب يولي مسألة العدالة‬ ‫االجتماعية أولوية مطلقة يعتبر في موقع منافس لحزب‪SPD‬‬ ‫وقد اتخذ المجلس البرلماني الذي صاغ الدستور في العام ‪ 1545‬من صورة‬ ‫رئيس الوزراء البريطاني مثاال له عندما قرر منصب المستشار االتحادي‪.‬‬ ‫حيث يتمتع رئيس الوزراء البريطاني بذات الصالحيات التي يتمتع بها‬ ‫المستشار‪ ،‬بل وتزيد صالحياته عن صالحيات المستشار‪ .‬ففي النظام‬ ‫البرلماني البريطاني يقوم حزب واحد بحكم البالد‪ ،‬حيث يمنح نظام األغلبية‬ ‫حق الحكم للحزب األقوى في البرلمان‪ .‬أما في البوندستاغ فال يتمتع عادة‬ ‫حزب واحد باألغلبية‪ .‬ولهذا فإنه ال مفر من تشكيل ائتالف بين األحزاب‬ ‫المختلفة من أجل أن يتم انتخاب المستشار ‪.‬‬ ‫وتلعب العملية الحزبية دور مهام حسب الفلسفة الدستورية األلمانية‪،‬‬ ‫وعندما نقول فلسفة فنعني الحكمة العملية‪ ،‬حيث يسبق انتخاب المستشار‬ ‫مشاورات بين األحزاب التي ستشكل الحكومة‪ .‬وهنا يدور الحوار حول‬ ‫توزيع المناصب الوزارية بين األحزاب‪ ،‬وحول إنشاء وزارات جديدة‬ ‫أو إلغاء وزارات معينة‪ .‬ويتمتع الحزب األقوى في هذا التحالف بحق تسمية‬ ‫المستشار االتحادي‪ .‬باإلضافة إلى ذلك تتشاور األحزاب حول برنامج عملها‬ ‫في السنوات القادمة‪ .‬ويتم تثبيت نتيجة مشاورات االئتالف هذه من خالل‬ ‫التوقيع على ما يسمى "اتفاقية االئتالف"‪ .‬وبعد االنتهاء من هذه‬ ‫الخطوات يتم انتخاب المستشار‪ .‬وعادة ما تسبق المشاورات بين األحزاب‬ ‫الحاكمة قرارات الحكومة وترافقها‪ .‬وإذا ما نضب نبع التآلف والوفاق بين‬ ‫األحزاب الحاكمة فإن استبدال المستشار يصبح أمرا شبه مؤكد‪ .‬إعفاء‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المستشار من مهامه الذي يتم من خالل حجب الثقة عن الحكومة‪ ،‬يجب أن‬ ‫يرافقه انتخاب مستشار جديد‪ .‬هذه الخطوة الجريئة في حجب الثقة البرلمانية‬ ‫عن الحكومة‪ ،‬تلزم األحزاب الممثلة في البرلمان بتشكيل حكومة غالبية‬ ‫جديدة قادرة على الحكم‪ ،‬حتى قبل قيامها بعزل المستشار‪ .‬وقد تمت حتى اآلن‬ ‫محاولتان فقط لعزل المستشار‪ ،‬نجحت واحدة منهما في العام ‪ :1582‬حيث تم‬ ‫آنذاك سحب الثقة من المستشار الديمقراطي االجتماعي هيلموت شميت‪،‬‬ ‫وانتخب مكانه المستشار الديمقراطي المسيحي هيلموت كول ‪.‬‬ ‫كما يمكن للمستشار االتحادي أيضا طرح موضوع الثقة على البوندستاغ في‬ ‫أي وقت يشاء‪ ،‬لكي يتأكد من استمراره بالتمتع بالدعم غير المشروط‬ ‫لألحزاب الحاكمة‪ .‬وإذا لم يفلح المستشار في نيل هذه الثقة‪ ،‬أي إذا فشلت‬ ‫الحكومة في تحقيق الغالبية البرلمانية‪ ،‬فإن قرار حل البرلمان وإجراء‬ ‫انتخابات جديدة يعود في هذه الحال لرئيس الجمهورية‪ .‬ويمكن لرئيس‬ ‫الجمهورية أيضا مطالبة األحزاب الممثلة في البوندستاغ بمحاولة تشكيل‬ ‫حكومة جديدة ‪.‬‬ ‫ولم يسبق أن حصل في تاريخ ألمانيا االتحادية فشل حقيقي ذريع في نيل‬ ‫الثقة البرلمانية‪ .‬ولكن كان هناك ثالث خسائر للثقة‪ :‬حيث أحجب أعضاء‬ ‫برلمانيون من األحزاب الحاكمة أو أعضاء من الحكومة عن التصويت‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف إسقاط الحكومة والعمل على تشكيل حكومة جديدة‪ ،‬وكان ذلك في‬ ‫األعوام (‪ .)2115 ،1582 ،1572‬وقد تم اللجوء إلى هذه الطريقة ألنها‬ ‫الوحيدة التي تضمن فرض عملية االنتخابات المبكرة التي ال يسمح بها‬ ‫الدستور إال في مثل هذه الحال‪ .‬وهذه العملية تتطلب موافقة رئيس‬ ‫الجمهورية على أية حال‪ ،‬وهي موضع خالف قانوني‬

‫مثال‬ ‫األحزاب السياسية يف النمسا‬ ‫لقد كانت إرادة الشعب النمساوي وتصميمه على بناء بالده في سنوات ما بعد الحرب عامال كبيرا في‬ ‫تحقيق حياة سياسية مستقرة يعكسها استقرار توزيع القوى الحزبية منذ ‪ 0589‬في ظل تعددية‬ ‫ديمقراطية صحيحة تتقيد بالمعايير األوربية الغربية‪.‬‬ ‫وما أريد أن يالحظه القراء والناشطين السياسيين الدرسين التاليين‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ ‬أن االشتراكية في دول أوربا الغربية هي حركة اجتماعية على مستوى دول أوربا العربية‬ ‫وهي خاضعة للديمقراطية السياسية الليبرالية‪ ،‬وهذا يفيدنا أن تعمل األحزاب العربية على‬ ‫إخضاع لتطورها ومصالحها وخصائصها وقيمها وال تكون مجرد دمية سياسية بدون روح‬ ‫حقيقية ومشاركة تفاعلية تنموية‪.‬‬ ‫‪ ‬إن حزب الشعب النمساوي‪ ،‬هو حزب يمثل المسحيين بعمومهم‪ ،‬ويمثل العمال جميعهم‪ ،‬وهو‬ ‫عضو في االتحاد األوربي للديمقراطيين المسحيين ‪ ،‬وعضو في االتحاد الديمقراطي‬ ‫األوربي ‪ ،‬وعضو في االتحاد الديمقراطي العالمي ‪ ،‬ويشارك أعضائه في القيادات المنتخبة‬ ‫لهذه االتحادات الخاصة بالعالم األوربي‪ .‬وبالتالي ال يجوز في العالم العربي تبني "الجاهلية‬ ‫لحزبية"‪ ،‬أو تبني "العلمانية بصبغة الجاهلية" بمعنى أن تكون حياتنا السياسية والقوى‬ ‫الحزبية تحارب اإلسالم بشكل مباشر او غير مباشر‪ ،‬بل واجب عليها أن تقتدي باألسوة‬ ‫الحسنة واألمثال الحسنة‪ ،‬وأن تؤسس اتحادات حزبية على مستوى العالم اعري‪ ،‬وأن يكون‬ ‫اإلسالم في عموم مقاصده وأحكامه يصنع تصورا وسطا يجمع الشعب العربي المسلم وأن‬ ‫يمثل العمل الصالح في كل المجاالت‪ .‬وكحد أدنى حسب المرحلة أن تمارس جانب الوعي‬ ‫الالزم‪.‬‬ ‫وتتنافس حاليا األحزاب التالية‪:‬‬ ‫ الحزب االشتراكي النمساوي ‪ : SPO‬تأسس عام ‪ ، 0115‬وكان حزب معارض أثناء فترة‬‫حكم إمبراطورية النمسا‪-‬المجر‪ ،‬وكان في ‪ 0501‬القوة الدافعة في تأسيس الجمهورية‬ ‫النمساوية ‪ ،‬وتحول عام ‪ 0521‬مرة أخرى إلي حزب معارض‪ ،‬و من ممارسة أعماله كحزب‬ ‫عام ‪ 0538‬بسبب االحتالل األلماني‪ ،‬وأجبر على العمل السري‪ ،‬تمت تأسيسه في العام ‪،0589‬‬ ‫ويفوق أعضائه سبعمائة ألف عضو مسجل‪ ،‬موزعين حسب المقاطعات والمناطق‪ .‬ومرتبط‬ ‫باالشتراكية العالمية‪ ،‬وتتشكل رئاسة الحزب من مؤتمر عام منتخب‪ .‬ويعد هذا المؤتمر السلطة‬ ‫العليا في الحزب وهو من يرسم سياسته‪ ،‬وتنتخب إدارة الحزب من بين أعضاء هذا المؤتمر‬ ‫العام‪ ،‬ومن أعضاء إدارة الحزب ينتخب األمين العام للحزب‪ .‬ومن األهمية ذكر مبادئه‪ ،‬وتشمل‬ ‫( أن االشتراكيين يريدون تأسيس مجتمع اشتراكي يراعي الظروف المعيشية للناس والعالقة‬ ‫بينهم‪ ،‬ويهدف تفتح وانطالق شخصية الفرد في المجتمع‪ ،‬وأن يزيلوا الطبقات وأن يوزعوا‬ ‫بعدالة اإليراد العام للدولة‪ ،‬وهي حركة عالمية تتضافر فيها قوى البشر ليعملوا سوية على‬ ‫أساس القيم اإلنسانية‪ ،‬وعلى أساس الماركسية‪ ،‬أو على أسس اجتماعية أخرى أو على أساس‬ ‫اعتقادهم الديني‪ ،‬ومن ثم في االشتراكية النمساوية فإن االشتراكية والدين ليس متضادين‪ ،‬وأن‬ ‫االشتراكية النمساوية تؤمن بشكل مطلق بالديمقراطية وأن القرار السياسي يعود لألغلبية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الشعبية‪ ،‬وكذلك المعرضة والمقومة بقوة ال تلين كل أشكال الفاشية والشيوعية)‪ .‬وفي تقديري‬ ‫أن الفصل بين االشتراكية والشيوعية وشتى أشكال االستبداد الفاشي في العالم العربي‬ ‫مستحلية التحقيق‪ ،‬وذلك بسبب أن االشتراكية في أوربا الغربية اختلفت عن االشتراكية‬ ‫الشرقية‪ ،‬كما أنهم ال يعرفونها أو يفهمها عموم الناس باالشتراكية وإنما يحددونها بمسمى‬ ‫"االجتماعية" في أوربا الغربية‪ ،‬وهي تخضع للديمقراطية الليبرالية السياسية العالمية على‬ ‫مستوى أوربا وبزعامة الواليات المتحدة‪ ،‬وبهذا نجحت الليبرالية الغربية أن تبلور االشتراكية‬ ‫الشرقية في قالب االجتماعية في األحزاب األوربية‪ ،‬وال يسمح لها أن تساند أو تتحول إلي‬ ‫أحزاب شيوعية عدوة لمصالحها)‪ .‬والمقصود هنا أليس من حق العرب أيضا أن تكون لهم‬ ‫مرتكزات حزبية على مستوى عالمهم وقوميتهم وعقيدتهم الواحدة وهي روح قوتهم و وحدتهم‪.‬‬ ‫أليس اإلنسانية والعدالة في التوزيع والسياسية الشرعية هي صلب مقاصد اإلسالم‪ .‬فالحكمة‬ ‫أن نأخذ من كل شيء أحسنه ونذر باطله ونسأل أهل الذكر فيما ال نعلمه‪.‬‬ ‫ حزب الشعب النمساوي ‪ : OVP‬لقد تأسس في ‪ ،0589‬من قبل ممثلي المجموعات الرئيسة‬‫للتجمع المسيحي االشتراكي في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وهو حزب المسحيين‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬وتعتمد مبادئه على دعم االتحاد الفيدرالي‪ ،‬وعلى المدمج االجتماعي والمساواة‬ ‫والعدالة في التوزيع‪ ،‬ويقوم على أساس مبدأ التكامل االجتماعي‪ ،‬ويسعى إلي التوافق بين‬ ‫مصالح القطاعات المختلفة للمجتمع االتحادي الذي يتحدث بثالثة لغات إنجليزية وفرنسية و‬ ‫ألمانية‪ ،‬وإن كانت األلمانية هي اللغة الرسمية‪ ،‬ومن أهدافه االلتزام بحرية واستقالل النمسا‬ ‫وبديمقراطية دستورية متعددة األحزاب واقتصاد سوق اشتراكي‪ ،‬ونظرته بشكل عام مرتكزة‬ ‫على مبادئه المسيحية بدون التزام بأي عقيدة أو مؤسسة كنسية معينة‪ ،‬ويعزز المؤسسات‬ ‫الديمقراطية وأن يلعب جميع أفراد الشعب دو في النشاط السياسي وفي تكوين الرأي العام‬ ‫السياسي‪ .‬ويتألف بشكل ثانوي من ستة اتحادات عمالية‪ ،‬وهي مؤسسات مدنية غير حكومية‪،‬‬ ‫وحسب قانون االتحادات والغرف في النمسا ال تمارس الحياة الحزبية بذاتها وإنما غرضها‬ ‫المصلحة العمالية‪ ،‬وبالتالي يمكن أن نصنف هذا الحزب في تقديري يجمع بين حزب العمال‬ ‫في بريطانيان والحزب االجتماعي االشتراكي في ألمانيا‪ ،‬وهكذا في أهم ما يميز العقلية‬ ‫األوربية أنها تنافسية مما يجعلها دائما في مستويات متقاربة في القوة والفعلية‪ .‬وتشمل اتحاد‬ ‫المزارعين‪ ،‬اتحاد التجار‪ ،‬حركة النساء‪ ،‬شبيبة الشعب‪ ،‬واتحاد المتقاعدين‪ .‬والهيئة العليا‬ ‫لحزب الشعب النمساوي هي "المؤتمر الوطني للحزب"‪ ،‬الذي يجتمع في كل ثالثة سنوات‬ ‫من أجل انتخاب كبار المسئولين وبخاصة رئيس الحزب ونوابه وأعضاء اللجنة التنفيذية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ حزب األحرار النمساوي ‪ : FPO‬كما تعلم بأنه بعد تحرير النمسا من ألمانيا‪ ،‬كانت قوى‬‫الحلفاء تتشكل من الدول الربعة الكبرى‪ ،‬ولم تتفق على تأسيس حزب خاص يمثل الليبرالية‪،‬‬ ‫وسمحت فقط بحزب الشعب المسيحي والحزب االشتراكي‪ ،‬وفي عام ‪ 0585‬تأسس كاتحاد‬ ‫يمثل المستقلين‪ ،‬وهو ما أرسى األسس لقوة سياسية ثالثة‪ ،‬وأنضم إليه كل من خابت أمالهم‬ ‫في حزبين اآلخرين‪ ،‬وهو عارض بشدة المعادلة المركسية ونظرية صراع الطبقات‪ ،‬قم‬ ‫الحزبين اللذين دائما يشكالن إتالف حكومي في قيام حزب ثالث وتفكك نتيجة لذلك‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ 0599‬تأسس حزب األحرار وشكل إيديولوجية واضحة تختلف عن الحزبين اآلخرين‪ ،‬وكان‬ ‫هو الحزب المعارض الوحيد خالل الفترة ‪ ،0599-0599‬وبعد عقد إتالف حزبي االشتراكي‬ ‫والمسحيين‪ ،‬واجه معارضة حزب الشعب خالل فترة الحكم ‪ ،0591-0599‬وعندما كان‬ ‫حزب االشتراكي يشكل األقلية في الحكومة دعي حزب األحرار لتحمل مسئولياته السياسية‪،‬‬ ‫وخالل ‪ 0511-0590‬كان الحزب االشتراكي هو صاحب األغلبية ويرأس الحكومة‪ ،‬وقد‬ ‫أصبح حزب األحرار يشكل موقف الشريك المتفاوض المستقل عن كل الحزبين المتنافسين‪،‬‬ ‫ومكنه ذلك أن يلعب دورا في صنع السياسات العامة‪ .‬ومن خالل برنامجه األساسي في عام‬ ‫‪ 051‬وبيانه الخاص بالمسائل االجتماعية يحث المواطنين على أهمية االنجازات الفردية‬ ‫وتحمل مسئوليات الحرية بدال من التضحية باألهداف الشخصية مقابل ضمان اجتماعي‬ ‫ظاهري‪ .‬وبالتالي هو حزب واضح معارض للحزبين اآلخرين ويكرس الرأسمالية الليبرالية‬ ‫بشكل أبعادها‪.‬‬ ‫ حزب الخضر للبيئة ‪ : Green Party‬في حقيقة األمر‪ ،‬تشكل حزب الخضر في ‪ 0591‬كما‬‫هو لحال في مثير من الدول األوربية‪ ،‬علما بأنه كان في األساس مجموعات تعمل من أجل‬ ‫حماية البيئة‪ ،‬ومن ثم تألف منها حزب الخضر‪ .‬وعندما كانوا كجماعات كانوا معروفين لدي‬ ‫الشعب وخاصة في دورهم أمام البرلمان ويقفوا في منع تخريب أحد الغابات وهي أخر غابة‬ ‫في وسط أوربا‪ ،‬ولكنهم في العام ‪ 0519‬أدركوا بأن تشكيل حزب يمثل مبادئهم ويشارك في‬ ‫السياسات العامة عبر الحكومات المنتخبة هو أقوى وسيلة‪ ،‬وبالفعل استطاعوا في ‪ 0519‬أن‬ ‫يحصلوا على ثمانية مقاعد‪ .‬ومن األهمية بمكان معرفة أن لهذا الحزب مبادئه العالمية‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬تشمل‪ ،‬أسس عالمية في عالقة البيئة باألحياء ‪ ،‬النزعة االجتماعية‪ ،‬األسس‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وعدم استعمال العنف وحرية الفكر والتحرر السياسي والتسامح‪ ،‬وبشكل عام‪،‬‬ ‫فإن هذه األحزاب مماثلة على مستوى أوربا وتستفيد من أدبيات بعضها‪ ،‬إال كل منها مختص‬ ‫في نطاق بالده‪ .‬وهي تشاهد تطور وباهتمام باستمرار‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وبشكل عام‪ ،‬نالحظ أنه منذ ‪ 0595‬يسيطر حزبان كبيران على الحياة السياسة في النمسا‪ ،‬وهما‬ ‫الحزب االشتراكي وحزب الشعب‪ ،‬بحصولهما على األغلبية في البرلمان بشكل متناوب‪..‬‬ ‫وعند دراسة توزيع القوى الحزبية خالل انتخابات ‪ ،0519 ،0512 ،0595 ،0599‬أن حزب‬ ‫االشتراكي فاز بالحكومة خالل ‪ 0599‬و ‪ 0595‬بزيادة بسيطة عن ‪ %91‬عن حزب الشعب‪،‬‬ ‫وتشكلت حكومة إتالف في ‪ 0512‬و ‪ 0519‬بحكم لم يتحصل أي حزب على األغلبية وتحصلوا على‬ ‫مقاعد بالكاد تكون مناصفة بما ال يتجاوز تسعة مقاعد من ‪ 013‬مقعد في البرلمان‪ ،‬وكانت مقاعد‬ ‫حزب األحرار دائما خالل هذه السنوات في حدود ‪ ، 01‬وتحصل في انتخابات عام ‪ 0519‬على ‪01‬‬ ‫مقعد وحزب الخضر على ‪ 1‬مقاعد‪.‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫قانون‬ ‫نظام األحزاب السياسية‬ ‫لفهم عملية تشكيل وإدارة األحزاب السياسية بفعالية‪ ،‬فهناك قانون خاص باألحزاب السياسة وهو‬ ‫األداة اإلدارية والسياسية والضوابط السلوكية والمنهجية‪ ،‬والذي في ظله تؤسس وتعمل األحزاب‬ ‫وتقوم بأدوارها الرسمية وتفي برسالتها الحقيقية بشكل مشروع‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فأنه في أي قانون سياسي لألحزاب هناك الجانب اإلداري والجانب السياسي وجانب‬ ‫الضوابط التأديبية‪.‬‬ ‫وكما ذكرنا تقاس مشروعية األحزاب السياسية ويقيم مدى نجاحها بمدى فعالية مخرجاتها وهي إنتاج‬ ‫سياسات عامة تحل مشاكل الناس الراهنة بكفاءة ومصداقية‪ ،‬وتكون على أسس فكرية تحقق لها‬ ‫منهجية علمية وعملية سليمة‪.‬‬ ‫وإذا ما تبنت األحزاب السياسية الدقة الفكرية وعالنيتها وسياساتها العامة المقترحة وفعاليتها فإنها‬ ‫سوف تكسب ثقل شعبي وقوة سياسية كبيرة‪ ،‬تعزز ديمومتها و تمركزها في الهيئة الحاكمة‪.‬‬ ‫وبذلك سوف نقسم مناقشة مقومات قانون األحزاب السياسية إلي ثالثة مكونات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ مكون التنظيم اإلداري‪.‬‬‫ مكون التنظيم السياسي‪.‬‬‫ مكون الضوابط السلوكية‪.‬‬‫وفيما يلي تفسير للعناصر التي تتشكل منها هذه المكونات في العملية الحزبية التعددية‪:‬‬ ‫‪ ، ،‬ترتكز عليها فعالية العملية الحزبية‪ ،‬وحقيقة دورها الجوهري في السياسات العامة‪:‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون التنظيم اإلداري‬ ‫يتضمن هذا المكون على مجموعة من العناصر التي توضح كيفية تأسيس األحزاب السياسية بحيث‬ ‫تكون أوال‪ ،‬مشروعة أي وفق الدستور‪ ،‬وثانيا لكي تكون موحدة في نظام الدولة‪ ،‬أي واضحة المعالم‬ ‫منذ البداية وتكون أسسها والنوايا عالنية ومنبثقة من قاعدة شعبية و وقادرة على أن تنمو على‬ ‫أرضية فكرية سليمة وخصبة تزودها بقدرة اإلثمار واالنتشار في الحياة بشكل طبيعي وإيجابية مفيدة‬ ‫للمجتمع ومفيدة للحياة الديمقراطية‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬وجدنا أن في القانون األساسي ما يجيز في الحياة السياسية أن تمنع أي أحزاب سياسية من‬ ‫العمل إذا وجد أنها تعيق الحياة الديمقراطية وتفشل التعددية الحزبية‪ .‬ولذلك رغم أن النظام األلماني‬ ‫اشتراكي إال أخضع االشتراكية لنموذج اجتماعي وجعلها خاضعة للديمقراطية وتقبل نظام االقتصاد‬ ‫الحر‪ .‬وهكذا لكل دولة خصوصيتها وهناك ظروف وتطورات بيئية مختلفة‪ ،‬فالبد من أن يكون هناك‬ ‫قانون عملي ومنهجي يحقق كفاءة العملية الحزبية‪.‬‬ ‫كما أننا نجد في القانون األلماني بأن اختيار قيادات األحزاب تكون عن طريق "االنتخاب"‪ ،‬وبالطبع‬ ‫هناك مراقبين من الحكومة ومن مؤسسات المجتمع المدني وبشكل يعكس مصداقيتها والتفاعل العلني‬ ‫الحيوي‪.‬‬ ‫وباختصار شديد في المكون اإلداري دائما هناك ثالثة مسائل في غاية األهمية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ وجود قاعدة شعبية تشرع لتأسيسه‪ :‬متكون هناك قوة شعبية تجيز "الفكر الحزبي"‪ ،‬وتدعم‬‫مشروعية الموافقة التشريعية بشأن "منح اإلذن أو سحبه"‪ .‬كما أنه في حقيقة األمر‪ ،‬هذه‬ ‫القوة‪-‬الشرعية الشعبية هي متغيرة‪ ،‬أي بعد انتهاء الفصل التشريعي وانتخاب برلمان جديد‬ ‫تتقدم األحزاب المرفوضة مرة أخرى وتعديل ما يجب تعديله‪ ،‬ودائما تكسب طالما لها قوة‬ ‫شعبية ومبادئ وأهداف مشروعة وطنيا وسياسيا وحضاريا وإنسانيا وعالميا‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ قيادات حزبية مشروعة‪ :‬وهي ترتكز على عملية االنتخاب الحزبي المقنن‪ ،‬وترتكز على‬‫موافقة الشعب وموافقة السلطة التشريعية‪ .‬ونشير هنا إلي أن العملية الحزبية هي من ينتج‬ ‫قيادات الدولة في النظم الديمقراطية‪ .‬أي بكلمات أخرى‪ ،‬الذين ينصبون أنفسهم في الهيئة‬ ‫العليا لألحزاب هم من سيكون في الحكم‪ ،‬فالبد أن يكونوا في األساس منتخبين‪ ،‬لكي يقبلوا‬ ‫بتداول السلطة فيما بعد عن طريق االنتخاب العام‪ ،‬ولكي يجعلوا حزبهم متجدد ويفرز أفضل‬ ‫القيادات وال تكون محتكرة كأي مؤسسة خاصة‪ .‬فاألحزاب السياسة مؤسسة عامة وتؤسس‬ ‫وفق قانون عام سيادي‪.‬‬ ‫ مراقبة التمويل‪ :‬حيث تخضع مراقبة حسابات األحزاب لديوان المحاسبة‪ ،‬فهو كأي جهة‬‫رسمية من مكونات الدولة‪ .‬وكما ذكرنا هذه األحزاب هي من ينتج رؤساء الدول ورؤساء‬ ‫البرلمانات وتؤثر على تعيين الوزراء والسفراء وقيادات الجيش‪ ،‬فالبد أن تكون مؤسسة‬ ‫تمتع بالشفافية‪ ،‬والمصداقية والكفاءة المحاسبية‪ ،‬والكفاءة القيادية في كيفية اإلنفاق‬ ‫ومخرجاته‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أننا قمنا تصنيف المقومات على هذا النحو للتركيز على حتمية أن يعي كل حزب‬ ‫سياسي كامل وجباته قبل أن يقفز للممارسة دوره السياسي والمطالبة بحقوقه‪.‬‬ ‫والقانون يوضع من منظور كيف يصنع أحزاب متعددة قوية سليمة شرعية مخلصة للوطن والمجتمع‬ ‫والقيم العالمية واإلنسانية‪.‬‬ ‫فرسالة العرب في األرض هي تجسيد مكارم األخالق‪ .‬ويكون ذلك بنشر السالم ومنهج اإلسالم خير‬ ‫معين‪ ،‬ونشر األمان و وسيلة اإليمان بالحق هي أفضل طريق‪.‬‬ ‫وفيما التفسير السياسي لبعض هذه العناصر الحزبية األساسية‪:‬‬

‫مشروعية‬ ‫"اللجنة العليا" المختصة بشئون األحزاب السياسية‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬هذا عنصر جوهري‪ ،‬في العملية الحزبية التعديدية الصادقة والفاعلة والمشروعة‪،‬‬ ‫وكما ذكرنا البد من أن يضع الدستور الوطني أسسها بدقة و وعي تام‪ ،‬فهي القيادة العليا للعملية‬ ‫لحزبية السياسية في البالد‪ ،‬وهم وجه الدستور‪ ،‬وسوف يعملون وق ما يحدد الدستور المنتج مسبقا‪،‬‬ ‫فدستور ناقص يؤدي إلي ممارسة حزبية ناقصة ومشوهة‪ ،‬ودستور كامل وشعب واعي ومسئول‬ ‫سوف يؤدي ذلك إلي عملية سياسية ناجحة وممارسة حزبية دقيقة ومتطورة وفاعل‪ .‬وبالتالي البد من‬ ‫مالحظة التالي‪ – )0( :‬أن يحدد الدستور تبعية واختصاصات هذه اللجنة بصراحة واضحة‪ ،‬حيث في‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الديمقراطية التعددية البد أن ينس الدستور بأن على البرلمان المنتخب تشكيل لجان متخصصة‪ ،‬ومنها‬ ‫"للجنة شئون األحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني"‪ ،‬وأن تكون هي الجهة اإلدارية العليا‬ ‫لمتخصصة بكافة نواحي واحتياجات وضوابط وحقوق وتراخيص األحزاب السياسية ومؤسسات‬ ‫المجتمع مدني‪ .‬وعدم وضع هذه اللجنة تحت رقابة أو تبعية السلطة التنفيذية فهذا خطأ ديمقراطي أو‬ ‫عدم ذكر تبعيتها فهذا تضليل سياسي‪ )2( ..‬أن تتقدم األحزاب الجديدة بطلبات تأسيسها إلي هذه اللجنة‬ ‫وليس للسلطة التنفيذية أي عالقة مباشرة وال يجوز التدخل في شأن إدارة األحزاب السياسية بأي‬ ‫شكل أو وسيلة أو أي وجه خالفا لدستور‪ ..‬فحقيقة األحزاب السياسية هي جزء من المجتمع المدني‬ ‫المنافس على السلطة‪ ،‬ويسعى لتقديم دور أفضل وإقناع الشعب أهمية دوره وفكره وبرامجه‪)3( .‬‬ ‫يكون التمويل الرسمي لألحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن طريق هذه اللجنة‬ ‫المتخصصة وليس بأمر من الحكومة‪ ،‬وبالتالي تضع هذه اللجنة التقديرات السنوية وفق األحزاب‬ ‫الفاعلة والمرخصة وكذلك كافة مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في شأن محدد‪ ،‬وعادة ما سن‬ ‫قانون األحزاب السياسة هذه القيمة‪ ،‬بحيث هي متغير‪ ،‬تزيد مع الزمن وحجم الحزب‪ ،‬فمثال نجد في‬ ‫هذا لشأن أن القانون المصري حدد مئة ألف جنيه للحزب السياسي وعشرون ألف للمؤسسة الخيرية‪..‬‬ ‫وأشترط أن يكون الحزب قد أكتسب ما اليقل عن ‪ %9‬من مقاعد البرلمان‪ ،‬وهذا شرط هام من أجل‬ ‫تميز األحزاب الفاعلة والتي لها شرعية شعبية من تلك الغير فعلية‪ ،‬كما يمنع أن تستغل تأسيس‬ ‫األحزاب من أجل كسب الدعم المالي البرلماني أي الشعبي‪ ..‬كما أنه هناك ضابط أخر هام‪ ،‬وهو أن‬ ‫حج م هذا الدعم يزيد كلما زادت عدد المقاعد مكتسبة باالنتخاب‪ ،‬وهذا يعكس أحقية لحزب بحكم‬ ‫حجمه الشعبي‪ ،‬كما أنه يمثل نسبة أكبر من لمجتمع فيجب أن يكون له حجم أكبر نسبي من لدعم‬ ‫العام‪ ،‬واللجنة السياسية البرلمانية هي من تضع هذه التقديرات وتتابع هذه الضوابط وتصرف هذا‬ ‫ا لتمويل‪ ،‬وهي في ذاتها تخضع لرقابة ديوان المحاسبة بالدولة‪ ،‬إذا نحن نتكلم عن منظومة ديمقراطية‬ ‫محكمة البد من توليها من ناس أمناء وليسوا بخبثاء وناس وطنيين وليسوا بمضللين‪ )3( .‬من‬ ‫صالحية البرلمان االستعانة بكل من تراه مناسبا للتكليف لعمل بهذه اللجنة المتخصصة‪ ،‬فهي تطبق‬ ‫الدستور وال تمثل أحد‪ ،‬ويجب أن يكون االختيار من المستقلين بشكل صحيح ال غبار عليه‪ ،‬ويمنع أن‬ ‫يكون من ضمنها من شارك في تأسيس أو قيادة أو إدارة أي حزب سياسي فاعل أو موقوف أو منحل‪،‬‬ ‫ألن في ذلك ضرر على األحزاب األخرى وسوف يحدث خلل‪ ،‬كما أنه من واجب كل برلمان جديد‬ ‫منتخب أن يقيم اللجنة الموجودة فإذا توفر ثلثي أصوات البرلمان يستبدل عضو للجنة أخر أجدر‪)8( .‬‬ ‫أهمية معرفة أن هذه اللجنة هي قيادة تنسقيه بدون سلطات‪ ،‬وهي الجهة الوحيدة التي تتعامل مع‬ ‫ألحزاب‪ ،‬وال يجوز لألحزاب السياسية أن تراسل أو تتصل أو تتعامل مباشرة مع الحكومة أو‬ ‫البرلمان مباشرة‪ ،‬ألن هذه المؤسسات هي خليط من األحزاب حسب نسبة فوزا‪ ،‬وطالما هي في‬ ‫الحكم فقد أصبحت تمثل كل الشعب وال تمثل حزب بعينه‪ ،‬وعندما يالحظ عليها ذلك تتعرض‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫لالستدعاء إلي البرلمان للتحقق ومن ثم االستجواب وهو طريق لسحب الثقة عندما يكن هناك مؤيدات‬ ‫تؤكد خلل في التطبيق الحزبي السياسي‪ .‬إذا دور اللجنة أيضا رقابي على صحة سير العملية الحزبية‬ ‫منذ التأسيس‪ ،‬وعبر االنتخابات‪ ،‬وخالل كل مراحل التنفيذ التشريعي والتنفيذي‪ )9( .‬هناك دور‬ ‫المعارضة الحزبية‪ ،‬وهو عندما يكون هناك حزب فاز بعدد كبير من األصوات وخرج منافسه م‬ ‫السلطة بخسارة كبيرة‪ ،‬فتحدث عملية "المعارضة السياسية" اإليجابية وهي صحية سياسية طالما‬ ‫كانت علمية وعقالنية و واقعية و وطنية‪ ،‬فمثال‪ ،‬يتخذ الحزب الحاكم وهو الغالب في عدد مقاعد‬ ‫البرلمان والمناصب الوزارية سياسية أو قرار سلم أو حرب أو خطة تنمية فاشلة‪ ،‬فيقوم بطرح أفكاره‬ ‫في صحفه ومؤتمراته وتصريحاته فقط وال يجوز له التظاهر أو المشاركة في إضراب أو التحريض‬ ‫ضد الحكومة فهي متخبة وشرعية‪ ،‬ولكن يحدد الخطأ ويعرض الصوب والشعب هو من يحكم ومن‬ ‫يحدد وسيلة التصرف بدون وجود عمل تنفيذي أو مشاركة ملموسة من الحزب في ميادين تظاهر أو‬ ‫إضراب الشعب‪ )9( .‬إذا عرف الشعب مسئوليته باستمرار عبر األجيال وعرف الحزب دوره في كل‬ ‫األوضاع وعرفت الجنة األحزاب والبرلمان أمانتها بإخالص للوطن والمجتمع تحققت الديمقراطية‬ ‫في أرض الواقع بنجاح وبقدر مستوى كمال الدستور ودقته‪.‬‬

‫مشروعية‬ ‫األسس الفكرية والبرامج السياسية‬ ‫على كل حزب سياسي أن يضع بدقة وشمولية كافة مبادئه وأهدافه‪ ،‬ويقدمها إلي اللجنة السياسية‬ ‫بالبرلمان في طلبه للترخيص‪ .‬وتعتبر تلك المبادئ واألهداف من العناصر الجوهرية في اتخاذ قرار‬ ‫األذن الدستوري حقه في ممارسة هذا الحزب السياسي دوره المدني والسياسي وأن يتنافس مع غيره‬ ‫من األحزاب في الوصول إلي السلطة‪ ،‬أو رفض منحه األذن مع ذكر أسباب الرفض للمتقدمين‬ ‫بتأسيس حزب سياسي‪ .‬وهناك اشتراطات دستورية فيما يتعلق بجملة هذه المبادئ واألهداف فهي‬ ‫يجب أن مشتركة ومتجانسة على مستوى الدولة مع غيرها من مبادئ وأهداف األحزاب األخرى‪،‬‬ ‫وهذا أمر حيوية للغاية‪ ،‬حيث يجب أن تكون اللجنة السياسية التابعة للبرلمان من العلماء والكتاب‬ ‫والمفكرين والخبراء بحيث يحققوا بأن مقصود األحزاب هو تكوين قوى سياسية متجانسة وفي اتجاه‬ ‫خدمة البلد وليس بأي حل أن تكون معادية لبعض أو متصارعة أو في خدمة أجندة خارجية أو عبثية‬ ‫أو غير عميقة في طرحها مما يدل على سطحيتها وعدم تأهلها بشكل كافي مما سيكون له أثر سلبي‬ ‫على الديمقراطية أكثر من كونه إيجابي‪ ..‬ولذلك نجد في العالم بأنه دائما ما يكون هناك حزبين‬ ‫رئيسيين لقوة مبادئهما وأهدافهما في أعين جميع الناس‪ ،‬مع وجود حزبين أخريين دائما قريبين منهما‬ ‫وذلك لوجود اختالفات معقولة ومحدودة وتنوع مفيد‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬حزب العمال وحزب‬ ‫المحافظين في بريطانيا لهما قوة شعبية كبرى وهما يتداوالن على السلطة بشكل يعزز أهمية‬ ‫الديمقراطية الحزبية المثمرة‪ ،‬وهناك حزب األحرار وهو حزب دائما في المرحلة الثالثة وهو يجمع‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وسط بينهما وهو األقرب إلي حزب العمال ونجد هناك دائما حزب ديني وهو يحل رابعا وهو أقرب‬ ‫للمحافظين‪ ..‬وبذلك تأتي حكومة وبرلمان متنوع وقوي ‪ ..‬وها بسبب أهمية قوة تحديد المبادئ‬ ‫واألهداف من األساس‪ .‬ولذلك نجد اليوم كثرة التحالفات والتكتالت والتجمعات بين األحزاب ألنها‬ ‫في األساس واحدة‪ ،‬ولكن كل مجموعة تأسيسية تود أن تكون هي الهيئة المسيطرة التنظيمية في‬ ‫الحزب‪ .‬وهذا من جوانب الضعف البشرية‪ .‬ولكن سوف نذكر عنصر أخر هام يحد من تفاقم وتوسع‬ ‫هذه السلبية الذاتية‪ .‬ومن األهمية بمكان أن نذكر المعاير التي تقوم اللجنة السياسية على أساسها في‬ ‫القبول أو الرفض‪ ،‬فهي ليست عملية مزاجية أو حسب أهواء معينة‪ ،‬بل هناك معايير يستندون عليها‬ ‫في اتخاذ قراراهم‪ ،‬ولكي ال تفشل التعددية الحزبية بسبب تكليف لجنة غير واعية بشكل سياسي‬ ‫وديمقراطي و وطني وإنساني بشكل كافي‪ ،‬حيث تقوم اللجنة السياسية على وضع معاييرها‪ ،‬منها‬ ‫"معيار التنمية"‪ ،‬مثال التقدير بشكل دقيق هل هذه المبادئ واألهداف تحقق تنمية فعلية للبلد أم تعوقها‪،‬‬ ‫وهل يمكن أن يضع هذا الحزب برامج عملية منافسة مع غيره من األحزاب ويكون فاعال وهل هو‬ ‫مؤيد لحالة التنمية الراهنة أم معارض لها ولماذا ومدى الفائدة في كل حال‪ ، .‬انه إما هو مؤيد لها أو‬ ‫معارض ولماذا؟‪ ،‬و "معيار السلم االجتماعي" دراسة مدى مساهمة المبادئ واألهداف على الوضع‬ ‫االجتماعي بالبلد وأثارها السلبية واإليجابية‪ ،‬و "المعيار اإليديولوجي" وهذا هام فهناك إيديولوجيات‬ ‫متطرفة وخاصة عندما يقرر الدستور بأن العقيدة اإلسالمية هي مصدر التشريع‪ ،‬إذا على اللجنة‬ ‫السياسية أن يكون في طلب الحزب ما يفيد قدسية الملكية الخاصة وحرية النشاط االقتصادي وغيرها‬ ‫م األسس التي حددها لدستور كما ذكرنا سابقا‪ .‬ومعيار اإليديولوجية هو واسع للغاية كأن يكون في‬ ‫تلك المبادئ عدم السماح بمزاولة أية أنشطة محرمة كحانات الخمور وغيرها التي ال ترفضها‬ ‫األحزاب العلمانية الليبرالية‪ ..‬وكما ذكرنا أن مهمة األحزاب هو لوصول لسلطة من أجل التنمية‬ ‫السياسية واالقتصادية وال يجوز بحال إفساد المجتمع والفرد واألسرة ومخالفة العقيدة‪ ..‬و "معيار‬ ‫العالمية" وهو التأكد من أن الحزب من خالل مبادئه ال يهدف إلي جعل البلد مغلقة أو يحولها إلي‬ ‫الحزب الواحد الحاكم الغير المنفتح على غيره أو رافض للحضارة أو رافض لإلسالم وغيرها من‬ ‫الرساالت السماوية‪ ،‬أو أن يكون يستند على أسس حركية أي استخدام العنف أو رافض للتقدم القافي‬ ‫واالجتماعي واالقتصادي والسياسي‪ .‬وبذلك على أساس مثل هذه المعايير التي تضعها هذه اللجنة‬ ‫ويصادق عليها البرلمان تكون أساس اتخاذ قراراتها في منح التراخيص وسحبها وتقويم ومتابعة دور‬ ‫األحزاب السياسية‪ ..‬والقضاء والمحكمة الدستورية هي الجهة النهائية التي تفصل في أي طعون‪.‬‬

‫المشروعية‬ ‫السياسية بوجود قوة شعبية حقيقية كافية‬ ‫يشترط قانون األحزاب السياسية أن يكون هناك عدد كبير من المؤسسين وموزعين على مستوى‬ ‫الدولة‪ ،‬فمثال‪ ،‬قانون األحزاب المصرية يشترط عدد المؤسسين ال يقل ألف شخص موزعين على‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫محافظات الدولة وأن ال يقل عن خمسون شخص من كل محافظة‪ ،‬وهذا العنصر الشعبي يؤكد بأنه‬ ‫كل حزب جديد لديه قاعدة شعبية حقيقية وشرعية أساسية في قبول مبادئه وأهدافه ورؤاه‪ ،‬كما يطمئن‬ ‫بأن لديه مستقبل للتوسع‪ ،‬وأنه قادر على المنافسة‪ ..‬وعلى كل حال‪ ،‬يجب فكريا وعمليا أن يبدأ كل‬ ‫حزب جديد بعرض أفكاره وأخذ وقت كافي في تكوين هذه القوة السياسية الشعبية المؤمنة حقيقة‬ ‫برسالته وصحته وأهميته وتوزيع األدوار الملزمة بإدارة شئون الحزب بهذه المحافظات‪ ،‬ألن الحزب‬ ‫هو مؤسسة عامة على مستوى البلد ويعد العاملين عليها كالموظفين العموميين‪ ..‬وعلى األحزاب‬ ‫السياسية القديمة أن تهتم يوميا بعملية تطوير وتوسيع سجل المنتسبين إليها فهذه هي قوتها الشرعية‬ ‫الحقيقية‪ ،‬وهناك عدة وسائل من أهمها المؤتمرات العلمية والفكرية والمنشورات كوجود جريدة‬ ‫خاصة‪ ،‬وظهور أعضاء هيئتها القيادية كثيرا في وسائل اإلعالم وبرامج الحوارات والمناظرات وهذا‬ ‫يكسبهم القبول والثقة الالزمة للمنافسة واالستمرارية‪ .‬كما أننا نالحظ أن "العتبة البرلمانية" هي أيضا‬ ‫تهدف إلي تشكيل المجتمع في تكوينات سياسية حقيقة لها أصل شعبي متفاعل‪ .‬وال يعقل أن يكون‬ ‫هناك كيانات سياسية تتكون من ثالثة أفراد أو أن يسمح بتشكيل تحالف قوى وطنية غير عقالني‬ ‫وليس بإستراتيجي أن يضم عشرات من هذه الكيانات المؤسسة بغير دستور‪ ،‬ولم يعرف الشعب‬ ‫فكرها السياسي المعلن لكل كيان صغير وليس لها وليس لها برامج مقبولة في المجتمع وقيادتها غير‬ ‫منتخ بة‪ .‬إذا مع كل قانون أو تجربة البد أن نكون حذرين لكي ال تنحرف الديمقراطية القانونية عن‬ ‫مشروعيتها ومنهجيتها الفعالة‪.‬‬

‫مشروعية‬ ‫القيادة الحزبية‬ ‫وهذه مسألة في غاية األهمية‪ ،‬حيث تلزم اللجنة السياسية التابعة قاعدة الشعبية بأن تنظر في حقيقة‬ ‫مؤسسي ‪ ،‬أي أسماء اللجنة التأسيسية وأسماء لهيئة العليا الخاصة بقيادة الحزب في بداية تأسيسه‪،‬‬ ‫وفي كل المراحل‪ ،‬فإذا تبين وجود عائق قانوني جنائي أو عائق سياسي و وطني وتاريخي كمشاركة‬ ‫أحد األعضاء في فساد سياسي وتضليل تاريخي وإساءة أو خيانة وطنية أن ترفض طلب التأسيس‬ ‫وتبلغ الحزب بأسباب الرفض‪ .‬وفي حالة القبول اللجنة السياسية التخصصية ومن ثم موافقة أغلبية‬ ‫أعضاء البرلمان‪ ،‬تعرض أسماء مؤسسي الحزب وأعضاء هيئته العليا ولمدة شهر في مقر البرلمان‪،‬‬ ‫ومقر مجلس الشورى وفي الجريدة الرسمية وفي جريدتين أكثر انتشارا في البلد وذلك لغرض انتظار‬ ‫اعتراض الشعب‪ ،‬وفي حال وجود اعتراض من الناس و ووجود مستندات يستدعى أعضاء والحزب‬ ‫ويدرس رأيهم ويبث البرلمان فيما رأته لجنة األحزاب السياسية بالبرلمان‪ .‬وهذا العنصر يحقق مبدأ‬ ‫البيعة الخاصة ثم البيعة العامة متابعين في شأن الشرعية الشعبية والشورى‪ ،‬كما يحقق مبدأ ما يكون‬ ‫أساسه سليم صحيح ونظيف يكون كيانه مشروع ومفيد وطاهر ال يضر بالبيئة االجتماعية والسياسية‬ ‫والثقافية واالقتصادية والعالمية واإلنسانية والحضارية‪ ،‬وهذه أمانة اإلنسان في األرض وهي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫اإلصالح والسعادة والسالم واألمان والخير والنفع‪ ..‬وبذلك نجد أن قيادات الحزب تسعى بعد تأسيسها‬ ‫أن تستدعي جميع المنتسبين إلي ترشيح الهيئة التنظيمية والقيادية للحزب والمؤهلة لخوض‬ ‫اال نتخابات القادمة وعرضها على الشعب على أنها مناسبة للمشاركة في سلطات ورئاسة البلد‪.‬‬ ‫وبالتالي هذا العنصر في صالح كفاءة العملية الديمقراطية وفي صالح الحزب السياسي أيضا‪.‬‬

‫المشروعية‬ ‫الوطنية الخاصة بتأسيس الحزب‬ ‫في حقيقة األمر يجب على المشرع والسياسي والمواطن أن ال يفهم بأن المقصود من تحديد كافة‬ ‫االشتراطات هي من أجل تضييق الخناق على الحزب السياسي وإضعاف فعاليته‪ ،‬فهذا خطأ كبير‬ ‫ومخالف لما سيأتي في عنصر الحقوق السياسية الالحق‪ ،‬ولكن المقصود هو الترشيد والتوجيه‬ ‫اإلداري السليم بحيث يكون الحزب السياسي يعمل في اتجاه مستقيم في خدمة دولة‪-‬الدستور وسيادة‬ ‫القانون‪ .‬وهي عادة ما تشمل‪ ،‬وعلى سبيل المثال وليس الحصر‪ ،‬نأخذ قانون األحزاب السياسية في‬ ‫مصر رقم ‪ 088‬لسنة ‪ 011‬والمعدل في ‪ ،2119‬وكأن ينص على األتي" يتشرط لتأسيس أو استمرار‬

‫أي حزب سياسي ما يلي‪-0:‬عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو أساليبه‬ ‫في ممارسة نشاطه مع الشريعة اإلسالمية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع في الدستور‪ ،‬ال‬ ‫يتعارض مع مبادئي ثورتي مصر في ‪ 0592‬و ‪ ( 0590‬وفي تقديري‪ ،‬هذه مسألة شرطية في غاية‬ ‫األهمية فقد ضاع جوهر الديمقراطية برمته وضاع معها الدستور حيث هذين الثورتين تفرض الحكم‬ ‫العسكري وهذا مخالف لمفهوم الدولة المدنية بالدستور ومخالف للعملية الديمقراطية الكاملة حيث ال‬ ‫يجوز للدين والقوات المسلحة أن تكون طرفا في ممارسة السلطة التنفيذية)‪ -3 .‬يشترط الحفاظ على‬ ‫الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي والنظام االشتراكي الديمقراطي والمكاسب االشتراكية (وأيضا‬ ‫هذه مسألة شرطية تدمير للديمقراطية‪ ،‬حيث ربط القيم العليا وهي الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي‬ ‫مع منهج ونظام االشتراكية‪ ،‬وبالتالي أصبح قانون األحزاب السياسية يخدم إيديولوجية معينة ومن‬ ‫الخطورة بمكان أن هذه اإليديولوجية أممية وترفض التعددية الحزبية وترتكز على الحزب الواحد‬ ‫الحاكم والقوي والعنيف‪ ،‬هكذا تقول الحقائق السياسية‪ ،‬وبالتالي وضع شرط لواد الديمقراطية الحزبية‬ ‫بشكل قانوني وممارسة سياسية متقنة‪ -8 .‬تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا‬ ‫البرنامج تميزا ظاهرا عن األحزاب األخرى (وفي تقديري مثل هذه المسألة الشرطية تضيق الخناق‬ ‫على الحزب وتجعله مجرد يبتكر وسائل أقوى لخدمة لشرط السابق أو ينطوي تحت لحزب الواحد‬ ‫الحاكم‪ ،‬حيث ي تقديري الشعب هو لمسئول على تمييز فيما ين األحزاب السياسية وأيهما يقبله وأيهما‬ ‫يرفضه‪ ،‬وللشعب لحق أن يرفض استمرارية أي حزب ويطالب بحله‪ .‬وهذا ما يترض أن يحدد بدقة‬ ‫وبشكل كافي ومقنع للجميع‪ -9 .‬يتشرط في قيام الحزب السياسي في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة‬ ‫نشاطه أو اختيار قيادته أو أعضائه على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫التفرقة بسبب الجنس أو األصل أو الدين أو العقيدة (وفي تقديري هذا أو شرط طبيعي في قائمة‬ ‫االشتراطات التي تقيد الصالحيات وتحدد الواجبات)‪ – )9(.‬شرط عدم التسلح أو االنطواء تحت أي‬ ‫تشكيالت عسكرية أو شبه عسكرية أو مسلحة‪( ،‬وفي حقيقة األمر عبارة شبه مسلحة تعني يمنع على‬ ‫الحزب التدريب ا لبدني الشاق وغيرها مما تدل على القوة البدنية وتحمل أعباء شاقة وفي حقيقة األمر‬ ‫هذه عبارة غير واضحة فقد تلصق التهم ويكون الحزب بريء حيث قد يرغب في إقامة أو المشاركة‬ ‫أو دعم أو تشجيع برامج ميدانية ألعضائه وتدريبات الدفاع عن النفس كرياضة نفسية فتؤخذ بتفسير‬ ‫سياسي خاطئ‪ ..‬ويجب أن تستبدل بأن ال يجوز للحزب السياسي أن يكون طرف مباشر أو غير في‬ ‫أي تنظيم سري يهدف لإلطاحة بالنظام بالقوة"‪ – )9( .‬يتشرط أن ال يشارك أي من قيادات الحزب‬ ‫في الدعوة سرية أو عالنية تناهض مبادئ الدستور وسيادة القانون‪ )1( .‬يشترط عالنية مبادئ‬ ‫وأهداف وبرامج الحزب السياسي وكذلك كل فروعه وتنظيماته و وسائله وعضويته وقيادته المنتخبة‬ ‫ومصادر تمويله‪ - )5( .‬يشترط عدم ارتباط الحزب السياسي بأي تنظيم خارجي ويمنع من أن يكون‬ ‫للحزب السياسي أي فروع له خارج البالد "وهذا شيء طبيعي وكذلك أن ال يكون ممثل لحزب‬ ‫خارجي ألن الحزب السياسي بكل بلد هو ممثل إلرادة شعبه ويسعى لتحقيق مطالبهم وكسب تأييدهم‬ ‫والمحافظة على سالمة الوطن ومصالح المجتمع‪ ...‬وفي تقديري فقد طرحت في خاتمة الكتاب مسألة‬ ‫الدستور العربي النموذجي ومن خالله تغرس بذور الوحدة والتكاملية العربية المصيرية"‪)01( .‬‬ ‫يشترط أن يكون للحزب السياسي أسم يميزه عن بقية األحزاب السياسية المرخصة بالبلد وأن تكون‬ ‫جميع مقاره بالبلد معروفة وفي غير األماكن التعليمية واإلنتاجية أو الخدمية "وكذلك هنا يمكن إضافة‬ ‫المواقع العسكرية"‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬املكون السياسي احلزبي‬ ‫يجيب هذا المكون على ما هي كافة الحقوق السياسية المسموح لألحزاب بممارساتها وما هي‬ ‫الضمانات الالزمة‪.‬‬ ‫وبالتالي هناك عناصر عديدة مما أن تشرع بقانون األحزاب السياسية‪ ،‬وأن يكون لها أساس‬ ‫دستوري‪ ،‬وفيما يلي‪ ،‬وعلى سبيل المثال ومن أجل التفسير السياسي‪ ،‬بعض من هذه العناصر‪:‬‬

‫حق‬

‫تكوين األحزاب السياسية‬

‫يحق لجميع المواطنين تكوين أحزاب سياسية تعبر عن أفكارهم وأمالهم وتحقق مصالحهم وتجسد‬ ‫سلمهم االجتماعي وتضمن أمنهم وطنهم‪ ،‬وتجمعهم عقالنيا وفكريا تحت لواء سياسي ناضج تتشارك‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتتفاعل فيه مشاعرهم ورؤاهم و أرائهم لتخلق قوة سياسية اجتماعية اقتصادية ثقافية متوافقة‬ ‫ومتجانسة ومتحدة وطنيا وأخالقيا وقانونيا ومصيريا‪ ،‬من أجل حماية الدستور وفعالية الديمقراطية‬ ‫الحقيقية‪ ،‬بعيدا عن كل أنواع التصادم والعصبيات المعرقلة لحركة التنمية والنهضة والتحضر‪ ،‬وفي‬ ‫سبيل تحقيق ذلك تكون األحزاب السياسية لتقوم بتمثيل تيار سياسي معين له رؤيته الواضحة وأهدافه‬ ‫المشروعة وبرامجه الفاعلة في تحقيق حريات وحقوق وكرامة ورفاهية المجتمع وسالمة الوطن‪ ،‬وله‬ ‫القيام بدوره السياسي كامال في ظل أحكام الدستور وهو األساس ‪ ،‬والقانون يمثل الالئحة التنفيذية‬ ‫المنظمة ألعمال األحزاب السياسية‪.‬‬

‫حق االنتماء السياسي للجميع‬ ‫يجب أن يسن القانون بوضوح أنه يحق لكل مواطن غير مدان جنائيا أو وطنيا حق االنتماء ألي‬ ‫حزب سياسي طبقا ألحكام هذا القانون‪ ،‬وال يحق أن يالحق أو يميز أو يراقب أو تمس حرياته‬ ‫وحقوقه بسبب هذا االنتماء السياسي‪ ،‬وهذا ما يميز النظام السياسي الحر عن النظام السياسي‬ ‫المستبد‪ .‬ولكن كما ذكرنا العملية الحزبية منضبة وليس مفلتة‪ ،‬فال يعني مثل هذا االنتماء أن يسمح له‬ ‫بحال أن يؤثر سلبا على العقيدة أو سالمة الوحدة الوطنية أو مصلحة المجتمع ونفوذ الدولة في البيئة‬ ‫العالمية‪ .‬فالدستور يضع األساس القانوني لمنع مثل هذا االنحراف وتحديد إجراءات التصويب‪ .‬فعلى‬ ‫المواطن مسئولية تحري التوجهات السياسية وتطوراتها وحقيقة القيادات الحزبية فهذه مسئولية‬ ‫تاريخية على عاتق الشعب بكامله‪ .‬فكل مسئول على انتمائه‪ ،‬وكل أمين على صوته‪ ،‬والديمقراطية‬ ‫القانونية أساسها العملية الحزبية التعددية وحق االنتماء للجميع أن يختاروا بين األحزاب السياسية‬ ‫المشروعة المعلنة حسب الدستور والقانون‪ .‬وخالصة القول بأنه ال يجوز االنتماء لألحزاب‬ ‫والحركات السرية في ظل أي دولة دستورية‪.‬‬

‫حق النظام العام أن تكون قيادات األحزاب منتخبة‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬يتيح هذا المبدأ ويلزم كل مواطن باالنسحاب من الحزب السياسي الذي ال يشارك‬ ‫فيه باختيار قيادتهـ فكونه عضو البد وأن يكون له صوت حزبي حسب الدورات االنتخابية المتزامنة‬ ‫مع دورات االنتخابات العامة من أجل تجديد القيادات وضمان النجاح في المنافسات‪ ،‬وهذا ما نشاهده‬ ‫اليوم في الدول المتقدمة‪ ،‬ونجحت فيه وأعجب الكثيرين بفعاليته وحضاريته‪ .‬حيث تعتبر القيادة‬ ‫الحزبية المنتخبة مؤشر هام جدا لنجاح السياسي وفعالية نموه في حجمه وأثاره‪ ،‬حيث األحزاب‬ ‫السياسية هي مكون من مكونات المنظومة الديمقراطية التحررية‪ ،‬ولذلك فإنها في نهاية المطاف‬ ‫تسعى للوصول إلي السلطة عن طريق "آلية االنتخابات" وهي آلية قانونية و وسيلة سياسية ومكون‬ ‫أساسي في بناء المنظومة الديمقراطية التامة‪ ،‬لذلك ينبغي عليها أن تكون قيادتها منتخبة داخليا في‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫نطاق الحزب بشكل سليم ومشروع‪ ،‬وبذلك تجسد مبدأ االنتخاب الخاص قبل االنتخاب العام‪ ،‬ولتفرز‬ ‫للمجتمع أفضل قدراتها القيادية‪ ،‬التي تعول عليها وتنافس غيرها في خدمة المجتمع والوطن‪ ،‬وعادة‬ ‫ما تكون لكل حزب الئحته االنتخابية الداخلية‪ ،‬وبذلك يكون لكل منتسب الحق في الترشح للتنافس‬ ‫على قيادة الحزب قبل التنافس على قيادة الدولة‪ ،‬وتوضح الئحة الحزب كل الضوابط واالشتراطات‬ ‫للتأهيل والشرعية‪ ،‬وعادة مل يكون التدرج عامل هام لبناء تجربة سياسية مفيدة‪ ،‬إال أنه قد ينضم‬ ‫للحزب مؤخرا من يكون له وزنه الفكري والوطني والعلمي في المجتمع‪ ،‬فاألساس أن تكون هناك‬ ‫دائما قائمة بالمرشحين الراغبين جاهزة لقيادة الحزب‪ ،‬ومعروفة لدي كل المنتسبين‪ ،‬حيث التعدد‬ ‫القيادي يعبر أن الحزب السياسي له قدرات قيادية وساعة‪ ،‬ألنه عندما يفوز يجد نفسه يحتاج إلي‬ ‫قيادات في مختلف المجاالت والمستويات قادرة على تحقيق برامجه العامة بكفاءة‪ .‬كما أن الدولة‬ ‫تطلب أن يكون القيادات العليا منتخبة ومعلومة في كل مراحل تطوره‪ ،‬وبذلك تحرص األحزاب‬ ‫السياسية على دعوة جميع المنتسبين من أجل التصويت الحزبي العام‪ ،‬على المجموعة المؤهلة‬ ‫للتشريح‪ ،‬فهناك تصويت خاص لالنتقاء وفرز األنسب وتصويت عام لتمام الشرعية‪ .‬وتوضح الئحة‬ ‫الحزب كيفية وضوابط وتنظيم التصويت الخاص‪ ،‬ومن ثم التصويت العام إذا كان للحزب قاعدة‬ ‫شعبية عريضة‪ ..‬فالبد أن يشعر ماليين ومئات أالف المواطنين المنضمين للحزب بأن قيادته وصلت‬ ‫بطريقة مشروعة‪ ،‬وهذا يساعد الحزب‪ ،‬حيث عندما يظهر في االنتخابات العامة لمنافسة حزب أخر‬ ‫على السلطة يفوز بكامل أصوات المنتسبين إليه ويكونون مقتنعين وفاعلين ومتحمسين‪ ..‬فالحزب ليس‬ ‫مشروع خاص ولي ست مؤسسة عائلية فال يجوز أن يتم االتفاق بشكل سري وخلف الستار عن توزيع‬ ‫األدوار‪ ،‬فالبد من علم لمجتمع وتكسب تأييده وشفافية كل ما يدور بالحزب‪ ..‬وتعلم لجنة شئون‬ ‫األحزاب بالبرلمان بنتائج االنتخابات وتوزيع المواقع القيادية بالحزب‪ ،‬فهم من سيكون لهم الحق في‬ ‫ترشيح أنفسهم فيما بعد للرئاسة حسب رغباتهم وقدراتهم‪ .‬إذا نص القانون يرتكز حول مبدأ انتخاب‬ ‫القيادة العليا للحزب وإبالغ البرلمان بكل قيادة منتخبة ومكلفة ولها حق الترشح في االنتخابات العامة‪.‬‬

‫واجب المراقبة المالية لمنع التدخل الخارجي وانحراف دور األحزاب‬ ‫يهدف هذا العنصر في حماية العملية الحزبية من التدخالت الخارجية‪ ،‬أو أن توظف األحزاب‬ ‫السياسية لمصلحة مؤسسيها أو أفراد أو جهات معينة‪ ،‬ولذلك من حق السلطة التشريعية أن ترقب‬ ‫وتقييم العملية المالية لكل حزب‪ ،‬وأن تعد تقريرها السنوي‪ ،‬ويعرض على اللجنة العليا لالختصاص‪.‬‬ ‫وبالتالي يتضمن هذا العنصر مناقشة مسألتين مهمتين‪ ،‬ويتناولها قانون األحزاب بما هو متعارف‬ ‫عليه‪ ،‬بحيث يحقق الفلسفة العملية الالزمة‪ ،‬حيث مسألة تقدير حجم التمويل الفاعل ومقارنة إمكانيات‬ ‫األحزاب في توفر هذا العنصر الفعال بشكل متناسب‪ ،‬وهو يسمى "دور المال السياسي في العملية‬ ‫الحزبية" ولتفادي دخول أي أموال مفسدة للديمقراطية‪ ،‬ومسألة مدى وعي وفعالية اللجنة التشريعية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المختصة‪ )0( .‬مسألة تقديرات حجم التمويل‪ ،‬وهي من اختصاص للجنة شئون األحزاب السياسية‬ ‫بالبرلمان أن تضع القيمة المناسبة عن كل فترة زمنية محددة‪ ،‬بحيث تكون التقديرات المقدمة من‬ ‫األحزاب لالعتماد محل دراسة ومقارنة بين األحزاب وكافية لكامل الدورة االنتخابية وعلى مدار‬ ‫السنوات‪ .‬فهناك مصروفات رأسمالية وهناك مصروفات تشغيلية‪ ،‬وعلى ضوء هذه الموازنات‬ ‫التقديرية تتم عملية المراقبة من ديوان المحاسبة‪ ،‬وإال من الصعب أن تتم عملية المراقبة بنجاح‪،‬‬ ‫فمثال‪ ،‬ال يجوز فتح حساب مصرفي إال بإذن‪ ،‬وال يجوز الصرف إال عن طريق الصكوك‪ .‬وخالصة‬ ‫القول بأن األحزاب السياسية هي وحدات إدارية عامة رسمية‪ .‬ومثل هذه الدقة والذمة المالية المستقلة‬ ‫من حيث مصادر التمويل تجعلها مستقلة وقادرة على االستمرارية‪ ،‬كما أن الدولة تتدخل من خالل‬ ‫الموازنة العامة وبطلب السلطة التشريعية لتمويل األحزاب بمبلغ موحد كلما ترى ذلك ضروري‪،‬‬ ‫ولقد أسست التجربة الحزبية األلمانية لمثل هذا المبدأ والذي أصبح جزء من نصوص قانون تنظيم‬ ‫عمل األحزاب السياسية‪ .‬ويمكن أن يستخدم مثل هذا التمويل كأداة سياسية‪ ،‬فمثال‪ ،‬عندما ترتفع قيمة‬ ‫التمويل فسوف يشجع ذلك قيام األحزاب الجديدة ويزيد من فعالية واألحزاب القائمة ونطاقها‬ ‫الجغرافي‪ ،‬وإذا ما انخفضت فسوف يؤدي ذلك إلي خروج األحزاب الغير قادرة ‪ ،‬وينبغي أن يكون‬ ‫ذلك بحكمة حتى ال يتم القضاء على أحزاب جديدة واعدة‪ ،‬وإنما يكون فقط من أجل حماية العملية‬ ‫الحزبية القيام من أجل المال العام وليس من أجل تحقيق اآلمال العامة‪ .‬كما أنه يراعى في المرحلة‬ ‫األولية أن تكون القيمة دقيقة وتحديد المؤهلين فعال‪ ،‬وأن تعرف مصادر تمويل كل حزب بشكل‬ ‫دقيق‪ ،‬عشية أن تنشى أحزاب ممولة من أشخاص معينين وهذا خطر‪ .‬وبجانب التقييم الفكري وسعة‬ ‫القبول الشعبي من خالل حجم العضوية وبجانب التدقيق عدم وجود تمويل خفي‪ ،‬يظل دائما "مبدأ‬ ‫التوزيع بالتساوي" من حق كل حزب سياسي قائم وال يجوز إقصائه‪ .‬كما أن هناك شرط أخر لحق‬ ‫التمويل األحزاب من المال العام وهو تجاوز األحزاب للعتبة البرلمانية بحصولها على ‪ %9‬أو أكثر‪.‬‬ ‫ويؤخذ نسبة المقاعد في حجم التمويل بحيث تقسم إلي فئات بناء على نسبة المقاعد البرلمانية لكل‬ ‫حزب‪ .‬وسبب عدم حق األحزاب الصغيرة أو األحزاب التي ال تفوز بنسبة تمثيل معينة هو حث‬ ‫األحزاب على بلوغ مستوى النضوج السياسي والمشاركة الشعبية الالزمة وتفادي تفتت العملية‬ ‫الحزبية وتفقد فعاليتها في العملية الديمقراطية وفي إنتاج السياسات وتوجيه الرأي العام‪ .‬فمثال‪" ،‬نجد‬

‫قانون األحزاب المصرية يحدد "قيمة تمويل أساسية" وهي مئة ألف كل عشرة سنوات‪ ،‬ويشترط‬ ‫حصول الحزب على ‪ %9‬من المقاعد‪ ،‬ويحدد "قيمة تمويل إضافية" وهي خمسة أالف جنيه عن كل‬ ‫مقعد يفوز به الحزب في مجلس الشعب‪-‬البرلمان أو مجلس‪-‬الشورى االستشاري وبما ال يتجاوز‬ ‫خمسمائة ألف جنيه للحزب الواحد‪ ..‬وبالطبع نالحظ عند تحليل هذه العملية التمويلية أن الحزب‬ ‫الحاكم كان هو الفائز دوما بأكثر المقاعد وهو المستفيد الفعلي من هذه القيمة اإلضافية ‪ ،‬إال أن القيمة‬ ‫األساسية منخفضة باعتبار مدتها عشرة سنوات وربما ذلك بسبب كثرة عدد األحزاب أو بسبب تقليل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫من التوجه نحو تأسيس األحزاب الجديدة أو بسبب تمكين الحزب الحاكم األغنى واألقوى بشكل مطلق‬ ‫خالل الفترة ما قبل ‪ 2102‬وهذا يحتاج للدراسة‪ ،‬ولكن المقصود هنا معرفة أن كل نص في الدستور‬ ‫أو القوانين المكملة له أبعاد سياسية بعيدة األثر‪ ،‬وأيضا مسألة التمويل تنطوي على أسلوب فني‬ ‫سياسي بحيث يحدث التوازن المالي بين الحزب الفائز باألغلبية واألخرى األقل حظا‪ ،‬فمثال‪ ،‬تحديد‬ ‫سقف أن ال يتجاوز تمويل الحزب بقيمة ‪ %81‬من عدد المقاعد مهما كانت نسبة فوزه العديدة وتوزيع‬ ‫الباقي على األحزاب األخرى حسب ما تستحق لتكون قادرة في المواجهة المستقبلية‪ )2( ."..‬عملية‬ ‫المراقبة المالية‪ ،‬وهي أيضا مسألة الزمة حيث يحدد القانون الجهة التي تتولى مراجعة حسابات‬ ‫األحزاب السياسية‪ ،‬وعادة ما يكون "جهاز ديوان المحاسبة" وهو تابع للسلطة التشريعية‪ .‬فال تقوم‬ ‫الحكومة بمراجعة حسابات األحزاب‪ ،‬حيث لكل حزب نصيب في أي حكومة ‪ ،‬كما أن عمليات‬ ‫الحكومة عادة منافسة مع العمليات الحزبية‪ .‬فال تتدخل في شئون بعضها‪ .‬كما هناك مسألة تحديد‬ ‫المجموعة الدفترية والالئمة المالية واإلدارية العامة‪ ،‬التي على ضوءها تبلور لوائحها الداخلية ‪،‬‬ ‫حيث عدم وجود معايير سوف يصعب من عملية المقارنات وأداء العملية الرقابية المالية بدقة‪.‬‬ ‫وتتولى لجان المراقبة المكلفة من قبل الديوان بإعداد تقاريرها السنوية من أجل إبالغ اللجنة العليا‬ ‫الخاصة بشئون األحزاب بكل ما يخالف اللوائح المالية واإلدارية العامة‪ .‬وإبالغ اللجنة العليا بكل‬ ‫مصادر التمويل التي عثر عليها و تحديد مشروعية أوجه اإلنفاق ومدى فعالية النظام المالي‬ ‫والمحاسبي بالحزب‪ ،‬والتحقق من النشاطات االقتصادية التي يمارسها قيادات األحزاب السياسية‪،‬‬ ‫ألن ذلك هام باعتبار أن الحزب السياسي ليس مؤسسة اقتصادية أو خيرية وإنما هي تتنافس على‬ ‫الوصول إلي تمثيل كل الشعب ورئاسة الدولة‪ ..‬وقد يحدد قانون األحزاب تفرغ قيادات الحزب‬ ‫المنتخبة للعمل السياسي لحزبي وحده وعدم جمع نشاطات ومسئوليات أخرى‪ .‬ألن رئيس الحزب‬ ‫وأ عضاء الهيئة العليا هم مرشحين لرئاسة الدولة‪ ،‬وسوف يواجهون أساس دستوري وهو عدم قيام‬ ‫رئيس الدولة ورئيس الحكومة بأي نشاط اقتصادي أو أي نشاط يكسب من خالل دخل‪ .‬فمن يدخل في‬ ‫العملية القيادية الحزبية البد أن يكون متفرغ‪ ،‬ومرتبه قط عبر حزيه‪ .‬وهذا تحدي سوف يواجه دول‬ ‫الربيع العربي‪ ،‬التي خرجت من فساد عارم وأشخاص يحملون حقائب شركات ال حصر لها‪،‬‬ ‫ويريدون أن يؤسسوا أحزاب ويحكموا الشعب‪ ،‬وهذه ليست بديمقراطية وإنما االستخفاف بعقول‬ ‫الناس وعدم وجود استحياء سياسي لدي من يقومن بذلك‪ .‬فالبد أن تكون القوانين متطورة ودقيقة‬ ‫وشاملة وأن تعالج كل مسببات الفساد المالي والسياسي وبما تحقق ديمقراطية كاملة‬ ‫وصحيحة ‪ ، Complete Correct Democracy‬والبد من معرفة حقيقة أن الديمقراطية بكافة جوانبها‬ ‫الحزبية واالنتخابية هي "محرك سياسي" لقيادة الدولة‪ ،‬ويعتمد جودة المحركات على مهندسيها‬ ‫وعلى مهارة القيادات واأليدي العاملة‪ ،‬كغيرها من المحركات الصناعية فكثير منا تعجبه محركات‬ ‫الطيران الفرنسية أو األلمانية أو األمريكية ويثق فها‪ ،‬وكذلك المحرك السياسي وهو الدستور والعملية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الحزبية واالنتخابية‪ ،‬قد يخطط ويطورها مهندسين مهرة‪ ،‬أو تستورد كما يستورد كل شيء أخر‪،‬‬ ‫ويقوم الق انونين بتجميعه‪ .‬أو أن يخرج محرك سياسي ليس له قدرة على نهضة البالد‪ ،‬والصعود بها‬ ‫لقمة الحضارة‪. .‬فالشعوب العربية في إمكانها أن تصنع عبر ذوقها وشعورها القومي المتميز‬ ‫بصماتها الحضارية واألخالقية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :3‬مكون الضوابط املنهجية والسلوكية‬ ‫تعد المسألة السلوكية اإليجابية في غاية األهمية في كافة جوانب العملية السياسية‪.‬‬ ‫وهذا هو الحال فيوجد في قانون األحزاب السياسية ضوابط منهجية تخص العملية التنظيمية اإلدارية‬ ‫والمالية‪ ،‬وضوابط تخص النواحي السلوكية السياسية والشخصية والمتعلقة لكافة القوانين النافذة‪.‬‬ ‫والضوابط تعني وجود أحكام قضائية ضد مرتبي المخالفات لمنهجية والسلوكية المقررة والمتعارف‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫ورغم أن مثل هذا المكون هو جزء عضوي في "قانون األحزاب السياسية" إال أنه قد يصاغ بطريقة‬ ‫ترهب الناس من نشاط ممارسة حق االنتماء أو حق تكوين األحزاب السياسية‪.‬‬ ‫كما أنه قد يعجز عن تحديد الضوابط بدقة وكفاية مما يجعل العملية الحزبية غير فاعلة ومتطورة‪.‬‬ ‫فالبد لكل نص قانوني أن ينطلق من المبدأ الحقيقي وهو‪" :‬التعددية الحزبية أساس العملية السياسية‬ ‫المشروعة"‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬عاش الشعب الليبي لمدة أربعة عقود تحت جور نص قانون وهو "مبدأ تحزب خان"‪ ،‬ومن‬ ‫خالله أستطاع النظام اإليديولوجي أن يؤسس حزب طليعي ثوري واحد‪ ،‬ومنحه صالحيات مطلقة‬ ‫للتصفيات الجسدية لكل معارض أو صاحب فكر مخالف أو غير راضي‪.‬‬ ‫وبالتالي خاف الناس من الحرية الفكرية والمشاركة السياسية وأبطلت العقول وفتحت البطون على‬ ‫مصراعيها‪.‬‬ ‫ورغم أننا سوف نجد في قانون األحزاب السياسية بعض األحكام تنطوي على الغرامات والسجن‪ ،‬إال‬ ‫أن المقصود منها هو تقنين العمل الحزبي بحيث مهما توسع سوف يكون في صالح المجتمع والنظام‬ ‫الدستوري‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ونود إعادة التنبيه لحقيقة أنه ال يوجد معنى لكلمة ديمقراطية بدون أن تكون مصاحبة بكلمة القانونية‪،‬‬ ‫فمثال "الديمقراطية القانونية"‪ ،‬ألن القانون هو الوسيلة الوحيدة لتنظيمها وضبط تطبيقها‪.‬‬ ‫وليس هناك معنى علمي ومنهج عملي إلدعاء "ديمقراطية الشعب"‪ ،‬فهذه غوغائية تؤدي إلي حياة‬ ‫فوضى وبدون دستور‪ .‬فالشعوب تحتاج إلي قوانين تنظم حياتها وتضبط عالقاتها ومعامالتها‬ ‫وتصرفاتها ‪ ،‬وخاصة السياسية‪ ،‬حيث السياسية هي االهتمام بالشأن واألمر العام الذي يخص كل‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫كما أنه يلزم التذكير السياسي بأن هذا المكون هو يقصد منه أن يلتزم لجميع بالدستور‪ ،‬وأن يخضعوا‬ ‫لجميع األسس اإلدارية والوجبات واالشتراطات المحددة في ظل تمتعهم بكل الحقوق الواسعة التي‬ ‫يخشى معها عدم الفهم أو التطبيق الغير حكيم‪ ..‬فالحكم يحتاج إلي الحكمة‪ ،‬وكل قيادة عليا بدون ملكة‬ ‫الحكمة ال تستحق أن تكون مشاركة في الملك‪ .‬وكل مشرع ليس له رؤية سياسية والشعور بالوطنية‬ ‫الحقيقية والمسئولية اإلنسانية ال يحق له أن يشارك في وضع العقوبات السياسية اإلدارية‪ .‬فقد يكون‬ ‫يعشق للناس عذاب السجون أكثر من عشقه لمتعة الناس بالتحررية المشروعة‪.‬‬ ‫وكما ذكرت عدة مرات بأن الدستور بركنيه الدولة وأسلوب الحكم كافة القوانين العشرة مكملة هي‬ ‫من صنع وعي لشعوب‪ ،‬ومن حق األجيال أن تطورها وأن تحافظ على كل حق مكتسب فيها‪.‬‬ ‫ف ضياع الحقوق السياسية الحزبية هي أشد جريمة يقترفها لشعب بأكمله‪ ،‬وهي أقصى معايير الجهل‬ ‫الممكن أن تدركها الشعب لتعيش في راضية في هوة التخلف الحضاري والسياسي‪.‬‬ ‫وفيما التفسير السياسي لما نجده من عناصر نصية في قوانين األحزاب السياسية تحت مكون‬ ‫العقوبات القانونية‪:‬‬

