balqeesyemen

Page 1

‫عرش بلقيس بين االستالب والتمكين‬ ‫)رؤية استراتيجية مقترحة(‬

‫بقلم‪ /‬حسن أحمد الدقي‬ ‫كاتب متخصص في االستراتيجية اإلسالمية‬ ‫مفردات البحث‬ ‫أوال‪ :‬المقدمة‬ ‫الملحة‬ ‫ثانيا‪ :‬قائمة بالمخاطر االستراتيجية‬ ‫ّ‬ ‫ثالثا‪ :‬قائمة بمفردات المصلحة العليا لليمن‬ ‫رابعا‪ :‬مالمح االستراتيجية المقترحة إلرساء الثورة على بر األمان‬

‫‪1‬‬


‫أوال‪ :‬المقدمة‬ ‫إن الحمد< تعالى والصالة والسالم على رسول الھدى محمد بن عبد‪ 8‬وعلى آله‬ ‫وصحبه ومن وااله إلى يوم الدين وبعد‪:‬‬ ‫فھذه خطوط عريضة في استراتيجية مقترحة أتقدم بھا بين يدي قادة الثورة‬ ‫اليمنية المظفرة من الشيب والشباب كاستشارة بل كواجب في إطار النصح‬ ‫ألولئك القادة الكرام حيث لم تعد التطورات ال في اليمن وال في غيرھا شأنا داخليا‬ ‫بحتا بل ھو من أعظم شؤون األمة وأخطرھا خاصة في ظل وحدة العوامل‬ ‫المحركة للثورات العربية في الداخل والخارج ومن أھم ھذه العوامل عنت‬ ‫وانغالق األداء في النظم السياسية في جانب والھجمة األمريكية األوروبية‬ ‫لتحريك الثورات باتجاه مصالحھما من جانب آخر‪ ،‬فكيف إذا أضفنا لتلك األھمية‬ ‫ما يمثله اليمن من أھمية استراتيجية في أمن جزيرة العرب وأقصد به األمن‬ ‫الذي ينتمي لثوابت األمة ـ ال أمن النظام الدولي وتوابعه النخرة ـ كما قال ‪ 8‬عز‬ ‫وجل على لسان إبراھيم عليه السالم‪) :‬الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانھم بظلم‬ ‫أولئك لھم األمن وھم مھتدون(األنعام‪82:‬‬ ‫وفي ھذه المقدمة أنبه المعنيين من األخوة الكرام إلى ثالث مسائل ھامة‪:‬‬ ‫أما المسألة األولى‪ :‬فھي اليقين الذي ال يتزعزع أن النظام ساقط ال محالة فھذا‬ ‫أوان سقوط جميع األنظمة السياسية التي جاء وصفھا في حديث رسول ‪ 8‬صلى‬ ‫‪ 8‬عليه وسلم )بالملك الجبري( من حديث حذيفة بن اليمان في المسند‪ ،‬وكما‬ ‫تشابھت ھذه النظم في عوامل تشكلھا وعوامل استمرارھا من تدخل مباشر‬ ‫للنصارى في تأسيسھا ومن والء كامل لھم ومن ھيمنة وطاغوتية مستشرية‬ ‫فسوف تتشابه أيضا في عوامل سقوطھا وتخلّص أھلھا منھا بعد أن صبروا‬ ‫طويال عليھا‪ ،‬وفي اعتقادي بأن الحلقة األولى من ھذا السقوط قد مضت بتزعزع‬ ‫وانتكاس كل من تونس ومصر ودخلت األمة اآلن إلى الحلقة الثانية وھي حلقة‬ ‫اليمن وليبيا وسوريا وفي قائمة االنتظار الحلقة الثالثة وتشمل كل من السعودية‬ ‫والمغرب والجزائر وأما بقية األنظمة ھامشية كانت أم مركزية كالسودان‬ ‫واألردن فأمر الجميع متعلق بھؤالء الكبار حجما واستراتيجية فإذا سقطوا سقط‬ ‫اآلخرون على ھامشھم‪ ،‬ھذا فيما يخص العالم العربي وأما العالم اإلسالمي‬

