116

Page 1

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ | 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.facebook.com/ZaitonMagazine - zaiton.mag@gmail.com - www.zaitonmag.com‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫|‬

‫|‬

‫طني الذكريات‬ ‫ْ ُ‬ ‫وحل األمنيات‬

‫‪1‬‬


‫|‬

‫ر�أي‬

‫|‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫ميثاق �شرف للإعالميني ال�سوريني‬ ‫أعلنت عش��رون مؤسسة ووسيلة إعالمية‬ ‫بمؤتم��ر صحف��ي ي��وم الخمي��س الماض��ي‬ ‫ميث��اق ش��رف لإلعالميي��ن الس��وريين ف��ي‬ ‫مدينة إستنبول التركية‬ ‫وحضر المؤتمر المؤسس��ات الموقعة على‬ ‫الميثاق وجهات إعالمية وصحفية وشخصيات‬ ‫مس��تقلة وقرأعبسي سميس��م عضو هئية‬ ‫الميثاق البيان الصحفي ذكر فيه أسباب التي‬ ‫دعت الى الميثاق وأهدافه‪ ،‬كما اكد سميسم‬ ‫عل��ى أن مؤتمراً تأسيس��يًا س��وف يعقد في‬ ‫الشهور القادمة سيضم كل المؤسسات التي‬ ‫سوف إلتحقت بالميثاق في هذه الفترة‪.‬‬ ‫كم��ا أج��اب أعض��اء الهيئ��ة عل��ى أس��ئلة‬ ‫الصحفيي��ن فيم��ا يتعل��ق بتفاصي��ل آلي��ة‬ ‫انضمام باقي المؤسس��ات الت��ي لم تتمكن‬ ‫م��ن التوقي��ع وق��ال رئي��س هيئ��ة الميثاق‬ ‫حسين برو‪:‬‬

‫س��نة كامل��ة اس��تعانت خاللها بع��دة خبراء‬ ‫دوليون في هذا المجال‪.‬‬ ‫وجاء في مقدمة الميثاق‪:‬‬ ‫نظ��راً للدور الكبير الذي يلعبه اإلعالم في‬ ‫صناعة الرأي العام‪ ،‬وفي الرقابة والمساءلة‪،‬‬ ‫ونشر الحقيقة للجمهور دون تمييز‪ ،‬بمهنية‬ ‫وموضوعية‪ ،‬افتقدها اإلعالم الس��وري على‬ ‫م��دى عق��ود‪ ،‬وإس��هامًا في ضب��ط العملية‬ ‫اإلعالمية المتطورة بشكل مستمر ومتسارع‬ ‫في س��وريا‪ ،‬إثر انطالق الحراك الشعبي في‬ ‫آذار ‪ ،2011‬وما أفرزه من مؤسسات إعالمية‪.‬‬ ‫ونظرًا لغياب قواني��ن جامعة وناظمة لعمل‬

‫ه��ذه المؤسس��ات‪ ،‬أصبح��ت الحاج��ة ملح��ة‬ ‫لوجود ميثاق ش��رف إعالمي يلزم الموقعين‬ ‫عليه أخالقيًا‪.‬‬ ‫وعلي��ه‪ ،‬أق��رّ الموقع��ون أدن��اه‪ ،‬وه��م‬ ‫مجموعة من المؤسسات اإلعالمية السورية‬ ‫المس��تقلة‪ ،‬بع��د ج��والت من النق��اش‪ ،‬بين‬ ‫مختل��ف التوجه��ات والمكون��ات‪ ،‬وبالتواف��ق‬ ‫فيم��ا بينها‪ ،‬تكريس مجموع��ة من المبادئ‪،‬‬ ‫عبر ميثاق يسهم في خلق حالة من التوازن‬ ‫واالس��تقرار‪ ،‬لخير المجتمع الس��وري ونموه‬ ‫وارتقائ��ه‪ ،‬آملي��ن م��ن جمي��ع المعنيين به‪،‬‬ ‫احت��رام ما ورد في��ه‪ ،‬وااللتزام به‪ ،‬وأس��موه‬ ‫(ميثاق شرف)‪.‬‬

‫بأن الميثاق منفتح ويرحب بجميع وس��ائل‬ ‫اإلعالم التي ترغب باالنضم��ام الى الميثاق‬ ‫بغض النظر عن توجهها السياسي ولها ذات‬ ‫صالحيات المؤسسات الموقعة‪.‬‬ ‫وذكر البيان أن المؤسس��ات التي ش��اركت‬ ‫بصياغ��ة الميث��اق قد ناقش��ت الميثاق لمدة‬

‫بطولة �شهداء �سراقب لل�شطرجن‬ ‫استضاف‫‏منتدى_سراقب_الثقافي‬ بطولة‪:‬‬ ‫«شهداء سراقب» بالشطرنج برعاية‬ ‫‫‏منتدى_سراقب_الرياضي‬و‫‏الهيئة_العامة_‬ ‫للرياضة_والشباب_في_س��وريا‬ التي انتهت‬ ‫ي��وم األربع��اء المنصرم بمش��اركة عدد من‬ ‫الالعبين‪:‬‬ ‫( ابراهيم عليوي ‪ -‬محمد اسماعيل ‪ -‬أحمد‬ ‫ش��حود ‪ -‬ماجد حج حس��ين ‪ -‬محمود بكور ‪-‬‬ ‫ماهر عزو ‪ -‬عماد رزاز ‪ -‬محمد فصيح الخالد‬ ‫ عب��د الحافظ خربوطلي ‪ -‬مصطفى العزي‬‫ محمد حمزة شيخ كلة ‪ -‬بشار عكوش )‬‫وقد حصد نادي األهلي من مدينة األتارب‬ ‫المراكز الثالثة األولى من خالل العبيه‪:‬‬ ‫عبد الحافظ خربوطلي ‪ -‬مصطفى العزي‬ ‫ محمد حمزة شيخ كلة‬‫«عدي الحس��ين» عضو مجلس ادارة نادي‬

‫‪2‬‬

‫إدارة الن��ادي األهلي في األت��ارب قال أيضا‪:‬‬ ‫(بالنس��بة للمش��اركة فنح��ن كن��ا بأم��سّ‬ ‫الحاجة لها أكثر م��ن حصد النتائج المتقدمة‬ ‫حت��ى يبقى التواصل بين جمي��ع الرياضيين‬ ‫األح��رار‪ ،‬وحتى يرى العالم بأننا ش��عب نحب‬ ‫الحي��اة ولدين��ا رس��الة نق��وم بإيصالها عبر‬ ‫الرياضة)‪.‬‬

‫س��راقب الرياضي تحدث للمكت��ب االعالمي‬ ‫ف��ي الهيئ��ة العام��ة للرياضة والش��باب في‬ ‫سوريا عن بطولة الشطرنج قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫(البطول��ة كان��ت جي��دة نوعًا ما وش��هدت‬ ‫ال معقو ً‬ ‫اقبا ً‬ ‫ال أيضاً‪ ،‬ويعود الس��بب إلى فترة‬ ‫انقطاع طويلة نتيجةاألوضاع الراهنة ولكن‬ ‫نأمل أن تكون البطوالت القادمة أكثر نجاح ًا‬ ‫وأكثر تفاع ً‬ ‫ال من األخوة الرياضيين)‬

‫نادي سراقب الرياضي‬

‫«عب��د اللطي��ف الف��ج» رئي��س مجل��س‬

‫الهيئة العامة للرياضة والشباب في سوريا‬


‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫|‬

‫وجهة نظر‬

‫|‬

‫نقد ذاتي‪ ..‬الثورة وم�آالتها‬ ‫عبد الكرمي �أني�س‬ ‫قدمت ل��ي الثورة أكث��ر بكثير مم��ا قدمته‬ ‫لها وفيه��ا‪ .‬كانت الثورة امتحان�� ًا لبالء عظيم‬ ‫على مس��توى ال��ذات خاصة‪ ،‬وعل��ى المحيط‬ ‫االجتماع��ي عامة‪ .‬صحي��ح أن البالء منها كان‬ ‫عليّ وعلى عائلت��ي عظيم ًا‪ ،‬من حيث فقدان‬ ‫القدرة على استش��ارة طبيب لفواجع صحية‪،‬‬ ‫على أقل تقدير‪ .‬ال يع��رف معنى ذلك حق ًا اال‬ ‫من عاناه‪.‬‬ ‫وصحيح أن التش��ريد وفقد المنزل ومصدر‬ ‫ال��رزق‪ ،‬قد طالن��اـ كما كثيري��ن‪ ،‬وصحيح أن‬ ‫فقدان األمان‪ ،‬وتملك الذعر‪ ،‬كان ش��أن ًا عام ًا‪،‬‬ ‫وهذا فعلي ًا قلص من كثير من العناء‪ ،‬فشيوع‬ ‫البلوى تعي��ن على تجاوز المحن��ة‪ .‬ولكن من‬ ‫بإمكانه أن يتجاهل أن��ه كان هناك الكثيرين‬ ‫والكثيرات‪ ،‬الذي��ن ذهبوا ضحايا الدفن أحياء‪،‬‬ ‫وكان��وا مم��ن بت��رت فيه��م األعض��اء‪ ،‬كم��ا‬ ‫األش��خاص‪ ،‬ودفعوا بذل��ك الفات��ورة األعلى‬ ‫ّ‬ ‫تقبل منهم يا رب العالمين‪.‬‬ ‫واألغلى‪ .‬اللهم‬ ‫لكن الثورة قدمت ل��ي الفرصة كي أمتحن‬ ‫نفس��ي وقناعاتي وأن أقيس��ها بت��رو وبدون‬ ‫مبالغات‪ .‬ومن ث��م مطابقتها مع واقع ما قبل‬ ‫الثورة وما ح��واه وقتها من أح�لام وادعاءات‪.‬‬ ‫عل��ى صعي��د ذاتي‪ ،‬لم أنجح س��وى على نحو‬ ‫يس��ير‪ .‬فهذه المرحلة لم تكن س��وى امكانية‬ ‫تحدي أن بإمكاننا أن نس��وي أمورنا بأنفس��نا‬ ‫ودونم��ا وصاي��ة من نظ��ام مجرم‪ ،‬بنس��بية‬ ‫طبع ًا‪ .‬ولكن بالمقاب��ل قناعاتي بأمل التغيير‬ ‫زادت‪ ،‬مهم��ا كان الثم��ن كبي��راً‪ ،‬ول��م تب��دل‬ ‫المتغي��رات وخ��ذالن العال��م أي ًا م��ن مطالبي‬ ‫بالحري��ة والعدال��ة و تداول الس��لطة‪ .‬صحيح‬ ‫أنني فش��لت نس��بي ًا‪ ،‬في مواض��ع كنت أعتبر‬ ‫العم��ل فيه��ا ش��أن ًا جماعي ًا‪ ،‬ينبغ��ي أن تكون‬ ‫المس��ؤولية في��ه جماعية‪ .‬لك��ن قناعتي عبر‬ ‫ه��ذه الفت��رة بأن��ه كان يمك��ن ادارة الش��أن‬ ‫الع��ام بالمزيد من الوعي وبالمزيد من ضبط‬ ‫النفس واالبتعاد عن الحدة ما أمكن‪.‬‬

‫كنت أقرّب الثورة من حيث التشبيه للهجرة‬ ‫التي قام بها الرس��ول محم��د صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم م��ن مك��ة الحبيبة عل��ى قلب��ه والتي‬ ‫خ��رج منه��ا مأم��وراً م��ن اهلل بع��د أن كثرت‬ ‫علي��ه المصائب وثقلت الش��دّة والمحنة على‬ ‫الضعف��اء والمس��اكين مم��ن اعتنق��وا دي��ن‬ ‫االس�لام هرب�� ًا م��ن الظل��م ومن االس��تعباد‬ ‫والتفرق��ة وأكل أموال الن��اس بالباطل وكنت‬ ‫أق��ول لألصدق��اء المقربي��ن أن الث��ورة كم��ا‬ ‫الهج��رة وكل لما هاجر اليه وكل لما ثار عليه‪.‬‬ ‫وهن��ا كان��ت تصورات��ي ع��ن الث��ورة الزالت‬ ‫ناصع��ة البياض وه��و خطأ كبي��ر وقعنا فيه‬ ‫كأفراد من حيث االنغماس بنرجس��ية مثالية‬ ‫للثوار‪.‬‬ ‫الحقيق��ة بات تش��بيه الثورة بالنس��بة إلي‬ ‫ال أكث��ر فوضوضي��ة وأكث��ر قبو ً‬ ‫يأخ��ذ ش��ك ً‬ ‫ال‬ ‫لمخرج��ات ونتائ��ج انغم��س فيه��ا األف��راد‬ ‫والمجتمع ضمن مس��تنقع الفس��اد واالفساد‪،‬‬ ‫فبت أق��رب للتص��ور أنها محاول��ة مهنية من‬ ‫قبل عامل��ي صرف صح��ي يحاولون جهدهم‬ ‫ليتمكنوا من (تزيل) مجرور صحي بات لش��دة‬ ‫تراك��م األوس��اخ واألق��ذار يصي��ب المجتم��ع‬ ‫بوابل من األمراض ويسمح بتكاثر القوارض‬ ‫والحش��رات بش��كل كبير ومتنام وم��ؤذ فيها‪.‬‬ ‫الحقيق��ة أن ه��ذا التص��ور ال يس��مح ألفراد‬ ‫المجتم��ع بالحدي��ث ع��ن انكس��ارات أخالقية‬ ‫عندما يش��اهدون تصرفات غي��ر مقبولة من‬ ‫بعض ممن تصدى ليكون في صدارة المشهد‬