‫عقوبة مزاولة النشاط الحزبي بدون ترخيص‬ ‫يحدد القانون عقوبة سجن محددة بحكم قضائي كل من أنشأ أو نظم أو أدار أو مول على أية صورة‬ ‫حزبا سياسيا غير مشروع‪( ،‬وربما مثل هذه المادة في تقدير الكثير قاسية ومخوفة في ساحة الكل‬ ‫يأمل في ممارسة التحررية السياسية القانونية "الديمقراطية"‪ ،‬في حقيقة األمر البد من أن يكون نص‬ ‫مثل هذه العقوبة بشكل أكثر حكمة سياسية‪ ،‬بأن يحدد مثال‪ ،‬األحزاب التي تقدمت ورفضت واألحزاب‬ ‫التي تتعمد ممارسة نشاطها بدون رخيص‪ ،‬واألحزاب التي تهدف في مبادئها وأهدافها الضرر‬ ‫بسالمة الوطن ومصلحة المجتمع الكلية‪ ..‬إال أنه في كل األحوال البد من غرامة مالية ألن نشوء‬ ‫األحزاب خارج نطاق البرلمان الممثل عن الشعب هو مفسدة للحياة الديمقراطية‪ .‬فكما أن الديمقراطية‬ ‫تمنع هيمنة الحزب الواحد كذلك فإن القانون ينظم التعديدية بحيث تكون طبقا للقانون"‪ .‬كما ال ينبغي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وضع نص مثل أن ال يكون مستترا تحت أي ستار ديني أو في وصف جمعية أو هيئة أو منظمة أو‬ ‫جماعة أيا كانت التسمية‪ ،‬وفي حقيقة األمر مثل هذه العبارات القانونية تجهل العملية الحزبية مستهدفة‬ ‫وتحت طائلة العملية األمنية والتهم المطلقة‪ ،‬فالبد أن يترك للشعب عملية الحكم والرفض‪ ،‬حيث البد‬ ‫من توعية الشعب على فهم مقاصد التعددية الحزبية‪ ،‬لمنع العشوائية وعدم الفاعلية‪ ،‬ومن أجل النجاح‬ ‫في تشكيل قوى سياسية على أسس سليمة وقادرة على أن تتنافس على سالمة الوطن ومصلحة سلم‬ ‫وأمان المجتمع والفاعلية التنموية واألهمية الثقافية والترفيه الحياتي لتخفيض أثر التوتر المتطور‬ ‫بحكم تعقد الحياة البشرية‪.‬‬

‫عقوبة تحول الحزب إلي الطابع العسكري‬ ‫الحزب السياسي هو تحرك سلمي فكري مدني من أجل رفع مستوى تنمية المجتمع وفعالية السياسات‬ ‫العامة وحسن أداء اإلدارة الحكومية‪ .‬وامتالكه للسالح أو تكوين أي جناح مسلح‪ ،‬أو االرتباط معها‪،‬‬ ‫يعد اعتداء حرمة الدستور وسيادة الدولة‪ .‬حيث كل أنواع التسلح المشروعة هي الموجهة لحماية‬ ‫حدود الوطن من العدوان الخارجي‪ ،‬وتوجيه السالح في العمل السياسي أو ضد المواطنين يعد كبرى‬ ‫االنتهاكات الغير مشروعة في بناء دولة حقيقية شرعية‪ /‬فالعمل لسياسي المشروع هو عمل منزوع‬ ‫السالح‪ ،‬فال يحق للحزب السياسي وكافة القيادات السياسية والتشريعية والقضائية والتنفيذية‬ ‫واإلعالمية أن تكون لها أدنى عالقات بالقوات المسلحة‪ ،‬من أجل بناء دولة القانون بعيدة كل البعد‬ ‫عن دولة‪-‬اإلرهاب‪ ،‬التي عانت منها كثير من الشعوب وتسببت ي تخلفها وفقرها وضعفها وجهلها‬ ‫وفي انحطاطها وانهيارها‪ .‬ونجد أن بعض الدساتير تسن عقوبة(‪.) ..........‬‬

‫عقوبة التخابر والتمويل الخارجي‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬هذا العنصر دقيق للغاية من ناحية الفهم والقصد والتطبيق‪ .‬حيث نجد أن الدول‬ ‫تخشى بطبيعة الحال من خطر التدخل الخارجي‪ ،‬وهو واقع موجود دائم بسبب استمرارية المصالح‬ ‫مادمت الحياة مستمرة‪ .‬فالحذر وحماية مصلحة المجتمع والوطن واجب سياسي على كل فرد‪ .‬و مع‬ ‫الحرب الباردة وانقسام العالم إلي معسكرين سياسيين‪ ،‬متصادمين فكريا واقتصاديا وثقافيا‪،‬‬ ‫ومتحاربين في السيطرة على العالم واحتواء الدول‪ ،‬التي البد لها أن تذعن ألحدى المعسكرين‪ .‬فكان‬ ‫هذا العنصر خطير للغاية‪ ،‬قد يتهم ويمنع الحزب بمجرد الشك أو عدم ظهور االعتناق الفكري‬ ‫الصريح والوالء التام‪ .‬ولكن اليوم أصبح العالم أكثر انفتاح وتعقل سياسي‪ ،‬وسبل التواصل غير‬ ‫محدودة‪ ،‬وليس لها حدود تفصلها عن بعض‪ .‬وربما أيضا سوف نشاهد أحزاب عالمية‪ ،‬وهذا متوقع‬ ‫في تقديري‪ ،‬ألنه ليس في اإلمكان تحقيق ديمقراطية عالمية‪ ،‬أي عولمة اإلنسانية بدون انفتح سياسي‬ ‫عارم ال حدود للعقل والفكر والعمل اإلنساني المشروع‪ .‬وتعد البيئة الدولية من مرتكزات السياسية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫العامة‪ ،‬لذلك دائما سوف يكون تقييم وتفسير لعمليات اتصاالت ومصادر التمويل‪ ،‬خشية نظام الدولة‬ ‫من أصال الحزب السياسي بقوة خارجية تهدف إلي اإلطاحة بالنظام‪ ،‬وهذا عمل غير مشروع‪،‬‬ ‫فالحزب السياسي هو أداة لتطوير السياسات العامة‪ ،‬وهو عمله جزء من الدستور‪ ،‬فال يحق أن يتحول‬ ‫بفكره أو عمله أو في أهدافه وعالقاته نحو التغيير‪ .‬والبد من ادارك أن طلب التغيير في أسس النظام‬ ‫هو طريق للثورات الشعبية‪ ،‬وهذا عمل غير قانوني في ل سيادة الدستور الشرعي‪ .‬وتسن بعض‬ ‫الدساتير إجراءات قانونية وعقوبة محددة‪ ،‬مثال ( ‪ ،).......................‬لمنع حدوث انحراف الحزب‬ ‫السياسي عن واجباته الدستورية في حماية مصلحة المجتمع وسالمة الوطن‪ .‬وفي تقديري‪ ،‬البد أن‬ ‫يكون الحكم على االتصال أو التمويل بحجم الضرر المتسبب فيه‪ ،‬لتفادي أن تحول العمل السياسي‬ ‫الحر من الخوف التحرك والتفاعل السياسي السليم‪ ،‬حيث ربما نجد أن حزب سياسي‪ ،‬عن طريق‬ ‫اللجنة السياسية بالبرلمان و وزارة الخارجية أن يطلب استضافة قيادات حزبية‪ ،‬كما أنه اليوم بات‬ ‫معروفا في لعمل الدبلوماسي‪ ،‬أنه من حق ممثل البعثات الخارجية االتصال باألحزاب السياسية‬ ‫المعارضة لمعرفة مسار البلد المستقبلي‪ ،‬واالطمئنان على مصالحها‪ ،‬والعالم العربي في حاجة لهذا‬ ‫التفاعل‪ ،‬لذي كان مقصورا وسريا على المستبدين والحكومات العميلة‪ .‬ولكي تكون االتصاالت‬ ‫المحددة مشروعة البد أن تكن عالنية و واضحة األهداف‪ ..‬كما ينبغي مالحظة الفرق بين تمويل‬ ‫الجمعيات والمنظمات المدنية ذات طابع خيري أو التدريب والتطوير والتنمية‪ ،‬حيث هذا رغم أنه‬ ‫مؤثر على تنمية الحياة السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬إال أن غير معني بدعم أشخاص‬ ‫للوصول إلي السلطة‪ ،‬حيث التخوف ناتج من دعم األحزاب السياسية‪ ،‬هو دعم مالي خارجي يدفع‬ ‫بشخص أو حزب إلي السلطة وبذلك يكون مدين وتابع وخاضع ألجندة غير وطنية‪ ،‬وهذا بالطبع عمل‬ ‫مهين غير مشروع‪ ،‬ورذيلة سياسية‪ ،‬ال تختلف عن الحكومات العملية‪ ،‬التي فرضت حسب النظرية‬ ‫السياسية الميكيافلية ‪.0892‬‬

‫عقوبة االنضمام إلي األحزاب الغير مشروعة‬ ‫ويهدف مثل هذا العنصر‪ ،‬أو تحقيق مبدأ عدم مشروعية إنشاء أحزاب سياسية سرية‪ ،‬أو أحزاب‬ ‫مسلحة‪ ،‬أو أحزاب سياسية غير مرخصة بقانون‪ .‬واالنضمام إلي حزب سياسي غير مرخص يعد‬ ‫مخالفة سياسية وتحمل من يقوم بذلك عقوبة قانونية محددة بقانون األحزاب السياسية‪ ،‬حيث نجد مثال‪،‬‬ ‫في القانون المصري (‪.).......‬‬

‫*‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪5‬‬

‫مقومات العملية االنتخابية‬ ‫)‪(1‬‬ ‫املدخل االنتخابي‬ ‫مطلب ‪ :0‬العملية االنتخابية والواقع السياسي االجتماعي‬ ‫هناك نقاط هامة وردت عن شبكة المعرفة االنتخابية تفيد بشكل خاص في تصميم اإلطار القانوني‬ ‫لالنتخابات‪ ،‬إال أنها واقعية للغاية وعالمية مشروعة وتتبع أيضا في األطر القانونية للعملية الحزبية‬ ‫وصناعة الدستور‪ ،‬فكما ذكرت فإن هذه الثالثة هي شيء مركب واحد تهدف لتجسيد لمبدأ حقوق‬ ‫اإلنسان ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬ومنطلقها فكر واحد ال يقبل التجزئة‪ ،‬بحيث يصنع‬ ‫الدستور من فكر وتصنع األحزاب من فكر ثاني واإلطار القانوني لالنتخابات من فكر ثالث‪ ،‬فهي من‬ ‫عائلية فكرية وقانونية واحدة‪ ،‬وأود أن أوجزها في األتي‪:‬‬ ‫واقعية التصميم القانوني ‪ :‬أن يكون إنشاء القوانين بما يخدم الواقع وعلى أسس موضوعية تامة بدون‬ ‫استثناء أدنى المعطيات المؤثرة والموجودة‪ ،‬حيث عملية تصميم‪ ،‬وإصالح ‪ ،‬وتنفيذ نظام انتخابي ‪،‬‬ ‫سواء كان فوق المستوى الوطني وعابرا ً للحدود (مثل االتحاد األوروبي) أو إقليميا ً) مثل برلمان‬ ‫أمريكا الوسطى) أو وطنيا ً( في كل بلد )أو خاصا ً بوالية معينة ‪ ،‬أو حكما ً ذاتيا ً ‪ ،‬أو إدارة ما‪ ،‬أو بلدية‬ ‫معينة‪ ،‬أو حي و جزء من إقليم‪ ،‬أو مقاطعة أو جزء من دولة معينة‪ ،‬فإنه ال يمكن فيها تجاهل الحقائق‬ ‫والوقائع االقتصادية‪ ،‬والثقافية ‪ ،‬والقانونية‪ ،‬واالجتماعية والسياسية السائدة هناك‪ ،‬أو السياق الذي يتم‬ ‫فيه إدراج العمليات االنتخابية والمؤسسات ‪ ،‬وحتى في عملية التوفيق بين المعتقدات والمذاهب‬ ‫والمشارب واألمزجة المختلفة‪ .‬وبعبارة أخرى ‪ ،‬فإن تطبيق وتفسير النزعات والتوجهات الدستورية‪،‬‬ ‫والقانونية ‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬يجب أن تتوافق على السياق العام ‪.‬وال يتألف سياق نظام انتخابي من‬ ‫مرجعيات معزولة عن التكوين ‪ ،‬وطريقة األداء‪ ،‬واآلثار المترتبة على النظام نفسه فحسب ‪ ،‬بل إنه‬ ‫يتكون من كل المتغيرات والتباينات المترابطة مع بعضها البعض‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫التعدد العالمي للنماذج االنتخابية‪ :‬فليس ثمة نموذجا ً انتخابيا ً فريدا ً من نوعه‪ ،‬أو كامالً في حد ذاته‪،‬‬ ‫وذلك ينطبق على الدستور وقانون األحزاب السياسية‪ ،‬ولكن هناك أنظمة انتخابية وسياسية مختلفة‬ ‫يجري استخدامها لتحقيق األهداف المقررة لها من قبل القوى الوطنية المدنية والسياسية في مكان‬ ‫محدد وزمان معين ‪.‬ويـُـعتبر النظام كافيا ً عندما يكون صالحا ً لتحقيق درجة التطور الديمقراطي‬ ‫المنشود للمجتمع الذي يتم تطبيق النظام االنتخابي فيه‪ ،‬أو عندما يكون قادرا ً على تسهيل عملية تحول‬ ‫المجتمع وانتقاله إلى بيئة ديمقراطية‪ ،‬أو تعزيز وترسيخ أسس وقواعد الديمقراطية في المجتمع‪.‬‬ ‫تحقيق الصبغة الديمقراطية‪ :‬يتعين في المشروع الشامل الذي يتسم بالصبغة التمثيلية الديمقراطية‪،‬‬ ‫والقابل للحياة سياسيا ً والمتسم بمستويات عالية من الشرعية ‪ ،‬أن يأخذ بعين االعتبار ويعمل حتى‬ ‫على تحقيق التطلعات والتوقعات المختلفة و( اإليديولوجيات السياسية من كل طرف من مختلف‬ ‫الفاعلين السياسيين‪ -‬إال أن ذلك البد وأن يكون في إطار العائلية القانونية كما ذكرنا في المبحث ‪، ( 2‬‬ ‫الصادرة عن مثل المواطنين واألحزاب السياسية والمنظمات األهلية وجماعات الضغط ‪ ،‬إلى آخره)‬ ‫وذلك بغض النظر عن احتماالت المصادفة ‪ ،‬والتقارب ‪ ،‬واالقتراب‪ ،‬أو التباينات القطرية لمثل هذه‬ ‫المواقف في مواضيع معينة من جدول األعمال السياسي ‪.‬إن النظم االنتخابية هي محصلة ونتاج‬ ‫لالتفاقات السياسية‪ .‬كما أنها تمثل الطريقة التي يظهر فيها تجميع مصالح الجماعات السياسية ‪.‬وال‬ ‫يمكن تجاهل تلك المصالح من قبل المشغلين االعتباريين‪ ،‬إال في الحاالت التي تكون فيها تلك‬ ‫المصالح متعارضة مع وجود عمليات انتخابية حرة ونزيهة ‪ ،‬كما سيجري توضيح ذلك الحقا ً‪.‬‬ ‫حقوق األقلية‪ :‬أن اختيار نموذج انتخابي محدد سواء من خالل االنتخابات المباشرة أو غير‬ ‫المباشرة‪ ،‬وتطويره سواء (بنظام األغلبية أو بالتمثيل النسبي ‪ ،‬أو المختلط أو المجزأ) وخصائصه‪،‬‬ ‫أو مجموعة عناصره سواء أكانت (بسيطة ‪ ،‬أم أغلبية مطلقة أم مشروطة ‪ ،‬أو بطريقة تمثيل نسبي‬ ‫بصفة صرفة‪ ،‬أو غير صرفة ‪ ،‬أو مع وضع اشتراطات للحكم) ‪ ،‬هو قرار مبني على أساس التوافق‬ ‫أو إجماع األغلبية ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإنه حتى في حالة التوافق أو إجماع األغلبية أو الموافقة الواسعة‪،‬‬ ‫فإنه ال يجوز استبعاد تمثيل األقليات‪ ،‬أو انعدام وجود صوت لها داخل األجهزة الحكومية الجماعية ‪،‬‬ ‫كما يحصل في البرلمانات والمجالس التشريعية ‪ ،‬وكذلك الحال في المناصب التنفيذية الجمعية أو‬ ‫األجهزة اإلدارية (مثل المجالس القروية أو البلدية ‪.‬‬ ‫الفاعلية والنزاهة االنتخابية‪ :‬ومن أجل منع النظم االنتخابية من أن تصبح مجرد صيغ نظرية ‪ ،‬أو‬ ‫غير مؤثرة وفاعلة‪ ،‬أو غير قادرة على أداء المهام‪ ،‬فإن االتفاق السياسي ‪ ،‬والسياق االجتماعي‬ ‫والجوانب الظرفية القائمة تـُـعتبر في غاية األهمية ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن تلك الجوانب‪ ،‬ال يمكنها أن تبطل‪،‬‬ ‫أو تلغي‪ ،‬أو تستثني المبادئ التي تقضي بإجراء عمليات انتخابية حرة ونزيهة بما فيها‪ :‬حق اإلنسان‬ ‫للتصويت السلبي أو اإليجابي ‪ ،‬واالحتفاء بانتخابات دورية وحقيقية ؛ شاملة للجميع وسرية؛‬ ‫واالقتراع فيها على قدم المساواة ‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان ؛ وحياد اإلدارة االنتخابية تجاه غيرها من‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أجهزة الدولة والجهات السياسية الفاعلة ‪ ،‬والسيطرة القضائية لضمان االنتظام في القوانين واألنشطة‬ ‫االنتخابية‬

‫مطلب ‪ :1‬اإلطار القانوني املبادئ الدولية‬ ‫يتطرق موضوع النظم االنتخابية إلى كيفية تصميم مختلف النظم االنتخابية وطرق عملها وتأثيرها‬ ‫على سير االنتخابات الوطنية‪ ،‬والمحلية واإلقليمية‪ .‬وهناك أكثر من ‪ 02‬نظام انتخابي مختلف‪،‬‬ ‫ويتطرق إلي عالقتها باإلطار التنظيمي‪ ،‬باإلضافة إلى تأثيرها على المسائل اإلدارية‪ .‬كما ويتطرق‬ ‫بشكل خاص إلى ما يتعلق بعملية تغيير النظم االنتخابية‪ .‬ويغطي هذا الموضوع المسائل المتعلقة‬ ‫بوسائل الديمقراطية المباشرة‪.‬‬ ‫ومن المسائل الهامة في العمل بمجال االنتخابات العلم باإلطار القانوني لالنتخابات‪.‬‬ ‫و تحليل مواضيع محددة تتعلق بالضوابط القانونية واإلدارية األساسية ألية انتخابات تصبوا للقيام بها‬ ‫بطريقة حرة ونزيهة‪.‬‬ ‫والعلم بتطوير بدائل مختلفة يمكن األخذ بها لتصميم أو إعادة تصميم اإلطار القانوني لالنتخابات‪،‬‬ ‫وذلك بهدف توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات المنظمة في المجال االنتخابي بناء على البدائل‬ ‫المتوفرة‪.‬‬ ‫ولتحقيق ذلك فسيجري استعراض األطر االنتخابية المختلفة‪ ،‬والخيارات المتاحة لتنظيم العملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬والوسائل المختلفة المستخدمة لصياغة ووضع الضوابط القانونية وميزاتها‪.‬‬ ‫وبما يحقق اإلجابة على األسئلة الثالثة التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ما هي العناصر التي يجب أخذها بعين االعتبار عند تعريف أو إصالح الضوابط االنتخابية؟‬ ‫ما هي العناصر القضائية التي يجب أن يشتمل عليها اإلطار القانوني لالنتخابات؟‬ ‫ما هي الخواص األساسية التي تتميز عملية اإلصالح االنتخابي؟‬

‫وهناك مبادئي عامة دولية تتعلق بالصياغة القانونية‪:‬‬ ‫فقد نصت المعاهدات والمواثيق الدولية على المبادئ‪ ،‬العامة باإلضافة إلى وجودها في المعاهدات‬ ‫اإلقليمية ووثائق األمم المتحدة‪ .‬ومن بين الوثائق الدولية التي تشتمل على هذه المبادئ ما يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫اإلعالن الدولي لحقوق اإلنسان (‪)0581‬؛‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫المعاهدة الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية (‪)0599‬؛‬ ‫المعاهدة األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية)‪ (1950‬؛‬ ‫الوثيقة المنبثقة عن اجتماع كوبنهاجن لمؤتمر البعد اإلنساني للمؤتمر الخاص باألمن‬ ‫والتعاون في أوروبا (‪– OSCE).0551‬‬ ‫اإلعالن األمريكي حول حقوق وواجبات اإلنسان (‪)0518‬؛‬ ‫المعاهدة األمريكية لحقوق اإلنسان (‪)0595‬؛‬ ‫الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب (‪)0510‬؛‪.‬‬

‫ويتوقف تنفيذ المبادئ األساسية على مشاركة البلد في المعاهدة الدولية ذات العالقة والتصديق عليها‪.‬‬ ‫وخالف ذلك فهي تمثل إرشادات توجيهية دولية قد نصت عليها المواثيق الدولية تهدف إلى حث كافة‬ ‫البلدان على العمل بموجب القواعد الدولية‪.‬‬ ‫ويتعين على البلد االلتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها‪ .‬ولذلك فان القواعد‬ ‫االنتخابية المستنبطة من المعاهدات الدولية يجب التقيد بها وإعطائها صبغة دستورية أو قانونية ‪ .‬كما‬ ‫ويمكن لذلك البلد اعتماد المعايير االنتخابية األخرى التي نصت عليها وثائق األمم المتحدة على الرغم‬ ‫من عدم مصادقته المسبقة على تلك الوثائق‪.‬‬ ‫ومن المهم العمل على تقييم مدى مالئمة اإلطار القانوني القائم في بلد ما مع المعايير الدولية‪ .‬ويمكن‬ ‫لذلك التقييم توفير مجموعة من التوصيات البنائية تهدف إلى تطوير وتحسين اإلطار القانوني‬ ‫وتصحيحه‪ ،‬وإلى إدخال ممارسات أكثر فاعلية بهدف تحسين التشريعات القائمة‪ .‬وفي نفس الوقت‬ ‫فان من الضروري االنتباه إلى أنه ال توجد أنماط عامة لتنفيذ الضوابط االنتخابية‪ ،‬ولذلك فان النظم‬ ‫والممارسات المعمول في بلد ليس بالضرورة أن تصلح لبلد آخر‬ ‫ويمكن أن تأخذ عملية مراجعة اإلطار القانوني وسائل أخرى بعين االعتبار مثل ‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫التقارير النهائية للبعثات الدولية والمحلية المشاركة في المراقبة على االنتخابات‪ .‬وفي حال‬ ‫توفر مثل هذه التقارير؛‬ ‫متطلبات أي اتفاق دولي مصادق عليه من قبل البلد المعني والتي يمكن أن تشتمل على أية‬ ‫مسائل تتعلق باالنتخابات أو قد يكون لها تأثير على قوانين االنتخاب فيه ؛‬ ‫مدونات السلوك المتعلقة بمواضيع انتخابية والتي تقوم بإعدادها المنظمات الدولية المختصة‪،‬‬ ‫الحكومية منها وغير الحكومية‪.‬‬

‫وتتلخص هذه المبادئ الدولية ‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبدأ حرية اختيار النظام االنتخابي المناسب‬ ‫حيث يحق لكل بلد حرية اختيار النظام االنتخابي الذي يناسبه مع ضرورة االلتزام بالمبادئ‬ ‫والضوابط الدولية‪.‬‬ ‫كما يجب التعامل مع مراجعة اإلطار القانوني ألي بلد بحساسية مع األخذ بعين االعتبار تفاصيل‬ ‫الظروف التاريخية‪ ،‬واالجتماعية والثقافية الخاصة بذلك البلد‪.‬‬ ‫و يجب عند تشكيل اإلطار القانوني أن يتم بطريقة تضمن إدراج المبادئ فيه على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫يجب أن يكون مباشراً؛‬ ‫يجب أن يكون سهل الفهم؛‬ ‫يجب أن يكون واضحاً؛‬ ‫يجب أن يشتمل على كافة المكونات االنتخابات الضرورية لتنظيم انتخابات ديمقراطية‪.‬‬

‫مبدأ سيادة قانون االنتخابات‬ ‫من الضروري أن يشتمل اإلطار القانوني على آليات فعالة لتنفيذ نصوص القانون وتحقيق سيادته‬ ‫واحترام الحقوق المدنية بالكامل‪.‬‬ ‫كما ويجب أن يشتمل اإلطار القانوني على معالجات فعالة لحماية الحقوق المدنية‪ .‬ويعتبر حق‬ ‫االقتراع من حقوق اإلنسان األساسية ‪ ،‬كما هو الحق في معالجة أي تعدي على هذا الحق‪ .‬لذا يجب‬ ‫أن يتألف اإلطار القانوني من أكبر قدر ممكن من القواعد القانونية المفصلة والكافية لحماية الحقوق‬ ‫المدنية‪.‬‬

‫مبدأ حقوق الناخبين واألحزاب السياسية والمرشحين‬ ‫يجب أن يعزز اإلطار القانوني حقوق الناخبين‪ ،‬واألحزاب السياسية والمرشحين في الطعن بأية‬ ‫اعتداءات على الحقوق المدنية أمام السلطات أو المحاكم التي تتمتع بالشرعية لمعالجة تلك الطعون‪.‬‬ ‫كما يجب على قوانين االنتخاب إلزام السلطات االنتخابية والمحاكم بالعمل بصورة سريعة على حل‬ ‫أية طعون أو شكاوى تتعلق باالعتداءات على حق االقتراع‪ .‬ولتحقيق إصدار قرارات قاطعة ونهائية‬ ‫فيما يتعلق بالمسائل االنتخابية‪ ،‬فانه يجب أن تخول قوانين االنتخاب سلطات عليا لمراجعة القرارات‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الصادرة عن سـلطات ذات مستوى أدنى وإعادة النظر فيها‪ .‬كما ويجب التحقق من إمكانية تنفيذ‬ ‫القرارات الصادرة عن السلطات والمحاكم العليا فيما يتعلق باالنتخابات بشكل مباشر ودون تأخير‪.‬‬ ‫كما يجب أن تحدد األطر القانونية حدودا ً زمنية واقعية يمكن خاللها تقديم الطعون االنتخابية‪ ،‬والنظر‬ ‫فيها وحلها‪ .‬كما يجب إبالغ القرارات الصادرة بشأن الطعون إلى المعنيين بها مباشرة‪ .‬وبينما يمكن‬ ‫حل بعض النزاعات دون تأخير يذكر‪ ،‬فان حل البعض األخر منها قد يتطلب أياما ‪ .‬ومع وضع هذه‬ ‫المسألة في األذهان ‪ ،‬فان تقديم بعض الحدود الزمنية المرنة قد تكون مفيدة طالما جرى األخذ بعين‬ ‫االعتبار المستوى التنظيمي للسلطة المخولة باتخاذ القرار‪ ،‬وطبيعة الحالة أو الطعن ومتطلبات‬ ‫السرعة ‪ .‬ويمكن تفادي الكثير من المشكالت من خالل حل النزاعات والطعون في الوقت المالئم ‪ .‬إال‬ ‫أن بعض الطعون ال يمكن تقديمها إال بعد انتهاء االنتخابات‪.‬‬ ‫مما تقدم يمكن االستدالل على القواعد األساسية التي يجب أن يتضمنها اإلطار القانوني‪ .‬لكن على‬ ‫الرغم من ذلك ‪ ،‬يمكن لكل بلد اعتماد اإلجراءات األكثر مالئمة لظروفه لحل النزاعات االنتخابية‬ ‫فيه‪.‬‬

‫مبدأ ضمان الحق العام في االقتراع‬ ‫أن االنتخابات الحرة والنزيهة يجب أن تلتزم دائما ً بمبادئ أساسية تهدف إلى ضمان الحق العام في‬ ‫االقتراع الحر المتكافئ ‪ ،‬المباشر والسري ‪ .‬وتشتمل هذه المبادئ على ما يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫يجب منح حق االقتراع للجميع‪.‬‬ ‫يجب ممارسة الحريات والحقوق الديمقراطية بحرية تامة‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بانتخاب‬ ‫المسئولين العموميين‪.‬‬ ‫يجب تنظيم االنتخابات بشكل منتظم‪.‬‬ ‫يجب أن تلتزم السلطات االنتخابية بالحياد‪.‬‬ ‫يجب اإلدالء بكل صوت بحرية‪ ،‬ويجب عده بشفافية‪.‬‬ ‫يجب اعتماد وسيلة مستقلة لمراقبة االنتخابات لضمان صحتها واستقامتها‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :2‬األدوات القانونية عن "شبكة املعرفة االنتخابية ‪A‬‬ ‫‪"CE‬‬ ‫يعتبر وجود اإلطار القانوني دوما ً أمرا ً حيويا ً وجوهريا ً ‪.‬كما تعتبر المبادئ والقواعد القانونية إلزامية‬ ‫حيث أنها تعمل على تحديد طريقة تنظيم وتنفيذ أي نظام انتخابي ‪.‬كما تعمل الوسائل القانونية على‬ ‫توفير إجراءات قانونية انتخابية بصورة مؤكدة وآمنة‪.‬‬ ‫وفي األنظمة الديمقراطية والدستورية ‪ ،‬فإنه يجري تنظيم القضايا االنتخابية بواسطة تشريعات‬ ‫متنوعة وتكون منسقة ومستمدة من القواعد والمبادئ األساسية‪ ،‬أو من خالل الدستور‪ .‬ويمكن إدراج‬ ‫هذه األدوات على النحو التالي‪:‬‬ ‫الدستور ‪ :‬هو القاعدة األساسية واإللزامية التي يُستمـَـد منها النظام القانوني للدولة‪ .‬ويعمل الدستور‬ ‫على إرساء القواعد األساسية لطريقة تنظيم األمة وتشكيل حكومتها‪ ،‬والحقوق األساسية التي يتعين‬ ‫تنفيذها ‪ ،‬والمبادئ األساسية التي توجه النظام االنتخابي وترشده‪ ،‬والمتطلبات التي يجب أن ينجزها‬ ‫األفراد حتى يعتبروا مواطنين حقيقيين‪ ،‬ووجود األحزاب السياسية والسلطات االنتخابية والمحاكم‬ ‫االنتخابية ‪ ،‬والمسائل اإلجرائية ‪.‬إن القواعد الدستورية هي أعلى القواعد في النظام القانوني ؛ وال‬ ‫يمكن تعديلها بسهولة‪ ،‬ويستمر نفاذها وسريانها لفترة أطول من غيرها من القواعد والقوانين‪.‬‬ ‫المعاهدات الدولية ‪ :‬تعمل المعاهدات الدولية على تعزيز الحقوق األساسية‪ ،‬والسيما تلك المتعلقة‬ ‫بالمشاركة السياسية والتصويت‪.‬‬ ‫القوانين االنتخابية ‪:‬يجري عادة سن القوانين االنتخابية من قبل مجلس النواب أي الكونغرس‬ ‫الذي يعمل عادة في شتى أنحاء العالم على تمثيل إرادة الشعب‪ .‬ويجري تبيان معظم القواعد االنتخابية‬ ‫في اللوائح واألنظمة االنتخابية‪ ،‬وهي أكثر مرونة بصورة كبيرة من القوانين الدستورية‪ ،‬كما أنها‬ ‫مفيدة في مجال تنظيم الموضوعات االنتخابية بطريقة أكثر عملية‪.‬‬ ‫السوابق القـضـائـيـة ‪ :‬وهي األحكام والقرارات الصادرة عن القضاة والمحاكم من أجل حل‬ ‫النزاعات االنتخابية ‪.‬وفي أيامنا هذه ‪ ،‬فقد بلغ مستوى السوابق القضائية إلى أعلى مستويات الجودة‬ ‫القياسية نظرا ً ألهمية دور القضاة والمحاكم بصورة عامة في الحياة المؤسساتية لألمة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األوامر والمراسيم التنفيذية للسلطات االنتخابية ‪ :‬تصدر مثل هذه األوامر والمراسيم من‬ ‫قبل السلطات اإلدارية بهدف استكمال وإتمام القواعد الدستورية والقانونية‪.‬‬ ‫مدونات السلوك ‪ :‬وهي القواعد التي يتفق عليها الوكالء السياسيون ‪.‬وتهدف مدونات قواعد‬ ‫السلوك إلى تعزيز االحترام ‪ ،‬وإجراء انتخابات منظمة والئقة بصورة حضارية ‪.‬ويتولى الحكام‬ ‫وأصحاب المناصب العليا عادة مسؤولية تنفيذها‪.‬‬

‫المعاهدات الدولية‬ ‫يقوم خبراء الدساتير والمعاهدات الدولية بمناقشة ما إذا كان من المترتب النظر إلى المعاهدات الدولية‬ ‫بوصفها أعلى المعايير لنظام قانوني معين ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد تم التوصل إلى تسوية وفقا ً لبعض‬ ‫المواضيع التي ترد في المعاهدات الدولية ‪ ،‬مثل حماية حقوق اإلنسان (بما في ذلك بطبيعة الحال‬ ‫الحقوق السياسية‪ ،‬وحق االنتخاب والتصويت‪ ،‬التي تمثل جزءا ً مما يسمى" الجيل الثاني" لحقوق‬ ‫اإلنسان (بحيث يتعين إدراجها ضمن أي نظام قانوني في البالد)‪ .‬وخالفا ً لذلك ‪ ،‬فإنه يمكن اعتبار تلك‬ ‫األمة بأنها غير دستورية وغير ديمقراطية ‪.‬‬ ‫وقد عملت المعاهدات الدولية ‪ ،‬التي أصبحت اآلن إلزامية بالنسبة لعدد متزايد بشكل غفير من‬ ‫البلدان‪ ،‬على نشر وترسيخ الحقوق السياسية واالنتخابية ‪ .‬ومن بين هذه المعاهدات ‪ ،‬فإنه يمكن سرد‬ ‫بعض منها على النحو التالي ‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات‬ ‫اإلنسان ‪ ،‬الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ‪ ،‬واالتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫المعروفة أيضا باسم اتفاقية "سان خوسيه"‪ ،‬واتفاقية الحقوق السياسية للمرأة‪.‬‬ ‫وتشكل المواثيق الدولية مصدرا ً هاما ً للقانون االنتخابي‪ .‬ومن المستحيل أن نقلل من مستوى وأهمية‬ ‫العدد الغفير من المواثيق الدولية والقرارات والمراسيم واإلعالنات والتقارير المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬وبالحقوق السياسية على وجه الخصوص ‪.‬ويتم عادة استقاء قواعد كثيرة وهامة من‬ ‫الوثائق الدولية ‪ .‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬فإنه يتعين على كل بلد ديمقراطي إجراء االنتخاب واالقتراع‬ ‫لتعيين المسئولين التمثيليين‪ .‬وفي ذات الخط وعلى نفس المنوال من التفكير‪ ،‬فإن الوثائق الدولية تعزز‬ ‫أهمية تواجد المراقبين الدوليين في العمليات االنتخابية‪.‬‬ ‫ويتم تنظيم الوثائق الدولية من خالل قواعد القانون الدولي المتخصصة ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن المعاهدات‬ ‫بصورة خاصة يجب إقرارها واعتمادها في الدساتير الوطنية للبلدان‪ .‬كما يجب أن تنظر الدساتير‬ ‫الوطنية إلى المعاهدات الدولية بصفتها منتجة للقوانين الوطنية ‪ ،‬وأنها بمثابة أعلى اللوائح التنظيمية ‪،‬‬ ‫واعتبارها كمعايير إلزامية‪ .‬ويتعين على التشريعات واألنظمة العادية أن تبين بأدق التفاصيل كالً من‬ ‫المحتوى والمسائل اإلجرائية الواردة في المعاهدات الدولية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ووفقا لبعض القواعد المستمدة من اتفاقية ‪ Vienna‬لقانون المعاهدات ‪ ، )0595( ،‬فإن ثمة ثالثة‬ ‫مبادئ رئيسية لتنظيم هذا الموضوع وهي ‪ :‬أ) اعتبار كل معاهدة بأنها ملزمة للدول التي صادقت‬ ‫عليها ؛ ب) ال تعتبر أي دولة مـُـلزَ مة بأي معاهدة ما لم تصادق عليها ‪ ،‬ج )تستند االلتزامات‬ ‫المعقودة على موافقة الدول‪.‬‬ ‫وتـُـعتبر المعاهدات الدولية في غاية األهمية في شتى أنحاء العالم لدرجة أن من الصعب جدا التفكير‬ ‫في قانون وطني أو معيار دستوري قد يتعارض معها (السيما في مجال الحقوق االنتخابية‬ ‫والسياسية ‪).‬وتعمل الدول ذات األنظمة الدستورية والديمقراطية على اعتماد الوثائق الدولية وتتبناها‬ ‫في نظامها القانوني الداخلي‪.‬‬

‫الدســـتور‬ ‫إن القواعد الرئيسية التي تحكم أي نظام انتخابي يتعين إنشاؤها ووضعها على المستوى الدستوري ‪.‬‬ ‫ووفقا ً لهذه الخطة ‪ ،‬فإنه يتعين سن وتنفيذ األنظمة األدنى مستوى من أجل تطوير محتوى القواعد‬ ‫الدستورية وتطبيقها‪ .‬وفي الوقت الحاضر‪ ،‬فإنه ال توجد هناك قواعد واضحة إلتباعها من أجل معرفة‬ ‫الموضوعات التي يتعين إدراجها في بنود الدستور‪ .‬ويعتمد مثل هذا القرار على مختلف الظروف‬ ‫السائدة في كل دولة بمفردها‪ .‬وعلى أية حال ‪ ،‬فإن بعض المواضيع التي يجري تحديدها عادة من قبل‬ ‫الدساتير تنصب على القواعد األساسية المتعلقة بشكل الحكومة ‪ ،‬والطريقة التي يجب فيها إدراج‬ ‫وإدماج الوكاالت التمثيلية‪ ،‬والحقوق الجوهرية‪ ،‬والوسائل القانونية التي يمكن استخدامها لحماية تلك‬ ‫الحقوق‪ ،‬والمبادئ الرئيسية التي تتحكم في النظام االنتخابي ‪ ،‬والميزات الرئيسية المتعلقة بالتصويت‬ ‫واالنتخاب ‪ ،‬ووجود األحزاب السياسية وأنظمتها الداخلية (باإلضافة لمواضيع أخرى‪ ،‬مثل التمويل ‪،‬‬ ‫على سبيل المثال )وجود السلطات االنتخابية والمحاكم االنتخابية ‪ ،‬ونوعية القواعد اإلجرائية التي‬ ‫يتعين إتباعها‪.‬‬ ‫وبحسب مستوى التعقيد في القواعد المستخدمة إلصالح الدستور‪ ،‬فإنه على الرغم من أن الدساتير‬ ‫يقصد منها عادة أن تدوم لفترات طويلة من أجل توفير الثقة والقناعة بها‪ ،‬فإن األنظمة الجامدة يمكن‬ ‫تمييزها بسهولة من تلك األنظمة التي تتسم بالمرونة ‪.‬‬ ‫ويمكن سرد بعض المبادئ األساسية التي يمكن تضمينها في بنود الدستور من أجل ضمان إجراء‬ ‫انتخابات حرة وحقيقية ودورية في كل بلد على النحو التالي ‪ :‬الحق في التصويت حق عام للجميع ‪،‬‬

‫ويتعين القيام به بطريقة حرة ومكتومة ومباشرة‪ ،‬كما يجب تنظيم االنتخابات من قبل هيئة عامة‬ ‫مستقلة‪ ،‬ويجب تنفيذ االنتخابات بطريقة مستقلة ‪ ،‬محايدة وموضوعية ؛ كما يجب إعطاء الحق‬ ‫للمرشحين واألحزاب السياسية في االتصال والتواصل مع وسائل اإلعالم ؛ كما يتعين مراجعة كل‬ ‫أمر انتخابي بصورة قضائية بهدف التأكد من صحته الدستورية ‪ ،‬ومدى قانونيته وشرعيته‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كما يجب النظر إلى الدستور على اعتبار أنه المعيار القانوني الرئيسي ألية دولة ‪ ،‬مما يعني ضمنا ً‬ ‫أنه ليس أمرا ً إلزاميا ً فحسب ‪ ،‬بل يجب أن يكون قسري أيضا ً ‪ ،‬ويتعين اإلبرار والوفاء به‪ .‬إن القواعد‬ ‫االنتخابية المدرجة في الدساتير ليست وليدة لحظات من التفكير بالتمني‪ ،‬بل إنها معايير قانونية تجب‬ ‫مراعاتها وااللتزام بها من قبل األنظمة الدستورية والديمقراطية‪.‬‬ ‫وبالمثل ‪ ،‬وحيث أن الدستور هو القانون األسمى في إطار النظم القانونية ‪ ،‬فإنه يعمل على سريان‬ ‫وصحة جميع المعايير األخرى ضمن تلك النظم القانونية‪ .‬وال يجوز انتهاك أو تجاهل القواعد‬ ‫والمبادئ الدستورية من جانب المعايير غير الدستورية‪ .‬إن أية مخالفة دستورية يتم ارتكابها من قبل‬ ‫أي معايير غير دستورية تعتبر باطلة والغية ‪.‬‬ ‫وهناك أيضا ً أنواع مختلفة من السلطات االنتخابية ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فإنه قد جرى إنشاء العديد من‬ ‫المؤسسات الدستورية المستقلة ‪.‬وهذه المؤسسات هي عادة أعلى السلطات االنتخابية‪ ،‬وتكون مستقلة‬ ‫تماما ً عن أي فرع من الفروع التقليدية للحكومة‪.‬‬ ‫وفي أيامنا هذه ‪ ،‬فإن إنشاء محاكم دستورية يعد أمرا ً مميزا ً ومرحبا ً به ‪.‬وقد تم تمكين هذه المحاكم في‬ ‫مجال تفسير القوانين‪ ،‬والفصل بصورة مباشرة في المسائل الدستورية ‪.‬ومع أخذ كل ذلك بعين‬ ‫االعتبار ‪ ،‬ونظرا ً ألنه قد تم االعتراف دستوريا ً بالموضوعات االنتخابية ‪ ،‬فإن إنشاء المحاكم‬ ‫الدستورية المتخصصة في حل النزاعات االنتخابية ‪ ،‬وحتى توسيع نطاق صالحيات المحاكم‬ ‫الدستورية التقليدية للقيام بذلك ‪ ،‬تبدو أنها مسائل معقولة ومقبولة‪.‬‬ ‫وتعمل النظم االتحادية في إطار خطة عمل مزدوجة المستوى ‪.‬فمن ناحية ‪ ،‬فإن الدساتير االتحادية‬ ‫تعمل على تطوير الموضوعات االنتخابية التي أشرنا إليها بأنها على المستوى االتحادي ‪.‬ومن ناحية‬ ‫ثانية ‪ ،‬فإنه بالرغم من كل ذلك‪ ،‬فإن الدول أو الواليات االتحادية يجب أن تستخدم استقالليتها‬ ‫التشريعية في حقها بسن القوانين االنتخابية‪ ،‬ورغم ذلك فإنه يتعين عليها االلتزام الراسخ بجميع‬ ‫المبادئ االنتخابية المقررة في الدستور االتحادي‪.‬‬ ‫كما أن إدراج موضوعات انتخابية في الدستور ال يعني أنه يتعين سن وثيقة دستورية جديدة لذلك‬ ‫الغرض‪ ،‬حيث أنه يمكن تنفيذ مثل تلك اإلضافات بسن بعض اإلصالحات اإلستراتيجية والمحددة‬ ‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫القوانين والمراسيم االنتخابية‬ ‫إن قانون االنتخابات هو األداة القانونية التي تــُـستخدم لتطوير غالبية المواضيع االنتخابية ذات‬ ‫العالقة واألهمية بالنسبة لألمة (وخاصة في تلك الدول التي تتبع ما يـُسمى تقليد القانون المدني ‪).‬‬ ‫ويجري سن القوانين االنتخابية من قبل المشرعين العاديين مثل (فروع األجهزة التشريعية الحكومية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ ،‬والمجالس التمثيلية أو النيابية‪ ،‬ومجلس الشيوخ‪ ،‬والتجمعات‪ ،‬والبرلمانات )بهدف وضع المبادئ‬ ‫العامة المنصوص عليها في الدستور)‪.‬‬ ‫وفي العادة‪ ،‬فإنه نظرا ً ألن النظم االنتخابية يجب أن تكون مشروعة وقوية ودائمة ‪ ،‬فإن قوانين‬ ‫االنتخاب يتعين سنها من قبل ما ال يقل عن أغلبية الثلثين من مجموع أعضاء الكونغرس‪.‬‬ ‫وليس هناك نموذجا ً يحتدا به بهدف سن القوانين االنتخابية‪ ،‬كما ال توجد وصفة سحرية إلتباعها بشأن‬ ‫إعداد محتويات القوانين االنتخابية وتشكيل هيكلها ‪.‬وفي بعض البلدان ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬فإنه‬ ‫يجري سن القوانين االنتخابية في فصل تشريعي واحد على شكل (قانون أو نظام أساسي) ‪ ،‬بينما في‬ ‫حاالت أخرى ‪ ،‬فإن العديد من مدونات النظام التشريعي األساسي تحتوي على القواعد االنتخابية‬ ‫بطريقة معينة (وفي مثل تلك الحاالت ‪ ،‬هناك قواعد محددة لتنظيم السلطات االنتخابية‪ ،‬واألحزاب‬ ‫السياسية ‪ ،‬وأنظمة تقديم االعتراضات والطعون ‪ ...‬وهـكذا)‪.‬‬ ‫وبموجب الدستور ‪ ،‬فإنه يمكن للقوانين االنتخابية تنظيم المواضيع االنتخابية على النحو التالي‪:‬‬ ‫• دمج وتوحيد المكاتب التمثيلية ؛‬ ‫• الحقوق الفردية في التصويت ‪ ،‬والترشح ‪ ،‬حق التجمع وتكوين الجمعيات مع آخرين‪ ،‬واالنضمام‬ ‫إلى األحزاب السياسية ؛‬ ‫•خصائص نظام التصويت ؛‬ ‫•الشروط التي يجب الوفاء بها من قبل المرشحين لالنتخاب؛‬ ‫•المتطلبات القانونية لألحزاب السياسية (مثل الشروط التي يتعين عليها الوفاء بها للتسجيل‪ ،‬وحقوق‬ ‫األعضاء وواجباتهم‪ ،‬والتمويل ‪ ،‬وتشكيل التحالفات واالئتالفات ‪ ..‬الخ ) ؛‬ ‫•الخصائص الرئيسية للسلطات االنتخابية (مثل تنظيمها وهيكلها التنظيمي وصالحياتها)؛‬ ‫•الجغرافيا واالنتخابات ؛‬ ‫•تسجيل الناخبين ؛‬ ‫•تدريب وتوعية الناخبين ؛‬ ‫•العملية االنتخابية (الحمالت االنتخابية ويوم االنتخاب والفرز والنتائج االنتخابية)؛‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫•التخطيط لالنتخابات ؛‬ ‫•االنتخابات ووسائل اإلعالم ؛‬ ‫•النزاهة االنتخابية ؛‬ ‫•التدابير التأديبية ‪ ،‬ونظام الطعون ؛‬ ‫•المحاكم االنتخابية‪.‬‬ ‫ويمكن للبلدان التي لديها محاكم دستورية أن تأذن أيضا باالعتراض على القوانين االنتخابية على‬ ‫أسس دستورية‪ .‬ويتم تخويل المحكمة العليا في البالد للبت في مثل تلك النزاعات‪.‬‬ ‫وفي العادة ‪ ،‬فإنه ال يمكن إدخال تغييرات كبيرة على القوانين االنتخابية إذا كانت العملية االنتخابية‬ ‫على وشك االنطالق‪ .‬ويهدف مثل هذا الحظر إلى الحفاظ على االستقرار السياسي والثبات القانوني‪.‬‬ ‫وال يجوز سن القوانين االنتخابية لتنظيم التفاصيل المتعلقة بقضايا انتخابية محددة ‪ ،‬وملموسة‪ ،‬بشأن‬ ‫مسائل إدارية أو داخلية تمس السلطات االنتخابية ‪.‬ويتعين وضع مثل هذا التنظيم في الوسائل‬ ‫المعيارية األخرى مثل األوامر التنفيذية ‪.‬‬

‫األنظمــة اإلداريــة‬ ‫تصدر األنظمة واللوائح اإلدارية من قبل السلطات االنتخابية لتنظيم قضايا إدارية محددة بطريقة ذكية‬ ‫وبسيطة‪ .‬وتتمتع هذه األنظمة بمرونة أكبر مما هو في اإلجراءات التشريعية‪.‬‬ ‫وخالل فترة االنتخابات ‪ ،‬فإن الكثير من القضايا اإلدارية يتعين حلها بطريقة عاجلة خالل مهلة زمنية‬ ‫وجيزة‪.‬‬ ‫وليس من المفترض في القوانين االنتخابية أن تعمل على تنظيم مثل هذه المواضيع‪ ،‬التي ‪ ،‬بالمناسبة‬ ‫‪ ،‬قد تغير عملية انتخاب واحدة في المرة الواحدة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتعمل اللوائح اإلدارية على تكملة وإتمام القوانين االنتخابية‪ ،‬كما يجب أن تكون صادرة عن سلطات‬ ‫انتخابية تتولى مهمة القيام باالنتخابات بصفتها سلطة تنفيذية‪ .‬ويتعين على السلطات االنتخابية‬ ‫المخولة باإلشراف على اإلجراءات االنتخابية أن تـُـجري مراجعة عامة للتعديالت التنظيمية ‪.‬وهناك‬ ‫العديد من الهياكل االنتخابية مخولة للقيام بهذه المهمة ‪.‬وعادة ‪ ،‬فإن مثل هذه التشكيالت الهيكلية يجب‬ ‫أن تكون مستقلة ودائمة وعابرة‪.‬‬ ‫وفي البلدان التي لديها سلطات انتخابية مستقلة ‪ ،‬فإن تلك السلطات تتمتع بصالحيات إصدار لوائح‬ ‫إدارية‪ .‬وتهدف هذه البلدان من ذلك إلى منع وجود لوائح بصورة غير كافية‪ .‬وتعمل اللوائح اإلدارية‬ ‫على السماح للسلطات االنتخابية بتنظيم موضوعات محددة مثل‪ :‬كيفية رفع األحزاب السياسية‬ ‫لتقاريرها ‪ ،‬وكيفية التعامل مع تسجيل المرشحين ‪ ،‬وفي الحمالت واإلعالنات االنتخابية ‪ ،‬ويوم‬ ‫االنتخابات ‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫السوابق القضائية‬ ‫تعتبر السوابق القضائية ضرورية لتكامل النظام القانوني االنتخابي‪ .‬وينطوي مثل هذا القول على‬ ‫تغير هام للغاية ‪ :‬حيث أن حل النزاعات االنتخابية لم يعد مقصورا ً على السلطات السياسية‪ ،‬بل‬ ‫أصبح القيام به من خالل السلطات القضائية أمرا ً ممكنا ً أيضا (ومن ناحية ‪ ،‬فإن هناك بعض الحاالت‬ ‫التي يتم حل النزاعات االنتخابية فيها عن طريق المحاكم ‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن بعض حاالت‬ ‫النزاعات األخرى‪ ،‬يمكن النظر إليها على أنها تتطلب في حلها نـُـظما ً مختلطة بحيث تشمل السلطات‬ ‫السياسية والقضائية على حد سواء ‪).‬وكانت السلطات السياسية من قبل تعمد إلى حل المنازعات‬ ‫االنتخابية من خالل معايير سياسية‪ .‬ولكن اآلن أصبح حل النزاعات االنتخابية يتم عن طريق محاكم‬ ‫انتخابية متخصصة حيث تعمل هذه المحاكم على فرز وتصنيف النزاعات باستخدام معايير قانونية‬ ‫بحتة ‪.‬كما أصبح حل النزاع االنتخابي يتم بصورة قضائية‪ ،‬وغدت األحكام بشأنها تصدر عن المحاكم‬ ‫ومن قضاة انتخابات( والتي يمكن اعتبارها بأنها سوابق قضائية) كما أصبح من الضروري فهم‬ ‫مدلول ومضمون القانون االنتخابي بشكل تام‪.‬‬ ‫وفي نـُـظم القانون العام ‪ ،‬فإنه يمكن اعتبار اإلجراءات القضائية بأنها أصل القانون( ولكن على‬ ‫العكس من ذلك ‪ ،‬في نظم القانون المدني ‪ ،‬فإنه ينظر إلى القانون الذي جرى سنه وإصداره بأنه أصل‬ ‫القانون ‪).‬وحسب المفاهيم القانونية مثل‪ :‬لزوم اعتماد عبارات مثل‪" :‬ما سبق تقريره" أو "سبب‬ ‫الحكم " في السابق‪ ،‬فإن األسباب الداعمة لألحكام السابقة يتعين أخذها بعين االعتبار من أجل حل ألي‬ ‫ـرف القانون االنتخابي من خالل القوانين والتشريعات المدونة ‪،‬‬ ‫قضايا جديدة ومشابهة لها‪ .‬وال يـُـعـ َ َّ‬ ‫بل من خالل اآلراء القضائية نفسها ‪.‬‬ ‫وفي نظم القانون العام ‪ ،‬فإن المحاكم االنتخابية مهمة للغاية‪ .‬وتعمل مثل هذه المحاكم على تقديم‬ ‫مساهمة جوهرية في بناء ما يرفد النظام القانوني‪ .‬إن اآلراء القضائية (التي ينظر إليها باعتبارها‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫سوابق قضائية )تنتج القانون ؛ واآلراء القضائية االنتخابية (التي ينظر إليها على أنها سوابق) تعمل‬ ‫على إنتاج القانون االنتخابي‪.‬‬ ‫ويعمل ما يسمى بالنظام االنكليزي أو نظام التقاضي العادي على تخويل القضاة في الفرع القضائي‬ ‫للحكومة بصالحية حل النزاعات االنتخابية بطريقة نهائية ‪.‬كما تمتلك قراراتهم النهائية أيضا القدرة‬ ‫على وضع حد لنظام معقد بشأن الطعون االنتخابية (التي قد تكون إدارية أو سياسية ‪ ،‬كما هو موضح‬ ‫سابقا)‪.‬‬ ‫ومن الواضح أنه بالنسبة للنظم غير نظم القانون العام البريطاني األصل (والتي عادة ما تعرف باسم‬ ‫نظم القانون المدني) ‪ ،‬فإن القرارات القضائية بشأن المنازعات االنتخابية تعتبر هامة أيضا‪ .‬وقد عمل‬ ‫قضاة المسائل االنتخابية في نظم القانون المدني على تقديم إسهامات قـَـيـِّمة أيضا ً مما ساعد في‬ ‫تعزيز وتطوير القانون االنتخابي ‪.‬وفي تلك البلدان ‪ ،‬أصبح من الالزم استخدام السوابق القضائية التي‬ ‫تصدرها المحاكم االنتخابية في حل القضايا الجديدة المماثلة‪.‬‬ ‫إن القرارات القضائية للنزاعات االنتخابية هي في غاية األهمية حيث أنها في بعض الحاالت تقرر‬ ‫أيضا في مدى دستورية األوامر التنفيذية الصادرة عن السلطات االنتخابية ‪.‬وعندما تفعل القرارات‬ ‫االنتخابية مثل ذلك ‪ ،‬فإنه يمكن النظر إليها على أنها بمثابة محاكم دستورية تقوم بتقديم تفسيرات‬ ‫دستورية‪.‬‬ ‫وتـُناط مسؤولية تقرير السوابق اإللزامية عادة بأعلى المحاكم‪ .‬وتنشأ السوابق على أثر بعض هذه‬ ‫المتطلبات الشكلية التي يجري التوصل إليها من خالل القرارات باإلجماع أو بالتوافق والتسوية‪ .‬كما‬ ‫تنشأ السوابق القضائية( عادة ما تعرف باسم الفقه) عن طريق تكرار استخدام سبب حكم واحد في حل‬ ‫أكثر من قضية واحدة‪ .‬ويتعين في مثل تلك الحاالت أن تكون متماثلة من أجل أن يتم حلها بتطبيق‬ ‫نفس النسبة‪ .‬كما تعتبر قرارات المحاكم العليا بشأن الفتاوى القضائية المعاكسة‪ ،‬والتي تؤيدها محاكم‬ ‫مختلفة ‪ ،‬ذات فائدة أيضا إلقامة سوابق قضائية‪ .‬وفي العادة ‪ ،‬فإن السوابق القضائية ال توقـَـف أو‬ ‫ـبررة من أعلى القضاة‪.‬‬ ‫تـُـلغى إال بقرارات مـُسندة ومـ ُ َّ‬ ‫ولكن إلى أي مدى قد تصل له السوابق القضائية والفتاوى القضائية؟ وما هي آثارها؟ ومن هي‬ ‫السلطات الملزمة بها؟ هناك أنظمة قانونية مقيدة ضمن اآلراء التي تكون فيها الفتاوى القضائية‬ ‫والقرارات القضائية مقيدة لحسم القضايا الخالفية في كل قضية واحدة والتي ال تـُـعتبر بأنها إلزامية‬ ‫إال للمحاكم والقضاة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هناك أيضا نظما ً قانونية قد يكون فيها للفتاوى والسوابق القضائية‬ ‫تأثيرات عامة( تجاه الكافة) وبعيدة المدى ال تؤثر على صالحيات كل سلطة فحسب‪ ،‬بل إنها تعمل‬ ‫على إبطال التشريعات المـُستنة أيضا ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األوامر التنفيذية للسلطات االنتخابية‬ ‫إن السلطات االنتخابية مخولة بإصدار أوامر تنفيذية تهدف إلى تنظيم المسائل االنتخابية‪ .‬وقد كانت‬ ‫االتفاقات الدولية بين السلطات االنتخابية (سواء اإلدارية أو القضائية منها) من مختلف البلدان ذات‬ ‫فائدة كبيرة من خالل إقامة تعاون دولي أو مشاريع مشتركة لدراسات أكاديمية ‪ ،‬أو لنشر أبحاث ‪،‬‬ ‫تمت من خالل عقد مؤتمرات وندوات ومؤتمرات وورش عمل وإصدار منشورات‪ ،‬بأرفع‬ ‫المستويات وأوثق الصالت بالمواضيع االنتخابية‪.‬‬ ‫وال تتمتع االتفاقات الدولية الموقعة من قبل السلطات االنتخابية بنفس الوضع القانوني الذي تحوز‬ ‫عليه القرارات القضائية‪ .‬ومع ذلك فإنها تعتبر هامة أيضا ً ألنها تعمل على ربط وإلزام البلدان الموقعة‬ ‫عليها بطريقة رسمية‪ .‬وفور التوصل إلى اتفاق انتخابي ‪ ،‬تنتج هناك الحقوق والواجبات‪ ،‬ويتعين‬ ‫عندها بذل الجهود المشتركة لمواجهة أهداف االتفاق ‪.‬ويمكن النظر إلى االتفاقات الدولية( بما فيها‬ ‫االتفاقات غير االنتخابية )كطريقة خاصة لخلق قانون انتخابي ضمن إطار عالمي عام يطالب بحلول‬ ‫عالمية لمشاكل عالمية‪.‬‬ ‫كما يجب توقيع االتفاقات الدولية من قبل السلطات المخولة بذلك‪ .‬ويتعين أن تكون االتفاقات متوافقة‬ ‫ومنسجمة مع القواعد والقوانين القائمة من قبل‪ .‬وتعتبر االتفاقات المخالفة للقواعد المقررة في اتفاقات‬ ‫أخرى‪ ،‬باطلة وملغية‪.‬‬ ‫وفي األنظمة االتحادية‪ ،‬فإن االتفاقات يتم التوصل إليها بواسطة سلطات من مختلف المستويات ( من‬ ‫اإلتحاد‪ ،‬وسلطات الواليات وموظفي البلديات) وتكون ذات فائدة في حل القضايا االنتخابية المتعلقة‬ ‫بها (وخاصة اإلدارية منها) بطريقة تعاونية‪ .‬وقد أفادت هذه االتفاقات في إثراء المعرفة االنتخابية‬ ‫والفاعلية في المجاالت التالية ‪:‬اإلدارة‪ ،‬قضايا التوعية والتدريب االنتخابية‪ ،‬االستخدام العام لسجل‬ ‫الناخبين وبطاقات التعريف بالناخبين (وجميعها قضايا مكلفة‪ ،‬وضخمة ومعقدة تقنياً‪ ،‬وتعمل على‬ ‫تطويرها الوكاالت االنتخابية االتحادية ثم يـُـصار إلى نقلها بصورة تعاقدية إلى الوكاالت المحلية‬ ‫التي تعمل على تطبيقها في االنتخابات المحلية) ‪.‬‬

‫ـدونات السلـوك‬ ‫مـ ُ َّ‬ ‫إن عبارة "مدونات السلوك" تشير لكثير من األشياء المختلفة ‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬بشأن محتوى مدونة قواعد السلوك‪ ،‬فإنها يمكن القول أنها قواعد تهدف إلى ما يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫منع حدوث أي نوع من التخويف أو العنف ؛‬ ‫وضع قواعد وضوابط سلوكية على الحمالت االنتخابية ؛‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪‬‬

‫منع حصول أي نوع من السلوك التعسفي من جانب األحزاب السياسية القوية‪.‬‬

‫وتعمل غالبية قواعد السلوك على تعزيز التعاون بين السلطات االنتخابية وتفرض عادة عقد‬ ‫اجتماعات دورية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإنها ال تعمل على تمكين السلطات االنتخابية من تفسير السلوكيات وال‬ ‫من تنفيذها ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬من المالئم استبعاد ثالث حاالت من هذا التعبير منذ البداية ‪.‬وال تؤثر هذه الحاالت الثالث في‬ ‫وكالء االنتخابات فحسب‪ ،‬بل إنها تؤثر أيضا في التعهدات وااللتزامات المتعلقة باالنتخابات‪ ،‬وال‬ ‫يمكن تناولها على اعتبار أنها معايير سلوكية مدرجة بصورة قانونية ضمن العمليات االنتخابية ‪.‬‬ ‫وتشمل هذه المعايير ما يلي‪:‬‬ ‫ يمكن القول بصورة عامة‪ ،‬أن أنظمة اإلدارة االنتخابية ال يمكن النظر إليها بصفتها‬‫مدونات أو قواعد سلوكية‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن من الممكن تمييز" معايير السلوك" العامة‪،‬‬ ‫مثل تلك التي تنظم أنشطة مسئولي االنتخابات األسترالية‪ ،‬من القواعد الفردية‬ ‫الموجهة ألفراد محددين‪ ،‬مثل الكثير مما جرى إنشاؤه وتحريره من قبل المنظمات‬ ‫الدولية (مثل مراقبي االنتخابات)‪ .‬ونحن نتحدث هنا عن مجموعة من القواعد التي‬ ‫تهدف إلى وضع وتأسيس ممارسات محايدة ألشخاص أو منظمات مسئولة عن‬ ‫إجراء انتخابات‪ .‬ويمكن النظر إلى هذه اإلجراءات ببساطة على أنها بمثابة قواعد أو‬ ‫مدونات إدارية‪ ،‬بصورة مشابهة لتلك القواعد التي يضعها الموظفون العموميون أو‬ ‫أعضاء االتحادات المهنية ‪.‬‬ ‫ كما ال يمكن اعتبار القواعد العامة التي تضعها األحزاب السياسية بأنها قواعد‬‫سلوكية أيضاً‪ ،‬حيث أن مثل هذه القواعد ال تعتبر إلزامية ألحزاب أخرى‪ ،‬ولكنها‬ ‫خاصة بأعضاء الحزب الناشطين‪.‬‬ ‫ كما أن القواعد الضمنية المخصصة لألداء االنتخابي الموجودة في العديد من‬‫األنظمة الديمقراطية المختلفة ال يمكن النظر إليها على اعتبار أنها "معايير أو قواعد‬ ‫سلوك"‪ .‬وتعمل هذه المدونات على وضع القواعد المتعلقة بقبول المرشحين بالنتائج‬ ‫النهائية أو االتفاق الذي سيتم بموجبه مناقشة قضايا معينة من قبل المرشحين‬ ‫لالنتخابات‪ .‬كما أن القواعد الضمنية ألداء األنشطة االنتخابية غير ظاهرة بصورة‬ ‫واضحة وصريحة‪ ،‬عدا عن أنها ليست عامة‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬المالمح الرئيسية التي يمتاز بها "قانون السلوك االنتخابي"؟ ومن وجهة نظر (شبكة المعرفة‬ ‫االنتخابية)‪ ،‬فإن هناك على األقل ميزتين يمكن عرضهما على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫إن مدونة قواعد السلوك هي نتاج اتفاق يتم التوصل إليه من قبل األحزاب السياسية‪ .‬وقد‬ ‫يظل هذا االتفاق ساري المفعول ألكثر من عملية انتخاب واحدة ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪‬‬

‫وتهدف مدونة قواعد السلوك إلى استكمال القواعد االنتخابية‪ .‬وهذا هو السبب في أنها‬ ‫تلعب دورا ً هاما ً في انتخابات المرحلة االنتقالية‪ .‬وهدفها الرئيسي مزدوج الغرض‪ ،‬حيث‬ ‫من جهة ‪ ،‬فإنها تهدف إلى التوصل إلى التنمية السلسة لالنتخابات‪ ،‬ومن جهة أخرى ‪،‬‬ ‫فإنها ترمي إلى منع األعمال المسيئة من جانب المجموعات القوية المتنفذة‪.‬‬

‫وهناك العديد من االختالفات إلبعاد كل منهما عن اآلخر ‪.‬وتستند هذه االختالفات على خصائصها‬ ‫المميزة ‪ ،‬وعلى مدى قوة االلتزامات المستمدة منهما‪.‬‬ ‫ويمكن لألحزاب السياسية وضع مسودة لمدونة قواعد السلوك ‪ ،‬التي قد تشمل منظمات دولية بين‬ ‫الموقعين عليها‪ .‬ويمكن تعزيز تطبيق المدونات من جانب السلطات االنتخابية‪.‬‬ ‫ويمكن حينذاك أن تواجه مدونات قواعد السلوك التي تروجها السلطات االنتخابية تحديا أساسيا يمكن‬ ‫وضعه على النحو التالي ‪ :‬هل يمكن أن تكون مدونات السلوك إلزامية؟ من وجهة نظر جدلية ‪ ،‬فإن‬ ‫مدونات قواعد السلوك ينبغي أن تكون طوعية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه يمكن استخالص بعض االستنتاجات‬ ‫المثيرة لالهتمام من بعض الدراسات كالتالي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫عملت بعض البلدان على إدراج مدونات السلوك في التشريعات االنتخابية التي يسنها‬ ‫البرلمان‪ .‬وهنا يتعين أن يبدأ النقاش من منظور مختلف ‪ :‬هل ال يزال من الممكن الحديث‬ ‫عن مدونة لقواعد السلوك؟‬ ‫وهناك بعض التعقيدات األخرى المستمدة من تلك الحاالت التي تنص فيها مدونات السلوك‬ ‫المتفق عليها بحرية من قبل المتنافسين على إيقاع عقوبات يتعين تطبيقها على كل من ال‬ ‫يلتزم ويبرمها‪ .‬وفي مثل هذه الحاالت ‪ ،‬فإن مدونات السلوك تكتسب المزيد من وضع‬ ‫المعايير المبدئية‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن الغالبية العظمى من قواعد السلوك قد تم التوافق عليها ‪ .‬وهي ال تحول دون أي عقوبة‬ ‫على اإلطالق إذا أخفق شخص ما في االلتزام بها ‪.‬ويمكن اعتبار هذا الوضع بأنه إدماج للبعد‬ ‫المعياري للعملية االنتخابية‪ .‬وعلى أي حال ‪ ،‬فإنه ال بد من القول أن قواعد السلوك الفعالة تعمل على‬ ‫تنظيم قضايا بالغة األهمية‪ ،‬وتميل نحو أن تصبح إلزامية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫)‪(2‬‬

