بحث تحرير القدس بالأمة وتحرير الأمة بالقدس

Page 1

‫تحرير القدس باألمة‬ ‫وتحرير األمة بالقدس‬ ‫بقلم‪ /‬حسن أحمد الدقي‬ ‫‪aldiqqi@hotmail.com‬‬

‫‪٢٠١٠/٥/١٥‬‬

‫مفردات البحث‬ ‫أوال‪ :‬المقدمة‬ ‫ثانيا‪ :‬القدس في ظل النظام الدولي ومفرداته‬ ‫ثالثا‪ :‬القدس في ظل النظام السياسي والفكري للعرب والمسلمين‬ ‫رابعا‪ :‬القدس في ظل الحراك اإلسالمي والجماعات اإلسالمية‬ ‫خامسا‪ :‬مؤشرات في استراتيجية اإلنقاذ المتبادل ما بين القدس وأمة اإلسالم‬

‫‪١‬‬


‫أوال‪ :‬المقدمة‬ ‫إن الحمد تعالى نحمده ونستعينه ونستھديه ونعوذ با من شرور أنفسنا وسيئات‬ ‫أعمالنا‪ .‬ونصلي على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين محمد بن عبد) وعلى آله‬ ‫وصحبه ومن وااله إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فإن المتأمل في فواتح سورة اإلسراء وما شملته تلك الفواتح من ارتباط بين المسجد‬ ‫وتقابل بين فساد اليھود العالمي ونقض ذلك الفساد وإزالته‬ ‫الحرام والمسجد األقصى‬ ‫ٍ‬ ‫بعباد ) أولي البأس الشديد‪ ،‬وارتكاز كل من فساد اليھود من جھة وصولة الموحدين‬ ‫ضدھم من جھة أخرى على موضع المسجد األقصى تحديدا‪ ،‬ليدلنا على الحقائق التالية‬ ‫في الحال وفي المستقبل‪:‬‬ ‫‪-١‬‬

‫‪-٢‬‬

‫‪-٣‬‬

‫إنه ال فكاك لعقدة االصطراع ھذه إال بتغلب وھيمنة وسيطرة فئة على الفئة‬ ‫األخرى وقيام فئة من الفئتين بإزالة كل أشكال الھيمنة واالستحواذ على‬ ‫البقعة الجغرافية ھذه مما يحتم معه تھديم كل ما بنوا وأشادوا سواء أكانت‬ ‫تلك اإلشادة على أرض فلسطين أو السيطرة العالمية التي توصل إليھا‬ ‫اليھود‪) :‬وليتبروا ما علوا تتبيرا(اآلية يقول القرطبي رحمه ) تعالى في‬ ‫معنى التتبير‪ :‬أَيْ لِ ُي َد ِّمرُوا َو ُي ْھلِ ُكوا ‪َ .‬و َقا َل قُ ْطرُب ‪َ :‬ي ْھ ِدمُوا ؛ َقا َل ال َّشاعِ ر ‪:‬‬ ‫َف َما ال َّناس إِ َّال َعام َِال ِن َف َعامِل ُي َتبِّر َما َي ْبنِي َو َ‬ ‫آخر َرافِع)انتھى(‪.‬‬ ‫ومن مقتضيات الصراع وأبعاده أن يستعين كل فريق بما أوتي من طاقة‬ ‫وقوة بشرية ومادية في ھذا الصراع ولن يستسلم طرف آلخر إال بعد أن‬ ‫يستنفذ كل طرف تلك الطاقة والقوة في ميدان الصراع ومن المشا َھد أن‬ ‫اليھود قد حشدوا في صراعھم واستدعوا طاقات أمم الكفر األخرى ووظفوا‬ ‫الھيمنة العالمية التي توصلوا إليھا خالل القرن العشرين الميالدي وما سبقه‬ ‫وفق ما قدره المولى سبحانه عليھم‪):‬ضربت عليھم الذلة والمسكنة أين ما‬ ‫ثقفوا إال بحبل من ) وحبل من الناس(المائدة‪ ،١١٢:‬فھذه سنة أخرى من‬ ‫السنن التي تحكم مسار اليھود في األرض‪ ،‬وليس أمام أمة اإلسالم والحال‬ ‫كذلك إال أن تستدعي طاقاتھا كلھا وأن تعولم الصراع حتى تتمكن من فك‬ ‫عقدة القدس وھو ما ينبئ بصراع مرير طويل‪ ،‬وأن أمم الكفر األخرى لن‬ ‫تتوانى عن دعم اليھود مما يجعل كل من يدعمھم يدخل تحت حكم المحاربين‬ ‫ألمة اإلسالم فھل سيقبل المسلمون خارج فلسطين أن يدفعوا ضريبة ھذه‬ ‫العولمة للصراع وأن يصدقوا في حبھم وتعلقھم بالقدس؟‪.‬‬ ‫أن المسجد في قلب الصراع )وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة(اآلية‬ ‫وبما أن المساجد ھي الرمز الذي يفرق بين المسلمين وغيرھم )وأن المساجد‬ ‫‪٢‬‬


‫‪-٤‬‬

‫ فال تدعوا مع ) أحدا(اآلية‪ ،‬فال يمكن حرف الصراع عن مساره العقدي‬ ‫ال بوطنية وال بقومية وال بمجرد المطالبة باألرض فضال عن وعود السالم‪،‬‬ ‫وبما أن غالب طاقات األمة معطلة وممنوعة عن الدخول في الصراع بسبب‬ ‫تفرقھا على أوطان ونظم متشاكسة أو بسبب النظام الدولي ووعوده بإنصاف‬ ‫المسلمين فإن المسجد األقصى سائر إلى الھدم –ال سمح ) القوي الجبار‪-‬‬ ‫في حال بقيت أمة اإلسالم على وضعھا الحالي ولم تضع ثقلھا في الصراع‪،‬‬ ‫ومع ما أنجزه المجاھدون في األرض المقدسة لكنھم ال يستطيعون وقف ھدم‬ ‫المسجد بوضعھم الحالي‪ ،‬وقد يسعى اليھود إلى القيام بھدم جزئي للمسجد‬ ‫يختبرون فيه قابلية أمة اإلسالم في ھذا الشأن ويمھدون للھدم الكلي فما ھو‬ ‫جواب علماء األمة ورجاالتھا على ھذه الحقيقة الماثلة؟‪.‬‬ ‫وأن الصراع على موضع المسجد األقصى ھو صراع عالمي قد يؤدي إلى‬ ‫دخول البشر في جنبات األرض في مساراته بين داعم ومؤيد لليھود وھم‬ ‫األغلبية خاصة من النصارى وبين متبرم من فساد اليھود وأوليائھم على‬ ‫المستوى العالمي‪ ،‬فھل سوف يستثمر المسلمون ھذا التطور العالمي لصالح‬ ‫وصول ھذا الدين إلى ما بلغ الليل والنھار من خالل عولمة الصراع؟‬ ‫وإن المتأمل في علو اليھود الذي ورد في القرآن الكريم‪):‬لتفسدن في األرض‬ ‫مرتين ولتعلون علوا كبيرا(اآلية‪ ،‬ليدرك حجمه من خالل ما وصل له اليھود‬ ‫من سيطرة عالمية وحتى األعداء المتشاكسون لكل منھم صلة ما وعناية‬ ‫خاصة باليھود كما نرى من الروس والصين‪ ،‬ورأينا كيف تتابع األمم على‬ ‫االعتراف بإسرائيل عام‪١٩٤٨‬م فسبقت أمريكا ثم االتحاد السوفييتي بعد ذلك‬ ‫بثالثة أيام‪.‬‬ ‫ومما يقتضيه فھم اآليات من فواتح اإلسراء ھو تبادل األدوار بين حملة‬ ‫الحق وجنود الباطل والذين يمثلھم اليھود خير تمثيل بدليل ما ورد من‬ ‫وصف اليھود في الكتاب والسنة‪ ،‬ففي اآلية ما يشير بوضوح إلى ھذا التبادل‬ ‫أو اإلدالة )فإذا جاء وعد أوالھما( اآلية‪) ،‬فإذا جاء وعد اآلخرة(اآلية‪ ،‬ويتبين‬ ‫من ھذا التداول ضرورة تلبس أحد الفريقين بصفات محددة في كل مرة يدال‬ ‫لھم أو عليھم ولعل من أھم تلك الصفات الرغبة المسيطرة على الفريق‬ ‫المغالب لدخول األرض المقدسة والعودة إليھا ومنھا كثرة النفير ومنھا الذلة‬ ‫والھوان اللذان يضربھما ) عز وجل على من يتخلى عن ھذه األرض‬ ‫ومسجدھا وھو ما يعانيه المسلمون اآلن‪ ،‬ومنھا انبعاث أولي البأس الشديد‬ ‫بين المؤمنين الموحدين وھو ما بدأت بوادره بفضل ) المنان عز وجل فبعد‬ ‫أن طال األمد على المسلمين وھم يحاولون استرجاع فلسطين عبر ما يسمى‬ ‫بالنظام الدولي وعبر تفريغ الصراع من مضامينه العقدية وصبغه باأللون‬ ‫‪٣‬‬


