متلازمة حسني بن علي

Page 1

‫متالزمة حسني بن علي‬ ‫)حتمية السقوط(‬ ‫بقلم‪ /‬حسن أحمد الدقي‬ ‫كاتب من اإلمارات‬ ‫ْ‬ ‫يتخذ ولداً ولم ي ُكن له شري ٌ‬ ‫ك في الملك ولم يكن له وليٌّ من‬ ‫)وقُ ِل الحم ُد الذي ل ْم‬ ‫الذ ِّل وكبِّرهُ تكبيرا(اإلسراء‪) ،١١١:‬ولم ت ُكن ل ُه ٌ‬ ‫‪ 1‬وما كان‬ ‫فئة ينصرونه من ُدون ِ‬ ‫ الحق ھو خي ٌر ثوابا ً وخي ٌر ُع ْقــبا(الكھف‪ ،٤٣-٤٢:‬وأصلي‬ ‫الوالي ُة ِ‬ ‫ُمنتصرا‪ ،‬ھنالك َ‬ ‫وأسلم على سيد األولين واآلخرين وبعد‪:‬‬ ‫فيطيب للمرء المسلم أن يطيل التأمل وأن يذھب بعيدا في استلھام العبر وھو يرى‬ ‫سنن ‪ 1‬عز وجل تتحقق عيانا بعد أن آمن وصدق بما جعل ‪ 1‬عز وجل فيھا من‬ ‫‪ 1‬في الذين َخلَوا من قبل ولن تجدَ لس َّن ِة ‪1‬‬ ‫وجوب التحقق )سن َة‬ ‫ِ‬ ‫تبديال(األحزاب‪ ،٦٢:‬ولعل مما يوجب العجب في حال النظم السياسية وما تلبست به‬ ‫من سقوط متتابع ھو خضوع الساقطين لنفس المراحل وتشبثھم بنفس نوع األداء‬ ‫على ما بينھم من فروق ظاھرة في الظروف والمعطيات! وقد وقف المراقبون‬ ‫مذھولون من دقة مراحل السقوط وتشابھھا فالساقطون يبدأون مسيرتھم السريعة‬ ‫نحو الھاوية بتجاھل الثائرين واإلعراض عن رؤية فوران السيل وھو يتشكل‪ ،‬ثم ما‬ ‫يلبثوا أن يدخولوا في المرحلة الثانية وھي االستھزاء واإلنتقاص من قدرة الثائرين‬ ‫ووصفھم بكل نعوت النقص والعمالة ثم تبدأ المرحلة الثالثة وھي القمع الشديد مع‬ ‫‪١‬‬