‫هيكلة قانون االنتخابات‬ ‫‪Election Law General Structure‬‬

‫العملية الحزبية والعملية تعني كيفية ممارسة الشعوب لحقوقها السياسية‪ .‬وبالتالي ال يمكن الشروع‬ ‫في ممارسة هذا الحق بدون وجود قانون االنتخابات‪.‬‬ ‫وفيما يلي نبذة كافية عن "مقومات االنتخابات" بما يسهم في تنمية الوعي االنتخابي الالزم‪:‬‬

‫مطلب ‪ :0‬مكون اللجنة االنتخابية املركزية ‪ELECTION HIGH‬‬ ‫‪COMISSION‬‬ ‫اللجنة المركزية هي محور العملية االنتخابية ‪ ،‬وهي آلية لتحقيق الشرعية السياسية‪ ،‬ونجاحها يرتكز‬ ‫على توفر النزاهة واالستقامة والدقة واالستقاللية والمسئولية الوطنية واألمانة التاريخية واإلنسانية‪.‬‬ ‫وغياب أحد هذه الركائز يهدد مستوى الشرعية في لمحصلة النهائية‪.‬‬ ‫وهناك مسميات أخرى متداولة‪ ،‬فقد يطلق عليها "المفوضية العليا لالنتخابات"‪ ،‬بمعنى أنها "مفوضة‬ ‫‪ "Authorized‬ومستوى تفويضها أعلى أي على مستوى سيادة الدولة‪.‬‬ ‫وبكلمات أخرى‪ ،‬مفوضة بكل الصالحيات تداول السلطات من أجل أن تحقق للشعب ممارسة "إرادته‬ ‫الحرة" وعلى أساس دستوري‪.‬‬ ‫وقد يطلق عليها "اللجنة المركزية لالنتخابات"‪ ،‬وهنا داللة على تأكيد نطاق مشروعيتها وصالحياتها‬ ‫وهو على مستوى الدولة التي يسودها الدستور مصدر كل القوانين والتفويضات العامة‪.‬‬ ‫والمقصد هو أنها مفوضة وفق الدستور ال تتدخل في أعمالها السلطات األخرى‪ ،‬وال تخضع لسلطان‬ ‫غير الدستور والقانون‪ .‬وهذا أيضا يفيدنا في فهم معنى دولة القانون الشائع بين الناس‪.‬‬ ‫وهي أيضا مركزية تتولى إصدار السياسات االنتخابية وإدارة عملياتها على مستوى البلد‪ ،‬أي ليس‬ ‫هناك إال جهة واحدة مسئولة على االنتخابات في الدولة المتحدة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفي حقيقة األمر توجد مجموعة من العناصر ذات المغزى السياسي العميق‪ ،‬وتشمل‪( ،‬العضوية)‬ ‫وهي تهدف إلي الترسيخ السياسي بأن هذه اللجنة طبيعتها "االستقاللية" و"الوطنية" التامة عن طريق‬ ‫توضيحها لكيفية اختيار األعضاء‪ ،‬و (االختصاصات والصالحيات) بما يحقق هذا الدور الوطني‬ ‫بكفاءة قصوى‪ ،‬و "اللجان الفرعية" بما يحقق استيعاب كل األصوات‪ ،‬وهي تعبر القوة‪-‬السياسة‪ ،‬و‬ ‫بشكل منظم ودقيق‪.‬‬ ‫يأتي تشكيل "اللجنة العليا لالنتخابات" استناد على أسس محددة "بالدستور الدائم" الذي يمثل "سيادة‬ ‫الشعب"‪.‬‬ ‫ويتم تشكليها دستوريا بطريقة بحيث تمثل مناصفة "سلطة‪-‬القضاء" و "إرادة‪-‬المجتمع" بدقة وحكمة‬ ‫ديمقراطية سياسية و شرعية‪.‬‬ ‫وبما يحقق طبيعتها بأنها هيئة عليا دستوريا‪ ،‬بمعنى أنه ليس هناك سلطة أعلى منها غير "الدستور"‬ ‫الذي يحكم نشاطها وشرعيتها‪ ،‬كما أنها تسمى الرئيسية أو المركزية وهو نطاقها حيث تمارس‬ ‫اختصاصاتها وصالحياتها ومسئوليتها الوطنية على مستوى البالد‪.‬‬ ‫وفي حالة المرحلة االنتقالية فهي تشكل بقرار وليس بقانون‪ ،‬وال يجوز للمجالس االنتقالية اعتماد‬ ‫نتائجها وال يجوز له أن يحدد موعد االنتخابات‪ ،‬فهي تنطلق من اإلعالن الدستوري الذي أصبح‬ ‫شعبيا نافذ ومقبول للمصلحة الوطنية‪.‬‬ ‫وفيما يلي التفسير السياسي لمثل هذه للعناصر الالزمة في صياغة مواد اللجنة العليا لالنتخابات‪:‬‬

‫طريقة العضوية القضائية تنتج االستقاللية‬ ‫في حقيقة األمر‪ ،‬يهدف المشرع والسياسيين إلي تحقيق مشروعية عامة وعلمية وسياسية لهذا‬ ‫العنصر‪ ،‬الذي ترتكز عليه كامل صحة العملية االنتخابية‪ ،‬والفساد في طريقة تشكيل هذه العضوية‬ ‫وتحقيق االستقاللية يعد جريمة وطنية وخيانة تاريخية‪ ،‬وسوف نعرض طريقتين‪ ،‬الطريق األولى‬ ‫وهي القضائية والمدنية الراسخة‪ ،‬حيث يتم تشكيل اللجنة من عدد معين ‪ ،‬ومحدد بالدستور‪ ،‬ومقسم‬ ‫بالتساوي بين سلك قيادات القضاء وقيادات المجتمع المدني‪ ،‬فمثال‪ ،‬القانون المصري‪ ،‬يحدد عشرة‬ ‫أعضاء‪ ،‬خمسة من القضاء وخمسة من المجتمع‪ ،‬برئاسة رئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬وفي حال لم‬ ‫تؤسس بعد كما هو الحال في المراحل االنتقالية‪ ،‬فيرأسها رئيس المحكمة العليا‪ ،‬وأربعة أعضاء هم‬ ‫نائب المحكمة العليا أو الدستورية‪ ،‬رؤساء أو نواب المحاكم األخرى وهي االستئناف والنقض‪ ،‬وفي‬ ‫حال غياب أحدهم عن أي اجتماع لعذر يعلم الذي يليه في الوظيفة حسب نوعية المحكمة‪ ،‬ويتم‬ ‫التكليف من قبل رئيس اللجنة العليا‪ ،‬مع وخمسة أعضاء يتم اختيارهم من شخصيات مثقفة وناشطة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وعالمة بالمجتمع‪ ،‬مع تحديد خمسة أعضاء احتياطيين من المجتمع في حالة غياب أحدهم عن‬ ‫االجتماعات يعلم بالحضور‪ .‬والطريقة الثانية‪ ،‬والتي طريقة الترشيح المؤسساتي القضائي والمدني‪،‬‬ ‫وهنا يحدد العدد واألسس حسب الدستور‪ ،‬بحيث يقوم القضاة والمحامين ومؤسسات المجتمع المدني‬ ‫بترشيح من يدخل في تشكيل هذه اللجنة العليا وبقائه مكلف خالل الدورة االنتخابية‪ .‬إال أنه يفضل‬ ‫الطريقة األولى‪ ،‬المرتكزة على السلك القضائي المستقل ولتفادي كثرة االنتخابات والتشتت والتنافس‬ ‫الجزئي‪ ،‬الذي يجب أن يترك مستمر بشكل اعتيادي حسب الدستور‪ ،‬حيث كل مؤسسة قضائية مستقلة‬ ‫في اختيار قيادتها وحسب الدستور‪.‬‬

‫اختصاصات وصالحيات اللجنة العليا لالنتخابات‬ ‫تقوم اللجنة "تلقائيا باإلعالن" عن "موعد فتح باب الترشيح" وكذلك "موعد فتح باب االنتخاب" و‬ ‫"مواعيد إقفالها" وطبقا لما هو محدد بالدستور‪ ،‬وال تنتظر تعليمات رئاسية‪ ،‬فهي عليا ذات سيادة‬ ‫دستورية‪ ،‬ومؤتمنة وطنيا‪ ،‬وتصدق على صحة قراراتها من "السلطة التشريعية" و "المحكمة‬ ‫الدستورية" لكسب الشرعية الشعبية وسلطان العدالة القضائية‪ .‬وهي تختص أيضا بتحديد دوائر‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وتشكيل "اللجان العامة" على مستوى المحافظات‪ ،‬و "لجان االقتراع" على مستوى‬ ‫الدوائر‪ ،‬و "لجان الفرز" على مستوى المحافظات أو الدوائر‪ ..‬وتختص باستالم الطعون والبث فيها‬ ‫وقراراتها نافذة‪ .‬وهي المسئولة بشكل مباشر في اإلشراف والتوجيه التام على سير العملية االنتخابية‪،‬‬ ‫وسجالت المرشحين‪ ،‬وسجالت الناخبين‪ ،‬وكافة اإلجراءات المنظمة وفق الدستور‪ ،‬وتنفيذ العقوبات‬ ‫المقررة بقانون االنتخابات عبر المحاكم المختصة‪ ..‬وهي من يعلن عن نتائج االنتخابات وتصبح‬ ‫نافذة‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬مكون تنظيم الناخبني ‪ORGANIZING THE‬‬ ‫‪ELECTORS‬‬ ‫يهدف هذا المكون الحيوي تحقيق أن يكون لكل مواطن مشاركة صحيحة بشأن قوة صوته‪.‬‬ ‫حيث أصوات األفراد في مجموعها تمثل "قوة سياسية مشروعة"‪.‬‬ ‫ويصبح لهذه القوة السياسية المنتخبة دور في سير شئون البالد ومصالح الناس وسالمة الوطن‬ ‫وحماية الدستور‪.‬‬ ‫فالصوت أمانة الفرد أمام خالقه‪ ،‬وفي مجموعها أمانة تودع لدي لجان االنتخابات من أجل احتسابها‬ ‫لمستحقيها بشكل أمين‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهذا يتطلب تنظيم قانوني يمنع االزدواجية في تسجل األصوات‪ ،‬ويحقق المراقبة الفنية الملموسة‪.‬‬ ‫ويتم ذلك عن طريق ضمان تسجيل كل مواطن في ضمان تسجيل كل مواطن في دائرة واحدة‪،‬‬ ‫بحيث يمكن التعرف على هويته وكامل أهليته‪ ،‬وتصبح هذه الدائرة مركز قانوني يدلي من خالله‬ ‫بصوته الواحد وبشكل مباشر ال ينيب عنه أحد‪ ،‬وسري بحيث ال يؤثر في إرادته وخياره أحد‪ .‬كما أن‬ ‫سجل أو جدول الناخبين هو أيضا مطلب قانوني‪ ،‬يمكن من العملية الرقابية بين اللجنة العليا ولجنة‬ ‫األشراف ولجنة االقتراع أو الدائرة‪ .‬كما أن هناك إجراءات قانونية محددة تضبط السلوكيات الفردية‬ ‫والحزبية‪ ،‬وتشمل كيفية القيام بالتسجيل بالسجل والدائرة أو االنتقال فيما بعد من محافظة ألي أخرى‪،‬‬ ‫ومن أجل إثبات أن عملية التسجيل وعملية االقتراع قد أجريت بشكل عام ومباشر وسري بشكل دقيق‬ ‫بدون ازدواجية وفرصة تامة لكل فرد أن يمارس حقه في اختيار النخبة الحاكمة‪ ،‬التي له لحق أيضا‬ ‫أن يرشح نفسه أيضا إذا توفرت لديه القدرة القيادية التنافسية والرغبة في القيام بهذا الدور الوطني‬ ‫األمين‪.‬‬ ‫وفيما يلي التفسير السياسي لعناصر مكون "تنظيم الناخبين"‪:‬‬

‫إمساك سجل الناخبين‬ ‫يوجد بكل دائرة انتخابية سجل خاص مدون فيه بيانات الناخب – أي المواطن‪ ، -‬وهذا السجل تحت‬ ‫إشراف المحافظة‪ ،‬ويحدد قانون االنتخابات كافة إلجراءات القانونية بشأن كيفية وضوابط التسجيل‪،‬‬ ‫والنقل من دائرة أو محافظة إلي أخرى‪ ..‬وهو من عنصر أساسي في العملية الرقابية االنتخابية‪.‬‬

‫بطاقة الناخب‬ ‫يمنح كل ناخب بطاقة تفيد بإثبات قيده في سجل الناخبين دستوريا‪ ،‬وتصمم بطريقة دقيقة مستديمة‪،‬‬ ‫وهي تحدد تاريخه في االلتزام بممارسة حقوقه السياسية كما أنها تفيد في العملية الرقابية في ضبط‬ ‫سير االنتخابات بنزاهة وأمانة‪ .‬وهي خالف بطاقة االقتراع التي تستعمل مرة واحدة وتفيد في اإلدالء‬ ‫بصوته مرة واحدة فقط‪ .‬وكما ذكرنا فهي تصمم بدقة فنية‪ ،‬وفي حال القيام بذلك‪ ،‬سوف تفشل‬ ‫االنتخابات على المدى القصير‪ ،‬والسبب كما ذكرنا في مقالة سابقة‪ ،‬أن صنع االنتخابات يختلف من‬ ‫بلد إلي أخر ويحمل سمات رقي المجتمع ذاته‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫العقوبات القانونية‬ ‫يحدد قانون االنتخابات العقوبات معنوية‪ ،‬كغرامة الرمزية عند تخلف الناخب عن ممارسة حقه‬ ‫السياسي في خدمة الوطن‪ .‬كما يعاقب بالسجن لمدد متباينة حسب الجرم كل من يقترف أعمال شغب‬ ‫من شأنها إفساد أو تعطيل العملية االنتخابية أو تخويف أو رشوة الناخب‪.‬‬

‫شروط الناخبين‬ ‫يحدد قانون االنتخابات شروط معينة‪ ،‬تشمل الجنسية‪ ،‬والعمر‪ ،‬الخلو من السوابق‪ ،‬والحالة الصحية‪..‬‬ ‫حيث صوت الموطن السليم يصنع التغير السليم‪ .‬و حسب تقديرنا عندما يكون المواطن الناخب ضمن‬ ‫حزب تتوفر له فرص المشاركة والمساهمة في صنع السياسات العامة واختيار قيادات الحزب‪ ،‬وفي‬ ‫كثير األحيان هم المرشحين‪ ،‬ويتبادل األفكار‪ ،‬ويرتقي بوعيه السياسي المطلوب وطنيا وديمقراطيا‪.‬‬ ‫وفي حالة بقاء المواطن‪-‬الناخب منفرد بصوته وأفكاره فإنه يضعف من حقيقة "القوة‪-‬السياسية" في‬ ‫البلد ويضعف تأثرها الوطني والديمقراطي في إحداث التغيير الالزم في كل حاالت انحراف الهيئة‬ ‫الحاكمة‪..‬فصوت الناخب قوة سياسية تحدث التغيير وأمانة وطنية تصنع التقدم‪.‬‬

‫مطلب ‪ :3‬مكون تنظيم املرشحني ‪ORGANIZING THE NOMIES‬‬ ‫بشكل عام‪ ،‬ناك أربعة أنواع من المرشحين‪ ،‬وكثيرا ما نسمع ثالثة أنواع أو مراحل انتخابية‪ ،‬وهي‬ ‫"المرحلة‪-‬الرئاسية" إي شروط وكيفية إتمام مرحلة اختيار األفضل لتولي رئاسة الدولة‪،‬و "المرحلة‪-‬‬ ‫التشريعية" وهي شروط وكيفية إتمام مرحلة تشكيل السلطة التشريعية للدولة‪ ،‬و "مرحلة‪-‬الحكومة"‬ ‫وهي شروط وكيفية إتمام اختيار رئاسة الوزراء والوزراء‪ ،‬وهناك "مرحلة‪-‬الشورى" وهو المجلس‬ ‫االستشاري العلمي واألخالقي‪ ،‬وكثيرا ما يغفل عنه في العالم العربي بسبب هيمنة االشتراكية لعقود‬ ‫طويلة وتجهليها السياسي للشعب‪ ،‬فهناك عناصر مثل عنصر "حقوق األحزاب السياسة"‪ ،‬و عنصر‬ ‫"الحملة‪-‬الدعائية وضوابطها"‪.‬‬ ‫فهناك أكثر من نوع لالنتخابات‪ ،‬تشمل االنتخابات البرلمانية‪ ،‬والمحلية – أي النيابية‪ ،-‬واالستشارية‬ ‫أي مجلس الشورى وفي الدول العلمانية يسمى مجلس الشورى االشتراكي كما هو في الدستور‬ ‫المصري‪ ،‬وأخيرا االنتخابات الرئاسية‪.‬‬ ‫وهناك شروط خاصة بالمرشحين المقبولين عن كل نوع من االنتخابات‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتجرى وفق مواعيد محددة‪ ،‬بحيث أوال‪ ،‬تعقد االنتخابات التشريعية أي البرلمانية لالقتراع حسب‬ ‫للمحافظات الختيار األكثر أصوات لشغل مقاعد السلطة التشريعية الذين يراقبون الحكومة ويقدمون‬ ‫مشروعات قرارات جديدة‪ ،‬ويعتمدون القرارات والقوانين والخطط والسياسات والميزانية العامة عن‬ ‫كل سنة خالل دورتهم االنتخابية المحددة بالدستور‪ ،‬ثم ثانيا‪ ،‬االنتخابات المحلية النيابية لالقتراح‬ ‫حسب الدوائر المحلية من أجل اختيار نواب الشعب الذين يدافعون عن مصالحه‪ ،‬وثالثا‪ ،‬تعقد‬ ‫االنتخابات الرئاسية لالقتراع العام واختيار المرشح األكثر أصوات رئيس الدولة عن الفترة المحددة‬ ‫بالدستور‪.‬‬ ‫وعادة ما يصاغ قانون انتخابات عن كل نوع‪ ،‬أي قانون االنتخابات البرلمانية‪ ،‬وقانون االنتخابات‬ ‫النيابية المحلية‪ ،‬وقانون االنتخابات الرئاسية‪ ،‬وغيرها من األنواع‪ ،‬مثال‪ ،‬مجالس الشورى‪ ،‬أو‬ ‫المؤتمر الوطني العام في حال المرحلة االنتقالية بعد الثورات لوطنية الناجحة‪ ،‬حيث البد من تغطية‬ ‫هذه العناصر بدقة سياسية وأمانة وطنية ومسئولية تاريخية ومن أجل الصياغة القانونية الالزمة‪ ،‬كما‬ ‫يلي‪:‬‬

‫حرية تقديم طلب الترشح‬ ‫يوجد نموذج خاص معد من قبل اللجنة العليا‪ ،‬يتقدم عن طريقه المرشح‪ ،‬بكامل البيانات والمستندات‬ ‫المحددة‪ .‬ويعطى المشرح إيصال باالستالم‪ ،‬ويعلم حال الرفض كتابيا ومع بيان أسباب رفض الطلب‪.‬‬

‫إمساك سجل المرشحين‬ ‫يوجد سجل خاص يثبت فيه تاريخ التقديم والبيانات الالزمة‪.‬‬

‫عالنية قائمة المرشحين‬ ‫تنشر بالجريدة الرسمية واثنان من األكثر انتشارا وعن طريق القنوات بقائمة المرشحين‪ ،‬وهل‬ ‫يمثلون حزب أم مستقلين‪.‬‬

‫حق االعتراض الشعبي‬ ‫يمكن للشعب أن يعترض بالمستندات المؤيدة إلي اللجنة العليا‪ ،‬ولها إجراء التحقيق مع المرشح‪،‬‬ ‫والبث القانوني في رفض المرشح أو إبطال الطعن‪ .‬واإلعالن الرسمي بالخصوص كذلك بيان عن‬ ‫الطلبات المرفوضة‪.‬‬

‫شروط الترشيح للبرلمان‬ ‫يحدد القانون عدد المقاعد حسب كل دائرة انتخابية بما يتناسب مع عدد السكان بالدائرة من المجموع‬ ‫لكلي لسكان الدولة‪ ،‬ويحدد فئات المرشحين‪ ،‬فأحيانا يسن أن يكون نصف المرشحين من فئة العمال‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهم التجار والصناع والحرفين والمهن الحرة الذين ليس لهم دخل غير نشاطهم‪ ،‬وفئة الفالح وهم‬ ‫مالك المزرعة وليس لهم دخل غيرها‪ ،‬والنصف األخر من غيرهم من المثقفين والموظفين والكتاب‬ ‫وغيرهم‪ .‬وتحدد الجنسية‪ ،‬والخلو من السوابق‪ ،‬وقرار الذمة المالية‪ ،‬وعدم ضلوعه في الفساد‬ ‫السياسي والمالي الحكومي السابق‪.‬‬

‫شروط الترشيح للمجالس المحلية‬ ‫تتقدم األحزاب أو الناس بالمستقلين‪ ،‬الذين يروهم خير ممثل ومدافع عن مصالحهم واحتياجات‬ ‫مناطقهم‪.‬‬

‫شروط الترشيح لرئاسة الدولة‬ ‫تقدم األحزاب مرشحها لرئاسة الدولة‪ ،‬أو أن يتقدم المستقل بنفسه‪ .‬وعادة ما يتطلب حصول المرشح‬ ‫على ‪ %91‬من أصوات البرلمان‪ ،‬و‪ %31‬من أعضاء مجلس الشورى‪ ،‬و‪ %01‬من أعضاء كل‬ ‫مجلس محلي‪ ،‬كحد أدنى‪ ..‬والفائزين يتم عرضهم بالدوائر االنتخابية الرئاسية التي تحددها اللجنة‬ ‫العليا‪ ،‬من أجل االقتراع لعام السري المباشر‪ .‬من أجل تحديد أيهم األكثر أصوات من الشعب‪.‬‬

‫شروط ترشح األحزاب السياسة‬ ‫يحق لألحزاب أن تقدم مرشحيها‪ ،‬وعادة ما يشترط وباستثناء أول دورة انتخابية بعد نشأة وصدور‬ ‫الدستور‪ .‬أن يكون قد مضى خمس سنوات على تأسيس الحزب‪ ،‬وأن يكون المرشح من الهيئة العليا‬ ‫إلدارة الحزب‪ ،‬وأن يكون شغل منصبه ليس أقل من عام‪ ،‬كما أنه قد يسن القانون االنتخابي وفق‬ ‫الدستور أن يكون الحزب قد تحصل على ‪ %9‬من مقعد البرلمان في الدورة الجارية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :4‬مكون تنظيم عمليات االقرتاع ‪THE VOTING‬‬ ‫‪PROCESSES‬‬ ‫وهي مسألة إدارية بحتة‪ ،‬وترتكز على عدة عناصر‪ ،‬منها تحديد طريقة االقتراع‪ ،‬وتحديد عدد‬ ‫الدوائر حسب العددية السكانية‪ ،‬وقرارات تشكيل اللجان الفرعية اإلشرافية على مستوى المحافظات‬ ‫واللجان االقتراع وهي على مستوى الدوائر ولجان الفرز وهي مختلطة‪ ،‬وتحديد مراحل العملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وهي مرحلة تحديد الدوائر‪ ،‬وتحديد المواعيد‪ ،‬ومرحلة تسجيل وتحديث سجل الناخبين‬ ‫ولها ضوابطها‪ ،‬ومرحلة تسجيل المرشحين ولها مدة معينة‪ ،‬حيث تمر بمبدأ البيعة الخاصة للتأهيل‬ ‫للبيعة العامة‪ ،‬وأسس وكيفية إتمام كل مرحلة بشكل شرعي وسياسي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتختص اللجنة العليا لالنتخابات باإلشراف التام والمستقل على مراحل العملية االنتخابية المحددة‬ ‫دستوريا‪ ،‬وتشكيل لجان األشراف حسب المحافظات والدوائر االنتخابية المالئمة مع عدد السكان‬ ‫إلتمام االقتراع في يوم واحد‪.‬‬ ‫كما تختص اللجنة العليا بوضع كافة اإلجراءات وقواعد العملية االنتخابية لسير مراحل العملية‬ ‫االنتخابية بدقة فنية ومصداقية إدارية وكفاءة سياسية‪.‬‬ ‫وتهدف العملية االنتخابية برمتها إلي إثبات صوت الناخب المعبر عن إرادته في اختيار الهيئة‬ ‫الحاكمة الفاضلة‪ ..‬وحسب الشريعة فإن صوته أمانة يجب عليه تحمل لمسئولية الدينية فيمن يمنح‬ ‫تأييده وصوته ويتنازل له في تمثيله‪.‬‬ ‫وفيما يلي التوضيح الفني من أجل الصياغة القانونية السليمة وقيام الناخب واللجنة بدورها السياسي‬ ‫الالزم‪:‬‬

‫أقسام العملية االنتخابية‬ ‫وهي في األساس‪ ،‬أربعة أقسام‪ ،‬العملية األشراف تختص باإلشراف المباشر على لجان دوائر‬ ‫االقتراع داخل نطاق المحافظة‪ ،‬وعملية االقتراع تختص بتسجيل صوت الناخب بدقة فنية‪ ،‬وعملية‬ ‫الفرز وتختص بتصنيف عدد األصوات الحائز عليها كل مرشح‪ ..‬وتكون هذه العملية محددة األسس‬ ‫بالدستور‪.‬‬

‫تشكيل اللجان الفرعية والمتخصصة‬ ‫تختص اللجنة لعليا بتشكيل اللجان‪ ،‬وتحديد مهامه‪ ،‬واألشراف عليها‪ ،‬واتخاذ كل ما يلزم بشأن كفاءة‬ ‫إنجاز العملية االنتخابية المتكاملة‪ .‬وهي في األساس‪ ،‬لجان األشراف على مستوى كل المحافظة‪،‬‬ ‫ولجان االقتراع على مستوى كل دائرة‪ ،‬ولجان الفرز على مستوى المحافظة‪ .‬ويشترط في تشكيل‬ ‫اللجان األتي‪ ،‬أن يتولى رئاسة أي لجنة قاضي‪ ،‬كما يتشرط تحديد أسم مندوب كل مرشح بكل دائرة‬ ‫االقتراع‪ ،‬كما يتشرط أن يكون رؤساء لجان الدوائر ضمن لجنة الفرز وبرئاسة اللجنة العليا وبوجود‬ ‫مندوب كل مرشح‪.‬‬

‫الدوائر االنتخابية النسبية‬ ‫تختص لجنة االنتخابات العليا تحديد عدد الدوائر االنتخابية‪ ،‬وأماكنها‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مواعيد العليات االنتخابية‬ ‫تختص لجنة االنتخابات باإلعالن عن موعد فتح باب الترشيح‪ ،‬وموعد االنتهاء أو اإلعادة‪ ،‬وفق قرار‬ ‫مصدق عليه من السلطة التشريعية‪ ،‬والمحكمة الدستورية‪ ،‬وال تتدخل الحكومة التنفيذية في ذلك‪ ..‬كما‬ ‫أنها تختص بتحديد مواعيد بدء عمل لجان الفرز‪.‬‬

‫اإلعالن عن النتائج االنتخابية‬ ‫تختص لجنة االنتخابات العليا باإلعالن عبر مؤتمر صحفي‪ ،‬وعبر وسائل اإلعالم المرئية‬ ‫والمسموعة والمقروءة عن نتائج العملية االنتخابية بكل "دائرة" لكل المرشحين المتقدمين وعدد‬ ‫األصوات حسب الفرز‪ ،‬ومن ثم اإلعالن عن قرار الفائزين بكل دائرة وعدد أصوات كل منهم‪ ،‬هذا‬ ‫في حال االنتخابات البرلمانية والمجالس النيابية‪ .‬و لكن في حال االنتخابات الرئاسية‪ ،‬يعلن المرشح‬ ‫الفائز برئاسة الدولة مصدقة من السلطة التشريعية والمحكمة الدستورية‪.‬‬

‫مطلب ‪ :5‬مكون الضوابط القانونية والسلوكية ‪THE LEGAL‬‬ ‫‪CONROLS‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬تحدث بعض مشاكل الشغب بسبب الجهل السياسي‪ ،‬مثال‪ ،‬تخلف بعض الناخبين عن ممارسة‬ ‫حقهم السياسي وهذا ضار وطنيا على المدى البعيد‪ ،‬أو محاولة اعتراض الناخبين أو تشويه العملية‬ ‫االنتخابية وفي كل ذلك ضرر بالدولة ويعكس عدم احترام الدستور وهي مخالفة قصوى في حق‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫وهي ضوابط سلوكية لسالمة سير االنتخابات‪.‬‬ ‫يتضمن قانون االنتخابات نصوص قانونية تأديبية من أجل ضمان سير العملية االنتخابية باحترام‬ ‫سيادة القانون وباحترام المواطن بممارسة حقوقهم السياسية بوعي وبعدم التخلف‪.‬‬ ‫وهي تشمل‪:‬‬ ‫‪ ‬عقوبات تأديبية تحث الناخب على المشاركة القانونية وعدم التخلف عن ممارسة حقه‬ ‫السياسي بحرية تامة وسالمة‪.‬‬ ‫‪ ‬عقوبات تأديبية قاسية على كل مواطن أو ناخب أو مشرح استخدم القوة أو لتهديد بقصد‬ ‫تعطيل أو الضرر بسير أو نتائج العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ ‬عقوبات مالية تأديبية بحيث تمنع استخدام قوة المالي في إفساد العملية السياسية االنتخابية‪.‬‬ ‫وعلى سيبل المثال‪ ،‬يمكن تصنفيها كما يلي‪:‬‬

‫عقوبة التخلف عن أداء الواجب الوطني والحق السياسي الدستوري‬ ‫يهدف قانون االنتخابات في عقوباته على حث المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية في اختيار‬ ‫الهيئة الحاكمة للبالد وعد التخلف عن أداء هذا الواجب الوطني‪ .‬وتفرض غرامة رمزية على كل من‬ ‫تخلف عن اإلدالء بصوته بغير عذر‪ .‬ويعاقب كل من طلب أو قبل فائدة أو ماال أو مصلحة لغرض‬ ‫إدالء بصوته بوجه غير الحق‪ ،‬كما يعاقب كل من أدالء بصوته وهو يعلم ال يحق له ذلك‪.‬‬

‫عقوبة استخدام القوة والتهديد وإفساد العملية االنتخابية‬ ‫يحدد القانون عقوبة السجن بمدد متفاوتة حسب حجم تأثير استخدام القوة أو التهديد في التأثير أو‬ ‫الضرر بسير العملية االنتخابية‪ ،‬فمثال‪ ،‬محاولة االعتداء على اللجنة االنتخابية قد تصل عقوبتها إلي‬ ‫خمسة سنوات سجن إذا لم يحدث ضرر وإذا بلغ مقصده وأحدث ضررا فقد تصل إلي السجن المشدد‬ ‫والمؤبد‪ .‬كما يعاقب بالسجن والغرامة المحددة بالقانون كل من حاول وقف تنفيذ قرارات لجنة‬ ‫االنتخابات الدستورية‪ .‬كما يعاقب بالحبس مدة محددة بالقانون كل من حاول استخدام وسائل الترويع‬ ‫أو التخويف يقصد التأثير على سالمة سير االنتخابات‪ .‬كما يعاقب بمدة محددة بالحبس كل من أهان‬ ‫باإلشارة أو القول أعضاء اللجان أو مندوبي المرشحين‪ .‬وكذلك يعاقب بالسجن كل من يحاول منع‬ ‫الناخب في الوصول للدائرة وإدالء صوته بسالمة‪ .‬ويكون لكل رئيس لجنة انتخابية صفة مأمور‬ ‫الضبط القضائي فيما يتعلق بإثبات الجرائم التي تقع في قاعة اللجنة‪.‬‬

‫عقوبة المخالفة المالية‬ ‫يفرض القانون عقوبة السجن والغرامة عن كل من أنفق في الدعائية االنتخابية مبالغ غير مودعة في‬ ‫حساب المصرفي المحدد من قبل اللجنة العليا لالنتخابات‪ ،‬أو أنفق من هذا الحساب في غير أغراض‬ ‫الدعاية االنتخابية‪ ،‬وعلى كل من تجاوز الحد المقرر لإلنفاق بالحملة االنتخابية‪ .‬ويعاقب أيضا كل من‬ ‫أتلف عمدا شيئا من ممتلكات أو وسائل النقل بقصد عرقلة سير االنتخابات‪ .‬ويعاقب كل من أخفى أو‬ ‫أتلف مستندات مالية أو إدارية بقصد تغيير الحقيقة والتأثير على نتيجة االنتخابات‪ .‬ويعاقب كل من‬ ‫أعطى أو عرض أو طلب ماال أو فائدة بقصد االستفادة بصوت الناخب‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪6‬‬

‫اإلسالم و الدميقراطية املعاصرة‬ ‫يتناول هذا المبحث ثالثة مرتكزات أساسية في رؤية معاصرة لنظام الحكم في اإلسالم‪ ،‬وهي البيعة‬ ‫(االنتخابات)‪ ،‬والعقد االجتماعي_السياسي (الدستور) والخالفة (أسلوب الحكم)‪.‬‬ ‫ومن خالل هذه المرتكزات الثالثة يتحقق لألمة اإلسالمية واألقطار العربية اختيار نظام الدولة‬ ‫وأسلوب الحكم القطري واالتحادي‪ ،‬في ظل مرجعية إسالمية تنتج أقصى درجات الكفاءة في‬ ‫التفاعلية بين اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية‪ ،‬أي توازن العالقة بين المجتمع والسلطة بما يحقق‬ ‫استقرار الدولة وجدواها السلمي والتنموي واإلنساني‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن نذكر بأن نظام "الخالفة" أو الخليفة أو الحاكم االتحادي‪ ،‬وقد يحمل صفة‬ ‫رئيس أو أمير أو خليفة‪ ،‬فال يهم ذلك‪ ،‬حيث مقصود الخالفة هو البيعة و تداول السلطة وإمكانية‬ ‫العزل حسب العقد االجتماعي والسياسي‪ ،‬و أول من أقر هذه العقد أول خليفة في دولة اإلسالم‪.‬‬ ‫ولنظام البيعة "االنتخابات" ونظام الخالفة "الرئاسة االتحادية" والعقد االجتماعي‪-‬السياسي‬ ‫"الدستور" أسس وضوابط فقهية شرعية سوف نستعرضها في هذه المبحث‪.‬‬ ‫ومن أجل تأكيد أن اإلسالم هو األصل في الديمقراطية الشرعية بمعنى تأسيس نظام دولة شرعي‬ ‫يقوم على اإلنسانية والعالمية والعلم واألخالقية‪ ،‬وممارسة السلطات العامة يقوم على أساس الكفاءة‬ ‫الشخصية واألحقية النضالية والمقدرة القيادية والرؤية التنموية وبما يحقق النماء العام والسلم‬ ‫االجتماعي وحماية العقيدة والوطن ومصالح الناس وحياة األنفس بكرامة وسعادة وأمان تام‪ ،‬ويحترم‬ ‫العقل والفكر ويطورها‪ ،‬ويصون المال والممتلكات الخاصة والعامة من خالل سياسات عامة قياسية‬ ‫تحقق اإلصالح في كل أمر من أمور الدنيا وتمنع الفساد في أي جانب من جوانب الحياة وعلى‬ ‫ضوء النجاح في ذلك تجدد البيعة للوالية الشرعية للحكام أو يستبدلوا‪.‬‬ ‫وبصدد نظام الدولة وأسلوب الحكم نجد أن اإلسالم أول من أرسى قواعد تأسيس دولة العدل والحق‬ ‫والخير والمساواة بين الناس‪ ،‬ونبذ كل صنوف العصبية والعنصرية والعدوان والفساد واالنحراف‬ ‫المخلة برسالة اإلنسان في الحياة‪ ، ،‬تشمل وعلى سبيل المثال‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫مبدأ تداول السلطة مصدره اإلسالم‪.‬‬ ‫مبدأ فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية‪.‬‬ ‫مبدأ استقاللية سلطة القضاء ودرجتها العليا‪ ،‬وخضوع الحاكم لسلطانها‪.‬‬ ‫مبدأ مكافحة الفساد في الحكم واعتباره أساس كل فساد وأساس نشر الفقر والكفر‪.‬‬ ‫مبدأ ميثاق الحكم وهو دستور ينظم العالقة ين الحاكم المنتخب والمجتمع اإلسالمي‪.‬‬ ‫مبدأ دولة المؤسسات وهي ترتكز على التنظيم التشريعي والحكومي والتنفيذي‪.‬‬ ‫مبدأ البيعة الخاصة والعامة‪ ،‬وهي ما يعرف معاصرا بهيئة الناخبين ومن ثم انتخابات‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫مبدأ شروط الحاكم في اإلسالم‪ ،‬ولقد وضحنا مؤهالت الخلفاء األوائل‪ ،‬باعتبار أن اختيار‬ ‫الحاكم من مسئولية المسلمين وهي أمانة في أعناقهم‪ ،‬و واجبهم أن يختاروا شكل الدولة و‬ ‫أسلوب الحكم وفيمن يتواله‪.‬‬ ‫مبدأ الدولة المدنية بفصل القيادة العسكرية عن قيادة الدولة‪ ،‬ونبذ بذلك الدولة‪-‬العسكرية‪،‬‬ ‫وليست دولة‪-‬دينية فقد فصل القضاء عن الحكم‪ ،‬وجعل الحاكم خاضع للقضاء مثل غيره من‬ ‫الناس‪ ،‬وحث اإلسالم على "دولة‪-‬الحضارة" أي نبذ اإلسالم "دولة‪-‬القوة" حيث ينبذ كل‬ ‫صنوف أنواع سالح الدمار الشامل ويمنع القتال داخل المدن ويمنع قتل المدنين واألبرياء‬ ‫واإلساءة لألسرى ويحرم قتل المرأة أو لطفل أو المسن في الحروب‪ ،‬وعلى خير دليل على‬ ‫مدى تفوق دولة اإلسالم‪-‬اإلنسانية على النظم األوربية التي تؤسس لدول‪-‬القوة بشكل‬ ‫جوهري وظالم ال يبالى بكل سبل القتل والدمار الشامل من أجل غاية كسب القوة العظمى‬ ‫واستغالل الشعوب والهيمنة على ثوراتها‪ ،‬وهذه حقيقة واقعية ولكن العرب يغضون الطرف‬ ‫عنها بسبب العلمانية والحداثة على حساب اإلنسانية‪ .‬وقد أرسى "دولة‪-‬القانون" أي دولة‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وبمعنى الدولة‪-‬األخالقية‪ ،‬حيث ليس ألحد تفويض ألهي لتسخير غيره‬ ‫أو تميزه عن الناس‪ ،‬وإنما يعتبر كل الناس خلفاء في اإلسالم‪ ،‬مسئولين أمام هللا في األرض‬ ‫بالتساوي‪ ،‬ويعتبر السياسية هي الجهاد األكبر‪ ،‬و ينهي المرء على أن يكون كاألنعام ليس‬ ‫لها أعين تشاهد ما يجري في الحياة العامة‪ ،‬وليس لها قلوب تشعر مدى تأثير األحداث‬ ‫والتطورات والتصورات‪ ،‬وليس لها أذان تسمع بها كالم البشر فتعي دورها ومسئوليتها‪،‬‬ ‫فالسياسية جزء من رسالة المسلم في األرض‪ ،‬وهذه معنى الخالفة‪ ،‬وهذا معنى الدولة‬ ‫المدنية‪ ،‬وهذا معنى اإلسالم دولة‪-‬العلم‪ ،‬حيث حدد اإلسالم مؤهالت القيادة اإليمان والعلم‪،‬‬ ‫فمن خالل اإليمان تستكمل الروح في اإلنسان ومن خالل العلم تستكمل قدراته الدنيوية‪،‬‬ ‫ويستطيع أن يحقق األمانة والصدق وهما أساس القيادة‪ ،‬وأن يحقق اإلصالح ويقضي على‬ ‫الفساد وهما أساس مشروعية والية أمور أي تولي السلطة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وسوف نناقش هذه األركان الثالثة بما يحقق النظام االتحادي العربي اإلسالمي‪ ،‬وهو الشكل‬ ‫المعاصر‪ ،‬والمتفاعل بنجاح خدمة لمصالح األمة وسالمة الوطن العربي‪ ،‬ومن أجل استغالل ثروته‬ ‫بالشكل األمثل‪ ،‬بحيث تتحقق السعادة االجتماعية والرفاهية االقتصادية والنفوذ السياسي‪.‬‬ ‫و بدون المعرفة السياسية والفكرية الدقيقة لألركان الثالثة وهي البيعة والدستور والخالفة أو تداول‬ ‫السلطة ال يمكن أن يحقق العرب رسالة السالم واألمن في األرض‪ ،‬وأن يحموا أنفسهم من االستبداد‬ ‫واالستعمار ‪.‬‬ ‫وإن الفساد العام هم الطريق الواسع والدائم والقهري لنشر االستبداد وازدهار حركة االستعمار‪.‬‬ ‫وإن اإلصالح العام هو الطريق الواسع والدائم واالختياري لنشر السالم السياسي أو تحقيق األمان‬ ‫اإلنساني وهو غاية رسالة الحكم في إلسالم‪.‬‬ ‫وأنه ليس هناك أشد خطرا من "النفاق" على دولة العرب واإلسالم‪ ،‬فالنفاق هو امتهان الكذب‬ ‫والفساد والشر‪ ،‬فيصبح المرء مطية لألعداء المتربصين ومعول هدم يضرب في صميم األمة‬ ‫فيحول دون بناء دولة حرة وخلية سرطانية تتكاثر وتقضي على صحة العالقات والتعامالت ويهدد‬ ‫سالمة األوطان ويضر بالمصالح العامة‪ .‬وإن دولة اإلسالم والعرب حصينة ال يضرها وال‬ ‫يستعمرها عدوا إال بعون من أهل النفاق فهم من يصنع لألعداء كل سبل االختراق وصنوف‬ ‫الضعف والهوان‪.‬‬ ‫ولذلك نجد أن نموذج الدستور المقترح من األزهر ومجمع البحوث اإلسالمي‪ ،‬قد ركز على مسألة‬ ‫مادة التربية اإلسالمية وتحفيظ القران في كل السنوات الدراسية‪ ،‬فالعلماء يدركون كيف تتخلص‬ ‫تنشي أجيال حميدة‪ .‬حيث "التنشئة الدينية السياسية‬ ‫األمة من كل أمراض القلب والسلبيات وكيف‬ ‫ْ‬ ‫الصائبة والعلمية"‪ ،‬تخدم تطور الفكر المادي وتبني الحضارة نافعة وليست ضارة‪.‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مفهوم البيعة السياسية يف اإلسالم‬ ‫البيعة في اإلسالم هي فعل سياسي يهدف إلي إضفاء الشرعية على إنشاء الدولة ونظام الحكم‬ ‫والممارسة السياسية‪.‬‬ ‫ونظرا ألن هناك صلة جوهرية بين مفهوم البيعة في اإلسالم ومفاهيم االنتخابات والدستور والتحزب‬ ‫المعاصرة‪ ،‬فقد رأينا أن نعرض باختصار المفهوم الشرعي والتطبيقي لقانون لنظام البيعة حسب‬ ‫القران والسنة‪ ،‬فنحدد شروطها وأحكامها‪ ،‬وأطرافها‪ ،‬ووسائلها‪ ،‬وفلسفتها السياسية‪ ،‬بحيث تتكون‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الممارسة السياسية العصرية شرعية أي ديمقراطية قانونية متقيدة بالشريعة اإلسالمية بالشكل السليم‬ ‫وبما يحقق سالمة الوطن العربي ومصلحة األمة‪.‬‬ ‫وفي تقديرنا على كل مسلم يرغب في ممارسة الديمقراطية المعاصرة أن يرجع أوال للشريعة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فسوف يجد فيها ما يدعمه في نيل الحقوق والحريات والواجبات اإلنسانية والسياسية كاملة‬ ‫‪ ،‬وبدقة متناهية ما ال يجده في غيرها من تمام الحكمة وكمال المصلحة و رقي المجتمعات‪ ،‬وسوف‬ ‫يساعده ذلك في مسئولية الممارسة السياسية باعتبارها من ضروب الجهاد األكبر في اإلسالم‪ ،‬ومن‬ ‫قاسى ويالت الطواغيت واألشرار من تعذيب و شدة المعاناة وأقصى درجات الصبر وقدر الشجاعة‬ ‫التي ملكوها في مواجهة االستبداد‪ .‬فكلمة حق في مواجهة حاكم جائر هي أعلى درجات الشهادة‬ ‫والشجاعة‪ .‬فالدنيا والحكم بطبيعته شئنا أم أبينا فهي تقوم على البيعة‪ ،‬وهناك البيعة المشروعة وهي‬ ‫بيعة المسلم لخيار الناس وأصلحهم وأنفعهم في الشأن العام‪ ،‬وهي البيعة الظالمة وهي مساندة أهل‬ ‫الشر والظلم بكل وسائل اليد أو التعبير‪.‬‬

‫البيعة في القران والسنة‬ ‫قد ورد الدليل الشرعي للبيعة السياسية في اإلسالم‪ ،‬وهي عملية يرتكز عليها اإليمان والعمل في‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وثوابهما‪:‬‬ ‫ الدليل في القران‪ :‬قول هللا عز وجل في سورة التوبة‪ :‬اآلية ‪ 000‬قال تعالى‪" :‬فَاست َبش ُِّروا‬‫ِّببَي ِّع ُك ُم الَّذِّي َبا َيعتُم ِّب ِّه"‪ ،‬وفي سورة الفتح في اآلية العاشرة‪ِّ " :‬إ َّن الَّذِّينَ يُ َبا ِّيعُونَكَ ِّإنَّ َما يُ َبا ِّيعُونَ‬ ‫ع ِّن ال ُمؤ ِّمنِّينَ إِّذ يُبَايِّعُونَكَ ت َحتَ ال َّ‬ ‫ش َج َرةِّ"‪ .‬وهنا ننظر إلي‬ ‫ي هللاُ َ‬ ‫هللاَ" وفي اآلية ‪" :01‬لَقَد َر ِّ‬ ‫ض َ‬ ‫اهتمام الخالق ومشاركته في البيعة‪ ،‬حيث حضرها رب العالمين ولو تحت شجرة‪ ،‬وفي هذا‬ ‫داللة على مدى دقة المشاركة والمراقبة الربانية للبيعة‪ ،‬كيف وال وهي ترتكز عليها مصالح‬ ‫الناس ومصائرهم وسالمة دينهم وأوطانهم وإنسانيتهم ورسالتهم في الحياة‪ ..‬لدرجة أن هللا‬ ‫رب العالمين يصافح المبايعين لنصرة رسالة الحق والعدل والعلم ‪..‬‬ ‫ الدليل في السنة النبوية‪ :‬وردت مسألة البيعة في كثير من أحاديث الرسول الكريم ‪-‬صلى هللا‬‫عليه وسلم‪ ،-‬وهي بالطبع الئحة تنفيذية لقانون البيعة‪ ،‬وتحتاج إلي سرد جميع األحاديث‬ ‫الشريفة‪ ،‬واالسترشاد في الحدث الخاصة به‪ ،‬ومن األهمية بمكان أن نذكر‪ :‬قوله (صلى) في‬ ‫مسند اإلمام أحمد‪" :‬من مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضاللة"‪ ،‬وفي هذا‬ ‫اإلشارة إلي أن يكون للمسلم صوت سياسي معلن و واضح‪ ،‬وهو مسئول عنه‪ ،‬وقوله صلى‬ ‫هللا عليه وسلم ‪ " :‬ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ‪ ،‬فإن جاء‬ ‫آخر ينازعه فاضربوا عنق اآلخر" رواه مسلم (‪ ..)0188‬ولعلي استخلص من األحاديث‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫النبوية أنها معاهدة أو عقد إذا أبرم لحاكم أو والي أو خليفة ألكثر من دولة متحدة‪ ،‬فال يجوز‬ ‫نكث البيعة أو خروج طائفة أخرى من أجل الفتنة وإبطال هذه الشرعية‪ ،‬فالبد أن تكون‬ ‫منظمة وليس فيها مجال غير للتنازع والتصارع والفتن ‪ ،‬وإنما تنافس في الخير واإلمكانيات‬ ‫والقدرات الذاتية لمنفعة وخدمة الناس وعقيدتهم‪.‬‬

‫أراء العلماء في البيعة‬ ‫يقول أبن خلدون‪ :‬البيعة بين طرفين يتعهدا بالنصرة وبالوقوف في صف واحد ‪ ،‬فهي أشبه برباط‬ ‫يوثق به طرفان ينشئ حقوقا‪ ،‬وواجبات لكال الطرفين‪ ،‬يحكمه في األمور كلها منهج الشرع الذي هو‬ ‫منطلقه وغايته‪ ".‬فقد تلقى رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بيعتي العقبة بعد اإلقناع بالحسنى‪ ،‬والموعظة الحسنة‬ ‫للدخول في اإلسالم‪ ،‬فلما قبل المسلمون‪ ،‬وأعلنوا الشهادة أخذ منهم البيعة وفق مبادئ محددة‪ ،‬وهذه‬ ‫البيعة لم تكن لشخص الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وإنما كانت الدعوة والبيعة هلل وحده‪ ،‬ومع هذا فلم تتم المبايعة‬ ‫كتفويض من المسلمين لرسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وإنما كان في الطرف اآلخر المقابل تعهده بالوقوف في‬ ‫صفهم و التناصر بين الطرفين‪..‬‬ ‫اإل َم ِّام أَن يَقَع ِّمن أَهل ال َح ِّل َوالعَق ِّد َوال يَ ِّجب االستِّيعَاب ‪َ ،‬وال يَلزَ م ُكل‬ ‫قَا َل ال َم ِّ‬ ‫از ِّري ‪ :‬يَك ِّفي فِّي بَيعَ ِّة ِّ‬ ‫ضع يَدَهُ فِّي يَ ِّد ِّه ‪ ،‬بَل يَك ِّفي اِّلتِّزَ ا ُم َ‬ ‫عتِّ ِّه َواالن ِّقيَادُ لَهُ بِّأَن ال يُخَا ِّلفَهُ َوال يَ ُ‬ ‫ش َّق‬ ‫أ َ َح ٍد أَن يَح ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ض َر ِّعندَهُ َويَ َ‬ ‫علَي ِّه اهـ نقالً من فتح الباري ‪.‬‬ ‫صا َ‬ ‫ال َع َ‬ ‫اإلمام النووي رحمه هللا في شرح صحيح مسلم ‪:‬‬ ‫ص َّح ِّت َها ُم َبا َيعَة ُكل النَّاس ‪َ ،‬وال ُكل أَهل ال َحل َوال ِّعقد ‪،‬‬ ‫علَى أَنَّهُ ال يُشت َ​َرط ِّل ِّ‬ ‫أ َ َّما ال َبي َعة ‪َ :‬ف َقد ِّاتَّفَقَ العُلَ َماء َ‬ ‫علَى ُكل‬ ‫َو ِّإنَّ َما يُشت َ​َرط ُمبَايَ َعة َمن تَيَ َّ‬ ‫س َر ِّإج َماعهم ِّمن العُلَ َماء َو ُّ‬ ‫ساء َو ُو ُجوه النَّاس ‪َ . . . ،‬وال يَ ِّجب َ‬ ‫الر َؤ َ‬ ‫ضع يَده فِّي يَده َويُبَايِّعهُ ‪َ ،‬وإِّنَّ َما يَلزَ مهُ االن ِّقيَادُ لَهُ ‪َ ،‬وأَال يُظ ِّهر ِّخالفًا ‪َ ،‬وال‬ ‫َو ِّ‬ ‫ي إِّلَى األ َ َمام فَيَ َ‬ ‫احد أَن يَأتِّ َ‬ ‫َي ُ‬ ‫صا له‪.‬‬ ‫شق ال َع َ‬

‫مستويات البيعة‬ ‫تنقسم إجراءات البيعة إلى مستويين متتابعين متالزمين‪:‬‬ ‫‪-0‬بيعة االنعقاد‪ :‬وبموجبها ينعقد للشخص المبايع له الترشح واألهلية لمركز "السلطة"‪ ،‬ويتحصل‬ ‫على الوالية الكبرى دون غيره حسما للخالف حول من يتولى أمر المسلمين‪ ،‬وهذه البيعة هي التي‬ ‫يقوم الخاصة وهم "أهل الحل والعقد"‪ ،‬ونرى في الوقت المعاصر وجود مل يسمى "هيئة الناخبين"‬ ‫أو عن طريق نسب ثلثي مجلسي البرلمان مع عشر عن كل مجلس محلي وهي شكل من أشكال البيعة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األولية‪ ،‬ودالئل هذه البيعة واضحة تماما في انعقاد البيعة للخلفاء الراشدين ‪-‬رضي هللا عنهم‬ ‫أجمعين‪ -‬فقد كان أهل االختيار يقومون باختيار اإلمام ثم يبايعونه بيعة انعقاد أولية‪.‬‬ ‫‪ -2‬البيعة العامة أو بيعة الطاعة‪ :‬وهي بيعة شعبية عامة للكافة من األمة‪ ،‬أي بيعة سائر المسلمين‬ ‫لمن يتولى السلطة‪ ،‬وهذا ما تم بالنسبة للخلفاء الراشدين جميعا‪ ،‬فأبو بكر الصديق ‪-‬رضي هللا عنه‪-‬‬ ‫بعد أن بايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين واألنصار في سقيفة بني ساعده‪ ،‬ثم دُ ِّعي المسلمون‬ ‫للبيعة العامة في المسجد‪ ،‬فصعد المنبر بعد أن أخبرهم عمر بن الخطاب ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬باختيارهم‬ ‫له‪ ،‬ومبايعتهم إياه‪ ،‬وأمرهم بمبايعته فبايعه المسلمون‪ ،‬وما حدث مع أبي بكر الصديق حدث مع كل‬ ‫الخلفاء الراشدين‪ ،‬وهي البيعة التي تمت تاريخيا في عاصمة الدولة ومركز الحكم ثم كان يطلب من‬ ‫كل وال من والة األمصار أخذها للخليفة‪ ..‬وهذا يشير إلي البيعة االتحادية‪ ،‬وهي على مستوى‬ ‫األقطار‪ ،‬وبهذا علمنا اإلسالم ما هو جائز وما هو واجب‪ ،‬وحدد اآللية األولية‪ ،‬فقد كان يتوالها الوالي‬ ‫وهو الحاكم في القطر برضا أهله‪ ،‬ويمكنهم طلب عزله واستبداله من اإلدارة المركزية‪ ،‬حال الطعن‬ ‫في خلقه أو أداءه أو عدم إصالحه أو أدنى فساد‪ ،‬وبهذه يمكن أن تتطور التصورات بما يناسب‬ ‫ظروف كل عصر وبما يحقق الهدف الرئيس وهو بقاء األمة مرتبطة بروح طاعتها هلل وال تخرج عن‬ ‫عقيدتها‪.‬‬

‫أطراف البيعة‬ ‫أطراف البيعة في اإلسالم ثالثة وهي‪" ،‬الخليفة" و "األمة" و "المبايع عليه"‪ ،‬وقياسا على ذلك‪،‬‬ ‫فيمكن القول بأسلوب معاصر وحسب حاجة كل عصر وإتباع أحسن تصور وتطوره لصالح األمة‪،‬‬ ‫فأن األطراف تمثل‪" :‬المرشح" ويشمل كافة المناصب والمستويات السيادية‪ ،‬و "المجتمع" و يشمل‬ ‫فئة وجماعة الناس أو الناخبين‪ ،‬و "البرنامج السياسي"‪ ،‬وهو يمثل المبايع عليه وقد يكون ذلك‬ ‫الدستور فهو حاجة لالستفتاء العام وهي شكل من أشكال البيعة‪ ،‬وقد يكون الرؤية واألهداف‬ ‫والبرنامج والسياسات ومبادئها لألحزاب أو ألداة الحكم المراد الحصول على بيعة المجتمع أي‬ ‫الموافقة والتأييد‪.‬‬ ‫ويعد الدستور من أهم ما يجب أن يبايع عليه الناس‪ ،‬فهو عقد تأسيس شكل أو بمعنى أخر نوعية‬ ‫الدولة وما يترتب عنه من نوعية أسلوب الحكم فيها واشتراطات حكامها وكافة أبعادها ومفاصلها‪.‬‬ ‫كما أن االنتخابات تعتبر نوع من البيعة حيث تتناول طرف "المرشح" وطرف "المبايع عليه" وهي‬ ‫برنامج الحزب أو المرشح‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وبالقياس على بيعة الهجرة فقد تكون البيعة ومن وسائلها الجائزة فقد تكون هلل العظيم ولرسوله‬ ‫"صلى" ‪ ،‬وقد تكون لمال أو دنيا يصيبها‪ ،‬وقيا شرح‪.‬أيضا كما أشرنا‪ ،‬لعب لطرف األول وهو‬ ‫المرشح‬ ‫والبيعة حسب اإلسالم هي التي أطرافها الثالثة ملتزمين بتحقيق مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وتطبيق‬ ‫أحكامها في حياة الناس شاملة وبدون أي استثناء للجوانب السياسية باعتبارها أساس عملية البيعة‪.‬‬ ‫والبيعة في اإلسالم شرطها بدون إكراه‪ ،‬فال أكراه في لدين‪ ،‬وللمسلم دينه ولغيره من الناس ما يشاء‬ ‫حسب ما جاء في سورة "الكافرون" و "المنافقون"‪.‬‬ ‫فالقصد العام في اإلسالم هو مبايعة الحق والعدل والخير واإلصالح واألمن والسلم والعزة أي السيادة‬ ‫التامة‪.‬‬ ‫وهذا ما يميز البيعة في اإلسالم عن غيرها‪ ،‬التي تكره الناس وتجبرهم وتقودهم للباطل والظلم والشر‬ ‫والفساد والخوف واالستبداد واالستعمار‪.‬‬ ‫وكل مسلم مسئول أما م هللا عن نوع بيعته‪ ،‬وال ينقطع عنه الثواب أو العقاب عن كل فعل سلبي ترتب‬ ‫عن بيعته‪.‬‬ ‫فعليه واجب المشاركة السياسية في كل نشر حق وترسيخه‪ ،‬و واجب اإلمساك عن كل الباطل والعمل‬ ‫على تغيره بالتجمع وهو زيادة سواد الناس في االستنكار بصوتهم السلمي وهذا من أساليب البيعة‬ ‫ومن سلوكيات المسلم‪.‬‬

‫صور البيعة‬ ‫هناك ثالثة صور أو وسائل أو طرق النعقاد البيعة‪ ،‬وهي باستخدام "المصافحة أو الحضور‬ ‫المباشر"‪ ،‬أو "الكالم "‪ ،‬أو "بالكتابة"‪ ،‬وبالقياس على ذلك‪ ،‬يمكن قول األتي‪:‬‬ ‫وفي حقيقة األمر نجد أن االنتخابات والحزبية قد حققت هذه لوسائل الثالثة‪ ،‬ومثل هذه العملية العلنية‬ ‫تساعد في تصنيف االنتماء والتنافس على النماء والبقاء األصلح لصالح المجتمع‪..‬‬ ‫حيث تثمل "البيعة باليد" عملية المشاركة الفعلية مثل "العضوية" والتواجد المتالزم وكل المشاركة‬ ‫بالنفس والمال‪ ،‬وهي الوسيلة األولى واألقوى‪.‬‬ ‫وتمثل "البيعة بالكالم" كافة وسائل التعبير والرأي والفكر‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وتمثل "البيعة بالكتابة" كافة وسائل التعبير من وسائل الصحافة واإلعالم‪ ،‬واإلدالء باألصوات في‬ ‫االنتخابات‪ ،‬والتأليف وغيرها‪.‬‬ ‫وبهذا نجد أن المرء في حياته العامة قد مارس البيعة بشكل أو أخر‪ ،‬وقد تكون بيعة مع اإلسالم أو‬ ‫ضده‪ ،‬وهو من يعلم بنواياه ومسئول على ما يترتب عنها‪.‬‬ ‫وعمليات االنتخابات المباشرة والغير مباشرة وهي التي تتم عن طريق هيئة شرعية منتخبة من‬ ‫الناس‪ ،‬وكذلك االستفتاء تعد جميعها من الوسائل الجزئية الجائزة في التعبير عن نوع البيعة‪.‬‬ ‫و المشاركة واجبة‪ ،‬فالتغيير يحدث جزئي ثم مع كبر حجم السواد يحدث التغيير الكلي التلقائي‪،‬‬ ‫فالناس تتأثر ببعض ويحدث التغيير اإليجابي والسلبي باستمرار‪ ،‬وقانون التغيير في اإلسالم يحدث‬ ‫عندما تتغير األغلبية من الناس نحو سيادة الحق والعدل والخير واإلصالح واألمن والسلم فيأتي‬ ‫النصر الرباني وهذا هو االستقالل الحقيقي وهذه من العزة المنشودة في الشرعية اإلسالمية‪.‬‬ ‫وقد استندت على ما جاء في شأن صور البيعة بأسلوب الفقه وكما يلي‪:‬‬ ‫"المتتبع في التاريخ اإلسالمي من لدن سيدنا دمحم ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حتى بداية هذا القرن الميالدي‬ ‫حينما ألغيت الخالفة أن يدرك أن للبيعة عدة صور منها‪:‬‬ ‫‪ -0‬المصافحة والكالم‪ :‬وهذه هي الصورة الغالبة في المرات التي بايع فيها الناس النبي ‪-‬صلى هللا‬ ‫عليه وسلم‪ -‬ومن ذلك بيعة الرضوان الشهيرة‪ ،‬والتي قال هللا تعالى فيها‪" :‬إِّ َّن الَّذِّينَ يُبَايِّعُونَكَ إِّنَّ َما‬ ‫يُبَايِّعُونَ هللاَ يَدُ هللاِّ فَوقَ أَيدِّي ِّهم"‪ ..‬وفي ظل هذه اآلية الكريمة نتعلم أنه من يقف مسالم مطالب بالقانون‬ ‫النبوي التنفيذي وهي "السنة الشريفة" فقد طالب بالطبع بالقانون الرباني األساسي وهو "القران"‪،‬‬ ‫ومن هنا حقق البيعة هلل بقبوله كمسلم بأنه ال يصدر أمرا أو قرارا أو تصرفا يخالف ما جاء فيه‬ ‫بالقران والسنة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الكالم فقط‪ :‬وهذه تكون عادة في مبايعة النساء‪ ،‬ومن لديه عاهة ال تمكنه من المصافحة كالمجذوم‬ ‫الذي قال له الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ارجع فقد بايعتك" رواه النسائي ومسلم‪.‬‬ ‫‪ -3‬الكتابة‪ :‬وأفضل مثال على هذه المبايعة ما كتبه النجاشي إلى الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فقال‪:‬‬ ‫"بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬إلى دمحم رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من النجاشي‪ ،‬سالم عليك يا‬ ‫رسول هللا ورحمة هللا وبركاته من هللا الذي ال إله إال هو الذي هداني لإلسالم‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد بلغني‬ ‫كتابك يا رسول هللا فيما ذكرت من أمر عيسى"‪ ...‬إلى أن قال‪" :‬وقد بايعتك‪ ،‬وبايعت ابن عمك‪،‬‬ ‫وأصحابك‪ ،‬وأسلمت على يديه هلل رب العالمين"‪.".‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫تعريف البيعة‬ ‫هناك تعريفات اجتهادية وفكرية‪ ،‬والتعريف االصطالحي نص على أنها هي إعطاء العهد من المبايع‬ ‫على السمع والطاعة لإلمام أو الحاكم في غير معصية‪ ،‬وذلك في المنشط والمكره والعسر واليسر‬ ‫وعدم منازعته األمر وتفويض األمور إليه ‪ ،‬كما تشمل تعريفات البيعة على أنها واجبة على المسلم‬ ‫وعلى أنها ميثاق تأسيس مجتمع إسالمي ‪ ،‬وهي وأداة اإلعالن عن االلتزام بالمنهج والشرعية‬ ‫والشورى‪ ،‬وهي صيغة تمكين األمة من قبل الدولة وليس لخضوعها‪.‬‬ ‫وهناك من يعرفه ا على أنها ميثاق إنساني و والء لنظام السياسي يتأسس على رؤية العقيدة اإلسالمية‬ ‫أو الخالفة اإلسالمية وبااللتزام بجماعة المسلمين والطاعة إلمامهم‪.‬‬ ‫وال تنتهي مسئولية األمة بـ"عقد البيعة" بل تستمر في تحمل تبعة حفظ الدين وتطبيق الشريعة من‬ ‫خالل الشورى‪ ،‬والرقابة على الحاكم‪ ،‬ونصحه إذا حاد‪ ،‬وعزله إذا لزم األمر وكلما اقتضت المصلحة‬ ‫العليا للبالد والعباد‪.‬‬ ‫" وكثير من الكتابات القديمة والحديثة ركزت عند دراسة البيعة على بعد "الطاعة"‪ ،‬أو االلتزام‬ ‫السياسي من جانب الرعية‪ ،‬وفصلت في شروط الخليفة وكيفية توليته وصالحياته؛ فإن هناك من‬ ‫المحدثين من يرى أن البيعة حق وليست التزاما فحسب‪ ،‬فهي حق لكل مسلم‪ ،‬رجال كان أو امرأة‪،‬‬ ‫ألنها الطريقة الشرعية الوحيدة لتنصيب رئيس الدولة‪ ،‬وألن األمة هي صاحبة السلطة والشأن في‬ ‫توليته وعزله‪ ،‬واقترح بعض أنصار هذا الرأي "صيغة" لبيعة الخليفة لألمة تقوم على االلتزام‬ ‫بالشريعة والعدل والشورى‪ ،‬وهي البيعة التي تمثل الوجه اآلخر لاللتزام السياسي‪ ،‬وهو التزام‬ ‫الحاكم‪ ،‬في مقابل االلتزام السياسي لألمة بالطاعة‪.‬‬ ‫وإذا أخذنا المعنى االصطالحي نجد أن الدستور في اإلسالم في حاجة للمبايعة‪ ،‬ألنه سوف يمثل‬ ‫السيادة العليا التي تلزم السمع والطاعة وعدم الخروج وعن اشتراطات ولي األمر ودوره‪.‬‬ ‫وإذا أخذنا التعريفات االجتهادية فسوف نجدها تتحقق من خالل االستفتاء العام واالنتخابات بما يحقق‬ ‫النظام وممارسته السياسية المنشودة‪.‬‬ ‫حيث الحياة هي صراع بين الخير والشر والحق والباطل والعدل والظلم واإلصالح والفساد في زمن‬ ‫الحرب‪ ،‬وتنافس بينهما في زمن السلم‪.‬‬ ‫وبالتالي البيعة حتما نوعان‪ ،‬ويتأتى عن ذلك الصراع والتنافس وهما قانونا التغيير في الحياة‪.‬‬ ‫والحياة في السلم أفضل من الحياة في الحرب‪ ،‬والتنافس هو القانون األفضل‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والدستور هو من صنع الناس ويخضع للمبايعة‪.‬‬ ‫واالنتخابات وسيلة شاملة وهي قانون التنافس‪.‬‬ ‫واألمة العربية ال تحتمل الصراعات الداخلية أبدا‪ ،‬فكل صراع داخلي يدخل عليها االستعمار من‬ ‫أحدى أطرافه‪ ،‬وقد بدأت الصراعات العربية وقبل اإلسالم وتحديد منذ ‪ 311‬م‪ ،‬فسقطت مملكة حمير‬ ‫و احتلت اليمين من قبل الحبشة والرومان في ‪ ،381‬وهدمت الكعبة في منتصف القرن السادس‬ ‫ميالدي واستعان العرب بالفرس في ‪999‬م لتخليصهم من حكم أبناء‪-‬أبرهة الظالمين ودعم الرومان‬ ‫لهم‪ ،‬و تنازع القياصرة وهم تحت أيديهم ممالك الشام وكسرى وتحت أيديهم ممالك العراق‪.‬‬ ‫حتى كان دور العرب في معركة الشرف في "ذي قار"‪ ،‬في العراق‪ ،‬وقد تغلبوا على الطرف‬ ‫المنتصر وهم الفرس ضد الروم‪ ،‬و يعد هذا النصر أول برهان تاريخي على قدرة هذه األمة في نيل‬ ‫استقالل العربي الكامل وهو حقها الطبيعي بدون منازع‪ ،‬واستهلت العرب فاتحة قدوم اإلسالم‪،‬‬ ‫وليكون لها منهج حياة مستقل وكامل ومميز ومصدر تفوقها على منافسيها وضد كل ن يطمع فيها‪.‬‬

‫الفلسفة السياسية للبيعة‬ ‫يمكن القول بأنه ليس باإلمكان قيام نظام "الشورى" بدون "البيعة"‪ .‬حيث البيعة هي الوسيلة الشعبية‬ ‫الشرعية المسئولة ليعبر كل فرد من خاللها عن رأيه و إرادته ‪.‬‬ ‫فهناك من يرى البيعة في اإلسالم على أنها هي الوجه األخر للشورى وأحدى صوره‪ ،‬وهي ليست‬ ‫ممارسة قهرية بل اختيارية حرة‪ ،‬وملزمة دينيا‪ ،‬وهي أصل من أصول الشورى‪ ،‬ومقيدة بالشريعة‬ ‫اإلسالمية ومصالح األمة‪ .‬و واجب الخروج عن الحاكم واستبدال الحاكم وتأسيس حكم أخر ببيعة‬ ‫جديدة وعقد سياسي جديد‪.‬‬ ‫فهدفها تحديد من يتولى السلطة وهو من أولي األمر‪ ،‬وتحديد نظام إدارة البالد وتنظيم شئونه وضبط‬ ‫مصالحه وهو شرط التمدن وبتجنب الوقوع في الفوضى وتعطيل الشريعة ونقض مصالح الناس‬ ‫والتحالف مع األعداء والعودة للجاهلية‪.‬‬ ‫وهناك حدود شرعية لتفعيل البيعة كآلية النتقال السلطة سليما ومدنيا في الفقه اإلسالمي‪ ،‬وتضمنت‬ ‫بيان الحاالت الخمسة لتفعيل البيعة كالتالي‪:‬‬ ‫ موت الخليفة من غير عهد بالخالفة ألحد بعده كما حدث مع أبي بكر الصديق ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬بعد‬‫وفاة النبي (ملسو هيلع هللا ىلص)‪ ،‬أو بتركها شورى في مجموعة معينة كما فعل عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ -2‬خلع الخليفة لموجب يقتضي الخلع‪ ،‬كما هو موضح في كتب الفقه فتحتاج األمة إلى مبايعة إمام‬ ‫يقوم بأمورها‪ ،‬ويتحمل أعباءها‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يأخذ الخليفة البيعة على الناس لولي عهده بالخالفة في حياته (ال يشترط أن يكون من أبنائه أو‬ ‫عصبيته) بأن يكون خليفة بعده درءا للنزاع بعده‪.‬‬ ‫‪ -8‬أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد‪.‬‬ ‫‪ -9‬أن يستشعر الخليفة خروج ناحية من النواحي أو مصر من األمصار عن الطاعة فيوجه إليهم من‬ ‫يأخذ البيعة له عليهم مجددا لينقادوا ألمره‪ ،‬ويدخلوا في طاعته‪.‬‬