‫القومية والوطنية ْإذ يشاء ) عز وجل أن يخرج من بينھم المجاھدون‬ ‫األشداء‪.‬‬ ‫فإذا كنا اليوم نستوعب ھذا الفھم في بعده النظري ونحن خارج فلسطين فقد سبقنا أھل‬ ‫فلسطين المعاصرون فاستوعبوه عمليا من خالل نھضتھم المباركة وتوكلھم على القوي‬ ‫العزيز ومبادأتھم العدو اليھودي بالقتال من خالل إعداد الرجال أولي البأس الشديد‪ ،‬ومع‬ ‫ما أحدثته تلك المبادأة من أمل في جنبات األمة المسلمة ومع ما رسمته من واقع عملي‬ ‫في مسيرة إنقاذ القدس وتغيير أوضاع المسلمين‪ ،‬فإن من واجب العلماء والمھتمين بشأن‬ ‫المسلمين عامة وشأن القدس خاصة أن يسعوا لفك أھم العقد والموانع التي تحول دون‬ ‫تواصل األمة ودعمھا للمجاھدين في فلسطين وأن يضعوا أيديھم على توصيف دقيق‬ ‫للمرض العضال الذي بات يھدد ھذه المسيرة المباركة‪.‬‬ ‫وفي ھذا السبيل يسعدني أن أتقدم بھذه المقاربة لألزمة الفلسطينية استجابة ألمر رسول‬ ‫) صلى ) عليه وسلم بنصح المسلمين عامتھم وخاصتھم كما جاء في حديث تميم‬ ‫الداري رضي ) عنه الذي قال‪ :‬قال رسول ) صلى ) عليه وسلم‪ :‬الدين النصيحة‪،‬‬ ‫قلنا‪ :‬لمن يارسول )؟ قال‪ :‬وكتابه ورسوله وألئمة المسلمين وعامتھم‪.‬رواه مسلم‬ ‫وستشمل ھذه المقاربة محاولة إلثارة وتسليط الضوء على المفردات التالية‪:‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫القدس في ظل النظام الدولي ومفرداته‬ ‫القدس في ظل النظام السياسي والفكري للعرب والمسلمين‬ ‫القدس في ظل الحراك اإلسالمي والجماعات اإلسالمية‬ ‫مؤشرات في استراتيجية اإلنقاذ المتبادل ما بين القدس وأمة اإلسالم‬

‫‪٤‬‬


‫ثانيا‪ :‬القدس في ظل النظام الدولي ومفرداته‬ ‫ويمكن استعراض الحقائق التاريخية التالية في ھذه المفردة‪:‬‬ ‫‪-١‬‬

‫‪-٢‬‬

‫‪-٣‬‬

‫‪-٤‬‬

‫‪-٥‬‬

‫يرجع تأسيس دولة اليھود على أنقاض فلسطين إلى مرحلة مبكرة من القرن‬ ‫العشرين الميالدي على يد اإلنجليز وبدعم بقية النصارى في العالم خاصة‬ ‫األمريكان حيث جمعت بين اليھود والنصارى عقيدة البروتستانت المتھودين‬ ‫وبلغ األمر أن شجع النصارى اليھود لخوض غمار الحرب العالمية األولى‬ ‫تدريبا واستعدادا للسيطرة على فلسطين‪.‬‬ ‫وارتبط تأسيس الدولة اليھودية بالعمل على إسقاط الخالفة اإلسالمية العثمانية‬ ‫وإن كان السقوط مرتبط في بعض جوانبه بعوامل داخلية في األمة المسلمة‬ ‫والدولة العثمانية على وجه الخصوص‪.‬‬ ‫كما ارتبط تأسيس دولة اليھود بإعادة تنظيم واقع األمة اإلسالمية خاصة في‬ ‫المنطقة العربية حيث بذل اإلنجليز جھودا كبيرة في تأسيس النظم السياسية‬ ‫والدويالت وكذا األحزاب العلمانية والشيوعية وكان إعالن قيام دولة اليھود‬ ‫سابقا إلعالن االستقالل الشكلي للدول العربية كما سعى اإلنجليز إلى دفع‬ ‫الروح القومية كبديل للروح اإلسالمية سواء عند األتراك او عند العرب‬ ‫وغيرھم من المسلمين وتم تشجيع الفئات الفكرية المناقضة لروح اإلسالم‬ ‫خاصة في مصر وبالد الشام‪ ،‬وقد بلغ تأثيرالروح القومية إلى درجة قيام‬ ‫بعض العرب بمحاربة إخوانھم في العقيدة من األتراك لصالح اإلنجليز مما‬ ‫مھد منطقة العرب للھيمنة اإلنجليزية ومن ثم اليھودية فدخل القائد العسكري‬ ‫البريطاني )اللنبي( غزة ثم القدس وميمنته محمية بقوات من العرب يقودھا‬ ‫األمير فيصل بن الحسين عام ‪١٩١٧‬م‪.‬‬ ‫تدافع العرب على أعتاب النصارى في عصبة األمم ثم في منظمة األمم‬ ‫المتحدة فما زادھم ذلك التدافع والجري وراء النصارى إال ذال على ذلھم وقد‬ ‫لعبت األمم المتحدة دورا حاسما في تثبيت دولة اليھود ودعمھا السياسي‬ ‫والعالمي وقد مضى على ھذه التجربة ما يقرب من القرن دون أن يراجع‬ ‫العرب أنفسھم في ھذا الشأن‪.‬‬ ‫دخل المسلمون على خط صناعة النظام الدولي فقط عندما عزم األفغان عام‬ ‫‪١٩٧٩‬م على قتال االتحاد السوفيتي الملحد أكبر دولة ملحدة عرفھا التاريخ‬ ‫الحديث وأيدھم في ذلك قيادات العمل اإلسالمي خاصة اإلخوان المسلمون‬ ‫ومع الثمن الباھض الذي دفعه المسلمون لدفع أذى الملحدين حيث بلغ عدد‬ ‫شھداء األفغان قرابة المليون والنصف شھيد وقرابة خمسة مالين مھجر فإن‬ ‫األمريكان غدروا بالمسلمين وركبوا موجة التغيير بسقوط االتحاد السوفيتي‬ ‫‪٥‬‬