‫الثوري ألسباب مختلطة‪ ،‬بل وبكل بساطة ال‬ ‫يخرج الموقف خارج اطارات المثالية المفرطة‬ ‫بالتعقي��د والمبالغة بتصوي��ر الطهرانية لمن‬ ‫هو محسوب على الثورة وخصيص ًا ممن حمل‬ ‫السالح دفاع ًا عن المستضعفين ضد عصابة‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫الزلت متمس��ك ًا بالث��ورة‪ ،‬والزل��ت أقبل أن‬ ‫أخوضه��ا مرة أخ��رى‪ ،‬م��ع خي��ارات مختلفة‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬والزلت مقتنع ًا أنه تقع علينا مس��ؤولية‬ ‫أخالقي��ة ف��ي ما وص��ل اليه الن��اس من تعب‬ ‫وشقاء‪.‬‬ ‫أصدقائ��ي الذين ال زالوا يحملون المش��عل‬ ‫بثبات‪ ،‬اليكم تنحني الجباه وفيكم األمل مهما‬ ‫عظم األلم‪ .‬وأنت أيته��ا المعارضة الخارجية‪،‬‬ ‫علي��ك من اهلل ما تس��تحقين‪ ،‬فقد أخذت كل‬ ‫الف��رص الممكن��ة كي تكوني على مس��توى‬ ‫تضحيات الشعب الس��وري في الحصول على‬ ‫حقوقه في الحرية والعدالة وتداول السلطة‪.‬‬ ‫أم��ا أنت يا م��ن حملت الس�لاح دفاع ًا بوجه‬ ‫آلة قتل ليس كمثلها في البالد‪ .‬دع عنك أخي‬ ‫ش��كل المس��ميات لدولة ليس��ت بعد بمتناول‬ ‫األي��د‪ .‬اثبت على الحق ال��ذي خرجت فيه ضد‬ ‫كل ظلم وضد كل طغيان وفساد‪ .‬فإن ذهبت‬ ‫ش��هيداً فنعم األجل الذي ذهبت فيه‪ ،‬وأجرك‬ ‫على اهلل‪ ،‬ومن يك��ن أجره على اهلل فقد فاز‪.‬‬ ‫وإن انتصرت فستكون شريك ًا في االختيار‪.‬‬

‫كان��ت الثورة أفض��ل وقت قدم��ت لي فيه‬ ‫الناس عل��ى حقيقتها‪ ،‬وع��ن حقيقة معادنها‬ ‫وألوانه��ا ومش��اربها‪ .‬الزل��ت أؤم��ن أن الثورة‬ ‫تغيي��ر جامع ف��ي النف��س البش��رية كما في‬ ‫المحيط االجتماع��ي الذي نعيش فيه‪ .‬فليس‬ ‫صحيح ًا أن كل من انتسب للثورة وعمل فيها‪،‬‬ ‫أخلص له��ا وفيه��ا‪ ،‬وكان بين ه��ؤالء‪ ،‬أوائل‬ ‫وأواخر‪ ،‬عملوا ما بوسعهم كي يعيدوا ذات ما‬ ‫انقلب عليه الثوار وكانوا بذلك شركاء لنظام‬ ‫المجرم بشار في تأخير عودة األمور لنصابها‬ ‫واألهل لمساكنهم وأرزاقهم‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫|‬

‫تقارير زيتون‬

‫|‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫لي�س لل�سوري �أن ُيقلق املعابر التجارية‬ ‫حممد عالء‬ ‫في الوقت الذي ينج��ح فيه عناصر تنظيم‬ ‫الدول��ة داع��ش بالتس��لل ذهاب��ًا واياب��ًا من‬ ‫مناط��ق س��يطرتهم ال��ى األراض��ي التركية‬ ‫أو العك��س‪ ،‬دون وجود أي تش��ديد أمني في‬ ‫تلك المناطق‪ ،‬بفرض حرس الحدود التركي‬ ‫تش��ديداً صارماً على مناطق سيطرة الجيش‬ ‫الحر الواقعة على الشريط الحدودي من ريف‬ ‫مدينة مارع شما ً‬ ‫ال وحتى ريف مدينة الالذقية‬ ‫جنوب ًا‪ ،‬مانع��ًا المواطنين الهاربين من جحيم‬ ‫معارك الجيش الحر مع تنظيم الدولة داعش‬ ‫من جه��ة‪ ،‬وقص��ف ق��وات النظام م��ن جهة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬أض��ف الى ذل��ك قلة العم��ل واألمان‬ ‫أيض ًا‪.‬‬ ‫ووثق نشطاء استشهاد ما ال بقل عن ‪100‬‬ ‫ش��خص بينهم أطفال ونساء برصاص قوات‬ ‫ح��رس الحدود التركية‪ ،‬الت��ي أصبحت تعتمد‬ ‫منهج��اً مماث ً‬ ‫ال لمنهج قوات النظام الس��وري‪،‬‬ ‫ف��ي إذالل األهالي الذين يقومون باعتقالهم‬ ‫أثناء محاول��ة الدخول لألراضي التركي‪ ،‬دون‬ ‫مراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫وبظل اس��تغالل المهربي��ن لظروف هؤالء‬ ‫الناس‪ ،‬وس��ط تخ��اذل كبير من المس��لحين‬ ‫الذي��ن يطلق��ون عل��ى أنفس��هم جيش حر‬ ‫والجي��ش الح��ر منه��م ب��راء واليحمل��ون أي‬ ‫مب��دئ من مبادئ الجيش الح��ر وأولها حماية‬ ‫المدنيين‪ ،‬بل وصل األمر بهؤالء المس��لحين‬ ‫ليتحاصصوا مع المهربي��ن األموال التي يتم‬ ‫س��لبها من الناس‪ ،‬ومعاقبة واعتقال كل من‬ ‫يرف��ض الدفع له��ؤالء التج��ار‪ ،‬بحج��ة انهم‬ ‫يدفعون لألتراك‪.‬‬ ‫الناش��ط اإلعالمي أبو عمر الشمالي تحدث‬ ‫لـ زيتون قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫دوماً ما نسمع من القيادة السياسية التركية‬ ‫أنهم مستمرون بسياسة الباب المفتوح أمام‬ ‫الالجئين السوريين‪ ،‬وأن السورين مهاجرين‬ ‫واألت��راك أنص��ار‪ ،‬لك��ن بدأنا نلتم��س تغيراً‬ ‫ممنهج وواض��ح‪ ،‬ويدل على أن إغالق الحدود‬ ‫بوج��ه الهاربين هو قرار من القيادة التركية‪،‬‬ ‫وليس مجرد تج��اوزات فردية مح��دودة‪ ،‬ألن‬ ‫اغالق المرور يش��مل مناطق من حور كلس‬ ‫قرب مارع بريف حلب الش��مالي‪ ،‬وحتى معبر‬ ‫الليمضية بجبل األكراد بريف الالذقية‪ ،‬وهذه‬ ‫أول مرة منذ بدء الثورة الس��ورية نشهد مثل‬ ‫هذا االغالق والتش��ديد‪ ،‬بظ��ل هجوم كثيف‬ ‫لتنظي��م الدول��ة داع��ش على مدين��ة مارع‪،‬‬ ‫وس��يطرته عل��ى مناطق واس��عة بمحيطها‪،‬‬

‫‪4‬‬

‫كتاللي��ن وأم ح��وش وأم الق��رى وحرب��ل‬ ‫وغيرهم‪ ،‬ماأدى لحركة نزوح كبيرة من تلك‬ ‫الق��رى‪ ،‬التي ن��زح جميع س��كانها إضافة الى‬ ‫النازحين المتواجدين فيها س��ابقا‪ ،‬وهم األن‬ ‫يفترش��ون األراضي الزراعية ق��رب الحدود‪،‬‬ ‫يحاول��ون بش��كل يوم��ي الدخ��ول لألرضي‬ ‫التركي��ة‪ ،‬خوفاً من أي تق��دم جديد للتنظيم‬ ‫ف��ي المنطقة‪ ،‬لك��ن ال تزال الق��وات التركية‬ ‫تغلق الحدود أمامهم‪.‬‬ ‫وباتص��ال مع محمود وه��و يعمل بتهريب‬ ‫الن��اس قرب حوار كل��س الحدودي��ة‪ ،‬أكد أن‬ ‫الطريق مغلق تمامًا حتى قبل وصول تنظيم‬ ‫الدولة داعش الى تلك المناطق‪ ،‬وأن عناصر‬ ‫وضباط ح��رس الحدود التركي��ة الذين كانوا‬ ‫يتعاملون معهم ويسهلون أمور نقاط العبور‬ ‫الخاص��ة بهم‪ ،‬أبلغوه��م أن ق��رارات جديدة‬ ‫وصل��ت لهم بالتش��ديد الكبير عل��ى الحدود‪،‬‬ ‫ونش��ر عناصر إضافية ودوري��ات دائمة لمنع‬ ‫دخول أحد‪ ،‬مع إصدار أومر بأطالق الرصاص‬ ‫الح��ي عل��ى كل م��ن يح��اول التس��لل ال��ى‬ ‫األرضي التركية‪.‬‬ ‫وأكد محمود أن بعض العناصر ال يطلقون‬ ‫النار خوفاً من قتل الناس‪ ،‬ويكتفون بحجزهم‬ ‫وإرجاعه��م لألراض��ي الس��ورية‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يطلق النار بشكل مباشر غير مبالين بشيء‪،‬‬

‫وق��د يطلقون النار علين��ا نحن الذين كنا في‬ ‫فترة سابقة نجلس معهم ونتبادل األحاديث‪،‬‬ ‫كما قام ه��ؤالء العناصر بالض��رب واالعتداء‬ ‫على كل من يقومون بأعتقاله‪ ،‬كبيرأ كان أو‬ ‫صغيراً‪ ،‬ويقومون بأذاللهم في المعس��كرات‬ ‫يحتجزونهم فيها‪ ،‬دون أي محاس��بة من قبل‬ ‫الضباط المسؤولين عنهم‪.‬‬ ‫الح��اج عمر وه��و ن��ازح من قري��ة تاللين‬ ‫استطاع قسم من عائلته الهروب من الحرس‬ ‫التركي ووصلوا الى مدينة غازي عنتاب‪ ،‬وهو‬ ‫ال زال عالق�� ًا بالقرب من بلدة ح��ارم‪ ،‬يحاول‬ ‫الدخ��ول لألرض��ي التركي��ة للح��اق بعائلته‪،‬‬ ‫ويقول الحاج عمر بأن عمره تجاوز الخمسين‪،‬‬ ‫وعن��د محاولت��ه الدخول لم يس��تطع الخروج‬ ‫م��ن الخن��دق في تل��ك المنطق��ة بعدما قام‬ ‫بمس��اعدة عائل��ة للخروج من ذل��ك الخندق‪،‬‬ ‫فتمكن حرس الحدود م��ن اعتقاله واحتجازه‬ ‫لث�لاث أي��ام ف��ي معس��كر مح��اط بأس�لاك‬ ‫ش��ائكة‪ ،‬يفتقد ألبس��ط مقومات اإلنسانية‪،‬‬ ‫دون م��اء أو كهرب��اء أو طع��ام كافي‪ ،‬في حر‬ ‫الش��مس ومع دخول العاصف��ة الرملية تلك‬ ‫المناطق‪ ،‬وأكد الحاج عمر أنه حاول التوس��ل‬ ‫للضابط المس��ؤول عن المعتق��ل الذي نهره‬ ‫وقام بط��رده مرة أخرى ال��ى المعتقل‪ ،‬وأمر‬ ‫جن��وده أال يت��م اإلف��راج عن��ه إال لبع��د ثالث‬


‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬ ‫أي��ام‪ ،‬وأن��ه أصيب بذبحة صدري��ة في مكان‬ ‫االحتج��از‪ ،‬ولم يقدم له الجنود أي مس��اعدة‬ ‫طبية‪ ،‬وكادت أن تودي بحياته‪ ،‬وأضاف الحاج‬ ‫عمر قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫األن أن��ا هنا وعائلتي في تركيا عند ولدي‪،‬‬ ‫ول��ن أح��اول العبود مج��دداً حتى يس��مح لنا‬ ‫األت��راك بذل��ك‪ ،‬فجس��مي الضعي��ف لم يعد‬ ‫يتحمل مرة أخرى‪ ،‬وعتبي على جيش��نا الحر‬ ‫الذي يرانا نُذل ونُهان وهم يتفرجون‪.‬‬ ‫م��ن جهته أك��د إبراهيم حيان��ي وهو قائد‬ ‫لمخف��ر حدودي ف��ي حور كلس‪ ،‬أنه��م دومًا‬ ‫ما ينصح��ون الناس بعدم محاول��ة الدخول‪،‬‬ ‫بس��بب اإلج��راءات التركي��ة األخي��رة والت��ي‬ ‫أعلنت عن منطقة أمني��ة على الحدود‪ ،‬وقال‬ ‫الحياني أنهم يقفون عاجزين عن مساعدة أو‬ ‫الوقوف الى جان��ب المدنيين الذين يعتقلهم‬ ‫األت��راك‪ ،‬وأنه��م ال يملك��ون أي صالحي��ات‬ ‫بال��رد أو الدخ��ول بأي اش��تباك م��ع األتراك‪،‬‬ ‫وذلك بس��بب ظروف سياسية تعرفها القيادة‬ ‫العس��كرية لدينا‪ ،‬وأضاف الحياني أن القوات‬ ‫التركي��ة قام��ت من��ذ ع��دة أيام بقن��ص أحد‬ ‫عناصر المخفر كان يقف بنقطة حرس��ه‪ ،‬ما‬ ‫أدى لمقتله على الفور‪ ،‬وهو أب لثالث أطفال‬ ‫في قرية منغ‪ ،‬ويتابع الحياني‪:‬‬ ‫أن دوره��م يتوق��ف عل��ى من��ع اس��تغالل‬ ‫الناس من قبل المهربي��ن ومعاقبتهم‪ ،‬ومنع‬

‫مهربي الممنوعات من االقتراب من الشريط‬ ‫الحدودي‪ ،‬الذين حملهم مس��ؤولية التش��ديد‬ ‫الترك��ي عل��ى الح��دود‪ ،‬مؤك��داً أن طمعه��م‬ ‫وجشعهم واستثمار الحالة اإلنسانية للشعب‬ ‫الس��وري لتمرير تجارتهم القذرة هو السبب‬ ‫الرئيس��ي للتش��ديد م��ا أدى لحرم��ان جميع‬ ‫السوريين من نعمة الدخول والخروج بحرية‬ ‫شبه مطلقة سابقًا‪.‬‬ ‫ومنذ مدة ش��هدت الحدود التركية السورية‬ ‫اش��تباكات بين تنظي��م الدولة داعش وقوات‬ ‫ح��رس الح��دود التركي��ة‪ ،‬بالقرب م��ن بلدة‬ ‫الراع��ي الت��ي يس��يطر عليه��ا التنظي��م‪ ،‬ما‬ ‫أدى لمقتل ضابط وع��دة عناصر من القوات‬ ‫التركي��ة‪ ،‬وذل��ك عل��ى خلفية إط�لاق حرس‬ ‫الح��دود التركي��ة النارعل��ى ش��خص ح��اول‬ ‫الدخ��ول الى تركيا‪ ،‬ما أدى لمقتله‪ ،‬وبحس��ب‬ ‫نش��طاء ف��أن قائ��د نقط��ة العبور م��ن جهة‬ ‫التنظي��م قام بطلب التعزي��زات وتمكنوا من‬ ‫التسلل لقرب الحدود وقتل الضابط والعنصر‬ ‫مطل��ق الن��ار وجن��ود أخري��ن‪ ،‬األم��ر ال��ذي‬ ‫أدى لتدخ��ل الطائ��رات والمدفعي��ة التركية‪،‬‬ ‫وقصف مواق��ع للتنظي��م‪ ،‬ليدخ��ل الطرفان‬ ‫باش��تباكات لع��دة س��اعات‪ ،‬ه��ي األولى منذ‬ ‫س��يطرة التنظي��م على مناط��ق واقعة على‬ ‫الش��ريط الحدودي مع تركيا‪،‬واضطرت تركيا‬ ‫الى الدخ��ول ضمن التحال��ف الدولي العربي‬ ‫لمحاربة التنظيم‪ ،‬وإعالن مناطق كثيرة على‬ ‫الحدود مناطق أمنية مغلقة‪.‬‬

‫|‬

‫تقارير زيتون‬

‫|‬

‫كما قام مجهولون بأطالق النار على دورية‬ ‫تركي��ة بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي‬ ‫م��ع تركيا‪ ،‬م��ا أدى لمقتل جندي ف��وراً قامت‬ ‫على إثرها الس��لطات التركية بإغالق المعبر‬ ‫أم��ام الحاالت اإلنس��انية واإلغاثي��ة والطبية‬ ‫والتجاري��ة لثالث أيام‪ ،‬قب��ل أن تقوم بفتحه‬ ‫بعد مش��اورات م��ع الجانب الس��وري‪ ،‬والذي‬ ‫أص��در بيان أدان فيه مقت��ل الجندي التركي‪،‬‬ ‫ش��نت حملة انتقادات واس��عة من ناش��طين‬ ‫ومتابعين‪ ،‬لهذا البيان الذي أدان مقتل جندي‬ ‫ترك��ي على ي��د مجهولي��ن‪ ،‬والس��كوت أمام‬ ‫قتل الجنود األتراك لمواطنين سوريين على‬ ‫الحدود‪.‬‬ ‫كما قامت ادارة معبر باب الس�لامة بأغالق‬ ‫مؤق��ت للمعب��ر من الجان��ب الس��وري في الـ‬ ‫‪ 2015\8\24‬بس��بب من��ع الجان��ب الترك��ي‬ ‫مدي��ر المعبر ناظم الحاف��ظ من الدخول الى‬ ‫تركي��ا‪ ،‬ما أثار حفيظته وكبريائه الش��خصي‬ ‫وأم��ر بإغالق المعب��ر التجاري ف��وراً‪ ،‬وفتحه‬ ‫بعد السماح له بالدخول‪ ،‬أما المواطن العادي‬ ‫الذي ال حول له وال قوة‪ ،‬فال يحق له أن تقلق‬ ‫المعابر التجارية ألجله‪ ،‬وهي التي درت على‬ ‫الحكوم��ة التركي��ة مليار وتس��ع مائة مليون‬ ‫دوالر ف��ي عام ‪ ،2014‬وه��و ذات المبلغ الذي‬ ‫دخل خزين��ة الدولة التركية ف��ي عام ‪2010‬‬ ‫قبل الثورة السورية‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫|‬

‫تقارير زيتون‬

‫|‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫خلفيات بي�ضاء مل�شهد الدم‬ ‫ح�سني جرود‬ ‫فراغ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكتابة عن ش��ي ٍء أكثرَ تواجداً من‬ ‫أح��اول‬ ‫والسبل‪،‬‬ ‫أيِّ ش��ي ٍء آخرَ‪ ،‬يس��يرُ في األزقةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويجلسُ في المقاه��ي‪ ،‬ولكنَّه ال يقرأُ هذهِ‬ ‫َ‬ ‫الصحيف��ة‪ ،‬وال يش��تري الب��زرَ ِّ‬ ‫ليوف��ر ثمنَ‬ ‫الس��جائر‪ .‬ال ِّ‬ ‫يفك��ر بش��ي ٍء‪ ،‬فغ��دَّة االحالم‬ ‫ِ‬ ‫عنده مش��لولة‪ ،‬ال ينتبه له أح��د‪ ،‬يجلس في‬ ‫َّ‬ ‫دكانِ صديق��ه ع��د َة س��اعاتٍ لقت��ل المل��ل‬ ‫دون حدي��ثٍ‪ ،‬أو زب��ون‪ .‬أبعد مش��وار لديه ال‬ ‫يتج��اوز ‪ 5‬كيلو متر‪ ،‬فح��دوده صعبة‪ ،‬وخارج‬ ‫المنطق��ة‪ ،‬أو الح��ي تبدأ امكانيات الس��رقة‪،‬‬ ‫أو ربم��ا يكون مطلوبًا إلح��دى الجهات‪ .‬يأكل‬ ‫اللح��م مرة واحدة في الش��هر‪ ،‬حتى الوجبات‬ ‫الس��ريعة بعيدة فصندويشة الفالفل بـ ‪125‬‬ ‫ليرة‪،‬وق��د ضجره��ا العام��ل‪ ،‬وما زال��ت حلمًا‬ ‫للعاط��ل عن العمل‪.‬فوق ذلك هو محس��ودٌ‪،‬‬ ‫محس��ودٌ على صحَّته‪ ،‬محس��ودٌ على يديه‪،‬‬ ‫أرتال الموتى‬ ‫ورجلي��ه‪ ،‬وعيونه‪ ،‬وحياته‪ .‬بين‬ ‫ِ‬ ‫يُنس��ى األحياء‪ ،‬ويذوبون‪ ،‬ويغدون خبراً ميتاً‬ ‫أمام خبر الموت الحي‪.‬‬ ‫أمواج‬ ‫لم يع��د يهتمُّ إلى أينَ يذهبون؟! ولكنهم‬ ‫يذهب��ون‪ ،‬ويذهبون‪ ،‬ويذهب��ون‪ ..‬األصدقاء‪،‬‬ ‫واألع��داء‪ ،‬والمخبري��ن‪ ،‬والمتألقين‪ ،‬ومثيري‬ ‫االش��مئزاز‪ .‬المكان يتطهر‪ ،‬والبشر يذهبون‪.‬‬ ‫هل هذا ما قصدوه بالديتول؟ الدماء تغس��ل‬ ‫األرض مراراً‪ ،‬ومراراً بحيادٍ قاتل‪ .‬األمواج لها‬ ‫قصَّتها معنا بعد أن تخش��ب ش��يء فينا‪،‬فال‬ ‫تلم غدر الحياة بعد أن تركت الماء‪ ،‬واألحالم‪.‬‬ ‫وصرت ديكوراً يائس��اً تس��رده وجوه غريبة‪.‬‬ ‫ليك��ون بي��ادقَ‪ ،‬أو كومب��ارس في مش��اهد‬ ‫قت��ل وحقدٍ وملل‪ .‬الحركات المتكررة واأليام‬ ‫ٍ‬ ‫المكررة البائس��ة مثل المازوت الرديء‪ .‬أبناء‬ ‫الريح يختارون التشرد سبي ً‬ ‫ال‪ ،‬واألرض موطنًا‬ ‫لهم‪ .‬إنهم يغرقون بجسدها‪ ،‬ويسيرون على‬ ‫أنغامها مارقين من الشكل‪ ،‬والنمط‪ ،‬والملل‪،‬‬ ‫والركود‪ ،‬وعبيد األرض يتمس��كون بها كمن‬ ‫يظنُّ أنه خالد‪ ،‬فتقلعه نسمة مارقة‪.‬‬ ‫رصيف إلكتروني‬ ‫األرصف��ة م�لاذ العاطلي��ن؛ تغيَّر ش��كلها‬ ‫في ه��ذا الزم��ن م��ع التط��وُّر التكنولوجي‪.‬‬ ‫يمكن أن نتحدث ع��ن األرصفة اإللكترونية‪،‬‬ ‫وربم��ا غ��دا الفك��ر نفسُ��ه رصيفًاف��ي هذا‬ ‫الزم��ن الهشِّ‪ .‬منذ أواخر ‪ ،2012‬وأنا أس��مع‬ ‫م��ن الناس عبارة‪»:‬ماذا نفعل غير اس��تهالك‬ ‫األوكس��جين؟» أحياناً أتس��اءل‪»:‬هل تزعجنا‬ ‫المأساة الجديدة‪ ،‬أم توقف الحياة الميكانيكية‬