‫أنواع البيعة‬ ‫في تقديرنا هناك ثالثة أنواع من البيعة رئيسية‪ ،‬وهي "بيعة ذاتية" وهي "بيعة اإلخالص" بين‬ ‫اإلنسان وربه وهي تعني أن اإلنسان بايع ربه في نفسه على أن يطيعه وال يعصي له أمرا‪ ،‬وعلى أن‬ ‫يحب ما أحب هللا ويكره ما يكره هللا‪ ..‬وهناك "بيعة النصرة"‪ ،‬وهي "بيعة الجهاد األصغر" وهي‬ ‫يتعهد ويلزم ويكرس نفسه لنصرة دين هللا بالدفاع عن حماية أرواح المسلمين وطنهم والعقيدة‬ ‫اإلسالمية ومن صورها الدخول في الجيش بنية الجهاد في سبيل هللا حسب المعنى الفقهي‪ ،‬وهناك‬ ‫"البيعة السياسية" وهي "بيعة الجهاد األكبر" أو االنتماء لألمة وتعني أن يقف اإلنسان بعلمه وعمله‬ ‫وفكره سلوكه في تطوير الدولة الحرة الكريمة األخالقية التي ينعم فيها كل مسلم بالخير والعدالة‬ ‫والحق والحريات وكفاءة أداء الواجبات‪.‬‬ ‫حيث يقول فقهاء الشريعة اإلسالمية بأن تتنوع البيعة في شرعنا الحنيف بحسب األمر المبايع عليه‪،‬‬ ‫وقد أخذ النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬البيعة من المسلمين على أمور مختلفة بحسب اللحظة السياسية‬ ‫وبحسب قدرة الفرد واستعداده‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫‪ -0‬البيعة على اإلسالم والتوحيد‪ :‬وهي البيعة في داخل كل مسلم وهي بين اإلنسان وربه‪ ،‬و هي‬ ‫واجب أن تظهر في سلوك افرد وفعله وتوجه أفكاره وأهوائه وبضبط سلوكه وتجمع الناس‬ ‫في نسيج اجتماعي موحد يحقق األمن لكل فرد في عرضه ونفسه وماله ويسلم فيه حرية عقله‬ ‫وعقيدته‪ ،‬فال عداء باليد أو اللسان‪ .‬فهي بيعة االلتزام‪ .‬لذلك يقال فالن ملتزم‪.‬‬ ‫‪ -2‬البيعة على النصرة والمنعة‪ :‬وهي البيعة في الدخول لجيوش المسلمين‪ ،‬على أن يجاهد في‬ ‫سبيل نصرة دين هللا اإلسالم‪ ،‬فال عدوان على األبرياء والشيوخ والنساء واألطفال‪ ،‬وال حرق‬ ‫لزرع أو هدم للبيوت‪ ،‬وغيرها من األحكام الذي أقرها اإلسالم على كل مسلم‪ .‬وأن يحمي‬ ‫الوطن والمسلمين‪ .‬و أوضح مثال عليها البيعة التي أخذها النبي ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬من وفد األنصار في‬ ‫بيعة العقبة الثانية‪ ،‬قال‪" :‬أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم‪ ،‬وأبناءكم‪،"...‬‬ ‫فبايعه سائر الوفد على المنعة‪ ،‬والنصرة‪ ،‬ومنهن النساء‪ ،‬وكان الخلفاء الراشدين ال يقبلون في‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫صفوف الجيوش عاصي أو منافق أو مرتد حال اكتشافه‪ ،‬ألنه مدعاة للضعف والهزيمة‬ ‫ونشر الشر في بنية الجيش وفعالية قواته‪ .‬وحين اكتمل الدين صارت هذه هي البيعة التي‬ ‫ابتاعها هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬لنفسه من المؤمنين بأن اشترى منهم أموالهم وأنفسهم بأن لهم‬ ‫الجنة إذا ُهددت دار اإلسالم كما جاء ذلك في سورة التوبة (اآلية ‪" :)000‬إِّ َّن هللاَ اشت َ​َرى ِّمنَ‬ ‫علَي ِّه َحقًّا‬ ‫سبِّي ِّل هللاِّ فَيَقتُلُونَ َويُقتَلُونَ َوعدًا َ‬ ‫س ُهم َوأَم َوالَ ُهم بِّأ َ َّن لَ ُه ُم ال َجنَّةَ يُقَاتِّلُونَ فِّي َ‬ ‫ال ُمؤ ِّمنِّينَ أَنفُ َ‬ ‫آن َو َمن أَوفَى بِّعَه ِّد ِّه ِّمنَ هللاِّ فَاست َبش ُِّروا بِّبَي ِّع ُك ُم الَّذِّي بَايَعتُم بِّ ِّه َوذَلِّكَ‬ ‫اإلن ِّجي ِّل َوالقُر ِّ‬ ‫فِّي التَّو َراةِّ َو ِّ‬ ‫ُه َو الفَو ُز العَ ِّظي ُم"؛ فهذه البيعة في عنق كل مسلم إلى يوم القيامة‪ ،‬وهي الجهاد في سبيل هللا‪،‬‬ ‫ماض إلى يوم القيامة ما دام أعداء اإلسالم "الَ يَزَ الُونَ يُقَاتِّلُونَ ُكم‬ ‫وهى مستمرة ألن الجهاد‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عوا"‪ ،‬وقد مدح هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬نموذج المؤمنين في‬ ‫عن دِّينِّ ُكم إِّن استَطا ُ‬ ‫َحتَّى يَ ُرد ُّو ُكم َ‬ ‫بيعة الرضوان لما بايعوا الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬على الموت‪ ،‬فكانوا السابقين األولين قبل تأسيس‬ ‫الدولة ولزوم الجهاد وفرضه على كل المسلمين دفاعا عن الدين واألرض والعرض‪ ،‬وقد‬ ‫كان المسلمون ينشدون في غزوة الخندق‪ :‬نحن الذين بايعوا دمحما على الجهاد ما بقينا أبدا‪.‬‬ ‫‪ -3‬البيعة على الهجرة‪:‬وكانت أول األمر فرض عين على كل من أسلم‪ ،‬ثم انتهت بعد الفتح‬ ‫مصداقا لحديث رسول هللا‪" :‬ال هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"‪ ،‬أي أن الجهاد والدفاع عن‬ ‫ومحارب‪،‬‬ ‫الدولة يحل محل الهجرة حين لم يكن هناك كيان سياسي بل كيان اجتماعي مشتت‬ ‫َ‬ ‫والمراد بالهجرة هنا الهجرة من مكة إلى المدينة‪ ،‬أما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد اإلسالم‪ ،‬أو‬ ‫من بلد يعم فيها الظلم ألرض هللا الواسعة فهذه أحكامها مفصلة في كتب الفقه‪.‬‬ ‫‪ -8‬البيعة على السمع والطاعة‪:‬وهذه هي التي تقصدها معظم الكتابات تأسيسا على الممارسة‬ ‫في عصور الملك المتتالية‪ ،‬وهي التي تتبادر للذهن إذا أطلقت كلمة البيعة دون تحديد‪ ،‬وهي‬ ‫التي كانت تعطي للخلفاء تاريخيا عند توليهم في ظل الدول والممالك‪ ،‬وأدلتها كثيرة أهمها‬ ‫الحديث المتفق عليه عن عبادة بن الصامت ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬قال‪" :‬بايعنا رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬‬ ‫على السمع والطاعة في العسر واليسر‪ ،‬والمنشط والمكره‪ ،‬وعلى أثرة علينا‪ ،‬وعلى أال‬ ‫ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرا ظاهرا عندكم من هللا فيه برهان"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬وعلى أن‬ ‫نقول الحق أينما كنا‪ ،‬وأال نخاف في هللا الئمة الئم"‪ .‬وال شك أن أداء تلك البيعة لنبي يأتيه‬ ‫الوحي ال يقاس على أدائها للذين أسسوا حكما مستبدا أهدرت في ظله حقوق الناس من عدل‬ ‫في المال وشورى في األمر‪ ،‬فكان السمع والطاعة مدخال لتكريس االستبداد وتهميش األمة‬ ‫ونذير فرقة وتنافس على السلطة التي صارت مغنما في أحيان كثيرة‪ ،‬وإذا كانت قرون عديدة‬ ‫قد شهدت نهضة وبزوغ للحضارة اإلسالمية فإن فقدان الشورى والعدل كان ينذر "بزوال‬ ‫العمران" على المدى البعيد كما بين ابن خلدون في مقدمته‪ .‬وقد اجتهدت الحركة اإلسالمية‬ ‫المعاصرة‪ ،‬وأخذت بيعة على الطاعة لتوحيد الصفوف‪ ،‬وأضافت إليها السعي للعمل المنظم‬ ‫في سبيل أحياء األمة والدولة المتحدة‪ ،‬وال شك أنه هدف يتطلع إليه الكثيرون‪ ،‬و ال يجيز‬ ‫الباحث البيعة التي تقترن بالعمل السياسي والتنظيمي السري‪ ،‬وبما يهدر في إطارها قيم‬ ‫الشورى والتمكين للجماعة وانحصار السلطة في القيادات‪ ،‬و للعلماء في ذلك رأيهم وليس‬ ‫هنا مجال التفصيل وإنما فقط شرح العالقة بين الديمقراطية المعاصرة وعناصرها المماثلة‬ ‫في منهج اإلسالم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويقول الباحث هناك من قسم البيعة إلي نوعين‪ :‬البيعة العينية‪ ،‬و بيعة الكفاية بناء على درجة االلتزام‬ ‫والتكليف‪ ،‬وتمييزا بين درجات القدرة ألفراد الجماعة المسلمة بين الحد األدنى والقدرة العليا؛ إذ‬ ‫توضح قراءة السيرة النبوية أنه كان هناك نوعان من البيعة‪:‬‬ ‫‪ -0‬بيعة عينية‪ :‬واجبة على كل مسلم ومسلمة‪ ،‬وهي البيعة على العقيدة واألخالق االجتماعية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬وقد أخذها الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬قبل وبعد تأسيس الدولة ولم تختلف صيغتها‪ ،‬وشملت‬ ‫النساء لورود نصها في القرآن في سورة الممتحنة في سياق الحديث عن مبايعة النساء‬ ‫لرسول هللا‪ ،‬وهي البيعة التي ميزت الدولة اإلسالمية عن مجتمع الجاهلية واعتبرها البعض‬ ‫دليل وجود التنظيم السياسي للمجتمع اإلسالمي لحديث رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من مات وليس في‬ ‫عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية"‪ ،‬وهي البيعة التي ترتبط بموضوعي "اإلمامة"‬ ‫و"الخروج"‪ ..‬وأن هذه الصيغة نزلت عام الحديبية‪ ،‬ويالحظ أن اشتراط الرسول األمور‬ ‫األخالقية عند البيعة‪ ،‬ولمعرفة رسول هللا بكل مبايع وطباعه‪ ،‬وهي أمور يضبطها العرف‬ ‫والقانون في الدولة اإلسالمية وال تعد بيعة على أمر خاص‪.‬‬ ‫‪ -2‬بيعة كفائية‪ :‬واجبة على البعض دون بقية المسلمين وهي المرتبطة بالمقدرة كالبيعة على‬ ‫الجهاد كما في بيعة الرضوان‪ ،‬وهي البيعة التي يدخل فيها في الخبرة اإلسالمية أيضا البيعة‬ ‫على الواليات العامة للحاكم من قبل من تولى والية ما‪ ،‬أو ما يعرف بعهد الوالية‪.‬‬

‫شروط صحة البيعة‬ ‫حاول الفقهاء أن يضعوا شروطا لصحة عقد البيعة استنبطوها من األدلة الصحيحة لديهم‪ ،‬وانحصر‬ ‫فقههم حول واقع البيعة في العصور المختلفة؛ فكانوا يقصدون بها بيعة اإلمام على السمع والطاعة‪،‬‬ ‫وهذه الشروط هي‪:‬‬ ‫‪ -0‬أن تجتمع في المأخوذ له البيعة شروط اإلمامة‪ ،‬فال تنعقد البيعة في حالة فقد واحد منها إال مع‬ ‫الشوكة والغلبة‪ ،‬وهنا يكون الحديث عن بيعة المتغلب‪ ..‬ومن هنا في تقديرنا قد نجد فوز تيار مخالف‬ ‫لتطبيق منهج اإلسالم‪ ،‬ويجب قبول ذلك‪ ،‬فال يمكن أكراه الناس‪ ،‬فالمجتمع بفرز قيادته على شاكلته أو‬ ‫سواده‪ ،‬فإن كان أغلب الناس بايعوا من تحقق فيه سمات الحاكم الصالح الفقيه العالم الصادق األمين‬ ‫فهم في واقع األمر كذلك‪ ،‬وإن اختاروا غيره فهم ولوا منهم على ما هم عليه‪ .‬وإن كان سواد الناس‬ ‫على منهج اإلسالم فتحدث الغلبة للمسلمين‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن يكون المتولي لعقد البيعة (بيعة االنعقاد) أهل الحل والعقد قبل البيعة العامة؛ فال عبرة لبيعة‬ ‫العامة إن لم يبايع أهل الحل والعقد‪ ،‬وهنا نقصد من صورها البيعة التشريعية‪ ،‬ففي تقديرهم ضمان‬ ‫التوازنات والتحالفات داخل النخبة السياسية شرط الستقرار األمر وعدم نقض البيعة والتنازع بعد‬ ‫البيعة‪ ،‬أي تأسيس البيعة على "شرعية واضحة" كما يقولون‪ ،‬وإن افترض هذا الرأي للحق الوعي‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بضرورة تمثيل أهل الحل والعقد للعامة‪ ،‬أو أن مخالفة العامة لرأي أهل الحل والعقد يعني أن النخبة‬ ‫عليها آنذاك تغيير توجهاتها وليس المصادرة على تحوالت واختيارات الشعب‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يجيب المبا َيع إلى البيعة‪ ،‬فلو امتنع لم تنعقد إمامته‪ ،‬ولم يجبر عليها إال أن يكون ال يصلح أحد‬ ‫لإلمامة إال هو؛ فيجبر عليها بال خالف (حكي ذلك النووي)‪.‬‬ ‫‪ -8‬أن تكون البيعة على كتاب هللا‪ ،‬وسنة رسوله ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬قوال‪ ،‬وعمال‪ ،‬وعلى أن تكون الطاعة ما دامت‬ ‫في هللا‪ ،‬وفي غير معصية؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪.‬‬ ‫‪ -9‬أال تعقد البيعة ألكثر من واحد‪ ،‬أي ال تبرم ألكثر من حاكم واحد في القطر الواحد في آن واحد؛‬ ‫ألنه إذا ادعى أحد الخالفة مع وجود الخليفة وجب قتل اآلخر‪ ،‬كما روي عن رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬ ‫عليه وسلم‪ -‬في صحيح مسلم أنه قال‪" :‬إذا بويع لخليفتين فاقتلوا اآلخر منهما"؛ أي التالي المنازع لمن‬ ‫تمت له البيعة بالفعل؛ ألن في هذا انشقاق عن صف األمة وإثارة للفتنة ‪ ..‬في حقيقة األمر البد من فهم‬ ‫ذلك عمليا جيدا‪ ،‬حيث المقصود إذا تمت البيعة للحاكم على أن يخلف من قبله‪ ،‬فال يجوز أن يخرج‬ ‫عنه من يبايع نفسه بعد ذلك‪ ،‬ففي هذا فتنة وتنازع‪ ،‬حيث يطرح الراغبين والمؤهلين على أهل الحل‬ ‫والعقد وال تأتي البيعة العامة من خارجهم‪.‬‬ ‫‪ -9‬الحرية الكاملة للمبايع في البيعة كما فعل الصحابة ‪-‬رضوان هللا تعالى عليهم‪ -‬في بيعة الخلفاء‬ ‫الراشدين‪ ،‬وألن البيعة عقد مراضاة واختيار ال سبيل فيها إلى اإلجبار واإلكراه‪.‬‬ ‫‪ -9‬اإلشهاد على المبايعة‪ :‬وهذا شرط شرطه بعض العلماء لكي ال يدعي أحد أن اإلمامة عقدت له‬ ‫سرا فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة‪ ،‬وهو ما يتم في العصر الحالي عبر النقل المباشر لسير العمليات‬ ‫االنتخابية إعالميا‪ ،‬واإلعالن عن سيرها بشفافية والرقابة الشعبية والقانونية التي ذكرناها آنفا‪ ،‬ونحن‬ ‫نرى اليوم من صورها اللجنة العليا أو المركزية لالنتخابات وما تتضمنه من مراقبين داخليين‬ ‫وخارجيين وقضاة مستقلين وسجالت ولجان مناسبة لتطور وسائل العصر وتعداد السكان‪ ، ..‬وإذا‬ ‫كان بعض العلماء راء بعدم وجوب اإلشهاد ألنه ليس هناك دليل‪ ،‬ولكن من العلماء من راء يلزم ذلك‬ ‫لدرء التزوير وتغيير إرادة الشعب‪ ،‬وهذا واجب لكي تكتمل البيعة الواجبة بشكلها الصحيح‪ ،‬كما أن‬ ‫البيعة في الخالفة الراشدة كانت معلنة وعامة ومباشرة ولم تنعقد لحاكم بالسر‪.‬‬

‫حكم نكث البيعة‬ ‫هنا قد يالحظ المرء صرامة أحكام اإلسالم في نكث عقد البيعة بعدما أن يتم إبرامها‪ ،‬ولكن عندما يعلم‬ ‫المرء بأن الدستور هو عقد يتناول تأسيس نظام عام أي شكل دولة أختاره المسلمين‪ ،‬أو قد تستخدم‬ ‫البيعة لقياس حجم إرادة المسلمين اتجاه اختيار حاكمه‪ ،‬ومن ثم إبرام البيعة أي عقد فترة الحكم لمن‬ ‫يختارون‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وبذلك نكث هذه العقود قد يتسبب في انهيار الدولة كنظام عام‪ ،‬أو قد يتسبب في إبطال أسلوب تولي‬ ‫السلطة بطريقة شرعية متفق عليها‪.‬‬ ‫ومن هنا أيضا البد التذكير بشيئين‪ ،‬أولهما بأن الدستور سمي عقد اجتماعي‪ ،‬ألنه يحدد فيه ما يلتزم‬ ‫فيه بعضهم اتجاه بعض‪ ،‬وكيف يرغبون أن يعيشون‪ ،‬والثاني‪ ،‬أنه البد أن يستفتى الناس ليكون كل‬ ‫واحد مسئول شخصيا مباشرة على كل نص فيه‪ ،‬ألن شارك في وضع نصوصه‪ ..‬فهو عقد يمثل عقل‬ ‫وعالقات وعضد تعايش الواقعي بين الناس فعليا‪.‬‬ ‫مثله مثل أي عقد أخر‪ ،‬مثال‪ ،‬عندما يتشارك أكثر من فرد بأسرهم في العيش في سكن واحد‪ ..‬فهم في‬ ‫بيعة خاصة‪ ،‬ال يجوز أن تنكث‪ ،‬والمجتمع جميعه في بيعة عامة أهم وأبقى وأجدر أن ال تنكث أبدا‪.‬‬ ‫ومن هنا فرض اإلسالم على المسلم الوفاء بالعهد‪ ،‬سواء كان ذلك بين المسلمين بعضهم وبعض‪ ،‬أم‬ ‫مع غير المسلم من أهل الكتاب‪ ،‬بل وكذلك مع الكافر إذا استقام‪ .‬فقد قال تعالى‪" :‬يَا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا‬ ‫أَوفُوا ِّبالعُقُو ِّد"‪ ،‬وقال تعالى‪َ " :‬وأَوفُوا ِّبال َعه ِّد ِّإ َّن ال َعهدَ َكانَ َمسئُوالً"‪ ،‬وقال "فَ َما استَقَا ُموا لَ ُكم فَاست َ ِّقي ُموا‬ ‫لَ ُهم ِّإ َّن هللاَ ي ُِّحبُّ ال ُمتَّقِّينَ "‪ ،‬والبيعة بما أنها عقد وعهد بين المسلمين وخليفتهم فإنها داخلة في هذه‬ ‫اآليات‪ ،‬وباختالف أنواع البيعة يختلف أيضا حكم نكثها من جهة الطرف الذي نكث هل هو الحاكم‪ ،‬أم‬ ‫المحكوم‪ ،‬ومن جهة نوع البيعة التي نكثت‪:‬‬ ‫‪ -0‬فحكم من نكث البيعة على اإلسالم الكفر‪ ،‬واالرتداد باتفاق العلماء‪ ،‬وإن اختلفوا في عقوبته بحسب‬ ‫حاله وحال األمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬وحكم من نكث البيعة على النصرة أو الجهاد أو السمع والطاعة دون أن يصدر عنه ما ينافي‬ ‫أصل اإليمان فهو عاص مرتكب لكبيرة من الكبائر؛ ألنها نقض عهد‪ ،‬وقد توعد هللا من نقض العهد‪،‬‬ ‫ولكنها تختلف حرمتها باختالف موضوعها فأشدها حرمة نكث بيعة اإلمام الشرعي على السمع‬ ‫والطاعة في غير معصية دون مبرر شرعي‪ ،‬وأما البيعة على النصرة والجهاد فهي تأتي في ظروف‬ ‫استثنائية؛ فلذلك نكثها أخف من نكث بيعة اإلمام التي وردت فيها أحاديث كثيرة تحرم نكثها أشهرها‬ ‫ما رواه عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬عن النبي ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنه قال‪" :‬من بايع إماما‬ ‫فأعطاه صفقة يده‪ ،‬وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع" (رواه مسلم)‪ ،‬كما أن في عدم الوفاء ببيعة الجهاد‬ ‫خيانة لألمة سواء أكان بعدم الخروج للجهاد إذا دعا داعي الجهاد‪ ،‬أم كان توليا يوم الزحف‪.‬‬ ‫‪ -3‬أما بيعة الهجرة فقد انقطعت بانقطاع الهجرة بعد فتح مكة الكبير‪ ،‬بمفهوم الحال الخاص بفجر‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ولكن اليوم نقول هجرة السعة طلب للحياة األفضل‪ ،‬حيث رأي الفقهاء بوجوب الهجرة من‬ ‫بالد الكفار إلى بالد المسلمين لكن دون بيعة‪ ،‬ولكن هناك النية والضرورة‪ ،‬وإن اختلف الحال بعد أن‬ ‫صار للمسلمين تواجد في الغرب وكفلت لهم حريات المواطنة وبقي عليهم السعي ألداء الواجبات‬ ‫وضمان الحقوق‪ .‬ولكن في حقيقة األمر‪ ،‬فقد كان المقصود بعدم جواز بيعة الهجرة‪ ،‬هي أن البيعة لها‬ ‫أركانها الثالثة‪ ،‬وهنا كيف يبايع المسلمين بعضهم بالخروج من وطنهم وتركه للمستبد والعدو‪ ،‬وإنما‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫هو خروج بنية مجاهدة ومقارعة ومعارضة هذا الوضع لتعود األمور إلي نصابها‪ ،‬فالخروج‬ ‫المعاصر هو بيعة كفاية وليست بيعة عينية‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫مطلب ‪ :2‬مفهوم الدستور يف اإلسالم‬ ‫من األهمية بمكان أن نكتسب كمسلمين بعض المعرفة عن تعريف الدستور في اإلسالم و ومحتواه‬ ‫وما هي أساليب نشأته وإنجازه‪.‬‬

‫تعريف الدستور في اإلسالم‬ ‫القسم الديني الثابت و القسم الفني المتغير‬ ‫في واقع األمر‪ ،‬كثير من المسلمين يذهب بالقول بأنه ال يمكن وضع دستور وإنما هناك دستور‬ ‫للمسلمين وأحد وهو القران والسنة‪ ..‬وطالما أن األمر بطبيعته هو مسألة فكرية‪ ،‬فيجب أن نصل إلي‬ ‫توافق بين هذا القول الصائب في عمومه‪ ،‬والقول األخر وهو العملي والصائب في خصوصه حيث‬ ‫الحاجة إلي دستور ينظم الدولة بحكم العصر ومواكبة التطورات‪ ،‬حيث ما يهلك إيديولوجيات البشر‬ ‫الوضعية أنها تموت ال تستطيع أن تواكب كل العصور وتظهر مفلسة فكريا وعمليا وتتبع سبل القهر‬ ‫لفرض مفاهيمها وآلياتها وأدواتها وبعنف وتضليل‪ ،‬ولكن اإلسالم يتضمن قواعد كلية وفرعية تنتج‬ ‫الفكر بغزارة وتماسك وإنسانية الذي يحتاجه اإلنسان للتغلب على كل أنواع التحديات وتجاوز حدود‬ ‫الزمن والمكان‪..‬‬ ‫وأول ما أتفق عليه المسلمين عامة‪ ،‬في حال وضع دستور خاص بعين الزمان والمكان‪ ،‬هو ما ذكر‬ ‫من قول العلماء‪ ،‬وهو أنه ال يحق للمسلم في دولة اإلسالم أن يضع أو يصاغ له الدستور بما يخالف‬ ‫للقران والسنة أو بما يترتب عنه تجاوز أي من أحكامه أو بما ال يحقق كامل مقاصد العقيدة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫وما االستفتاء العام إال بعينة عينية‪ ،‬وهي تعني كل إنسان مسئول مباشرة بنفسه‪ ،‬بأنه حال وافق يكون‬ ‫مسئول شخصيا مباشرة عن كل حكم وارد‪ ،‬وبما يترتب عنه من قوانين وقرارات وسياسات تصدر‬ ‫في حياة الناس‪.‬‬ ‫وانطالقا مما ورد نرى هناك مزيد من الحاجة للتوضيح العام وتطوير التصورات وأجراء البحوث‬ ‫المتخصصة وعقد الندوات وغيرها باستمرار‪ ..‬فحياة بدون عقيدة ال قيمة لها ودولة بدون دستور ال‬ ‫معنى لها‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وحسب تحليلنا المتواضع نقول بأن القران والسنة هما دستور كوني وإنساني ومصدره رباني‪،‬‬ ‫وبالتالي لهما طبيعة السيادة الكونية العظمى‪ ،‬والشمولية الحياتية‪ ،‬و هي صيغة العالمية والخلود ال‬ ‫يحدهما زمان أو مكان‪ ،‬وال يمكن تحريفهما أو تغييرهما بأي قوة أرضية‪ ..‬ودخول المرء في اإلسالم‬ ‫يعني بيعته بقبول هذه السيادة الكونية‪ ،‬وعندما ينوي البيعة على من يتولى السيادة المكانية‪ ،‬فالبد‬ ‫للفرع أن ال ينفصل أو يخالف طبيعة األصل األعم‪.‬‬ ‫وبالتالي أول مسألة هامة‪ ،‬هي أن الدستور الكوني يعامل الفرد على أساس إنسانيته‪ .‬وفي الدستور‬ ‫المكاني يعامله على أساس المواطنة أي حقه في االستيطان واإلقامة الشرعية بالمكان بكامل الحقوق‬ ‫والحريات والواجبات بعدالة ومساواة‪.‬‬ ‫ويتميز أيضا الدستور الوضعي أنه خصيصا من أجل تنظيم شئون دنيوية تخصصية زمنية‪ ،‬تتغير‬ ‫حسب التطورات واالحتياجات واألدوات واإلمكانات والبدائل المتوفرة‪.‬‬ ‫وبالتالي الدستور الكوني واإلنساني هو األعم والخالد‪ ،‬وال يمكن للدستور الوضعي وهو األصغر‬ ‫واألقصر في مداه أن يخرج عن األعم و الدائم حسب قانون الخلود والسيادة اإلنسانية العليا‬ ‫للرساالت السماوية‪.‬‬ ‫ومن خالل مثل هذه المنطلقات والتعريف العام يمكننا أن نستنتج بأن كل دستور وضعي يجب أن‬ ‫يلتزم في تحديد نظام الحكم حسب ما ورد في الشريعة اإلسالمية من تصورات فقهية أي قانونية‬ ‫وشرعية وهي حسب درجات االجتهاد واالستنباط من اآليات واألحاديث القطعية وبالقياس واإلجماع‬ ‫ومن أجل تحري الخير ومصالح العموم وازدهار العلوم‪.‬‬ ‫كما أنه يمكن القول بأن "القران والسنة "‪ ،‬يمثالن "أم الدستور" في كل دولة اإلسالم‪ ،‬فيوفران قواعد‬ ‫الحياة األممية والقواعد الكلية السياسية واالقتصادية واالجتماعية الثقافية والعلمية‪ ،‬ومن أجل أن‬ ‫تواكب األمة والمجتمعات المتفرعة كافة التطورات وتكسب منافعها ولكي تتغلب على التحديات وتفي‬ ‫بالمتطلبات المعاصرة‪ ،‬وهذا فرض واجب عن أهل الكتب السماوية الثالثة‪ ،‬كما جاء قطعيا في القران‬ ‫حيث يعد خروج اليهود عن التوراة ظلما‪ ،‬وخروج النصارى فسقا‪ ،‬وخروج المسلمين كفرا‪..‬‬ ‫فالمسلمي ن لديهم كامل الحقيقة ونكران الحقيقة وجحودها هو كفر حسب معنى المصطلح‪ ،‬وما نرى‬ ‫من ظلم عالمي سببه الخروج عن نهج التوراة الصحيحة‪ ،‬وما نرى العالم في الضاللة اليوم إال بسبب‬ ‫الفسق ويعني عمق وانتشار الفساد‪.‬‬ ‫وال يعني ذلك دولة قياد دولة دينية شكلية‪ ،‬وإنما يعني ضرورة عدم تجاوز الفرد أو الشعب وهم‬ ‫مالكي المكان لتخرج عن إرادة الخالق وهو مالك الكون‪ ،‬وصاحب هذه الرساالت كمنهجية كونية‪،‬‬ ‫متكاملة ال تباين فيها وإنما رسالة واحدة تخدم سالمة حياة اإلنسان في األرض وتكليفه الرباني الدقيق‬ ‫والمفصل ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فال يمكن تصور عودة العرب للجاهلية بنكران أهمية هذا الدين وعدالته ونفعه في حياتهم الخاصة‬ ‫والعامة‪ ،‬كما ال يصح من عودة أهل اإلنجيل للعصور المظلمة بنكران ذلك وال يجوز من أهل‬ ‫الثورات ظلم البشرية بالعودة للتأمر ومنع سبل عودة الناس إلتباع كل عقيدته الصحيحة كمرجعية‬ ‫أساسية تنظم شئون الحياة وتماسكها المشروع بقواعد كلية متجانسة في كل الرساالت‪.‬‬ ‫وما يهم المسلم هو أن المرجعية اإلسالمية ثابتة وعامة ال تتغير بالزمان والمكان‪ ،‬فهي قواعد كلية‬ ‫صحيحة تهذب وتفعل وتصحح التطورات واالحتياجات وتساعد في التغلب على التحديات من أجل‬ ‫مقاصد أساسية تأتي بسالمة الوطن والعقيدة والنفس والعقل والمال‪ ،‬وتحقق المصلحة الفردية والعامة‬ ‫بتوازن رباني‪" .‬أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير‪ ..‬صدق هللا العظيم"‪.‬‬ ‫فمسألة الدستور الوضعي اإلسالمي هي حاجة واقعية ال جدال فيها‪..‬‬ ‫وقد جاء في السنة النبوية قوله صلى " أنتم أعلم بشئون دنياكم"‪.‬‬ ‫وإنما الحاجة لوجود تصور صحيح ومتفق عليه وآلية مشروعة وهذا ما يجب أن نسعى إليه‪..‬‬ ‫وقد جاء في األدبيات الفقهية ما يمكن أن نجمل منه تعريف "السياسة" في اإلسالم‪ ،‬على أنها إدارة‬ ‫أمور الناس وشئونهم العامة‪ ،‬وهي تحقيق اإلصالح‪ ،‬وإنجاز مصالح الناس بالعدل والمساواة وبالحق‪،‬‬ ‫وبما ينشر ويرسخ سعادتهم وأمنهم وسلمهم االجتماعي‪ ،‬ويحقق سالمة األوطان واألديان والعقود‬ ‫ويرسخ في النفوس احترامها وحمايتها‪.‬‬ ‫وكما جاء في أدبيات السياسة الشرعية‪ ،‬أنه يمكن أن يعرف الدستور في اإلسالم اصطالحيا بتعريفين‬ ‫‪ :‬أحدهما عام ‪ ،‬واآلخر خاص ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬التعريف العام ‪ :‬الدستور في اإلسالم هو مجموعة القواعد واألحكام العامة الواردة في القرآن‬ ‫الكريم والسنة النبوية ‪ ،‬التي تنظم المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها "الحكم في اإلسالم" ‪.‬‬ ‫فالدستور اإلسالمي بهذا التعريف العام ثابت على مدى الزمن‪ ،‬ال يمكن تعديله‪ ،‬أو تغييره‪ ،‬أو إلغاؤه‬ ‫بأي حال ؛ ألنه وحي من هللا وليس لبشر أن يغير في الوحي أو يبدل‪.‬‬ ‫وفي تقديري‪ ،‬فهذا التعريف العام هو األساس وهو ما ينطلق منه ويبنى عليه التعريف الخاص‪،‬‬ ‫الوضعي حيث يصدر عن أحكام العامة والقواعد الكلية أحكام وقواعد خاصة‪ ،‬وبكلمات أخرى ال‬ ‫يجوز للخاص وهو الحالة التطبيقية أن يخرج عن العام وهو الحالة النظرية‪ ،‬فالعام هو الضابط‬ ‫والخاص هو المقيد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ب ‪ -‬التعريف الخاص ‪ :‬الدستور في اإلسالم هو مجموعة القواعد واألحكام األساسية في الدولة‬ ‫المسلمة‪ ،‬التي تبين نظام الحكم وشكل الدولة ‪ ،‬والسلطات العامة فيها ‪ ،‬واألشخاص والهيئات التي‬ ‫تتولى هذه السلطات ‪ ،‬وارتباطها ببعض‪ ،‬وبيان حقوق األفراد ‪ ،‬وواجباتهم ‪ ،‬صادرة في ذلك عن‬ ‫مبادئ اإلسالم العامة ‪ ،‬وتنظيماته في الشؤون الدستورية ‪.‬‬ ‫وتعريف الدستور بهذا المعنى الفني أو القانوني‪ ،‬ال يعني األحكام الشرعية الثابتة‪ ،‬والمبادئ األساسية‬ ‫لنظام الحكم في اإلسالم ‪ ،‬وإنما يعني الدستور في دولة إسالمية ‪ -‬مهما اختلف زمان وجودها ومكانها‬ ‫ الذي يبين التنظيمات األساسية في تلك الدولة حسب ظروفها وأحوالها‪ ،‬وقد يختلف عن دستور دولة‬‫إسالمية عن أخرى ‪ ،‬باختالف مكانها أو زمانها ‪.‬‬ ‫ومما يوضح التعريفين السابقين ‪ ،‬أن األحكام والقواعد الدستورية في النظام اإلسالمي تنقسم إلى‬ ‫قسمين ‪" :‬ثابتة" ‪ ،‬و "غير ثابتة"‪.‬‬ ‫فاألحكام والقواعد الثابتة هي ما ورد صريحا من قواعد عامة في نصوص القرآن والسنة ‪ ،‬وما كان‬ ‫محل إجماع علماء المسلمين منها ‪ ،‬في الشؤون الدستورية كالشورى ‪ ،‬والعدالة ‪ ،‬والمساواة ‪،‬‬ ‫والتعاون‪.‬‬ ‫واألحكام والقواعد الغير الثابتة هي األحكام المستنبطة عن طريق االجتهاد والرأي ‪ ،‬مما يتعلق‬ ‫باألساليب واألنظمة ‪ ،‬والتفصيالت التي تختلف تبعا الختالف ظروف الزمان والمكان‪.‬‬ ‫وهذا التعريف الذي وضعه الباحثين قادني في االستنتاج العام إلي تحديد ثالثة مراحل تلزم لتدوين أو‬ ‫صياغة الدستور اإلسالمي الوضعي‪.‬‬ ‫ووفقا لما عليه الفقه الدستوري المعاصر الذي قسم الدساتير إلى جامدة ومرنة يجد الباحث في المقابل‬ ‫أن قواعد الدستور في اإلسالم تشمل النوعين الجامد والمرن ‪ ،‬وهي ما يقصد بها هنا الثابتة وغير‬ ‫الثابتة ‪ ،‬فالثابتة تقابل الجامدة وغير الثابتة تقابل المرنة‪ ،‬ومن األمثلة على القضايا الدستورية الثابتة‬ ‫في اإلسالم عدم جواز تغيير دين الدولة اإلسالمية ‪ ،‬وقاعدة ال ضرر وال ضرار‪.‬‬ ‫ومن القضايا المرنة ‪ :‬ما صدر عن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص بصفته السياسية ‪ ،‬أي باعتباره إماما ورئيسا للدولة ‪،‬‬ ‫مما هو مبني على المصلحة الموجودة في عصره ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬مثل طريقة إرسال الجيوش للقتال‪ ،‬وتولية‬ ‫القضاة والوالة ‪ ،‬وعقد المعاهدات وتدبير أمور الدولة المالية واإلدارية ‪ ،‬فهذه أحكام وتشريعات وقتية‬ ‫حسب المصلحة والظروف في ذلك الزمن ‪ ،‬مثل ما صدر عنه ملسو هيلع هللا ىلص بصفته قاضيا ؛ ألنه يحكم بناء‬ ‫على ما يسمع من حجة ‪ ،‬فعن أم سلمه رضي هللا عنها قالت ‪ :‬قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ « :‬إنكم تختصمون‬ ‫إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض‪ ،‬وإنما أقضي لكم على نحو ما أسمع‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ‪ ،‬فال يأخذه ‪ ،‬فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة‬ ‫» رواه البخاري‪.‬‬ ‫كما أنني أضيف إلي رأي الباحثين في هذه المسألة الدستورية المعاصرة‪ ،‬وهي أن التعديالت حسب‬ ‫الفقه الدستوري هي نوعان جامدة وهي تتطلب توفر الشرعية الشعبية العامة لتعديلها‪ ،‬في حين‬ ‫التعديالت المرنة هي ما يمكن أن ينجز من خالل القرار السياسي المعتمد من السلطة التشريعية‬ ‫المنتخبة‪ ،‬وبما ال يمس الحريات والحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور‪.‬‬ ‫إال في اإلسالم التعديالت الجامدة تعني ما يتعلق بتوظيف األحكام والقواعد اإلسالمية الكلية األساسية‬ ‫القطعية المستخدمة في الجزء الخاص‪ ،‬والتي يمكن تعديلها بشكل سياسي جامد أو مرن‪ ،‬و ال تتعلق‬ ‫باألحكام القطيعة الثابتة في القران والسنة‪ ،‬ولقد ذكرت في االستنتاج العام مراحل الثالثة لصناعة‬ ‫الدستور اإلسالمي‪ ،‬وذلك يبين كيفية توظيف التعديل الجامد والمرن‪ ،‬وهي ما ينجز عن طريق أهل‬ ‫العلم والشورى المختصين‪ .‬ووجود أحكام عامة وفروعها وقواعد كلية هو ما يضفي على الدساتير‬ ‫اإلسالمية صفة الديمومة والكونية واإلنسانية‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فإن التعديالت المرنة هو كل ما يتعلق بالتفاصيل الفنية والتي تشمل كافة نواحي‬ ‫وتفاصيل وأسس توزيع االختصاصات وأنواع المؤسسات وتنظيمها وكافة النواحي العلمية‬ ‫والمتغيرات المادية‪ ،‬وهي تتم عن طريق العمل المتكامل بين السلطات العامة‪.‬‬

‫مسألة وجوب تدوين الدستور في اإلسالم‬ ‫من خالل ما وصل إليه بعض الباحثين في الفقه الدستوري الشرعي‪ ،‬بأن األحكام والقواعد العامة هي‬ ‫ثابتة ومدونة بالقران الكريم والسنة النبوية الشريف‪.‬‬ ‫وما ينبغي تدوينه هو ما جاء حسب التعريف الخاص بتنظيم الشئون الدنيوية المتغيرة‪.‬‬ ‫والذي أود أن أنوه أليه أن القسم الثابت هو ما يبعث الوحدة العربية اإلسالمية التلقائية حيثما صحت‬ ‫النوايا وصدرت عن أغلبية النفوس‪.‬‬ ‫والقسم المتغير هو ما يوفر إمكانية تتعدد أشكال الدول وبما يخدم متطلبات و يستجيب لتحديات‬ ‫العصر بطريقة ال تفقدها تماسكها وال تنقطع خيوط نسيج وحدتها الروحية‪ ،‬فالحياة صراع دائم‪،‬‬ ‫والبشرية بين مؤيد للخير وأخر متكالب على الشر‪ ،‬والغلبة ليست لطرف واحد في مكان وزمان‪،‬‬ ‫ولذلك البد من إمكانية توفر سبيل االتحاد الثنائي والمتعدد المفتوح‪ ،‬وهذا يساعد األمة أن تلتئم بسرعة‬ ‫بعد كل عملية تمزق لتعود لوضعها الطبيعي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولنا في "صلح الحديبية" الدرس المفيد‪ ،‬حيث نجد نبي هذه األمة قبل بشرط رجوع من يأتيه مسلما‬ ‫أن يعود لموطن الكفر‪ ،‬وهم في حالة الضعف والقلة‪ ،‬ولكن لكي يغرس جذور الحق في كل مكان‬ ‫قاسي ومن خالله تنتشر بذور الخير وتعم‪ ،‬فالنفس الطيب الواحد له من الخير على الناس ما ال يعلمه‬ ‫إال هللا‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن نشير بأن "خطبة أبي الصديق رضي هللا عنه"‪ ،‬يوم تولى الخالفة بعد إتمام‬ ‫البيعة الخاصة والعامة‪ ،‬هي وثيقة دستورية حددت قواعد جوهرية‪.‬‬ ‫ومما أتضح أن األحكام الدستورية اإلسالمية قسمان ‪ ،‬قسم ثابت وقسم غير ثابت‪.‬‬ ‫وأ ن األحكام والقواعد الثابتة ال تتغير مدى الزمن‪ ،‬سواء دونت فيما يسمى بوثيقة الدستور أم لم تدون‬ ‫‪ ،‬أو لم يثبت تدوينها على مر التاريخ اإلسالمي في أي دستور أو عمل سياسي‪ ،‬إذ ليس هناك حاجة‬ ‫إلى تدوينها ما دامت ثابتة في كتاب هللا سبحانه وتعالى وسنة رسوله ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬والمفترض أن الدولة‬ ‫اإلسالمية يتوفر فيها العلماء والفقهاء الذين يرشدون مسيرتها المشروعة‪ ،‬وهذا من صنوف الجهاد‬ ‫األكبر وهللا أعلم‪.‬‬ ‫وسواء دونت هذه األحكام أم ال فإن سموها على جميع القوانين واألحكام وأجب عيني على كل مسلم‪،‬‬ ‫ال يتخاذل ويوكله على عاتق العلماء والفقهاء وحدهم‪.‬‬ ‫ومما جاء في البحوث في تدوين الدستور إنما هو يخص ما يحتويه من تدوين أحكام غير ثابتة ؛ ألنها‬ ‫تختلف من دولة ألخرى ‪ ،‬وألنها هي التي يجب أن يحتويها الدستور‪ ،‬أما األحكام الثابتة فإن تدوينها‬ ‫في دستور دولة معينة أمر ال لزوم له كما سبقت اإلشارة إليه ؛ ألن هذه األحكام ثابتة في آيات القرآن‬ ‫وتفسيرها واألحاديث وشروحها ‪ ،‬ومباحث الفقه وأصوله ؛ وألن هذه الدولة اإلسالمية يجب أن تلتزم‬ ‫في دستورها بأحكام الشريعة وأن ال تخالفها ‪ ،‬وبالتالي فلها أن تعد دستورها وفق ظروفها‪ ،‬موافقة في‬ ‫ذلك شرع هللا ‪ ،‬ويحتوي هذا الدستور األحكام الخاصة بدستور هذه الدولة ‪.‬‬ ‫وفي هذا المجال نجد بعض الباحثين في شأن الدستور اإلسالمي يرى أن هناك تدوينا للدستور في‬ ‫بعض العصور‪ ،‬ويمثل بالوثيقة التي كتبها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عندما هاجر إلى المدينة‪ ،‬ويعتبرها دستورا‬ ‫للدولة في ذلك العصر‪ ،‬موافقا لظروف ومتطلبات الوقت الذي وضع فيه ‪ ،‬والحقيقة أن هذه الوثيقة‬ ‫تحوي أحكاما دستورية تعالج بعض القضايا الدستورية في ذلك الوقت الذي وضعت فيه ‪ ،‬ويمكن‬ ‫االستئناس بها عند تدوين أي دستور لدولة إسالمية ‪ ،‬ولكنها ليست دستورا كامال بمعنى الدستور‬ ‫الفني أو الخاص بل هي وثيقة دستورية لها أهميتها في تاريخ الدولة الدستورية‪ .‬ولم يثبت بعد هذه‬ ‫الوثيقة تدوين يشبهها ألحكام دستورية في الدولة اإلسالمية‪ ،‬بل استمر العمل بالرجوع إلى األحكام‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الثابتة ‪ ،‬واستنباط أحكام جديدة لما يستجد من وقائع ‪ ،‬والتعارف على أعراف معينة غير مخالفة‬ ‫ألحكام الشريعة تستقر لفترة من الزمن‪.‬‬ ‫وقد بدأت الحركة المعاصرة في تدوين الدساتير في الدول اإلسالمية بإعالن الدستور التونسي عام‬ ‫‪0299‬هـ الموافق ‪0190‬م ثم الدستور العثماني عام ‪0253‬هـ الموافق ‪0199‬م ‪ .‬اللذين يمكن‬ ‫اعتبارهما أول دستورين إسالميين بمعنى الدستور الخاص تم تدوينهما ‪.‬‬ ‫ويستنتج من ذلك وفقا للمعنى الخاص للدستور أنه من الممكن أن توجد دساتير مدونة في بعض الدول‬ ‫اإلسالمية وأخرى غير مدونة‪ ،‬أو توجد بعض قواعد الدستور مدونة وبعضها اآلخر غير مدون ‪ ،‬أي‬ ‫أنه ليس هناك إلزام بتدوين الدستور في النظام اإلسالمي‪ ،‬وال إلزام بعدم التدوين‪ ،‬وأن ذلك راجع لما‬ ‫تستقر عليه اآلراء في الدولة اإلسالمية وللظروف المتغيرة ‪ ،‬بحيث قد يكون األفضل في جهات‬ ‫متعددة التدوين صيانة لحقوق عامة للمسلمين واستئناسا بتوثيق التدوينات ‪َ { ،‬و َال ت َسأ َ ُموا أَن ت َكتُبُوهُ‬ ‫س ُ‬ ‫اَّللِّ َوأَق َو ُم ِّلل َّ‬ ‫ط ِّعندَ َّ‬ ‫ش َهادَةِّ َوأَدنَى أ َ َّال ت َرت َابُوا } سورة البقرة آية ‪212‬‬ ‫يرا أَو َك ِّب ً‬ ‫ص ِّغ ً‬ ‫يرا ِّإلَى أ َ َج ِّل ِّه ذَ ِّل ُكم أَق َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬واستئناسا بتدوين السنة مع ورود نصوص تصرف عن ذلك وبالوثيقة النبوية التي كتبها الرسول‬ ‫ملسو هيلع هللا ىلص عندما هاجر إلى المدينة المنورة ‪.‬‬ ‫وقد ال يحتاج إلى التدوين في جهات وأزمان معينة إذا أمن جانب صيانة حقوق عامة المسلمين‬ ‫وترجحت مراعاتها ‪ ،‬فليس المهم في النظام اإلسالمي النظر إلى الشكل ولكن المهم هو المضمون‪،‬‬ ‫وهو وجود قواعد دستورية راسخة وصريحة متمشية مع حكم هللا ‪ ،‬تضمن للحاكم والمحكوم حقوقهما‬ ‫على حد سواء ‪ ،‬وليس ضروريا بعد ذلك أن تكون هذه القواعد مدونة في وثيقة تسمى الدستور أو‬ ‫تكون غير مدونة‪.‬‬ ‫ثم إن الدستور بمعناه الخاص في الدولة اإلسالمية قد يكون ثابتا أو مرنا حسب ظروف كل دولة ‪،‬‬ ‫وما يستقر الرأي الدستوري فيها عليه من أمر بهذا الخصوص‪ ،‬وال عالقة بين تدوين الدستور وثباته‬ ‫‪ ،‬فقد يكون الدستور مدونا ومرنا ‪ ،‬وقد يكون ثابتا وهو غير مدون ‪ ،‬والعكس كذلك ‪ ،‬وهذا الثبات‬ ‫الذي أشير إليه هنا مت علق بالدستور بمعناه الفني أو القانوني ‪ ،‬وبالتأكيد فإن الثبات هنا هو ثبات نسبي‬ ‫‪.‬‬ ‫ويقول الباحث ‪ :‬في حالة تدوين دستور معين لدولة إسالمية ‪ ،‬يجب النص على أن الحكم هلل وحده ‪،‬‬ ‫وأن السيادة المطلقة هلل { ِّإ ِّن ال ُحك ُم ِّإ َّال ِّ َّ​َّللِّ } سورة األنعام آية ‪. 99‬‬ ‫وفي تقديري هذا األمر يتعلق بمسألة السيادة‪ ،‬وهي جوهر الخالف بأن المسلمين الملتزمين بالمرجعية‬ ‫اإلسالميين وبين العلمانيين وتيار القوميين السياسي‪ ،‬الذين يعدون السيادة مصدرها الشعب أو الفرد‬ ‫حسب األحوال في النظام االشتراكي أو ليبرالي‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫عةً َو ِّمن َها ًجا } سورة المائدة‬ ‫ويقول الباحث‪" :‬إن التشريع الملزم هو من عند هللا { ِّل ُك ٍل َجعَلنَا ِّمن ُكم ِّشر َ‬ ‫آية ‪." 81‬‬ ‫وفي تقديري هذا األمر متعلق بجدلية قائمة‪ ،‬بين طرفين من أبناء األمة العربية‪ ،‬حيث بعضهم يريد‬ ‫دستور إسالمي وبالتالي يحدد فيه أن الشرعية اإلسالمية هي المصدر الوحيد للتشريع والسياسات وال‬ ‫يجوز مخالفتها‪ .‬وآخرين يرون االكتفاء بتحديد أن الشرعية اإلسالمية هي المصدر الرئيس للتشريع‪،‬‬ ‫وبما يتيح لالستفادة من القوانين الوضعية األخرى‪.‬‬ ‫وفي هذه الناحية البد من معرفة الفرق بين التعريف العام والتعريف الخاص وتوظيفهما بدقة‪.‬‬ ‫حيث البيعة هي األساس في "الديمقراطية الشرعية" والتي تبعث منها كل أشكال الحكم والدول‬ ‫المعاصرة‪ ،،‬وهي تقتضي أن يبايع المسلم ربه بأن يحيط الدين اإلسالمي بكل جوانبه‪ .‬وهذا ما جاء‬ ‫في بيعة العقبة ردا على طلب المث نى بن الحارثة أن يتعاهد أهل المدنية بحماية الدين إال ضد قوم‬ ‫ألهل المدينة معهم ميثاق سابق‪.‬‬ ‫والسنة النبوية تعني القانون النبوي في كافة فروع الحياة‪ ،‬ومصدره القران الكريم‪.‬‬ ‫وبالتالي ينبغي مراعاة فيمن يصوغ كل دستور وضعي أن يرعي مسألة الكونية واإلنسانية و الخلود‬ ‫في الرسالة السماوية وهي أم الدساتير‪.‬‬ ‫وبذلك ال يجوز وضع نص قرآني ضمن مواد الدستور؛ ألن مواد الدستور من طبيعتها التغير‪ ،‬بسبب‬ ‫أن شكل الحكم مفتوح في اإلسالم وإنما المحدد هو االشتراطات والمقاصد والضوابط والخصائص‪،‬‬ ‫التي تصبغ كل متغير بطابع اإلسالم‪.‬‬ ‫وليس ذلك من طبيعة نصوص القرآن؛ وألن النصوص القرآنية فوق النصوص الدستورية وبالتالي‬ ‫فإن وضعها مادة في الدستور إنقاص من شأنها ‪ ،‬وإنما يستخلص الحكم الدستوري من اآلية ‪ ،‬ويذكر‬ ‫أن ذلك استنادا إلى اآلية كذا ‪ ،‬ومثال ذلك عندما أن يراد نص في الدستور نص على " أن الشورى‬ ‫أساس من أسس الحكم" ويحدد اآللية التطبيقية الكاملة والصحيحة‪ ،‬وال توضع في الدستور الوضعي‬ ‫اآلية ‪ ،‬مثال‪َ { :‬وأَم ُر ُهم ُ‬ ‫ورى بَينَ ُهم } سورة الشورى آية ‪ ،, 31‬والتعامل معها كبقية المواد ‪ ،‬وإنما‬ ‫ش َ‬ ‫كما ذكرنا يقال مثال ‪ " :‬إن الشورى أساس من أسس الحكم " ‪ ،‬ثم تفصل كيفية الشورى ونطاقها وفق‬ ‫ظروف الواقعة ‪.‬‬ ‫والخالصة‪ ،‬هناك رأيين في مسألة كتابة الدستور أي تدوينه‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أن تدوين الدستور في الدولة اإلسالمية ليس بضرورة ‪ ،‬فاألمر فيه متروك للحاجة والمصلحة‪،‬‬ ‫ويتأكد التدوين عند قلة العلماء المجتهدين ‪ ،‬وضعف الوازع الديني لدى المؤسسات الدستورية ‪،‬‬ ‫والخوف على حقوق عامة المسلمين ‪ .‬وعدم تدوين الدستور في الدولة اإلسالمية ال يعني عدم وجود‬ ‫المؤسسات الدستورية ‪ ،‬فوجودها غير مرتبط بالتدوين أو عدمه ؛ ألن وجودها مرتبط بوجود الدولة‬ ‫اإلسالمية ذاتها ‪.‬‬ ‫وفي تقديري مسألة تدوين الدستوري الوضعي واجبة‪ ،‬فهي ما تحدد مدى تمسك و وعي الناس‬ ‫بدينهم‪ ،‬وتحدد ميثاقهم الوطني الخاص بكل إقليم هو في عهدتهم حمايته وعمرانه بالخير ولسالم‪،‬‬ ‫وهذا الدستور يعني نظام حياتهم اليومي ويحمي مصيرهم الدنيوي واألخروي‪ ،‬والذي يعرض كيف‬ ‫استطاع الناس بفكرهم واجتهادهم أن يوظفوا عقيدتهم شريعتهم و في الحفاظ على أمانة الحياة بالعلم‬ ‫والعدل واإلخالص وهما جوهر رسالة اإلنسان في األرض‪.‬‬ ‫والجهل بأحكام وقواعد هذا الدين الحنيف والعمل بغيره هو ندامة يوم القيامة‪ ،‬واالنتخابات والدستور‬ ‫هما فرصة للمسلم أن يشكل نظام الدولة والحكم بما يحقق األمانة‪" ،‬أن عرضنا األمانة على السموات‬ ‫واألرض فأبين أن يحملنها وحملها اإلنسان أن كان ظلوما جهوال"‪ ،‬ويقول عز وجل "يا أيها الذين‬ ‫أمنوا ال تخونوا هللا ورسوله وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون‪.‬‬

‫مسألة أساليب وضع الدساتير في اإلسالم‬ ‫في يومنا المعاصر‪ ،‬وخاصة بعد الثورات العربية أو ما سمي بالربيع العربي بحلول عام ‪2100‬م‪.‬‬ ‫وأنني أرى أن هذه صحوة سياسية عربية‪ ،‬والمرتقب أن تتبعها صحوة إسالمية عربية عارمة‪.‬‬ ‫نجد برزت إشكالية وجدلية ومخاوف في تقرير من يضع الدستور‪ ،‬وما هي الطريقة الشرعية التامة‪.‬‬ ‫نرى من علماء الفقه الدستوري اإلسالمي المعاصر وضعوا عدة أساليب لنشأة الدساتير التي‬ ‫حصروها األتي ‪:‬‬ ‫‪ - 0‬أسلوب المنحة ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أسلوب التعاقد ‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ‪ -‬أسلوب الجمعية الوطنية المنتخبة ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ - 4‬أسلوب االستفتاء التأسيس ‪.‬‬ ‫حيث في تقديري‪ ،‬أود ذكر هذه المالحظات‪ ،‬حيث أي منها إذا وقع أصبح بيعة مسئول عنها المسلم‬ ‫مباشرة‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫أسلوب المنحة قد يعني أن يتم منح صيغة أو أمر صياغة وإعداد الدستور بأمر أو هبة من‬ ‫الحاكم‪ ،‬وهو يعي بالضرورة األمام والحاكم العادل‪ ،‬وهو بذبك يقيد الحاكم نفسه مع األمة‬ ‫كما جاء في عهد الخليفة األولى‪ ،‬وهو نبراس األمة والحكم رضي هللا عنه‪ ..‬واليوم لم يعد‬ ‫صالحا في واقعنا هذا حيث الحاكم العادل ال وجود له وأصبح مستحيل تكوينه‪ ،‬والواقع هو‬ ‫كيف تلزم الناس الحاكم أن يكون عادال وال ينحرف البتة‪..‬‬ ‫أسلوب التعاقد‪ :‬وهو مرحلة ثانية‪ ،‬أعقبت فكريا المرحلة السابقة‪ ،‬وهو االتفاق بين الحاكم‬ ‫والناس مباشرة‪ ،‬على أسلوب حكم معين‪ ،‬وسمي بالعقد االجتماعي حيث يرتضوه جميعا‪،‬‬ ‫وهو أيضا أسلوب مفتوح وغير مقيد‪ ،‬يتغلب فيه الحاكم على األمة عندما تتجمع له القوة‪،‬‬ ‫ويتجاوز كل الحدود وينتهك الحقوق ويكذب في الواجبات‪ ،‬ويضيق في الحريات‪ ،‬ويورث‬ ‫الحكم فيما بعده لذريته‪.‬‬ ‫أسلوب الجمعية التأسيسية الدستورية‪ :‬وهو أسلوب شرعي‪ ،‬ويتم عن طريق تشكيل جمعية‬ ‫تمثل الناس والوطن‪ ،‬ينتخبوها على أساس الوطنية‪ ،‬والكفاءة المعرفية الفقهية والعلمية‬ ‫والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وأن تحقق مرحلة بيعة االنعقاد‪ ،‬أي المرحلة الخاصة‪.‬‬ ‫أسلوب االستفتاء العام‪ :‬وهو ما يتحقق من خالله مفهوم البيعة العامة‪ ،‬وهي تعني المسئولية‬ ‫المباشرة والشخصية عن كل نص في الدستور التأسيسي‪ ،‬وما يترتب عنه من قوانين‬ ‫وقرارات وسياسات‪.‬‬

‫وبالتالي أرجح األسلوب الثالث والرابع معا‪.‬‬ ‫إال أن هناك أراء كثيرة‪ ،‬دعنا نتناولها من باب األمانة والمسئولية‪.‬‬ ‫‪ ‬رأي ‪ :0‬وهو القائل بأن حصر أساليب نشأة الدستور أمر غير مسلم وأن كل أسلوب من‬ ‫األساليب المذكورة يمثل األسلوب الذي اتبع في مرحله معينة لها ظروفها التي أدت إلى‬ ‫وجود األسلوب‪ ،‬وأنه قد تستجد أساليب جديدة وفق ظروف معينة‪ ،‬إضافة إلى أن األساليب‬ ‫المذكورة تمثل ما تم إ تباعه في ظل األنظمة الغربية التي هي نتيجة لثقافة وظروف وتاريخ‬ ‫تلك األنظمة‪ ،‬وأنه قد تتبع أساليب أخرى بالنسبة للنظام اإلسالمي؛ وذلك الختالف الظروف‬ ‫الحضارية والتاريخية لهذا النظام عن النظم الغربية المعاصرة ‪.‬‬ ‫‪ ‬رأي ‪ :2‬من الباحثين في الفقه الدستوري اإلسالمي من حدد أساليب أو أسلوبا معينا لنشوء‬ ‫الدستور في الدولة اإلسالمية ‪ ،‬كأسلوب المنحة وأسلوب التعاقد‪ ،‬أو أسلوب الجمعية الوطنية‬ ‫المنتخبة‪ ،‬وهذا أمر غير مسلم به كذلك ؛ ألنه قد تستجد أساليب أخرى بتغير الظروف‪ ،‬ثم إن‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫اختيار أسلوب من األساليب المتبعة في األنظمة الغربية‪ ،‬وتحديده أسلوبا لنشوء الدستور في‬ ‫النظام اإلسالمي أمر غير مقبول؛ ألن النظام اإلسالمي متميز عن ما سواه من األنظمة‬ ‫الوضعية‪ ،‬وإن وافق في شيء من الجزئيات بعض هذه األنظمة‪ ،‬فذلك ال يعني أن يصبغ‬ ‫النظام اإلسالمي بصبغة هذه األنظمة‪ ،‬فهو نظام له خصوصيته واستقالليته‪.‬‬ ‫‪ ‬رأي ‪ :3‬الدستور في ظل النظام اإلسالمي قد ينشأ بأسلوب مشابه شكال ألحد األساليب‬ ‫المستخدمة في األنظمة الغربية‪ ،‬أو بأسلوب مختلف ومعايير لجميع تلك األساليب ‪ ،‬فالباحث‬ ‫في هذا المجال يجب أن يتحرر من إلزام نفسه بإتباع المنهج الغربي التقليدي لتميز النظام‬ ‫اإلسالمي في هذا المجال عن غيره من األنظمة‪ ،‬فنشأة الدستور في النظام اإلسالمي مرتبطة‬ ‫بالشرعية اإلسالمية وأحكامها ‪ ،‬فمن المعروف أن األحكام الدستورية الثابتة ليست منحة من‬ ‫البشر‪ ،‬وليست كذلك مجاال للمناقشة بقبولها أو رفضها سواء من الحكومات‪ ،‬أو من الشعوب‬ ‫فهي ملزمة للجميع ‪ ،‬فمعروف أن السيادة في اإلسالم هلل وحده وليست للحكومة أو للشعب‬ ‫كما في بعض النظم ‪ ،‬وبالتالي فالدولة تتقيد في سيادتها الداخلية والخارجية باإلسالم وال‬ ‫تخرج على أحكامه‪ ،‬فأحكام اإلسالم لها السيادة المطلقة‪ ،‬واألحكام الدستورية المتغيرة التي قد‬ ‫تدون فيما يسمى بوثيقة الدستور هي التي يكون المجال لنشوئها متروكا لألسلوب الذي يوافق‬ ‫ظروف الدولة اإلسالمية وقت نشوء هذا الدستور الذي ال يخرج بحال عن أحكام اإلسالم وال‬ ‫يخالفها ‪ ،‬وبالتالي فإن مسألة موافقة الحاكم أو الشعب على الدستور في ظل النظام اإلسالمي‬ ‫مسألة نسبية ‪ ،‬فالحكم المطلق والتشريع المطلق في اإلسالم هلل وحده ‪ ،‬وإنما يكون اختيار‬ ‫الناس وموافقتهم فيما لم يرد فيه نص قاطع وما كان محال لالجتهاد من أهل االجتهاد ‪ ،‬كل‬ ‫في تخصصه حسب الوقائع فلكل واقعة تتطلب االجتهاد وأهلها ؛ فينبغي التفريق هنا بين‬ ‫تحرير الواقعة التي يؤخذ فيهما رأي ذوي الخبرة من ساسة واقتصاديين ومهندسين وأطباء‪،‬‬ ‫أو عامة مستفيدين مما كان منفعته عامة ‪ ،‬وبين ما كان اجتهادا في إظهار الحكم الشرعي‬ ‫وليس ذلك إال لذوي العلم بالشريعة من أفراد تكمل بهم أداة االجتهاد تفسيرا وحديثا وفقها‬ ‫وأصوال ولغة وبالغة‪ .‬إذن فنشأة الدستور في الدولة اإلسالمية مرتبطة بالتزام المجتمع‪،‬‬ ‫والدولة باإلسالم عقيدة وشريعة ‪ ،‬ثم إن بيعة الناس للحاكم ملزمة للطرفين بالتحاكم إلى كتاب‬ ‫هللا سبحانه وتعالى وسنة رسوله ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬وبالتالي فإن الدولة المسلمة ملزمة بالدستور اإلسالمي‪،‬‬ ‫وال يتصور وجود حاكم مسلم أو دولة مسلمة غير ملتزمة بهذا الدستور ‪.‬‬ ‫‪ ‬رأي ‪ :8‬نشأة الدستور بالمعنى المتعارف عليه لدى فقهاء القانون غير وارد في النظام‬ ‫اإلسالمي؛ ألن األحكام الدستورية الثابتة موجودة أصال وال داعي إلنشائها ‪ ،‬أما األحكام‬ ‫المتغيرة فمردها إلى المجتهدين من العلماء المسلمين ‪ ،‬وإن كان هناك تشابه بين أسلوب‬ ‫نشوء ‪ -‬هذه األحكام المتغيرة ‪ ،‬وأحد األساليب المتعارف عليها لدى الفقهاء القانونيين فهذه‬ ‫المشابهة شكلية فقط ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مسألة تعديل في الدستور أو مواجهة إبطاله‬ ‫أود أن أشير بأن للدستوري اإلسالم ركنين أساسين‪ ،‬وهما الركن الرباني وهو الثابت والمتخصص‬ ‫بالجانب الروحي واألخالقي ‪ ،‬والركن البشري وهو الفني وهو المتغير والمتعلق بالجانب المادي‬ ‫والكينونة‪ .‬أي ركن ثابت يخص أحكام وقواعد الشرعية اإلسالمية‪ ،‬وركن فني قانوني منظم للحياة‬ ‫المادية الذي يبدعه الناس ويرونه يحقق مصالحهم وسعادتهم وأمنهم وسلمهم‪.‬‬ ‫وبهذا ال يجوز بأي حال إنهاء الركن األول أو الخروج عنه أو التحجج بمخالفته بناء على تعطل‬ ‫الدستور الفرعي أو الوضعي نتيجة انقالب أو نزع السلطة‪ ،‬ألن لذلك تقع عليه أحكام شرعية خاصة‬ ‫بمدى سالمة إيمان الشخص وصحة إسالمه وغيرها من أحكام الفقه في هذا الشأن‪.‬‬ ‫فالقاعدة الكلية هي أن أحكام الركن الثابت ال تنته بنهاية أي دستور وضعي‪ ،‬فجذورها باقية خالدة في‬ ‫الكتاب والسنة‪ ،‬وعلى المسلم أن يعلمها أين هي في دستوره الوضعي‪ .‬فمثال‪ ،‬نص يحرم قتل النفس‪،‬‬ ‫ويحرم نزع الملكية الخاصة إال بتراضي وللحاجة العامة التي ال مناص من ضرورتها‪ ،‬فإذا أنقب‬ ‫على الدستور فال يجوز أبدا االنقالب على مثل هذه األحكام الثابتة وغيرها‪ ،‬مما أستمد أصال من‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫أما الركن الفني وكل ما هو مبلور و وضعي وهو ما جاء بناء على توظيف اجتهادي فني لألحكام‬ ‫والقواعد الشرعية مستخدمة لنواحي دنيوية بحتة أو كل ما هو من أمور علمية وعملية تنظيمية‬ ‫وتخصصية‪ ،‬فهي طبيعيا قد تتعرض لحاالت تغيير بحكم تغير طبيعة الواقع والتطورات‪..‬‬ ‫وأود هنا أن أستعرض مجمل أراء بعض الباحثين‪ ،‬فهم يرون األتي‪:‬‬ ‫أنه من واقع الحياة السياسية فقد برزت عدة أساليب تسبب في تعطيل الدستور‪ ،‬أو تبديله‪ ،‬أو التأثير‬ ‫السلبي أو اإليجابي في فعاليته وشرعيته‪ ، ،‬وتنحصر في األساليب التالية‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬األسلوب السلمي ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬األسلوب غير العادي ‪.‬‬ ‫ت ‪ -‬أسلوب العرف ‪.‬‬ ‫فاإلسالم يجيز األسلوب األول فقط وبشرط االلتزام بما هو ثابت وال يتغير وأن يكون كل تعديل بإتمام‬ ‫مستويين البيعة الخاصة والعامة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفيما يلي مناقشة‪:‬‬ ‫‪ ‬رأي الباحث‪ :‬إن النظام الدستوري اإلسالمي يختلف عن النظم الوضعية‪ ،‬ذلك ألن جزءا من‬ ‫أحكامه وحي‪ ،‬والوحي غير قابل للتعديل واإلنهاء من البشر‪ .‬أما الجزء اآلخر من أحكامه‬ ‫والتي قد تقنن‪ ،‬بناء على االجتهاد والمصلحة في الدولة اإلسالمية ‪ ،‬فهذا يرجع لما يتفق عليه‬ ‫أهل الرأي حول إنهاء الدستور أو بعض أحكامه ‪ ،‬فقد تنهى عن طريق األسلوب الذي‬ ‫وضعت به ‪ ،‬أو أي أسلوب يضمن عدم انتهاك حقوق األفراد ‪.‬‬ ‫وهو ما يشبه إلى حد ما األسلوب السلمي‪ ،‬أو قد تنهى بعض أحكام الدستور بسبب تقادمها وعدم‬ ‫إمكانية تطبيقها فتترك إهماال‪ ،‬أو ينشأ حكم جديد يتعارف عليه يكون ملغيا لحكم غير مبني على حكم‬ ‫شرعي ثابت ‪ ،‬بشرط أن ال يكون في إلغائه ضرر ‪ ،‬وأن ال يكون الحكم الجديد مخالفا ألحكام‬ ‫الشريعة‪.‬‬ ‫أما ما اصطلح عليه في الفقه الوضعي باألسلوب غير العادي أو األسلوب الثوري ومقتضاه أن توجد‬ ‫ظروف وأوضاع تؤدي إلى إلغاء الدستور أو تعطيله فهذا ال يوجد نظيره في اإلسالم فيما يتعلق‬ ‫بالدستور بمعناه الثابت أو الع ام ؛ ألن المسلمين ملتزمون بدستورهم بحكم إيمانهم وعقيدتهم ‪ ،‬وتطبيق‬ ‫الدستور دين ملتزمون به ‪ ،‬أما فيما يتعلق بالدستور بمعناه الخاص أو الفني فاألمر فيه راجع ألهل‬ ‫الحل والعقد ‪.‬‬ ‫اإلسالم والدستور‬ ‫‪ ‬وفي تقديرنا ‪ ،‬فإن خالصة هي بأن الدستور أمانة حضارية وإنجاز عقالني‪ ،‬واجب الدفاع‬ ‫عنه في اإلسالم طالما قد استمدت و وافقت مقاصده ونصوصه وتفاصيله اإلسالم‪ ،‬ألن قبول‬ ‫التخلي عنه هو بمثابة التخلي عن األصل أو المصدر وفي هذا يلزم كثير من الحذر‪.‬‬ ‫حيث الدستور في اإلسالم هو ركن من أطراف عقد البيعة‪ ،‬ويمثل المبايع عليه‪ ،‬وال ينقض وال يعادل‬ ‫وال ينتهي إال ببيعة جديدة ال يخالف فيها المبايع عليه الشريعة‪.‬‬ ‫وأنه ال يجوز ألي انقالب عسكري أو سياسي أن ينهي دستورا قد اتخذه الناس شرعة ومنهاجا‪ ،‬وأن‬ ‫يأتي بغيره بالقوة‪ ،‬فهذا مخالف لوسائل واشتراطات وأنواع البيعة ومستوياتها وأركانها وهو شروط‬ ‫اكتمال من طالب البيعة وشروط شرعية المبايع عليه وشرط رضا الناس‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مطلب ‪ :3‬نظام اخلالفة وعالقته بالنظام االحتادي اإلسالمي‬ ‫نتناول في هذا المطلب تعريف الخالفة‪ ،‬ضرورة الخالفة‪ ،‬قيام الخالفة‪ ،‬أمارات الخالفة‪ ،‬بركات‬ ‫الخالفة‪ ،‬صالحيات الخليفة الحاكم االتحادي‪ ،‬مسألة عزل الخليفة وتداول السلطة‪ ،‬الخالصة‬ ‫والخاتمة‪ .‬من أجل فهم نظام الخالفة في اإلسالم‪.‬‬