‫‪-٦‬‬

‫‪-٧‬‬

‫عبر استھداف المسلمين واعتبار عقيدتھم ھي المھدد األول للسلم الدولي كما‬ ‫يزعمون واتخذوا بالد المسلمين مسرحا للتغيير في النظام الدولي وطريقا‬ ‫لوضع بقية األمم تحت الوصاية األمريكية العالمية وبھذا الوھم أشعل‬ ‫األمريكا الحرب تلو الحرب بدءا من عام ‪ ١٩٩١‬عندما ضربوا العراق‬ ‫مرورا بالصومال ثم أفغانستان عام ‪ ٢٠٠١‬وأكملوا مھمتھم الكاذبة في‬ ‫العراق عام ‪٢٠٠٣‬ومع التحول في رؤية األمريكان للنظام الدولي لكن بقيت‬ ‫إسرائيل حجر زاوية في نظامھم العسكري واألمني العالمي‪.‬‬ ‫ومن أھم ما يالحظ في النظام الدولي ھو أن دعم اليھود ال يقتصر على‬ ‫النصارى البروتستانت وحدھم فإن الروس والھندوس والصينيون وغيرھم‬ ‫من ملل الكفر يجمعون على أھمية بقاء إسرائيل واعتبارھا أساسا ال يمكن‬ ‫تجاوزه في المنطقة واعتبار الفلسطينين ھامشا بشريا يمكن إعطاءه ‪ -‬في‬ ‫أحسن األحوال‪ -‬دولة قابلة للحياة كما يقولون! ولعل النموذج الروسي ھو‬ ‫أحسن ما تطلع له العرب في نصرة قضيتھم فما زادھم ذلك إال بالء ولئن‬ ‫كان للعلمانيين من أمثال ياسر عرفات وبقية الفصائل الفلسطينية العلمانية‬ ‫عذر في الوقوع في وھم الدعم الروسي لھم فإن الخوف أن يتم إدخال‬ ‫المجاھدين في فلسطين إلى كذبة النظام الدولي عبر الغزل الروسي‪ ،‬وأين‬ ‫كان الروس عندما كان اليھود يصبون حممھم على غزة في الحرب األخيرة؟‬ ‫ومع ذلك فإن إمكانية حدوث انشقاقات وتناقضات في مفردات النظام الدولي‬ ‫واردة بل ھي متحققة ويمكن لقيادات الجھاد أن تبحث عن فرصة للنفاذ من‬ ‫خالل ھذه الشقوق واستثمارھا لصالح األداء اإلسالمي لكن التحذير من‬ ‫الوقوع في فخ النظام الدولي ھو المقصود من الشرح في مقدمة ھذه النقطة‪.‬‬ ‫لم تكتف مفردات النظام الدولي بوضع ثقلھا بجانب اليھود طوال التاريخ‬ ‫الحديث بل إن تلك المفردات سعت جاھدة لتفكيك أي خطر محتمل في‬ ‫الجانب اإلسالمي ومن ذلك السعي التدخل لخلخلة الوضع الفلسطيني لصالح‬ ‫الزمرة العلمانية المتخاذلة والذي نجم عن فرض المجاھدين لوجودھم عبر‬ ‫صناديق االقتراع واختراقھم لألداء السياسي الفلسطيني‪ ،‬إذ لوال أدوار‬ ‫مفردات النظام الدولي لما كان لزمرة أبي مازن دور وال وجود على الساحة‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫وبذلك االستعراض الملخص يتبين أن مفردات النظام الدولي اس ُتخدمت‬ ‫طوال القرن العشرين وبقيت كذلك ُمستخدمة في العقد األول من األلفية الثالثة‬ ‫باتجاه دعم اليھود وضرب االتجاه الجھادي المقاوم بين الفلسطينين سواء‬ ‫‪٦‬‬


‫بالعصا األمريكية الغليظة التي تسھم في حصار غزة أو بخيط الحرير‬ ‫األوروبي والروسي الساعي إلرجاع المجاھدين إلى بيت الطاعة الدولي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬القدس في ظل النظام السياسي والفكري للعرب والمسلمين‬ ‫ويمكن استعراض الحقائق التاريخية التالية في ھذه المفردة‪:‬‬ ‫‪-١‬‬

‫‪-٢‬‬

‫إن اعتماد النظام السياسي العربي واستناده إلى النظام الدولي من‬ ‫حيث االعتراف بكل دولة على حده ومن خالل خضوعه لعالقة‬ ‫خاصة بالدول المستعمرة جعله جزءا ال يتجزأ من النظام الدولي‬ ‫وبالتالي فإن معالجته ونظرته للقضية الفلسطينية بقيت أسيرة‬ ‫لمعطيات ذلك النظام وكل الذي فعله النظام السياسي العربي أنه كان‬ ‫يوفر غطاء للتمدد اليھودي في كل مرة يزمع اليھود على ذلك التمدد‬ ‫سواء تم ذلك بالحرب أو بالدبلوماسية اليھودية وقد حدث ھذا منذ أن‬ ‫أعلن الملوك والرؤساء العرب الھدنة من طرف واحد إبان حرب‬ ‫‪ ١٩٤٨‬وتوالت بعد ذلك تعامل النظام العربي مع الواقع الذي يصنعه‬ ‫اليھود حتى ابتلع اليھود كل فلسطين وھيمنوا على القدس كاملة‬ ‫وشرعوا في تدشينھا كعاصمة لدولتھم وقد انتھى األمر بالنظام‬ ‫السياسي العربي إلى المسارعة بعقد العالقات السرية والعلنية مع‬ ‫اليھود ولوال الممانعة الشعبية لرفرف علم إسرائيل في أغلب العواصم‬ ‫العربية منذ زمن بعيد‪.‬‬ ‫التزم النظام السياسي العربي بكل إمالءات النظام الدولي باحترام‬ ‫حدود إسرائيل ووجودھا بل وسعت دول الطوق إلى منع أي نوع من‬ ‫أنواعى المقاومة انطالقا من حدودھا ودخلت في صراع مرير مع‬ ‫الفصائل الفلسطينية في ھذا الشأن كما سعت مخابرات تلك الدول إلى‬ ‫استقطاب الفصائل الفلسطينية وضرب بعضھا ببعض بل إن مذابح‬ ‫الفلسطينيين لم تقتصر على فلسطيني الداخل وإنما امتدت للفلسطينيين‬ ‫في بعض البلدان العربية‪.‬‬ ‫وإن من أخطر األدوار السلبية التي لعبھا النظام السياسي العربي ھو‬ ‫امتصاص غضبة الشعوب العربية والمسلمة عند وقوع األحداث‬ ‫الكبرى المتعلقة بالقضية الفلسطينية وذلك عبر التنادي إلى المؤتمرات‬ ‫وإصدار البيانات واإلدانات مما جعله غطاء غير مباشر لتمرير إفساد‬ ‫اليھود في أرض المقدسات كما فعل ذلك النظام إبان الحرب على‬ ‫‪٧‬‬