‫أنھم يرون بأم أعينھم كيف أدى استخدام النظم الساقطة للقمع إلى دفع الثورة للقمة‬ ‫والفوران األكيد‪ ،‬ثم ما يلبثوا في المرحلة الرابعة وبعد أن تفرض الثورة وجودھا‬ ‫وتكتسب مساحات معتبرة أن يلبسوا جلود الضأن على فراء الذئاب ويتحدثوا‬ ‫بخطاب حلو متفھِّم وعند ھذا الحد سرعان ما يقذف الساقطون أنفسھم في المرحلة‬ ‫الخامسة وھي باب مزبلة التاريخ كما يطيب للثائرين أن يصفوھا‪ ،‬فياللعجب! كيف‬ ‫ينزلقون كلھم إلى نفس الھاوية ويسيرون في ذات الطريق وال يلحظون اإلشارات‬ ‫الحمراء الخطيرة المحذرة؟ وكيف يستعد النظام تلو اآلخر للدخول في شوط السباق‬ ‫وھو يعلم أن أخاه قد سبقه إلى الھاوية فال ينصت لھدير الشعوب وھي تلوّ ح بسوط‬ ‫شرف الساقطون بأنفسھم وبأيديھم وبمساعدة أركان‬ ‫العقاب التاريخي؟ وكيف ُي ِ‬ ‫حكمھم على نسج نھايتھم المحتومة؟ فكأن الطاغوت منھم‪ :‬مسافر يرتب حقيبته على‬ ‫عجل وصوت السقوط يناديه ويستحثه! فأي سوط يسوقه وأي معادلة تتحكم فيه؟‬ ‫في ھذا المقال المختصر سأحاول أن أجيب على تلك األسئلة المل ّحة بقدر ما يفتح ‪1‬‬ ‫عز وجل من علم وفھم من كتاب ‪ 1‬وسنة نبيه صلى ‪ 1‬عليه وسلم وما تلقيناه من‬ ‫مشايخنا جزاھم ‪ 1‬عنا كل خير فأي علم وأي فھم إن لم يكن في ظاللھما وأي‬ ‫التماس لحكمة إن لم تكن على شواطيء الكتاب والسنة؟‬ ‫وليسمح لي األخوة الكرام أن أسمي ما يحدث للطغاة ھذه األيام بمتالزمة السقوط‬ ‫السنني أو )متالزمة حسني بن علي( أخذا مما ُعرف في عالم الطب بالمتالزمة‪:‬‬ ‫والتي ع ّرفھا المتخصصون في الطب بأنھا مجموعة من العالمات واألعراض التي‬ ‫غالبا ما تحدث معا‪ ،‬والتي تعكس وجود مرض معين أو زيادة الفرص لتطوّ ر‬ ‫مرض معين ـ نسأل ‪ 1‬لنا وللمسلمين العفو والعافيةـ وھناك كثير من المتالزمات‬ ‫لعل من أشھرھا متالزمة نقص المناعة المكتسبة )اإليدز‪ (AIDS‬وھي كلمة متكونة‬ ‫من أربعة كلمات أجد من لزوم ماال يلزم اإلشارة إلى كلماتھا باإلنجليزية ومعانيھا‬ ‫فالكلمة األولى‪ A: Acquired :‬مكتسب‬ ‫والكلمة الثانية‪ I: Immune :‬مناعة‬ ‫والكلمة الثالثة‪ D: Deficiency :‬نقص‬ ‫والكلمة الرابعة‪ S : Syndrome :‬مجموعة أعراض أو متالزمة‬ ‫ويمكن اكتشاف ھذا المرض الخبيث من خالل طريقتين األولى أن يالحظ الطبيب‬ ‫ظھور أعراض متسلسة ومترابطة على المريض تدل على احتمال كبير بوجود‬