‫‪6‬‬

‫التي كن��ا نحياها؟»لقد طردون��ا من لعبتنا!!‪.‬‬ ‫كلنا على األرصفة اآلن مش��اهدون بائسون‬ ‫طفل‬ ‫لم��ا ترميه أق��دام اخرى‪ ،‬نس��عد لرؤية‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عاش��قيَن جديدَيَ��ن‪ ،‬نحلمُ‬ ‫صغير‪ ،‬نحس��د‬ ‫بس��يارةٍ تمر لتأخذنا ألفق آخر‪.‬مقاهي النت‬ ‫ليس��ت جميعها للعمل‪ ،‬والمال‪ ،‬فالناس تريد‬ ‫مكان��ًا تقضي ب��ه وقتها الطوي��ل في غياب‬ ‫التعليم‪ ،‬والبطالة‪ ،‬وصعوبة التنقل‪ ،‬وصاحب‬ ‫المقه��ى من الن��اس‪ ،‬و»الناس كله��ا متلو»‪.‬‬ ‫النواش��ر تغ��زو البي��وت‪ ،‬والش��واحن تدخ��ل‬ ‫األس��رة‪ ،‬والنك��ت القديم��ة تعاد‪ ،‬وتتفسَّ��خ‬ ‫متجدِّدة في مقالب أيامنا الراكدة‪.‬‬ ‫اللعبة الكبرى‬ ‫كنَّ��ا داخل اللعب��ة الصغي��رة‪ ،‬خرجنالنرى‬ ‫اللعب��ة الكب��رى‪ ،‬يبدو أنن��ا ال نح��بُّ المطر‪،‬‬ ‫والع��ادات اس��تعبدتنا‪ ،‬والعب��ارات الجاه��زة‬ ‫صمَّ��ت آذانن��ا‪ ،‬وش��وَّهت أحاسيس��نا‪ ،‬واآلن‬ ‫أن��تَ‪ ،‬تقاط��عُ م��اذا؟ أي��ن تمضي؟أيصع��ب‬ ‫علي��كَ اله��واء كثيراً؟ربما كان المس��رح بال‬ ‫قواع��د‪ ،‬ولك حرية الحرك��ة مثلهم‪ .‬من هم؟‬ ‫لقد توفر اآلن ع��دد اكبر من االلعاب الخطرة‬ ‫َّ‬ ‫لش��ذاذ‪ ،‬ومتحوِّلين‪ ،‬ومصَّاص��ي دماء جاؤوا‬ ‫يبزرون قيأهم على أرضن��ا المدماة‪ ،‬فأما أن‬ ‫تلعب‪ ،‬أو تغادر‪.‬يقولون لك‪« :‬ال س��تلعب‪ ،‬لن‬ ‫تهرب أيها الجبان!»‪.‬‬ ‫هل بقي أفراد؟‬ ‫جرح كبي��ر عندما ال يخب��رك صديقك عن‬ ‫قرارات��ه الت��ي يتخذها بفردية‪ ،‬وعش��وائية‪،‬‬ ‫وردَّة فع��ل‪ .‬الح��ظ يلعب دوره اآلن بش��كل‬ ‫كبي��ر‪ ،‬فليس هناك دعائم‪ ،‬وال ش��يء ثابت‪،‬‬ ‫وال شيء موثوق‪ .‬ال يعرف أحد‪ :‬هل سيعيش‬ ‫لغد‪ ،‬أو هل سيجد وقتًا إلكمال عمله‪ ،‬أم كيف‬ ‫س��يكون وضعه االقتصادي‪ ،‬وحتى النفس��ي‬ ‫بع��د ش��هور‪ ،‬فالرؤي��ة غائم��ة‪،‬‬ ‫والبح��ر متوس��ط ارتف��اع الموج‬ ‫م��ع احتم��ال هب��وط زخ��ات من‬ ‫الهاون‪ ،‬أو بع��ض البراميل‪ .‬من‬ ‫يملك بعض النقود س��افر‪ ،‬ومن‬ ‫يملك الكثير ال خوف عليهم‪ ،‬وال‬ ‫هم يحزنون‪،‬وال يش��عر باللعبة‬ ‫م��ن األس��اس عل��ى وس��ائده‬ ‫الفاخرة‪.‬بقي الذي بقي‪..‬ليتعثر‬ ‫بحيات��ه‪ ،‬وأنفاس��ه‪ ،‬ويصح��و‬ ‫ٌ‬ ‫نومة واحدة‪.‬‬ ‫كثيراًكثيراًلتأخذه‬ ‫ما ذ ا ننتظر ؟ ا ال نتظ��ا ر‬ ‫يعنيالوداع‪ ،‬وفقدان لما امتلكناه‪.‬‬ ‫ه��ل نح��نُّ للعب��ة األول��ى‪ ،‬أو‬

‫لمثلها؟ من حقك أن تكره َّ‬ ‫اللعِب‪.‬‬ ‫صدفة‬ ‫نموت على دفعات‪ ،‬ونحيا بالصدفة‪ .‬تصغر‬ ‫الحي��اة ف��ي العين م��ع كل يوم يم��ر‪ ،‬وتغدو‬ ‫أح�لام المراهق‪ ،‬والش��اب عندما يراها بعين‬ ‫ً‬ ‫ممل��ة اعتيادي��ة‪ .‬كنت أحل��م بحالقة‬ ‫الواق��ع‬ ‫ش��عري بش��كل ما‪ ،‬وبعد ان فعلت ذلك صار‬ ‫لا‪ ..‬الس��يارة تغ��دو مل� ً‬ ‫مم� ً‬ ‫لا‪ ،‬والبي��ت‪ُّ ،‬‬ ‫وكل‬ ‫االش��ياء‪ .‬الحي��اة س��واء حقق��ت األح�لام‪ ،‬أم‬ ‫ِّ‬ ‫ل��م ِّ‬ ‫ً‬ ‫اعتيادي��ة اكث��رَ م��ن‬ ‫قها‪،‬تحققه��ا‬ ‫تحق‬ ‫مخيلتنا‪ ،‬وبارد ًة اكثرَ من حماس��تنا‪ ،‬وفارغةً‬ ‫اكثرَ مم��ا نتوقَّع‪.‬مقلب الحي��اة الكبير عندما‬ ‫نفاجئ بتحقق ش��يء حلمنا به دون أن نشعر‬ ‫بحدوثه‪.‬ربما ال نفاجئ لكن نحس أننا ِّ‬ ‫نحلق‪،‬‬ ‫ولو قلي� ً‬ ‫لا‪ ،‬نحس معنى القوة الخفية‪ ،‬نحس‬ ‫بش��يء آخر يصعد بنا فوق المادة‪ ،‬نحس أننا‬ ‫كنا هنا‪.‬‬ ‫حلم وواقع‬ ‫خالل مسيرة االنس��ان يقطع خطاً بسيطًا‬ ‫مهم��ا ل��فَّ‪ ،‬ودار‪ ،‬ويلتق��ي ب��اآلالف م��ن‬ ‫ملي��ارات س��كان االرض‪،‬ويقرأ أق��ل من ‪1%‬‬ ‫مم��ا ُكتِب‪ ،‬وق��د ال يعرف ش��يئ ًا ع��ن بلداتٍ‬ ‫مج��اورة ليع��رف المحيط��ات‪ ،‬والكواك��ب‪،‬وال‬ ‫يحيط بش��يء‪ ،‬وال يمس��ك إال الصدى‪ .‬وحده‬ ‫خيال��ه لوثت��ه‪ ،‬وضربته القاصم��ة‪ ،‬وموقفه‬ ‫المش��تعل ال��ذي يواج��ه ب��ه الحي��اة‪ .‬وح��ده‬ ‫ً‬ ‫موغ�لا‪ ،‬ضارباً‪،‬ضارياً‪،‬موجعاً‪،‬‬ ‫يتفجرُّ راغب ًا‪،‬‬ ‫ومش��بع ًا‪ .‬وح��ده روحهالموغلة بكل ش��ي ٍء‪،‬‬ ‫كان‪ ،‬وس��يكون‪ ،‬وه��ذا ما فقدن��اه‪ ،‬اآلن‪ ،‬مع‬ ‫س��واد الصورة‪،‬وعبثيِّتها‪،‬فقدنا األمل‪ ..‬لماذا‬ ‫الشاملة المريحة تموت ببط ٍء لتفسح المجال‬ ‫للماذا الصغيرة لتبحث عن وجودها‪ ،‬ومكانها‪،‬‬ ‫وشكلها الجديد‪ .‬اصنع لعبتك‪ ،‬فربَّما تطير‪..‬‬


‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫|‬

‫ر�أي‬

‫|‬

‫ال�صحافة ال�سورية البديلة‬ ‫�أحمد فرج‬ ‫تغ��ص مواق��ع التواص��ل االجتماع��ي‬ ‫هائل من وس��ائل‬ ‫وصفح��ات اإلنترنت بكم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعالم مختلفة (صح��ف وراديوهات ومواقع‬ ‫إخبارية)‪ ,‬تُدرج تحت مسمى اإلعالم البديل‬ ‫ال��ذي نش��ا لمجابهة إع�لام النظ��ام الهش‪,‬‬ ‫ال��ذي بات كل الش��عب على دراية بأس��اليبه‬ ‫وأكاذيب��ه‪ ,‬ليح��ل محل��ه إعالم يلي��ق بثورة‬ ‫الشعب السوري وتضحياته‪.‬‬ ‫ومن الالفت أن الكثير من هذه الوسائل قد‬ ‫حصلت على ودعم مادي ثابت ومستمر لمدة‬ ‫طويلة من الزمن لم يُمكنها من التقدم في‬ ‫هيكليتها وتطوير عملها بش��كل يتوازى مع‬ ‫حجم االنفاق عليها‪.‬‬ ‫كما يت��داول الناش��طون أن األم��وال التي‬ ‫صرف��ت عل��ى ورش التدري��ب والتأهي��ل‬ ‫المهن��ي بم��ا يتعل��ق بالصحاف��ة واإلع�لام‬ ‫هائلة وس��خية‪،‬وكان يفت��رض بتلك الورش‬ ‫أن تنتج أش��خاصا مهنيين الى حد ما يديرون‬ ‫مش��اريعهم اإلعالمي��ة الت��ي تخ��دم الثورة‬ ‫بشكل مؤسساتي‪.‬‬ ‫لم يقتص��ر األمر على عبثية تلك الدورات‬ ‫وع��دم نفعها ب��ل تعداها الى ترس��يخ فكرة‬ ‫القبول بالواقع اإلعالمي والتعامل معه على‬ ‫أنه أمر غير قابل للتطوير‪.‬‬ ‫وفي السوق اإلعالمي يصطدم الكثير من‬ ‫الشباب العامل في هذه الوسائل مع إداراتهم‬ ‫لتَرشح تلك الخالفات على السطح فترة من‬ ‫الزمن ثم تختفي في زحمة اإلخبار السورية ‪,‬‬ ‫وما بين مصلحة الصحفي ومصلحة الوسيلة‬ ‫يبقى الحل األمثل هو ايجاد البنية القانونية‬ ‫والنظام الداخلي والمؤسس��ة الحقيقية التي‬ ‫تضمن حل جميع المشاكل ضمن مؤسساتها‬ ‫بشكل قانوني واضح‪.‬‬

‫دكاكني �أم م�ؤ�س�سات‬

‫اإلدارة ومصداقية لدى القراء‪.‬‬ ‫وم��ن المفارقات التي س��قط فيها اإلعالم‬ ‫البديل هي تلك التي طرحها ضمن شعاراته‬ ‫األولى من نش��ر إعالم حر أو محاربة للفساد‬ ‫أو الوق��وف مع المظلومي��ن بينما يتعامل مع‬ ‫موظفي��ه ب��دون أي��ة ضمانة حقيقة س��واء‬ ‫باس��تمراره بالعمل أو عدم تسريحه تعسفيا‬ ‫أو ف��رض واجبات إضافية ف��وق طاقته‪ ،‬فهو‬ ‫يرزح تحت رحمة مزاج شخص المدير‪.‬‬ ‫ويش��تكي الكثير من العاملين في المجال‬ ‫اإلعالم��ي من ع��دم وج��ود مظل��ة قانونية‬ ‫تحميه��م داخ��ل وس��ائلهم أو توض��ح له��م‬ ‫حقوقهم أو واجباتهم أو تحميهم من عس��ف‬ ‫مدرائهم‪ ،‬فكيف يمكن للصحفي أن يمارس‬ ‫عمله ف��ي الوق��وف بجان��ب المظل��وم وهو‬ ‫مظلوم بدوره ال يجد من يسانده‪.‬‬ ‫تعتبر الش��فافية المالية من أهم مقومات‬ ‫المأسس��ة والتي ترسخ جوا من الثقة والقوة‬ ‫ف��ي عم��ل المؤسس��ات‪ ،‬وح��ذرت دراس��ة‬ ‫صحفي��ة اعده��ا الصحفي العراق��ي «ضياء‬ ‫رس��ن»من أن الغموض في مصادر التمويل‬ ‫المالي يتنافى مع استقاللية العمل الصحفي‬ ‫ويقلل فرص النجاح االعالمي‪.‬‬ ‫ودع��ت الدراس��ة وس��ائل االع�لام الى ‪»:‬‬ ‫الكش��ف عن مصادر تمويله��ا المالي وكافة‬ ‫حس��اباتها المالي��ة إلضف��اء المزي��د م��ن‬ ‫الشفافية في التعامل مع الجمهور وترسيخا‬ ‫لمبادئ االعالم الدولية «‪.‬‬