‫‪-٣‬‬

‫‪-٤‬‬

‫‪-٥‬‬

‫غزة‪ ،‬بل إن النظام السياسي في العالم العربي قد سجل اختراقا‬ ‫تاريخيا كبيرا وخطيرا للقضية الفلسطينية ولألداء الجھادي فيھا عندما‬ ‫استغل الضغوط التي وقع تحتھا المجاھدون في فلسطين فأقروا‬ ‫بقبولھم دولة )مھلھلة( في ما بقي من حدود حرب ‪ ١٩٦٧‬بغض‬ ‫النظر عن المعطيات التي جعلت المجاھدين يوافقون على ھذه الخطة‬ ‫والتحفظات التي وضعوھا عليھا فإن العرض يشمل في األساس‬ ‫اعترافا بإسرائيل ويقبل ما تتنازل عنه إسرائيل من بقايا أرض‬ ‫‪.١٩٦٧‬‬ ‫التزم النظام العربي بمعطيات التحول في النظام الدولي الذي قاده‬ ‫األمريكان خصوصا باستھداف النھضة اإلسالمية المتمثلة في الحراك‬ ‫الجھادي باعتباره الخطر المھدد لألمن الدولي كما تزعم أمريكا وھذا‬ ‫بدوره أدى إلى تطبيق خطة تجفيف المنابع واستھداف العمل‬ ‫اإلسالمي بكل ألوان طيفه من تكميم المساجد إلى منع التبرعات‬ ‫والدعم المادي بل ومحاربة لجان مقاومة التطبيع مع اليھود وكانت‬ ‫القضية الفلسطينية من أھم الساحات التي تأثرت بھذا التحول‬ ‫واالستھداف حتى وصل الحال بھذه النظم أن تشارك في حصار‬ ‫المجاھدين في فلسطين بل وتعتقل الجرحى منھم وتسلط عليھم كل‬ ‫أنواع األذى الجسدي والمعنوي وبلغ األمر باليھود أن ينقلوا معركتھم‬ ‫مع المجاھدين للساحات العربية فيقتلوا وبدم بارد دون أن يخشوا‬ ‫العواقب‪.‬‬ ‫وبعد أن تمكنت قيادات العمل اإلسالمي بفضل ) المعين أن تتجاوز‬ ‫التحديات العالمية واإلقليمية والتھديد العقائدي الذي تمثل في المشاريع‬ ‫األممية كالمشروع الشيوعي العالمي وخطر المشاريع القومية‬ ‫كالقومية العربية والقومية التركية وغيرھا‪ ،‬في ظل ذلك يأتي‬ ‫المشروع الوطني واالنغالق القطري كأحد أھم العقبات أمام األداء‬ ‫اإلسالمي ْإذ بانغالق أجزاء األمة في المصلحة الوطنية والقطرية‬ ‫المحدودة التي أنتجت شعارات تلقفھا النظام السياسي ووظفھا كشعار‬ ‫)األردن أوال( فقد ضاقت على إثر ذلك فسحة الحراك السياسي‬ ‫والدعوي والثقافي والفكري لصالح دعم القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫لعب العلمانيون في العالم العربي واإلسالمي بشتى نحلھم دورا ھاما‬ ‫في حرف مسيرة المسلمين والعرب خاصة عن حقيقة الصراع العقدي‬ ‫مع اليھود واعتبروه صراعا على أرض ثم ما لبثوا أن طالبوا ببيع‬ ‫األرض أو استبدالھا بأرض أخرى وكان لالشتراكيين الشيوعيين‬ ‫‪٨‬‬


‫‪-٦‬‬

‫الملحدين وللقوميين العرب الدور األكبر في ذلك حتى تسلم النصارى‬ ‫دور الريادة والتوجيه الفكري في األمة بناء على تلك الرؤية فلما تسلم‬ ‫اليھود القدس من تحت أيدي القوميين العرب والناصريين ظھرت‬ ‫عوراتھم وبان خزيھم بدأت األمة في التحول عنھم ومع ذلك ال يزال‬ ‫لھم حضورھم الدعائي فكأن دورھم لم ينته بعد‪.‬‬ ‫ويأت االستقطاب االستخباراتي الحاد في ظل المشروع األمريكي‬ ‫العالمي وتوظيفه للنظم العربية باختراق تلك النظم وربط مسيرة‬ ‫األداء السياسي فيھا بقوانين أمنية مستجدة ومبررات محاربة اإلرھاب‬ ‫لكي يغلق كل ھوامش الرؤية المستقلة المتبقية لدى ھذه النظم ويضعھا‬ ‫رھينة في رؤية البيت األبيض وحروبه االستباقية والتحوالت التي‬ ‫يرغب بإحداثھا في ساحات البالد اإلسالمية كما فعل في العراق‬ ‫وإنشاء دولة للشيعة ثم ھو يدعي أنه يحمي البالد العربية من التمدد‬ ‫الشيعي في المنطقة‪.‬‬

‫وبعد ذلك التلخيص لواقع وتاريخ النظم السياسية في العالم العربي وعالقتھا بقضية‬ ‫فلسطين والقدس يحق لسائل أن يسأل‪ :‬ھل بقي في ساحة النظم السياسية في العالم‬ ‫العربي واإلسالمي وفي سحرته من العلمانيين ما يمكن أن يعول عليه لدفع مسيرة‬ ‫فلسطين والقدس نحو تحرير أو استعادة حقوق؟‬

‫رابعا‪ :‬القدس في ظل الحراك اإلسالمي والجماعات اإلسالمية‬ ‫ويمكن استعراض الحقائق التاريخية التالية في ھذه المفردة‪:‬‬ ‫‪-١‬‬

‫إن الحراك الجھادي ضد اليھود قد ورث معطيات المسيرة اإلسالمية‬ ‫المعاصرة من توجھات إصالحية ونھضوية في بعدھا النظري االجتھادي‬ ‫وفي بعدھا العملي الميداني وذلك لما يمثله الجھاد من ذروة سنام اإلسالم‪،‬‬ ‫فإن المتعلقين به تتبلور في ساحتھم وتنتھي إليھم مآالت االجتھاد وقيادة‬ ‫العباد‪ ،‬كما أنھم قد ورثوا معطيات المسيرة اإلسالمية المعاصرة بما تمثله‬ ‫فلسطين من رمز عقدي وتاريخي فعلى ساحتھا تؤول كل معطيات وحقائق‬ ‫الصراع بين الحق والباطل وذلك لما ورد في الكتاب والسنة من أدلة ففي‬ ‫سورة اإلسراء تتضح مآالت الصراع ومفرداته األساسية وكون اليھود‬ ‫والنصارى في لباب ھذا الصراع ضد المسلمين وكذا مفردة المسجد ومفردة‬ ‫إفساد اليھود العالمي إلى غير ذلك من المفردات‪ ،‬ومن األدلة اآليات التي‬ ‫‪٩‬‬