‫‪٢‬‬


‫المتالزمة وأما الطريقة الثانية التي يمكن من خاللھا الجزم بوجود المرض من‬ ‫عدمه فھو التحليل المخبري‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى متالزمة حسني بن علي والتي وضعت اسمھا تقليدا لما عُرف بتسمية‬ ‫المتالزمة في عالم الطب نسبة إلى مكتشفھا أو نسبة إلى الحروف األولى المكوّ نة‬ ‫لھا فإننا سنجد أن األعراض والمراحل التي تمر بھا النظم السياسية حتى تسقط ھي‬ ‫مراحل وأعراض متشابھة وتكاد تنطبق في الحاالت المختلفة ظاھريا انطباقا كبيرا‬ ‫ومدھشا فمالذي يتحكم في ھذا النوع من السقوط؟‬ ‫إنه الوقوع في السنن والتي أخبرنا بھا وبنتائجھا الرب تباركت أسماؤه في كتابه‬ ‫العزيز وأخبرنا بھا رسول ‪ 1‬صلى ‪ 1‬عليه وسلم في حديثه الشريف وما يترتب‬ ‫على ذلك من مخرجات حتمية ومن ھذه السنن‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬مواالة اليھود والنصارى‬ ‫ارى أَ ْولِ َيا َء‬ ‫ص َ‬ ‫ِين آ َم ُنوا ال َت َّتخ ُِذوا ْال َيھُو َد َوال َّن َ‬ ‫أخذا من قوله عز وجل‪َ ) :‬يا أَ ُّي َھا الَّذ َ‬ ‫‪ 1‬ال َي ْھدِي ْال َق ْو َم‬ ‫َبعْ ُ‬ ‫ض ُھ ْم أَ ْولِ َيا ُء َبعْ ٍ‬ ‫ض َو َمنْ َي َت َولَّ ُھ ْم ِم ْن ُك ْم َفإِ َّن ُه ِم ْن ُھ ْم إِنَّ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ون َن ْخ َشى أَنْ ُتصِ ي َب َنا‬ ‫ِيھم َيقُول ُ َ‬ ‫ارع َ‬ ‫ِين‪َ ،‬ف َت َرى الَّذ َ‬ ‫الظالِم َ‬ ‫ُون ف ِ‬ ‫ِين فِي قُل ُ ِ‬ ‫وب ِھ ْم َم َرضٌ ُي َس ِ‬ ‫َدائ َِرةٌ َف َع َسى َّ‬ ‫‪ ُ 1‬أَنْ َيأْت َِي ِب ْال َف ْت ِح أَ ْو أَم ٍْر مِنْ عِ ْن ِد ِه َفيُصْ ِبحُوا َعلَى َما أَ َسرُّ وا فِي أَنفُسِ ِھ ْم‬ ‫ِين( المائدة‪٥٢-٥١:‬‬ ‫َنا ِدم َ‬ ‫وھو بالء ومرض ال عالج له البتة إال بتوبة شاملة تامة ومن أخطر آثار ھذا البالء‬ ‫بالضرورةوقوع ال ُم َتولّين لليھود والنصارى في بالء تابع له ومالزم وھو العمل ضد‬ ‫المصلحة العليا لألمة المسلمة بدليل قوله عز وجل في نفس اآلية‪) :‬ومن يتولھم منكم‬ ‫فإنه منھم( فقد أورد القرطبي في تفسيرھا قوله‪ :‬ومن يتولھم منكم أي ‪ :‬يعضدھم‬ ‫على المسلمين فإنه منھم ب ّين تعالى أن حكمه كحكمھم‪.‬‬ ‫وھذا ما وقعت فيه النظم السياسية الحاكمة في العالم اإلسالمي والعالم العربي فلما‬ ‫مضوا في ھذا السبيل وھو معاضدة الكفار ومظاھرتھم على المسلمين كما حصل في‬ ‫أفغانستان والعراق وقبل ذلك في فلسطين كان البد أن يقعوا فيما يترتب عليه والذي‬ ‫يترتب عليه قوله عز وجل‪) :‬فعسى ‪ 1‬أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا‬ ‫على ما أسرّ وا في أنفسھم نادمين(اآلية‪.‬وھذا الذي شاھدته الدنيا بأسرھا من سقوط‬ ‫األنظمة إنما ھو أمر من عنده عز وجل ْإذ لم يكن في الشعوب من المؤشرات‬ ‫والمقدمات ما يدل على قدرتھا على ھذا النوع من التغيير والتطلع له بعد أن رزحت‬ ‫تلك الشعوب تحت حكم الظالمين دھورا فتأمله فھو جدير بذلك‪.‬‬ ‫‪٣‬‬