‫ويق��ول معد الدراس��ة أن��ه ‪ »:‬من الصعب‬ ‫عل��ى وس��ائل االع�لام تحقي��ق تق��دم في‬ ‫مطالبها م��ن الجهات الحكومية بالش��فافية‬ ‫في التعام��ل وحق الحصول عل��ى المعلومة‬ ‫وهي تبقي مصادر تمويلها مجهولة»‬ ‫ومن هنا تأتي التساؤالت المشروعة‪:‬‬ ‫كي��ف يمك��ن لتل��ك الوس��ائل أن تكاف��ح‬ ‫الدكتاتورية والفس��اد وامراض النظام وهي‬ ‫تمارسها في نفس الوقت ؟؟‬ ‫م��ن سيحاس��ب أصح��اب الدكاكي��ن التي‬ ‫ُفتحت بنية حماية الثورة واس��تجلبت باسمها‬ ‫أموال الدعم لتصبح مشاريع شخصية بحتة‬ ‫؟؟‬ ‫من س��يمنع مديراً من أن يس��تغل موظفًا‬ ‫لدي��ه‪ ,‬مهم��ا كان��ت حماس��ته الثوري��ة لهذا‬ ‫المدير؟؟‬ ‫كي��ف يمك��ن أن تتط��ور تل��ك الوس��ائل‬ ‫اإلعالمية بدون أية قوانين تعكس شفافيتها‬ ‫وهيكليتها أو بنائها؟؟‬ ‫وبم��ا أن مس��ؤولية اإلع�لام بواقع��ه‬ ‫ومس��تقبله تقع على عاتق األشخاص الذين‬ ‫يتحكمون بهذه الوسائل األن‪ ،‬فليس هنالك‬ ‫من مبرر أن يظلوا رهن المصالح الشخصية‬ ‫التي ستذهب بهم الى الفشل الحتمي نتيجة‬ ‫تكرار أنفسهم واستهالك أدواتهم‪.‬‬ ‫أفلم يحن الوقت لبناء مؤسس��اتنا النزيهة‬ ‫الالئقة بدم الشهداء؟‪.‬‬

‫ويصعب على المتابع للش��أن الصحفي أن‬ ‫يصدق أن من بين مئات الوس��ائل اإلعالمية‬ ‫والصحفية السورية ليس هنالك أية وسيلة‬ ‫اعالمي��ة اس��تطاعت أن تجع��ل من نفس��ها‬ ‫مؤسس��ة حقيقية برغم برغم امكانيتها في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ويعود الس��بب في اغلب األحيان الى عدم‬ ‫الرغب��ة م��ن المديرالمس��ؤول للتخل��ي عن‬ ‫صالحياته ف��ي إدارة الوس��يلة وحصر جميع‬ ‫الق��رارات بيده بم��ا يتيح له التص��رف بدون‬ ‫قواعد مكتوبة وملزمة له وللموظفين‪.‬‬ ‫وال يخف��ى عل��ى أحد ما تقدمه المأسس��ة‬ ‫للوس��ائل اإلعالمي��ة م��ن مهنية ف��ي األداء‬ ‫اإلعالمي واس��تمرارية للوسيلة ونزاهة في‬

‫‪7‬‬


‫|‬

‫�آدب‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫|‬

‫ال�شيخ امام‬ ‫حممد حاج ح�سني‬

‫(حياة كاملة من حتطيم القيود)‬ ‫كان «ام��ام» قد حفظ القرآن على يد الش��يخ‬ ‫َ‬ ‫ورئي��س الجمعي��ة الش��رعية «عب��د الق��ادر‬ ‫ندا»‪ ,‬وتلك بداية ش��جعت أباه على التمس��كِ‬ ‫بأمنيتهِ ‪ ,‬الش��يخ «عبد الق��ادر» آمنَ بقدرةِ‬ ‫«امام» الكبي��رة على الحف��ظ المتالكه ذهن ًا‬ ‫صافٍ ندرَ وجودهُ‪ ,‬الش��يخ عبد القادر « كان‬ ‫قد الحظ من��ذ البداية في ذلك الطفل القدرة‬ ‫على التجوي��د ‪ ,‬حيث تعلم خالل س��نواته مع‬ ‫الجمعية ق��راءة القرآن وترتيل��ه على القبور‬ ‫وحفظه‪ ،‬ولما يبلغ الخامسة عشر ‪.‬‬ ‫احترف «امام» الترتيل ولسنواتٍ من عمرهِ‬ ‫ٌ‬ ‫كل مكانٍ يُدعى اليهِ‪.‬‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫يرتل في ِ‬

‫االنسان‬ ‫ش��خص يهزَ‬ ‫كان ال بدَ من وجودِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ويوقظ بنا االراد َة الحقيقة‬ ‫المنس��ي بداخلنا ‪,‬‬ ‫للحي��اة ‪ ,‬و يجعلن��ا نبص��رُ ف��ي ظلم��اتِ م��ا‬ ‫نعيشُ وما نقاسي ‪.‬‬ ‫«الش��يخ ام��ام» أو «إم��ام محم��د أحم��د‬ ‫األمل في‬ ‫زرع‬ ‫ِ‬ ‫عيسى» ومن غيرهُ تمكنَ من ِ‬ ‫مستنقعاتِ حياتنا الروتينية الخانعة ‪.‬‬ ‫والقه��ر ‪ ,‬كان‬ ‫والفق��ر‬ ‫واق��ع الم��وتِ‬ ‫م��ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جميع‬ ‫بين‬ ‫م��ن‬ ‫بالحياة‬ ‫اس��تمرَ‬ ‫الذي‬ ‫الوحيدُ‬ ‫ِ‬ ‫أوالدِ تلكَ األسرةِ التي عاشت في قريةِ «أبو‬ ‫النمرس – الجيزة» ‪.‬‬ ‫كانت تكفيهِ لحظاتٍ من النور في س��نتهِ‬ ‫األول��ى ليفهمَ واقعنا ‪ ,‬حي��نَ أصابهُ «الرمد‬ ‫تمك��ن‬ ‫الحبيب��ي» ال��ذي أودى ببص��رهِ بع��د‬ ‫ِ‬ ‫كل ش��ي ٍء اال العالج‬ ‫الجهل��ةِ م��ن‬ ‫اس��تخدام ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحقيقي ‪.‬‬ ‫القس��وة والتش��ديد س��مة عالقة الوالد ب‬ ‫اتمام مهمةِ‬ ‫«امام» ‪,‬ومع ذلك لم يُفل��ح في‬ ‫ِ‬ ‫ش��يخ كبي��ر‪ ,‬كما تمن��ى حينَ‬ ‫تحويل��هِ ال��ى‬ ‫ٍ‬

‫ولك��ن كانت االذاعة واالس��تماع اليها بدعة‬ ‫ممنوعة في قوانين الجمعية الشرعية ‪ ,‬حين‬ ‫وقع ش��يخنا في سحر ذلك الصندوق الخشبي‬ ‫الناط��ق‪ ,‬كان ق��د أحب الش��يخ محم��د رفعت‬ ‫(«قيث��ارة الس��ماء») والذي كان يس��معه من‬ ‫خالل االذاعة مما دفع الجمعية لفصله نهائي ًا‪.‬‬

‫نف��اه الوال��د الخائب األمل و ال��ذي صدمته‬ ‫أخبار الفصل ‪ ,‬ليجد «امام» نفس��ه مشرداً ما‬ ‫وليل ينامهُ‬ ‫نهار يقضيه في «الحسين» ٍ‬ ‫بين ٍ‬ ‫قاس ما عاناهُ حينها ‪ ,‬لم يقتصر‬ ‫‪,‬‬ ‫االزهر‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫األم��ر على الض��رب واالهانة ب��ل وصلت الى‬ ‫تحذي��رهِ من الع��ودة الى القرية ‪ ,‬ف��ـ فارقها‬ ‫والنكب��ات تبعت��ه منذ ذلك الي��وم ‪ ,‬فكان فقد‬ ‫الحن��ان األكبر في حياته أم��ه التي لم يتمكن‬ ‫من حضور تشييع جثمانها ‪ ,‬ولم يعد الى تلك‬ ‫القرية اال حين رحل والده ‪.‬‬ ‫هناك انطلق ‪:‬‬ ‫كان «امام»‬ ‫ف��ي أحد أزقةِ ح��ي الغوري��ة ‪َ ,‬‬ ‫قد التقى بأفرادٍ من قريتهِ وس��كنَ معهم ‪,‬‬ ‫وتابع في االنش��اد والت�لاوة حتى باتت مهنته‬

‫التي خولته من كسب اعجاب «الشيخ درويش‬ ‫الحري��ري « (أح��د كب��ار الموس��يقى في ذلك‬ ‫الزم��ن) وال��ذي كان ق��د عرّف��هُ ب «الش��يخ‬ ‫زكري��ا أحمد « والذي كان قد ق��دمَ ألحان ًا ألم‬ ‫كلثوم ساعده فيها «امام» حيث كان يحفظها‬ ‫ويكش��ف ضعفه��ا وقوتها‪ ,‬وبعد فت��رة تخلى‬ ‫«زكريا احمد» عنه بعد تسرب ألحانه‪.‬‬ ‫كان الش��يخ دروي��ش الحري��ري قد س��اعد‬ ‫«امام» في تعلم الموسيقى وأصولها وعرفه‬ ‫في تل��ك الفترة على فناني��ن ومقرئين كبار‬ ‫ك محم��د صب��ح ‪ ,‬بعد تخلي زكري��ا أحمد عن‬ ‫ام��ام تملكت��ه الرغب��ة ف��ي صنع موس��يقاه‬ ‫الخاص��ة وب��دأ بتعل��م العود على ي��د «كامل‬ ‫الحمصان��ي» ‪ ,‬فلحنَّ وكتبَ وب��دأ يفكرُ في‬ ‫نتاج الموس��يقى التي يريد و تغيرت مع ذلكَ‬ ‫ِ‬ ‫سماع‬ ‫أمور في حياتهِ أهمها ابتعادهُ عن‬ ‫عدة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الق��رآن والخروج من ال��زي األزهري إلى الزي‬ ‫المدني ‪.‬‬ ‫الثنائي الخالد ‪ ,‬الثالثي العظيم ‪:‬‬ ‫يط��ول الحديث ع��ن أيامهم��ا الحافلة ‪ ,‬لم‬ ‫يكن الش��يخ ام��ام قد لحن ش��يئ ًا بعد ‪ ,‬ش��اء‬ ‫القدر أن يس��أل «نجم» «الش��يخ ام��ام» بعد‬ ‫أن جمعهم��ا صديق مش��ترك لم��اذا لم يلحن‬ ‫إلى األن ؟؟ كان جوابه بأنه لم يجد ما يش��جع‬ ‫‪,‬فكانت البداية هنا ‪.‬‬ ‫الش��يخ ام��ام م��ع أحمد ف��ؤاد نجم ش��كال‬ ‫عصب ًا أساس��ي ًا ف��ي األغنية الملتزم��ة والتي‬ ‫الزالت عناوينها تقود أهم نضاالت الش��عوب‬ ‫‪ ,‬وب��دأت سالس��ل ابداعه��م بعد ه��ذا اللقاء‬ ‫في عام «‪ »1962‬وتوس��عت م��ع دخول عازف‬ ‫االيقاع «محمد علي» الذي أصبحَ َ‬ ‫ثالث زاويةٍ‬ ‫في مثلثِ العظمة ‪,‬هذا المثلث َ‬ ‫َ‬ ‫الوس��ط‬ ‫دخل‬ ‫الفن��ي ال��ذي م��ازال ينحني لعظم��ةِ حروفِ‬ ‫«نجم» وايقاع «محمد عل��ي» والحان وصوت‬ ‫«ام��ام» ‪ ,‬ذلك الصوت الذي م��ازال الى اليوم‬ ‫حي ًا‪.‬‬ ‫لن يقوى القيد على الفكر ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫االغنية وحدها ما جعل أصحابنا في السجن‬ ‫‪,‬حيث كان «الشيخ» أول من حوكم من فناني‬ ‫بس��بب األغني��ة ‪,‬ل��م ُ‬ ‫تك��ن األصوات‬ ‫الع��رب‬ ‫ِ‬ ‫المصري��ة ق��د صُدِمت له��ذهِ الفك��رة بقد ِر‬ ‫صدمةِ «الش��يخ امام» بخس��ارة ال‪ 67‬والتي‬ ‫نعرفه‬ ‫حولت��هُ مع ش��ريكهِ «نج��م» الى م��ا ِ‬ ‫من س��خريةٍ وانتقادٍ لكل ش��يء خاطئ في‬ ‫الساس��ةِ والسياس��ةِ جمع��اء ‪ ,‬فخرج��ت من‬ ‫صدمته��م «البقرة النطاح��ة و « يعيش أهل‬ ‫بل��دى وبينهم مفيش ‪ -‬تعارف يخلى التحالف‬

‫‪8‬‬


‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫يعيش « وغيره��ا من الكلم��اتِ التي تحولت‬ ‫للهم��م ودعم‬ ‫ال��ى صحوةٍ بعد فترة وش��حذٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لمعنوياتِ الشعب ‪.‬‬ ‫كان ف��ي البداي��ةِ مرحب�� ًا به��ذه الكلم��ات‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫واأللحان في مصر ُ‬ ‫حفلة‬ ‫حيث أحيا «ش��يخنا»‬ ‫في ن��ادي الصحفيين وتح��تَ رعايةِ االعالم‬ ‫‪,‬لم تَدم أفراحهم بعده��ا كثيراً ُ‬ ‫حيث انقلبت‬ ‫ُ‬ ‫مرحب بهم الى مالحقين‪.‬‬ ‫الحالة من‬ ‫ٍ‬ ‫اعتق��ل أحمد ف��ؤاد نجم والش��يخ إمام في‬ ‫عه��د الرئي��س المص��ري الراحل جم��ال عبد‬ ‫الناصر لمواقفهما السياس��ية‪ ،‬كما اعتقال في‬ ‫عهد الرئي��س الراحل أنور الس��ادات أكثر من‬ ‫م��رة بعدم��ا أطلقا علي��ه أكبر حملة س��خرية‬ ‫ضد حاكم مصري على الرغم من استقبالهما‬ ‫حرب أكتوبر بأغنية «دوال مين ودوال مين»‪.‬‬