‫‪-٢‬‬

‫أنبأنا بھا العليم الخبير عز وجل عن طبيعة اليھود وخيانتھم وذلتھم‪ ،‬وما ورد‬ ‫عن النبي صلى ) عليه وسلم من أحاديث عن قتال اليھود ودور فلسطين‬ ‫والشام عموما في ھذا الشأن ومن ذلك قوله صلى ) عليه وسلم‪ :‬ال تزال‬ ‫طائفة من أمتي ظاھرين على الحق لعدوھم قاھرين ال يضرھم من خالفھم إال‬ ‫ما أصابھم من ألواء فھم كاإلناء بين األكلة حتى يأتيھم أمر ) وھم كذلك‬ ‫قالوا يا رسول ) وأين ھم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس‪).‬انتھى(‬ ‫فإن المجاھدين في فلسطين لما تمكنوا من تأسيس الدور الجھادي ضد اليھود‬ ‫في قلب فلسطين نصبوا بذلك راية النھضة اإلسالمية المعاصرة وفتحوا‬ ‫أبواب الصراع على مصراعيه فال يستطيع فرقاء اللعبة الدولية أن يغلقوه‬ ‫مھما احتالوا على المسيرة اإلسالمية عبر تقسيمھا إلى أوطان وأزمات‬ ‫اقتصادية وخالف بين شعوب وقوميات وھذا ما أثبتته األيام حتى بلغ األمر‬ ‫أن أھل فلسطين أنفسھم لم يعد بمقدورھم أن يعيدوا المسألة إلى قمقمھا‬ ‫الفلسطيني الوطني وإال انتھوا إلى ما انتھى إليه ياسر عرفات وفريق العلمنة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬مع العلم بأن النظام الدولي على الضفة األخرى قد استطاع أن‬ ‫يستوعب حراك المسلمين العام ومحاوالتھم بالخروج من نظام الھيمنة‬ ‫النصرانية واليھودية في مواقع أخرى غير فلسطين كما حصل من تنفيس‬ ‫المسيرة الجزائرية ومنع التحوالت اإلسالمية فيھا وفي مواقع اخرى كثيرة‬ ‫من العالم‪.‬‬ ‫إن الخطر على المسيرة الجھادية قائم ‪ -‬رغم ما حققه المجاھدون في‬ ‫فلسطين‪ -‬وذلك من خالل المحاوالت المستميتة والمتواصلة لحرف المسيرة‬ ‫الجھادية عن مسارھا العقدي وأرضيتھا اإلسالمية واستخدم لذلك طائفة من‬ ‫الوسائل كان أولھا استھداف القادة الذين مثلوا البعد العقدي وأصّـلوا له‬ ‫كالشيخ أحمد ياسين والشيخ فتحي الشقاقي رحمھما ) والقائمة الطويلة من‬ ‫قيادات المسيرة الجھادية المعاصرة في فلسطين‪ ،‬كما استخدمت مفردات‬ ‫النظام الدولي كالمنظومة األوربية والمنظومة العربية وفتح باب العالقات‬ ‫الروسية كي تلين عريكة المجاھدين عبر حرير العالقات الدبلوماسية بعدما‬ ‫فشلت جھود تليينھا عبر القتل والسجون‪ ،‬وأخيرا سمح النظام الدولي‬ ‫إلسرائيل أن تصب آخر ما أنتجته مصانع العمالق األمريكي من أسلحة‬ ‫الدمار الشامل على غزة في حرب ال تطيقھا الدول فضال عن أن يطيقھا‬ ‫شريط ساحلي ال يتجاوز في مساحته ‪ ٣٦٥‬من الكيلومترات المربعة؟‬ ‫ولعل مما يثير المرارة والسخرية معا في ھذا الشأن ھو أن تعيب مفردات‬ ‫النظام السياسي والفكري في العالم العربي على المجاھدين في فلسطين‬ ‫اضطرارھم للتحالف مع الشيعة مما أباحه لھم الشرع بعد أن أجمعت الدنيا‬ ‫‪١٠‬‬


‫‪-٣‬‬

‫‪-٤‬‬

‫‪-٥‬‬

‫على حربھم وحصارھم‪ ،‬بينما ذلك النظام يستريح في ظل التحالف األمريكي‬ ‫فھم كمن يرى الشعرة في عيون اآلخرين وال يرى القذاة في عينه!‬ ‫وإن مما أبدعه أھل فلسطين وقيادة الجھاد الفلسطيني ھو جمعھم ما بين األداء‬ ‫الجھادي والحفاظ عليه ومرونة األداء السياسي الداعم للمسيرة الجھادية عبر‬ ‫تحصيل الشرعية السياسية للجھاد مقابل السحب التدريجي لتلك الشرعية عن‬ ‫نظام السلطة األوسلوية وعبر نسج مظلة تحالفية وإن كانت مھلھلة بعض‬ ‫الشيء لكن ظروف المرحلة توجب البحث عن ھذه التحالفات ولنا في رسول‬ ‫) صلى ) عليه وسلم أسوة حسنة فقد وقع صلح الحديبية الذي كان فتحا‬ ‫بنص الكتاب المبين ففي ظالله اعترفت قريش بوجود الدولة اإلسالمية‬ ‫الناشئة بل والنظام اإلسالمي الذي كان يل ّغـم جزيرة العرب عقائديا من تحت‬ ‫قريش لخلع سلطانھا الجاھلي‪ ،‬و َھـ ّم صلى ) عليه وسلم قبل ذلك بدفع ثلث‬ ‫ثمار المدينة إلى قبيلة غطفان حتى يفك الحصار عن المدينة‪.‬‬ ‫ويصب في مسار وراثة المسيرة اإلسالمية المعاصرة ودعم القضية‬ ‫الفلسطينية ما وفق ) إليه أھل أفغانستان وأھل العراق باالستجابة الجھادية‬ ‫المباركة تجاه الغزو األمريكي المسلح للمنطقة وقبولھم بما تعين عليھم من‬ ‫فرض الجھاد ومقابلة دھم الكفار لبالدھم فنھضوا كجناح آخر في األمة‬ ‫يتعامل مع عدو ال يقل خطره عن اليھود بل إنه ھو األساس في وجود اليھود‬ ‫واستمرارھم فھو الضامن العالمي لبقاء القدس مدنسة تحت أقدامھم النجسة‪،‬‬ ‫ففتح المجاھدون في أفغانستان والعراق بذلك باب األمل بفك الحصار عن‬ ‫فلسطين عبر ھذا التجديد المبارك والفتح العظيم لمسيرة المسلمين المعاصرة‪.‬‬ ‫إن من مھددات المسيرة الجھادية في فلسطين سيطرة االنغالق التنظيمي‬ ‫واالجتھادي إلى حد ما على فصائل العمل اإلسالمي والجماعات اإلسالمية‬ ‫حتى أصبحت مسطرة االجتھاد في كل جماعة ھي األساس في رؤية‬ ‫اآلخرين وبالتالي التعامل معھم قبوال أو رفضا وأقصد بذلك توزع األداء‬ ‫الجھادي ما بين اجتھاد اإلخوان المسلمين والسلفية الجھادية وبقية االجتھادات‬ ‫اإلسالمية المعاصرة بل وحتى األداء الصوفي مرشح للدخول في معادلة‬ ‫االحتكاك والحساسية الجماعية ومع أن السلفية الجھادية ليس لھا واقع متقدم‬ ‫في فلسطين لكن انعكاس التناقض االجتھادي ما بين اإلخوان المسلمين‬ ‫والسلفية الجھادية قد بدأ يل ّغم الساحة الفلسطينية بادعاء أن اإلخوان يعملون‬ ‫لصالح مشروع وطني ال عالقة له بالجھاد‪ ،‬وبدال من أن تستثمر التعددية‬ ‫اإلسالمية المعاصرة في تقوية األداء اإلسالمي الكلي وفي امتصاص ضغوط‬ ‫النظام الدولي ومفرداته والتعامل معه فقد وقعت الجماعات اإلسالمية في‬ ‫حساسية ونفرة من بعضھا البعض وتنافس مذموم سيؤدي إلى ما ال تحمد‬ ‫‪١١‬‬