‫وقد ترتب على موضوع مواالة الكفار من اليھود والنصارى تحقق انھيار أربعة‬ ‫أركان مما تقوم وتنھض به األمة المسلمة أما الركن األول الذي انھار فھو مرجعية‬ ‫الشريعة اإلسالمية احتكاما والتزاما وأما الركن الثاني الذي انھار فھو وضع الجھاد‬ ‫في موضع التنفيذ متى احتاجته األمة المسلمة وأما الركن الثالث الذي انھار فھو‬ ‫قدرة النظم السياسية على النظر في المصلحة العليا لألمة وأما الركن الرابع الذي‬ ‫انھار فھو حتمية استقالل األمة المسلمة عن تدخل أمم الكفر في شؤونھا‪ ،‬وھو الذي‬ ‫يفسر عدم قدرة النظم السياسية على تحقيق أدنى مستوى من مستويات النھضة‬ ‫والقوة واالستقالل للعرب وللمسلمين طوال القرن العشرين الميالدي وما تاله حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس‬ ‫وذلك أخذا وفھما من قوله عز وجل‪) :‬إن الذين يكفرون بآيات ‪ 1‬ويقتلون النبيين‬ ‫بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرھم بعذاب أليم‪ ،‬أولئك الذين‬ ‫حبطت أعمالھم في الدنيا واآلخرة وما لھم من ناصرين(آل عمران‪٢٢-٢١:‬‬ ‫وھاتين اآليتين وإن نزلتا تقص ما كان من أعمال بني إسرائيل في قتل أنبيائھم وقتل‬ ‫اآلمرين بالمعروف والناھين عن المنكر لكن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص‬ ‫السبب فحكم من يقتل اآلمرين بالقسط من الناس ھو ما اخبر به الرب تباركت‬ ‫اسماؤه من حبوط العمل وانتفاء النصرة لھم باي شكل من األشكال وھو ما يالحظ‬ ‫في سقوط األنطمة المتجبرة ھذه األيام فقد امتنعت عليھم النصرة من كل األنحاء‬ ‫خاصة وأن من كان ينصرھم أو يعد بنصرتھم وھو النظام األمريكي قد انغلقت‬ ‫أمامه امكانية التحرك لنجدة عبيده السباب كثيرة فتركھم لمصيرھم المحتوم!‬ ‫ونحن ھنا في غنى عن القول والتذكير بمن قتلتھم األنظمة السياسية من علماء األمة‬ ‫اآلمرين بالمعروف الناھين عن المنكر من سيد قطب المصري إلى مروان حديد‬ ‫السوري إلى غيرھم كثير وھم ألوف مؤلفة ال يحصيھم وال يعلمھم إال الحفيظ العليم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التفنن في تعذيب الناس‬ ‫وذلك أخذا من قوله صلى ‪ 1‬عليه وسلم ‪ :‬عن أبي ھريرة قال‪ :‬قال رسول ‪ 1‬صلى‬ ‫‪ 1‬عليه وسلم‪ :‬صنفان من أھل النار لم أرھما قوم معھم سياط كأذناب البقر‬ ‫يضربون بھا الناس ونساء كاسيات عاريات مميالت مائالت رءوسھن كأسنمة‬ ‫‪٤‬‬


‫البخت المائلة ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحھا وإن ريحھا ليوجد من مسيرة كذا‬ ‫وكذا‪.‬رواه مسلم‬ ‫فھذا البالء الذي سنه النظام الناصري من تعذيب الشعوب المسلمة ومن ثم تعميمه‬ ‫على بقية النظم السياسية وتسليط أجھزة األمن على المجتمعات تستحل منھا ما حرم‬ ‫‪ 1‬عز وجل من السجن والتعذيب والتفنن فيه حتى استعانت تلك األجھزة بآخر ما‬ ‫وصلت إليه أجھزة االستخبارات عند الكفار من شرق وغرب وشراء األدوات‬ ‫الالزمة بأموال المسلمين حتى تشكلت ملحمة تاريخية ھائلة ولعقود من الزمن في‬ ‫بالد المسلمين والعرب على وجه الخصوص حيث زج بالرجال في غياھب السجون‬ ‫فمنھم من أمضى قرابة الثالثين سنة وھو في العذاب ومنھم من مضى إلى ربه‬ ‫يشكو حال أمته على يد األنظمة الجبرية‪ ،‬بل وبلغ الحال أن كافأ الكفار نظام زين‬ ‫الدين بن علي بأن جعلوه رأس األمر وقيادته مما أوجب على األنظمة العربية‬ ‫إرسال وزراء داخليتھا بشكل منتظم ومعھم رؤساء أجھزة أمنھا لكي يتلقوا التوجيه‬ ‫تلو التوجيه من ذلك النظام واتخاذه قدوة بما فعله في أھل تونس من فتنة وبالء لم‬ ‫يخطر على بال أشد المفسدين في األرض من المالحدة والبالشفة‪ ،‬وللقراء أن‬ ‫يعجبوا معي‪ :‬كيف أن االختالف الشديد والقطيعة شبه الكاملة بين األنظمة السياسية‬ ‫العربية لم تمنع من ائتالفھم على وزير داخلية بن علي وجھاز أمنه؟‬