‫هج��وم «الش��يخ» بأغاني��ه م��ع ال‬ ‫بع��دَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫«نج��م» على القض��ا ِء والقواني��ن التي برئت‬ ‫وكان‬ ‫المس��ؤولين ع��ن هزيم��ةِ ال «‪»1967‬‬ ‫َ‬ ‫دخولهما األول للقضاء بتهمةِ الحش��يش عام‬ ‫‪ 1969‬والتي لم توصلهم للمؤبد اال بعد فترةٍ‬ ‫من المالحقة ليكون ِ«شيخنا» ورفيقه «نجم»‬ ‫أول محكومين بسبب األغنية في تاريخ العرب‬ ‫الثقافي ‪.‬‬ ‫س��جن تلوَ أخر ‪ ,‬ينتقالن ب�لا أمل بالخروج‬ ‫‪,‬اال أن عجل��ة االبداع لم تتوق��ف فخرجت من‬ ‫ظلم��ات زنزانته��م الى النور «ش��يد قصورك‬ ‫« التي كان ينش��دها في طري��ق أخذه لعتمة‬ ‫أخرى‪ ,‬ول��م يبصرا النور بعده��ا حتى اغتيال‬ ‫الرئيس أنور السادات ‪.‬‬ ‫وانطل��ق بعدها ام��ام الى فرنس��ا والعالم‬ ‫العربي ليقدم حفالت الق��ت نجاح ًا جماهيري ًا‬ ‫كبي��ر جع��ل الش��يخ امام وف��ؤاد أحم��د نجم‬ ‫أيقون��ة ف��ي عالم النض��ال والحري��ة ‪ ,‬ولكن‬ ‫الخالف��ات ب��دأت بالدخ��ول الى حي��اة الثالثي‬ ‫الجمي��ل والتي لم تنتهي اال قبل وفاة الش��يخ‬ ‫بفترة قصيرة ‪.‬‬ ‫مات البطل ‪:‬‬ ‫م��ات البطل ‪ ,‬ليس ف��وق المدف��ع انما في‬ ‫عزلته التي آثرها بأخر أيامه ‪ ,‬في تلك الغرفة‬ ‫الصغي��رة المتواضعة بحي الغورية حيث مات‬ ‫الش��يخ البطل ‪ ,‬الصوت الحقيقي لكل نضال‪,‬‬ ‫رح��ل بصمت وهدوء عام ‪ 1995‬بعد مس��يرة‬ ‫م��ن الش��قاء والمعان��اة والنض��ال م��ن جهة‪,‬‬ ‫والصدق والوفاء من جهة أخرى ‪.‬‬ ‫«ما دامت مصر والده‬ ‫وفيها الطلق والعادة‬ ‫ح تفضل شمسها طالعه‬ ‫برغم القلعة والزنازين»‪...‬‬ ‫رحل ولكن األمل المخبأ في ثنايا كلماته لم‬ ‫يرحل ‪.‬‬

‫|‬

‫هموم‬

‫|‬

‫معركة مطار �أبو الظهور‬ ‫منهل باري�ش‬

‫من الهجوم �أالخري اىل ال�سقوط الأخري‬

‫أحكم��ت «جبه��ة النصرة» س��يطرتها على‬ ‫مطار أبو الظهور العس��كري بريف إدلب بعد‬ ‫عملية خاطفة‪ ،‬اس��تمرت ثالث��ة أيام‪ .‬وأعلنت‬ ‫الجبه��ة من خالل تعميم صوتي بثته مراصد‬ ‫الطي��ران الخاص��ة بالمعارض��ة الس��ورية‬ ‫المسلحة إحكام السيطرة على كامل المطار‪.‬‬ ‫وكان��ت الجبه��ة قد أعلن��ت ب��دء تحركها إلى‬ ‫مطار أبو الظهور‪ ،‬مع سيطرة «جيش الفتح»‬ ‫على مدينة اريحا نهاية أيار‪/‬مايو الماضي‪.‬‬ ‫وأك��دت «جبه��ة النص��رة» في حس��اباتها‬ ‫الرس��مية مقتل ‪ 100‬من قوات النظام وأس��ر‬ ‫نحو س��تين‪ .‬فيما يبقى مصي��ر نحو أكثر من‬ ‫‪ 200‬آخرين مجهو ً‬ ‫ال حتى اللحظة‪.‬‬ ‫وقال نشطاء مقربون من «جبهة النصرة»‬ ‫إن مقت��ل ‪ 100‬م��ن ق��وات النظ��ام‪ ،‬الثالثاء‪،‬‬ ‫جاء بعد عملية االقتحام من الجهة الش��رقية‪،‬‬ ‫حي��ث تمكن أح��د عناصر «النص��رة» مصري‬ ‫الجنس��ية ويدع��ى أب��و حمزة المص��ري‪ ،‬من‬ ‫تفجير نفس��ه بس��يارة مخفف��ة‪ ،‬بالقرب من‬ ‫أح��د أبنية المط��ار‪ .‬األمر الذي س��مح بتقدم‬ ‫كبير لمقاتل��ي «النصرة»‪ .‬فيم��ا ذكر مصدر‬ ‫مقرب من «النصرة» أن عدد قتلى المعارضة‬ ‫«تجاوز ‪ 165‬ش��هيداً من االنغماسيين‪ ،‬بسبب‬ ‫طبيعة األرض المنبسطة للمطار»‪.‬‬ ‫واستغلت «النصرة» العاصفة الرملية التي‬ ‫تضرب الشرق األوسط للتقدم‪ ،‬حيث حُجبت‬ ‫الرؤية لدى قوات النظام المتحصنة في أبنية‬ ‫المطار‪ ،‬ما س��هل التقدم الس��ريع لمقاتليها‪،‬‬ ‫والس��يطرة على أبنية «المدرسة المطارية»‪،‬‬ ‫وبناء «مهندسي األسراب»‪ ،‬والوحدة اإلدارية‬ ‫وس��رية الحراسة‪ .‬ووقع عدد كبير من عناصر‬ ‫قوات النظام أسرى بيد «النصرة»‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬تضاربت األنباء حول مصير قائد‬ ‫المط��ار العميد احس��ان الزه��وري‪ ،‬فيما أكد‬ ‫نشطاء أنه من بين األسرى بحوزة «النصرة»‪،‬‬ ‫وقد تمّ اعتقاله خالل محاولته الفرار ش��ما ً‬ ‫ال‬ ‫على طريق خناصر‪ .‬كما وقع في األس��ر عدد‬ ‫من العناصر الذي تنكروا بثياب مدنية‪.‬‬ ‫وبثت صفحات معارضة س��ورية‪ ،‬تس��جي ً‬ ‫ال‬ ‫صوتي ًا نس��بته إل��ى العميد الزهوري‪ ،‬مس��اء‬ ‫الثالث��اء‪ ،‬وه��و يص��رخ بوجه قي��ادة عمليات‬ ‫مط��ار حم��اة ويخبرهم أنه يتع��رض لهجوم‬ ‫كبي��ر م��ن «المجموع��ات المس��لحة» طالب�� ًا‬ ‫اإلمداد والمساعدة‪.‬‬ ‫وعن س��ير العملي��ات‪ ،‬قال الناش��ط تركي‬ ‫المصطف��ى لـ»الم��دن»‪« :‬اس��تطاعت جبه��ة‬ ‫النصرة الس��يطرة على تل��ة المدفعية داخل‬

‫المط��ار‪ ،‬وهي موقع اس��تراتيجي هام ‪.‬وبعد‬ ‫الس��يطرة عل��ى البواب��ة الرئيس��ية‪ ،‬والتل��ة‬ ‫المذك��ورة‪ ،‬كثف��ت النص��رة هجومه��ا لتحرز‬ ‫تقدم ًا إضافي ًا إثر تدميرها محطة الكهرباء»‪.‬‬ ‫ويعتب��ر مط��ار أب��و الظه��ور أح��د أه��م‬ ‫المطارات القتالية في الشمال السوري‪ ،‬ويتبع‬ ‫إداري ًا لقيادة «الل��واء ‪ »14‬في القوى الجوية‪،‬‬ ‫الذي تتركز قيادته في مطار حماه العسكري‪.‬‬ ‫من جهت��ه‪ ،‬الخبير العس��كري العقيد أديب‬ ‫عليوي‪ ،‬والذي خدم س��نوات طويلة في مطار‬ ‫أب��و الظهور‪ ،‬قال لـ»الم��دن» إن «قيادة اللواء‬ ‫أخل��ت كل الطائرات الصالحة للعمل منذ عام‬ ‫‪ 2013‬ونقلتها الى مطار حماة‪ ،‬وكل الطائرات‬ ‫الموج��ودة ف��ي المط��ار ه��ي خ��ارج الخدمة‬ ‫بش��كل كام��ل»‪ .‬وع��زا العقي��د علي��وي ذلك‬ ‫القرار إلى»كثرة استهداف المطار والطائرات‬ ‫وهي على المدرج من قبل فصائل الثوار»‪.‬‬ ‫وكانت س��رية صواريخ في «فيلق الشام»‬ ‫اس��تهدفت طائرة مروحية بع��د وصولها الى‬ ‫األرض بص��اروخ «كورنيت» موجه قبل عام‪،‬‬ ‫م��ا أدى إلى احتراقها بم��ن فيها‪ ،‬وإصابة عدد‬ ‫من اآلليات بالقرب منها‪.‬‬ ‫وبدأت المعارضة أول هجوم لها على مطار‬ ‫أب��و الظه��ور العس��كري صي��ف ‪ ،2012‬حيث‬ ‫ش��نت «كتائب وألوية شهداء س��وريا» بقيادة‬ ‫جمال معروف‪ ،‬هجوم ًا اس��تمر أليام‪ ،‬وتمكن‬ ‫مقاتل��و الجي��ش الح��ر م��ن الس��يطرة على‬ ‫مس��اكن الضباط والبوابة الرئيس��ية المطلة‬ ‫على بلدة أبو الظهور‪ ،‬واس��قاط طائرة «ميغ‬ ‫‪ »21‬ومقت��ل قائده��ا العقيد مني��ر إبراهيم‪.‬‬ ‫ليعل��ن جم��ال مع��روف بعدها وق��ف العملية‬ ‫بسبب قطع الذخيرة عن الفصائل المشاركة‬ ‫بالمعركة‪.‬‬ ‫مع خس��ارة النظام الس��وري ألخ��ر ثكناته‬ ‫العس��كرية ف��ي إدلب‪ ،‬تبق��ى بلدت��ا الفوعة‬ ‫وكفري��ا المحاصرتي��ن فق��ط تحت س��يطرة‬ ‫الميليش��يات المقربة منه‪ .‬وستسمح سيطرة‬ ‫«جبه��ة النص��رة» على المطار برس��م حدود‬ ‫س��يطرة جدي��دة بي��ن الفصائل اإلس�لامية‬ ‫وتنظي��م «الدول��ة اإلس�لامية»‪ .‬عملي ًا كل ما‬ ‫هو ش��رقي طري��ق س��لمية–حلب واقع تحت‬ ‫سيطرة «داعش»‪ ،‬وكل ما غربي الطريق هو‬ ‫تحت سيطرة «جبهة النصرة» وحلفائها‪.‬‬ ‫المصدر المدن‬

‫‪9‬‬


‫|‬

‫�شخ�صيات‬

‫|‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫عـتـاب حـريـب‬

‫عبد الرزاق كنجو‬

‫تـر�سـم بـالـمـاء الـمـلـ ّون‬ ‫وعناصره��ا المختلفة لع��دم تمكنها من بناء‬ ‫اللوح��ة الت��ي تعتم��د ف��ي موضوعه��ا على‬ ‫التشخيص والتشريح لحركات جسم اإلنسان‬