‫تعريف الخالفة "الحكم اإلسالمي االتحادي"‬ ‫الخالفة هي كلمة عربية تعني لغويا المجيء بعد أحد أو خلفه‪ ،‬أو القيام مقامه أو النيابة عن الغير‪ .‬أما‬ ‫في المصطلح الديني فكلمة الخليفة تستخدم بمعنيين كما ذكر الباحثين‪ ،‬إال أنني أضفت المعنى الثالث‬ ‫وهو مهم‪ ،‬وعلى النحو التالي‪:‬‬ ‫يقول الباحثين بأن الخليفة تستخدم في المفهوم الديني على أساس رسالة "اإلصالح " في األرض‬ ‫وأول من تولها األنبياء والرسل وهم المصلحين‪ ،‬ومن ثم من تبعهم من الناس وهم الصالحين‪.‬‬ ‫وبالتالي المصلحين والصالحين هم خلفاء هللا في األرض‪ .‬أي لهم حق اإلمارة والقضاء بين الناس‬ ‫بالعدل ورفع الظلم إزالة الباطل ونشر الحق‪ ،‬وهذا ما نستنتجه من الشرح الفقهي التالي‪ ،‬إال أنني‬ ‫وبشكل واقعي قد أضفت "التابعين" وهم عموم المسلمين‪ ،‬وعلى النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬أوال‪ ،‬مستوى اإلصالح وهي درجة تكليف ربانية مباشرة‪ ،‬حيث بعث هللا في العالم من عنده‬ ‫من يشأ بعلمه إلصالح أمر ما‪ ،‬وعليه فبهذا المعنى إن جميع األنبياء والرسل يسمون خلفاء‬ ‫هلل ألنهم يعملون نائبين هلل عز وجل‪ ،‬وبهذا المعنى سمى هللاُ سيدَنا آدم وسيدَنا داوودَ خليفةً في‬ ‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪ ‬ثانيا‪ ،‬مستوى الصالح وهي درجة اإلخالص لرسالة اإلصالح المقررة باألنبياء والرسل‪،‬‬ ‫ويقوم ذلك الرجل البار الصالح الذي يقوم مقام نبي ٍ أو مصلحٍ روحي ٍ بعد وفاته ليكمل مهمته‬ ‫ويكون إمام جماعته‪ .‬مثلما قام سيدنا أبو بكر رضي هللا عنه خليفةً بعد رسول هللا صلى هللا‬ ‫عليه وسلم وبعده سيدُنا عمر رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫‪ ‬ثالثا‪ ،‬مستوى الطاعة‪ ،‬حيث في تقديري هناك معنى واسع لمفهوم "الخليفة" وهي مسئولية‬ ‫كل الناس‪ ،‬فهم خلفاء هللا في األرض‪ ،‬أصبحت لهم السيادة المطلقة‪ ،‬مخيرين في أمور دنياهم‬ ‫ومجبورين على إتباع أوامر هللا‪ ،‬فعليهم إتباع الصالحين ومعرفة رسالة األنبياء المصلحين‪،‬‬ ‫واألتباع باإلحسان ‪ ،‬أي إتباع أحسن القول والفعل في كل أمر وحال‪ ،‬بحيث رسالتهم عامة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أن ال تسفك دماء وال يهلك الحرث والنسل‪ ،‬وال تمنع دور عبادة هللا‪ ،‬وغيرها مما بيانه هللا‬ ‫عز جل في كتابه المبين وسنة نبيه المرسل رحمة للعالمين‪ ،‬ومستوى اإلصالح مفتوح‬ ‫للجميع‪ ،‬فكل يعمل صالحا ويعبد مخلصا ليصل إلي هذه المرتبة ويترقى فيها‪ ،‬و ليكن حتما‬ ‫منهج اإلصالح طبقا إلحكام وقواعد وسنة المصلحين المعصومين‪ ،‬وهم األنبياء والرسل‬ ‫الذين ذكرهم هللا وقصصهم لنا لهذا الغرض‪.‬‬ ‫ونستدل في ذلك بما جاء في اآلية الكريمة‪" :‬وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة قالوا‬ ‫أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ويهلك الحرث والنسل ‪ ،‬قال إني أعلم ما ال تعلمون"‪.‬‬ ‫ومن يقرأ القران الكريم وسنة نبيه يجد أن كل فرد هو خليفة هللا في األرض ‪ ،‬كامل السيادة‪ ،‬ومسئول‬ ‫مسئولية تامة أمام هللا في كل ما يجري في الكون من ظلم وانتهاكات‪ ،‬وبالتالي البد من وجود نظام‬ ‫تفويض‪ ،‬وهو تنظيم درجات السلطة الحاكمة‪ ،‬وهي أن يختار الناس خليفة‪ ،‬وهو األرجح عقال‪،‬‬ ‫واألحسن تربية‪ ،‬واألوفر علما‪ ،‬واألنصع سيرة‪ ،‬واألطهر نفسا‪ ،‬واألوسع استقامة واألكثر ورعا‬ ‫ونزاهة‪ .‬لكي يستحق أن يكون على رأس هذه "الخالفة" وهي األمانة من هللا للناس كافة‪ ،‬فيكون من‬ ‫يتولى الخالفة على القوم هو الخليفة أي الحاكم ‪ - ،‬له وحدة األمر وهذا مبدأ إسالمي واسع وعميق‬ ‫للغاية‪ ،-‬الذي يرجع إليه الناس ويرتضوا بحكمه وعلمه و‘صالحه وإخالصه‪.‬‬ ‫ومن أجل هذا بينت السنة الشريفة مسألة الجماعة‪ ،‬ومسألة تنظيم عالقات ومعامالت بين المسلمين‬ ‫المكلفين باإلصالح في األرض‪ ،‬بحيث ال يسير اثنان معا‪ ،‬إال وفوض أحدهم األخر باألمر‪ ،‬وما كانوا‬ ‫أكثر من ذلك في أمر أو حال من التعامل أو العالقة أو السير في الحياة إال كلفوا منهم أفضلهم‪ ،‬إلي أن‬ ‫يرجع األمر إلي من يسود القوم في كل أمر‪..‬‬ ‫ومن ظهرت مسألة فرض البيعة في اإلسالم‪ ،‬أي يجب على المسلمين‪ ،‬أن يفوضوا الخالفة لمن‬ ‫يقودهم في الشأن العام والمستقر‪..‬‬ ‫ونجد مباشرة بعد اآلية الكريمة أن هللا خاطب أدم عليه السالم بما يدل على أنه أول خليفة هللا في‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫وهذا شرف كبير للناس‪ ،‬أن يكونوا خلفاء هللا في األرض‪ ،‬بعد األنبياء ورسل هللا‪ ،‬فرسالتهم هي‬ ‫تكليف للبشرية وهي مصدر سيادتهم‪ ،‬وهم عليهم البيعة لتنظيم هذه السيادة العامة ‪ ،‬فيتولها أصالحهم‬ ‫في العمل وإخالصهم هلل وال تخرج رسالته في الحياة عن رسالة المصلحين ‪ ،‬وهذه الخالفة أو الحكم‬ ‫في األرض هو استحقاق يديره الناس بما يناسب العصر ويحقق إصالحه ورضا هللا الناس بما‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫يستوجب الطاعة‪.‬‬ ‫والخالفة أمانة بني أدم في األرض‪ ،‬يلزمها العلم والعدل وعبادة هللا بالحق‪.‬‬ ‫ومسألة التطبيق الدنيوي هي عملية اجتهادية متطورة حسب تطور الفكر اإلنساني‪.‬‬ ‫ومسألة األحكام الدينية فهي ثابتة كما وردت في الكتاب المبين‪.‬‬ ‫ولذلك عندما ذكرت أن اإلنسان يتنازل عن سيادته للدستور وال يتنازل عنها لغيره‪ ،‬فالمسلمين‬ ‫جميعهم سادة خلفاء هللا في األرض‪ ،‬مسئوليتهم رسالة اإلسالم‪ ،‬وهي السلم واألمن اإلنساني‪ ،‬كما أنني‬ ‫ذكرت أن للدستور مصدرين‪ ،‬المصدر الثابت وهو الجزء الرباني وهو غير مدون بالدستور‬ ‫الوضعي‪ ،‬وإنما هو مصدر للقواعد واألسس والضوابط التي يؤسس عليها الجزء الخاص بذلك‪،‬‬ ‫وهناك الجزء المتغير من الدستور الوضعي وهو الخاص بأمور الدنيا وشئون الناس عامة‪ ،‬وال يمكن‬ ‫أيضا أن يخالف من القواعد واألسس والمقاصد الموجودة في الجزء الرباني وهو الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫وبالتالي عندما يتنازل المرء عن سيادته للدستور فهو تنازل لحكم الكتاب والسنة‪ ،‬وقد حقق مفهوم‬ ‫"الخالفة"‪ ،‬وهي متداولة بين الناس‪ ،‬ومن يكلف ويتحمل الوالية العامة في أمر ما يكون "ولي هللا‬ ‫فيه"‪ ،‬أي تحمل مسئوليات معينة‪ ،‬فقد تكون "الوالية العامة" تخصصية‪ ،‬حسب نشاط معين أو جهة‬ ‫أو مهمة معينة‪ ،‬وقد تكون شاملة على مستوى قطر أو أكثر وهي الخالفة‪ ،‬فمثال‪ ،‬نجد معاصرا‪،‬‬ ‫تخصصات و واليات عامة عدة‪ ،‬يتوالها الناس وال يدركون أنهم قد تولوا الخالفة فيها‪ ،‬فيأتوا يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬وأيديهم حول أعناقهم تخنقهم‪ ،‬وال تفك حتى يأخذ كل إنسان منهم حقه‪ ،‬وما أدراك ما حق هللا‬ ‫العظيم إن هو عمدا أخفق فيه‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬هناك واليات امة تخصصية‪ ،‬تسمى معاصرا مجالس أو وزارات أو مؤسسات أو إدارات في‬ ‫مجاالت التربية والتعليم والقضاء والمجتمع واألخالق واآلداب العامة ‪ ،‬وهناك الصحة البدنية‬ ‫والنفسية‪،‬وهناك المحافظين في مستوياتهم بمجالس المحافظات والبلديات والمحالت‪ ،‬وهناك السفراء‬ ‫وهم ممثلي المسلمين في سيادتهم الخارجية ورعاية المعاهدات وهي العالقات الودية الدولية‪ ،‬وهكذا‬ ‫فهي واليات تخصصية عديدة‪ ،‬تتداول بين الناس بخيارهم‪ ،‬ويخلف بعضهم بعض‪ ،‬ولهذا سمى الناس‬ ‫خلفاء هللا في األرض‪ ،‬وكل من تولى أمرهم "الخليفة"‪ ،‬وهذه التكليف يسمى "الخالفة" في اإلسالم‪.‬‬ ‫فهذه جميعا أمثلة عملية توضح مراتب الخالفة العامة بين الناس‪ ،‬وهي نظام إداري من أجل تحقيق‬ ‫خالفة هللا في األرض‪.‬‬ ‫ومن يخرج عن البيعة العامة فقد خرج عن التنظيم الشرعي الخاص واألنسب إلدارة الحياة وتحقيق‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مقاصدها خالقها ونشر الرسالة الواجبة على كل إنسان‪.‬‬ ‫والخالفة ليست قيام نظام إمبراطوري كما عرفه وكرسه غير المسلمين في األرض‪ ،‬وإنما هو نظام‬ ‫متميز‪ ،‬سلمي يعتمد على تحقيق رسالة اإلصالح في األرض كما هي مقررة برساالت هللا السماوية‪.‬‬

‫ضرورة الخالفة "النظام االتحادي"‬ ‫اصبح مصطلح الخالفة يخاف منه الناس بسبب االستعمار والتخلف واالستبداد‪.‬‬ ‫وهو ما تعلم الغرب من خالله بعد همجية وجهل ودمار وظلم معنى تداول السلطة‪ ،‬فالخالفة تعني‬ ‫البحث عن مشروع لتداول السلطة بشكل شرعي‪.‬‬ ‫ويعني من الجانب االخر‪ ،‬الحفاظ على وحدة المسلمين‪ ،‬في كيان سياسي ال يتعادوا فيه وال يسمحوا‬ ‫بالعدوان على أي منهم‪ ،‬وال يعتدوا على احد‪.‬‬ ‫فهو يعني نظام وحدة الفكر السياس بدون تتفرق او خيانة او بغيا للعلو او العدوان او الزيف او الظلم‪.‬‬ ‫هو يعني نظام عدالة يشمل كل الناس‪ ،‬مسلمين وغير مسلمين‪ ،‬وال خيار للبشر في مسألة العدالة في‬ ‫الخالفة‪ ،‬فهي أساس الدول االتحادية ‪ ،‬وليس هناك افضل مثل الدستور والشعوب في تحقيق العدالة‪.‬‬ ‫وتأييدا لم سبق ذكره‪ ،‬وهو محل تطوير وتطبيق أفضل مستمر من قبل المسلمين المسئولين‬ ‫والمخلصين‪ ،‬و واجب على العلماء المصلحين وهم ورثة األنبياء والرسل في اإلسالم‪ ،‬مع العلم بأن‬ ‫القيام بمسئولية "العلم" كعالم ومتعلم هي في ذاتها ممارسة لوالية عامة أو خالفة في شأن معين‪ ،‬وقد‬ ‫تعلمنا ونحن أطفاال في مراحل التعليم األولى ترديد قول الحكماء في الدرس" قم للمعلم تبجيال كاد‬ ‫المعلم أن يكون رسوال‪ ،"..‬ولذلك ال تبرح قدماء بني أدم يوم الحساب حتى يسأل عن واليته في العلم‬ ‫الذي أكتسبه والمال و وقته كيف أداره‪ .‬فكما ذكرنا الخالفة هي تفويض ألهي من هللا للناس جميعا من‬ ‫أجل إدارة هذا الكون بالعدل والحق والعلم والخير‪ .‬وهناك الوالية العلمية‪ ،‬والوالية المالية‪ ،‬والوالية‬ ‫العدلية‪ ،‬والوالية األسرية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وكلها أشكال من الخالفة الجزئية في األرض‪ ..‬كل من الناس‬ ‫يمارسها في حياته بشكل يومي‪.‬‬ ‫ولكن المسألة في حقيقة الخالفة الكلية‪..‬‬ ‫وهنا أحتاج أن أسترشد بقول الباحثين‪ ،‬حيث ورد مناقشة السؤال عن ضرورة الخالفة‪ ،‬أي ألي‬ ‫غرض يتأسس نظام الخالفة؟‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فاعلموا أنه ال يخلو فعل من أفعال هللا من الحكمة‪ ،‬ولما كان عمر اإلنسان في سننه الكونية محدوداً‪،‬‬ ‫ومهمة اإلصالح تقضي اإلشراف والتربية ألمد طويل لذا فقد سن هللا بعد النبوة نظام الخالفة لتتم بعد‬ ‫وفاة النبي مهمتُه بواسطة خلفائه‪ .‬فكأن البذر الذي يُزرع بيد النبي ينميه هللا عن طريق الخلفاء حتى‬ ‫يأمنوا من األخطار االبتدائية ويصبح دوحةً عظيمة‪ .‬ومن هنا يتضح أن نظام الخالفة في الحقيقة‬ ‫ع لنظام النبوة وتتمته له‪ ،‬ولهذا قال سيدنا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص "ما من نبوة قط إال تبعته خالفة‪".‬‬ ‫فر ٌ‬

‫قيام الخالفة "رسالة الحكم في اإلسالم"‬ ‫أود هنا أن أشير إلي أن أعلى درجات الخالفة هم العلماء‪ ،‬وهم ورثة األنبياء‪.‬‬ ‫وهم من يقف في وجه الحاكم المستبد ويقل له أخطئت وكيف يصلح األمر‪..‬‬ ‫وهم من يربي الناس ليكونوا صالحين وهم من يرشد الناس لكيفية تحقيق اإلصالح في كل أمر‪..‬‬ ‫وهم من يقدم نسفه للناس ليختاروه لهذه الرسالة اإلصالحية الربانية‪..‬‬ ‫وبذلك استحقوا أن يكون في أعلى درجات الخالفة اإلسالمية‪..‬‬ ‫ويكونوا على رأس الجهاد األكبر ‪ ،‬وهي السياسية‪ ،‬أو إدارة شئون الناس عامة‪..‬‬ ‫فرسالة الحكم في اإلسالم مقيدة تختلف عن رسالة الحكم المطلقة‪..‬‬ ‫حيث مقيدة بتحقيق اإلصالح وفق منهجية رانية تستمد منها منهجيات الحياة‪..‬‬ ‫ومن خالل هذا المقصد يتم التميز بين الحاكم "الخليفة"‪ ،‬والحاكم الظالم لنسفه وللناس وهو الحاكم‬ ‫المطلق المتمرد عن رساالت هللا في األرض ‪.‬‬ ‫وبالتالي تبدأ الخالفة اإلسالمية‪ ،‬مهما كان شكل الدولة‪ ،‬يوم يكون مقصود عموم الناس وحكامهم‬ ‫وحكمائهم هو تحقيق اإلصالح في األرض مقيدة بتوجيهات هللا‪ ،‬أي حسب أحكام هللا القطيعة في‬ ‫قانون القران‪ ،‬وقد سماه هللا الفرقان‪ ،‬ولكي يميز للناس بين الحق والباطل‪ ،‬والعدل والظلم‪ ،‬والخير‬ ‫والشر‪ ،‬وتسهيل التطبيق وفق سيرة رسوله صلى وهي الئحة تنفيذية مجسدة طاهرة‪.‬‬ ‫ولنرى معا ما يقوله غيري ممن أراد رضا هللا بالحق‪ ،‬وقد أضفت بتواضع ما أظنه يشير لطريق‬ ‫الخير واإلصالح‪ ،‬وعلى النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬يقول الباحث‪ ،‬بما أن نظام الخالفة فرع لنظام النبوة وتتمة له لذلك جعل هللا قيا َمه بيده مثلما‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫هو األمر للنبوة لكي يتولى منصب الخالفة من يكون في علم هللا أصل ُح شخص وأجدر لحمل‬ ‫هذا الحمل من الناس الموجودين وقت االنتخاب‪ .‬وبما أن جماعة المؤمنين تكون قد نشأت بعد‬ ‫بعثة النبي وتكون قد تربت تحت فيوض النبوة لذلك يجعل هللا للمؤمنين أيضا نصيبا في‬ ‫انتخاب الخليفة لكي يجدوا في صدورهم انشراحا وانبساطا في مؤازرته واالمتثال ألوامره‪.‬‬ ‫وهكذا فإن انتخاب الخليفة يصبغ بصبغة ممزوجة بشكل غريب حيث يتم انتخاب الخليفة على‬ ‫أيدي المؤمنين في الظاهر لكنه في واقع األمر يأتي تحقيقًا لقضاء هللا وقدره بحيث يتحكم هللا‬ ‫في قلوب المؤمنين ويصرفها إلى شخص ذي الكفاءة المطلوبة لذلك المنصب ‪.‬‬ ‫وألجل ذلك نسب هللا تعالى اختيار الخلفاء إلى نفسه في كل موضع من القرآن الكريم‪ ،‬وقال مرارا‬ ‫إني أنا أجعل الخليفة‪ ،‬وبقصد اإلشارة إلى هذه الحقيقة قال النبي ملسو هيلع هللا ىلص عن خالفة سيدنا أبي بكر‪" :‬يأبى‬ ‫هللا والمؤمنون إال أبا بكر"‪ .‬وقد بين سيدنا المسيح الموعود عليه السالم نفس هذه النقطة في كتابه‬ ‫"الوصية" حيث قال إن هللا أقام أبا بكر بعد وفاة النبي ملسو هيلع هللا ىلص فأنقذ الجماعة الموشكة على االنهيار‪....‬‬ ‫وقال عن نفسه" ‪:‬سيكون من بعدي أفراد آخرون تظهر بهم قدرة هللا الثانية"‪ .‬فمن هذه المقتبسات‬ ‫قدر هللا‬ ‫يثبت قطعا أن هناك دخال لرأي المؤمنين أيضا في اختيار الخليفة لكن في واقع األمر يعمل ُ‬ ‫عملَه‪.".‬‬ ‫‪ ‬هنا أضيف مسألة هامة وهي دور العلماء في توضيح التصور اإلسالمي لنظام الدولة‬ ‫وأسلوب الحكم المنشود‪ ،‬حيث مثل هذا التصور الشامل المواكب لكل عصر غير واضح‬ ‫للناس كافة‪ ،‬وغير متفق عليه بعد‪ ،‬وهو سبب الجدلية بين المسلمين أنفسهم‪ ،‬وهذا الخالف هو‬ ‫ما يضعفهم‪ ،‬ويهدد مصيرهم‪ .‬حيث الخالفة العامة تجري بشكل منفرد وهي مسئولية كل‬ ‫الناس وجوهرها تحقيق مكارم األخالق في األرض‪ ،‬ولكن قيام الخالفة الخاصة تحتاج إلي‬ ‫اختيار الصفوة أو النخبة المبايع لها أو المنتخبة لتولى مسئوليات الخالفة التخصصية‪.‬‬ ‫وهذه الخالفة العامة والخالفة الخاصة هي أمانة المسلم في األرض‪..‬‬ ‫وقوام هذه األمانة العلم والعدل‪ ..‬وضياعها بالجهل والظلم‪..‬‬ ‫ومن يتولى زمام أمورها المؤمنين والعلماء‪ ..‬ولذلك قال هللا عز وجل "يرفع هللا الذين أمنوا منكم‬ ‫والذين أتوا العلم درجات‪ "..‬صدق هللا العظيم‪.‬‬ ‫ومن هنا يأتي دور العلماء فيرشدوا المسلمين بالتصور األفضل لقيام دولتهم الراشدة‪.‬‬ ‫وفي تقديري‪ ،‬التاريخ اإلسالمي السياسي‪ ،‬يوجد فيه الكثير‪ ،‬ولكن اإلشكالية‪ ،‬هي جوانب االجتهاد‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫السياسي‪ ،‬وكما ذكرنا هو جانب الجهاد األكبر‪ ،‬ألن الخطأ فيه يؤدي لضرر وأسع‪ ،‬والصواب يؤدي‬ ‫إلي نشر الخير في األمة‪..‬‬ ‫ولهذا نرى قيام الخالفة أي شكل الدولة وأسلوب الحكم‪ ،‬أساسه القران والسنة‪ ،‬والخالفة الراشدة‬ ‫للخالفة األربعة‪ ،‬وما يتفق عليه لماء العصر باإلجماع‪ ..‬وليس هناك مصدر غير هذه األربعة‬ ‫الصالحة لكل عصر وبدون جدلية أو سلبيات أو أخطأ‪..‬‬ ‫فكل تجربة أو محاولة تحمل الخطأ‪ ،‬ودور علماء كل عصر هو التصحيح واستكمال بلورة التصور‬ ‫األفضل‪.‬‬ ‫وفي هذا جمال رسالة اإلسالم‪ ،‬وكرامة اإلنسان‪ ،‬وتجسيد سيادته في األرض‪.‬‬ ‫ولقد بادرت بشكل متواضع‪ ،‬وتبين لي‪ ،‬أن الخالفة بلغة العصر‪ ،‬هي نظام إتحادي‪ ،‬له دستور محلي‪،‬‬ ‫ودستور إتحادي‪.‬‬ ‫حيث قيام الخالفة أو الحكم الراشد‪ ،‬هو نظام عقالني‪ ،‬ويمثل بشكل أو أخر شكل من أشكال النظام‬ ‫االتحادي‪ ،‬فقد يكون مركزي أو شخصي أو تعاهدي‪..‬‬ ‫ويمكن أن تتوزع فيه الواليات واالختصاصات الخاصة بشكل يبعث دولة تحقق حكمها الذاتي وفي‬ ‫ظل مقاصد المفهوم الشامل للخالفة كما أسلفنا‪..‬‬ ‫و ما أود أن أشير البد من تجديد المفاهيم الخاطئة باعتقاد أن الخالفة تعني دولة الفتوح‪ ،‬أو نظام‬ ‫الحكم الوراثي‪ ،‬أو شكل من أشكال إمبراطوريات أوربا االستعمارية‪..‬‬ ‫فالتاريخ أي تقوده أفكار واجتهادات وصراعات سياسية في حاجة للتقويم والتجديد الدائم‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬عندما أرى أو أقراء عن حرب األمويين في خالفة عبد الملك بن مروان وهو كان على والية‬ ‫الشام‪ ،‬وهي اليوم سوريا واألردن وفلسطين ولبنان‪ ،‬ضد الخالفة أبناء الزبير بن العوام رضي هللا‬ ‫عنهم‪ ،‬في العراق بوالية مصعب بن زبير‪ ،‬ومن ثم على والية الحجاز وكان الخليفة أو األمير عبد هللا‬ ‫بن الزبير‪ ،‬فهي كارثة إستراتيجية وسياسية أموية غير ملزمة للمسلمين ‪ ،‬وفيها الكثير مما يضر‬ ‫بسالمة تصور نظام الخالفة وسالمة تطبيق البيعة وجلبت أسلوب الوراثة وهو يبرر االستبداد عند‬ ‫الدراسة بموضوعية‪.‬‬ ‫حيث ألن لو كان األمر الحكم بالقوة و تداول السلطات بالورثة ما كان هللا أوجب على المسلمين‬ ‫"نظام البيعة"‪ ،‬وما كان لزوم للعلم كواجب عام للتمايز بين الناس في الواجب ‪ ،‬وما كان هناك لزوم‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫لإليمان والتقوى للتميز بين خيار الناس‪.‬‬ ‫فاإلسالم هو روح الدولة الشرعية والدولة القانونية ودولة السعادة والخير والكرامة ودولة العلم‬ ‫والسلم واألمان‪ ..‬وهذا ما تهدف إليه الديمقراطية المعاصرة‪ ،‬ولم تتحقق كما ينبغي بعد‪..‬‬ ‫وإن صح التعبير فإن الفكر اإلسالمي هو مصدر أفضل نموذج ديمقراطي‪..‬‬ ‫وقد عبرت السنة النبوية الشريفة على أن ترك البيعة هو بمثابة العودة للحياة الجاهلية‪.‬‬ ‫فالبيعة هي وسيلة ربانية يعبر من خاللها كل مسلم عن إرادته بحرية وعالنية ليكون مكشوف للناس‬ ‫ويحتمي الناس من شره وظلمه وخطره فيعلن من يريد هللا ورسوله أم يريد غيرهما‪.‬‬ ‫و كيف ال يبحث المسلمين عن نظام يوحدهم‪ ..‬وهم جميعا خلفاء لرسول كريم‪ ،‬قيل في حقه ‪:‬‬ ‫ ما ورد في قوله عز وجل " وما أرسلناك إال رحمة للعالمين"‪ ..‬صدق هللا العظيم‪.‬‬‫ وما ورد في قوله سبحانه وتعالى" وإنك لعلى خلق عظيم"‪ ..‬صدق هللا العظيم‪.‬‬‫وقيل في حق أمته‪:‬‬ ‫ ما ورد في قوله عز وجل " كنتم خير أمة أخرجت للناس‪ "..‬صدق هللا العظيم‪.‬‬‫فالنظام االتحادي الدستور اإلسالمي يمكن أن يكون وجه من وجوه تحقيق الخالفة العامة والخالفة‬ ‫الخاصة‪ .‬وقوامها ثالثة وهي األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واإليمان باهلل‪.‬‬ ‫بحيث ال يقوم من يتولى الخالفة الخاصة‪ ،‬وهم في الهيئة الحاكمة‪ ،‬التنفيذية والتشريعية والقضائية‬ ‫والشورى‪ ،‬على مستوى والية القطر أو التخصص أو االتحاد إال بالرأي العام أو البيعة العامة في‬ ‫أمر‪ ،‬وسبحانه من يرجه إليه األمر كله وإليه ترجعون‪.‬‬ ‫وخالصة القول بأن النظام االتحادي الدستوري هو وجه من وجوه الخالفة في األرض‪ ،‬ولقد أقتبسه‬ ‫معاصرا الدول الكبرى‪ ،‬ليس لغرض قيام خالفة هللا في األرض‪ ،‬وإنما لقيام خالفة بشرية متحررة‬ ‫من سلطة الكنسية حسب ظروف تاريخية خاصة بتلك الدول‪ ،‬في عالقة الدين بالعلم وعالقة الدين‬ ‫بالسلطة الزمنية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫دور اإلرادة في نشأة الخالفة أو "الحاكم االتحادي"‬ ‫في حقيقة األمر لهذا الكون والحياة سنن أكبر من عقولنا وأبعد من قدراتنا وأطول زمنا من أعمارنا‪،‬‬ ‫ولكن بعض الناس يظلوا ظلما وجهال يظنون أنهم من القوة بمكان بحيث يغيروا ما أراد هللا إلي ما‬ ‫يريدون‪ ،‬وبحبهم وبلذة سلطانهم على الناس وامتالكهم‪ ،‬يتملك الشرور من أنفسهم فال يتركوهم أن‬ ‫يخضعوا هللا وحده فهذا يشعرهم ينقصان سيادتهم على الناس في األرض‪.‬‬ ‫ويقولون النبعاث الخالفة مصدرين‪ ،‬وهنا القصد الدولة العادلة‪ ،‬فإما تأتي بخيار من هللا أو بخيار من‬ ‫الناس‪ ..‬وهناك تفاعل وتداخل كما بين الباحث‪ ،‬أي وجود إرادة المسلمين وتدعما إرادة الخالق‪.‬‬ ‫فقد يخير هللا حال أمة من القلة إلي القوة فيولي عليهم في عموهم خيارهم من القلة التي تكافح من أجل‬ ‫التغيير‪ ،‬كقوله عز وجل ‪ " :‬وال دفاع هللا الناس بعضهم ببعض لفسدت األرض"‪ ،‬وقوله عز وجل‬ ‫"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة يهدون بأمرنا‪ ،"..‬وقوله عز وجل "وتلك األرض‬ ‫نجعلها لعبادنا الصالحين الذين ال يريدون علوا في األرض وال فسادا‪."..‬‬ ‫وقد يغير الناس أنفسهم إلي األصلح ويكونوا األغلبية هم الخيار ويختاروا أحسنهم في كل أمر‪ ،‬فيتغير‬ ‫حالهم إلي أفضل بشكل واسع وعظيم مدعوم من هللا‪ ..‬وهذا قانون التغيير الرباني‪ ،‬في قوله عز‬ ‫وجل" "أن هللا ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"‪.‬‬ ‫ثم ينشأ التساؤل عن عالمات الخالفة التي يمكن من خاللها معرفة الخليفة الحق؟‬ ‫ويقول الباحث ‪" :‬فاعلموا أن للخليفة الحق عالمتين بارزتين كما يثبت من القرآن والحديث‪:‬‬ ‫‪ ‬العالمة األولى‪ ،‬هي تلك التي ذُ ِّكرت في سورة النور في قوله تعالى ‪(:‬و ليمكنن لهم دينهم‬ ‫الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا‪ .‬يعبدونني ال يشركون بي شيئا) ‪ ،‬أي إن هللا‬ ‫يقوي ويعزز الدين بالخلفاء الصادقين ويبدل حالة خوف المؤمنين بحالة األمن‪ ،‬وهؤالء‬ ‫الخلفاء يعبدونه وحده فقط وال يشركون به شيئا‪ .‬فكما تُعرف كل شجرة بأثمارها الظاهرية‬ ‫فإن الخليفة الحق يُعرف بأثماره الروحية التي قدرها هللا له منذ األزل ‪.‬‬ ‫‪ ‬العالمة الثانية‪ ،‬فقد وردت في الحديث‪ ،‬وهي أنه يجب أن يتم انتخاب الخليفة ‪ -‬عدا الظروف‬ ‫االستثنائية ‪ -‬بإجماع المؤمنين أو األغلبية الساحقة‪ ،‬وذلك ألنه وإن كان قضاء هللا يعمل عمله‬ ‫لكن هللا حسب تدبيره الحكيم يجعل لرأي المؤمنين دخال في اختيار الخليفة في الظاهر كما‬ ‫قدر هللا‬ ‫قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن خالفة سيدنا أبي بكر "يدفع هللا ويأبى المؤمنون" أي لن يدَع ُ‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أحدا ليُنتخب خليفةً غير أبي بكر وال جماعة المؤمنين تتفق على غيره‪ .‬فالعالمة الثانية لكل‬ ‫ُ‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫حق أن المؤمنين ينتخبونه أوال ثم ينصره هللا ويؤيده بعمله ثانيا ويتقوى به‬ ‫خليف ٍة ٍ‬ ‫وهناك عالمات أخرى ال يتسع المجال لذكرها هنا مفصال‪.‬‬

‫فوائد الخــالفة ( الرئاسة االتحادية هي الحياة الكريمة لألمة)‬ ‫ال يحق ألمة أن تستعمر أمة أخرى‪ ،‬كما ال تستطيع ذلك طالما كانت العقيدة حية في النفوس‪.‬‬ ‫فاألمة أساسها العقيدة وهي ليست قومية‪ ،‬و إنما القوميات مهما اختلفت لغاتها وأعراقها وتاريخها‬ ‫وأقاليمها يمكن بواسطة العقيدة أن تنصهر وتكون أمة واحدة‪.‬‬ ‫وبذلك من الصعب القضاء على األمة ألنها نسيج عالمي‪ ،‬وإنساني‪ ،‬وحضاري‪ ،‬وله منهجية أخالقية‬ ‫روحية تجمعه في صف واحد‪ ،‬ومشاعر واحدة‪ ،‬ورؤى واحدة‪ ،‬وآلفة داخلية توجه كافة السلوكيات‬ ‫والتصرفات الخارجية وتجعلها متجانسة في ظاهر كل أمورها‪.‬‬ ‫إذا األمة قوة عظمى‪.‬‬ ‫ولذلك أول ما أراد القضاء على قوم أن يقتل فيهم العقيدة أوال‪ ،‬فتتفكك القومياتـ وتظهر العصبيات‪،‬‬ ‫وتتصارع في مصالحها الرخيصة‪ ،‬وتنسى العقيدة وهو عقد القيم التي يجمعها‪.‬‬ ‫ومن ميزات الخالفة أو الحكم االتحادي في اإلسالم‪ ،‬أنه حكم متعدد القوميات‪ ،‬حيث كل قومية تنازلها‬ ‫عن تميزها عن األخرى من أجل خالقها‪ ،‬ومن أجل واجبها في العقيدة‪ ،‬وبالتالي القومية المتفوقة تؤثر‬ ‫وتصبغ القوميات األدنى بروح حضارية ورقي وتنحها قدرات بسبب االنصهار واالحتكاك‪ ،‬وهو‬ ‫تفاعل خاص تنتجه عناصر العقيدة بشكل واسع وسريع‪ ،‬وهذا ما يميز العقيدة اإلسالمية‪..‬الخ‪.‬‬ ‫وفيما يلي بعض الفوائد التلقائية"‬ ‫‪ ‬أوال المرجعية أو الدستور بالمفهوم المعاصر‪ :‬ألن مهمة السنة الشريفة والقرآن الكريم تتمثل‬ ‫في تعليم جماعة المؤمنين دينيا وتربيتهم الروحية واألخالقية ولم شملهم وتنظيمهم باإلضافة‬ ‫إلى تبليغهم سبل الرشد والهدي‪ ..‬وكل ذلك يحمي الجماعة من التشرذم ويُبقيها منظومة في‬ ‫سلك متين واحد‪ ..‬وأن كل قومية ال عقيدة لها فهي ال حضارة لها‪ ،‬وسوف تزول حتما‪ ،‬ألن‬ ‫العقيدة هي رباط روحي بين اإلنسان وخالقه‪ ،‬وهذا الرباط هو ما يمنحها قدرة التوسع‬ ‫المطلقة وحقيقة الخلود‪ .‬وبدونا يصبح األقوام ما هم إال أجساد خاوية تفنى وتدفن‪ ،‬وليس لهم‬ ‫أثر باقي في الحياة‪ ،‬يجمع من بعدهم ‪ ..‬ويقول ملسو هيلع هللا ىلص في موضع آخر‪" :‬عليكم بسنتي وسنة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الخلفاء الراشدين المهديين‪".‬‬ ‫‪ ‬ثانيا‪ ،‬القدوة الواحدة أو سمات القيادة بالمفهوم المعاصر‪ :‬أكرم هللا هذه األمة بني معجزة ‪،‬‬ ‫ومن بعده خلفاء راشدين كالنجوم في السماء‪ ،‬وبمجرد ذكر وحب هذا النبي وصحبه تتولد في‬ ‫النفوس لذة وفي القلوب نور وفي العقول الحكمة‪ ،‬فتتشكل الجماعة في نسيج أمة نوراني فوق‬ ‫كل حدود جغرافية أو دنيوية‪ ،‬فتتولد المحبة بين من هو في مشرق األرض مع من هو في‬ ‫مغربها‪ ،‬بدون أن يرى أو يعلم بعضهم ببضع‪ .‬ولذلك عندما يتحبب العرب إلي بعضهم في‬ ‫هللا والنبي صلى‪ ،‬فيكون يكون حالهم‪ ،‬وهم قومية واحدة‪ ،‬وفي إقليم واحد‪ ،‬ولغة واحدة‪،‬‬ ‫وتاريخ واحدة‪ ،‬وهم المعنيين بالتكليف والمسئولية قبل غيرهم‪ ،‬مما يجد مشقة في تعلم الدين‪،‬‬ ‫ويحتاج إلي بذل جهد جماعي وأسري هائل‪ ..‬وخالصة القول‪ ،‬بأن النبي صلى يشكل مركز‬ ‫روحاني يقوي أواصر هذه األمة وإخالصها وتضامنها وتكاتفها ‪ ،‬وإن كانوا في دولة أو‬ ‫دولتين أو أكثر‪ ،‬فهم بطبيعة الحال في تحالف دائم قوي وال يمكن أن يكونوا أعداء‪ ،‬و يجدوا‬ ‫فيما بينهم الكثير مما يلزم تكاملهم مصالحهم وصيانة مصيرهم الموحد‪ ،‬فتنتج سياسات فاعلة‬ ‫ودول قوية مستقلة فعليا وذات سيادة حقيقية‪.‬‬ ‫‪ ‬ثالثا‪ ،‬الجماعة أو الوحدة بالمفهوم المعاصر‪ :‬وحدة أوجود الحاكم االتحادي أو ما يسمى‬ ‫الخليفة‪ ،‬وهو يمثل المرجعية السياسية الشرعية‪ ،‬يتسبب في تجدد وفاء المسلمين مع خالقهم‪،‬‬ ‫ولذلك قد وصف رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص الجماعة التي تالزم الخليفة أو الحاكم الشرعي‪ ،‬وبأن يدي‬ ‫فوق أيديهم ‪ ،‬وكيف حال من تكون يده هللا يده‪ ،‬وهذا كناية على أن يد هللا هي األعلى وهي‬ ‫التي تقوده وهي التي تمنحه‪ ،‬فهي العليا فوق أيدي الجميع‪ .‬وأنها نعمة كبيرة وأهمية هائلة‪،‬‬ ‫ولذلك يلعن من يحاول صنع الفرقة في الجماعة واألمة‪ ،‬فقد قال ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من شذَّ ُ‬ ‫شذَّ في النار‪".‬‬ ‫أي أن الذي ينشق عن الجماعة ويخلق فيها الفرقة والتشتت فإنه يفتح باب النار على نفسه‪.‬‬

‫صالحيات الخليفة (صالحيات رئاسة الدولة)‬ ‫للخليفة في اإلسالم‪ ،‬له دورين رئاسيين وهما دور فتح أبواب حرية تطبيق العقيدة ويكون في ذلك‬ ‫القدوة الحسنة قبل وبعد انتخابه‪ ،‬ودور دنيوي نحو تنمية األمة وتمكينها في االنفتاح في األرض بما‬ ‫ينفع العالمين‪ .‬وهذا ما يعرف أجماال برسالة الفتح‪ ،‬فاألمة في اإلسالم حضارة دورها فتح العقول‬ ‫وانشراح الصدور وأحياء القلوب وليس وهي الحصون المنيعة التي تعزل األمصار والناس واألفراد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫واألمة في اإلسالم أساسها العقيدة‪ ،‬تذوب وتنصهر فيها كل القوميات‪ ،‬تتجاوز الحدود الجغرافية‪،‬‬ ‫واألعراق واللون واللغة‪ .‬وبالتالي دور الخليفة أن يقف لمنع كل مصاب أو ضرر في فرد في هذه‬ ‫األمة‪ ،‬ويمنع الضرر عنهم‪ ،‬ويسعى لمصالحهم وضمان حرياتهم في بلدانهم‪ ،‬فالمعاملة بالمثل هو‬ ‫عرف دبلوماسي دولي‪ ،‬وتعليق التمثيل الدبلوماسي أساس سلمي حتى تعود العالقات بين البلدان على‬ ‫ما يرام وبشكلها األخالقي والمثالي‪ ،‬فال يحق له أن يسكت أو يشارك في الضرر بهذه األمة‪ ،‬حيث‬ ‫اإلسالم ال يدعوا لقيام دولة "األمة"‪ ،‬وإنما لقيام دول قطرية مستقلة جغرافيا‪ ،‬ولكنها ماديا وروحيا ال‬ ‫يمكن أن تفصل نفسها عن رسالتها ودورها اإلسالمي واإلنساني‪.‬‬ ‫إن الخالفة هي امتداد "الرحمة الربانية"‪ ،‬حيث قال هللا عز وجل وما أرسلناك إال رحمة للعالمين"‪،‬‬ ‫والخالفة هي الجزء من النبوة في هذه الرسالة العالمية‪.‬‬ ‫وأردت بذلك توضيح رأي الباحثين عندما يربطون أن الخالفة لها من القدر في اإلسالم مثل رسالة‬ ‫األنبياء‪ ،‬حيث أنقطع الوحي من السماء‪ ،‬ولكن بقى في األرض كتاب منير الكون كالشمس تعلوا‬ ‫األرض وتبدد ظلماتها‪.‬‬ ‫وعندما يقوم الباحث بأن الخالفة أو رئاسة هي فرع من النبوة فهو يقصد في حجم األمانة وليس لذلك‬ ‫عالقة بالتفويض أو التفضيل على غيره من الناس‪ ،‬فهو مثل الجميع متساوون في الفرائض‪ ،‬إال أنه‬ ‫أصبح مسئول عنهم جميعا‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بصالحيات الخليفة فيجب أن تتذكروا نقطة أساسية الستيعاب هذا األمر‪ ،‬وهي أن‬ ‫الخالفة مؤسسة روحية ينـزل فيها حق الحكومة من األعلى إلى األسفل (أي من هللا تعالى إلى خليفته‬ ‫في األرض) وبما أن نظام الخالفة فرع للنبوة‪ ،‬ومن ناحية أخرى قد اكتملت الشريعة إلى األبد‪ ،‬لذا‬ ‫كما تحوز النبوة بصالحيات واسعة داخل حدود الشريعة كذلك فإن الخالفة هي األخرى تحظى‬ ‫بصالحيات واسعة داخل حدود الشريعة والسنة النبوية‪ .‬أي أن الخليفة حائز على أوسع الصالحيات‬ ‫لتنظيم الجماعة اإللهية وتنسيقها ضمن حدود الشريعة اإلسالمية وداخل نطاق سنة نبيه المتبوع‪.‬‬ ‫إن الشباب المعجبين بالديمقراطية المعاصرة يتعجبون من سعة صالحيات شخص واحد‪ ،‬ويقولون‪:‬‬ ‫كيف يمكن أن يملك شخص واحد صالحيات واسعة هكذا؟ ولكن عليهم أن يفكروا أن الخالفة ليست‬ ‫قس ًما من أي نظام ديمقراطي أو دنيوي وإنما هي جزء لنظام ديني وروحاني يتفرع حقها من حق هللا‬ ‫وأن ظل هللا يكون على رؤوس الخلفاء دائما‪.‬‬ ‫ال يحق له أن يتجاوز أو يبطل أو يتراخى أو يغير في حدود‪ ،‬فواجبه تطبيقها‪ ،‬فهي خير لآلمة‪ ،‬ويعلم‬ ‫القواعد التي تجيز فيها تطبيق مثل هذه الحدود‪ ،‬فعليه أوال اإلصالح االقتصادي وذر ء الحاجة أوال ‪،‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وسد أبواب الفساد‪ ،‬ثم حد السرقة‪ ،‬وعليه باآلداب العامة وتحفيظ القران وتحسين المناهج الدراسية‪،‬‬ ‫ونظم التأمين الشامل قبل حد الزنا‪ ،‬وعليه إنشاء المصارف اإلسالمية وهي ما يقضي على الربا‪،‬‬ ‫وعليه بالحريات وال يتأخر في حفظ األمن والسلم واالستقرار بحد الحرابة‪ .‬وهكذا الحدود واجبة‬ ‫والبيئة الصالحة واجبة على كل أصحاب الوالية العامة في اإلسالم‪.‬‬ ‫ال يحق للمرء تولي الرئاسة أو أي من المناصب العامة إال برضا الناس‪ ،‬فإن رأوا فيه ما يفسد الحياة‬ ‫العامة‪ ،‬أو عقيدتهم‪ ،‬أو يجلب و يحب المفسدة‪ ،‬وال يظهر عليه العلم والتقوى والتميز فعليهم اختيار‬ ‫األفضل‪ ،‬وعليه السمع والطاعة‪ ،‬فالبيعة هي أوال السمع والطاعة من الحاكم لشعبه‪ ،‬ثم عليهم السمع‬ ‫والطاعة في قراراته‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى ما دامت الحدود الشرعية القوية محيطة به وال يستطيع أن يتجاوز حدود سنة نبيه‬ ‫المطاع فكيف يجوز إذًا االعتراض على سعة صالحياته؟ ومن المؤكد أن شخص الخليفة بعد النبي‬ ‫نعمة ورحمة وإن كثرة الرحمة واتساعها مدعاة للبركات ال محالة وليس مدعاة لالعتراض‪ .‬هذا‪،‬‬ ‫ويقول اإلسالم أيضا‪ ،‬بما أن هناك دخال في بادئ النظر لرأي المؤمنين أيضا في انتخاب الخليفة لذا‬ ‫عليه أن يستشير المؤمنين في القضايا الهامة غير أنه ليس ملزما بالتقيد بمشورتهم في كل األحوال‬ ‫لكنه مطالب بأخذ المشورة‪ .‬وذلك لكي تستمر التربية الدينية للجماعة على الصعيد السياسي وغيره‪.‬‬ ‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتولد البشاشة واالنبساط أكثر في الجماعة بقبول مشورتهم في‬ ‫األمور اليومية‪ .‬أما في األوضاع الخاصة فليبق مبدأ( وإذا عزمت فتوكل على هللا) أيضا ساري‬ ‫المفعول‪ .‬هذه نقطة لطيفة ولكن قليال ما يتفكرون‪.‬‬

‫مسألة عزل الخليفة أي "تداول السلطة أو عزل الحاكم"‬ ‫في حقيق األمر هناك رأي يذهب إليه بعض المسلمين‪ ،‬وأنني سوف أذره كما ورد‪ ،‬وهو "ال يحق‬ ‫عزل الخليفة أي الحاكم المسلم"‪ ،‬إال أنني رأيت مما أطلعت رأي مختلف تماما‪ ،‬وهو كيف ال يحق‬ ‫عزل الخليفة وما هو إال بشر قد أنتخب من الناس ببيعة مقيدة‪ ،‬وليس هناك في اإلسالم تفويض‬ ‫ألهي لشخص بعينه‪.‬‬ ‫والذين يذهبون بعدم جواز عزل الحاكم في اإلسالم والخروج عنه‪ ،‬إنما هم يقصدون الحاكم ببيعة‬ ‫شرعية أي انتخاب شعبي قانوني صحيح‪.‬‬ ‫والدليل في ذلك‪ ،‬قول أبي بكر الصديق في ميثاق خالفته وبعد تمام البيعة‪ ،‬قوله"أطعوني ما أطعت‬ ‫هللا ورسوله‪ ،‬فإن عصيتهم ال طاعة لي عندكم"‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫و طبيعيا ومنطقيا بالمفهوم السياسي المعاصر‪ ،‬فإن الناس في حل من بيعة أو انتخاب الحاكم إن هو‬ ‫خالف دستورهم بالقوة‪ ،‬أو خرج عن عقيدتهم متعمدا‪ ،‬وأراد أن يحمل الناس على مخالفتها‪.‬‬ ‫ونرى أهمية مناقشة هذين الرأيين‪ ،‬فهما اجتهاديين في أمور الدنيا وخاضعين لفكر اإلنسان‪ ،‬وعلى‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬الرأي األول‪ ،‬جواز العزل وتداول الخالفة حسب الدستور وبموجب البيعة‪ :‬حيث في‬ ‫تقديري شرعية الخليفة وهو الحاكم المنتخب على المستوى االتحادي‪ ،‬أو الوالي وهو الحاكم‬ ‫المنتخب أو المعين بتوافق أهل العقد والحل والعلم‪ ،‬على المستوى والية قطرية أو محافظة‬ ‫أو بلدية أو وزارة تخصصية‪ .‬شرعية هؤالء جاءت من تطبيق "البيعة" وهي وسيلة تداول‬ ‫السلطة و على أساس "دستور" وهو عقد مبايع عليه‪ ،‬ولذلك وجب التنحي عن السلطة حسب‬ ‫البيعة والدستور‪ .‬وليس هناك حاكم بالورثة أو بتفويض ألهي مباشر أو بحق العرش وملك‬ ‫وراثي وهذا نظام إفرنجي يعني أن الملوك واألباطرة لهم الحق في تقرير مصير الشعوب‬ ‫بحكم أنهم أول من أسس لهم إمبراطورية ودولة كبرى بعامل القوة‪ .‬فمسألة تداول السلطة‬ ‫هو األساس في معنى الخالفة لغويا ودينيا‪ ،‬ووفق التعريف االصطالحي الديني فالخالفة‬ ‫هي التداول السلمي حسب اإلسالم‪ ،‬الذي ينبذ العنف ويعده ظلم والتأمر يعده نفاق‪ ،‬والكذب‬ ‫ويعده شر‪ ،‬والطمع ويعده مذلة‪ ..‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫وخالصة القول مما تعلمنا من خالل ما عرض في هذا المبحث‪ ،‬بأنه ال خالفة لمن ال يملك بيعة‬ ‫خاصة وعامة‪.‬‬ ‫والخالفة هو أسلوب حكم ومسألة تنافسية بين الصالحين من الناس‪ ،‬فمن يملك النصيب األكبر هو‬ ‫من يحق له الوالية‪ ،‬ولكن ما حدث خالل الخالفة الثانية‪ ،‬وهي بعد الخالفة الراشدة‪ ،‬أنه من يحقق‬ ‫نصيب أكبر من البيعة في قطر أو والية ما أعد خروج عن الحاكم‪ ،‬وبهذه تحولت الخالفة من‬ ‫ديمقراطية عظمى‪ ،‬إلى حكم وراثي ‪ ،‬ولم يفهم مغزى رسالة هللا في األرض‪ ،‬وهي تحقيق األمن‬ ‫والسلم للمسلمين ونشر اإلنسانية‪ ،‬فاإلسالم أنتشر في الكون بالقلم والعدل وأخالق وليس بغيرهما‪..‬‬ ‫وهذه هي الخالفة ‪ ،‬ويعزل من يخفق وال يحق الوالية لمن ال يعرف أو سيعجز‪.‬‬ ‫‪ ‬الرأي الثاني في مسألة عزل الخليفة‪ :‬يقول الباحث‪ ،‬وأنني أرى خالف ما يقول إن كان‬ ‫األمر بالمطلق‪ ،‬وهو أمر مقيد بعدم العزل إن كان الخليفة جاء ببيعة حقيقية ومتجددة وفق‬ ‫الشرعية‪ ،‬وأنني أخشى أن يظن الناس هناك مصدر لشرعية الحكم الوراثي‪ ،‬أو يظن بعدم‬ ‫الخروج عمن ال بيعة عنده‪ .‬وبشأن مثال عثمان رضي هللا عنه‪ ،‬فأقول بأن الصحابة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫رضوان هللا عليهم‪ ،‬هم حال خاص‪ ،‬فالفرق بينهم وبين الناس كالفرق بين النجوم والحجر‪،‬‬ ‫فكلنا يجب أن ننظر إليهم وهم كالنجوم لنقتدي بهم كما أمرنا‪ ،‬ولذلك كان الخروج عن هذا‬ ‫الخليفة بغي وظلم ال شك في ذلك إطالقا‪ .‬وقد جاء عن الباحث‪ ،‬وهو يمثل رأي أخر على‬ ‫مسلم أن يدرسه بعناية‪ (( ،‬إن الذين ال يدركون منـزلة الخالفة ومكانتها السامية يتخبطون أحيانا‬ ‫لسفاهتهم في مسألة عزل الخليفة‪ .‬إنهم يعتبرون الخالفة نظاما دنيويا على غرار األنظمة الديمقراطية‬ ‫األخرى ومن ثم يبحثون عن طريق لخلع الخليفة حسب الضرورة‪ .‬وهذا الخيال ين ّم عن الجهل والغباء‪،‬‬ ‫وينجم عن عدم إدراك المنـزلة الحقيقية للخالفة‪ .‬فالحقيقة ‪ -‬كما ذكرنا آنفا ‪ -‬أن الخالفة نظام روحاني‬ ‫يستند إلى قدر خاص من هللا كتتمة النبوة‪ ،‬وإن كان فيه ‪ -‬حسب مشيئة هللا ‪ -‬دخل لرأي الناس أيضا في‬ ‫بادئ النظر‪ ،‬لكنه في الحقيقة يقوم تحت مشيئة هللا الخاصة‪ .‬ثم إن الخالفة من أسمى النعم اإللهية فال‬ ‫ينشأ سؤال عن عزل الخليفة في شكل من األشكال ‪ .‬ولهذا قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص مشيرا إلى خالفة سيدنا‬ ‫علَى َخ ْل ِع ِه فَال ت َ ْخلَ ْعهُ لَ ُهم‪".‬‬ ‫صا فَ ِإ ْن أَ َرادُوكَ َ‬ ‫عثمان رضي هللا عنه‪" :‬يَا ُ‬ ‫اَّلل يُقَ ِ ّم ُ‬ ‫صكَ قَ ِمي ً‬ ‫عثْ َمانُ ِإنَّهُ لَعَ َّل َّ َ‬ ‫(سنن الترمذي‪ ،‬كتاب المناقب)‪ ..‬وهذا الحديث الموجز يتضمن فلسفة القيام المبارك للخالفة كما يميط‬ ‫اللثام عن الحركات الخبيثة لعزل الخليفة‪ .‬ثم ال يفكر هؤالء السفهاء في أنه إذا كان هللا هو الذي يختار‬ ‫الخليفة ومع ذلك يجوز النقاش حول عزله ف ِل َم ال يجوز إذا ً عزل النبي والعياذ باهلل؟ فالحق أن مسألة‬ ‫عزل الخليفة ال يمكن طرحها على بساط النقاش نهائيا ً‪ .‬وثمة سبيل وحيد فقط لعزل الخلفاء المزعوم‬ ‫على شاكلة األنبياء أال وهو أن يرفعهم هللا من الدنيا بالموت‪ .‬فإذا ثبت بصورة قطعية أن هللا هو الذي‬ ‫صرح بذلك سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بخصوص‬ ‫يجعل الخليفة‪ ،‬كما يعلن القرآن مرارا وكما ّ‬ ‫خالفة سيدنا أبي بكر رضي هللا عنه وخالفة سيدنا عثمان رضي هللا عنه‪ ،‬فال يمكن أن ينشأ سؤال عزل‬ ‫الخليفة في قلب مؤمن صادق وال لحظة واحدة ‪ ..‬إن اإلسالم دين النظام والنسق لدرجة ال يسمح ألتباعه‬ ‫بالتمرد حتى ضد الحكام الدنيويين العاديين أو من الذين يصلون إلى سدة الحكم بناء على رأي الناس أو‬ ‫بواحا"‪ ،‬في تصرفاتهم كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬فهل‬ ‫التوارث فقط‪" ،‬إال أن تروا كفرا ّ‬ ‫يمكن أن يسمح بخلع خلفاء هللا وخلفاء النبي الطاهرين؟ هيهات وهيهات بما تؤمرون !" انتهى االقتباس‬

‫وهللا أعلم‪..‬‬

‫نموذج االتحاد المركزي في االسالم "الخالفة‪ :‬شكل الدولة وأسلوب الحكم"‬ ‫من األهمية بمكان‪ ،‬وبشكل معاصر دراسة مفهوم "الخالفة" في اإلسالم‪ ،‬على أساس شكل الدولة‪،‬‬ ‫وأسلوب الحكم‪.‬‬ ‫ولقد ذكرنا أسس أسلوب الحكم الخالفي‪ ،‬وهي البيعة للحاكم والبيعة لمنهج الحكم وهو الدستور‬ ‫ومصدره الثابت القران والسنة‪ ،‬ومصدره الفني المتغير‪.‬‬ ‫وفيما يخص شكل الدولة في اإلسالم‪ ،‬فقد اتخذت عدة أشكال زمنية‪ ،‬إال أنها واحدة من ناحية االتفاق‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫على نوعها االتحادي المركزي‪ ،‬في أغلب األحيان‪ ،‬إال عند قيام الخالفة العباسية في المشرق‪،‬‬ ‫والخالفة األموية في األندلس‪ ،‬فحدث نظم اتحادية شخصية‪ ،‬كل دولة لها استقاللها الكامل‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬تصنيف أشكال الخالفة التاريخية‪:‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬يمكن أن نصنفها كما يلي‪:‬‬ ‫ الخالفة الراشدة‪ ،‬وهي فترة والية الخلفاء الراشدين األربعة‪ ،‬رضوان هللا عليهم‪ ،‬وتميزت‬‫هذه الخالفات األربعة‪ ،‬على أنها كاملة االسترشاد بالفران والسنة‪ ،‬ولم تخرج عنه في‬ ‫مقاصدها‪ ،‬ولم تخالف سنة النبي صلى‪ ،‬وتوفر فيها تمام الرشد أي العقل والحكمة والتوجيه‬ ‫بهدي النبي صلى‪ .‬وتعتبر الخالفة النموذجية‪ ،‬التي تبنى عليها‪ ،‬فكرة شكل الدولة اإلسالمية‬ ‫االتحادية‪ ،‬وأسلوب الحكم الشرعي‪ ،‬وكامل الحريات والحقوق والواجبات العام‪ ،‬و والعالقة‬ ‫بين الحاكم والشعب‪ ،‬وعالقتهم بالشعوب واألمم األخرى‪.‬‬ ‫ الخالفة السياسية والشرعية‪ :‬تعتبر الفتنة الكبرى‪ ،‬نقطة تحول في السياسة اإلسالمية‪ ،‬حيث‬‫ظهر مفهوم من أولى بتولي الخالفة أي الحكم‪ ،‬ولعبت العصبية القبلية‪ ،‬واألطماع الدنيوية‬ ‫وعوامل التاريخية دورها‪ ،‬فنتجت الخالفة األموية في الشام ‪ ،‬ثم صراعها وقضائها على‬ ‫الخالفة الزبيرية في العراق والحجاز‪ ،‬ثم ظهور الخالفة العباسية وسطرتها على المشرق‪،‬‬ ‫وتحول الخالفة األموية لحكم األندلس‪ ..‬وما يميز هذه الفترة الخالفية والتي استمرت أكثر من‬ ‫ثمانية قرون أنها‪ ،‬تبحث عن الشرعية الدينية بتحديد مرجعيتها القران والسنة في تصريف‬ ‫شئون الناس وعالقتهم بالدولة والعقيدة‪ ،‬إال أن السياسية والصراع على السلطة كان مهيمنا‬ ‫في إدارة الدولة‪ .‬وفي العموم هي مرحلة اجتهادية سياسية‪ ،‬تدرس بعناية‪ ،‬ولعلماء الفقه‬ ‫والسياسة والمسلمين‪ ،‬رأيهم في كل إيجابية يؤخذ بهت‪ ،‬وتترك كل سلبية‪ ،‬وخاصة الصراع‬ ‫على السلطة وعامل أخذ الحاكم البيعة لمن يرغب قبل وفاته‪.‬‬ ‫ الخالفة العثمانية‪ :‬ونتيجة للصراع الدولي وظهور حركة التوسع العالمي‪ ،‬كان البد من قوة‬‫معاصرة تجمع المسلمين كأمة في مواجهة العدوان الخارجي‪ ،‬وقد استمرت هذه الخالفة‬ ‫خمسة قرون من بداية القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر‪ .‬وما يميزها أنها‬ ‫أسست دولة اتحادية مركزية بالمفهوم المعاصر‪ ،‬فأسست الحكم المحلي‪ ،‬وأسس قانون عام‬ ‫إسالمي بمثابة دستور‪ ،‬والذي أخذ منه الغرب نظمهم الديمقراطية‪ ،‬حيث كانوا في صراع‬ ‫مباشر لعدة قرون‪ ،‬وتسابقوا في التسلح‪ ،‬وجرت حروب كبيرة‪ ،‬بين أوربا كتحالف مسيحي‪،‬‬ ‫ضد هذه الدولة باعتبارها تحالف ديني إسالمي‪ ..‬وقد دانت أوربا الشرقية لهذه الدولة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫العظمى‪ ،‬وكادت أوربا جميعها تسقط إال أن هذه الدولة لم يكن في نيتها التوسع االستعماري‬ ‫والسيطرة على العالم بالقوة‪ ،‬باعتباره مخالف لمقاصد الشرعية‪ ،‬وأدركت أوربا أمرين جلب‬ ‫التفوق عليها وهو التحالف على أساس االنتماء للعقيدة أو األمة بمعنى أخر‪ ،‬وتفوق السالح‬ ‫وقوته‪ ،‬ولهذه بدأ التسابق في التسلح إلي حين تفوقت أوربا مبكرا ألسباب دقيقة‪ ،‬كما أنها‬ ‫حافظت على تحالفها السياسي الخارجي على أساس العقيدة‪ ،‬في حين دول المشرق بكاملها لم‬ ‫تدرك من وعاه خصمهم‪ ،‬إلي أن تفوقت أوربا في التسلح‪ ،‬ولعبت سياساتها الخارجية‬ ‫المتحالفة إلي يومنا هذا دورا مباشرا‪ ،‬في تفكيك هذه الدولة الكبرى وتفتيت الدول العربية‪،‬‬ ‫وكسب فرنسا وبريطانيا العرب في جانبهم منذ ‪ 0112‬وتمت لهم القوة في ‪ ،0181‬وهي‬ ‫سياسة قديمة في المنطقة‪ ،‬وقد أخذت الدولة العثمانية في الضعف الشديد بعد خسارتها في‬ ‫‪ 0190‬وفرض عليها بسبب هزيمتها الحربية تقسيم قبرص‪ ،‬وفي ‪ 0511‬حدث االنقالب‬ ‫العسكري‪ ،‬وفرض على تركيا التحول من دولة إسالمية إلي دولة علمانية بقيادة أتاتورك‪.‬‬ ‫وهذا زاد من بعد العرب عن تركيا الجديدة‪ ،‬وتأملهم في االستقالل بعد أن وجودوا أنفسهم‬ ‫تحت استعمار أوربي إثر نهاية الحرب العالمية األولى والثانية‪ .‬والزال العرب بعدها‬ ‫متفرقين‪..‬‬ ‫وبهذا انتهت فكرة الخالفة من أذهان المسلمين العرب‪ ،‬إال أنهم طالبوا بقيام دولة عربية اتحادية‬ ‫إسالمية‪.‬‬ ‫وشجع الغرب قيام دولة عربية اتحادية على أساس "العروبة" وليس على أساس "اإلسالم"‪،‬‬ ‫وتصارع هذين التيارين‪ ،‬وانتهى إلي يومنا هذه بفوز تيار العروبة أو القومية أو العلمانية‪ ،‬والذي‬ ‫تغير إلي أشكال حكم استبدادية‪ ،‬مولية للدولة الكبرى الخارجية‪.‬‬ ‫وانتهت فكرة إمكانية قيام دولة اتحادية تجمع العرب بأي شكل ممكن‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬مالمح دولة االتحاد والخالفة الراشدة‪:‬‬ ‫في الخالفة مهما كان شكلها أو زمنها وظروفها المحيطة‪ ،‬مصدرها ‪:‬‬ ‫ أوال‪ ،‬أأهلية الحاكم في تولي الشأن العام‪ ،‬وقيادة الناس وفي مقدمتهم وإمامهم‪ .‬وبالمفهوم‬‫المعاصر مؤهالت القائد الحاكم التاريخية والدينية واإلنسانية والعقالنية والقيادية والعملية ‪،‬‬ ‫بما يظهر تفوقه على نخبة الناس وليس على مستوى عموم الناس‪ ،‬بل متميز عليهم في كل ما‬ ‫ورد على مستوى القطر واألمة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ ثانيا‪ ،‬ميثاق الحكم على مستوى األمة‪ ،‬وهو جوهر أسلوب الحكم وروح الدستور‪ ،‬فيشمل‬‫عهده أمام الناس في طبيعة العالقة معهم‪ ،‬ويشمل برنامجه في فترة الحكم‪ ،‬واستعداده لقبل‬ ‫كل نقض‪ ،‬فال يمنع رأي عام‪ ،‬وال يمنع من الناس من تقويم مساره أن يرونه قد أخطأ في‬ ‫شأن ما‪ ،‬ويتعهد بأن يكون صادق فأن كان غير ذلك فقد شرعية الحكم‪ ،‬وأن ال يكون كاذب‬ ‫فإ ن كان كذلك في أمر ما فقد خان األمانة‪ ..‬وهكذا أخذت خطبة أول الخلفاء الراشدين ميثاق‬ ‫تأسست عليه دولة المسلمين األولى‪.‬‬ ‫كما أن البيعة هي مسئولية عينية على كل مسلم‪ ،‬فعليه أن يكون لديه ميزان عقالني فيما هو شكل‬ ‫الحكم الراشد‪ ،‬فمن دخل في اإلسالم فقد دخل حتما في السياسية‪ ،‬وال سوف يجد أنه لمن يستطيع أن‬ ‫يكمل دينيه إال بالمشاركة السياسية‪ ..‬فكل شيء في االقتصاد والمجتمع والثقافة والجيش له جذوره في‬ ‫اإلسالم تربط روح المسلم بعقيدته‪ .‬حيث في شأن السياسة هو مجبر أن يشارك وليس مخير أن ينعزل‬ ‫و يدفن رأسه في التراب خوفا على نفسه وال يبالي بعقيدته‪.‬‬ ‫فالحكم في اإلسالم أمانة وليست مغنم يحل له كل شيء والعقيدة فوق القانون‪ ،‬والناس فيها سادة‬ ‫سواسية ‪ ،‬وليسوا مغرم يسخرهم غيرهم ويحملهم على ما ال يطيقون‪ ،‬ويضيق عليهم العيش‬ ‫ويحرمهم من حرياتهم ويهضمهم حقوقهم فيتكبدهم المذلة‪ ،‬ويدفعهم للمعانة‪ ،‬و زرع الكفر المبطن‬ ‫لمن يتولى قمع المسلمين واإلساءة‪.‬‬ ‫فأساس السلطة في اإلسالم هي التداول وهذا ما يعنيه مصطلح الخالفة الديني‪ ،‬وأساسها مبدأ فصل‬ ‫السلطات‪ ،‬وأولها استقاللية القضاء وأولويته ودرجته العليا‪ ،‬وما يعيق استقاللية القضاء ويعطله في‬ ‫الدول إال من هو فاسد في ضميره مسوه في أخالصه ومعادي للحق في ضميره ومخادع هلل في إيمانه‬ ‫ومستخف بالناس بقوة أتباعه‪.‬‬ ‫فمن يريد أن يترشح يضع نفسه في ميزان الحكماء والعظماء قبل أن يتصدر الناس‪ ،‬فيصف عقله و‬ ‫أخالصه ومقصده‬ ‫في ميزان هؤالء‪ ،‬ليحكم على قيمة وقمة وجدارة هؤالء الخلفاء العظماء فسوف يعجز ويقصر‪ .‬وإنما‬ ‫ما نريده فقط هو توضيح قاعدة وهي أن من يتقدم إلدارة شئون الناس وينافس عليها غيره فعليه أن‬ ‫يزن قيمة نفسه في ميزان هؤالء ليرى حجمه نفسه وحجم غيره ويحكم إن كانت سوف تكون عليه‬ ‫هذه اإلمارة في الحكم ندامة‪ ،‬وأن ال تكون محسوبة خيانة فيتوالها وهناك من هو أجدر منه لمصلحة‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫‪ ‬مالمح الخالفة في عهد أبي بوبكر الصديق رضي هللا عنه‪ :‬ولعله من المفيد أن يذكر خطبة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫دستور عظيم لحكام المسلمين‬ ‫أول الخالفة وهي ميثاق الحكم في األمة"‬ ‫خطبة أبى بكر ـ رضي هللا عنه ـ بعد أن ولى الخالفة ‪ :‬ثم تكلم أبو بكر ‪ ،‬فحمد هللا وأثنى‬ ‫عليه بالذي هو أهله ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أما بعد ‪ :‬أيها الناس ‪ ،‬فإني قد وليت عليكم ‪ ،‬ولست بخيركم ‪،‬‬ ‫فإن أحسنت فأعينوني ‪ ،‬وإن أسأت فقوموني ‪ ،‬الصدق أمانة ‪ ،‬والكذب خيانة ‪ ،‬والضعيف‬ ‫فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء هللا ‪ ،‬والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ‬ ‫الحق منه إن شاء هللا ‪ ،‬ال يدع قوم الجهاد في سبيل هللا إال ضربهم هللا بالذل ‪ ،‬وال تشيع‬ ‫الفاحشة في قوم قط إال عمهم هللا بالبالء ‪ ،‬أطيعوني ما أطعت هللا ورسوله ‪ ،‬فإذا عصيت هللا‬ ‫ورسوله فال طاعة لي عليكم ‪ ،‬قوموا إلى صالتكم يرحمكم هللا‪." .‬‬ ‫وفيما يلي بعض مالمح أربع الحكومات األولى في دولة الخالفة الراشدة‪:‬‬ ‫‪ ‬خالفة أبي بكر الصديق‪ :‬البيعة وانتخاب أبي بكر الصديق في الخالفة األولى‪ :‬فكان أول‬ ‫خلفاء الراشدين للمسلمين هو أبي بكر الصديق رضي هللا عنه وهو أول من آمن برسول هللا‬ ‫ملسو هيلع هللا ىلص من الرجال‪ ،‬وكان صادق في القول والفعل فأستحق أن يكون يلقب بالصديق وأن يكسب‬ ‫أن يكون مختارا رفيق الدنيا واآلخرة لنبي الرحمة والعالمين‪ ،‬وحمل لقب الصديق على مدى‬ ‫التاريخ خالد وعلى نطاق الدنيا ال تحيط صدق شبهة وال حدود‪ ،‬فبراجحة عقله واستنارة قلبه‬ ‫أول من سلم بخبر السماء في اإلسراء يوم لم تصل عقول الناس لتلقي مثل هذا الخبر من‬ ‫أحوال المعراج للسماء و زيارة أهل الجنة والنار‪ .‬ومن السفر ليال من مكة للقدس في‬ ‫ساعات والعودة‪ ،‬ولكنه علم أن المولى أسراء بعبده لريه من آياته ما يختبر بها درجات العقل‬ ‫واإليمان بين الناس‪ ،‬ولتكون أية مدى الدهر‪ ،‬ولتكون عالمة تذكر لقمة وقيمة إيمان وعقل‬ ‫من سيكون أول حاكم للمسلمين‪ .‬وكان يدعى بالعتيق؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال له‪:‬‬ ‫يا أبا بكر أنت عتيق هللا من النار‪ .‬كما قيل أنه سمي بالعتيق بسبب جمال وجهه‪ .‬كان سيدا من‬ ‫سادة قريش وغنيا من كبار الميسورين‪ ،‬وكان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية‪.‬‬ ‫وقف في العصر النبوي مواقف عظيمة حيث شهد الحروب والغزوات واحتمل الشدائد وبذل‬ ‫األموال‪ ،‬وكان رفيق النبي ملسو هيلع هللا ىلص في هجرته إلى المدينة وإليه عهد النبي ملسو هيلع هللا ىلص الصالة بالناس حين‬ ‫اشتد به المرض‪ .‬بويع بالخالفة يوم وفاة النبي ملسو هيلع هللا ىلص سنة ‪ 00‬للهجرة‪ .‬حارب المرتدين وأقام‬ ‫دعائم اإلسالم‪ .‬افتتحت في أيامه بالد الشام وقسم كبير من العراق ‪.‬توفي ليلة الثالثاء لثمان‬ ‫خلون من جمادى اآلخرة وهو ابن ثالث وستين سنة‪ ،‬وكانت مدة خالفته سنتين وثالثة أشهر‬ ‫ونصف‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ ‬خالفة عمر الفروق‪ :‬البيعة وانتخاب عمر بن الخطاب رضي هللا عنه في الخالفة الثانية‪:‬‬ ‫وهو ثاني الخلفاء الراشدين‪ ،‬وأول من لقب بأمير المؤمنين‪ .‬كان في الجاهلية من أبطال‬ ‫قريش وأشرافهم‪ ،‬وكانت له السفارة فيهم‪ ،‬وبمعنى ووزير الخارجية بالمعنى المعاصر‪ ،‬علما‬ ‫بأن قريش بين قبائل العرب الكبيرة التي كانت تتزعم الحجاز هي أول من أسس برلمان‬ ‫وحكومة منذ عهد قصي بن كالب‪ ،‬و وزع المناصب واالختصاصات حينذاك‪ ،‬وكانت‬ ‫السفارة تشمل مهمة التفاوض‪ ،‬فينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره‪ .‬أسلم قبل الهجرة بخمس‬ ‫سنوات وشهد الوقائع مع النبي ملسو هيلع هللا ىلص وأرسله النبي صلى هللا عليه وسلم في عدة سرايا‪ .‬بويع‬ ‫بالخالفة يوم وفاة أبي بكر الصديق وبعهد منه‪ ،‬بعد استشارة الناس فيه فوافقوه‪ .‬واله أبو بكر‬ ‫القضاء في عهده فكان أول قاض في اإلسالم ‪,‬ولم يأته مدة واليته القضاء متخاصمان؛ ألن‬ ‫طالوة اإليمان وأخوة اإلسالم كانت تمنع الناس من التخاصم‪ ،‬فإذا اختلفوا استفتوا ونزلوا عند‬ ‫إفتاء من يفتيهم من الصحابة ‪.‬أخضع أراضي البالد المفتوحة عنوة للخراج ولم يقسمها بين‬ ‫الغانمين‪ ،‬لكي يستكملوا فريضة الجهاد‪ ،‬وأعادها إلى أصحابها الذين كانوا عليها وجعل‬ ‫خراجها حقا للمسلمين‪ .‬وأول من أرسى مبدأ مكافحة الفساد والقضاء على مسبباته جذريا‪،‬‬ ‫حيث قال لمن واله في شئون األقاليم التابعة ماذا تفعل لو جاءك سارقا ‪ ،‬قال الوالي وهو‬ ‫بمثابة المحافظ والوزير والحاكم اإلداري‪ ،‬قال أقيم عليه الحد فتقطع يده بالقضاء‪ ،‬فقال عمر‬ ‫رضي هللا وأنا أقيم عليك الحد بالقضاء وتقطع يدك إن جاءني محتاج‪ ..‬وهذا يفيدنا بأن‬ ‫البطالة والفقر في الدول الغنية هي سببها الفساد السياسي والمالي عند من يتولون المناصب‬ ‫العليا‪ ،‬وهذه مسألة نسبية طردية‪ ،‬حيث كلما زاد الفساد انتشر الفقر وزادت البطالة وخاصة‬ ‫بين الشباب‪ ،‬وهم أول ضحية‪ ،‬ولذلك نجد في االنتخابات المعاصرة ال يعاد انتخاب من تكون‬ ‫البطالة في عهده زادت عن ‪ %9-8‬كحد أقصى‪ ،‬وفي مجتمع يعد بمئات الماليين‪ ،‬وانحت‬ ‫األحوال في بعض الدول العربية حتى فاقت البطالة ‪ %08‬في دول يقدر سكانها ببضع‬ ‫ماليين وتفوق براميل النفط يوميا عدد السكان وكل برميل بمائة ونيف‪ .‬وأول من بدأ التأريخ‬ ‫بسنة الهجرة النبوية‪ ،‬وأول من دون الدواوين في اإلسالم ‪,‬جعلها على الطريقة الفارسية‪،‬‬ ‫إلحصاء األعطيات وتوزيع المرتبات ألصحابها حسب سابقتهم في اإلسالم‪ .‬اتخذ بيت مال‬ ‫للمسلمين‪ ،‬وكانت الدراهم على أيامه على نقش الكسروية ‪ ,‬فزاد فيها (الحمد هلل) وفي بعضها‬ ‫زاد (ال إله إال هللا) وفي بعضها (دمحم رسول هللا)‪.‬ضرب في شرب الخمر ثمانين جلدة‪،‬‬ ‫وكانت أربعين‪ .‬اتخذ دارا للدقيق وجعل فيها الدقيق والتمر والتسويق والزبيب وما يحتاج‬ ‫إليه‪ ،‬يعين به المنقطع‪ ،‬وكان يخرج إذا صلى العشاء فيطوف بدرته على من في المسجد‪،‬‬ ‫فينظر إليهم ويعرف وجوههم ويسألهم هل أصابوا عشاء‪ ،‬وإال خرج فعشاهم‪ .‬كان له عيون‬ ‫يتقصى بها أحوال الجيش وأحوال عماله في األمصار‪ ،‬وكان إذا أتاه وفد من مصر من‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األمصار سألهم عن حالهم وأسعارهم وعمن يعرف من أهل البالد وعن أميرهم‪ ،‬وهل يدخل‬ ‫عليه الضعيف وهل يعود المريض‪ ،‬فإن قالوا نعم ‪,‬حمد هللا‪ ،‬وإن قالوا‪ :‬ال‪ ،‬كتب إليه‪ :‬أقبل‪.‬‬ ‫انتصب في مدة خالفته اثنا عشر ألف منبر في اإلسالم‪ .‬أنشأ سبال بين مكة والمدينة ووفر‬ ‫بذلك على السالكين حمل الماء ‪.‬اغتاله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي غالم المغيرة بن شعبة في‬ ‫صبيحة يوم األربعاء ‪ 29‬ذو الحجة وهو يؤم الناس في صالة الفجر‪ ،‬فمات ودفن إلى جانب‬ ‫أبي بكر في الروضة الشريفة التي دفن فيها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كانت مدة خالفته عشر سنين‬ ‫وستة أشهر ‪.‬قال عنه رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إن هللا جعل الحق على لسان عمر‪ ،‬توفي عن ثالث‬ ‫وستين من العمر‪.‬‬ ‫‪ ‬خالفة عثمان ذو النورين‪ :‬البيعة وانتخاب ثالث الخلفاء الراشدين‪ :‬من كبار رجال اإلسالم‬ ‫الذين اعتز بهم عند ظهوره‪ .‬ولد بمكة وأسلم بعد البعثة بقليل‪ .‬كان غنيا‪ ،‬شريفا في الجاهلية‪،‬‬ ‫ومن أعظم أعماله تجهيزه جيش العسرة في السنة التاسعة للهجرة الذي غزا فيه الرسول‬ ‫ملسو هيلع هللا ىلص تبوك‪ .‬تولى الخالفة بعد اغتيال عمر بن الخطاب فهو ثالث الخلفاء الراشدين‪ ،‬وتم اختياره‬ ‫من ستة من الصحابة للخالفة اختارهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي هللا عنه عندما‬ ‫طعن ليختاروا خليفة منهم‪ ،‬وهم‪ :‬علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن‬ ‫عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد هللا ليختاروا من بينهم خليفة‪.‬‬ ‫وانتهى األمر بعد ثالثة أيام باختيار عثمان بن عفان رضي هللا عنه ومبايعة المسلمين له‪ .‬كان‬ ‫عهد عثمان عهد فتوحات ففي عهده فتحت أرمينية وأذربيجان وإفريقية وبدأ غزو الروم برا‬ ‫وبحرا‪ ،‬وفتحت جزيرة قبرص‪ ،‬وفي سنة ‪29‬هـ أرسل حملة بحرية لغزو سواحل األندلس‪،‬‬ ‫وهو أول من فكر في فتح القسطنطينية واقتحام أوربا عن طريق إسبانيا للوصول إليها‪ ،‬وكان‬ ‫أمره بغزو سواحل إسبانيا لهذه الغاية‪ .‬يرجع إليه الفضل في إزالة الخالف في قراءة القرآن‬ ‫بجمعه صحفه التي كانت محفوظة عند حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين‪ ،‬زوج‬ ‫النبي ملسو هيلع هللا ىلص ونسخها في مصحف واحد بمعرفة زيد بن ثابت وآخرين من الصحابة الحافظين‬ ‫للقرآن‪ ،‬وأمر بإحراق ما سواه‪ .‬حدثت فتنة في عصره جعلت بعض الثائرين من المصريين‬ ‫يحاصرونه في داره بسبب خديعة مجهولة ال يعلم من خلفها‪ .‬حيث طلبوا إليه أن يتخلى عن‬ ‫الخالفة فلما أبى دخلوا عليه وقتلوه ونهبوا داره وعدلوا إلى بيت المال فأخذوا ما فيه‪ ،‬وكان‬ ‫عثمان وهو محصور قد أرسل إلى معاوية بن أبي سفيان يستنجد فأرسل حبيبا بن مسلمة‬ ‫الفهري على رأس جيش‪ ،‬وقبل أن يصل إليها بلغه مقتل عثمان فقفل راجعا إلى دمشق‬ ‫وبمقتل عثمان انعطفت مسيرة التاريخ اإلسالمي إلى عهد بدأت فيه الفتن ونشبت فيه‬ ‫الثورات‪ .‬قتل عثمان رضي هللا عنه في شهر ذي الحجة في يوم جمعة‪ ،‬بعد حصار دام‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫شهرين‪ ،‬وكان عمره ‪ 12‬عاما‪.‬‬ ‫‪ ‬خالفة علي كرم هللا وجه‪ :‬الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي هللا عنه‪ :‬وسمي بأمير‬ ‫المؤمنين‪ ،‬رابع الخلفاء الراشدين‪ ،‬وأول الفتيان إسالما‪ .‬ابن عم النبي ملسو هيلع هللا ىلص وصهره وأحد‬ ‫الشجعان األبطال‪ ،‬ومن أكابر الخطباء والفصحاء والعلماء بالقضاء واإلفتاء‪ .‬كان اللواء في‬ ‫يده في أكثر المشاهد‪ ,‬ولم يتخلف في مشهد من المشاهد إال في غزوة تبوك بأمر رسول هللا‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ .‬اختاره عمر بن الخطاب بعد طعنه بين الستة من أصحاب الشورى‬ ‫ليخلفه واحد منهم وهم‪ :‬علي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد هللا والزبير بن العوام وعبد‬ ‫الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص ‪ .‬بويع بالخالفة بعد مقتل عثمان‬ ‫بن عفان سنة ‪39‬هـ‪ ،‬فقام أكابر الصحابة يطلبون القبض على قتلة عثمان وقتلهم‪ ،‬وتوقى‬ ‫علي الفتنة‪ ،‬فتريث فغضبت عائشة أم المؤمنين‪ ،‬وقام معها جمع كبير في مقدمتهم طلحة بن‬ ‫عبيد هللا والزبير بن العوام وقاتلوا عليا ‪،‬فكانت وقعة الجمل سنة ‪39‬هـ‪ ،‬وظفر علي على‬ ‫مقاتليه بعد أن بلغ عدد القتلى في الفريقين عشرة آالف‪ ،‬ثم كانت وقعة صفين سنة‪ 37‬هـ‬ ‫وخالصة خبرها أن عليا عزل معاوية بن أبي سفيان من والية الشام يوم ولي الخالفة‪ ،‬ولم‬ ‫يأخذ برأي من أشار عليه بالتريث‪ ،‬فعصاه معاوية فاقتتال مئة وعشرة أيام‪ .‬ولما رأى معاوية‬ ‫أن النصر اقترب من علي أشار عليه عمرو بن العاص برفع المصاحف وطلب التحكيم‪،‬‬ ‫فحكم علي أبا موسي األشعري وحكم معاوية عمرا بن العاص‪ .‬وقد اجتمع الحكمان بأذرح‬ ‫من أعمال الكرك واتفقا سرا على خلع علي ومعاوية وعلى رد األمر للمسلمين‪ ،‬يختارون من‬ ‫يشاؤون‪ ،‬وأعلن أبو موسى ذلك وخالفه عمرو فأقر معاوية وعزل عليا‪ ،‬فافترق المسلمون‬ ‫ثالث فرق‪ :‬األول بايع معاوية وهم أهل الشام والثاني حافظ على بيعته لعلي‪ ،‬والثالث‬ ‫اعتزلهما ونقم على علي رضاءه بالتحكيم‪ ،‬فقد أنكر هذا الفريق أن يحكم علي الرجال في‬ ‫حقه بالخالفة‪ ،‬فهو صاحب هذا الحق‪ ،‬وليس له أن يتنازل عنه ويحكم الرجال فيه‪ ،‬فهو حق‬ ‫هلل ال يحل فيه التحكيم‪ ،‬وقد جادلهم علي وذكرهم أنهم هم الذين أرغموه على قبول التحكيم‬ ‫حين سئموا القتال‪ ،‬وكانت وقعة النهروان بينه وبينهم (سنة ‪31‬هـ) وفيها قضى على كثير‬ ‫منهم وتفرق من بقي حيا يدعون لمذهبهم الذي عرفوا به وهو ( الخوارج ) ‪،‬كما دعوا أيضا‬ ‫بالحرورية نسبة إلى ( حروراء ) التي تجمعوا فيها وأعلنوا فيها خروجهم على علي‪ ،‬وكان‬ ‫منهم جماعة من كبار الصحابة‪ ،‬ويسمون أيضا بالشراة ألنهم شروا أنفسهم وابتاعوا آخرتهم‬ ‫بدنياهم‪ .‬أقام علي بعد ذلك بالكوفة وجعلها دار الخالفة إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم‬ ‫الخارجي في مؤامرة يوم ‪ 17‬رمضان سنة ‪81‬هـ‪ ،‬واختلف في مكان قبره‪ ،‬وكان عمره يوم‬ ‫قتل ‪ 93‬سنة‪ .‬روى عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص فأكثر‪ ،‬وروى عنه بنوه الحسن والحسين ودمحم ( ابن الحنفية‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫) وروى عنه الصحابة وكثير من التابعين‪.‬‬