‫رابعا‪ :‬أكل أموال الناس بالباطل واستحالل الربا‬ ‫وذلك أخذا من قوله عز وجل‪) :‬فبظلم من الذين ھادوا حرمنا عليھم طيبات أحلت‬ ‫لھم وبصدھم عن سبيل ‪ 1‬كثيرا ‪ ،‬وأخذھم الربا وقد نھوا عنه وأكلھم أموال الناس‬ ‫بالباطل وأعتدنا للكافرين منھم عذابا أليما(النساء‪١٦١-١٦٠:‬‬ ‫وقوله عز وجل‪ ) :‬يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ‪ 1‬وذروا ما بقي من الربا إن كنتم‬ ‫مؤمنين‪ ،‬فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من ‪ 1‬ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم ال‬ ‫تظلمون وال تظلمون(البقرة‪٢٧٩-٢٧٨:‬‬ ‫يقول صاحب تفسير المنار الشيخ رشيد رضا عن اآلية األولى‪ :‬وتقديم فبظلم على‬ ‫ح ّرمنا يفيد الحصر ‪ ،‬أي ُح ّرم عليھم ذلك بسبب الظلم ال بسبب آخر ‪ ،‬وقد أبھم ما‬ ‫حرم عليھم ھنا ؛ ألن الغرض من السياق العبرة بكونه عقوبة ال بيانه في نفسه ‪،‬‬ ‫كما أبھم الظلم الذي كان سببا له ؛ ليعلم القارئ والسامع أن أي نوع من الظلم يكون‬ ‫سببا للعقاب في الدنيا قبل اآلخرة)انتھى(‬ ‫‪٥‬‬


‫ويقول اإلمام ابن كثير في تفسير قوله عز وجل)فاذنوا بحرب(‪ :‬وھذا تھديد شديد‬ ‫ووعيد أكيد ‪ ،‬لمن استمر على تعاطي الربا بعد اإلنذار ‪ ،‬قال ابن جريج‪ :‬قال ابن‬ ‫عباس‪ :‬فأذنوا بحرب أي استيقنوا بحرب من ‪ 1‬ورسوله ‪ .‬وعن ابن عباس قال ‪:‬‬ ‫يقال يوم القيامة آلكل الربا ‪ :‬خذ سالحك للحرب ‪ .‬ثم قرأ‪ :‬فإن لم تفعلوا فأذنوا‬ ‫بحرب من ‪ 1‬ورسوله‪).‬انتھى(‬ ‫وعليه فقد اجتمع الربا وأكل أموال الناس بالباطل المتمثل في المكوس )الضرائب(‬ ‫المنظورة وغير المنظورة والتصرف في ثروات المسلمين بغير ما أنزل ‪ 1‬لكي‬ ‫يشكل محقا تاما لما تدعي النظم من منجزات وسيطرة شبه تامة على األمة‬ ‫ومقدراتھا وفي زمن قياسي لم يكن يحلم به أكثر المتفائلين من المسلمين ولكنھا‬ ‫السنن‪.‬‬ ‫كما ترتب على أكل أموال الناس بالباطل أن ‪ 1‬عز وجل لم يبارك في تلك األموال‬ ‫المنھوبة ولم يبارك في الزعم بالمنجزات المكذوبة فلم تتمكن دولة عربية أن تتقدم‬ ‫في مجال اقتصادي واحد ولم تتمكن من منافسة األمم األخرى ال في الزراعة وال‬ ‫في الصناعة وال في التجارة إال بعض األسواق المصطنعة ھنا وھناك وما سمي‬ ‫بالمناطق الحرة التي أدخلت الخمور والزنا إلى بالد المسلمين‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬إشاعة الفاحشة‬ ‫وذلك أخذا من قوله عز وجل‪) :‬إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لھم‬ ‫عذاب أليم في الدنيا واآلخرة و‪ 1‬يعلم وأنتم ال تعلمون(النور‪١٩:‬‬ ‫ويورد القرطبي حول اآلية قوله‪ :‬إن الذين يحبون أن يذيع الزنا في الذين ص ّدقوا‬ ‫با ورسوله ويظھر ذلك فيھم ‪ ) ،‬لھم عذاب أليم ( يقول ‪ :‬لھم عذاب وجيع في‬ ‫الدنيا)انتھى(‬ ‫فقد عملت أغلب األنظمة السياسية على إشاعة الزنا وما يتعلق به من فساد أخالقي‬ ‫ومن خالل أدوات كثيرة كالتغيير في الشرع من خالل قوانين األحوال الشخصية‬ ‫كما فعل نظام تونس البائد وغيره من األنظمة حتى عد العلمانيون ما حصل في‬ ‫تونس نموذجا ينبغي احتذاؤه في جميع بلدان المسلمين‪ ،‬كما عملت األنظمة على‬ ‫إشاعة الفساد األخالقي عبر منع الحجاب والنقاب وتشجيع مسابقات الجمال كما‬ ‫حدث في مصر وغيرھا وعبر إشاعة االختالط في التعليم خاصة التعليم الجامعي‬ ‫وعبر تشجيع الفساد اإلعالمي واالنحطاط الفني في التلفزيون والسينما وعبر الزج‬ ‫بالمرأة في الجيش والشرطة وحتى البلدان التي يتحفظ أھلھا على ھذه الممارسات‬ ‫كالسعودية مارست حكوماتھا ھذا الفساد عبر دعم القنوات الفضائية الفاسدة كقنوات‬ ‫‪٦‬‬