‫هـ��ي التذكر بع��د والدتها في دي��ر الزور‬ ‫س��وى أنـه��ا رس��مت الشّ��مس الصّف��راء‬ ‫السّ��اطعة ألول مرة في طفولته��ا ‪ ,‬أتبعتها‬ ‫بإضافة اخضرار أعواد القصب األخضر الذي‬ ‫يرتف��ع عالي��ًا على ضف��اف نهر الف��رات في‬ ‫تعرجاته المختلفة‪.‬‬ ‫كم��ا كانت مولعة بمراقبة تس��اقط أوراق‬ ‫األشجار الهرمة في فصل الخريف وانجرافها‬ ‫وه��ي تطفو عل��ى س��طح الم��اء المتهادي ‪,‬‬ ‫مخ ّلـفة بقعـًا من ال ّلون البرتقالي المتش��رب‬ ‫ببقايا األخضر الدّاكن ‪.‬‬ ‫هذا كل ماتتذكره الفنانة التشكيلية عتاب‬ ‫حري��ب في بداي��ة وَ َلعِها بالرس��م والتلوين‬ ‫لحق��ول القم��ح الخض��راء في فص��ل الربيع‬ ‫م��ع متابعة تحوّلها اليومي لس��نابل الحبوب‬ ‫الذهبية قبل الحصاد ‪.‬‬ ‫لكن بي��وت الفالحي��ن الطيني��ة بنوافذها‬ ‫المنخفض��ة والضيّقة كانت التفارق عيونها‬ ‫أينم��ا اتجهت‪ .‬لذل��ك حملتها معه��ا بانطباع‬ ‫تش��كيلي نحو مدينة دمش��ق التي قصدتها‬ ‫للدراس��ة والتخصص في كلي��ة الفنون فيها‬ ‫ولتك��ون بعد ذل��ك مدرّس��ة ف��ي ثانوياتها‬ ‫ومعاهدها وجامعتها التي تخرّجت منها ‪.‬‬ ‫ولق��د حمل��ت معه��ا أيض��ا جمي��ع األلوان‬ ‫الزاهية التي اعتادت بن��ات الجزيرة والفرات‬ ‫عل��ى انتقائه��ا لتك��ون أس��اس ألبس��تها‬ ‫المزركش��ة ولم��ا فيه��ا من بهج��ةٍ للنفوس‬ ‫كهول‬ ‫ش��باب أو‬ ‫وج��ذب ألعين الناظرين من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫في مناسبات األعراس والفرح‪.‬‬ ‫لق��د تعلقت عت��اب حريب باألل��ون المائية‬ ‫وحرص��ت عل��ى أن ّ‬ ‫تـنـفـ��ذ معظ��م أعمالها‬ ‫به��ذا الم��اء المدّد بقلي��ل من ال ّل��ون ‪ ,‬حتى‬ ‫لنكاد نشعر أنها تغطي سطح لوحتها بزجاج‬ ‫ّ‬ ‫شـفـافٍ يحمل ش��فيف ال ّلون أكثر من ال ّلون‬ ‫ذات��ه ‪ ,‬وهذا مايميز لوحاته��ا ويجعلها المعة‬ ‫بعي��دة ع��ن كثاف��ة وس��ماكة األل��وان التي‬ ‫تغط��ي س��طح ال��ورق األبيض ‪ ,‬ممّ��ا يزيد‬ ‫اللوحة اإلشعاع ‪ ..‬والضياء ‪.‬‬ ‫ولقد لجأت الى رسم لوحاتها من الطبيعة‬

‫‪10‬‬

‫حرصَت ف��ي جميع أعماله��ا على أن‬ ‫كم��ا ِ‬ ‫تك��ون نهارية اإلضاءة معتم��دة على مصدر‬ ‫الن��ور الجانب��ي لتحقي��ق التباين ف��ي اللون‬ ‫بسهولة ويس��ر ‪ ..‬وذلك تكريس��ًا لما حملته‬ ‫في ذهنها من شدة سطوع الضوء ومن عتمة‬ ‫الظل في نهارات الجزيرة السورية المعروفة‬ ‫بطول النهار وشـدّة انعكاسه ‪.‬‬ ‫ولطالم��ا كان��ت ترس��م بالم��اء الم ّل��ون‬ ‫الش��فاف معتمدة على إسالته بعناية ‪ ,‬وعلى‬ ‫تغطية المس��احات المخصّص��ة لكل عنصر‬ ‫في اللوحة وفق إحس��اس خفيٍّ وعفويٍّ لم‬ ‫تك��ن هي قد خططت له مس��بقاً ‪ ,‬باعتبارها‬ ‫تعتم��د على السّ��رعة ف��ي تثبي��ت العناصر‬ ‫ودرج��ات األل��وان قبل جفافه��ا لذل��ك غالب ًا‬ ‫ماتنهي اللوحة بجلس��ة واح��دة ‪ ,‬بعد تجميع‬ ‫األفكارللموضوع واإلستعداد له لفترة طويلة‬ ‫‪.‬‬ ‫وهن��ا نجد الفرق الشّاس��ع بين من ينفذ‬ ‫أعمال��ه الفنية باألل��وان الزيتية التي التجفّ‬ ‫اّ‬ ‫ال بع��د م��رور أيّام وأس��ابيع ‪ ,‬ويمكنه دائم ًا‬ ‫الع��ودة اليه��ا ومتابعتها لجلس��ات وجلس��ات‬ ‫ق��د تمت��د لفترة م��ن الزمن ‪ ,‬بينم��ا التلوين‬ ‫باأللوان المائية يتطلب سرعة ومهارة كبيرة‬ ‫إلنهاء ال ّلوحة قبل تجفافها‪.‬‬ ‫إمت��ازت ألوان لوحات الفنان��ة عتاب حريب‬ ‫بالش��فافية المُطلق��ة وبنظاف��ة ال ّلون الذي‬ ‫تح��رص دائم��ًا عل��ى اس��تنباطه وتمدي��ده‬ ‫بدرج��ات مختلفة كي تحقق م��ن خالل ذلك‬ ‫ّ‬ ‫الظـ��ل والنّـور للوصول ال��ى البُعـدِ ال ّثـالث‬ ‫‪ ,‬وإش��عار المتأمل بالكتل��ة القريبة وبالكتل‬ ‫البعيدة التي يس��بح معها النظر ويمتد داخل‬ ‫المشهد‬

‫إن حرصه��ا عل��ى تقديمه��ا المواضي��ع‬ ‫ّ‬ ‫الخلوي��ة المفرح��ة والبهيج��ة ف��ي الطبيعة‬ ‫الصامت��ة والمناظ��ر الطبيع��ة والت��ي غالبا‬ ‫وواضح فوق‬ ‫عال‬ ‫ماتكون لقطتها من‬ ‫ارتفاع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مس��توى النظ��ر‪ ,‬اال اننا النش��عر بتقصّدها‬ ‫ألن أعيننا تغرق ف��ي التفاصيل وتتابع‬ ‫ذل��ك ّ‬ ‫حج��ارة الج��دران المهجورة هنا والش��بابيك‬ ‫الكثيفة هناك ‪ ,‬أو قوارب الصيادين المتناثرة‬ ‫فوق سطح الماء األزرق ‪.‬‬ ‫وإضاف��ة لكونه��ا مدرّس��ة ف��ي المعاهد‬ ‫والجامعات فلق��د عملت على تصميم األزياء‬ ‫والمالبس للمسرحيات والبرامج التلفزيونية‬ ‫‪,‬وحازت عل��ى الكثير م��ن الجوائ��ز المحليّة‬ ‫والعالميّ��ة ‪ ,‬وامتازت لوحاتها بإضفاء المزيد‬ ‫م��ن البهج��ة والفرح الى النف��وس من خالل‬ ‫لوحات االزهار والورود التي امتازت وتفوقت‬ ‫فيها ‪.‬‬ ‫لم تتوقف الفنانة عتاب حريب في إنتاجها‬ ‫أو تتمح��ور ف��ي مدرس��ة فنيّ��ة عالمي��ة أو‬ ‫طريق��ة واح��دة ‪ ,‬ذل��ك ألنها تؤم��ن بتطوّر‬ ‫الفنان الدائم ‪ ,‬وبتنوع انتاجه المستمرّ وفقًا‬ ‫للحظة إبداع العمل الفنيّ ودوافعه ‪.‬‬ ‫لكن اغتيال ولدها الشّاب من قبل داعش‬ ‫قبل سنتين في دير الزور جعلها تفقد بريق‬ ‫ألوانها الوضّاءة وتتجه من حيث التدري الى‬ ‫م��زج ألوانها بش��يْ م��ن القتامة الت��ي تكاد‬ ‫تفقدنا متعة الفرح كلما نظرنا الى لوحاتها ‪.‬‬ ‫وعل��ى الرغم من رحيله��ا بعيداً عن أرض‬ ‫الوطن السوريّ‪ ..‬وإقامتها حاليًا في الواليات‬ ‫المتح��دة االمريكية‪ ,‬وس��ط ترحيب ودعوات‬ ‫م��ن معظم صاالت العرض العالمية ‪ ,‬ا ّ‬ ‫ال انها‬ ‫تنتظ��ر لحظة اإلنتص��ار على القتل��ة البغاة‬ ‫وعودتها لترس��م تحت أش��عة الشمس التي‬ ‫اعت��ادت فق��ط عل��ى ضوئه��ا المش��رق في‬ ‫سورية‪.‬‬


‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫|‬

‫فنون‬

‫|‬

‫ديكور لرق�صة العقل ال�صامتة‬ ‫ب�شار ف�ستق‬ ‫ظه��ر مفهوم توس��يع الفضاء المس��رحيّ‬ ‫مترافق�� ًا مع إزالة الجدران والمفروش��ات من‬ ‫الديكور ومع تطوّر تقنيّ��ات اإلضاءة‪ ،‬ووراء‬ ‫كلتا الناحيتين كانت الحاجة الملحّة لتوس��يع‬ ‫ّ‬ ‫المتلقي الذي‬ ‫الخشبة للمزيد من االتصال مع‬ ‫أخذ دوره كمش��ارك ف��ي العمليّ��ة‪ ،‬فتوجّب‬ ‫الخ��روج م��ن العلب��ة اإليطاليّ��ة م��ع بدايات‬ ‫القرن المنصرم‪.‬‬ ‫م��ن جه��ة الن��صّ‪ ،‬لعب��ت مس��رحيّات‬ ‫الفص��ل الواح��د‪ ،‬ومنه��ا نص��وص «يوجين‬ ‫أونيل»* دوراً في إلغاء الس��تارة المس��رحيّة‬ ‫التقليديّ��ة‪ ،‬وأنضجت مفهوم الس��ينوغرافيا‬ ‫المعاص��ر عمليّ��ًا‪ ،‬إذ تط ّل��ب الموض��وع أن‬ ‫توحِّ��د المش��هديّة بي��ن الفعل المس��رحيّ‬ ‫وتغيّر ألوان اإلضاءة مث ً‬ ‫ال‪ ،‬كما في مسرحيّة‬ ‫«حيث وضعت إش��ارة الضرب»‪ ،‬أو في العمل‬ ‫السياسيّ الكبير «االستعراض األحمر» الذي‬ ‫تط ّل��ب م��ن المخ��رج «إرفين بس��كاتور»**‬ ‫استخدام ملعب لكرة القدم ليعرض عمله‪.‬‬ ‫أمّ المس��رح الس��وريّ فقد بق��ي حبيس‬ ‫الص��االت المش��ادة لع��روض الس��ينما حتّى‬ ‫الي��وم‪ ،‬لكنّ��ه تخ ّل��ص جزئيّاً م��ن الديكور‬ ‫المؤ ّل��ف – غالبًا ‪ -‬من عدّة أرائك في وس��ط‬ ‫المس��رح وج��دران عليها لوح��ات ضمن أطر‪،‬‬ ‫والس��تارة الحم��راء ذاته��ا! كم��ا ف��ي جمي��ع‬ ‫أعمال «محمود جب��ر» الذي واظب التلفزيون‬ ‫الرسميّ على ّ‬ ‫بث أعماله طيلة عقود‪.‬‬

‫توق��ه للحرّيّ��ة‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ظل مقموع ًا لعش��رات‬ ‫الس��نوات؛ وكان لح��رص أجه��زة القمع على‬ ‫قت��ل ّ‬ ‫كل م��ن يح��اول التجمّع في الس��احات‬ ‫الرئيس��يّة داخ��ل مراكز المدن‪ ،‬أثراً حاس��م ًا‬ ‫في انعدام إمكانيّة تقديم أيّة مشاهد لحين‬ ‫وُجدت مناطق محرّرة‪.‬‬ ‫ثمّ انتش��ر تقدي��م مش��اهد إيمائيّة في‬ ‫س��احات بالد ن��زح إليها الس��وريّون من قبل‬ ‫فرق ش��ابّة كفرق��ة «خط��وة» الفنّيّة التي‬ ‫ّ‬ ‫شُ��كلت من عدّة ش��بّان هواة‪ .‬كما شاركت‬ ‫مجموعات ش��بابيّة عبر وقفات تعبيريّة في‬ ‫س��احات المدن الغربيّة بغية إيصال الصورة‬ ‫الحقيقيّ��ة عمّا يجري داخل س��ورية‪ ،‬فأدّوا‬ ‫مش��اهد صامتة تص��ف م��وت آالف األطفال‬ ‫اختناق��ًا بغاز الس��ارين ف��ي الغوطتين‪ .‬وفي‬ ‫تجرب��ة للفرقة نفس��ها عبر مس��رح الغرفة‬ ‫تس��اءل أعض��اء الفرق��ة قائلي��ن « بزحم��ة‬ ‫هالدم‪ ،‬يا ترى لسه فينا نعمل مسرح؟!‬ ‫يا ترى لس��ه فينا نثور بدون ما يكون معنا‬ ‫رصاص؟!‬ ‫لسه الفن جزء من الثورة السورية؟!»‪.‬‬