‫مشروع الدستور اإلسالمي‬ ‫يمثل نموذج دستور اإلسالمي المقترح من قبل علماء األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية مرجعية‬ ‫علمية رئيسية في كل عمليات صنع وتطوير دساتير الدول والشعوب العربية طالما تنوي أن تتخذ‬ ‫العقيدة اإلسالمية مصدرها الرئيس في التشريع كمبدأ يدون في الدستور‪.‬‬ ‫وقد تم إقرار هذا الدستور بموجب قرار األزهر قم ‪ 02‬لسمة ‪0591‬م‪.‬‬ ‫وفي تقديري يعد هذا المشروع (دستور اتحادي)‪ ،‬يجعل في إمكان األمة العربية اإلسالمية أن تؤسس‬ ‫عليه دستورها الفرعي الوضعي‪ ،‬الذي يوحد الدول العربية بأشكال ثنائية ومتعددة ودستورية‪ ،‬وبما‬ ‫يحقق تكامل السيادة العربية اإلسالمية ومصالحها ومصيريها‪ ..‬وليس منظمات إقليمية لها ميثاقها‬ ‫الخاص ومقاصدها وتبعيتها الدولية‪.‬‬ ‫كما يفيد في تحديد مبدأ أساسي وهو ضرورة مشاركة واختصاص علماء الشرعية في اللجنة‬ ‫التأسيسية للدستور‪ ،‬من أجل استكمال على السلطات الشرعية وهي المنتخبة والمبايع لها بالسلطات‬ ‫التشريعية والقضائية‪ .‬وقد حدد الخطوات وهي مؤتمر عام ضم األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية‬ ‫بشأن التوصيات‪ ،‬ثم تكليف لجنة الدستورية بمجمع البحوث‪ ،‬ثم الخروج بتشكيل لجنة عليا تضم‬ ‫علماء من اللجنة وشخصيات العلماء المستقلين‪ ،‬ثم تشكيل لجنة فرعية للدراسة والبحث وإعداد‬ ‫مشروع الدستور ورفعه للجنة العليا‪ ،‬ثم أحالته األمانة العامة لمجمع البحوث اإلسالمية ألمانة‬ ‫المؤتمر من أجل عرضه في المؤتمر اإلسالمي التاسع بناء على توصيات المؤتمر الثامن‪ ..‬وبذلك ال‬ ‫يصح من اإلرادة الشعبية والسياسية المسلمة أن يترك مثل هذا الجهد التاريخي السياسي أن يذهب‬ ‫سدى وال يوظف لمصلحة الدول والشعوب العربية المسئولة‪.‬‬ ‫وفي تقديري مجرد مادة ‪ 2‬ومادة ‪ 3‬كافية بما يعزز قيام نظام اتحادي للدولة العربية بشكل مرن جدا‪،‬‬ ‫وبرؤية مسئولة وبصيرة مستنيرة بحيث يضم الدستور كافة الدول العربية وشعوبها‪ ،‬بشكل متعدد أو‬ ‫ثنائي‪ ،‬مما يؤدي مع الزمن تطور الفكر السياسي والشعبي‪ ،‬وبناء التصور الكامل المواكب للظروف‬ ‫الزمنية والمكانية والكونية‪.‬‬ ‫كما أنه كلما جعلت اللجان التأسيسية بالدول العربية مثل هذا المشروع جزء من مرجعيتها فأنها بذلك‬ ‫تضيف إلي شرعيتها الرسمية أو الشعبية شرعية عمى وهي القيام بواجب األمانة الدينية والمقاصد‬ ‫الربانية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهذا الدستور هو في انتظار إرادة الشعوب العربية لتقره‪ ،‬أو تأخذ منه ما يجعل دساتير األقطار‬ ‫العربية متوافقة تحقق األمة وحدتها التكاملية وقوتها اإلستراتيجية (المصيرية) الالزمة‪.‬‬ ‫ومن هنا ندرك وجوب وجود من يمثل العلوم الدينية بكفاءة في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والسياسية والمدنية ضمن اللجنة التأسيسية للدستور وتعديالته‪.‬‬ ‫كما أن هذا النموذج يبين مدى توافقية ومواكبة هذا الدين القويم في كل القيم العلمية والتطورات‬ ‫اإلنسانية والحياتية المتعددة‪ ،‬فقد أتبع نظام المكونات والعناصر التي أشرنا في المبحث ‪ 8‬من هذا‬ ‫الكتاب‪.‬‬ ‫وتم إصدار الدستور بهذه المقدمة المفيدة في تحديد مصدر شرعيته الفقهية‪:‬‬ ‫مقدم هذا الدستور من األمانة العامة لمجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬حيث‪:‬‬ ‫‪ -0‬جاء في قرارات وتوصيات المؤتمر الثامن لمجمع البحوث اإلسالمية الذي انعقد بالقاهرة في ذي‬ ‫القعدة سنة ‪ 0359‬هـ الموافق أكتوبر سنة ‪ 0599‬م (( يوصي المؤتمر أن يقوم األزهر ومجمع‬ ‫البحوث اإلسالمية بصفة خاصة بوضع دستور إسالمي ليكون تحت طلب أية دولة تريد أن تأخذ‬ ‫بالشريعة اإلسالمية منهاجا ً لحياتها‪ ،‬ويرى أن تؤخذ في االعتبار عند وضع هذا الدستور أن يعتمد‬ ‫على المبادئ المتفق عليها بين المذاهب اإلسالمية كلما أمكن ذلك )) ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تنفيذا ً لهذه التوصية قرر مجلس مجمع البحوث اإلسالمية بجلسته المنعقدة في ‪ 00‬من المحرم سنة‬ ‫‪0599‬م إسناد وضع هذا المشروع إلى لجنة األبحاث الدستورية اإلسالمية بالمجمع‪ ،‬على أن يدعى‬ ‫لهذه اللجنة الشخصيات التي يمكن أن تسهم في وضع هذا المشروع ‪.‬‬ ‫‪ -3‬بناءا ً على ذلك قام فضيلة اإلمام األكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ األزهر ورئيس مجمع‬ ‫البحوث اإلسالمية بتأليف لجنة عليا بجانب السادة أعضاء لجنة األبحاث الدستورية بالمجمع من‬ ‫نخبة من كبار الشخصيات المشتغلين بالفقه اإلسالمي والقانون الدستوري لتتولى هذه المهمة ‪.‬‬ ‫‪ -8‬قررت اللجنة العليا المشار إليها عند اجتماعها برئاسة فضيلة اإلمام األكبر شيخ األزهر تأليف‬ ‫لجنة فرعية منبثقة عن اللجنة العليا تقوم بوضع الدراسات والبحوث وإعداد مشروع هذا الدستور‬ ‫على أن يعرض بعد انجازه على اللجنة العليا ‪.‬‬ ‫‪ -9‬تابعت اللجنة الفرعية اجتماعاتها أسبوعيا بصفة دورية حتى انتهت من إعداد المشروع ووضعه‬ ‫في صيغته النهائية ثم رفعته إلى اللجنة العليا ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفيما يلي نص مكونات وعناصر الدستور اإلسالمي‪:‬‬ ‫يتضمن هذا المشروع تسعة أبواب (مكونات) وهي تحتوي على ثالث وتسعين مادة مفصلة‬ ‫)عنصر)‪ ،‬وهي تمثل في تقديرنا قواعد كلية ثابتة يمكن توظيفها بشكل واسع‪ ،‬وخاصة إذا ما أتبعت‬ ‫الدساتير نفس التركيبة المشار إليها في هذا الكتاب والمتبعة بهذا الدستور اإلسالمي ‪ ،‬مما يسهل على‬ ‫المواطن أن يستوعب ويستجيب إيجابيا ويتفاعل بجدارة ‪ ،‬وتضمن هذا الدستور‪ ،‬المكونات أو‬ ‫األبواب التالية‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬مكون األمة اإلسالمية‪ ،‬ويبين أربعة عناصر أو قواعد أسياسية لمواد الدستور‪.‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬مكون نظام المجتمع ‪ ،‬ويتضمن ‪ 13‬عنصر‪.‬‬ ‫الباب الثالث ‪ :‬مكون نظام االقتصاد‪ ،‬ويتضمن ‪ 11‬عناصر‪.‬‬ ‫الباب الرابع ‪ :‬مكون الحقوق والحريات الفردية والعامة‪ 16 ،‬عنصر أو مادة‪.‬‬ ‫الباب الخامس ‪ :‬مكون رئاسة الدولة أو ما يطلق عليها "اإلمامة"‪ 17 ،‬مادة أو عنصر‪.‬‬ ‫الباب السادس‪ :‬مكون السلطة القضائية‪ 23 ،‬مادة‬ ‫الباب السابع ‪ :‬مكون الشورى والرقابة وسن القوانين مادتان‬ ‫الباب الثامن‪ :‬مكون الحكومة أو السلطة التنفيذية‪ ،‬مادتان‬ ‫الباب التاسع‪ :‬مكون أحكام عاملة انتقالية ‪7‬مواد‪.‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫الباب األول‪ :‬مكون األمة اإلسالمية‬ ‫األمة اإلسالمية‬ ‫مادة ‪ :0 /‬المسلمون (والعرب) أمة واحدة‪ ،‬والشريعة اإلسالمية مصدر كل تقنين ‪( .‬والتقنين هي‬ ‫عملية صنع القوانين وهذا تفيد بأنها روح القانون وليس بالضرورة لفظه ومجاله )‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 2 /‬يجوز أن تتعدد الدول في األمة اإلسالمية (والعربية) وأن تتنوع أشكال الحكم فيها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 3 /‬يجوز للدولة أن تتحد مع دولة إسالمية (أو عربية) فأكثر في الشكل الذي يتفق عليه ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 8 /‬يقوم الشعب بمراقبة اإلمام وأعوانه وسائر الحكام ومحاسبتهم وفق أحكام الشريعة‬ ‫اإلسالمية ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الباب الثاني‬ ‫مكون نظام المجتمع "اإلسالمي"‬ ‫مادة ‪ : 9 /‬التعاون والتكامل أساس المجتمع ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 9 /‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض ويأثم من يقصر فيه مع القدرة عليه ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 9 /‬األسرة أساس المجتمع ‪ ،‬قوامها الدين واألخالق وتكفل الدولة دعم األسرة وحماية األمومة‬ ‫ورعاية الطفولة وتهيئة الوسائل المحققة لذلك‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 1 /‬حماية األسرة واجب الدولة بالتشجيع على الزواج وتيسير أسبابه المادية باإلسكان‬ ‫والمعونات الممكنة وتكريم الحياة الزوجية وتهيئة الوسائل لحسن تبعة المرأة لزوجها وخدمة أوالدها‬ ‫واعتبار العناية باألسرة أول واجباتها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 5 /‬العناية بسالمة األمة وصحة األفراد واجب الدولة‪ ،‬وعليها توفير الخدمات الطبية المجانية‬ ‫للمواطنين من وقائية وعالجية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 01 /‬طلب العلم فريضة والتعليم واجب الدولة وفقا ً للقانون ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 00 /‬التربية الدينية منهج أساسي في جميع مراحل التعليم ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 02 /‬تلتزم الدولة بتعليم المسلمين األمور المجمع عليها ‪ :‬من الفرائض‪ ،‬وتدريس السيرة‬ ‫النبوية‪ ،‬وسيرة الخلفاء الراشدين‪ ،‬دراسة وافية على مدار سنوات التعليم ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 03 /‬تلتزم الدولة بتحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم للمسلمين في سنوات التعليم حسب أنواع‬ ‫الدراسة‪ ،‬كما تنشئ معاهد خاصة بالقرآن الكريم لتحفيظه لغير الطالب‪ ،‬وتطبع المصحف الكريم‪،‬‬ ‫وتيسر تداوله ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 08/‬التبرج محظور‪ ،‬والتصاون واجب ‪ ،‬وتصدر الدولة القوانين والقرارات لصيانة الشعور‬ ‫العام من االبتذال وفقا ً​ً ألحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 09 /‬اللغة العربية اللغة الرسمية‪ ،‬والتاريخ الهجري واجب ذكره في المكاتبات الرسمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 09 /‬الوالية العامة منوطة بمصلحة الرعية؛ وخاصة حماية الدين والعقل والنفس والمال‬ ‫والعرض ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مادة ‪ : 09 /‬ال يكفي أن تكون الغايات مشروعة‪ ،‬بل يجب في جميع الحاالت أن تكون الوسائل‬ ‫مطابقة ألحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬

‫الباب الثالث‬ ‫مكون نظام االقتصاد "اإلسالمي"‬ ‫مادة ‪ : 01 /‬يقوم االقتصاد على مبادئ الشريعة اإلسالمية بما يكفل الكرامة اإلنسانية والعدالة‬ ‫االجتماعية ويوجب السعي في الحياة بالفكر والعمل ويحمي الكسب الحالل ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 05 /‬حرية التجارة والصناعة والزراعة مكفولة في حدود الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 21 /‬تضع الدولة خططا ً للتنمية االقتصادية وفقا ً للشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 20 /‬تقاوم الدولة االحتكار وال تتدخل في األسعار إال للضرورة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 22 /‬تشجع الدولة على تعمير الصحراء وتوسيع رقعة األرض المنزرعة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 23 /‬ال يجوز التعامل بالربا أخذاً‪ ،‬أو عطا ًء‪ ،‬أو أن يستر أي تصرف معاملة ربوية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 28 /‬للدولة ملكية ما في باطن األرض من المعادن والخامات وغيرها من الثروات الطبيعية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 29 /‬كل مال ال مالك له يكون ملكا ً لبيت المال ‪ ،‬وينظم القانون طريقة تملك األفراد له ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 29 /‬تصرف الدولة الزكاة التي يقدمها إليها األفراد في مصارفها الشرعية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 29 /‬الوقف على الخيرات جائز‪ ،‬ويصدر قانون بتنظيمه من جميع النواحي ‪.‬‬

‫الباب الرابع‬ ‫الحقوق والحريات الفردية‬ ‫مادة ‪ : 21 /‬العدل والمساواة أساس الحكم‪ ،‬وحقوق الدفاع والتقاضي مكفولة‪ ،‬وال يجوز المساس بها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 25 /‬االعتقاد الديني والفكري وحرية العمل وإبداء الرأي بالقول والكناية أو غيرهما وإنشاء‬ ‫الجمعيات والنقابات واالنضمام إليها والحرية الشخصية وحرية االنتقال واالجتماع كلها حقوق‬ ‫طبيعية أساسية تكفلها الدولة في حدود الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 31 /‬للمساكن والمراسالت والخصوصيات حرمة والتجسس محظور ‪ ،‬ويحدد القانون ما َي ِّردُ‬ ‫على هذه الحرمة من قيود تمارسها الدولة في جرائم الخيانة العظمى ؛أو الخطر الداهم‪ ،‬وال تكون تلك‬ ‫الممارسة إال بإذن قضائي ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 30 /‬حق التنقل داخل البالد وخارجها مباح‪ ،‬وال يُمنع المواطنون من السفر إلى الخارج ‪،‬وال‬ ‫نفي المواطنين ‪.‬‬ ‫إلزامهم البقاء في مكان دون آخر إال بحكم قضائي؛ يبين القاضي أسبابه‪ ،‬وال يجوز ُ‬ ‫مادة ‪ : 32 /‬تسليم الالجئين السياسيين محظور‪ ،‬وينظم تسليم المجرمين العاديين باتفاقات مع الدول‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المعنية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 33 /‬تعذيب األشخاص جريمة ‪ ،‬وال تسقط الجريمة أو العقوبة طول حياة من يرتكبها‪،‬ويلتزم‬ ‫فاعلها أو الشريك فيها بالمسئولية عنها في ماله‪ ،‬فان كان بمساعدة موظف أو بموافقته أو بالسكوت‬ ‫عنها فهو شريك في الجريمة جنائيا ً ‪،‬ومسئول مدنياً‪ ،‬وتسأل معه الحكومة بالتضامن ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 38 /‬يعاقب بعقوبة التعزير الموظف الذي تقع في اختصاصه جريمة تعذيب علم بها ولم يبلغ‬ ‫السلطات المختصة عنها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 39 /‬ال يطل[ يهدر] د ٌم في اإلسالم‪ ،‬وعلى الدولة تعويض المستحقين من قتلى ال يعرف‬ ‫ف ولم يوجد لديه ما ٌل يكفل التعويض ‪.‬‬ ‫قاتلهم؛ أو عجزة ال يعرف من أعجزهم؛ أو ُ‬ ‫ع ِّر َ‬ ‫مادة ‪ : 39 /‬لكل إنسان حق تقديم الشكوى عن جريمة تقع عليه أو على غيره أو على اختالس المال‬ ‫العام أو تبديده ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 39 /‬حق العمل والكسب والتملك مكفول‪ ،‬وال يجوز المساس به إال بمقتضى أحكام الشريعة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 31 /‬للمرأة أن تعمل في حدود أحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 35 /‬تكفل الدولة حرية الملك وحقوق الملكية وحرمتها‪ ،‬وال تجوز المصادرة العامة بأية أداة‬ ‫كانت‪ ،‬أما المصادرة الخاصة فال تكون إال بحكم قضائي ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 81 /‬ال تنزع ملكية أحد إال للمصلحة العامة؛ ومقابل تعويض كامل؛ وفقا ً ألحكام القانون‬ ‫المنظم لذلك ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 80 /‬إنشاء الصحف مباح‪ ،‬والصحافة حرة‪ ،‬وذلك كله في حدود أحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 82 /‬للمواطنين حق تكوين الجمعيات والنقابات على الوجه المبين في القانون‪ ،‬ويحظر منها ما‬ ‫سريا ً ذا طابع عسكري‪ ،‬أو مخالفا ً بأي وجه من الوجوه ألحكام‬ ‫يكون نشاطه معاديا ً لنظام المجتمع؛ أو ِّ‬ ‫الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 83 /‬تمارس الحقوق وفقا ً لمقاصد الشريعة ‪.‬‬

‫الباب الخامس‬ ‫اإلمام (رئاسة الدولة)‬ ‫مادة ‪ : 88 /‬يكو ن للدولة إمام‪ ،‬وتجب الطاعة له‪ ،‬وإن خولف في الرأي ‪.‬‬ ‫أمر مقطوعٍ بمخالفته للشريعة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 89 /‬ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬وال لإلمام في ٍ‬ ‫مادة ‪ : 89 /‬يبين القانون طريقة البيعة العامة في اختيار اإلمام‪ ،‬على أن تتم البيعة العامة تحت‬ ‫إشراف القضاء‪ ،‬وتكون البيعة باألغلبية المطلوبة ألصوات المشتركين في البيعة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 89 /‬يشترط للمرشح لرئاسة الدولة ‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والذكورة ‪،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬والصالح‪ ،‬والعلم‬ ‫بأحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مادة ‪ : 81 /‬يتم تعيين اإلمام ببيعة عامة من جميع طبقات األمة طبقا ً للقانون‪ ،‬ويجوز للمرأة أن تطلب‬ ‫االشتراك في االنتخاب متى استوفت شروطه ‪،‬وتمكن من االنتخاب ‪.‬‬ ‫مادة ‪ :85 /‬ال جناح على من أبدى رأيه ضد البيعة لإلمام قبل تمامها‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬ألصحاب الحق في البيعة عزل اإلمام متى تحقق سببه‪ ،‬وبالطريقة التي يبينها القانون‬ ‫‪.‬مادة ‪ : 90 /‬يخضع اإلمام للقضاء‪ ،‬وله الحضور أمامه بوكيل عنه ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 92 /‬يتمتع رئيس الدولة بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطنون‪ ،‬ويلتزم بما يلتزمون به‪،‬‬ ‫وتسري في حقه األحكام المالية التي يحددها القانون ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 93 /‬ال تجوز الوصية لإلمام‪ ،‬أو الوقف عليه‪ ،‬أو على أقاربه حتى الدرجة الرابعة‪ ،‬إال أن‬ ‫تكون وصية ممن يرثه اإلمام ‪ ،‬كما ال يجوز لإلمام أن يشتري أو يستأجر شيئا ً من أمالك الدولة أو‬ ‫أن يبيع أو يؤجر شيئا ً من أمالكه إليها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 98 /‬الهدايا لإلمام (المسئول) غلول‪ ،‬وما يتم منها يضاف إلى بيت المال ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬اإلمام (المسئول) قدوة للرعية في العدل واإلحسان والعمل الصالح وهو يشارك غيره من‬ ‫أئمة المسلمين في كل ما يهم الجماعة اإلسالمية‪ ،‬كما يبعث بعثا ً للحج كل عام يشارك به في مؤتمرات‬ ‫المسلمين الرسمية وغير الرسمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬اإلمام (رئيس الدولة أو من يعين بالتناوب وليس بصفة مستمرة رئاسة أركان الجيوش)‬ ‫مسئول عن قيادة جيشه لجهاد العدو‪ ،‬وحفظ الثغور‪ ،‬وتراب الوطن‪ ،‬وإقامة الحدود‪ ،‬وعقد المعاهدات‬ ‫بعد إقرارها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬اإلمام مسئول عن تمكين األفراد والجماعة من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬ ‫والفرائض ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫غيره تعيين الموظفين من غير‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬يعين اإلمام موظفي الدولة‪ ،‬ويجوز أن يُخ َِّو َل‬ ‫القانون َ‬ ‫المستويات العليا ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 95 /‬العفو عن الجرائم فيما عدا الحدود ال يكون إال بقانون ‪ ،‬ولإلمام (رئيس الدولة) العفو‬ ‫عن عقوبات الجرائم في ظروف خاصة فيما عدا عقوبات الحدود والخيانة العظمى ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬لإلمام عند الضرورة اتخاذ تدابير استثنائية يبينها القانون إذا قامت قالقل أو قام ما ينذر‬ ‫بحدوث قالقل أو تهديد كيان الدولة أو حرب أهلية أو حرب مع إحدى الدول‪ ،‬على أن يعرضها على‬ ‫المجلس النيابي خالل أسبوع من اتخاذها ‪ ،‬وإذا لم يكن قد تم انتخاب المجلس فيدعي المجلس القديم‪،‬‬ ‫وتبطل هذه التدابير إن لم يتبع فيها هذا اإلجراء ‪ ،‬ويصدر قانون بتنظيم هذه التدابير االستثنائية‪،‬‬ ‫واآلثار المترتبة عليها ‪،‬والجهات المختصة باتخاذها‪ ،‬وكيفية تسوية اآلثار المترتبة عليها في حالة‬ ‫عدم إقرارها ‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الباب السادس‬ ‫السلطة القضائية (القضاء اإلسالمي)‬ ‫مادة ‪ : 90 /‬يحكم القضاء بالعدل وفقا ً ألحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 92 /‬الناس سواسية أمام القضاء وال يجوز تمييز أحد أو فئة بمحاكم خاصة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 93 /‬ال يجوز إنشاء محاكم خاصة أو حرمان صاحب قضية من قاضيه الطبيعي ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 98 /‬ال يجوز منع القضاء من سماع الدعوى ضد اإلمام أو الحاكم ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬تصدر األحكام وتنفذ باسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬وال يخضع القاضي في قضائه لغير‬ ‫الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬تنفيذ األحكام مسئولية الدولة‪ ،‬واالمتناع أو التراخي في تنفيذها جريمة يعاقب عليها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬تكفل الدولة استقالل القضاء‪ ،‬والمساس باستقالله جريمة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬تختار الدولة للقضاء أصلح المؤهلين له من الرجال‪ ،‬وتُيَسِّر أداءه لعمله ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 95 /‬يشترط في جرائم الحدود أن يحضر المتهم المحاكمة وأن يحضر معه محام يختاره هو‬ ‫أو تندبه الدولة إن لم يختر هو محاميا ً ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬مجلس القضاء علني‪ ،‬وللعامة حضوره ‪،‬وال يجوز جعله سريا ً إال لضرورة شرعية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 90 /‬توقيع عقوبات الحدود الشرعية في جرائم الزنا والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر‬ ‫والردة ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 92 /‬يحدد القانون التعزيرات التي يوقعها القاضي في غير جرائم الحدود ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 93 /‬يبين القانون أحكام القسامة‪ ،‬وال يجوز أن تجاوز المسئولية المدنية مقادير الديات ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 98 /‬يبين القانون شروط قبول التوبة وأحكامها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬ال يحكم باإلعدام في جناية إال إذا امتنع الصلح أو عفو ولي الدم ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬يجوز التصالح في القصاص على أكتر من الدية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 99 /‬يجوز أن تتساوى المرأة والرجل في الدية ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 91 /‬شروط القصاص في الجروح التماثل الكامل ‪ ،‬وكمال اليقين بذلك للقاضي ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 95 /‬الجلد هو العقوبة األساسية في التعزيرات‪ ،‬والحبس محظور إال في جرائم معدودة‪ ،‬ولمدة‬ ‫محدودة يبينها القاضي ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 11 /‬ال يجوز إذالل المحبوس أو إرهاقه أو اإلساءة إلى كرامته ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 10 /‬تنشأ محكمة دستورية عليا تختص بالفصل في مدى مطابقة القوانين واللوائح ألحكام‬ ‫الشريعة اإلسالمية وأحكام هذا الدستور‪ ،‬ويحدد القانون اختصاصاتها األخرى ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 12 /‬ينشأ ديوان للمظالم يحدد القانون تشكيله واختصاصاته ومرتبات أعضائه ‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الباب السابع‬ ‫الشورى والرقابة وسن القوانين‬ ‫مادة ‪ : 13 /‬يكون للدولة مجلس للشورى يمارس االختصاصات اآلتية ‪:‬‬ ‫( ‪ ) 0‬سن القوانين بما ال يتعارض مع أحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬اعتماد الموازنة السنوية للدولة وحسابها الختامي ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 8‬تقرير مسئولية الوزارة عن أعمالها وسحب الثقة بها عند االقتضاء ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 18 /‬يحدد القانون شروط االنتخاب‪ ،‬وطريقة إحداثه وشروط العضوية ‪ ،‬وذلك على أساس من‬ ‫الشورى على وجه يكفل مشاركة كل بالغ عاقل حسن السمعة في إبداء رأيه ‪ ،‬وكذلك كيفية معاملة‬ ‫أعضاء المجلس من الناحية المالية ‪ ،‬ويضع المجلس الئحته الداخلية ‪.‬‬

‫الباب الثامن‬ ‫السلطة التنفيذية (الحكومة أو رئاسة الوزراء)‬ ‫مادة ‪ : 19 /‬تتولى الحكومة مسئولية إدارة شئون الحكم وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة وتكون‬ ‫مسئولة أمام اإلمام (رئيس الدولة)‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 19 /‬يحد القانون شروط تعيين الوزراء واألعمال المحظورة عليهم أثناء تولي مناصبهم ‪،‬‬ ‫وطريقة محاكمتهم عما يقع منهم في عملهم ‪.‬‬

‫الباب التاسع‬ ‫أحكام عامة وانتقالية‬ ‫مادة ‪ : 19 /‬مدينة ( ‪ ) .......‬حاضرة البالد‬ ‫بكل منها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 11 /‬يبين القانون علَ َم الدولة‪ ،‬وشعارها‪ ،‬ويحدد األحكام الخاصة ٍ‬ ‫مادة ‪ : 15 /‬تسري القوانين على ما يقع من تاريخ نفاذها ‪ ،‬وال تسري بأثر رجعي إال فيما تنص‬ ‫عليه‪ ،‬ويلزم لذلك موافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي‪ ،‬وال تجوز الرجعة في المسائل الجنائية ‪.‬‬ ‫مادة ‪: 51 /‬تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خالل أسبوعين من يوم إصدارها‪ ،‬ويعمل بها بعد شهر‬ ‫من اليوم التالي لتاريخ نشرها إال إذا حدد لذلك ميعاد آخر ‪.‬‬ ‫مادة ‪: 50 /‬لكل من اإلمام والمجلس النيابي طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور‪ ،‬ويجب أن‬ ‫يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها‪ ،‬واألسباب الداعية إلى هذا التعديل ‪ ،‬فإذا كان الطلب‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫صادرا ً من المجلس النيابي وجب أن يكون ُم َوقَّعا ً عليه من ثلث أعضاء المجلس على األقل ‪.‬‬ ‫ وفي جميع األحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل‪ ،‬ويصدر قرارا ً في شأنه بأغلبية ثلثي أعضائه‪ ،‬فإذا‬‫رفض الطلب فال يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على هذا الرفض ‪.‬‬ ‫ وإذا وافق المجلس النيابي على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ هذه المرافقة المواد‬‫المطلوب تعديلها‪ ،‬فإذا وافق على التعديل ثلثا أعضاء المجلس عرض على األمة الستفتائها في شأنه ‪،‬‬ ‫فإذا وافق على التعديل اعتبر نافذا ً من تاريخ إعالن نتيجة االستفتاء ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 52 /‬كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحا ً ونافذا ً ‪،‬‬ ‫ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا ً للقواعد واإلجراءات المقررة في هذا الدستور ‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫مخالفة ألحكام الشريعة اإلسالمية وجب إلغاؤها واستبدالها بغيرها ‪.‬‬ ‫مادة ‪ : 53 /‬يعمل بهذا الدستور من تاريخ إعالن موافقة األمة عليه في االستفتاء ‪.‬‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مبحث ‪8‬‬