‫‪-٦‬‬

‫عقباه إن بقيت المسيرة دون تعديل ودون إصالح ذات البين التي أمر بھا )‬ ‫ورسوله والتي ما وردت إال لتنبيه المجاھدين إلى خطورة الغفلة عنھا وذلك‬ ‫في ساحة الجھاد خصوصا حيث يقول الرب تباركت أسماؤه‪) :‬يسألونك عن‬ ‫األنفال قل األنفال والرسول فاتقوا ) وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا )‬ ‫ورسوله إن كنتم مؤمنين(األنفال‪ ١:‬وغالبا ما يغفل المجاھدون عن ھذه‬ ‫الحقيقة بسبب الدنيا والحرص عليھا مھما بدا األمر غير ذلك‪ ،‬وليس من‬ ‫مجال إلصالح ھذا الخلل في صفوف المجاھدين إال بالتواصل والذلة بين‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وإال فإن أدائھم كله يصبح مُھددا بضم الميم وفتح الھاء كما أخبرنا‬ ‫من أمر بالجھاد عز وجل في قوله‪) :‬وأطيعوا ) ورسوله وال تنازعوا‬ ‫فتفشلوا وتذھب ريحكم واصبروا إن ) مع الصابرين( األنفال‪ .٤٦:‬فإذا كان‬ ‫لظروف النشأة والتأسيس وظروف المالحقة األمنية والكيد النصراني‬ ‫واليھودي أثره على ھذه التعددية فال ينبغي ترك ھذا األداء والعالقة في‬ ‫الصف اإلسالمي تصل إلى التشكيك والقطيعة فإنه يوشك اليھود أن يرتاحوا‬ ‫ويتركوا المدارس اإلسالمية المعاصرة تصطرع فيما بينھا فيقع المسلمون في‬ ‫أخطر ما حذرنا منه ) ورسوله وھو أن يكون بأسنا بيننا شديدا‪ ،‬ومن أعجب‬ ‫ما جرى في ھذا الشأن أنه في الوقت الذي خفقت فيه قلوب المسلمين فرحا‬ ‫بفشل خطة االجتياح االسرائيلي لغزة في تلك الحرب الضروس والثبات الذي‬ ‫أبداه المجاھدون في تلك الحرب كان بعض فرقاء العمل اإلسالمي ال يرون‬ ‫في ذلك كبير إنجاز!‬ ‫لقد مثل تقدم المجاھدين في غزة وفق معايير األداء اإلسالمي الكلي والحراك‬ ‫اإلسالمي المعاصر نقطة تحول ھائلة في تاريخ الصراع مع اليھود‬ ‫والنصارى معا وھي تحرير أرض من فلسطين على ضآلة حجمھا لكنھا في‬ ‫الميزان االستراتيجي كبيرة وأخرجوھا بذلك ‪ -‬حتى اآلن‪ -‬من مظلة مفردات‬ ‫النظام الدولي وتوابعه العربية ولذا كانت ردة الفعل االسرائيلية والدولية‬ ‫خارجة عن قدرات الفھم واالستيعاب وفق الموازين السياسية والعسكرية‬ ‫واالستراتيجية واألعجب من ذلك ھو الثبات الذي حبا به رب العزة عباده في‬ ‫غزة فجددوا بذلك سنة نبيھم في الثبات عند الزالزل‪ْ ) :‬إذ جاءوكم من فوقكم‬ ‫ومن أسفل منكم ْ‬ ‫وإذ زاغت األبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون با ‬ ‫الظنونا‪ ،‬ھنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزاال شديدا(األحزاب‪١٠،١١:‬‬ ‫ولذا فإن من أھم أولويات النظام الدولي في ھذه المرحلة شطب ما أنجزه‬ ‫المجاھدون في غزة وإرجاعھم إلى بيت الطاعة الدولي‪ ،‬وإن من أھم ما‬ ‫رسمه المجاھدون وأسسوا له بھذا الفعل في مواجھتھم للسلطة األوسلوية ھو‬ ‫سابقة اجتھادية دقيقة مفادھا أن النظام السياسي إذا اصطدم بثوابت األمة‬ ‫‪١٢‬‬


‫‪-٧‬‬

‫وانحاز لليھود والنصارى فإنه خلعه ممكن بل وواجب في حال تظافرت‬ ‫مؤيدات الخلع وھو ما يرسم خيطا رفيعا ودقيقا لمستقبل عالقة النظم‬ ‫السياسية في العالم العربي واإلسالمي بالشعوب المسلمة وحراكھا العام‪.‬‬ ‫لقد مثلت قضية المقدسات في فلسطين وھيمنة اليھود عليھا الرافعة‬ ‫االستراتيجية للرؤية اإلسالمية المعاصرة وتطبيقاتھا وھي المرشحة للدفع‬ ‫بالمراحل المتبقية من حراك المسلمين المعاصر نحو التمكين والخالفة‬ ‫اإلسالمية ولكن ذلك لن يتم بالقعود واالنتظار وبدون وجود خطة ورؤية‬ ‫ومراحل محددة فقد رأينا كيف ألھبت القدس ودماء المسلمين في غزة مشاعر‬ ‫المسلمين وكيف انكشف الغطاء عن النظام العربي الرسمي ولكن لم تتمكن‬ ‫الحركات اإلسالمية في البلدان المختلفة خاصة دول الطوق ومواقع الثقل‬ ‫االستراتيجي كمصر وغيرھا من استثمار ھذا التھديد إلحداث نقالت‬ ‫استراتيجية في فاعلية الشارع اإلسالمي والشعوب المسلمة فينقص الموقف‬ ‫رؤية ومشروع وحراك عام يتناسب وعظم التحديات ويتطلب الموقف خروج‬ ‫من الحسابات الضيقة إلى سعة الساحات العامة فقد أجاد النظام الدولي والنظم‬ ‫السياسية التابعة له لعبة إشاعة الخوف والتھديد برموز عالمية كسجن‬ ‫جوانتانامو وسجون العراق وسجون مصر لكن ) عز وجل قد أذن بخروج‬ ‫الجيل الجديد الذي ينتمي إلى أولي البأس الشديد من جھة وأذن ) عز وجل‬ ‫بتضعضع النظام الدولي وكثرة الفراغات فيه سواء كانت سياسية أو‬ ‫اقتصادية وكأننا أمام نفس اللحظة التي بشر ) فيھا نبيه صلى ) عليه وسلم‬ ‫بالتحوالت الدولية في قوله‪) :‬ألم‪ ،‬غلبت الروم‪ ،‬في أدنى األرض وھم من بعد‬ ‫غلبھم سيغلبون‪ ،‬في بضع سنين األمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح‬ ‫المؤمنون‪ ،‬بنصر ) ينصر من يشاء وھو العزيز الرحيم(الروم‪٥-١:‬‬