‫ربّما تكون صور الدمار الذي تو ّلده براميل‬ ‫النظام المتفجّرة فضا ًء للمش��هد المسرحيّ‬ ‫الراف��ض للقت��ل والجريم��ة‪ ،‬وأساس��ًا لخلق‬ ‫نهوض اإلنس��ان‪ ،‬على عكس م��ا يرمي إليه‬ ‫القاتل‪ ،‬فق��د قام أحد الرجال برقصة عربيّة‬ ‫بطيئة ملوّح�� ًا بمحرمتين وه��و يخطو على‬ ‫بقايا س��قف بيته المس��وّى ب��األرض والذي‬ ‫كان يض��جّ قبل ليلة بحفلة عرس ابنه البكر‬ ‫عندما هوى البرميل من الحوّامة‪ ،‬نجا جس��د‬ ‫الرج��ل‪ ،‬فقط‪ ،‬ليتمّ الرقصة على األنقاض‪،‬‬ ‫تحت ضوء آليّات الدف��اع المدنيّ‪ .‬أيّ ديكور‬ ‫ه��ذا‪ ،‬وأيّ��ة إض��اءة أو موس��يقى يمك��ن أن‬ ‫تقترحون؟!‬ ‫هامشان‪:‬‬ ‫* يوجي��ن أوني��ل (‪ )1953– 1888‬كات��ب‬ ‫مس��رحيّ أمريك��يّ‪ ،‬أوّل من كت��ب الدراما‬ ‫األمريكيّة الحديثة‪.‬‬ ‫**إروين بس��كاتور (‪ )1966 – 1893‬مخرج‬ ‫مس��رحيّ ألماني‪ ،‬أحد مؤسّس��ي المس��رح‬ ‫السياسيّ‪.‬‬

‫بعض التج��ارب المس��رحيّة اخترقت هذا‬ ‫النمط بدءاً من المس��ارح الجامعيّة منتصف‬ ‫السبعينيّات‪ ،‬ولكن لم ينتشر أيّ من مسرح‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫المقه��ى أو الرصيف أو ما يش��به ذلك؛‬ ‫الموافق��ات األمنيّ��ة ل��م تمن��ح لمث��ل هذه‬ ‫الع��روض‪ ،‬خال بع��ض االس��تثناءات كعرض‬ ‫يتي��م كان يت��مّ ف��ي ح��وش دار عربيّ��ة‬ ‫لعم��ل التخ��رّج ال��ذي يقدّمه طلبة الس��نة‬ ‫الرابع��ة واألخيرة من المعه��د العالي للفنون‬ ‫المسرحيّة بدمشق‪ .‬أو فرقة أجنبيّة سائحة‬ ‫ج��اءت بدافع الفض��ول أكثر م��ن رغبتها في‬ ‫تقديم مقترح فنّي جادّ‪.‬‬ ‫خصّصت الس��لطات المس��ارح المفتوحة‬ ‫(الرومانيّة) كمس��رح بصرى ومس��رح قلعة‬ ‫حل��ب وغيرهم��ا للمهرجان��ات التي تس��مّى‬ ‫فولكلوريّة‪ ،‬ليق��دّم عليها – فعليًّا – الدبكة‬ ‫وأغانٍ ال تستحقّ الذكر‪.‬‬ ‫بع��د خ��روج الش��عب الس��وريّ ف��ي ربيع‬ ‫‪ 2011‬إلى الشارع هاتفًا ضدّ االستبداد‪ ،‬أبدع‬ ‫كلمات وألحان��اً جديدة‪ ،‬وأصبح يجسّ��د على‬ ‫األرصف��ة وف��ي الح��ارات مش��اهد تعبّر عن‬

‫‪11‬‬


‫|‬

‫عطر زيتون‬

‫|‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد ‪ 15 | 116‬أيلول ‪2015‬‬

‫�أملانيا حلم ال�سوريني‬ ‫�أحمد خليل‬ ‫ف��ي رحل��ة ترك��ت فيها نص��ف روحي في‬ ‫بلدي والمس��ت فيها جدران الموت الكثر من‬ ‫مرة وصلنا الى المراد ولكن كيف؟‬

‫شخصا في رحلة كان من المقرر لها ان تدوم‬ ‫س��اعة لكنها دامت حوالي السبع ساعات‪ ،‬من‬ ‫الواحدة ليال وحتى السابعة صباحا لم أصدق‬ ‫حين��ا انني بقيت على قب��د الحياة وخصوصا‬ ‫ان البحر هاج بعد حوالي الس��اعة من ركوب‬ ‫البحر ودواليب النجاة التي اشتريناها سرعان‬ ‫ما ثقبت النها مهترئة وبالية‪.‬‬

‫وصلن��ا ال��ى الح��دود التركي��ة الس��ورية‬ ‫(بي��ت المه��رب) كن��ا حوالي المائة ش��خص‬ ‫رج��ال ونس��اء واطف��ال دام المس��ير حوالي‬ ‫الخمس��ة س��اعات عبرنا فيها الجبال واالنهار‬ ‫والمنحدرات والغابات لم اعد اذكر كيف انني‬ ‫فقدت االحساس بقدماي‪.‬‬

‫وصلنا جزيرة ساموس بعد ان جفت الدماء‬ ‫في عروق��ي من رعب الرحل��ة‪ ،‬كانت جزيرة‬ ‫جميلة نظ��رات اهلها الينا كان��ت عادية ربما‬ ‫النه��م اعت��ادوا المنظ��ر وصلن��ا ال��ى مركز‬ ‫الش��رطة أعطون��ا أوراق��ا للعب��ور بع��د أخذ‬ ‫الص��ور ولكنهم كانوا يرت��دون الكمامات لم‬ ‫أعرف السبب ولم اسأل‪.‬‬

‫ابتدأت الرحلة من س��وريا مدينة س��راقب‬ ‫بل��دي وعين��اي ترم��ق بنظ��رة اخي��رة جدان‬ ‫المن��زل وش��وراع المدين��ة الحبيب��ة وتلق��ي‬ ‫عليهم نظرة الوداع او اللقاء البعيد‪..‬‬

‫وصلن��ا الى الم��كان المنش��ود لك��ن بكاء‬ ‫طف��ل صغير جلب الينا الجندرمة التركية تم‬ ‫الق��اء القبض علينا تح��ت انظار اهل القرية‬ ‫الذين كان��وا بمنتهى القذارة والخس��ة‪ ،‬قلت‬ ‫الحد عناصر الجندرمة‪:‬‬ ‫م��ن الع��ار ان تس��مح الماني��ا بدخ��ول‬ ‫الس��وريين اليها وانتم بلد مس��لم وتعرفون‬ ‫احوالن��ا وتدعون انك��م االنص��ار لمهاجرينا‬ ‫وانن��ا ضي��وف لديكم‪ ،‬فاجابن��ي بخجل‪ :‬تلك‬ ‫هي االوامر‪.‬‬ ‫نقلونا بالس��يارات العس��كرية الى معتقل‬ ‫بقين��ا في��ه يومي��ن ب��دون طعام او ش��راب‪،‬‬ ‫م��كان بارد ش��ديد القذارة واليوج��د فيه ماء‬ ‫بالحمام��ات‪ ،‬اش��د ملفت انتباهي ان ش��ابان‬ ‫تمكنا من الهرب باتجاه حاجز قيل انه لجبهة‬ ‫النص��رة لكنه��م تفاج��أوا ان الحاجز اعادهم‬ ‫الى الجندرمة التركية‪.‬‬ ‫كان الضاب��ط م��ن الطائف��ة العلوية وقد‬ ‫اشبعهم ضربا احسس��ت حينها باالنهيار من‬ ‫ج��راء صراخه��م وتوس�لاتهم لكنن��ي ازدت‬ ‫اصرارا على ترك البلد‪.‬‬ ‫بع��د يومي��ن اخ��ذوا لن��ا الص��ور واطلقوا‬ ‫س��راحنا عن��د الح��دود الس��ورية س��ألت عن‬ ‫الص��ور ق��ال لي احد االش��خاص انه��ا تقدم‬ ‫لالم��م المتحدة على انه��م يقدمون الرعاية‬ ‫للسوريين‪.‬‬ ‫رجعنا الى بي��ت المهرب واعدن��ا المحاولة‬ ‫مرة اخرى وتمت بنجاج وكانت االمور س��هلة‬ ‫ف��ي تركيا انطاكي��ا – ازمير‪ -‬ب��ودرم بودرم‬ ‫م��كان الطفل اي�لان مازال يت��م االتفاق مع‬ ‫المهرب للركوب ف��ي البحر نفس البحر الذي‬ ‫قتل اي�لان وباتجاه األراضي اليونانية وصلنا‬ ‫الى الشاطئ‪ ،‬ركبا فيما يشبه اللعبة وانطلقنا‬ ‫باتج��اه البح��ر حوال��ي الخمس��ة واألربعي��ن‬

‫‪12‬‬

‫م��رة اخ��رة بالبح��ر ولك��ن المس��ير كان‬ ‫بالباخ��رة باتجاه اثين��ا وكان من المالحظ ان‬ ‫اغلب المس��افرين لم يكونوا من الس��وريين‬ ‫بل كان��وا افغان وعراقيي��ن وافارقة واكراد‪،‬‬ ‫حتى ان اغلب الس��وريين كانوا من المناطق‬ ‫الخاضع��ة لس��يطرة النظ��ام‪ ،‬ذات المالحظة‬ ‫عن��د كل الذي��ن س��افروا م��ن قبل��ي وم��ن‬ ‫بع��دي‪ ،‬وصلن��ا اثين��ا ومن‬ ‫ث��م مقدوني��ا فصربي��ا‪،‬‬ ‫ف��ي صربيا اعطون��ا ورقة‬ ‫عب��ور لك��ن االع��داد كانت‬ ‫كبي��رة اضطررن��ا لالقامة‬ ‫يومي��ن كان مالحظا لطف‬ ‫الصربيي��ن واحترامهم لنا‪،‬‬ ‫م��ن س��ائق التكس��ي الى‬ ‫كل ش��خص قابلناه قال لنا‬ ‫س��ائق التكس��ي ب��دون ان‬ ‫يعرف جنسيتنا‪:‬‬

‫انن��ا آلفن��ا كل ان��واع االس��لحة وق��د كان‬ ‫المسدس خلبيا‪ ،‬امسكته واوشكت على قتله‬ ‫لكن لم تسمح لي نفسي والسيما انه سوري‪،‬‬ ‫تم القاء القبض علينا بعد سماع اطالق النار‬ ‫في مطاردة دامت الس��اعتين استخدموا فيها‬ ‫الكالب وارسلونا الى السجن‪.‬‬ ‫بع��د حوال��ي الثالثة اي��ام اطلق س��راحنا‬ ‫وارس��نا باتج��اه بودابس��ت محط��ة القط��ار‬ ‫الش��هيرة‪ ،‬هن��ا اختلف��ت المعاملة وش��عرنا‬ ‫بالف��ارق الحض��اري بين الدول فقد ارس��لت‬ ‫الحكوم��ة االلماني��ة الين��ا القط��ارات مجان��ا‬ ‫لنقلنا الى النمسا ومن ثم المانيا‪.‬‬ ‫هن��اك نقط��ة يج��ب اال ننس��اها ان هناك‬ ‫اش��خاص ع��رب م��ن كل الجنس��يات حاولوا‬ ‫تقديم المساعدة بشتى الوسائل وعلى قدر‬ ‫المستطاع كل الشكر لهم‪.‬‬ ‫في النمس��ا اجهش��ت بالب��كاء كان الناس‬ ‫يقفون عل��ى ط��ول الطري��ق محملين بكل‬ ‫شي ‪...‬لم اعامل هكذا في سوريا‪ ،‬تبا لكم يا‬ ‫تجار الحروب‪ ،‬اس��تمر وجودنا حوالي الساعة‬ ‫انطلقنا بعدها الى المانيا‪ .‬حلم المهاجرين‬

‫انا احب السوريين النهم‬ ‫ش��عب متعل��م ومحترمون‬ ‫ولكن��ي ال اح��ب العراقيين‬ ‫وال االفغان‬ ‫ركبن��ا الس��يارة وباتجاه‬ ‫الح��دود المجري��ة ف��ي‬ ‫طريق طوي��ل بين الغابات‬ ‫ووح��وش البش��ر واثن��اء‬ ‫المس��ير اعت��رض طريقنا‬ ‫شخص مريب وحين سالته‬ ‫عمن يكون ق��ال‪ :‬انا ربك‪،‬‬ ‫مصوب��ا مسدس��ه نح��وي‪،‬‬ ‫حاولن��ا ان��ا ومجموع��ة من‬ ‫الرفق��اء تخليصه س�لاحه‬ ‫فاطلق النار‪.‬‬ ‫لم يكن يعلم المس��كين‬

‫الصورة من نفس الرحلة للكاتب‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.