‫االستنتاج العام‬ ‫الحظ ان مشروع الدستور االسالمي انتهج نفس منهجية المكونات وجاء بدستور على الهيئة او‬ ‫التركيبة والصياغة المعاصرة‪ ،‬بحيث تخاطب الشعوب العربية واإلسالمية نظريتها من جميع االديان‬ ‫بلغة العلم وبأسلوب العصر‪ ،‬وال غرابة في تكيف االسالم مع كل تطور علمي وحضاري ومع كل‬ ‫مقتضيات ومتطلبات العصور‪.‬‬ ‫والشيء الثاني الذي ينبغي مالحظته هو ان المقصود بنظام الخالفة هو االتحاد المركزي‪..‬‬ ‫والدليل هو ان نقول ال نريد نظام خالفة ولكن دعوا الشعوب العربية تمارس حقها في تكوين اتحاد‬ ‫مركزي‪ ،‬وال نقول يجمع الدول اإلسالمية ‪ ،‬بل نقول ففقط جزء من الدول العربية‪.‬‬ ‫ولذلك فان الدفاع االكبر والكفاح االعظم هو هذا الدفاع والكفاح السلمي من اجل اتحاد عربي‬ ‫دستوري حضاري إنساني عالمي علمي وطني تنموي‪.‬‬ ‫استنتاج ‪ :0‬الدستور عقد تأسيس والقوانني املكملة متثل النظام الداخلي‬ ‫الدستور هو عقد تأسيس الدولة‪ ،‬والدولة منظمة كبرى أو أم المنظمات باعتبارها غير ربحية ويتوالد‬ ‫عنها جميع منظمات ونشاطات المجتمع‪.‬‬ ‫فكل مؤسسة أو شركة يساهم في ملكيتها عدة أفراد‪ ،‬البد لها من قانون تأسيس ونظام داخلي‪ ،‬يفصل‬ ‫المالك عن اإلدارة‪ ،‬بحيث تقاد الشركة بنظام علمي وأداء فعال وكفاءة في تحقيق النتائج المستهدفة‪.‬‬ ‫والقوانين المكملة توصف التنظيم الداخلي وكافة اللوائح التنفيذية المطلوبة‪.‬‬ ‫وكما أن المواطن معني بتعلم عقود تأسيس الشركات ولوائحها‪ ،‬فهو كذلك معني بتعلم الدستور‬ ‫والقوانين المكملة‪ ،‬ألن منظمته الخاصة تتفاعل داخل هذه المنظمة الكبرى‪ ،‬وفعاليتهما مشتركة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ويحدد الدستور كيفية ممارسة السلطات الخمسة‪ :‬التشريعية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬والتنفيذية‪ ،‬والشورى‪،‬‬ ‫والصحافة‪.‬‬ ‫وإرادة الشعب هي مصدر كافة السلطات‪ ،‬وتحدد مدى تداخلها ومسئولة عن تفاعلها وفعاليتها‪.‬‬ ‫والسيادة هي مصدر شرعية ممارسة السياسة‪.‬‬ ‫وال يتنازل الشعب عن سيادته لحاكم أو إيديولوجية أو أي نظام سياسي‪ ،‬وإنما يتنازل عن سيادته‬ ‫للدستور‪ ،‬الذي تولد من خالله دولة شرعية كاملة السيادة ومقيدة السلطة‪ ،‬وتصبح الدولة شرعية ذات‬ ‫سيادة شرعية أو قانونية‪.‬‬ ‫ويصبح الدستور مصدر اإلرادة السياسية‪.‬‬ ‫وتصبح السلطات مقيدة بإرادة لشعب الحرة والواسعة والواعية‪.‬‬ ‫ويعتبر الدستور هو أساس انبعاث مؤسسات الدولة‪ ،‬وأساس تقسيمها اإلداري‪ ،‬وأساس سيادتها‪.‬‬ ‫والبد من معرفة حقيقة تاريخية‪ ،‬وظاهرة إنسانية ال مفر منها‪ ،‬وهي وجود إرادتين‪ :‬اإلرادة الشعبية‬ ‫مصدر الشرعية‪ ،‬وإرادة سياسية مصدر السياسات العامة‪.‬‬ ‫والبد من تفاعل متوازن بينهما‪ ،‬في قوة التسيير والتغيير‪ ،‬لتحفظ الدولة سيادتها القانونية وشرعيتها‬ ‫الشعبية‪.‬‬ ‫وسوف نطرح في هذا الفصل‪ ،‬نظرية التفاعل االستبدادي بين السلطة والمجتمع‪ ،‬والتفاعل‬ ‫الديمقراطي بين السلطة والمجتمع‪.‬‬ ‫لكي يتعرف كل مواطن ومهتم ومختص‪ ،‬على تفاعل وعالقات األبعاد المتضادة‪ ،‬حيث الدستور‬ ‫مضاد باإليديولوجية‪ ،‬والتعديدية مضادة بالحزب الواحد‪ ،‬واالنتخابات مضادة باالستبداد‪.‬‬ ‫ومن جانب أخر‪ ،‬فإن الدستور هو عقد شامل‪ ،‬يصف مقومات نظام الدولة‪ ،‬ومقومات نظام المجتمع‪،‬‬ ‫ومقومات النظام االقتصادي‪ ،‬ومقومات أسلوب الحكم أي كيفية وضوابط ممارسة السلطات الخمسة‪.‬‬ ‫ويطلق عليه‪ ،‬العقد االجتماعي‪ ،‬أي يبرمه كل أفراد المجتمع‪ ،‬فيتفقوا معا على القواعد الكلية التي‬ ‫تضبط حقوقهم‪ ،‬وتحدد واجباتهم‪ ،‬وتحمي حرياتهم‪ ،‬وتحفظ كرمتهم‪ ،‬وتنمي بالدهم‪ ،‬وتحقق التبادل‬ ‫السلمي والقانوني والفعال في تبادل السلطات‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث ظاهرة الصراع على السلطة واالستيالء عليها تعتبر جريمة تاريخية ووطنية كبرى ال تغتفر‪،‬‬ ‫ألنها تهوي بالشعوب إلي هوة الهالك والعيش في الظلمات واالنحطاط الشامل‪ ،‬والضعف المخزي‬ ‫وحياة الظلم والذل والكذب والتملق والنفاق‪ ،‬فيضيع حق الشعوب في تقرير مصيرهم‪ ،‬بسبب أكابر‬ ‫المجرمين واحتاللهم السلطة بقوة السالح أو الخداع والتأمر‪.‬‬ ‫فالدستور يحمي مصير األجيال‪ ،‬وعلى الشعوب حمايته في كل حاضر‪ ،‬فهذه أعظم وأشرف‬ ‫األمانات‪ ،‬تميز الشريف عن الدنيء‪ ،‬وتظهر طهارة اإلنسان الوطني عن براثن كل خائن‪.‬‬ ‫والدستور هو ما يحدد معالم العضوية للكيان السياسي الحاكم‪ ،‬وهنه تنبثق روح السياسات العامة‪.‬‬ ‫وهذه السياسات العامة هي المظلة التي يتعايش الناس ويتفاعل الناس تحتها‪ ،‬وبقدر فعاليتها تتحقق‬ ‫مصالحهم وتصان مصائرهم وتنتج سعادتهم ويتجسد السلم االجتماعي واألمان السياسي‪.‬‬ ‫وانطالقا من كل ما ورد في الكتاب‪ :‬نستخلص القواعد السياسية التالية‪:‬‬ ‫‪ .0‬ليس هناك دولة شرعية بدون دستور حقيقي وتفصيلي‬ ‫‪ .2‬الدستور هو كيان الدولة وروح السلطات‬ ‫‪ .3‬اإلرادة الحرة والواسعة والواعية تصنع أفضل الدستور في وطنيته‪ ،‬وإنسانيته‪ ،‬وحضارته‪.‬‬ ‫‪ .8‬تصان مصائر الشعوب بقدر قدرتها على حماية دستورها‪.‬‬ ‫‪ .9‬سيادة القانون هي روح الديمقراطية‪ ،‬وتكون حقيقة عندما سيادة ناضجة وحضارية عندما‬ ‫تحقق توازن مستقر ودائم بين اإلرادة والقوة السياسية وبين القوة واإلرادة االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ .9‬التعددية الحزبية الوطنية أساس الممارسة الديمقراطية‬ ‫‪ .9‬الشعوب التي ال تعتز وتفتخر بدستورها هي شعوب غير خائبة وغير متحضرة‪.‬‬ ‫‪ .1‬عندما يلغى الدستور الشرعي‪ ،‬بالقوة أو عن طريق التحريف والخداع والتضليل المتدرج‪،‬‬ ‫فتكون الشعوب قد خرجت من سعة الحياة الكريمة‪ ،‬إلي ضيق العيش المهين‪.‬‬ ‫‪ .5‬الشعوب التي ال تدرس دستورها الشرعي في مدارسها‪ ،‬وال تعيش نفوسها وأسرها في ظله‪،‬‬ ‫هي شعوب أسيرة الجهل ومقيدة بسالسل التخلف‪ ،‬وهي في حاجة ماسة لصحوتها الدينية‬ ‫والوطنية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‪ .01‬هناك نوعان من الدساتير‪ ،‬ال غير‪ ،‬دستور شرعي‪ ،‬وهي ال تختلف عن بعضها‪ ،‬إنما تختلف‬ ‫في الترتيب وكيفية الصياغة‪ ،‬ولكنها روحها واحدة‪ .‬وهناك دساتير غير شرعية‪ ،‬وهي زائفة‪،‬‬ ‫ومتعددة‪ ،‬وكاذبة ليس لها صيغة واحدة‪ ،‬وقواعد ثابتة ‪ ،‬وحقيقة هذه القاعدة سوف نالحظها‬ ‫عندما تكون الدساتير فهي ال تخشى مثل هذا الكتاب‪ ،‬وال تخشى حرية الرأي ‪ ،‬وتتفاعل مع‬ ‫كل الدساتير والقواعد السياسية الكلية والمفاهيم العلمية من أجل تحقيق الشرعية المثلي‬ ‫والفاعلية العامة القصوى‪ .‬وكل دستور سائد وهو غير شرعي فهو باطل وليس له القدرة‬ ‫على التفاعل مع قيم الحق والقيم الحقيقية والقواعد السياسية السليمة‪.‬‬ ‫استنتاج ‪ :2‬العقل اجلماعي روح الدستور والتقدم‬ ‫الدستور هو "قانون تجسيد إرادة الشعب" وهو عقد تأسيس الدولة وتحديد أساس تنظيمها وأسلوب‬ ‫الحكم الشرعي فيها‪.‬‬ ‫وهو وليد التطور الفكري ونتاج التجارب التاريخية والتحليل السياسي السليم‪.‬‬ ‫ويعبر عما وصلت إليه الشعوب من توافق فكري ومستوى عقلي وتجانس اجتماعي و وعي‬ ‫مصيري‪.‬‬ ‫فالشعوب دائما تنال قدرها في الحياة بقدر عقلها الجماعي ‪ ،collective mind‬وتنتج نظام حياتها‬ ‫بقدر إرادتها معا في العيش بكرامة وحرية وإنسانية‪.‬‬ ‫فالدستور وثيقة تاريخية تعبر عما وصلت إلي العقل الجماعي في مرحلة ما من التاريخ‪ ،‬ليقتدي‬ ‫األجيال ويفتخر بفكر األجداد ويسترشد بحكمتهم من التاريخ وحنكتهم من تجارب سياستهم الوطنية‪.‬‬ ‫حيث تختزن العقول من تجاربها ما يعكس مدى تطورها‪ ،‬وبقلم الوعي وببحر من مداد الوطنية‬ ‫واإلنسانية والمسئولية تسطره وتصونه الشعوب للتاريخ واألجيال‪.‬‬ ‫ومفهوم "سلطة الشعب" هو مخادعة سياسية وليس علمي وإنما يؤدي إلي حياة غوغائية‪ ،‬تضيع فيها‬ ‫الحقوق وتفسد فيها أداء الواجبات وتنحط القيم االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪.‬‬ ‫فممارسة السلطات بشرعية يحتاج إلي آلية قانونية‪.‬‬ ‫وهذه اآللية تجسد وتخدم إرادة الشعب‪.‬‬ ‫فال دولة بدون دستور وال ديمقراطية بدون إرادة شعب حرة و وعي حقيقي وتعديدية حزبية مسئولة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫والدستور هو أعظم مشروع وطني وحضاري وإنساني يورثه األجداد لألحفاد والرجال لألجيال‪،‬‬ ‫لتعلوا به الهمم كالجبال تصنع األمجاد وتمارس سيادته كاملة وتحقق إرادتها بكرامة وحرية وعدالة‪.‬‬ ‫فهذا الكتاب ينضوي ببساطة كل ما يريده كل فرد حاضرا ومستقبال من أجل صنع دستوره الكامل‬ ‫ومن معرفة روح الدساتير بما يمكنه من تقييم كافة الدساتير العالمية‪ ،‬فالدستور هو محرك النهضة‬ ‫وهو أساس إدارة الدولة وهو روح الحقوق والوجبات واالختصاصات والمؤسسات ويتطور بدقة‬ ‫فائقة ومرونة بليغة مع تطور الفكر اإلنساني عبر األجيال‪ ..‬فالبد أن يكون واقعي وفعال في كل‬ ‫زمان ومكان من أجل جعل الدولة دائما في خدمة اإلنسان‪ ،‬وجعل السلطات هي مسألة إدارية وكل‬ ‫مسئول في الدولة هو موظف لدي الشعب‪ ..‬يخضع بدقة لجميع مبادئي الدستور‪ ..‬وفي نناقش صناعة‬ ‫الدستور واألحزاب واالنتخابات‪ ،‬وهما في تقديرنا ثالوث الديمقراطية القانونية‪ ،‬ونبين ألول مرة‬ ‫عالقة اإلسالم بالدستور على أساس فصل السلطات الخمسة ونظام رئاسي‪-‬برلماني نيابي مختلط‬ ‫متكامل مع وضع أسس القوانين العشرة المكملة له‪ ..‬ونتبع في ذلك منهجية جديدة وهي تحديد‬ ‫المكونات والعناصر وتفسيرها سياسيا مما يمكن الصياغة القانونية األمينة‪ ..‬وكل ذلك من أجل بيان‬ ‫أساس إدارة الدولة الحديثة‪ ..‬فالدستور وقوانينه المكملة تصنع شجرة الدولة‪ ،‬ونستهدف من خالل‬ ‫الكتاب أن نصل بكل مواطن للمساهمة في صنع شجرة طيبة أصلها تبث وفرعها في السماء‪..‬‬ ‫وكل عبارة ونص وكلمة في الدستور هي مسئولية وأمانة تاريخية ووطنية ودينية وإنسانية يتحملها‬ ‫كل فرد‪ ،‬فرسالته في الحياة هي صنع الحرية والكرامة والعدالة والنماء والسالم واألمان‪ ،‬فإذا جهل‬ ‫هذا األمر فقد ترك نعمة العقل والروح التي تميز اإلنسان عن الحيوان‪..‬‬ ‫وهذا الكتاب هو جزء من مشروع كبير يرسم معالم النظرية المتكاملة لصنع الدولة الحديثة وممارسة‬ ‫الديمقراطية القانونية والسياسة الشرعية واإلستراتيجية الذهنية العربية‪ .‬والحمد هللا رب العالمين‪.‬‬ ‫ولقد رأينا من خالل مناقشة عناصر الدستور أن الخلق الفردي إذا ما صار مطلب جماعي أصبح‬ ‫قيمة‪ ،‬وعبر ذلك عن والدة العقل الجماعي وبدء نموه‪.‬‬ ‫ولن تحظى الشعوب بدستورها الكامل ولن تطال الديمقراطية الحقيقية طالما عقلها مفتت غير‬ ‫متجانس وبعيد عن التوافق الفكر‪ .‬وهذا ما يجعل أيضا مطلب "االتحاد العربي المركزي"‪ ،‬وكأنه‬ ‫مطلب غير واقعي‪ ،‬نظرا لغياب الوعي العام بمسئولية تكوينها العقل الجماعي الواسع والراسخ‪.‬‬ ‫ولقد فشلت العملية التعليمية لعقود عديدة تارة إما بسبب االستعمار وإما بسبب االستبداد‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولذلك رأينا في النظام االتحادي مبدأ حرية األقاليم‪ ،‬أو الدول‪ ،‬أو الواليات‪ ،‬أو المقاطعات االتحادية‪،‬‬ ‫أن تكون لها سلطات وسياسات تعليمية وصحية لبناء اإلنسان بالوحدة اإلدارية‪ ،‬ولها أيضا سلطات‬ ‫وسياسات دفاعية لتأخذ بمبدأ الحذر وتكون أمنة في أماكنها‪.‬‬ ‫فالسياسية المعاصرة هي صراع بين الخير والشر‪.‬‬ ‫وتحاول قوى الشر أن تسيطر على كل شيء غير قادر على أن يحمي نفسه منها‪ ،‬وأن تبرر ذلك بأن‬ ‫تخلفه يعطيها الشرعية في تقرير مصيره بالقوة المباشرة أو الغير مباشرة حسب الضرورة‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن يعي العقل الجماعي الصلة بين "السياسة" و"السيادة" وبين "اإلرادة العامة"‬ ‫و"السلطات والعامة"‪ ،‬ويربطها بـ "الدستور ‪ -‬والعملية الحزبية واالنتخابية" باعتبارها آليات قانونية‬ ‫توفر األدوات الشرعية "الديمقراطية" الالزمة لجعل العقل الجماعي ينمو أكثر ويدير بفعالية قصوى‬ ‫هذه المقومات الحياتية األربعة ‪ :‬السياسة والسياسة واإلرادة العامة والسلطات العامة‪.‬‬ ‫استنتاج ‪ :3‬الدميقراطية آلية قانونية للحكم الشرعي‬ ‫الديمقراطية هي آلية قانونية من أجل ممارسة السلطات العامة‪.‬‬ ‫والسياسة في اإلسالم تعني إدارة الشئون العامة‪.‬‬ ‫وهذا يخفف كثيرا من شدة الجدل حول عالقة الدين بالدولة‪.‬‬ ‫حيث ال يقر اإلسالم شرعية العرش التي سادت قرون عدة في قرون عديدة‪ ،‬وال يقر سلطة دينية من‬ ‫أجل االبتعاد كليا عن استغالل التفويض اإللهي لبشر على الناس‪ ،‬وال سلطة تنفيذية لكنسية أو أي‬ ‫مؤسسة دينية‪.‬‬ ‫فاستقاللية الدين واستقاللية نظام اإلدارة والدولة أمر تخصصيان‪ ،‬من الناحية العلمية والعملية‪ ،‬ولكن‬ ‫يتدخالن ‪ interrelated‬ويلتحمان ‪ adhered‬و يتفاعالن ‪ interacting‬عضويا وطبيعيا من ناحية‬ ‫الرابط األخالقي‪ ،‬الذي يمثل جهاز العصب لتحقيق المقاصد الشرعية الخمسة‪ .‬فعالقة األخالق‬ ‫باألمور العامة كعالقة البدن بالروح‪ .‬إذا اغفل جانب اهتز التوازن في كل شيء‪.‬‬ ‫وبهذا فإن غاية إدارة شئون الناس أو األمور العامة "اإلدارة العامة"‪ ،‬هو تحقيق اإلصالح في‬ ‫األعمال‪ ،‬والعدالة في الحقوق والوجبات‪ ،‬والسعادة في عالقات األفراد والمجتمع‪ ،‬ونشر ودعم السالم‬ ‫واألمان بين شعوب العالم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فهو رسالة إنسانية عالمية وطنية حضارية‪.‬‬ ‫وهذا تم تعريف الدستور‪ :‬فهو مشروع وطني حضاري إنساني بغية تحقيق العدالة والتنمية وسالمة‬ ‫الوطن وسعادة المجتمع‪.‬‬ ‫وبالتالي محاولة حرب العقيدة هو أمر غير إنساني أو أخالقي أو حضاري‪.‬‬ ‫العقيدة هي مصدر مكارم األخالق‪ ،‬ومسئوليات األعالم أظهار هذه الحقيقة العلمية من واقع مضمون‬ ‫والرساالت‪ ،‬وإظهار ما في التاريخ من اجتهادات خاطئة أدت إلي نزعات وفتن وعدم السالم‬ ‫واالستقرار‪.‬‬ ‫فالدين والحياة هما كالبدن والروح‪ ،‬ال يمكن فصلهما عن بعض‪.‬‬ ‫وال يمكن تصور حياة بدون دين‪ ،‬فالدين هو دستور الحياة في كل زمان ومكان‪ ،‬وال فرق بين بالد‬ ‫وأخرى أو إنسان وغيره‪.‬‬ ‫وقد قال الفيلسوف البريطاني "فرنسيس بيكون"‪ ،‬في طلبه من الملحدين قبوله‪ ،‬حين قال لهم الحياة‬ ‫بدون دين تصبح ال هدف منها وتتحول إلي مهزلة‪.‬‬ ‫والدستور الوضعي هو اجتهاد علمي وأخالقي وإنساني ومصيري من أجل تنظيم الدول وعالقاتها‬ ‫ببعض‪ ،‬على أسس قانونية تضبط وتقيد السلطات الزمنية المتعاقبة‪.‬‬ ‫نستعرض في هذه الخاتمة عالقة الفكر اإلسالمي اإلنساني بمفهوم التحررية السياسية الشرعية أي‬ ‫"الديمقراطية"‪.‬‬ ‫وفي حقيقة األمر هناك جذور عميقة تغذي الفكر اإلنساني فيما يخص ممارسة الحياة السياسية‬ ‫الشرعية‪ ،‬ويعرف مفكري اإلسالم بأن السياسة هي إدارة شئون الناس وهي عملية إصالح تامة‪.‬‬ ‫ويعرف التحرريون "الليبراليون" وهم مفكري الغرب الذي ظهروا منذ بزوغ فجر النهضة على‬ ‫أوربا في بدايات القرن الثامن عشر تحديدا‪ ..‬وظهور مبدأ حق الشعب في شرعية تقرير المصير‪،‬‬ ‫بدال عن مبدأ حق العرش أي الملك والحاكم في تقرير مصير الشعوب كان دينيا سائد لقرون في‬ ‫أوربا‪.‬‬ ‫واهم آلية قدمها الفكر الليبرالي في شأن هذا المبدأ الذي يمثل اإلرادة الحرة للشعوب‪ ،‬أي أن الشعوب‬ ‫لكي تقرر مصيرها البد أن تكون حرة‪ ،‬و واعية حقا‪ ،‬وأن الحاكم ليس مفوض ألهي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وبذلك ظهر مفهوم "العقد االجتماعي"‪ ..‬وال نريد أن نخوض في جذوره اإلسالمية‪ ،‬حيث كانت أوربا‬ ‫تترجم وتحلل وتستنج وتطبق وتطور ما تنقله من نجاحات حضارية‪-‬إسالمية‪ ،‬وقد تميزت أوربا‬ ‫بعقلية تحليلية تجريبية قوية وأعطتها األهمية وأعدتها أساس التقدم والتطور في كافة مجاالت الحياة‪.‬‬ ‫وهنا ظهر مبدأ "العلم" ال عالقة له بالسلطة الدينية المسحية‪.‬‬ ‫ولكي ال نغرق في التاريخ وكل يسبح في تيار لوحده‪ ،‬وتبعدنا أمواج األحداث عن بعضنا‪ ،‬فكثيرا ما‬ ‫يلتقي الناس في القاع وظلمات المحيط بسهولة‪ ،‬ولكن النجاة والظهور على السطح يتطلب ركوبهم في‬ ‫مركب واحد متفقين مجدفين للنجاة بقوة و في اتجاه واحد وغير مختلفين‪.‬‬ ‫ولكي نبسط عالقة الفكر اإلسالمي اإلنساني بالديمقراطية ‪ ،‬نستعرض ألول مرة النظرية الثالثية لفهم‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وهي تزيد من فعالية تطبيق الديمقراطية في العالم العربي‪ ،‬وتحل إشكالية وجدلية‬ ‫والخالف حول عالقة اإلسالم بالدولة وما يتصل به من مخاوف خارجية‪ ،‬كما أنه يعطي صورة‬ ‫كاملة عن عالقة الدستور واألحزاب واالنتخابات والمجتمع والسلطة‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :4‬النظرية الثالثية لفهم الديمقراطية‬ ‫يرتكز تطوير الوعي السياسي بمفهوم الديمقراطية الصحيحة على تصور العالقة بين السلطة‬ ‫والمجتمع‪.‬‬ ‫وهناك نظرية المثلث‪-‬السياسي ‪ ،political-triangle‬وهي تتشكل من مثلثين متفاعلين‪ ،‬المثلث‬ ‫األول وهو مثلث السلطة‪ ،‬ويتكون من أضالع وهي الدستور وهو قاعدة المثلث‪ ،‬والضلع العمودي‬ ‫وهو األحزاب السياسية‪ ،‬والوتر وهو آلية الوصول للسلطة‪.‬‬ ‫وهناك مثلث المجتمع حيث قاعدته هي اإلرادة الشعبية‪ ،‬والضلع العمودي الوعي والمشاركة‬ ‫السياسية‪ ،‬والوتر هو حق مباشرة الحقوق السياسية في الوصول للسلطة‪.‬‬ ‫وفي نظرية التوازن السياسي سوف نستعرض بعض من التفاعالت السياسية‪ ،‬من أجل فهم العالقة‬ ‫بين اإليديولوجية والدستور‪ ،‬وفهم العالقة بين الديمقراطية والدكتاتورية‪ ،‬وبين الشرعية واالستبداد‪.‬‬ ‫أردنا من خالل التمهيد السابق ذكر حقيقة تاريخية‪ ،‬وهي أن للحضارة اإلسالمية ‪ ،‬وتحديدا دولة‬ ‫الخالفة الرشيدة‪ ..‬وفي حقيقة األمر فهم مفكري الغرب أن الخالفة تعني التداول على السلطة أي‬ ‫يخلف الحاكم الذي انتهت واليته من يجمع الناس عليه كأفضل خليفة لمن سبقه‪ .‬وجاء اإلسالم بنظام‬ ‫البيعة الخاصة والبيعة العامة وهذا ما أنار الطريق اليوم نحو االنتخاب وهو دائما على مرحليتين‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫مرحلة خاصة لفرز المؤهلين من المرشحين‪ ،‬والمرحلة الثانية لرضا الناس عن طريق اختيارهم‬ ‫ألفضل من يمثل سيادتهم‪.‬‬ ‫وظهرت العلمانية وهي تطالب بفصل السلطة الدينية المسحية عن السلطة الزمنية‪ ،‬وعندما نجحت‬ ‫الليبرالية وجوهرها "الديمقراطية القانونية" في رسم تصور عصري سلمي يخدم مسألة "تداول‬ ‫السلطات" على أساس فهم حقيقة فهم تفاعالت مثلث السلطة ومثلث السياسة‪.‬‬ ‫استنتاج ‪ :5‬تداعيات الصراعات الدولية على الدميقراطية الشرعية‬ ‫من أجل فهم هذه التداعيات وتقييم أثارها وسبل معالجتها‪ ،‬يلزمنا تناول جانبين هامين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ جانب التحديات الدولية التي تعيق التقدم الديمقراطي في الوطن العربي‪ ،‬وتحول دون إمكانية‬‫إنشاء اتحاد حقيقي‪.‬‬ ‫ جانب التنظيم اإلقليمي العربي‪ ،‬بحيث يتم تقيمه ومدى الحاجة إليه وحقيقة أبعاده ومعالجتها‪.‬‬‫وبدون تناول هذين الجانبين بكون صراحة وعالنية ومحاولة إعادة البناء والهيكلة الالزمة‪ ،‬للخروج‬ ‫من المآزق السياسي الخانق إلي حرية اإلرادة العربية الشعبية والسياسية‪ ،‬وإلى قوة التفكير الموحد‬ ‫للدفع بالتحرر والتقدم العربي دحر وفعالية التعاون الدولي‪.‬‬ ‫و مسألة العرب و أفــــــة اإليديولوجيات هي في غاية الخطورة‪.‬‬ ‫الشك أن حقبة الحرب الباردة ‪ 0551-0589‬خلقت تاريخا بشريا جديدا وخلفت مفاهيم وأحداث معقدة‬ ‫وصعبة لها تداعياتها العديدة‪.‬‬ ‫من أهم هذه التداعيات الصراع السياسي حول نظام الدولة‪ ،‬نظام دستوري ونظام عقائدي‪.‬‬ ‫أي الليبرالية هي مصدر تحديد معالم اآللية القانونية للديمقراطية الحديثة‪ .‬ومن خاللها رسمت‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬وفصلت السلطات‪ ،‬وترسخ تطبيق مبدأ تداول‪ ،‬وكيفية ممارسة السلطات‪ ،‬أي طيفية‬ ‫إدارة الشئون العامة‪.‬‬ ‫في حين النظام النموذج الشيوعي‪ ،‬يرتكز بناء الدولة على عقيدة إيديولوجية‪ ،‬فكل حاكم يضع أفكاره‬ ‫ونوازعه ورغباته وإمكاناته في خلق نموذج حكم ومن ثم مؤسسات الدولة وكيفية إدارة شئونها‬ ‫العامة‪ ،‬وخير مثالين كبيرين‪ ،‬هما ثورة مصر ‪ 05980592‬وكتاب الميثاق الصادر عن زعيم الدولة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫واألمة من ساعة الوصول للحكم إلي ساعة الممات‪ ،‬وهكذا ليبيا وكتاب األخضر الذي جاء بنظام‬ ‫وسلوكيات وممارسات جمعت ما في التاريخ من سلبيات ومآسي‪.‬‬ ‫و أ يضا على الصعيد االقتصادي التقى فكريا النظام الليبرالي الحديث من أساسيات اقتصادية هامة ‪،‬‬ ‫مثل الملكية لخاصة‪ ،‬الحريات الخمسة تنقل المال واألفراد والسلعة والحماية والخصوصية‪ ،‬واختلفا‬ ‫في جانب معامالت الربا وبشأن أن األخالق ال مناص وال مهرب ال إعفاء منها في أي شأن عام‪ .‬فعند‬ ‫الليبرالية األخالق مسألة وضعية‪ ،‬وفي اإلسالم مسألة عقيدة ربانية مسئول كل فرد ومجتمع في‬ ‫انتهاك أية حقوق أو قصور في واجب ات أو خلل في عدالة أو عداء وفتن تهدد السالم واألمن العام‬ ‫والعالمي‪.‬‬ ‫ولكن ماذا حدث في الجانب األول توغلت الشيوعية براءات عدة‪ ،‬بثوب القومية وبقبعة االشتراكية‬ ‫وبلسان جهل العلمانية‪ ،‬ودخل على العلم العربي قطار وأطنان من الكذب الرسمي‪ ،‬لحكام ومسئولين‪،‬‬ ‫والشعب يسمع ويري ويتألم‪ .‬فمن يتكلم يقتل‪ ،‬حتى جاء التاريخ بالربيع العربي ‪.2100‬‬ ‫وفي الجانب األخر‪ ،‬مع تحول كثير من الدولة العربية إلي النظام‪-‬االشتراكي‪ ،‬وأعتمد على دولة‪-‬القوة‬ ‫وليس دولة‪-‬القانون‪ .‬وفشلت هذه الدول الغنية بمواردها البشرية والطبيعة في تحقيق أدنى مستوى من‬ ‫التنمية‪ ،‬والعقالنية‪ ،‬والرؤى اإلستراتجية‪.‬‬ ‫وتخلفت الشعوب العربية قسرا‪ ،‬بسبب الفساد الواسع وفي عمق الدولة مما أدى إلي تدنى مستويات‬ ‫الدخل للفرد‪ ،‬وظهور الجهل العام بسبب هموم العيش‪ ،‬وبسبب التجهيل األكاديمي في المجال‬ ‫االقتصادي والسياسي واالجتماعي الذي خدم رواج وترسيخ االستبداد في المؤسسات التعليمية‬ ‫والحكومية‪.‬‬ ‫ويمكن مراجعة كثير من المناهج الجامعية في المجال السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وخاصة‬ ‫في الدول التي اعتنقت االشتراكية كعقيدة مثال‪ ،‬ليبيا ‪ ،2101-0595‬وبدأ تصحيح ذلك مع ثورة‬ ‫فبراير ‪.2100‬‬ ‫والزال كثير من المثقفين يعتقدون أن العلمانية والقومية سبب في تقدم الدول الغربية‪ ،‬واتخذوا‬ ‫العروبة والوحدوية كشعارات لمناهضة االستعمار‪ ،‬في حين أن العلمانية والقومية هي في األصل‬ ‫مواالة غير مباشرة‪ ،‬وكانت تخدم نظم االستبداد‪.‬‬ ‫فاإليديولوجيات الدخيلة على الفكر العربي اإلسالمي الحضاري سوف تزيد في فرقة العرب‪ ،‬سوف‬ ‫تحد من القدرة التوافقية والمتجانسة للعرب وتمنعهم من تبني إستراتيجية واحدة ذات قيم شاملة ومهام‬ ‫ومنهجية موحدة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫واإليديولوجيات السائدة تورث اختالفات سياسية وصراعات عسكرية بالمنطقة وتوسع حروبه‬ ‫الباردة‪ ،‬التي المتضرر فيها الوحيد هي الدول الضعيفة التي تتقاسمها الدول الكبرى‪.‬‬ ‫ولقد ذكرنا في "مبحث ‪ " 0‬كيف أن اإليديولوجية تفسد العملية الحزبية‪ ،‬وتؤسس "للديمقراطية‪-‬‬ ‫الموالية" وال تتقبل "الديمقراطية‪-‬الوطنية"‪ .‬رغم أن الديمقراطية الحقيقية هي الحالة الطبيعية‬ ‫للعرب‪ ،‬وكافة أشكال االستبداد وأسلحته وسبل القهر والقمع إال منتجات استعمارية مستورة من‬ ‫األطراف الموالية‪..‬‬ ‫والدول العربية في حاجة إلي "سياسات‪-‬عامة‪-‬عربية‪-‬موحدة" للخروج من مآزق الضعف وتخليص‬ ‫مصيرها من فكي هذه اإليديولوجية وأنيابها التاريخية‪ .‬وكخطوة أولى وحسب المفهوم العلمي‬ ‫للسياسات العامة يلزم العمل العربي لمتضامن من أجل تحديد اإلشكاليات العربية وإيجاد وسائل‬ ‫حلها المشترك‪.‬‬ ‫فمشروع "اتحاد الدول العربية" هو مشروع "وجود ‪ ،" existence‬وهو مشروع "الذهنية الذهبية‬ ‫‪ "golden mentality‬التي أدركت الوسيلة الذهبية لنهضتها‪ ،‬وهو ما يحسم أن يكن أو ال يكن‬ ‫للعرب مصير في العالم المعاصر‪.‬‬ ‫وما صنعت الدساتير إال لحماية سيادة األمة وتنظيم الدول بكفاءة وممارسة الحكم بشرعية شعبية‪،‬‬ ‫وهذا ما يجب أن يدركه صانعي الدساتير والقرارات العربية‪.‬‬ ‫فلنحفز الوعي العربي وندع الشعوب العربية تصنع مستقبلها بأيديها وتحمي مصيرها بفكرها الحر‬ ‫األصيل‪.‬‬ ‫فعندما تعيش هذه الشعوب بدون رسالة واحدة تجمعها سوف تعيش محبطة و عاجزة عن كل شيء‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :6‬تداعيات التنظيم اإلقليمي العربي‬ ‫الشك ما يمنع قيام اتحاد الدول العربية هو عدم توفر إرادة دولية للسماح للعرب بذلك‪.‬‬ ‫بل األسوأ هو محاول استعمارهم بشكل أو أخر‪.‬‬ ‫والشك قيام اتحاد عربي صحيح هو أكبر تحديد تاريخي ومصيري يواجه العرب‪ ،‬ويحتاج إلي وعي‬ ‫واسع وإرادات حقيقية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فمثال‪ ،‬يتضح جليا أن قيام دولة عربية كبرى بعد ‪ 0181‬وتدخل اإلمبراطورية البريطانية بوقف الدعم‬ ‫العسكري لجيش الوالي العثماني بمصر وإرغامه للرجوع لحدود دولة مصر‪ ،‬بعدما تحقق لها‬ ‫إضعاف الدولة العثمانية بما يكفي لسقوطها‪ ،‬وظهور مسألة اللعبة الكبرى وهي كيفية تقاسم األقاليم‬ ‫التابعة‪ ،‬ومع ثورة "تركيا الفتاة" ‪ 0511‬انتهى فعليا الحكم اإلسالمي وظهر الحكم العثماني‪ .‬وبدأ‬ ‫"تيار العروبة اإلسالمي" وهو يكافح عملية "تتريك" العرب المقصودة‪ ،‬ومسألة وحدة العرب الكبرى‬ ‫بروح اإلسالم لقيام الدولة العربية الموحدة‪.‬‬ ‫وفشلت كل التيارات في نيل االستقالل بالقوة بسبب تفوق واتحاد الدول المستعمرة وإصرارها على‬ ‫التقاسم العادل ألقاليم العرب‪.‬‬ ‫وبدال من وحدة العرب في دولة موحدة بأي شكل تم وضع البديل وهو "االكتفاء بالتنظيم اإلقليمي"‪،‬‬ ‫وهو يحفظ لكل دولة عربية مستحدثة سيادتها‪ ،‬وفصلها عن األخرى‪ ،‬مع توفر وسيلة تنسيق في‬ ‫السياسة بما يلزم‪ ،‬وكذلك لترتبط وتكون جزء من منظومة المتحدة التي تصادق على مشروعات‬ ‫استقالل الدول العربية من مستعمريها‪.‬‬ ‫وهكذا كانت سوريا أول من تحصل على االستقالل في ‪ ،0589‬رغم أنها كانت في ثورة منذ ‪،0509‬‬ ‫وتم احتاللها من فرنسا في ‪ 0521‬و وضعها تحت نظام الحماية‪ ،‬إال أنه في ‪ 0589‬بعد مطالبة‬ ‫االتحاد السوفيتي باحتاللها كنصيب له‪ ..‬أو منحه ليبيا‪ ،‬وهكذا بدأت لعبة سياسية سرية‪.‬‬ ‫وظهرت الجامعة العربية بسوريا في ‪ ،0588‬كأول تنظيم إقليمي عربي‪ ،‬وهي كما ذكرت جاءت‬ ‫بإستراتيجية سياسية دولية ال يمكن أن تحقق أمال العرب في قيام اتحاد للدول العربية‪ .‬فمثال‪ ،‬يقول‬ ‫هنري لورنس أن "فلسطين" التي تتعرض لالستعمار الصهيوني الدولي‪ ،‬وهي منتفضة منذ ‪ 0539‬لم‬ ‫تدعى للميثاق‪ ،‬وفي تقديري هذه أول ضربة سياسية دولية لهذه الدولة العربية‪ ،‬ومن ثم أول قرار لها‬ ‫هو منح "لبنان" استقاللها‪ ،‬وبدأت عملية تفتيت سوريا الكبرى‪.‬‬ ‫ومع توغل الحرب الباردة ‪ 0515-0589‬بين المعسكرين االمبريالي‪-‬الرأسمالي والشيوعي‪-‬‬ ‫االشتراكي‪ ..‬بدأت تظهر االتحاد اإلقليمية الجزئية‪ ،‬من أجل أن تخدم الدولة العربية إيديولوجية‬ ‫تتبعها‪ ،‬وتحمي نفسها من الدول التي أتبعت المعسكر األخر‪ .‬فمثال‪ ،‬ظهور اتحاد دول المغرب‬ ‫العربي‪ ،‬واتحاد دول مجلس الخليج‪ .‬وهي اتحادات إقليمية بناء على إرادات سياسية‪ ،‬ال عالقة‬ ‫للشعوب بحقيقتها‪ ،‬وتم القضاء على أمل توحد الدول العربية مع حرب الخليج ‪ 0551‬وقد زعزع الثقة‬ ‫بين العرب‪ ،‬ومن ثم إنشاء "االتحاد األفريقي"‪ ،‬وتأسس وفق رؤية إيديولوجية وبدعم سياسي ومالي‬ ‫من النظام االشتراكي‪-‬العلماني الليبي ‪ .0555‬بحجة ال أمل وال فائدة من العرب حسب قول زعيم‬ ‫االتحاد ومؤسسه‪ .‬وفي حقيقته فهو مشروع خطير يهدف لطرد العرب من شمال أفريقيا و نشؤ حرب‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫إبادة ضد العرب والمسلمين وهذه ما نشاهده في دول أفريقيا اإلسالمية المجاورة لحدود دول شمال‬ ‫أفريقيا‪ ،‬وتضررت الصومال وانقسمت السودان بتنازلها عن جنوبها مصدر ماءها ونفطها‪،‬‬ ‫واستفحلت أثيوبيا تهدد مصر بالحرب وقطع ماء النيل عنها‪.‬‬ ‫ورغم أننا ال نستطيع أن نستدل بكامل التاريخ السياسي الذي يؤكد أن التنظيم اإلقليمي وحده هو تفتيت‬ ‫للعرب وخطر على مصيرهم‪ .‬بل يجب تأسيس اتحاد مركزي ينظم ثالثة سياسات حيوية وهي‬ ‫الخارجية‪ ،‬والدفاعية واالقتصادية‪ .‬وأن تكون لها سيادة واحدة تمثلها في األمم المتحدة‪.‬‬ ‫فالتحادات اإلقليمية نؤسس وفق إرادة سياسية متباينة ومتفرقة وليست هناك إرادة شعبية حقيقية يمكن‬ ‫أن تشرعها أو تجمعها‪ ،‬في حين االتحاد المركزي ‪ ،‬وفق إرادة شعبية وإرادة سياسية موحدة‬ ‫ومتوافقة‪.‬‬ ‫كما أن االتحادات اإلقليمية وخاصة جامعة الدول العربية وهي في جوهرها تخدم نظام الحكم باسم‬ ‫احترام سيادة الدول وفق القانون الدولي‪.‬‬ ‫وهكذا أصبح في مقدور أي نظام عربي بغض النظر على شرعيته يمتلك السيادة أن يقرر أو يرفض‬ ‫أو ال يلتزم بأي قرار من األمم المتحدة‪ ،‬بل يمكنه أن يعيقها عندما تكون هناك قيادات تنوي العمل‬ ‫بمسئولية تاريخية غربية حقيقية‪ ،‬فكل دولة صاحبة دعم مالي كبير‪ ،‬و وصلت مكافأة نهاية الخدمة‬ ‫ألخر أمين في الجامعة العربية في ‪ 2101‬خمسة مليون دوالر‪ ،‬وهذه مكافأة وحيدة معلنة وجدها‬ ‫اإلعالم فنشرها‪ ،‬ولكن ما ال نعرفه حيث هذه التنظيم اإلقليمية تعاني من عدم الشفافية‪ ،‬فمن يراقب‬ ‫ميزانياتها هم رؤساء الدول الذين يشكون الجمعية العمومية‪.‬‬ ‫ولكن في ظل اجتماع اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية الدساتير العربية‪ ،‬باإلضافة إلي تأسيس‬ ‫برلمان أعضائه من علماء كل دولة بالتساوي‪.‬‬ ‫وهذه الدستور والسلطة التشريعية سوف تحدد أسس وآلليات المراقبة الشرعية‪ ،‬وليست المراقبة‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫حيث ال ي مكن تقييم أداء أي جهة أو منظمة بدون توفر رقابة مستقلة على ميزانياتها‪ ،‬كما أن الميزانية‬ ‫هي من أدوات التخطيط‪ ،‬وتعكس خطط عمل سنوية‪ ،‬من خاللها ممكن المتابعة البرامج في كافة‬ ‫المجاالت‪ ،‬وتقييمها‪.‬‬ ‫والذي يظهر لنا أن اتحاد الدول العربية سوف يكون أقل تكلفة‪ ،‬ويمكن مراقبته وتقييم مساهماته‬ ‫التنموية في كل المجاالت‪ ،‬حيث سيخضع له كل اتحاد إقليمي تخصصي‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫كل هذا ذهب بالعقل العربي للبحث عن البديل وعن الحل‪.‬‬ ‫هل الحل فعال في اإلسالم؟‬ ‫وهذا سؤال كبير بحجم العلوم‪ ،‬و واسع بحجم الناس‪ ،‬وعميق بصدى الحقوق والواجبات والعدالة‬ ‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫وف ي العموم‪ ،‬وما يتعلق بهذه الدراسة‪ ،‬هو ظهور عدة تيارات تبحث عن الحقيقية‪ ،‬تختلف بحكم الحال‬ ‫في الطرق وفي تقييمها للبعض ولألخر‪.‬‬ ‫وأردت من خالل هذا العمل هو تقريب الكل للحقيقة‪ ،‬وهي الحل يكمن في النجاح في إدارة لشأن‬ ‫العام‪.‬‬ ‫والدستور هو العمود الفقري في بناء مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫والقوانين الصادرة عنه هي نظام وإجراءات تحقيق النجاح ف إدارة األمور العامة‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :7‬نظرية توازن السلطة والمجتمع‬ ‫بكل واقعية‪ ،‬فهناك دائما نوعان من الدساتير‪ ،‬وهي‪ :‬الدساتير الشرعية ومصدرها الشعب‪ ،‬والدساتير‬ ‫الغير شرعية مصدرها القوة واإليديولوجية‪.‬‬ ‫ونطرح في خالصة هذا الكتاب‪ ،‬نظرية توازن السلطة والمجتمع‪ ،‬فهناك تفاعلية ديمقراطية توضح‬ ‫كيفية العالقة العضوية والتفاعل اإليجابي بين السلطة والمجتمع‪ .‬وهناك التفاعلية االستبدادية والتي‬ ‫توضح العالقة االستبدادية والتفاعلية السلبية التي توسع الفساد وتنتج السياسات العامة السيئة‪.‬‬ ‫ومن األهمية بمكان أن تضع الشعوب معيار لتقييم ما ينتشر من إيديولوجيات‪ ،‬فطبيعة اإليديولوجيات‬ ‫السياسية‪ ،‬أمرين‪ ،‬أوالهما الحد من حرية "اإلرادة الشعبية" الحقيقة‪ ،‬وثانيهما الحد من حرية "العقائد‬ ‫الدينية" والشعائر الصحيحة‪ ،‬أو منعهما بشكل أو أخر‪.‬‬ ‫و واقعيا فإن هذين األمرين متالزمين‪ ،‬فالحد من حرية أدهما تضعف الحرية األخرى‪ ،‬وبقدر هذه‬ ‫الحريات تحدد جدوى وجودة وجذوة اإلرادة الشعبية وفعاليتها‪.‬‬ ‫كما أن روح الدستور تضعف كلما خف االهتمام بهذا المعيار‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وقد يقول قائل بأن الدساتير في الغرب علمانية‪ ،‬وأثبت جدواها‪ ،‬فالجواب أنها نظرت إلي ضمان‬ ‫حريات وحقوق الشعب كاملة‪ ،‬ومنها الحريات الدينية‪ ،‬فال تهمة وال مكافحة وال عداء أو تمييز بسبب‬ ‫معتقد‪ ،‬وتبتغي من وراء هذا العمل الدستوري هو الفصل بين سلطة الكنسية باعتبارها مؤسسة لها‬ ‫دورا تاريخيا طويال ومعقدا‪ ،‬وبين السلطة الزمنية وهي أيضا لها مقاصد إستراتيجية واسعة‪.‬‬ ‫ولكن في الدول النامية أستغل البعض هذا األمر لخدمة االستعمار واالستبداد‪ ،‬واستخدم العلمانية‬ ‫لمحاربة اإلسالم‪ ،‬وهذه إيديولوجية جديدة خاطئة وخطيرة على مستقبل األمة العربية وعلى األخالقية‬ ‫واإلنسانية الكونية‪.‬‬ ‫والمقصود هو أن ال تدخل مثل هذه اإليديولوجية في وضع وتطوير الدساتير العربية‪.‬‬ ‫فمثل هذا التوجه يقود المنطقة العربية اإلستراتيجية لمخاطر االستبداد‪.‬‬ ‫وإنما االستقاللية الدينية والسياسيات التنفيذية‪ ،‬من وضع سياسات عامة وإدارة مؤسسات الدولة‪ ،‬فهي‬ ‫نواحي فنية تخصصية لها مفاهيمها وأسسها وموادها لعلمية‪ ،‬تتطور طبيعيا بما تخدم مصالح الناس‬ ‫كافة‪.‬‬ ‫والشكل التالي األبعاد الثالثة الخاصة بكل نوع من التفاعلية أو الحقيقة السياسية‪:‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬الحالة الديمقراطية‪ ،‬حيث يوضح شكل‪ 4-‬التفاعالت الواقعية الشرعية السياسية التالية‪:‬‬ ‫‪ ‬الدولة الديمقراطية هي دولة شرعية غير شمولية يتداخل المجتمع المدني‪ ،‬واإلرادة الشعبية‪،‬‬ ‫عن طريق الدستور في الوصول للسلطة السياسية‪ ،‬ومن داخل مثلث السلطة‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪ -0‬س‪ ،)2‬يوضح الدستور وهو القاعدة السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسمح‬ ‫بتفاعل المجتمع والسلطة بشكل حر‪ ،‬من أجل توازن اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية في‬ ‫صنع أفضل السياسات العامة وحماية واستقرارا وفاعلية الدستور‪ ،‬عماد الدولة‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪-0‬س‪ ،)3‬يوضح أن التعديدية الحزبية أساس التفاعل السياسي الديمقراطي‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪-2‬س‪ ،)3‬يحدد أن آلية الوصول هي عن طريق قانون االنتخابات الدستوري‪ ،‬وبفصل‬ ‫السلطات النيابية‪ ،‬والبرلمانية‪ ،‬والرئاسية‪ ،‬وحسب ما يقره الدستور المرتكزة عليه في‬ ‫الممارسة واألساسيات الشرعية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بحيث خط المعرفة العقائدية في تماس مع سطح دائرة المجتمع‪ ،‬وهي في توازي مع ضلع‬ ‫األحزاب أو الفاعلية السياسية‪.‬‬ ‫وخط الوعي السياسي االجتماعي‪ ،‬وهو في تماس مع الجانب األخر لسطح دائرة المجتمع‪ ،‬وهو‬ ‫في توازي مع ضلع االنتخابات التي تمثل مدى الشرعية السياسية‪.‬‬ ‫وعندما ترتفع ممارسة الشعب ومشاركته بحيث يصل مثلث السلطة ومثلث المجتمع‪ ،‬وتكون‬ ‫متطابقة أو متقاربة يعبر ذلك عن توازن شرعي تام‪ ،‬وعالقة متوازنة بين حجم القوة واإلرادة‬ ‫لسياسية وحجم القوة واإلرادة الشعبية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬الحالة االستبدادية‪ ،‬حيث يوضح شكل‪ -2-‬التفاعالت الواقعية السياسية الغير شرعية‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫‪ ‬االستبدادية هي دولة شمولية تفصل المجتمع عن السلطات عن طريق إيديولوجية سياسية‪،‬‬ ‫تحكم بديال عن الدستور‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪ -0‬س‪ /)2‬قاعدة شرعنة االستبداد‪ :‬حيث يوضح أن "اإليديولوجية" أحلت مكان إرادة‬ ‫الشعب‪ ،‬وأصبحت هي القاعدة السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسمح بتفاعل‬ ‫المجتمع والسلطة بشكل حر‪ ،‬من أجل توازن اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية في صنع‬ ‫أفضل السياسات العامة وحماية واستقرارا وفاعلية الدستور‪ ،‬عماد الدولة‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪-0‬س‪ / )3‬التنظيم السياسي االستبدادي‪ :‬يوضح أن الحزب الواحد هو السبيل الوحيد‬ ‫للممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬وتجريم بالخيانة العظمى كل تنوع فكري أو تعدد حزبي‪ ،‬يبل‬ ‫التعديدية الحزبية أساس التفاعل السياسي الديمقراطي‪ .‬وبهذا يشكل قادة هذا الحزب وفروعه‬ ‫القطرية واإلقليمية الطليعة والنخبة السياسية التي ترتكز عليها اإليديولوجية في بث سمومها‪،‬‬ ‫ويرتكز عليها النظام في القمع والقهر واستقرار الحكم بالقوة‪ .‬فيميز كل إيديولوجية التي‬ ‫تنقلب إلي حركة ثورية ‪ ،‬خاصتين وهما أوال‪ ،‬تؤمن بالقوة وال تؤمن بالقانون‪ ،‬وثانيا‪ ،‬تؤمن‬ ‫بالعلمانية وال تؤمن بدين‪.‬‬ ‫‪( ‬س‪-2‬س‪ / )3‬آلية للوصل لمراكز السلطات‪ :‬يحدد أن آلية الوصول للسلطة ومراكز القوى‬ ‫السياسية يتم عن طريق حزب واحد‪ ،‬وهم عادة الطليعة‪ ،‬فوق القانون بحجة دفاعهم وفهمهم‬ ‫واعتناقهم لهذه اإليديولوجية‪ ،‬التي فيها مصالحهم الذاتية‪ ،‬واستمرارية النظام السياسي‪ .‬فآلية‬ ‫الوصول هي نظام بديل عن االنتخابات‪ ،‬وليس له أسس دولية‪ ،‬أي غير متطابق مع إعالن‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وميثاق أمم المتحدة‪ ،‬ومعاهدة حقوق المرأة‪ ،‬بل تستغل المرأة واإلنسان عن‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫طريق االستخفاف السياسي س لمزيد من الطاعة‪ .‬حيث االستخفاف وسيلة يتبعها الطغاة في‬ ‫السيطرة‪ ،‬وهي ركيزة استقرار االستبداد‪.‬‬ ‫بحيث خط المعرفة العقائدية (ج‪-0‬ج‪ )3‬في تماس مع سطح دائرة المجتمع‪ ،‬وهي في توازي مع ضلع‬ ‫الحزب الواحد الطليعي والمسئول عن توحيد الفاعلية السياسية‪.‬‬ ‫وخط الوعي السياسي االجتماعي (ج‪-2‬ج‪ ، )3‬وهو في تماس مع الجانب األخر لسطح دائرة‬ ‫المجتمع‪ ،‬وهو في توازي مع ضلع آلية الوصل للسلطة المحددة بواسطة النظام والتي تخدم‬ ‫اإليديولوجية‪.‬‬ ‫في حين نالحظ أن (ج‪-0‬ج‪ )2‬يمثل قاعدة إيديولوجية‪ ،‬بحيث تفصل المجتمع عن السلطة‪ ،‬وهذا هو‬ ‫محور االستبداد ومرتكز قوة اإليديولوجيات‪ ،‬فكلما استطاعت عن تعزل وتبعد المجتمع عن السلطة‪،‬‬ ‫كما كانت أكثر سيطرة واستغالل لثروت المجتمع‪ ،‬وتوجيه بسهولة في أي اتجاه وقبول أي نتيجة أو‬ ‫تغير كلي اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي‪.‬‬ ‫ويكون المجتمع في أقصى صوره وأدنى سلوكياته وفي أتعس أوضاعه‪ .‬عدا الطليعة المستنفذة‬ ‫والمستفيدة‪.‬‬ ‫ونستنتج هذه الحقائق من خالل مشاهدة دامت ألكثر من ثالثة عقود‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :8‬تشريع األحكام االنتقالية ضرورة مستقبلية‬ ‫من أجل التطور الفكري السريع والسليم يلزمنا جميعا أن نتعلم التحدث بصراحة و واقعية في كل‬ ‫تفاصيل شئون حياتنا العامة‪.‬‬ ‫وتكون هذه العالنية والمصداقية أساس إلعادة البناء السياسي التي يجب أن تكون مستمرة ومندفعة‬ ‫لألمام‪.‬‬ ‫وعندما تمر الشعوب بمرحلة إعداد دستور فهي في الواقع في مرحلة أولية من إعادة البناء‪ .‬وعادة‬ ‫من تكون مرحلة حساسة ومعرضة للعديد من عوامل ومخاطر الفشل وااللتفاف والتراجع والتصادم‬ ‫مع ثورة‪-‬مضادة تنكر على الشعوب حقوقها وتقاوم التغيير الذي ال يبقي على مصالحها الفاسدة‪.‬‬ ‫وهناك نوعين من المراحل االنتقالية‪ ،‬وهي‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ المرحلة االنتقالية التطويرية‪ :‬حيث الدساتير تتطور بعامل الزمن ومع معدل تطور الفكر‬‫اإلنساني في كل إقليم‪ ،‬وحسب عوامل خارجية وداخلية عديدة تؤثر في عملية تطوير‬ ‫الدستور لألفضل‪ ،‬وحمايته من االنتهاكات واستغالل الثغرات‪ ،‬وهنا البد أن تكون هناك‬ ‫أحكام انتقالية واضحة‪ ،‬بحيث تحفظ سالمة تعديالت وتطويرات الدستور‪ ،‬وتحافظ على كفاءة‬ ‫الدولة خالل االنتقال من وضع إلي وضع أفضل‪.‬‬ ‫ المرحلة االنتقالية العدلية‪ :‬وهي تأتي قيام الشعب بثورة شرعية من أجل أن تنهي فترة حكم‬‫استبدادي حدث نتيجة قيام مجموعة من الضباط األشرار باالستيالء على السلطة بالقوة ‪،‬‬ ‫وعادة ما يكون في الدول النامية بدعم وتأمر خارجي‪ .‬أو حدوث استعمار مباشرة‪ ،‬عطل‬ ‫العمل بالدستور‪ ،‬وقاد الدولة وفق أجندة معينة‪ ،‬وإيديولوجية تتيح له طريقة تنظيم الدولة و‬ ‫طريقة ممارسة السلطات‪.‬‬ ‫واليوم نتيجة لهذه الحقيقة تجعل الشعوب في أمس الحاجة أن يكون هناك قانون أساسي‪ ،‬له أساس‬ ‫دستوري‪ ،‬يبين كافة خصائص المراحل االنتقالية وكيفية تحقيق العملية العدلية والعملية التطويرية‬ ‫بسالم ودقة وكفاءة سياسية‪.‬‬ ‫حيث الشعوب العربية بعد "الربيع العربي" مت بمرحلة "العدالة االنتقالية"‪ ،‬ولكنها تعرضت لطبيعة‬ ‫مرحلة لم تكن في الحسبان‪ ،‬وتعاملت معها بشكل لم يحقق نجاحات كافية‪ ،‬بل كثيرا ما تسببت في‬ ‫أخفاقات بسبب ثورة‪-‬مضادة‪ ،‬تريد أن ترجع بالشعوب للوراء وتكرهها في التغير والتقدم في االتجاه‬ ‫الديمقراطي‪.‬‬ ‫لذلك من الضرورة بمكان أن نرسم لألجيال هذه الظاهرة السياسية‪ ،‬عن طريق تحليل المرحلة‪-‬الليبية‪،‬‬ ‫والمرحلة التونسية والمرحلة اليمنية والمرحلة المصرية‪.‬‬ ‫ألننا عندما نستطيع أن نضع أحكام سياسية تضبط التحول الديمقراطي‪ ،‬وتمنع الثورات المضادة‬ ‫للشرعية‪ ،‬وتمنع االنقالبات العسكرية أو االنحرافات عن الديمقراطية باألدوات الديمقراطية من أجل‬ ‫أن تحولها إلي دكتاتورية‪-‬ديمقراطية‪ ،‬أو ديمقراطية فاسدة‪ ،‬تمتاز بعدم الشفافية‪ ،‬والفساد السياسي‬ ‫والمالي المتعمد‪ ،‬وعدم العمل بمبدأ المسئولية‪-‬التضامنية‪ ،‬وعدم العمل مبدأ المحاكمة التاريخية أو‬ ‫الوطنية‪ ،‬وعدم معرفة كافة أصول الممارسة الديمقراطية وخاصة من يخرج من مرحلة ألدنى سبب‬ ‫فشل يجب أن يحترم الديمقراطية ويحترم الشعب وأن يبتعد عن السياسية‪ ،‬من إتاحة المجال السليم‬ ‫للتفاعالت الديمقراطية المتجددة‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث أسوأ خلق ديمقراطي ويؤدي إلي فشل الديمقراطية في عقول الناس‪ ،‬هي عندما يقال أو يستقيل‪،‬‬ ‫أو يفشل رئيس حزب أو حكومة أو هيئة أن يعود بكل السبل وااللتواء ليمارس حق الترشح‪ ،‬وقيادة‬ ‫األحزاب‪ ،‬واالنخراط بطل وسيلة‪ ،‬من أجل أن يصل للسلطة مرة ثانية‪ .‬وهذا خطر على وعي‬ ‫الشعوب وخطر على التحول والتطور الديمقراطي السليم‪.‬‬ ‫وبذلك البد من وجود أحكام عديدة ودقيقة وصرحية‪.‬‬ ‫وبواقعية وصراحة في حياتنا اليومية‪ ،‬و خاصة طوال مسئولية وفترة عملية الصنع الدستورية‬ ‫وحمايتها‪.‬‬ ‫وما نزال جميعا نتحدث بواقعية ونجامل بعضنا كثيرا‪ ،‬وخاصة على حساب الدين‪ ،‬وال نكون‬ ‫واقعيين إطالقا إال حاالت و لحظات مصلحتنا المدروسة جيدا‪ ،‬وهذا يولد أنانية واسعة‪ ،‬تؤثر في‬ ‫العملية التربوية وحقيقة التنشئة السياسية‪ ،‬وتتولد بسببها قيادات فاسدة وتضرر الشعوب‪.‬‬ ‫ومن مظاهرها أن الناس تتقاتل وتعذب وتجتث خصومها السياسيين بسبب أفكارهم التي تناهض‬ ‫الفساد الذي يبتغيه المصابين واألشرار‪.‬‬ ‫وأول انطالقة في نهضة الشعوب هو حب واحترام ونشر الحقيقة كاملة ومفصلة‪ ،‬بقوة ومصداقية‬ ‫ومسئولية إنسانية و وطنية وتاريخية‪ ،‬والمسار الواسع هو أن تكون أرضية النهضة هو مصلحة‬ ‫الجميع فوق كل مصلحة ذاتية وتكون مصالح الناس جميعها تسير إلي وجهة محددة‪.‬‬ ‫وال أريد هنا االستدالل بتفاصيل األحداث السياسية في المرحلة االنتقالية الخاصة بالربيع العربي‬ ‫‪ ،2100‬فسوف يذكرها التاريخ بكل تفاصيلها وحقائقها‪ ،‬فهذه أمانة الحياة تجدها األجيال الحية‬ ‫مكتوبة عندما تطلبها‪.‬‬ ‫وفي هذا الكتاب نستخرج مكون "العدالة االنتقالية"‪ ،‬وهو مكون دستوري جديد‪ ،‬مختلف في مقاصده‬ ‫وطبيعته مكون األحكام االنتقالية التي تحتاجها مختلف تعديالت الدساتير المشروعة‪ ،‬ومن أجل أن‬ ‫يعيه ويتدارسه الناس وتقيمه وتحسنه األجيال‪.‬‬ ‫و نالحظ أن جل الدساتير القديمة والمعاصرة‪ ،‬تناولت مفهوم األحكام االنتقالية على أنها تخص‬ ‫مرحلة ما بين الدستور السابق والدستور المعدل‪.‬‬ ‫حيث تحدد ما يجب اتخاذه من إجراءات أو أسس وقواعد جديدة‪ ،‬تخص المؤسسات والمعاهدات‬ ‫وااللتزامات جميعها‪ ،‬بحيث تنتقل األمور واألوضاع لتناسب الوضع الجديد حسب أخر تعديل‬ ‫وتطوير دستوري‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهذا ما جعلها محددة زمنيا ومكانيا‪ ،‬ولكنها تشكل إثبات األساس الشرعي لما تم بسبب هذه األحكام‬ ‫الشرعية‪ ،‬بمعنى أخر‪ ،‬قد حددت للمتغيرات أساس قانوني‪.‬‬ ‫ولكن مع ثورات الشعب العربي‪ ،‬وفيما أطلق عليه " الربيع العربي ‪ ،" 2100‬ظهر مفهوم جديد‬ ‫وخصائص دقيقة تخص "المرحلة االنتقالية"‪.‬‬ ‫وقد أطلقت الدول الكبرى هذا المسمى "الربيع العربي"‪ ،‬ألنها تقارنه بالربيع األوربي في ‪،0121‬‬ ‫وقد أدركت ما يعنيه ذلك سياسيا ودستوريا‪.‬‬ ‫وما نعنيه هنا أن المرحلة االنتقالية بسبب هذا الربيع العربي‪ ،‬هو يخص مرحلة االنتقال من "حكم‬ ‫االستبداد"‪ ،‬إلي "حكم شرعي"‪.‬‬ ‫وال توجد أحكام عمومية تتناول مثل هذه المرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫والمقترح أن تتناول الدساتير العربية المتطورة‪ ،‬مثل هذه المكون المصيري والواقعي‪.‬‬ ‫ومن أجال األمانة الوطنية والمسئولية التاريخية‪ ،‬وبحكم أنني راقبت هذه المرحلة االنتقالية‪ ،‬في أكثر‬ ‫من بلد عري‪ ،‬فأنني أقول‪ ،‬وطبقا لمبدأ أن الدستور يغذيه تاريخ الشعوب‪ ،‬فأنه البد من أحكام تتناول‬ ‫الحقائق التالية‪:‬‬ ‫‪ ‬مبدأ جرم التضليل السياسي وإلغاء أو إبطال مفعول الدستور الشرعي‪ :‬نالحظ بأن الدولة‬ ‫العربية سقطت في براثن الحكم المطلق بعد انقالبات عسكرية‪ ،‬وأول ما فعلته هو إلغاء‬ ‫الدستور السابق والقوانين‪ ،‬والبدء بعمل شرعية "اإلعالن الدستوري"‪.‬‬ ‫‪ ‬مبدأ ضبط كيفية استصدار "اإلعالن الدستوري" وحقيقته‪ :‬وربما نجد من أولويات األسس‬ ‫التي نستنتجها من العرف الدستوري في طيعة لحكم االستثنائي واشتراطاته‪،‬بأن يكون هناك‬ ‫انتخاب نيابي مستمر وهو على أساس سكاني‪ ،‬كما أنه ال يجوز مخالفة روح ومقاصد وقواعد‬ ‫أخر دستوري شرعي وتعديل مشروع‪ ،‬وتعود الدولة للعمل بدستورها حال إمكانية عودة‬ ‫السلطات جميعها للعمل‪ ،‬وتجرى ما يطلبه لشعب من تعديالت‪.‬‬ ‫‪ ‬مبدأ مكافحة الفساد والحماية االجتماعية‪ :‬والبد له من قواعد كلية دستورية‪ ،‬حيث جميع‬ ‫أشراف الناس الذين عايشوا نظم استبدادية‪،‬الحظوا بأن حكم االستبداد‪ ،‬ال يمكن أن يطول‬ ‫ويتوسع بدون نشر الفساد ‪ ،‬هرميا في الدولة‪ ،‬فيصيب أجهزة الدولة وقاعدة المجتمع‪،‬‬ ‫وبالتالي عندما تأتي أي ثورة إصالح‪ ،‬أنها تواجه حتما بثورة مضادة‪ ،‬تخدم لحظة اشتعال ثم‬ ‫تعود لتشتعل وتكبر عندما يظهر أعوان الفساد السابق في السلطة لجديدة بشكل أو أخر‪ ،‬وتبدأ‬ ‫عملية الرجوع بالدولة من الثورة إلي النظام السابق‪ ،‬مصدر قوتهم وأساس حصانة غنائهم‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المالية والسياسية‪،‬وللهروب من العقاب القانوني أو التاريخي‪ .‬ومن ومالمح حدوث ذلك‬ ‫ظهور ملفات أزمات عديدة ومعقدة ومؤسفة للغاية‪ ،‬وتتعمق كلما طالت أيام فرص مثل‬ ‫هؤالء في السلطة بشكل أو أخر‪ .‬لذلك فإن الدساتير العربية في حاجة إلي أحكام انتقالية‪،‬‬ ‫أوال‪ :‬تمنع شعبيا وشرعيا كل من عمل في نظام االستبداد وكان من دعاته ودعائمه و‬ ‫مستفيدين منه ومسئوليه‪ ،‬أن يتولوا مركزيا قيادية في الوظائف العامة المدنية والعسكرية‬ ‫خالل المرحلة االنتقالية‪ ،‬إلي حين صدور دستور شرعي يحكم البالد وبث في أمر كل فساد‬ ‫وتضليل سياسي‪ ،‬حيث السماح لهم بتولي أدوار محورية هو مثل السماح للعودة للنظام‬ ‫السابق بشكل أو أخر‪ ،‬والخطر يكمن أنه كلما طالت فترة االستبداد السابق زاد عددهم‬ ‫وتأثيرهم السلبي‪ .‬ثانيا‪ ،‬في حقيقة األمر‪ ،‬بسبب االستبداد يصاب المجتمع بأمراض سلبية‬ ‫كثيرة‪ ،‬وهذا ما يرتكز عليه كل نظم االستبداد‪ ،‬هو تدمير القيم والمفاهيم السابقة وإحالل‬ ‫جديدة مضللة‪ ،‬وعندما تختفي قوة البطش التي كان يخاف منها الناس‪ ،‬تظهر مرحلة فوضى‪،‬‬ ‫ولكن ال تظهر فجأة‪ ،‬ولكنها ترتقب ما نوعية ومدى وحقيقة القوة الجديدة‪ ،‬فعندما تالحظ أي‬ ‫خلل تبرز مرحلة الصراع بين الخير والشر‪ ،‬بين الحق والباطل‪ ،‬ألن ليس هناك ما يخافه من‬ ‫فسدت ضمائرهم‪ ،‬وساءت تربيتهم بسبب ظروف حتمها النظام االستبدادي السابق‪ ،‬وخالصة‬ ‫القول‪ ،‬البد من أحكام انتقالية تفيد في تحديد أن المرحلة االنتقالية من االستبداد إلي الحكم‬ ‫لشرعي هي مرحلة عدلية وفيها كل فعل مهما صغر أو كبر يعيق اإلصالح أو إحقاق الحق‬ ‫أو ينشر فسادا أو يسيء للسلم االجتماعي واإلصالح السياسي واالنتقال التنموي هو جرم‬ ‫دستوري ال يسقط بالتقادم‪ ،‬كما يحدد الدستور صالحيات المجالس النيابية المرشحة أن‬ ‫تضبط المرحلة االنتقالية على أساس أنها دستوريا هي مرحلة قوامها العدالة االنتقالية‬ ‫والعملية اإلصالحية الواسعة‪.‬‬ ‫وكما ذكرنا مرارا‪ ،‬فإن الدساتير التي ال تنبث على أساس واقع الشعوب الصلب وأرضيتهم األخالقية‬ ‫الخصبة‪ ،‬فهي دساتير تولد ميتة بدون روح حية‪.‬‬ ‫فالدساتير تولد من أرحام حاجات الناس وال تستورد في أنابيب لتزرع في خاليا العقول ويكلف الناس‬ ‫بأعبائها وتبعاتها‪.‬‬ ‫والشعوب الميتة روحيا أو عقالنيا فقد قدر لها أن تعيش بدون أرحام ال تلد الحضارات‪ ،‬وعقول ال‬ ‫تنبث الخير‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وما يميز الشعوب العربية‪ ،‬أن الديمقراطية‪ -‬أي الحكم الشرعي‪ -‬هو الحالة الطبيعية لروح وعقول‬ ‫هذه األمة الكريمة‪ ،‬وخاصة بسبب الفضيلة الدينية السماوية‪ ،‬وما أفسدها ويضرها هو االستيراد‬ ‫الفكري األعمى أو المأجور أو المريض‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :5‬متطلبات تجانس اإلسالم والديمقراطية السياسية‬ ‫هناك ثالثة رؤى عملية للجدلية "العلمانية"‪ ،‬وإن كنت شخصيا ألعدها إيديولوجية كاملة‪ ،‬وإنما هي‬ ‫مذهبية سياسية ‪ ،‬كما يلي‪:‬‬ ‫‪ ‬العلمانية قد تعني "الكونية" ‪ ،‬فاإلسالم قد حدد أسس الكونية بقوانين إنسانية وطبيعية‪ ،‬وهو‬ ‫رسالة رحمة للعالمين كما ورد في القرآن الكريم‪ ،‬وال يجب أن يؤدي الجهل اإلسالم إلي تبني‬ ‫العلمانية األوربية وبصبغة الجاهلية من أجل معادة اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ ‬والعلمانية قد تعني "فصل الدين عن التطورات العلمية"‪ ،‬حيث لم تلتقي تعاليم الكنسية في‬ ‫القرن السادس عشر مع التقدم العربي‪ ،‬وحدث تاريخيا في أوربا ما حدث من تعذيب العلماء‪،‬‬ ‫مما أدى إلي فصلهما‪ ،‬ولكن في اإلسالم البحث العلمي وتطوراته مسألة عبادة واجبة‪ ،‬و ال‬ ‫يكتمل ويصح إيمان المسلم وعمله إال بالعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬والعلمانية قد تعني "فصل الدين عن الدولة"‪ ،‬وهو ناتج في أوربا عن الصراع بين "سلطة‬ ‫الكنيسة" و "السلطة الزمنية"‪ ،‬وامتدت وتعددت هذه الصراعات لقرون‪ ،‬حتى تغلبت‬ ‫"السلطة الزمنية" في أن تجعل أن تعزل سلطة الكنسية‪ ،‬ولكن تجعلها تبارك وال تناهض‪،‬‬ ‫ولكن في اإلسالم‪ ،‬كما ذكرت‪ ،‬وفي تقديري‪ ،‬يلزمنا تبني فكر سليم بالخصوص‪ ،‬ولقد رأيت‬ ‫أن اإلسالم أقر بوضوح فصل الدين عن السياسة‪ ،‬أي أسلوب الحكم واإلدارة الحكومية في‬ ‫إنتاج السياسات العامة وإدارة شئون الدنيا الزراعية والصناعية والصحية والتعليمية‪ .‬ولكن‬ ‫فصله عن نظام الدولة وعن نظام الحياة وعن الدستور‪ ،‬فهذا استخفاف فكري وغير دقيق‬ ‫حسب العقيدة اإلسالمية ومقاصدها وأحكامها الصريحة‪.‬‬ ‫والتحدي الكبير الذي يواجه العرب هو هناك من يطالب بدستور مطابق كليا للشرعية‪ ،‬وهناك من‬ ‫العلمانيون يطالبون بدستور ال عالقة له بالشريعة اإلسالمية‪ ،‬والصراع حول غياب تصور إسالمي‬ ‫كامل معاصر واضح لهم‪ ،‬ومحاولة التوافق حول إضافة نص "الشريعة اإلسالمية مصدر التشريع"‪.‬‬ ‫ومن خالل "مبحث ‪ ،"3‬عند وضحنا ذلك من خالل مناقشة مقومات وعناصر الدستور‪ ،‬فبدون‬ ‫تصور فكري كامل متوافق متجدد ال يمكن أن يصل الطرفين للقناعة الكافية‪.‬‬ ‫وتظل هذه الجدلية في غاية الحساسية تهدد فعالية ومصداقية وإنسانية الدساتير العربية‪ ،‬وتهدد‬ ‫مشروع دستور "اتحاد الدول العربية"‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولقد حددنا عند صياغة الدستور مبدأ "فصل الدين عن السلطة التنفيذية"‪ ،‬ولكن ال يجوز فصله عن‬ ‫السلطة التشريعية والقضائية‪ ،‬وعند رسم مقومات نظام الدولة‪.‬‬ ‫ويلزم معالجتها بحكمة عبر الفهم السليم الشامل لمقاصد وأحكام الدين وآليات وأدوات الديمقراطية‪.‬‬ ‫فقد رأينا في أوربا معقل "العلمانية" بعد تغلبها على "الكنسية" في القرن السابع عشر‪ ،‬أننا نجد كم‬ ‫دولة غربية توجد األحزاب ذات الصبغة المسحية ‪ ،‬فمثال نجد في ألمانيا ‪ ،‬حزب االتحاد المسيحي‬ ‫والديمقراطي المسيحي ‪ ، CDU‬وحزب االتحاد المسيحي االشتراكي ‪ CSU‬وهو األحزاب الكبرى‬ ‫في ألمانيا االتحادية وله نصيبها األوفر في حكومات ائتالف‪ ،‬ومتواجدة على مستوى ‪ 09‬والية‪ ،‬كما‬ ‫أنه على غرار األحزاب المسيحية الديمقراطية المحافظة على مستوى االتحاد األوربي المؤسس على‬ ‫اتفاقيات‪.‬‬ ‫وتتفاعل هذه األحزاب المسيحية مع مختلف التكوينات الحزبية‪.‬‬ ‫ألنها اتفقت جميعا على مسائل جوهرية ثالثة توحدها وال نقاش حولها ويعاقب من يخالفها‪ ،‬وهي‬ ‫خدمة الديمقراطية باحترام سيادة القانون‪ ،‬وخدمة مصالح الشعب بتحقيق الحريات والحقوق والكرامة‬ ‫والرفاهية‪ ،‬وخدمة سالمة الوطن بالدفاع عنه بكل الوسائل‪.‬‬ ‫وهكذا في دول وقارات ترفض أن يجمع تعاليمها الدينية المسطرة مع التطور العلمي الهائل بحجة‬ ‫أنهما ألنهما ال يلتقيان‪ ،‬فكيف استطاعت أن تجمع الدين بالسياسة‪.‬‬ ‫إذا ربط مفهوم الدين بالديمقراطية هي حاجة فكرية سياسية معاصرة‪ ،‬ومن حق الشعوب العربية‬ ‫تعرف كيف تستخدم دينها في التطور السياسي ومواكبته‪ ،‬كما استطاعت أن تكون جسر تسير عليه‬ ‫كافة العلوم وترفعه لجميع الشعوب وتصل به لكافة مناحي الحياة‪ ،‬ومن ثم تعود بسهولة لتواكبه بعدما‬ ‫ضاع منها لقرون‪.‬‬ ‫فجمع السياسة والعلم والدين ثالثية إسالمية ال تتجزأ‪.‬‬ ‫فاإلسالم هو دين العمل والبحث العلمي من والسلوك القويم أجل إيجاد الحقيقة وصنع كل ما هو صالح‬ ‫للحياة‪.‬‬ ‫فإذا انسلخت شئون حياة العرب عن عقيدتها باتت مقفرة هشة تأكل نيران الفتن‪ ،‬وتبتلعا دواب الحياة‪،‬‬ ‫ال وزن لها وال قيمة لها‪ ،‬تزدري ذاتها قبل أن يزدريها عدوها الطامع فيما أحباها القدر بالنعم‪.‬‬ ‫فمن الجهل السياسي أن نعادي بعضنا البعض في سير العمليات الحزبية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فاألحزاب السياسية ال تتصارع بينها فكريا‪ ،‬ولكنها تتنافس فيما بينها في أيهما أفضل في نتاج‬ ‫السياسات العامة‪ ،‬وأيهما لديه الفكر األصلح في حماية الوطن وتحقيق مصالح الناس وتجسيد حقوق‬ ‫وحريات وكرامة الناس‪ ،‬الثالثية األوربية التي ذكرناها آنفا‪.‬‬ ‫فاإلسالم دين كوني يبحث عن الحكمة والعلم والفضيلة‪ ،‬وهو مكمل للمسيحية واليهودية الصحيحتين‪،‬‬ ‫وما األنبياء والرسل جميعهم إال أسرة واحدة‪ ،‬فقد جمعوا الناس على دين واحد‪ ،‬ورب واحد‪ ،‬وهو‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فمن أختلف على نفسه‪ ،‬ومن أتبعه بإحسان فهذا من أجل رسالة الحياة الطبيعية‪.‬‬ ‫فكيف ال يكون الحق في دراسة كيف يمنه أن يستفيد من الديمقراطية في تنظيم شئون حياته الدنيوية‪،‬‬ ‫وال يخل بالحقوق المدنية وال بالمقومات اإلنسانية‪ ،‬ويفي بمتطلبات كونية‪.‬‬ ‫البد هنا من تحديد وتوحيد المعنى السياسي للمصطلح الالتيني" الديمقراطية"‪ ،‬حيث بالتحليل‬ ‫الفكري‪ ،‬نجد أن الديمقراطية هي عبارة تعني الممارسة القانونية والمشروعة للسلطة السياسية‪.‬‬ ‫أي يجب أن تدار شئون الناس العامة‪ ،‬بقانون ينظمها ويمنحها الشرعية‪ ،‬ويرسم العالقة بين المجتمع‬ ‫والسلطة‪ ،‬في الحقوق والواجبات‪ ،‬فيتم تحديد أو ربط تداول السلطة بسلمية وفترة زمنية معنية‪،‬‬ ‫ويحقق المشروعية عن طريق اختيار القيادات والسياسات العامة عبر إرادة حرة واعية ومسئولة‪.‬‬ ‫وأن يتم بناء دولة شرعية‪ ،‬أي عن طريق عقد تأسيسي أو اجتماعي‪ ،‬يطلق عليه الدستور‪.‬‬ ‫وعلى هذا النحو ن عمق وصراحة والفهم ومصداقية وكفاءة التطبيق‪ ،‬ال تتباين مفاهيم ومقاصد‬ ‫اإلسالم‪ ،‬عن سبل تحقيق القيادات المشروعة‪ ،‬وسياسات اإلصالح والماء‪ ،‬وانضباط الحياة في بقانون‬ ‫ينظم الحقوق والواجبات والسلوكيات والمعامالت والعالقات‪.‬‬ ‫وتعتبر فتوى األزهر في مايو ‪ 2102‬بشأن العملية االنتخابية الحزبية الرئاسية ‪ ،‬مشروعية إسالمية‬ ‫تامة ودقيقة وتاريخية‪ ،‬وهي متوافقة مع علماء المسلمين‪ ،‬وخاصة نذكر دور دار اإلفتاء الليبي في‬ ‫توجيه الرأي العام وخلق الوعي الحقيقي والمساهمة اإليجابية في بناء الدولة‪.‬‬ ‫وقد حددت فتوى األزهر المشاركة في االنتخابات هو واجب ديني و وطني‪.‬‬ ‫كما حدد الخطباء في التوعية الدقيقة المستقلة عن كل نواحي واعتبارات الحمالت الدعائية لمرشح‬ ‫محدد أو تفاصيل برنامج‪ ،‬وإنما أركزت على التذكير بأن صوت كل مواطن أمانة‪ ،‬واإلنسان محاسب‬ ‫عليه‪ ،‬فيمنح صوته لمن يراه خيار الناس‪ ،‬وهناك معايير إسالمية عامة‪ ،‬وهي صفات قيادية‪ ،‬وال‬ ‫تتعلق بمتغير السياسات العامة واختالف وجهات النظر وتعدد زوايا تناولها‪ ،‬ولكن معايير ذاتية وهي‬ ‫روح العملية االنتخابية الحزبية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫حيث العملية االنتخابية تشمل تحقيق مقاصد البيعة الخاصة والبيعة العامة‪.‬‬ ‫والحزبية تعني تحقيق مبدأ النخبة أو الخيرية‪ ،‬أي تتشكل الناس وتتفق على خيارها في إدارة شئون‬ ‫حياتها‪ ،‬وبعدد أصواتهم تكون نسبية مشاركة هؤالء النخبة في تحقيق الخير للمجتمع والوطن‪.‬‬ ‫ودور التشريد اإلسالمي‪ ،‬وقد رأيناه بعناية فائقة‪ ،‬وأمانة شرعية‪ ،‬واستقاللية السلطة الزمنية عن‬ ‫الحرية الدينية‪ .‬حيث ارتكزت على ناحية المشروعية‪ ،‬أي تقييم شامل للتشريعات الصادرة‪ ،‬وعلى‬ ‫المعايير الذاتية‪ ،‬حيث هذين العاملين هما روح المصداقية واألمانة وإتقان األعمال الصالحة التي‬ ‫ينشدها اإلسالم‪.‬‬ ‫وتشمل هذه المعايير الذاتية‪ ،‬الصفات القيادية التالية‪:‬‬ ‫"الصفات الشخصية وهي الصدق واألمانة‪ ،‬والصفات والقدرة العلمية والعملية‪ ،‬والصفات الزمنية‬ ‫وهي صاحب ماضي مشرف وصاحب رؤية مستقبلية وطنية ودينية صادقة‪ ،‬وصفات تربوية وهو‬ ‫إنسان مصلح وغير فاسد‪ ،‬وصفات وطنية وهي الحماس واالهتمام بالمجتمع والوطن‪ ،‬وصفات‬ ‫عقلية وهي حب العدل وكره الظلم‪ ،‬وصفات فكرية وهي العلم بالحقائق والعالقات بين كافة العلوم‬ ‫االجتماعية والتطبيقية‪ ،‬فيعرف كيف يجعل الدين والسياسة في تفاعل أخالقي وليس تداخل تنفيذي‪،‬‬ ‫ويعرف كيف يسخر كل لم في اإلنسان والمكان "‪.‬‬ ‫فاإلسالم هم نور‪ ،‬أي عملية تنويرية عقلية‪ ،‬تبدد الظلمات الفكرية التي تتسبب في المظالم بين الناس‬ ‫ثم المفاسد‪.‬‬ ‫والسياسة هي رأس الحكمة‪ ،‬أي إدارة شئون الناس من أجل تحقيق الخير ومصالحهم وسعادتهم‪.‬‬ ‫وفساد السياسة هو فساد الحياة عامة‪.‬‬ ‫وفي اإلسالم هناك خمسة مقاصد ‪ ،‬ونوعين من األعمال‪ ،‬تحددان مواصفات السياسات العامة‬ ‫المشروعة‪ ،‬وتحددان القادة الناجحين‪.‬‬ ‫وبالوعي واإلصالح وهما رسالة المسلم في الحياة‪ ،‬بحيث دوره في الحياة أن يقوم ويوالي ويأمر‬ ‫بالعمل الصالح‪ ،‬وأن يتجنب وال يوالي العمل الفاسد وينهى عنه‪.‬‬ ‫وباإليمان والمسئولية تدعم السياسات العامة‪ ،‬أي برامج ومبادئ وأهداف األحزاب السياسية‬ ‫والمرشحين‪ ،‬الذين يحرصون على هذه المقاصد‪ ،‬وهي‪ :‬حرمة العقل بحرية الفكر‪ ،‬وحرمة النفس‬ ‫بالسلم االجتماعي وأمان الدولة العادلة والغير أمنية‪ ،‬وحرمة الملكية الخاصة بحرية النشاط‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫االقتصادي وسالمة التشريعات والمعامالت والعالقات‪ ،‬وحرمة األديان بحرية الشعائر والمعتقدات‪،‬‬ ‫وحرمة الوطن بمصداقية ومسئولية الدفاع عنه‪ .‬فاإليمان والشعور بالمسئولية هما روح الحماس‬ ‫وتحقيق النجاح‪.‬‬ ‫وعندما تتحول السياسة إلي عقيدة فهي يقصد منها محاربة األديان وسلب الحريات والحقوق‬ ‫واألخالق وغرس الشجرة الستبداد والفساد‪.‬‬ ‫والدين اإلسالمي يعلمنا كيف نفصل في هذه المسألة الواقعية الخطيرة ويرسم العالقة ين الدين‬ ‫ولسياسة كما رسم وصنع العالقة ين لروح والبد‪.‬‬ ‫وقد ذكرنا خالل مناقشة ا لدستور بأن اإلسالم ال يفصل بين لدين والدولة‪ ،‬فالدولة هي بيئة تضم كل‬ ‫شيء خاص بمصير وأمن وسالمة كل إنسان‪ ،‬ولكنه فقط يفصل بين الدين والسلطة التنفيذية‪ ،‬وبشكل‬ ‫رائع ومفيد ومغذي لإلصالح واألخالق‪.‬‬ ‫وبالتالي الذين يدعون إلي فصل الدين عن الدولة هم يدعون إلي عقيدة سياسية‪ ،‬سوف تتحكم في‬ ‫جوانب ذاتية ال عالقة بالسلطة التنفيذية بها‪.‬‬ ‫والذين يدعون إلي العقيدة السياسية هم يدعون للتحكم في العقل وعزل مشاعر اقلب وإيجابية‬ ‫النفوس‪.‬ز وبالتالي كسب السيادة بشكل مطلق‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :11‬متطلبات توافق الفكر اإلسالمي والعملية الحزبية‬ ‫أن العملية الفكرية هي باب اجتهاد مفتوح من أجل أن يتمتع الناس بنعمة العقل‪ ،‬ويصلوا من خاللها‬ ‫لمعرفة الحقيقة وحماية الحقوق والتعامل بالحق‪ .‬والعملية الفكرية هي أساس التطور اإلنساني‬ ‫والنهضة‪ ،‬و قد نخط ْي في اجتهادنا ولكنه أمر ضروري‪ ،‬فالصواب والحق والنجاح يعرف بنقيضه‪.‬‬ ‫وإنني في هذه األطروحة كل ما تناولته هو من باب العقل لخدمة العقيدة‪ ،‬وإن كان للعقيدة اإلسالمية‬ ‫دور روحي في بناء كل عقل سليم‪.‬‬ ‫فإذا أخطئت أو قصرت فهذا طبيعي من ضعف معرفتي بهذه العقيدة التي لو جعلت األشجار جميعا‬ ‫أقالما والبحار مداد ما وفتها حقها في الثناء‪.‬‬ ‫وإن الشعوب إذا ظلت بفكرها راكدة ستلوث بعضها البعض باأليام وتزرع بإفرازاتها فوق رؤوس‬ ‫بعضها كل اآلفات‪ ،‬فنعيم الحياة في العقل يكمن‪ ،‬وكل نهضة بدون روح الفكر تموت‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالشعوب العربية اليوم في حاجة للتوعية الفكرية‪ ،‬وأن يكون ذلك اهتمامها األكبر وال تستلم لهموم‬ ‫لقمة العيش الناتج عن فرقة إرادتها‪ ،‬وتجزيء سيادتها‪.‬‬ ‫والعملية الحزبية هي آلية سياسية تنفيذية مقننة بأدوات قانونية‪ ،‬لها مصادر دولية ناتجة عن‬ ‫تطورات إنسانية وتاريخية هامة وحيوية‪.‬‬ ‫ويجب أن نتعرف على الحكمة مها‪ ،‬فنجد مثال‪ ،‬في ألمانيا االتحادية‪ ،‬يحدد الدستور أن مهمة‬ ‫األحزاب السياسية هي توعية المجتمع‪ ،‬ولعل مثل هذه المهمة أصابت لب الحقيقة‪ ،‬لمن أراد أن‬ ‫يمارس العملية الحزبية بنجاح‪.‬‬ ‫فالشعوب العربية بسبب هموم طلب العيش هي في غفلة وتنازل دائم عن كل حق سياسي ومعرفة‬ ‫كافية‪ ،‬وهذا هو سبب معاناتها‪.‬‬ ‫فالعملية الحزبية هي طوق نجاة من الغرق العميق‪.‬‬ ‫فمن يتخذ مساره بعلم جميع التيارات ويجيد السياسة وليس السباحة فقط‪ ،‬فسوف يصل لبر استحسان‬ ‫الناس لدوره اإليجابي في إنقاذ حياتهم‪.‬‬ ‫ومن يضل في المسار تشقيه التيارات فمنهم من يغرق ومنهم من يمسك بغيره لينجى‪.‬‬ ‫وهكذا فجمال الحياة في أن نجعل أفكارنا تسبح في الكون بدون قيود‪ ،‬فالحقيقة الكاملة ال تعرف إال‬ ‫إذا نظرنا إلي ما هو أوسع خارج هذا الكون الضيق‪.‬‬ ‫وما ضيق النفوس وكبد العيش إال أن الناس قدموا بطونهم على عقولهم‪ ،‬فأثقلتهم فمشوا في الحياة‬ ‫زحفا ولم تستطيع عقولهم أن تحلق‪.‬‬ ‫فالعملية الحزبية يجب أن تكون محرك التوعية‪ ،‬وطوق النجاة من كل التيارات‪ ،‬وأن تزود العقول‬ ‫بطاقة كافية تحلق بالناس برغم أثقال حياتهم‪.‬‬ ‫إن مسئولية الشعوب هي صنع الديمقراطية‪ ،‬فهي نتاج وعي الشعوب وتكون بدرجة رقيها‬ ‫الروحي والمادي معا‪ ،‬وتذهب بقدر ما يعم ويتغلغل الجهل والفقر بين الشعوب‪ .‬فالديمقراطية هي‬ ‫"آلية قانونية" للممارسة المشروعة للسلطات وتداولها وفق إرادة حرة حقيقية للشعوب‪.‬‬ ‫فالشعوب الحية روحيا وماديا هي التي تصنع أفضل الديمقراطيات وتكون لها أقوى الدول نظاما‬ ‫ونفوذا ونماء‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ولذلك ال يوجد أي تباين بين اإلسالم والديمقراطية الحقيقة‪ ،‬فإلسالم يؤيد من يسن بين الناس‬ ‫قانونا حسنا ومن يتبع من القول أحسنه ومن يكون عمله في كل شأت صالحا ونافعا ومتقنا‪.‬‬ ‫فاإلسالم هو منظومة أخالقية تحي الروح في الجسد‪ ،‬فهي ليست سلطة تنفيذية‪ ،‬فهي ال تتحكم في‬ ‫اليد وال العقل وال القلب‪ ،‬فهذه أدوات يملكها الناس سواسية وبحرية كاملة ال سلطان عليهم إال‬ ‫مكامن أنفسهم‪ ،‬ومضامين عقولهم وطبيعة قلوبهم‪ ..‬واإلسالم هو دواء روحي يغذي النفس‬ ‫فتتزكى ويطهر القلب فيطرد الكره والغل والحسد ويطور خاليا العقل فتنتشر خاليا الخير فيه‪ ،‬ومن‬ ‫كل ذلك تسلم األرض من الشر واألشرار وهذه رسالة كل إنسان وهذه هي رسالة الديمقراطية‪،‬‬ ‫فالديمقراطية هي آلية شرعية لصنع الحرية والكرامة والحقوق اإلنسانية والسالمة العالمية‬ ‫والحضارة الكونية‪.‬‬ ‫واإلسالم أرتكز في مقاصده الخمسة على حرمة العقل وحرمة النفس وحرمة الوطن وحرمة الدين‬ ‫وحرمة المال‪ .‬وفي هذا أعمق درس يقودنا إلي جوهر "اآللية الديمقراطية" – أي التحررية‬ ‫اإلسالمية‪ ،-‬وكما ذكرنا آنفا نحن نتناول ثالوث الديمقراطية في هذا الكتاب من جانب طرح‬ ‫"النظرية السياسية الشرعية المتكاملة"‪ ،‬أي مكون الديمقراطية يتكون من ثالثة أبعاد وهي‪:‬‬ ‫الدستور وهو القاعدة يمثل القاعدة الشعبية‪ ،‬وضلعه العمود وهو يمثل األحزاب السياسية وكافة‬ ‫مؤسسات المجتمع المدني وضلعه الثالث وهو االنتخابات‪ ،‬ومن نستخلص األتي‪:‬‬ ‫"فالنظرية الحزبية تقول بأن طالما كان الدستور ناتجا من مشاركة شعبية واسعة وحقيقية‬ ‫ومتفاعلة مع دستورها باستمرار كتفاعلها مع كل األيام فإن ذلك سوف يترتب عليه نمو ضلع‬ ‫األحزاب السياسية وبعد مشاركتها وعلوا وعيها وبرامجها مما يؤدي إلي تطور ونمو ضلع‬ ‫االنتخابات فتكون لمشاركة واسعة تربط أخر نقطة في المجتمع بأعلى نقطة في البعد الحزبي‪..‬‬ ‫وفي الجانب األخر‪ ،‬إذا كان الدستور ال يمثل الشعب حقيقية وال يتفاعل الشعب مع دستوره بشكل‬ ‫واسع وبدقة في كافة شئون حياته اليومية وال يشمل تفاصيل كل إدارة شئون بالده وليس‬ ‫للدستور قوانين مكملة مبنية على الدستور بشكل عضوي وأمين و وطني و إنساني‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫سوف يترتب ال وجود حقيقي وال معنى و ال قوة لضلع األحزاب السياسية التي تربط ضلع أخر‬ ‫نقطة في المجتمع بأعلى نقطة في بعد الممارسة الحزبية‪".‬‬ ‫والمبدأ العام الذي نستخلصه هو أنه ال ديمقراطية بدون تعديدية حزبية ودستور كامل وانتخابات‬ ‫شريفة‪ ،‬أي ال ديمقراطية بدون شعب تمكن من أن يتشكل في جماعات وف عقله وفكره‬ ‫ومسئولياته في الحياة ‪ ،‬وبذلك يكون مجتمع إنساني سياسي يهتم بإدارة بشئون حياته اليومية‪،‬‬ ‫وال يترك لنفسه مجال أن يتشكل في نسيج اجتماعي تربطه الغرائز من طمع وخوف ومهانة‬ ‫فيصبح مجتمع ذو طابع حيواني‪ ..‬تسيطر عليه الحكام والطواغيت كما يسيطر الرعاة على‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫القطعان‪ ،‬فال ديمقراطية بدون دستور شعبي حقيقي واسع ودقيق يكفل كل الحريات الفكرية‬ ‫والدينية والعلمية وكافة الحقوق اإلنسانية وكل القيم واألخالق التي تصنع الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وال‬ ‫ديمقراطية بدون انتخابات قضائية مستقلة شريفة ونزيهة"‪.‬‬ ‫والبد لشعوب الدول العربية واإلسالمية ولكافة الساسة والعلماء ولإلنسانية قاطبة بأن اإلسالم في‬ ‫مقاصده واضحا‪ ،‬وهذه المقاصد هي التحدي األكبر لإلنسانية وللسياسة الدولية خاصة‪ ،‬فهي روح‬ ‫التحررية العالمية وهي ناموس السلم واألمن الدوليين‪.‬‬ ‫وال يوجد في إلسالم نص قطعي يحرم التحزب العقلي ولكن يوجد ما يدل على منعه الطائفي أو‬ ‫القبلي أو أو الديني‪ ،‬فمثال‪ ،‬يمنع إلسالم على لمسلمين مجادلة أهل الكتاب‪ ،‬تقديرا لمشاعرهم‬ ‫وحرمة لعقولهم وكرامة إلرادة الحرة‪ ،‬وهذا يفيد إطالقا مبدأ الحرية الدينية‪ ،‬ويفيد مبدأ فصل‬ ‫إدارة شئون الحياة عن الدين وفصل الحوار على المخاصمة والمجادلة الدينية‪ ،‬ويريد اإلسالم أن‬ ‫يرسخ لمبدأ الحرية لعقلية المحايدة أن تتبع المنهجية العلمية والحق والخير ولنفع وهو لسبيل‬ ‫الذي يوصلها لوحدتها إلنسانية ورسالتها لعلمية‪.‬‬ ‫وبقد وجدت آيات قرآنية عظيمة وكريمة استندت عليها في تحليلي السياسي‪ ،‬وليس أي تحليل‬ ‫فقهي‪ ،‬فهذا شأن لماء آخرين يصبون ما أقول‪ ،‬فأنا مجتهد قاصد الخير وهم أهل العلم الدقيق‬ ‫واألوسع في تفسير آليات جميعها‪.‬‬ ‫فقد ذكر القرآن الكريم األحزاب أكثر م مرة‪ ،‬وسميت سورة قرآنية بهذا المصطلح منذ أكثر من‬ ‫أربعة عشرة قرنا‪ ،‬وفي هذا معجزة ربانية في ذاتها‪ ،‬فا في تلك األيام النسا قلة وإدارة شئون‬ ‫الحياة بسيطة والرغبات ومطالب الناس متواضعة بالكاد أن يغلب فرد في حصرها‪ ،‬ولكن مشكل‬ ‫"السيادة" وممارسة السلطات هو واحد في كل مكان وزمان‪ ،‬وهي نفس الشيء لو كان المجتمع‬ ‫من نفر معدود أو عدد هائل مأهول‪ ..‬وبذلك أتضح لي أن اإلشارة كان هنا أن األحزاب هي أداة‬ ‫للوصول إلي السيادة أي امتالك إرادة الناس وبذلك توجيه عقولهم والتحكم في عواطفهم وتكوين‬ ‫نفوسهم على طبيعة معينة‪ ..‬وعلمت من تحليلي لبعض اآليات الكريمة بأن الناس تتشكل في‬ ‫مجموعها على نوعين أساسين من التحزب‪ ،‬أحدها لو أجمعت بتفواتها نجدها تدعوا للخير‬ ‫واإلصالح الحقيقي والمصداقية والشفافية والوطنية واإلنسانية والسلم واألمان وهي تتنافس في‬ ‫هذا االتجاه الواسع ولكل عقل قدراته ولكل زمان أوضاعه ولكل مكان إمكانياته‪ ،‬وصنف أر من‬ ‫التحزب‪ ،‬لو جمعوا لوجدوا أنهم دعاة اشر والحرب والقمع والتفرقة والعدوان واالستبداد‪.‬‬ ‫فالطبيعة البشرية هي مستودع فيه بالفطرة كل الفجور أي الظلم والجور و ومستودع فيه حب‬ ‫الطهارة و والخير والنفع والسلم واألمن والخلق الحسن والتواضع وغيرها من الصفات والبواعث‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫الحسنة والجميلة التي ال حدود لها‪ .‬ودور إلنسان منذ الطفولة أن يبدأ في اختيار نوعية سبله في‬ ‫الحياة‪ ،‬فيفتح صمام الخير أو صمام الشر‪.‬‬ ‫ولذلك نجد األمر اإلسالمي يدعوا األحزاب أن تستبق الخير وتتنافس يه‪ ..‬ولم يمنع التحزب ألن‬ ‫الشر‪ ،‬كما قال الفيلسوف ب‪.‬راسل‪ ،‬وهو من مفكري الديمقراطية المعاصرة‪ ،‬أن األشرار تتحد‬ ‫رغم معرفتها بحقيقة بعها الشريرة‪ ،‬وأن األخيار ال تتحد رغم معرفتها بحقيقة بعضها الطيبة‪.‬‬ ‫ولذلك عندما ال تكون هناك مبادئ دستورية طيبة دقيقة بحيث تمنع تتيح وتشجع في تكوين‬ ‫األحزاب السياسية الخيرية‪ ،‬فإن ذلك سوف يؤدي إلي ظهور دولة االستبداد ويظهر األشرار بشكل‬ ‫سريع و واسع ويكونوا حزبا شيطانيا واحدا يدعم الحاكم المستبد وتكون البالد مرتع فساد لهم‪،‬‬ ‫فالدنيا مليئة بالمجرمين‪ ،‬وأشرسهم السياسيين‪ ،‬ألنهم يتسلقون إلي أعالي األمور ويمسكونها من‬ ‫زمامها ويهلكوا الحرث والنسل‪.‬‬ ‫فالبد من دستور شرعي يتيح تكوين األحزاب السياسية وأن ينظر كل مواطن إلي مبادئها‬ ‫وأهدافها وبرامجها و وسائلها وعبارتها الكالمية وأبعادها الفكرية‪ ..‬فالشرير دائما يستبق الشر‬ ‫وينتهز كل غفلة من الشعوب فهو قوته في االستبداد والفساد والقهر والقمع والظلم والنفاق‪..‬‬ ‫وبذلك على لشعب مسئولية أن تدرس أفعال وأقول قادتهم في الحكم وممن يسعون لهاكم عبر‬ ‫األداة الحزبية الطبيعية‪.‬‬ ‫فمنع تعدد األحزاب هو مناهض لإلسالم بشكل خطير‪ ،‬ألن الدعوة للحزب الواحد أو الحزب الحاكم‬ ‫السري [أي شكل‪ ،‬كما كان في ليبيا حزب اللجان الثورية حكم لعقود بيد من حديد ونفس شريرة‬ ‫هتكت األعراض وسلبت األموال‪ ،‬وزجت بالناس في السجون لمجرد رأي عقالني أو رؤية حسنة‬ ‫أو كلمة طيبة أو أداء صالة فجر أو خطب في يوم لجمعة كلمة في حقيقة الطواغيت وما يجري م‬ ‫فساد‪ ..‬لذلك الحذر كل لحذر على لشعب مسئولية تكوين أنفسهم في أحزاب الخير تدعوا لإلصالح‬ ‫والسالم واألمان والكرامة والعدالة والمساواة والنماء ‪ ..‬تدعوا لمجتمع تكون فيه لسيادة إلرادة‬ ‫الشعوب وحقها في تقرير مصيرها‪ ،‬وال مكان لشرعية الحاكم وشرعية العرش في تقرير مصير‬ ‫الشعوب‪ ..‬وعلى الشعوب أن تي ذلك جيدا في كل زمان ومكان‪.‬‬ ‫أي الدولة الشرعية‪ ،‬أو الدولة الديمقراطية التي تقاد السلطات فيها بإرادة شعب حرة فعلية‪ ،‬وتمارس‬ ‫السياسة عن طريق الدستور الذي تنازل الشعب عن سيادته للدستور وليس للحاكم‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :00‬عالقة األحزاب السياسية بالعقائد والدستور والممارسة القانونية‪:‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫لم تصنع األحزاب السياسية من أجل التصادم الفكري‪ ،‬والتنافس السلطوي‪ ،‬والمصالح الذاتية‪ ،‬وإنما‬ ‫هي وسيلة قانونية وآلية إدارية ذات مرجعية دستورية وشرعية شعبية‪ ،‬من أجل التوافق الفكري ال‬ ‫التصادم‪ ،‬وتنظيم المجتمع في قوى سياسية واعية حقيقيا وبعيدة عن كل زيف واستغالل فكري أو قمع‬ ‫سلطوي أو تغرير مالي‪ ،‬بحيث يدرك الشعب في كل لحظة ومرحلة كيفية صنع مستقبله وصيانة‬ ‫مصيره واحترام مصدر شرعيته وإدراك مرجعيته العقالنية وجوهر كرمته وحرياته وحقوقه و‬ ‫واجباته وأمنه وسلمه التام‪.‬‬ ‫وبكلمات أخرى‪ ،‬عندما تتحول السياسية إلي عقيدة استبدادية يتحول كل الشعب إلي البحث عن عقيدة‬ ‫السماء وآفاقها التي تنقضهم من عقيدة األرض وأنفاقها المظلمة‪.‬‬ ‫وبذلك أصعب مسألة تواجه تكوين األحزاب‪ ،‬وقوانينها‪ ،‬وممارستها ‪ ،‬وحقيقة أهدافها ودورها في‬ ‫السياسية العامة ونظام الدولة هو مسألة التطورات العقائدية الدينية والسياسية‪.‬‬ ‫والبد لي هنا من تحليل هذه لمسألة الحيوية‪ ،‬حيث هناك عداء ال ينتهي أبدا بين السلطة والدين‪.‬‬ ‫ونحن في حاجة إلي األحزاب السياسية‪ ،‬فليس هناك ديمقراطية بدون تعددية حزبية‪.‬‬ ‫والتعددية هو قانون تنوع الفكري الطبيعي‪ ،‬الذي بدون ليس هناك ثمار ألي عملية بناء تنموي‪.‬‬ ‫وسوف نناقش "عنصر الدين"‪ ،‬في قانون األحزاب السياسية‪ ،‬بحيث ال تنزلق السلطة أو المجتمع في‬ ‫س وء تفسير أو ممارسة هذه الناحية الحياتية الجوهرية‪ ،‬فليس هناك مجتمع بدون عقيدة‪ ،‬ومن يحاول‬ ‫العدوان على هذا القانون الطبيعي‪ ،‬فهو يصارع إرادة السماء‪ ،‬فكيف لكائن ال يرى إال بالمجهر حال‬ ‫ننظر إليهم من خارج غالف لألرض‪.‬‬ ‫ولكن البد من مناقشة الخلل في الفهم وسوء التطبيق ونوايا الصراع الذي يضر بناء الدولة وسياستها‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫حيث الدول هي منظمة كبرى‪ ،‬أو أم المصانع دورها إنتاج السياسات العامة وتنفيذها‪.‬‬ ‫والدستور واألحزاب السياسية واالنتخابات هي أدوات فنية وعملية تصنع الدولة والسياسات العامة‪.‬‬ ‫فقد الحظنا جدال حساسا في عملية صنع قانون األحزاب السياسية في ليبياـ خالل المرحلة االنتقالية‬ ‫مايو ‪ ،2102‬حيث صدر مرتين‪ ،‬مرة يسن بأن ال يجوز تأسيس أحزاب سياسية على أساس ديني‪ ،‬ثم‬ ‫عدل يحذف هذا الشرط السياسي‪ .‬وحدث صراع وتفكك في المجلس الوطني االنتقالي‪ ،‬الذي مثل‬ ‫السلطة التشريعية في البالد خالل مرحلة هي األخطر واألدق في تاريخ البالد‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وفي حقيقة األمر‪ ،‬فإن عالقة األحزاب السياسية بالعقائد جميعها‪ ،‬هي مسألة دستورية أي تخضع‬ ‫إلدارة شعب بكامله‪ ،‬وليس لفئة معينة‪ ،‬ثم ال داعي سياسي أو فكري ناضج إلثارة هذه المسألة علو‬ ‫نحو الحذ أو اإلثبات‪.‬‬ ‫وإنما الدستور وقانون األحزاب السياسية هي نظام عام متكامل‪ ،‬حيث الدستور له عناصر عدة تتناول‬ ‫هذه المسألة بكفاءة فكرية ومنطقية سياسية وعقالنية قيادية‪ ،‬فمثال‪ ،‬نجد عنصر "اللجان السياسية"‬ ‫التابعة للبرلمان ون اختصاصاتها لألحزاب السياسية من خالل تقيم مبادئها وأهدافها وممارستها‪.‬‬ ‫وهناك عنصر "المحكمة الدستورية"‪ ،‬التي تصادق على أي قانون أو قرار تتخذه الحكومة في أي‬ ‫شأن عام أو خاص‪.‬‬ ‫إذا ال يجب أن تتحول العقيدة إلي جدلية سياسية‪ ،‬بل كيف نوظفها طبيعيا في خدمة بناء الدولة‬ ‫الديمقراطية التامة وصنع السياسات العامة األخالقية والفاعلة عبر مختلف األمكنة واألزمنة‪.‬‬ ‫إن منطلق العالقة بين األحزاب السياسية والعقيدة الدينية‪ ،‬نبدأها من منطلق تحليلي واقعي وملموس‬ ‫ال يختلف عليه الناس وال ينكره إال جاحد للحقيقة وغافل عن الواقع‪.‬‬ ‫ونبدأ في تحليل هذه العالقة بتجزئة المسألة إلي حقيقتها الطبيعية‪ ،‬وهي أن لكل الناس جميعا عقيدة‬ ‫سياسية وعقيدة دينية‪ ،‬وهم عالقاتهم ببعض كعالقة الروح بالبدن‪.‬‬ ‫فقد تكون الروح حية بنور السالم واألمان واألخالق الكريمة فتؤثر إيجابيا على السلوك الفعلية للبدن‪.‬‬ ‫أو يفصل دور الروح عن تحرك والتحكم في البدن فينتج العقل والقلب والنفس سلوكيات سلبية وفي‬ ‫غاية الخطورة‪.‬‬ ‫وخير دليل هو ظهور اإليديولوجيات وخاصة نماذج الماركسية المتعددة التي ترفض الدين وتحول‬ ‫اإليديولوجية إلي عقيدة‪ .‬وهذا ما ضر بالشعب الليبي لمدة أربعة عقود‪ ،‬فقد فرض عليهم النظام بالقوة‬ ‫تدريس الفكر السياسي كعقيدة أبدية‪ ،‬وخلق له أتباع لتضليل الناس وخاصة الطلبة في كافة مستويات‬ ‫التعليم من الصغر إلي الكبر‪ ،‬بما يعرف بتدريس مادة الفكر الجماهيري‪ ،‬وأنتج النظام أستاذة ودكاترة‬ ‫في مجال العلوم السياسية واإلدارة العامة‪ ،‬وأطلق عليها اإلدارة الشعبية‪ ،‬وتوغلوا ليصيبوا عقول‬ ‫الطلبة مهما كانت تخصصاتهم‪ ،‬الطب والهندسة والفنيين ‪ ،‬ناهيك عن تخصصات القانون والسياسية‬ ‫واالقتصاد واالجتماع‪ ،‬من أجل إبطال القوة الشبابية وتوجيهها سلبيا في اتجاه سبل القوة "السلطة‬ ‫الشعبية" ‪ ،‬والفساد المالي والخلل العقائدي والقصور االخالقي‪ ،‬وتتحقق هدف النظام وهو أبديته في‬ ‫السيطرة المطلقة وشرعيتها الشعبية المشوهة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المئوههة ديمومته إستي‪ ،‬ط‪ ،‬الفساد ويها القاتون في جميع سنوات الجامعة في كليات الطب والهندسة‬ ‫بمختلف تخصصاتها‪ ،‬وكانوا هو من وسائل الممارسة الحزبية في صالح لحزب الواحد الحاكم‪ ،‬فهم‬ ‫مؤمنين بأفكاره ويرون كل من يحمل فكر أخر فهو عدو ويجب أن يتل ويصفى ويعذب بالسجون‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :02‬اتحاد الدول العربية ‪ASU‬‬ ‫إن وحدة الشعوب والدول العربية هو مسألة مصيرية وسيادية تخص الشعوب العربية‪ ،‬وليست‬ ‫مسألة إيديولوجية تقودها توجهات سياسية ضيقة األفق كتيارات القومية والعلمانية بصبغة الجاهلية‬ ‫فتتت الشعوب العربية وأنهكت وأفسدت دولها‪.‬‬ ‫أن مشروع الدول العربية هو مسألة دستورية ومسئولية عربية جسيمة‪ ،‬البد من وعي شعبي‬ ‫وإدراك حقيقي وإرادة سياسية شرعية و وطنية على مستوى العلم لعربي‪.‬‬ ‫فمستقبل العرب في مثل هذا االتحاد المركزي ينبعث من بنظام دستوري مرن ومفتوح‪.‬‬ ‫يأخذ من تطورات وتجارب الشعوب وتحديات الحياة القادمة ومآسي إنسانية وسياسية ماضية زادا‬ ‫فكريا وروحيا ليشد من عضد الوحدة الشعبية العربية‪.‬‬ ‫فليس اتحاد الدول العربية مشروع منظمة إقليمية تستند على ميثاق وإرادة سياسية دولية‪ ،‬فكفى‬ ‫العروبة واإلسالم إخفاق عصبة الجامعة العربية منذ ‪ 6511‬فقد تأسست وكان أول قرار لها‬ ‫االعتراف بسيادة لبنان وفصلها عن سوريا‪ ،‬ولم تضم فلسطين ميثاقها ويومها كانت دولة وليست‬ ‫قضية‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :31‬الكونية في اإلسالم تناسب التكوين االتحادي‬ ‫إن الدين اإلسالم هو عقيدة عالمية‪ ،‬أو عقد إنساني عالمي‪ ،‬وهو لدي المسلمين األصل واألعم عند‬ ‫صناعة الدستور‪ ،‬حيث الدستور هو كل دستور هو عقد فرعي و محدد زمنيا ومكانيا وموضوعيا‪،‬‬ ‫وهو هو األصغر واألدنى‪.‬‬ ‫فلذلك يجب أن يكون دستور محلي سواء لدولة عربية واحدة‪ ،‬أو مجموعة دول عربية متحدة‪ ،‬أن‬ ‫تؤسس دستورها بحيث ال يخالف األصل أو ينقطع عنه‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فهناك أحكام في العالقات الدولية قطعية‪ ،‬أشادها العلماء‪ ،‬كونها تعبدية من ناحية‪ ،‬وثابتة بآيات‬ ‫قطعية صريحة‪ ،‬ال تتغير وصالحة لكل زمان ومكان‪ ،‬تحقق السالم واألمان واإلنسانية لكل‬ ‫الشعوب‪ ،‬فكيف يحق أن نؤسس دساتير بين العرب ال توحد سياساتهم الخارجية والدفاعية‬ ‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫ليس بالضرورة أن يكون الدستور ديني‪ ،‬وهذا غير مطلوب‪ ،‬وال أن يكون وضعي يخدم أهواء‬ ‫وجهات عدة‪.‬‬ ‫بل أن تكون هناك قواعد قانونية شرعية‪ ،‬يمكن أن تصاغ في الدساتير العربية‪ ،‬وتوفر لها اتحاد ولو‬ ‫لم تقصد ذلك‪ .‬فاإلسالم يوحدها كلما شاءت ولو بأدنى اإلرادة‪.‬‬ ‫فال يكفي أن نقول في الدستور "أن الشرعية مصدر التشريع" فقد قالها كل مستبد‪ ،‬بل الصحيح أن‬ ‫نضع القواعد والتصورات المركزة على هذه الشرعية‪ ،‬وبما تجسد هذا النص‪ ،‬والذي يجب أن يكون‬ ‫في المقدمة وليس كمادة‪ ،‬ولقد ذكرت ذلك من خالل "نظرية المعادلة الشرعية في مبحث ‪،2‬‬ ‫والخاصة باإلرادة ثم التوظيف السياسي‪ ،‬ثم الصياغة" ‪ ،‬وبذلك عندما نحدد القواعد والتصورات‬ ‫نكون قد حقننا هذه المعادلة الشرعية في الممارسة السياسية وصناعة الدساتير‪.‬‬ ‫وإن كان بعض المفكرين‪ ،‬طالب إضافة نص" وأن ال تصدر أحكام تخالف الشريعة اإلسالمية"‪،‬‬ ‫ولكل مفكر زاوية معنية عندما ينظر من خاللها فيما يذهب إليه‪ ،‬ولكن الدستور هو خارطة معمارية‬ ‫للدولة‪ ،‬وخارطة إنشائية لكون شئونها‪ ،‬ولذلك البد من قواعد وأسس محددة تشيد عليا لبنات البناء‪،‬‬ ‫وليس مجرد عناوين رئيسة‪.‬‬ ‫فقد نؤسس دستور إسالمي بدون ذكر أن اإلسالم مصدر التشريع‪ ،‬والعكس صحيح فقد نؤسس‬ ‫دستور ليس في صالح اإلسالم‪ ،‬رغم وجود نصوص تقول أن اإلسالم المصدر الرئيس للتشريع‪،‬‬ ‫وأن ال يجوز صدور من يخالف أحكامه‪ ،‬كما ذكرت الدستور خطوات عملية تحتاج إلي قواعد‬ ‫للسير والتقدم والمعالجة التفصيلية‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وكما ذكرت فإن الدستور هو عقد تأسيس دولة‪ ،‬وأن عقيدة المسلم هي كونية ونظام حياة شامل‪،‬‬ ‫فالبد أن يحمل الدستور القواعد الالزمة التي تمكنه من التفاعل اإلنساني والكوني والسلمي واألمن‬ ‫والحياتي الكريم‪.‬‬ ‫ولكل ذلك قواعد دستورية‪ ،‬ولقد ناقشت ذلك من مقومات وعناصر الدستور‪ ،‬ن أجل هذا الهدف‪.‬‬ ‫ومن أجل أضرب مثال‪ ،‬يخدم الواقعية‪ ،‬والناحية العملية‪ ،‬ويجمع مسألة اتحاد الدول العربية‪ ،‬بمسألة‬ ‫القواعد القانونية اإلسالمية الدستورية‪.‬‬ ‫وعلى سبيل المثال والتبسيط للمواطن ولمتخصص‪ ،‬نقول بأن مكون "العالقات الدولية" يمكن أن‬ ‫يضاف في كل دستور عربي مستقل‪ .‬وتحدد فيه القواعد الشرعية في العالقات الدولية العربية‪ ،‬ومن‬ ‫خالل مثل هذه التحديد سوف يتشكل االتحاد ولو لم نذكره لفظيا‪ ،‬حيث‪:‬‬ ‫ بموجب الدستور كل معاهدة خارجية يجب أن تبرم بموافقة جميع الدول العربية‪ ،‬وأن تحترم‬‫من جميع األفراد والسلطات ما دام الطرف األخر ال ينقضها‪ .‬وأن تعمل الحكومة عبر‬ ‫وزارتها المختصة في التنسيق الالزم‪.‬‬ ‫ يراعي في كل معاهدة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية عربية أن تفي بمقاصد الشرعية‬‫اإلسالمية واشتراطاتها وأن تكون في خدمة دول االتحاد وشعوبه وأن تحقق السلم وأمان‬ ‫ورفاه الشعوب‪.‬‬ ‫ واجب الشعوب العربية وحكوماتها أن تتخذ موقف موحد اتجاه أي عدوان خارجي يمس‬‫شعوب وأقاليم ومعتقدات كل دولة عربية‪ ،‬وأن تعلق كافة المعاهدات واالتفاقيات والتعامالت‬ ‫العربية كافة مع دولة العدوان حتى تفي للحق وترجع للسلم وال تكون مصدر تهديد‪ .‬وقد‬ ‫تفرض مقاطعة اقتصادية وسياسية ترغم العدوان على التراجع وإتباع الصواب‪.‬‬ ‫ أن تعد الدول العربية باالتفاق بينها "قانون العالقات الدولية العربية" وتوقعه وتودعه ليكون‬‫جزء من القانون الدولي ولدي األمم المتحدة‪ ،‬يحدد معالم ومقاصد عالقاتها مع الدول‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫األخرى‪ ،‬وتسعى أن تكون هناك "مندوبية عربية" مشكلة من جميع الدول‪ ،‬تعبر عن‬ ‫الموقف العربي الموحد وعكس سيادة واحدة ال تتجزأ‪.‬‬ ‫ األولوية في كافة التعاقدات التجارية والمشاركات االقتصادية واالستثمارية أن تكون بين‬‫الدول العربية‪ ،‬وعلى أن تشجع كل دولة عربية أن تتحد مع غيرها عند الحاجة ألي‬ ‫استثمارات خارجية‪.‬‬ ‫ على الدول العربية أن يكون له جيشها الموحد للدفاع عن الشعوب والتدخل السريع في‬‫حماية لشعوب من أي كوارث سياسية أو طبيعية‪.‬‬ ‫ كل المعاهدات الخارجية ال تكون نافذة إال بعد تصديقها من السلطات التشريعية‪ ،‬وموافقة‬‫السلطة القضائية الدستورية‪.‬‬ ‫وهكذا فإن المقصود فقط هو معرفة أن الدستور ليس مجرد نصوص‪ ،‬وإنما هو وثيقة وطنية تضع‬ ‫القواعد ‪ methods‬وتحدد اآلليات ‪ mechanisms‬من إدارة شئون الحياة بشكل عملي‪ ،‬وبكلمات‬ ‫أخرى‪ ،‬وظيفة الدستور هو وضع القواعد واآلليات القانونية الالزمة لتجسيد عقيدتنا السياسية الزمنية‬ ‫والتي ال يجب أن تنسلخ من عقيدتنا الدينية األبدية‪.‬‬ ‫رغم أن االستعمار حقيقة شريرة موجودة‪ ،‬إال أن الدول األوربية وأمريكا والصين وروسيا تخشى‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ربما ألننا لم نضع تصور مؤسس على قواعد وآليات تجعلهم يطمئنوا ويعلموا كيف‬ ‫يتصرفوا معنا حسب دستور تنظيمنا للعالم العربي‪.‬‬ ‫كما أن مثل االتحاد وبكل ما يصنعه من قواعد وآلليات دستورية ممكن أن يحد حتى العداوة بين هذه‬ ‫الدول الكبرى بسبب في تسابقها كل يريد أن يأكل العرب ويبتلع ثرواتهم ويستوطن أرضهم‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫استنتاج ‪ :31‬الدستور أوسع من حدود الدول‬ ‫الدستور يمثل سيادة الدولة ويعطيها الصفة القانونية في عالقاتها على مستوى الدول وكافة حقوقها و‬ ‫واجباتها في البيئة الدولية‪.‬‬ ‫لشعوب عندما تصنع دستورها يكون ذلك على أساس رؤية إستراتجية‪ ،‬بحيث تكون القيم والمنهجية‬ ‫والمهام واضحة ويمكن تطوير أدواتها واألهداف محددة‪.‬‬ ‫فالدستور ليس ثوب سياسي يفصل على مقاس الدولة‪ ،‬وتتزين بلمعان نصوصه‪ ،‬بل هو روح واسعة‬ ‫تدفع الشعوب للتقدم كقوة متحدة بكافة أقاليمها نحو تحقيق كامل مصالحها وتقف راسخة في‬ ‫مواجهة كل التحديات والمطامع والصراعات والمؤامرات التي باتت تدفع القوي نحو المتخلف‬ ‫والضعيف‪.‬‬ ‫ولفهم مثل هذه الحقيقة بشكل عملي‪ ،‬دعنا ننظر في كيفية تطور الوعي الدستور األلماني‪ ،‬حيث‬ ‫طلبت المحكمة الدستورية في يونيو‪ 2002‬أن يكون للبرلمان دور في كافة القوانين والقرارات‬ ‫على المستوى االتحاد األوربي‪ ،‬رغم أن أوربا تعي أنها ال تستطيع وال تتوفر فيها مقومات تشكيل‬ ‫إتحاد مركزي‪ ،‬ورغم ذلك تعي أن تشكيل اتحاد إقليمي قوي يتمتع بالشرعية التامة على مستوى‬ ‫الشعوب هو حتمية في ظل عالم تحترق سياسته الدولية بنيران الصراعات وإشعال المؤامرات‬ ‫وتقاطع المطامع وسخونة التحديات الدولية‪.‬‬ ‫وعن موقع حقائق عن ألمانيا ‪ " :‬ومن خالل المعايير الصارمة للدستور فيما يتعلق بدولة القانون وسيادة‬ ‫الديمقراطية فإن المحكمة الدستورية تتحول لتصبح عامال فاعال على الساحة األوروبية‪ .‬فقد أكدت المحكمة مرارا‬ ‫وتكرارا أن على نظام القانون األوروبي يجب أن يتماشى مع أحكام الدستور‪ ،‬قبل أن تشرع ألمانيا السياسية في‬ ‫المساهمة ببناء الوحدة‪" .‬الضمانة األبدية المطلقة" لمبادئ الدستور تدخل هنا في عالقة دقيقة مع دستور‬ ‫االندماج األوروبي‪ .‬وفي حكم للمحكمة الدستورية صدر في حزيران‪/‬يونيو ‪ 2002‬نوهت المحكمة بأنه من الواجب‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫أن يشارك البوندستاغ بشكل فعلي في إقرار القوانين واتخاذ القرارات على مستوى االتحاد األوروبي‪ ،‬إذا لم يكن‬ ‫من الجهات المنوط بها إقرار التعديالت واإلصالحات لالتفاقيات األوروبية‪.‬‬