‫خامسا‪ :‬مؤشرات في استراتيجية اإلنقاذ المتبادل ما بين القدس وأمة اإلسالم‬ ‫إنه لم يبق أمام المسلمين إال خيارين إثنين ال ثالث لھما فإما أن يتقدموا إلنقاذ‬ ‫مسجدھم أو أن يقعدوا يبكوا على أطالله كما بكى اليھود قرونا على مخالفتھم‬ ‫أمر ربھم ونبيھم فحرمت عليھم القدس ل ُجـ ْبـنھم وحبھم للدنيا‪) :‬ياقوم ادخلوا‬ ‫األرض المقدسة التي كتب ) لكم وال ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين‪،‬‬ ‫قالوا ياموسى إن فيھا قوما جبارين وإنا لن ندخلھا حتى يخرجوا منھا فإن‬ ‫يخرجوا منھا فإنا داخلون(المائدة‪ ٢١،٢٢:‬ويقول القرطبي في ھذا‪ :‬لما دعا‬ ‫عليھم موسى عليه السالم حين نكلوا عن الجھاد حكم ) بتحريم دخولھا‬ ‫‪١٣‬‬


‫عليھم مدة أربعين سنة فوقعوا في التيه يسيرون دائما ً ال يھتدون للخروج‬ ‫منه)انتھى(‪.‬‬ ‫ولم يبق أمام اليھود بعد أن صعد نجم أحبارھم بينھم إال أن يستجيبوا لنبؤاتھم‬ ‫الكاذبة ببناء الھيكل المزعوم على أنقاض المسجد األقصى‪ ،‬وأخطر ما في‬ ‫األمر أنه لم يتبق طويل وقت على وصول نقطة الصفر ھذه مما يمكن أن‬ ‫يدفع بالمسلمين إلى تيه ھدم المسجد األقصى وھم ال يملكون تصورا جامعا‬ ‫وال خطة شاملة للتعامل مع ھذه اللحظة الحاسمة في تاريخھم وتاريخ البشرية‬ ‫جمعاء‪.‬‬ ‫كما أن األمة المسلمة مقيدة مكبلة بواسطة النظم السياسية المسلطة عليھا‬ ‫وكأن حال ھذه النظم يحكي ما أخبرنا به الرب عز وجل في قوله‪) :‬ألم تر‬ ‫إلى الذين نافقوا يقولون إلخوانھم الذين كفروا من أھل الكتاب لئن أخرجتم‬ ‫لنخرجن معكم وال نطيع فيكم أحدا أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم و) يشھد إنھم‬ ‫لكاذبون‪ ،‬لئن أخرجوا ال يخرجون معھم ولئن قوتلوا ال ينصرونھم ولئن‬ ‫نصروھم ليولن األدبار ثم ال ينصرون(الحشر‪١١،١٢:‬‬ ‫وبناء على المعطيات العقدية والمعطيات التاريخية والمعطيات الواقعية والتي‬ ‫تؤشر باستحالة امكانية الحفاظ على المساجد دون الدخول في مسارات‬ ‫المدافعة كما أمر ) عز وجل بقوله‪) :‬الذين أخرجوا من ديارھم بغير حق إال‬ ‫أن يقولوا ربنا ) ولوال دفع ) الناس بعضھم ببعض لھدمت صوامع وبيع‬ ‫وصلوات ومساجد يذكر فيھا اسم ) كثيرا ولينصرن ) من ينصره إن )‬ ‫لقوي عزيز(الحج‪٤٠:‬‬ ‫وعليه فإنه يمكن أن نتأمل في المؤشرات االستراتيجية التالية في محاولة‬ ‫اإلنقاذ المتبادل ما بين القدس وأمة اإلسالم‪:‬‬ ‫‪ -١‬ال بد وأن تأخذ عملية اإلنقاذ للمسجد األقصى واستعادة القدس وكل‬ ‫فلسطين مسارين متكاملين ومتداخلين في آن واحد فمن جھة ينبغي أن‬ ‫يستثمر خطر وتھديد المقدسات لوضع آليات جديدة إلطالق نھضة شاملة‬ ‫في أوساط المسلمين تستشرف الخالفة اإلسالمية والتمكين لدين اإلسالم‬ ‫في آفاقھا العليا وترفض نظام الوصاية والقھر الدولي وتؤدي إلى تحرر‬ ‫حقيقي في النظام السياسي واالقتصادي والثقافي‪ ،‬ومن خالل ھذه المدافعة‬ ‫يتم توجيه الجھود لدعم المجاھدين في فلسطين وتوسيع نطاق المقاومة‬ ‫ضد الداعمين المباشرين لليھود واحتواء االستراتيجية األمريكية باتھام‬ ‫المسلمين باإلرھاب عبر تبني اإلرھاب كاستراتيجية مضادة لمن يستھدف‬ ‫ويبادئ المسلمين بالحرب واإلخراج من الدور حسب ما أمر ) عز‬ ‫‪١٤‬‬


‫وجل به المؤمنين‪) :‬وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‬ ‫ترھبون به عدو ) وعدوكم وآخرين من دونھم ال تعلمونھم ) يعلمھم‬ ‫وما تنفقوا من شيء في سبيل ) يوف إليكم وأنتم ال تظلمون(األنفال‪٦٠:‬‬ ‫‪ -٢‬أن تتداعى قيادات األمة الحقيقية من علماء ومسؤولي التنظيمات‬ ‫اإلسالمية المختلفة والمستقلين ومشايخ القبائل إلى االلتقاء على‬ ‫استراتيجية جامعة وشاملة تحدد أھداف األمة المسلمة العليا في ھذه‬ ‫المرحلة من تاريخھا وتحدد وسائلھا العامة ومراحلھا التنفيذية لبلوغ تلك‬ ‫األھداف وترسم أدوار الجماعات والشعوب في إسناد وتنفيذ ھذه‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫‪ -٣‬أن يتم االلتزام بمجموعة من السياسات والضوابط العامة في مسيرة‬ ‫النھضة المعاصرة تمنع اإلرتكاس والوقوع في الدوائر الضيقة النتنة‬ ‫مھما بدت تلك الدوائر أثيرة لدى أصحابھا ومن ھذه السياسات‬ ‫والضوابط‪:‬‬ ‫• أن يعترف ويقر جميع العاملين لنصرة الدين وإرجاع المسجد‬ ‫األقصى داخل فلسطين وخارجھا من المجاھدين ومن غيرھم بأن‬ ‫اجتھاد كل فريق منھم ورؤيته ھو اجتھاد صحيح حسب رؤيتھم‬ ‫قابل للخطأ في بعض أجزائه وأنه ال يمكن أن ُينزل االجتھاد مكان‬ ‫الدين وبناء عليه فإن وجود التعددية الفقھية والتعددية السياسية‬ ‫والتعددية الفصائلية مما يسوغ في الشرع بل ويدعو إليه وإال‬ ‫فكيف يكون التعاون على البر والتقوى إذا لم يُقر قبل ذلك تعدد‬ ‫المتعاونين عليه؟ وإن الظروف العالمية وشدة الضغوط على األمة‬ ‫المسلمة والساحات الشاسعة لألمة المسلمة لتحتاج إلى النفرة‬ ‫المتعددة وفي كل الوجوه‪.‬‬ ‫• أن يعترف ويقر جميع العاملين لنھضة المسلمين المعاصرة‬ ‫والمجتھدون بأنه ال يمكن بأي حال من األحوال أن ُتجْ بر األمة‬ ‫على اتباع اجتھاد واحد من االجتھادات اإلسالمية المعاصرة وإال‬ ‫وقع المسلمون في عضوضية فضال عن الجبرية والدفع في ھذه‬ ‫المرحلة ينبغي أن يكون نحو تبني صفة الرشد في النظام السياسي‬ ‫المستھدف في نھضة المسلمين وھو ما يتعارض مع سياسة‬ ‫العصبيات واالنغالق سواء كانت تلك العصبيات عصبيات عرقية‬ ‫أو شعوبية أوعصبيات االنتماء إلى االجتھادات اإلسالمية‬ ‫‪١٥‬‬