‫)روتانا( و)االم بي سي( وما أشبه وعبر تشجيع ودعم الفرق الفنية والمغنيين‬ ‫والمغنيات‪ ،‬كما شجعت األنظمة السياسية تسھيل تعاطي الخمور في بالد المسلمين‬ ‫ولم تسلم جزيرة العرب من بالء الخمور أم الخبائث بل إنھا أحيطت بھا من خالل‬ ‫البحرين واإلمارات وعُمان وقطر وعبر فتح المجال لألندية الليلية والمھرجانات‬ ‫السنوية السينمائية والفنية وما أشبه من تشجيع الفساد األخالقي‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬الفرعونية‬ ‫وذلك أخذا من قوله عز وجل‪) :‬إن فرعون عال في األرض وجعل أھلھا شيعا‬ ‫يستضعف طائفة منھم يذبح أبناءھم ويستحيي نساءھم إنه كان من‬ ‫المفسدين(القصص‪٤:‬‬ ‫ولقد وردت لفظة فرعون في القرآن أربعا وسبعين مرة‪ ،‬ومن األدلة على أن‬ ‫فرعون ظاھرة بشرية تعاود الظھور مرة بعد مرة في تاريخ البشرية ما ورد عنه‬ ‫صلى ‪ 1‬عليه وسلم في أبي جھل بقوله‪ :‬ھذا فرعون ھذه األمة‪ .‬فتظھر تلك الصفات‬ ‫الفرعونية أو بعض منھا في فرعون أو في مجموعة من الفراعنة‪.‬‬ ‫فإذا وقفنا على النظم السياسية في العالم العربي واإلسالمي في مرحلتھا الجبرية‬ ‫ھذه وجدنا صفات الفرعون تتحقق بشكل أو بآخر في رؤوس تلك النظم ومنھا‪:‬‬ ‫ال ِك ْبر والجبروت‪ :‬أخذا من اآلية السابقة ومن قوله عز وجل‪) :‬واستكبر ھو وجنوده‬ ‫في األرض بغير الحق وظنوا أنھم إلينا ال يرجعون‪ ،‬فأخذناه وجنوده فنبذناھم في‬ ‫اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين(القصص‪٤٠-٣٩:‬‬ ‫التفرد بالرأي‪ :‬أخذا من قوله عز وجل‪) :‬قال فرعون ما أريكم إال ما أرى وما‬ ‫ّ‬ ‫أھديكم إال سبيل الرشاد(غافر‪٢٩:‬‬ ‫محورية المُلك في مِصر‪ :‬وذلك من قوله عز وجل‪) :‬ونادى فرعون في قومه قال‬ ‫ياقوم أليس لي ملك مصر وھذه األنھار تجري من تحتي أفال‬ ‫تبصرون(الزخرف‪ ٥١:‬وقد كانت كل األنظمة العربية تنقاد لھذه المحورية ومن‬ ‫مصر تم تعميم الفكر القومي العلماني ومنھا تم تعميم النموذج األمني الباطش ومنھا‬ ‫تم تعميم النموذج اإلعالمي المتھتك إلى غير ذلك‪.‬‬ ‫عدم إبصار العاقبة‪ :‬وذلك أخذا من قوله عز وجل‪) :‬فأتبعھم فرعون بجنوده فغشيھم‬ ‫من اليم ما غشيھم‪ ،‬وأضل فرعون قومه وما ھدى(طه‪ ،٧٩-٧٨:‬وھكذا فعلت النظم‬ ‫السياسية بأتباعھا من األجھزة األمنية والعسكرية والسحرة من رجال األعمال‬ ‫‪٧‬‬