‫استنتاج ‪ : 15‬المالمح العالمية للدول االتحادية‬ ‫أود هنا أن أشير قاعدة دستورية وهي أن توزيع هيئات السلطات ومدى الصالحيات بين سلطة‬ ‫المركز االتحادية وسلطة مكونات االتحاد من دول أو أقاليم‪ ،‬هي مسألة تقديرية توافقية‪ ،‬ليس هناك‬ ‫قانون عالمي أو نموذج فريد واحد‪ ،‬أو توصيات دولية أو آيات دينية‪.‬‬ ‫فهذه مسألة علمية بالدرجة األولى‪ ،‬وتعتمد على وعي الشعوب ومدى صدق اإلرادة السياسية‪ .‬فهناك‬ ‫معايير عديدة‪ .‬يلزمني أن اطرحها كما جاءت في الكتب‪ ،‬وعلى من يضع الدستور أن يعرف كيف‬ ‫يضع القواعد السياسية الالزمة‪.‬‬ ‫ولمعرفة المزيد عن قواعد وتصورات أشكال العالقات بين "سلطة المركز أي السلطة االتحادية" و‬ ‫"السلطات الوطنية أي سلطات الوحدات المكونة لالتحاد‪.‬‬ ‫والجدير بالمالحظة أنه يوصى بأن يكون هناك مكون دستوري مستقل في الدستور يدرج فيه كل‬ ‫القواعد القانونية الالزمة واآللية السياسة الشرعية‪ ،‬وبما تحقق تصور عملي دقيق‪.‬‬ ‫ومن بعض األمثلة على الدول االتحادية هناك ألمانيا واألرجنتين وأستراليا والبرازيل والواليات‬ ‫المتحدة األمريكية والمكسيك ونيجيريا وفنزويال‪.‬‬ ‫كما أن هناك نظام "الخالفة" الذي برز كأول تجربة اتحادية جمعت الدول اإلسالمية‪ ،‬ومر بتطورات‬ ‫تاريخية وتداعيات تاريخية عديدة‪ ،‬ولكن في مجملها كان مصدر إلهام العالم السياسي بأسس االتحاد‬ ‫المركزي وقوته الدولية‪.‬‬ ‫ومن أهم هذه األسس مبدأ تداول السلطة الذي يكمن في عبارة "الخالفة" ذاتها‪ ،‬أي حاكم يخلف‬ ‫األخر‪ ،‬مبدأ فصل السلطات القضائية فلكل والية قضاتها وفصل السياسة العامة فكل والية تدير‬ ‫شئونها‪ ،‬وكل دولة تدير حماية إقليمها‪ ،‬وهكذا فهو اتحاد على الصعيد أمور الدنيا نظام مفتوح وعلى‬ ‫صعيد العقيدة ومتطلبات اآلخرة متحد وملتزم‪.‬‬ ‫واتحاد الدول العربية هو مطلب لمواجهة تحديات معاصرة وأن يتشكل بأدوات ومفاهيم العصر‬ ‫وبمقومات األصل‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فنظام الخالفة هو نظام إتحادي بامتياز‪ ،‬ولقد أستنبط منه الكثير بحيث تشكلت اتحادات دولية‬ ‫معاصرة‪.‬‬ ‫والخالفة مصطلح يعني "التداول" ‪ ،‬والبيعة وسيلة كيف يخلف الخليفة المرشح للحكم من سبقه‪.‬‬ ‫فحسب الفكر اإلسالمي فكل البشر هم خليفة هللا في األرض‪ ،‬والخالفة السياسية تعني كيف تنازلوا‬ ‫عن سيادتهم هذه ليختاروا من يمثلهم ويخلف من قبله‪.‬‬ ‫الشك أن هناك جدال واسع ومخاوف عدة بسبب عدم الدقة في فهم نظام لخالفة‪.‬‬ ‫وأنني هنا ال أدرس مسألة الخالفة بعينها‪ ،‬وإنما أدرس اإلتحاد المركزي‪.‬‬ ‫وإن كنت من خالل هذا البحث أجد أن األنسب لكل دولة عربية أن تكون دولة لها دستورها‬ ‫الخاص‪ ،‬والمتوافق مع دولة عربية اتحادية ‪ ،‬لها دستور اتحادي‪ ،‬يجمع ينسق السياسة الخارجية‬ ‫والدفاعية واالقتصادية والقضائية بين هذه البلدان المستقلة بشكل كامل كما يفرضه الواقع السياسي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬ويتطور ويتكامل كما يفرضه الواجب الديني‪.‬‬ ‫وفي تقديري يمكن أن يتشكل دستور اتحادي انتقالي‪ ،‬ويأخذ زمنه الالزم في التطور الكافي‪ ،‬وأن‬ ‫يعدل بحيث ي في بمتطلبات التوازن بين الدول المتحدة‪ ،‬وبين توازن اإلرادات السياسية والشعبية‪،‬‬ ‫وبين التيارات الفكرية‪.‬‬ ‫وأن يتشكل بحيث يتضمن الدساتير الموجودة‪ ،‬ولكن ليضيف ما يلزم هذه الدول أن تنتج سياسات‬ ‫عربية متكاملة‪ ،‬ومواقف سياسية موحدة‪ ،‬وإستراتيجية عربية مصيرية واحدة‪ ،‬وأن تتوحد سيادتها‬ ‫المتجزئة‪ ،‬وأن تلتحم حدوها المتقطعة‪ ،‬وأن تستفتى الشعوب العربية‪ ،‬ليكون ذات صيغة شرعية أعلى‬ ‫من كل دستور محلي استفتي عليه شعب واحد‪.‬‬ ‫أم مشروع دستور إتحادي عربي هو مشروع العصر‪ ،‬وهو أعظم تحدي للعقل العربي‪ ،‬وهو تاج‬ ‫كرامة تاريخية تلبسها األجيال عبر العصور وحراك فكري تحترمه الدول الكبرى لشعوب أدركت‬ ‫حقيقة سيادتها‪ ،‬وبرهنت على قدرتها في تحقيق مصيرها‪.‬‬ ‫وهناك مسائل عديدة تناولتها األدبيات السياسية والدستورية‪ ،‬ورأيت أن أضم وجهة نظر "شبكة‬ ‫المعرفة االنتخابية" ومنا قشتها فيما يخص خصائص االتحادات المركزية وحلول ألهم اإلشكاليات‪،‬‬ ‫تفيد في رسم أي تصور اتحادي وصياغة دستورية‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫استنتاج ‪ :17‬مالمح النظام االتحاد المركزي ‪Federal Union features‬‬ ‫مسألة مخاوف تركيز السلطة في يد سلطة اتحادية‪ :‬ال يوجد دستور إتحادي في العالم إال وقد واجه‬ ‫هذه اإلشكالية‪ ،‬فطبيعة االتحاد أن تكون هناك سلطة مركزية‪ ،‬ولكن وجود حلول وتوافق وتطويرات‬ ‫أمر واقعي‪ ،‬فمثال‪ ،‬قد وضحنا من خالل الدستور األمريكي الذي يضم خمسون دولة‪ ،‬ونحن هنا‬ ‫نتحدث عن ‪ 22‬دولة الكثير منها ال يتجاوز بضع ماليين كقطر وإلمارات والكويت وموريتانيا‪ ،‬ومنها‬ ‫لم يتجاوز المليون مثل جيبوتي وجزر القمر‪ ،‬ومنها ما ضم ال يأتي في تعدد والية أمريكية واحدة مثل‬ ‫ليبيا وتونس والمغرب‪ ..‬ومن أجل تفادي أن تستأثر دولة أو فئة ما بتركيز واحتكار السلطة‪ ،‬ومن أجل‬ ‫المشاركة في العمل بفعالية‪ " ،‬فإن البعض يرى عند تصميم الدولة ضرورة توسيع الالمركزية لدى‬ ‫"السلطة القضائية – السياسية"‪ ،‬أو في مجال نقل الصالحيات أو السلطات وفقا ً للمساحة المتاحة أو‬ ‫الصالحية اإلقليمية إلنفاذ القانون ‪.‬وبالتالي ‪ ،‬فإن من الممكن التمييز بين درجات متفاوتة من‬ ‫الالمركزية في تلك السلطة بدءا ً من "المركزية الكاملة" لتلك الصالحيات المـُـخـ َ َّـولة لدى الهيئات‬ ‫الوطنية ‪ ،‬ووصوالً بها إلى مرحلة "الالمركزية المطلقة" في المؤسسات العامة‪ ،‬مما يمكنها من خلق‬ ‫وتطبيق القواعد القانونية في نطاق وأطر صالحياتها القانونية‪ .‬إال أنني وجدت أن الدستور األمريكي‬ ‫بسبب حروب االنفصال‪ ،‬تشدد في أن تكون سلطات اإلتحاد واضحة‪ ،‬وأن تكون سلطات الواليات‬ ‫كافية‪ ،‬وخاصة التشريعية وحكومات الواليات‪ ،‬والسلطات القضائية‪ ،‬ولكن شئون الحرب والمال‬ ‫والسياسية الخارجية مركزة بشكل دقيق‪ ،‬بحيث تكون دولة اتحادية قوية‪.‬‬ ‫إن مسألة التطبيق المكاني للقانون ليست واحدة‪ .‬ولذلك ‪ ،‬فإنه باالعتماد على اإلقليم ‪ ،‬فإن هناك العديد‬ ‫من الواضعين والمنفذين للقواعد القانونية‪ .‬وعلى مستوى الدولة ‪ ،‬فإن هناك خليطا ً من الهيئات‬ ‫المحلية والوطنية واإلقليمية والمتمتعة بالحكم الذاتي ‪ ،‬وفي نهاية المطاف ‪ ،‬هناك أيضا ً هيئات الدولة‬ ‫المناط بها اختصاصات محددة أو حصرية‪ ،‬بناء على شكل أو نمط تشكيل الدولة نفسها‪ .‬ويمكن‬ ‫تصنيف هذه االختصاصات على أنها "معيارية عادية"‪ ،‬أو "إدارية" أو "قضائية" ‪ ،‬وصالحة‬ ‫للتطبيق في كافة أراضي المنطقة بشأن موضوعات معينة (عندما تكون وطنية) ‪ ،‬أو بخصوص‬ ‫أجزاء منها فقط‪.‬‬ ‫انطالقا ً من منظور "سفلي ‪ -‬علوي"‪ ،‬ومع األخذ بعين االعتبار لمختلف أسس تنظيم التقسيمات‬ ‫اإلقليمية ‪ ،‬فإنه يمكن تصنيف الدول على أنها إما مركزية‪ ،‬أو وحدوية‪ ،‬إقليمية‪ ،‬أو مؤلفة من مناطق‬ ‫حكم ذاتي ‪ ،‬أو فيدراليات اتحادية ‪ .‬ونظرا ً لوجود أطراف أخرى إلى جانب الهيئات الوطنية‪ ،‬حيث‬ ‫هناك سلطات محلية أو حكومية من الدولة أو األقاليم ‪ ،‬وحتى سلطات من المقاطعات ‪ ،‬إن نموذج‬ ‫الدولة االتحادية‪ ،‬يعتبر أحد أبرز درجات الالمركزية في "السلطة القضائية – السياسية"‪ .‬وهذا النمط‬ ‫من التعايش يعني أن يتم انتخاب كل طرف منها من قبل المجتمع ‪ ،‬بصورة مستقلة عن بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬ويحق للممثلين المنتخبين العمل بصورة مطلقة في إطار واليتهم‪ ،‬وصالحياتهم القانونية‪.‬‬ ‫ويندرج هذا النموذج في فرعين مختلفين من التفويض الحكومي على نفس الدرجة من المساواة ‪،‬‬ ‫حيث هناك المستوى االتحادي‪ ،‬من جهة ‪ ،‬ومستوى الوالياتي المحلي‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬وفي نطاق‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المستوى األول‪ ،‬هناك قواعد سارية على كل األراضي في البالد ‪ ،‬ويجري إصدارها وتطبيقها من‬ ‫قبل الهيئات االتحادية ‪ ،‬وبالتالي فإن تلك القواعد تكون مـُـصاغة ومـُـشكـلة لجميع الناس الذين‬ ‫يعيشون في كافة أنحاء البالد ‪ .‬ومن ناحية ثانية ‪ ،‬فإن ثمة معايير محلية يتم وضعها من قبل الهيئات‬ ‫المحلية مع أخذ الدستور االتحادي بعين االعتبار على الدوام ‪ ،‬ولكن ال تصلح تلك المعايير للتطبيق‬ ‫إال على جزء محدد من التراب الوطني‪ ،‬وفي نطاق صالحيات ضيقة للغاية‪.‬‬ ‫إن مسألة تركيز السلطة‪ ،‬يجب أن يتم توزيع السلطات بحيث تنسحب على المحافظات أو الواليات أو‬ ‫دول اإلتحاد‪ ،‬في ظل قبول مشاركة في السيادة‪ ،‬باعتبارها واحدة غير قابلة للتجزئة‪ .‬كما توجد هناك‬ ‫دوائر سياسية ومعيارية وإدارية وقضائية في إطار كل وحدة والصالحية القانونية‪ .‬ويعمل توزيع أو‬ ‫خفض مستوى المركزية في السلطة السياسية‪ ،‬على االهتمام واألخذ بنظرية "الطرد عن المركز"‪.‬‬ ‫وال تعني هذه الميزة أنه ال يجوز اعتبار الدولة بصفتها دولة فدرالية وطنية بصورة كاملة‪ .‬وحتى لو‬ ‫أخذنا بعين االعتبار حقيقة وجود دستور وطني أو اتحادي ‪ ،‬ووجود سلطات وطنية أو اتحادية‬ ‫(تشريعية وإدارية وقضائية)‪ ،‬فإن هناك أيضا دساتير وسلطات خاصة بالوحدات المكونة لالتحاد‪،‬‬ ‫بما فيها التشريعية واإلدارية والقضائية )وتعمل هذه بصورة مؤكدة للتكيف مع الدستور االتحادي‬ ‫الذي يحتوي على جميع مبادئ وأسس الدولة االتحادية أو الوطنية‪ .‬وهذه الميزات تظهر لدى معظم‬ ‫الدول االتحادية ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فإنه قد تكون هناك بعض الدوائر المخصصة حصريا ً للسلطات‬ ‫االتحادية‪ ،‬مثل دوائر العدل‪ ،‬على سبيل المثال‪.‬‬ ‫إن الدولة اإلقليمية أو المتمتعة بالحكم الذاتي تعتبر شكالً من أشكال تنظيم الدولة الوطنية ‪ ،‬والتي من‬ ‫خاللها تعتبر بعض اإلدارات العمومية‪ ،‬والتنفيذية ‪ ،‬والوظائف المعيارية أو العادية متوافقة مع‬ ‫"الهيئات اإلقليمية المعتمدة"‪ .‬وبهذه الطريقة ‪ ،‬فإن بعض الدول مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال ‪،‬‬ ‫وإيطاليا ‪ ،‬قد عملت على تطوير مناطق ذات حكومات دستورية ذاتية بصورة مضمونة ومؤكدة‪،‬‬ ‫والتي تعتبر‪ ،‬من زاوية منظور ضيق‪ ،‬أنها ال تتطابق مع بقية الواليات المحلية للدولة االتحادية ‪ ،‬أو‬ ‫الهيئات اإلقليمية الثانوية للدولة الوحدوية من خالل الدستور الوطني ‪ ،‬فإن هناك بعض السلطات‬ ‫المركزية في هذه الدولة ‪ ،‬مع تخويلها بعض الصالحيات بسلطات ومهام جانبية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬وبدون‬ ‫اإليحاء أن ذلك قد يعني اعتباره بمثابة منح جهات معينة لسلطات بصالحيات لتصميم دساتير خاصة‬ ‫بها ‪ ،‬فإن ثمة بعض السلطات اإلقليمية أو المحلية التي تشتمل على صالحيات صريحة واستقاللية‬ ‫تشريعية واضحة‪ .‬كما ال يوجد لديها مجلس تمثيل نيابي بأهداف لحماية مصالحها اإلقليمية‪ ،‬وال‬ ‫تشارك في عمليات التعديل الدستورية ‪ ،‬وال تتمتع بأية سمات معترف بها على أسس الوالية أو‬ ‫الصالحية القضائية‪.‬‬ ‫ونظرا ً الحتكار السلطة ‪ ،‬وباإلضافة لممارسة الصالحيات التي تميز السيادة العامة من قبل بعض‬ ‫السلطات الوطنية ‪ ،‬في إطار ما يسمى الدولة المركزية الموحدة ‪ ،‬فإن السلطة السياسية تعتبر مركزية‬ ‫تماما ً‪ .‬ويتعين على كل شخص يقع تحت سيادة الدولة أن ينصاع ويمتثل لنفس تلك السيادة دون‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫غيرها‪ ،‬وللسلطات المركزية أو الوطنية فيها أيضا ً ‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن الجميع يخضعون لنظام دستوري‬ ‫واحد ولنفس القوانين‪.‬‬ ‫وعلى كل حال‪ ،‬فإن تخفيض درجة الالمركزية في بعض الصالحيات لصالح السلطات المحلية ‪ ،‬أو‬ ‫الجماعات ‪ ،‬أو اإلدارات اإلقليمية‪ ،‬ال يتعارض مع الدولة الوحدوية‪ .‬وعلى كل ‪ ،‬فإنه بحكم أن السلطة‬ ‫المركزية هي الجهة الوحيدة التي تتنازل عن الصالحيات وتشرف على ممارستها فيما بعد‪ ،‬فإنه لن‬ ‫يتم التوصل في تلك الحالة إلى حكم ذاتي كامل‪ .‬وحيثما تعمل السلطة الوطنية على تكديس السلطة‬ ‫العامة في قبضتها‪ ،‬فإنه يمكن القول‪ ،‬أنها تعمل على صيرورة نظرية "الجذب نحو المركز"‪ .‬وتعتبر‬ ‫بوليفيا وكولومبيا واالكوادور وفرنسا بعض األمثلة على الدول الوحدوية‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :18‬مالمح النظام االتحادي غير مركزي ‪Con federal‬‬ ‫‪Union Features‬‬ ‫وهذا نموذج عصري من نماذج تنظيم الدول‪ ،‬وتعتبر سويسرا في الطليعة بين تلك الدول‬ ‫الكونفدرالية‪ .‬والمالحظ أن سويسرا تتشكل من ثالثة قوميات اإلنجليزية واأللمانية والفرنسية‪،‬‬ ‫وكل محتفظ بلغته‪ ،‬في حين العرب قومية واحدة ولغة واحدة‪ ،‬لكن في حالة غياب وعي شعبي‬ ‫وغياب إرادة سياسية وعجز عن التمهيد لوضع أي شكل إتحادي دستوري‪ ،‬وفي مثل هذا النظام ‪،‬‬ ‫فإن الحفاظ على الحرية والسيادة واالستقالل للكيانات الكونفدرالية قبل السلطة الوطنية يعزز‬ ‫ويقوي من مستوى الحكم الذاتي ‪.‬وباإلضافة لذلك‪ ،‬فإن الكيانات تعتبر متساوية بين بعضها‬ ‫البعض ‪ ،‬وبالتالي ‪ ،‬فإن لها الحق في االنفصال عن الدولة الكونفدرالية في أية لحظة‪ ،‬إن شاءت‬ ‫ورغبت في ذلك‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى ‪ ،‬فإن االتحاد الكونفدرالي الذي ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الوطنية‬ ‫المستقلة‪ ،‬يهدف إلى تحقيق مطالب اقتصادية مـُـرضية من خالل نشأتها وتشكلها‪ .‬ويتم تنظيم ذلك‬ ‫في األساس عن طريق معاهدات القانون الدولي أو االتفاقيات‪ ،‬كما هو الوضع في الحالة‬ ‫النموذجية لالتحاد األوروبي ‪.‬ويقوم هذا اإلتحاد على أسس التعاون ومبادئ التنسيق فيما بين‬ ‫الدول الداخلة في االتحاد‪ ،‬فضال عن الدمج المجتمعي ونصوص قوانين الدول المنضوية تحت‬ ‫لواء ذلك النظام‪ .‬وباإلضافة لذلك‪ ،‬فإنه من ناحية الشق الرئيسي المتعلق بالموضوعات‬ ‫االقت صادية والتجارية‪ ،‬فإن ثمة بعض النواحي األخرى التي هي في صلب الكونفدرالية مثل تلك‬ ‫المسائل المتعلقة بالبـُـنى التحتية لالتصاالت ‪ ،‬فضالً عن التكامل الثقافي والتكنولوجي والعلمي ‪،‬‬ ‫وتوفير المساعدة‪ ،‬ودمج األنظمة الصحية ‪ ،‬عالوة على أمور أخرى عديدة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود هيئات مجتمعية ووطنية تتمتع بخبرات متنوعة من االختصاصات‪ ،‬فإنه‬ ‫يمكن للهيئات المجتمعية أن تعمل على إصدار قواعد نافذة بصورة مباشرة داخل منظومة‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫القوانين المحلية للدول الوطنية ‪.‬وفي بعض الحاالت األخرى ‪ ،‬فإنه ال بد من التحديد المسبق‬ ‫لضرورة تبني واعتماد بعض األنظمة واللوائح الداخلية حسب مقتضيات األمور ‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن ما يميز دولة اتحادية عن دولة مركزية أو متمتعة بحكم ذاتي‪ ،‬يتمثل في‬ ‫مستوى ودرجة الالمركزية فيها‪ .‬كما أن ما يميز بين الدولة اإلتحادية واألقطار الدولية األخرى‪،‬‬ ‫هو الفارق المتمثل في أن األقطار الدولية تستقي متطلباتها القانونية أوالً من منظومة القوانين‬ ‫الوطنية لديها ‪ ،‬في حين تقوم كونفدرالية الدول على أساس أحكام ومبادئ القانون الدولي‪.‬‬ ‫وحيث أن السلطات التي يتعين انتخابها‪ ،‬وأطرها القانونية والتنظيمية‪ ،‬تتوقف كلها على نموذج‬ ‫الدولة ‪ ،‬فإن من الضروري أن يتم األخذ بعين االعتبار لمختلف أشكال التنظيمات التي يمكن‬ ‫تبنيها واستيعابها‪ .‬وفي إطار الدولة االتحادية ‪ ،‬فإنه يمكن العثور بصورة اتحادية على( سلطة‬ ‫تنفيذية تمثيلية أو نيابية‪ ،‬مع وجود رئيس وهيئة تشريعية ‪ ،‬عادة ما تكون مؤلفة من مجلسين‬ ‫أحدهما للشيوخ أي األعيان‪ ،‬واآلخر للنواب) مع وجود سلطات محلية ‪ ،‬وأخرى للدولة أو‬ ‫المقاطعة‪ .‬ويجري اإلعالن عن تلك السلطات من خالل عمليات انتخابية يتم الحكم على كل حالة‬ ‫منها‪ ،‬من خالل قوانين مختلفة تشمل أيضا الهيئات والمؤسسات المسؤولة عن اإلعداد لالنتخابات‬ ‫‪ ،‬إلى جانب وجود بعض المسؤولين اآلخرين المختصين في حل قرارات النزاعات االنتخابية‬ ‫سواء في االنتخابات المحلية أو االتحادية منها‪ ،‬ولكنها تظل دائما معلقة ومرتبطة بالقواعد أو‬ ‫المبادئ المنصوص عليها في الدستور االتحادي‪ .‬وعلى كل‪ ،‬فإن هذا األمر ال يمثل عقبة كأداء‬ ‫في طريق السماح لهيئة مركزية بتنظيم االنتخابات وهيئة أخرى تكون وطنية أيضا ‪ ،‬للعمل على‬ ‫فض النزاعات الناشئة عن العمليات االنتخابية المحلية والفدرالية‪ ،‬وحتى المنازعات الناجمة على‬ ‫مستوى المقاطعات االنتخابية‪.‬‬ ‫وتعمل السلطات المركزية في دولة وحدوية على تصميم اإلطار القانوني لالنتخابات الوطنية‬ ‫الالزمة لها ‪ ،‬وللسلطات اإلدارية والمحلية أو اإلقليمية الخاصة بها‪ .‬وعلى الرغم من احتمال‬ ‫وجود بعض السلطات المحلية المسؤولة عن إدارة العملية االنتخابية المحلية ‪ ،‬في دولة إقليمية أو‬ ‫في كيان بحكم ذاتي ‪ ،‬فإن السلطات الوطنية تحدد مسبقا ً األحكام التي يجب أن تلتزم بها‬ ‫المؤسسات والعمليات االنتخابية الوطنية والمحلية‪ ،‬على حد سواء‪.‬‬

‫استنتاج ‪ :15‬عالقة الدين بالدستور والدولة في اإلسالم‬ ‫لكي نزيل اللبس أو المخاوف لدي المناهضين لظاهرة وجود عالقة بين الدين والدولة‪ ،‬وبين ظاهرة‬ ‫اإلرادة الشعبية نشاطها وخمولها واإلرادة السياسية المطلقة والمنضبطة‪ ،‬وبين ظاهرة العقيدة الدينية‬ ‫اإلنسانية وظاهرة العقيدة السياسية الحياتية‪ ،‬فقد ضوحنا سابقا بأن عالقة الدين اإلسالمي بالدولة‪ ،‬هي‬ ‫عالقة بين الدين والسلطات التشريعية والقضائية‪ ،‬وليس له عالقة تنفيذية مباشرة‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫وهذه العالقة لها أربع مراحل مركية‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫ مرحلة الحياة العامة‪ :‬حيث الكتاب والسنة هما األصل في رسالة المسلم في الحياة وهما‬‫المصدر األعم في كل ما أرد أن يفعل أو يقول‪ ،‬فهما قانوني رباني مفصل وهو "القران‬ ‫الكريم" وقانون نبوي تنفيذي وهو "السنة الشريفة"‪ ،‬فهما قانون الحياة والئحته التفيذية‬ ‫بالمفهوم المعاصر‪ ،‬ال يحدهما مكان وال زمان فصانعهما هو صانع الكون والخلق‪ ،‬وهي‬ ‫رسالة واجبة و خالدة‪ ،‬يحاسب كل مسلم على ضوء أحاكمها‪ ،‬وهي أحكام تعلوا فوق ذي علم‬ ‫ال يستطيع األنس لو أجنمعوا أن يدحضوها وفوق كل ذي حكم ال يستطيع أن يأتي بأعدل‬ ‫منها‪ ،‬وقد أقرا على كل مسلم ما يجب عليه في كل صغيرة وكبيرة في حياته‪" ،‬وما فرطنا في‬ ‫الكتاب من شيء" األية ( )‪.‬‬ ‫ مرحلة مسئولية العلماء‪ :‬لهذا الكتاب والسنة جوانب عديدة‪ ،‬ال يعرف فضلها إال العلماء‪ ،‬وال‬‫يحس بقوتها إال من حاول أن يطبقها في الحياة‪ ،‬وعلى العلماء واجب "الفقه الدستوري‬ ‫الشرعي"‪ ،‬حيث يستنبطون للشعب والحكام‪ ،‬كيف تؤسس دولة‪-‬األمة‪ ،‬وكيف يكون أسلوب‬ ‫الحكم الشرعي‪ ،‬بحيث يشكل هذه الدستور الشرعي المرجعية اإلسالمية‪ ،‬تسمتد منه الداستير‬ ‫الوضعية وتعديالتها الشرعية‪ ،‬وتكتمل سيادتها وتحرز توحدها الروحاني‪ ،‬الذي ال يأتي إال‬ ‫بقدر ما تمكست االقطار العربية بمرجعيتها المتميزة‪ .‬وهذه المرحلة أجتهادية‪ ،‬ال يختص بها‬ ‫إال العلماء‪ ،‬وال تصدر مخرجاتها إال عن طريق مؤسسات مشروعة‪ ،‬كاألزهر الشريف‬ ‫ومجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬ولهما بداية حسنة يمكن أن يؤسس عليها‪ ،‬وتتطور حسب مع‬ ‫متغيرات ومتطلبات الحياة‪ ،‬وبحيث ال تنفصل حياة المسلم عن دينه في كل صغيرة أوكبيرة‪،‬‬ ‫وهذه هو مصدر قو األمة‪ ،‬وهذا هو واجب العلماء ‪..‬‬ ‫ مرحلة السياسية‪ :‬وهي عالقة تفاعلية بين إرادتين وهما إرادة الشعب وإرادة الساسة وهم‬‫محبي السلطة‪ ،‬وتولي زمام أمور الناس‪ ،‬لما يها من جاه ومال‪ ،‬وقلة من يسعى إليها لمرضاة‬ ‫هللا‪ ،‬فالناس لديهم شعور العظمة‪ ،‬وإن أخفوا ذلك‪ ،‬حيث اإلنسان مخلوق خاص‪ ،‬لها قدرات‬ ‫عديدة‪ ،‬ويجب أن توظف في الخير وال يترك لها مجال أن توظف في الشر‪ ،‬فتهلك حياة‬ ‫الناس‪ ،‬ولهذا البد من وجود إرادة شعبية نشطة‪ ،‬تشارك في وضع الدستور الوضعي‪ ،‬فهتاك‬ ‫فيه ما هو تابث ال يمكن تغييره من حقوق و واجبات وحريات مقررة في اإلسالم‪ ،‬ال يمكن‬ ‫العبث بها أو مخالفتها ومحاربتها‪ ،‬وهناك أمر جنيوية عديدة تحتاج إلي سن قوانين وضعية‬ ‫بحتة ولكن يدرس كيف توظف قواعد وأسس دستور األمة‪ ،‬بحيث ال ينفلت عقد األمة‪،‬‬ ‫وتكون الدول العربية متجانسة‪ ،‬تتكامل قوتها االقتصادية والثقافية واالجتماعية والسياسية‪،‬‬ ‫وال تتضارب و وتتصارع‪ ،‬وتكون مطية للعدوا يضعف بها األمة ويبعدها عن الحق والعدل‬ ‫والخير والعلم‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ مرحلة الدولة‪ :‬الدولة هي كيان مادي نتاج الدساتير‪ ،‬وحالها هو نتاج تفاعل اإلراتين الشعبية‬‫والسياسية‪ ،‬وهذا التفاعل ينتج عنه عالقة بين دائرة المجتمع ودائرة السلطة‪ ،‬وهذا القاطع‬ ‫بينهما كمل مبين في الرسم‪ ،‬هو مساحة اإلرادة الشعبية‪ ،‬فكلما كانت نشطة ومشاركة‪ ،‬وكان‬ ‫الدستور شرعي و وضعي فعال‪ ،‬تكون هذه المشاركة كبيرة ومؤثرة‪ .‬فيكون للمجمتع حرية‬ ‫اقتصادية وملكيات خاصة واسعة‪ ،‬وتكون لها مؤسسات ثقافية واجتماعية و سياسية عديدة‪،‬‬ ‫تشارك في إدارة شئون الناس عامة‪ .‬بحيث تحقق الصملحة الفردية والعامة وسالمة الوطن‬ ‫والدين والنفس واعقل والممتلكات‪.‬‬ ‫والشكل التالي يوضح نقاط في غاية األهمية والواقعية اإلسالمية‪:‬‬

‫‪ -0‬نستخلص من مناقشات الكتاب بأن الكتاب والسنة هما األساس في حياة المسلمين‪ ،‬وهو‬ ‫دستور كوني إنساني رباني‪ ،‬يخص البشرية جميعها‪ ،‬والمسلمين مكلفين باحكامه بما فيها‬ ‫كافة واجباتهم وحقوقهم في الدنيا وتجاه بعضهم وغيرهم من األمم واألديان‪ ،‬وال يصح‬ ‫إنتمائهم لهذا الدين إال باإليمان وهو التصديق بعلم وقناعة‪ ،‬والعمل الصالح وهو العمل‬ ‫الصائب الغير منحرف عن هذه الواجبات والحقوق‪ ،‬ويقع عليهم تضامنيا تحملهم أمانة‬ ‫تبليغها بالتقدم العلمي والعملي وبالسلوك المستقيم واألخالقي‪ ،‬وبالتالي فصل الكتاب والسنة‬ ‫عن حياة المسلمين ودولتهم‪ ،‬هو أمر غير شرعي‪ ،‬وغير واقعي‪ ،‬وسوف يؤدي إلي ظهور‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫دستور وضعي غير مطابق للدستور الشرعي‪ ،‬كما أنه سوف ينتج دولة مطلقة‪ ،‬تغيب فيها‬ ‫اإلرادة الشعبية الشرعية‪ ،‬وقد تنتج عالقة إستبدادية تفصل حقوق وحريات و واجبات‬ ‫المجتمع الشرعية والسليمة‪ ،‬وتكون السلطة واإلرادة السياسة هي المهيمنة‪ ،‬وغير منضبطة‬ ‫بالكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪ -2‬بين الشكل بأن هناك دستور األمة‪ ،‬وهو دستور شرعي‪ ،‬يختص به علماء األمة‪ ،‬ولقد‬ ‫وضحنا في المبحث ‪ ،9‬الدستور اإلسالمي‪ ،‬الذي وضعتها لجنة عليا ولجنة فرعية وعن‬ ‫طريق اللجنة الدستورية بمجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬وأقر من قبل األمانة العامة لمجمع البحوث‬ ‫اإلسالمي واألزهر الشريف‪ ،‬في المؤتمر التاسع في ‪0591‬م‪ .‬وفي تقديري‪ ،‬يعد هذا الجهد‬ ‫مرحلة شرعية ضرورية‪ ،‬حيث يختص العلماء بحرية وإستمرارية مطلقة‪ ،‬فال سلطان على‬ ‫دين هللا في دولة اإلسالم‪ ،‬وال حكم لمسلم فوق أحكام هللا‪ ،‬وال عدالة لقاضي مسلم في غير ما‬ ‫قضى هللا‪ ،‬و إلرادة شعبية أو سياسية لمسلم تباين مقاصد هللا في الكون والخلق‪ .‬وبذلك‬ ‫يختص العلماء بتطوير التصور اإلسالمي في شكل لدولة وأسلوب الحكم الشرعي‪،‬‬ ‫ويحاولون من خالل هذه الفقه مواكبة كل تقدم علمي وتغطية كل حاجة سياسية وشعبية بما‬ ‫يخدم مصلحة األمة الموحدة روحانيا‪ ،‬ال تستطيع أن تفرقها قوة إاذ تسلحت بقوة اإليمان‪ .‬وبما‬ ‫يخدم إنتاج دساتير قطرية وضعية‪ ،‬تناسب كل قطر‪ ،‬فالصراع على السلطة والزعامة‪،‬‬ ‫والمكايد والتدخالت الخارجية‪ ،‬وضعف النفوس‪ ،‬وغيرها من العوامل‪ ،‬تقارب األقطار‬ ‫وتباعدها‪ ،‬ولكن البد أن تكون الشعوب واعية ومسئولة بهذا الدستور األممي الذي يجمعها‬ ‫بشكل ثنائي وتعددي‪ ،‬وتكاملي أو إندماجي حسب سعة وسواد اإليمان في النفوس‪ ،‬والذي‬ ‫يبعث اإلرادة الشعبية‪ ،‬علبى أن تؤثر في اإلادة السياسية وتجعلها تقبل إعداد دستور وضعي‬ ‫شرعي‪ ،‬تتفاعل فيه التوابث وهي القواعد المذكورة في دستور األمة‪ ،‬وقد ذكرنا مثال دستور‬ ‫األزهر‪ ،‬ويمكن أن يتخذ كبادية إلنطالقة‪ ،‬في صنع اتحاد الدول العربية‪ ،‬فقد وضحت المادة‬ ‫األولى هذه الحقيقة‪ ،‬وهي األدمة يمكن أن تجتمع في دولة أو عدة دول ولها أن تختار نظامها‬ ‫السياسي بما ال يخالف ويخرج عن مقاصد دستور األمة‪.‬‬ ‫‪ -3‬يبين الشكل بأن الدولة هي مركبة من المجتمع وهو األسر وكافة عالقاته ومؤسساته المدنية‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬وهناك السلطة وهي لها مؤسساتها‪ ،‬وتسيرها إراة سياسية‬ ‫تضع السياسات العامة في كافة المجاالت‪ .‬والذي يربط ويوازن العالقة هما أمرين‪ ،‬الدستور‬ ‫الوضعي الشرعي‪ ،‬واإلرادة الشعبية النشطة‪ ،‬فإذا أصاب هذه اإلرادة المسئولة خمول وعدم‬ ‫الوعي‪ ،‬أنفلتت زمام األمور‪ ،‬وأنفصل المجتمع عن دوره الحقيقي في الرقابة والتفاعل‬ ‫والعطاء والسمئولية‪ ،‬ويحل بذلك الفساد واالستبداد والظلم والقهر‪ ،‬كما أنه في حل عدم وجود‬ ‫دستور مركب (وضعي‪ +‬شرعي)‪ ،‬حيث تتقيد السلطة الشتريعية والسلطة القضائية بشكل‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫بالدستور الوضعي المنبثق من دستور األمة االتحادي‪ ..‬وبذلك نجد أن السياسات العامة‬ ‫التنفيذية والقوانين والقرارت والمعاهدات والعالقات الدولية سوف تكون مشروعة بحكم أنها‬ ‫صادق عليها المؤسسة الشتريعية والمؤسسة القضائية‪.‬‬ ‫*‬ ‫وفي الختام ان مشكلة ومصيبة الشعوب العربية هي بداخلها‪ ،‬وليس بخراجها‪ ،‬فهناك دائما عوامل‬ ‫داخلية‪ ،‬وهذه العوامل هي ما يشجع و ينمي عوامل خارجية عديدة ضدها‪.‬‬ ‫وهي مشكلة تربوية يتحمل مسئوليتها الناس وكل فرد يوم الحساب‪ ،‬وكل أب أسرة وكل ام وكل شاب‬ ‫عليه واجب ومسئولية الحياة الكريمة الشريفة الحضارية االنسانية العالمية المدنية السليمة واالمنة‪.‬‬ ‫فالدستور هو عقد تأسيس الدول‪ ،‬وهو مشروعها الوطني واإلنساني والمصيري‪ ،‬وهو مرآة تعكسها‬ ‫تطور تجربتها السياسية ومسئوليتها اتجاه بعضها‪.‬‬ ‫وقد أضاف الكتاب مناقشة مفهوم الدستوري للسلطة االستشارية "الشورى" وسلطة الصحافة‪ ،‬وعلى‬ ‫أساس استقاللية وتفاعلية هذه السلطات الخمسة وعالقاتها ببعض على أساس مبدأ فصل السلطات‬ ‫الذي ترتكز تنشده شرعية وفعالية الدساتير‪.‬‬ ‫وفي محاولة علمية الستنباط المعايير العالمية الالزم إدراكها من الشعوب من أجل دعم صناعة‬ ‫دساتيرهم الحقيقية والشاملة‪ ،‬والتي تربطها بمعتقداتها السماوية بالشكل السليم‪ ،‬والسلمي‪ ،‬والفعال‬ ‫تنمويا ومصيريا‪.‬‬ ‫و تناول الكتاب كثير من الجدليات بواقعية وبشكل صريح من أجل سبل التطوير الضرورية‪ ،‬وتحديد‬ ‫كافة األدوات والمسئوليات والمفاهيم الجوهرية‪.‬‬ ‫وال يمكن تحد يد القيمة الدائمة الدقيقة لألشياء في االستخدام أو التبادل واالحتفاظ إال بموجب تحديد‬ ‫نقائه ومنفعته للعامة‪.‬‬ ‫وأتبع الكتاب منهجية تقسيم الدستور إلي مكونات وعناصر‪ ،‬ومن ثم تناول معايير هذه الصنعة‬ ‫الشعبية والسياسية‪.‬‬ ‫ويؤمن ويستند على حقيقة أن مثل الناس والسياسة ‪ ،‬كمثل البدن والروح‪ ،‬فإذا انتزعت السياسة أي‬ ‫السلطات من الناس‪ ،‬سادهم الظلم‪ ،‬واستشراء الفساد‪ ،‬وتعالى األشرار‪ ،‬وعانوا الجهل والفقر‬ ‫واالستخفاف‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫فالدساتير هي تاج الشعوب‪ ،‬ترصعها بوعيها وتلبسها بيديها‪ ،‬فال تقبل زيف لمعانها وال تدني رأسها‬ ‫لمن يهبه لها‪.‬‬ ‫و استعرض الكتاب بشكل أصيل ومتطور معالم استقاللية وتفاعل "السلطات الخمسة!"‪ ،‬وبشكل‬ ‫مبسط للجميع‪ ،‬و ناقش الحلول بشأن تصادم ظاهرة "العقيدة السياسية!" و "العقيدة الدينية"‪ ،‬وكيفية‬ ‫تحقيق اإلصالح السياسي والتصالح الفكري والتوافق التطبيقي والتنافس الموضوعي في صنع الحياة‬ ‫العامة‪ ،‬وبواقعية ومنهجية في ظل تنازع عقديتين سياسية ودينية وتنازع إرادتين سياسية وشعبية‪،‬‬ ‫وعلى نحو يحقق فعالية اإلدارة الحكومية والسياسات العامة‪ ،‬ويغرس منهجية أخالقية وبنية عضوية‬ ‫بحيث يكون في متناول جميع أفراد الشعب أن تتفاعل بعقالنية وتتحمل المسئولية‪.‬‬ ‫فيشكل الكتاب أرضية لصنع التوافقية‪ ،‬فأوضح ما يميز الديمقراطيات هو تحدي الصراع الفكري‪،‬‬ ‫وهو ما قد يعيقها في حال غياب الوطنية وسيطرة المصالح الذاتية أو ينوعها وينميها‪.‬‬ ‫في حين أشد من يميز كل دكتاتورية إنها تولد وبائية شعبية‪ ،‬يطول التخلص من أثارها‪ ، ،‬وفي دخلها‬ ‫ديدان تأكل بشراهة وشغف ما تبنيه من كيانات سليمة‪ ،‬وهي ميتة اإلرادة الفكرية الحرة فليس لها‬ ‫نظام مناعة‪ ،‬وتعيش ليتعفن من خاللها جميع مناحي الحياة بسرعة و انتشار هائل‪ ، ،‬فال تمكث في‬ ‫الدهر يوما بدون جرم فادح وقتل ظالم وفسق ظاهر‪ ،‬حتى تتعفن من خاللها كافة مناحي الحياة‪ ،‬و‬ ‫تنهض الشعوب لطلب العيش الكريم‪.‬‬ ‫ويكون دائما نجاة الشعوب من داخلها‪ ،‬ومن مطلبها في صناعة دستور حقيقي يحقق سيادة الدولة‬ ‫والحق وكرامة الشعب وعدالة العيش‪ ،‬وقداسة وحرية العقل والنفس والمال والعرض والدين‬ ‫والوطن‪.‬‬ ‫فهذا الكتاب في خدمة كل فرد‪ ،‬ومن اجل كل مجتمع‪ ،‬فهو يخدم كل أسرة‪ ،‬و يرشد المدرس‪،‬‬ ‫والشارع والمشرع والممارس السياسي والقانوني‪.‬‬ ‫وهو يثري مادة الدستور‪ ،‬فيتناولها تفسيرها السياسي ويربطها بالشعب‪ ،‬ويزيد من قيمة الدستور في‬ ‫أعين الناس‪ .‬أود ان يدرس في الجامعات لطلبة اإلدارة العامة وطلبة الفقه الدستوري‪ ،‬فهو ليس كله‬ ‫من لبنة افكاري او اقوالي‪ ،‬بل اقتبست وجمعت ونسخت ونقلت كل ما وجدته في سياق مشروع‬ ‫الدستور واالحزاب واالنتخابات واتحاد الدول العربية‪ ،‬وإن كانت هناك مئات وألوف الصفحات في‬ ‫كل ناحية من النواحي التي ذكرتها‪ ،‬ولكني لخصت بما يحقق مادة متكاملة شاملة نحو هدف واحد‪.‬‬ ‫باعتبار أن الدستور هو أفضل إنجاز حضاري وإنساني و وطني في تاريخ الشعوب‪.‬‬ ‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫ومن يدرس تاريخ الصراع السياسي والنهضة‪ ،‬وخاصة منذ ‪ 0915‬سوف يعي ذلك من خالل تنازع‬ ‫شرعية الحاكم و شرعية الشعب فيمن هو أحق في تقرير مصير الناس وتنظيم شئون حياتهم‪.‬‬ ‫ويبين الكتاب كثير من القواعد التي تحكم بعمومية علمية ودقة ومسئولية وطنية واعتبارات إنسانية‬ ‫ودوافع حضارية انبعاث القوانين والممارسات والسياسات العامة‪.‬‬ ‫ويناقش الكتاب قضايا فكرية عديدة في غاية األهمية‪ ،‬فتشمل‪ ،‬مثال‪ ،‬مسألة عالقة الدين بالدولة‪،‬‬ ‫وحقيقة خصائص الدولة المدنية‪ ،‬وعالقة اإلسالم بالدستور وماهية األحزاب السياسية وماهية‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وتحديد المفهوم العلمي للديمقراطية في ظل مفهوم الدستور‪ ،‬وكيفية تحقيق كفاءة القيادات‬ ‫العليا والسياسات العامة‪ ،‬وغيرها مما يعمق تعاليم الدستور في النفوس‪ ،‬فتشعر أنه نابع من ذاتها‬ ‫فتجود في حمايته بالمال والنفس‪ ،‬ويتوارث األجيال االفتخار بنمط حياتهم المشروع والمنظم‪ ،‬فتتحقق‬ ‫من خال له حياتهم الكريمة وتوافقهم وتجانسهم الحيوي فيصطفوا تاريخيا لحماية مصالحهم‬ ‫ومصيرهم‪.‬‬ ‫فتكمن قوة الشعوب وطبيعة تعايشها وسالمة عالقاتها في مدى وعيها بمسئولياتها العامة‪ ،‬فال تجعل‬ ‫مسألة بناء دولتهم شيء عادي‪ ،‬بل هو جوهر رسالتهم في الحياة‪ ،‬ال تناط تفاصيله بغيرهم‪ ،‬وليس من‬ ‫صنع الحاكم وال تمليه قوة معادية‪ ،‬فهو من صنع الشعوب وحدهم‪ ،‬لتضبط وتنظم عمل كل‬ ‫السلطات‪ ،‬وتعبر عن كامل سيادتها في ملكيتها المشتركة لإلقليم وثرواته‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬يوضح الكتاب بأن روح "صنع الدستور" وممارسة "السياسية المشروعة"‪ ،‬وفعالية‬ ‫"اإلدارة العامة" هي أمانة الشعوب‪.‬‬ ‫فالدستور فهو ميثاق بين الناس وينتج عنه "نظام الدولة" و"أسلوب ممارسة السلطات‪-‬الحكم"‪،‬‬ ‫ويحدد مؤسسات اإلدارة الحكومية ومسئوليات السياسات العامة الناجحة والجدية في كل مجاالت‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫فهذا الكتاب يعرض على المواطن المعايير العالمية والعلمية والحضارية في صنع دولتهم الحديثة‬ ‫القوية‪ ،‬روحها السياسية الشرعية وقوامها الدستور العام‪.‬‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المحتويات‬ ‫مقدمة‬ ‫المبحث ‪ :6‬المدخل العام للدستور واألحزاب واالنتخابات‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬المدخل العام للدستور‬ ‫مطلب ‪ :2‬المدخل العام لألحزاب‬ ‫طبيعة ‪ :3‬المدخل العام لالنتخابات‬

‫المبحث ‪ :5‬الفلسفة العملية في إعداد الدستور‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬المعادلة الشرعية والتقاليد القانونية‬ ‫مطلب ‪ :2‬طرح الفلسفة العملية لبعض الدساتير‬

‫المبحث ‪ :2‬أركان وعناصر صناعة الدستور‬ ‫ركن نظام الدولة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون الدولة‪.‬‬ ‫مطلب ‪ :2‬مكون النظام االجتماعي‪.‬‬ ‫مطلب ‪ :3‬مكون النظام االقتصادي ‪.‬‬ ‫مطلب ‪ :4‬مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة‪.‬‬ ‫مطلب ‪ :5‬مكون سيادة القانون ‪.‬‬

‫ركن أسلوب الحكم‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون رئاسة الدولة‬ ‫مطلب ‪ :2‬مكون السلطة التشريعية‬ ‫مطلب ‪ :3‬مكون السلطة التنفيذية‬ ‫مطلب ‪ :4‬مكون السلطة القضائية‬ ‫مطلب ‪ :5‬مكون المحكمة الدستورية‬ ‫مطلب ‪ :6‬مكون النائب العام‬ ‫مطلب ‪ :7‬مكون الجيش والقوات المسلحة واألمن القومي‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :8‬مكون الشرطة‬ ‫مطلب ‪ :5‬مكون مجلس الشورى‬ ‫مطلب ‪ :11‬مكون الصحافة‬

‫المبحث ‪ :1‬مفاهيم ومكونات العملية الحزبية‬ ‫تشكيل الذهنية الحزبية‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬دور األحزاب في السياسات العامة‬ ‫مطلب ‪ :2‬ظاهرة عالقة األحزاب السياسة بالعقائد الدينية‬ ‫مطلب ‪ :3‬حقيقة عالقة األحزاب السياسية بالدستور‬ ‫مطلب ‪ :4‬دروس حزبية من التجربة األلمانية والنمساوية‬

‫قانون األحزاب السياسية‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون أسس التنظيم اإلدارية‬ ‫مطلب ‪ :2‬مكون الحقوق والضمانات السياسية‬ ‫مطلب ‪ :3‬مكون الضوابط المنهجية والسلوكية‬

‫المبحث ‪ :6‬مفاهيم ومكونات العملية االنتخابية‬ ‫تشكيل الذهنية االنتخابية‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬العملية االنتخابية ظاهرة طبيعية‬ ‫مطلب ‪ :2‬اإلطار القانوني الدولي للعملية االنتخابية‬ ‫مطلب ‪ :3‬مناقشة األدوات القانونية في صنع العملية االنتخابية‬

‫قانون االنتخابات العامة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬مكون اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات‬ ‫مطلب ‪ :2‬مكون عملية تنظيم الناخبين‬ ‫مطلب ‪ :3‬مكون عملية تنظيم المرشحين‬ ‫مطلب ‪ :4‬مكون عملية االقتراع‬ ‫مطلب ‪ :5‬مكون الضوابط المنهجية والسلوكية‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المبحث ‪ :6‬االسالم والديمقراطية المعاصرة‬ ‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫مطلب ‪ :1‬احكام ومفاهيم البيعة وعالقاتها باالنتخابات‬ ‫مطلب ‪ :2‬احكام ومفاهيم تكوين دستور إسالمي‬

‫المبحث ‪ :1‬االستنتاج العام‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫استنتاج ‪ :1‬عالقة الدستور بالعقلية الجماعية‬ ‫استنتاج ‪ :2‬عالقة الدستور بالدولة و الشعب‬ ‫استنتاج ‪ :3‬عالقة الديمقراطية بالشرعية‬ ‫استنتاج ‪ :4‬تداعيات الصراعات الدولية على الشرعية‬ ‫استنتاج ‪ :5‬نظرية توازن العالقة بين السلطة والمجتمع‬ ‫استنتاج ‪ :6‬الحاجة ألحكام انتقالية ورؤى ومستقبلية‬ ‫استنتاج ‪ :7‬متطلبات التوافق بين اإلسالم والديمقراطية المعاصرة‬ ‫استنتاج ‪ :8‬الحاجة التحاد الدول العربية والدستور االتحادي‬

‫*‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


‫المراجع‬ ‫‪ ‬اعتمدنا على ما ذكرنا من نصوص دساتير وقوانين االحزاب واالنتخابات‪ ،‬لمجموعة من‬ ‫الدول منها الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬المانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬مصر‪ ،‬ليبيا‪..‬‬ ‫‪ ‬وفي شأن ما ورد في المبحث اإلسالمي فهي منسوخة مباشرة من رأي العلماء المختصين‪،‬‬ ‫وخاصة مجلس مجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬فيما يخص نموذج الدستور اإلسالمي لألمة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫إدارة الصحافة االتحادية لدولة النمسا‪" ،‬النمسا وحقائق وأرقام"‪.1586 :‬‬ ‫شبكة المعرفة االنتخابية ‪" ،‬الموسوعة االنتخابية االلكترونية"‪.2112 ، ACEPRPJECT.ORG :‬‬ ‫فوزي احمود‪"،‬األحزاب السياسية في الوطن العربي و إشكاليات العالج"‪ :‬صحيفة الجريدة العراقية‪،‬‬ ‫‪http://www.aljaredah.com‬‬ ‫الموقع االلكتروني‪ ،‬حقائق عن ألمانيا‪ ،‬بقلم "يورغن هارتمان"‪:‬‬ ‫‪http://www.tatsachen-ueber-deutschland.de/ar/political-system/main-content‬‬‫‪04/the-bundestag.html‬‬

‫*****‬

‫منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)‬

‫‪ISBN 978-1-329-06557-4‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.