‫المعاصرة مادام الناس ملتزمين بسقف أھل السنة والجماعة عقيدة‬ ‫وعبادة وسلوكا وجھادا‪.‬‬ ‫• أن يقر ويعترف أھل السياسة بأھل األداء الجھادي والعكس‬ ‫صحيح وأن لكل فريق ساحته وضروراته وموازينه في إدارة تلك‬ ‫الساحات مع بقاء األمر بالمعروف بينھم والنھي عن المنكر دون‬ ‫أن يشوب األمر طعن واتھام بعدم مراعاة كل فريق لظروف‬ ‫ومعطيات الفريق‪ ،‬ويقتضي وفق ھذا الضابط أن يسعى الجميع‬ ‫للتكامل والتالقي على المدى البعيد وإن فرقت بينھم ظروف‬ ‫الواقع الحالي‪ ،‬مع أھمية أن ال يتناقض أداء أي فريق منھم مع‬ ‫األھداف االستراتيجية الجامعة والتي تضبط المسيرة العامة ألداء‬ ‫‪١‬‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫• أن يقر جميع العاملين لنھضة األمة بحق من سبق من إخوانھم‬ ‫فأوجد واقعا سياسيا كان أو جھاديا أو دعويا في بقعة من األرض‬ ‫وأن يحترموا ھذا السبق فال يسعوا إلشعال روح التضاد والمنافسة‬ ‫المذمومة وعلى السابق والمھيمن أن يفسح إلخوانه في التنافس‬ ‫على الخيرات فال يستأثر بالساحة وحده‪.‬‬ ‫‪ -٤‬أن يتيقن وأن يستوعب العاملون لنھضة المسلمين أن ھناك دائرتين‬ ‫رئيستين للصراع في االستراتيجية الكلية األولى ھي دائرة الصراع‬ ‫لتحقيق المشروع اإلسالمي الكلي والنھضة العالمية والدائرة الثانية ھي‬ ‫دائرة الصراع في البقعة المحددة قطرا كان أو إقليما وأن الدائرة األولى‬ ‫تمثل سقف المشروع اإلسالمي والدائرة الثانية حلقة في ذلك المشروع‬ ‫وأن العمل في الدائرة األولى مكلف ومھدد في كل االتجاھات لعظم‬ ‫التحديات ولكن ال مجال للتخلي عنھا وال إھمالھا وأن تربية الشعوب‬ ‫اإلسالمية ينبغي أن يركز على بناء ھذا التصور وتحمل تبعاته مع‬ ‫مراعاة حال المسلمين والترفق بھم حتى يرتقوا إلى تحمل تبعات الدائرة‬ ‫األولى وھو ما ينفذه المجاھدون في فلسطين فإنھم قد تحملوا أمانة‬ ‫فلسطين كل فلسطين ومقدساتھا وھو ما يبدو ضد مصالحھم اآلنية لكنھم‬ ‫آثروا حمل األمانة الكبرى‪.‬‬

‫‪١‬‬

‫يراجع في ھذا بحث ‪ /‬السياسة والجھاد أي استراتيجية؟ للكاتب‬

‫‪١٦‬‬


‫‪ -٥‬على الدعاة والعاملين لنھضة المسلمين أن يبثوا في األمة خطة النفير‬ ‫العام التطوعي والتعبئة لخدمة القضية الفلسطينية ودعم المشروع‬ ‫اإلسالمي عبر سلوك كل الدروب التنظيمية واإلدارية والتعليمية‬ ‫والجھادية وغيرھا فقد انكشف الغطاء ولم يعد ھناك من عذر للقعود عن‬ ‫نصرة الدين كل بما يستطيع وفي كل االتجاھات‪.‬‬ ‫‪ -٦‬يرتبط مصير النظم السياسية ومستقبلھا بمدى جديتھا في دعم المقدسات‬ ‫في فلسطين ومن المتوقع أن ال تحيد ھذه النظم عن مسيرتھا الخاضعة‬ ‫لليھود والنصارى وعليه فتحتاج قيادات العمل اإلسالمي إلى تصور‬ ‫للتعامل مع اللحظات الصعبة التي سوف تفرزھا عنجھية اليھود ضد‬ ‫المسجد األقصى وھو ما ينبغي استثماره لصالح التحوالت الكبرى ال‬ ‫لتأكيد ھيمنة الذل والھوان كما حصل في الجزائر عندما ألغى العلمانيون‬ ‫المھيمنون على األمة نتيجة االنتخابات‪.‬‬ ‫‪ -٧‬ينبغي أن تولي قيادات العمل اإلسالمي أھمية خاصة لتطبيقات‬ ‫استراتيجية الفوضى الخالقة األمريكية فإنھا قد قطعت شوطا كبيرا‬ ‫لمحاولة إعتادة تصميم وترتيب شؤون المسلمين لصالحھم فبعد أفغانستان‬ ‫والعراق جاء دور باكستان والسودان والدائرة مرشحة لالتساع مما‬ ‫يقتضي يقظة وخطة جاھزة للتعامل مع المستجدات وأخطر ما في األمر‬ ‫ھو وقوع بعض المسلمين في دائرة التوظيف لصالح الرؤية األمريكية‬ ‫وإعادة إنتاج سايكس بيكو كما وقع البعض في العراق فخدموا أھدافا‬ ‫أمريكية وشيعية وھم يحسبون أنھم يخدمون أھلھم وشعبھم‪.‬‬ ‫‪ -٨‬إن النظام الدولي ليجد في إنغالق المواجھة بين الفلسطينين واليھود‬ ‫فرصة للدفع باتجاه توطين األداء الفلسطيني مرة أخرى وھو ما يحتاج أن‬ ‫يعالج بدفع األداء نحو العالمية ومشاركة شعوب المسلمين وقد أحسن‬ ‫المجاھدون باعتبار قضية القدس وفلسطين قضية إسالمية ولكن األمر‬ ‫يحتاج إلى مسارات عملية لھذا التحول‪.‬‬ ‫و) تعالى أعلم وأحكم‬ ‫كتبه الفقير إلى ربه حسن أحمد الدقي‬ ‫غرة جمادى الثانية‪١٤٣١‬ھـ‬ ‫‪٢٠١٠/٥/١٥‬‬

‫‪١٧‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.