‫واإلعالميين فلم يتمكن أحدھم من أن يبصر العاقبة وھم ينزلقون إليھا حتى غشيتھم‬ ‫ثورة الجماھير وھم ال يبصرون‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬النفاق المستحكم‪:‬‬ ‫وذلك أخذا من قوله عز وجل‪) :‬يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منھا‬ ‫األذل و العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين ال يعلمون(المنافقون‪،٨:‬‬ ‫فاألنظمة السياسية تعتقد تمام االعتقاد أن العزة لھم بينما ھم أذل الخلق على األرض‬ ‫إلى الدرجة التي سيطر عليھم فيھا اليھود والنصارى حتى اضطروا السترضائھم‬ ‫والجري وراءھم ومن ھنا نفى ‪ 1‬عز وجل عنھم العلم بعد أن نفى عنھم الفقه في‬ ‫اآلية التي قبلھا‪ ،‬فلما انغلقى عليھم الفقه والعلم أصبح تدبيرھم تدميرا لھم ولجبروتھم‬ ‫وھم يعتقدون تمام االعتقاد أنھم منصورون ونصرھم قاب قوسين أو أدنى كما يقول‬ ‫القذافي االبن ھذه األيام وقد قالھا قبله حسني مبارك وبن علي وسوف يقولھا علي‬ ‫عبد‪ 1‬صالح وأضرابه من عبدة األمريكان والموالين لليھود‪ ،‬وھل كان بالء عبد‪1‬‬ ‫بن ابي بن سلول إال مواالته لليھود؟‬

‫ومن صفات النفاق التي تلبست بھا النظم السياسية وإال فھي كثيرة‪:‬‬ ‫الفرح بالبالء في المؤمنين‪ :‬أخذا من قوله عز وجل‪) :‬إن تصبك حسنة تسؤھم وإن‬ ‫تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وھم فرحون(التوبة‪٥٠:‬‬ ‫القعود عن الجھاد‪ :‬أخذا من قوله عز وجل‪) :‬وإذا أنزلت سورة أن آمنوا با ‬ ‫وجاھدوا مع رسول ‪ 1‬استئذنك أولوا الطول منھم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين‪،‬‬ ‫رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ُ‬ ‫وطبع على قلوبھم فھم ال يفقھون(التوبة‪ ،٨٧-٨٦‬وقد‬ ‫اتضح ذلك من اليوم األول الذي أعلن فيه قيام دولة اليھود على أرض فلسطين فھم‬ ‫في انسحاب وھزيمة حتى وصلوا إلى الھرولة للتطبيع مع اليھود سرا وجھرا‪.‬‬ ‫العمل على تفريق الصف المؤمن‪ :‬أخذا من قوله عز وجل‪) :‬فمالكم في المنافقين‬ ‫فئتين و‪ 1‬أركسھم بما كسبوا أتريدون أن تھدوا من أضل ‪ 1‬ومن يضلل ‪ 1‬فلن‬ ‫تجد له سبيال(النساء‪ ،٨:‬وقد عملت األنظمة بكل ما أوتيت من طاقة لتفريق صفوف‬ ‫المسلمين والدعاة على وجه الخصوص ووثائق األمن المصرية شاھدة على ذلك‪.‬‬

‫‪٨‬‬


‫ھذا ما يسره ‪ 1‬عز وجل من فھم وقراءة في واقع سقوط األنظمة السياسية السريع‬ ‫وانغالق الفھم والعلم والذين ال تلبث مسيرتھم حتى تقذف بھم على قارعة الطريق أو‬ ‫على مزبلة التاريخ كما طاب للثوار أن يصفوا نھاية حسني مبارك وبن علي‬ ‫وأضرابھم‪٢٠١١/٣/١٧ .‬‬

‫‪٩‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.