‫‪2‬‬


‫فنظمه السياسية على الطريق أيضا من إندونيسيا إلى السنغال ريثما ينتھي‬ ‫العرب من مھمتھم‪) .‬و‪ 8‬غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال‬ ‫يعلمون(يوسف‪21:‬‬ ‫المسألة الثانية في ھذه المقدمة‪ :‬أن تأخر سقوط نظام علي عبد‪ 8‬صالح فيه‬ ‫خير كثير ألھل اليمن وذلك لحاجة أھل اليمن إلى الوحدة واالنصھار الحقيقي‬ ‫والشعور بوحدة المصير ووحدة الخطر والتھديد وقد أدى النظام دوره في ھذا‬ ‫المجال بشكل ممتاز‪ ،‬وكان ال بد أن تأخذ ھذه العملية وقتھا الالزم خاصة وأن‬ ‫اليمن يعاني من تفرق وشتات بين أھله على المذاھب والقبائل والمناطق‬ ‫واالجتھادات اإلسالمية المعاصرة أو ما يسمى بالجماعات اإلسالمية فكان ال بد‬ ‫من فترة لصھر ھذه المكونات تمھيدا للمرحلة التي تلي فلو أن الناس دخلوا‬ ‫سريعا إلى مرحلة الفتح أو سقوط النظام الستيقظت النعرات فيما بينھم وانطبق‬ ‫عليھم ما يردده الناس من أن الثورات تأكل أبناءھا‪ ،‬فما يكون من تأخير فھو‬ ‫خير ظاھره الشر والتعب وباطنه الرحمة والعقبى الحسنة‪ ،‬فينبغي على العقالء‬ ‫أن يلعبوا دورھم في التطمين والتثبيت حتى يقضي ‪ 8‬أمرا كان مفعوال‪.‬‬ ‫المسألة الثالثة‪ :‬أن الخطر االستراتيجي والذي سوف يستمر لفترة طويلة على‬ ‫اليمن وأھله ونظامه السياسي الوليد بعد سقوط علي صالح ليتمثل في النظام‬ ‫الدولي )النصراني اليھودي( وتوابعه من النظم اإلقليمية وخاصة نظام الخليج‬ ‫حيث تنصرف استراتيجية ھذا النظام إلى التركيز على مرحلة ما بعد صالح‬ ‫وتحريك الشؤون باتجاه التدخل في صناعة النظام الجديد القادم الموالي لھم‪،‬‬ ‫وعليه فإنه كلما استھلك قادة الثورة وقتا في وضع أسس ما بعد صالح كلما‬ ‫تمكنوا من االستقالل الحقيقي والتصرف في شؤونھم الداخلية في المرحلة التالية‬ ‫بعيدا عن األيدي العابثة الخارجية‪.‬‬ ‫الملحة‬ ‫ثانيا‪ :‬قائمة بالمخاطر االستراتيجية‬ ‫ّ‬ ‫وھي وقفة مھمة حتى ال تضيع ھذه القائمة في خضم تفاصيل الصراع وينشغل‬ ‫الناس مع مرور الوقت بمعالجة التفاصيل والتعقيدات واألعراض التي نشأت عن‬ ‫أصل الداء‪ ،‬ويمكن التقديم والتأخير في ھذه القائمة من حيث المخاطر حسب‬

‫‪3‬‬


‫زاوية النظر لكني أحسب أنه ال يمكن للمعنيين بشؤون األمة في اليمن إال أن‬ ‫يقفوا عندھا مطوال وأن يؤسسوا رؤاھم واستراتيجياتھم بناء على ھذه القائمة‪.‬‬ ‫الخطر االستراتيجي األول‪:‬‬ ‫بقاء على صالح على رأس النظام السياسي وما يستتبع ذلك من تحريك الساحة‬ ‫اليمنية باتجاه الفوضى وإعطاء أعداء الداخل والخارج فرصا عديدة للمشاركة‬ ‫في إدارة األزمة‪ ،‬ويستتبع ھذا الخطر أخطارا مترتبة عليه وھي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الدخول في الصراع العسكري وخلط أوراق الثورة‪.‬‬ ‫‪ -2‬التدخل اإلقليمي والدولي في إدارة األزمة في إطارھا السياسي ثم في إطارھا‬ ‫العسكري وفرض الحكومة الجديدة المرضي عنھا أمريكيا وإقليميا وفق أجندة‬ ‫متدرجة )ليبيا أنموذجا(‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يقفز أھل كل ناحية على منطقتھم فيفرضوا عليھا حكما ذاتيا‪.‬‬ ‫‪ -4‬شتات قيادات الثورة وقبولھم بالمشاريع التشطيرية‪.‬‬ ‫الخطر االستراتيجي الثاني‪:‬‬ ‫إقدام النظام على التضحية برأسه )علي صالح( وأوالده مقابل إعادة التموضع‬ ‫وإبقاء جبل الجليد تحت الماء دون تغيير )موريتانيا أنموذجا( والعمل على اقتسام‬ ‫السلطة جزئيا مع بعض رؤوس الثورة )ترضية( وما يستتبع ذلك من تبريد‬ ‫الثورة وإعادة إنتاج النظام لنفسه من خالل التظاھر باالستجابة لمطالب الثوار‬ ‫ريثما يعاد تشكيل الساحة اليمنية لصالح النظام داخليا ولصالح النظام العالمي‬ ‫واإلقليمي )تونس أنموذجا(‪.‬‬ ‫الخطر االستراتيجي الثالث‪ :‬إسھام النظام الدولي )إقرأ األمريكي( وتوابعه في‬ ‫المنطقة )التعاون الخليجي( في تبديل رأس النظام برأس قبلي)عائلة األحمر( أو‬ ‫حزبي)اللقاء المشترك برأسيه األساسيين(‪ ،‬ومن الواضح بأن الرأس القبلي أوفر‬ ‫حظا من الرأس الحزبي في ھذه المرحلة مع امكانية توزيع الكراسي بينھما‬ ‫بحيث تكون الرئاسة قبلية وأجھزة الدولة حزبية‪ ،‬ولن يكون ذلك إال أن يعطي‬ ‫المرشح الجديد لعرش بلقيس الضمانات الكافية بإبقاء اليمن ضمن النظام الدولي‬ ‫واإلقليمي‪ .‬وسوف يترتب على ھذا الخطر أخطار أخرى مرتبطة به ومنھا‪:‬‬ ‫‪ -1‬عدم رضا بقية القبائل والمكونات اليمنية عن ھذا النظام مما يھيء الساحة‬ ‫النقسامات من أھمھا عودة مسألة الشمال والجنوب إلى مربعھا األول‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫‪ -2‬سوف تعمل الجھات التي تم التفاھم معھا سرا ضمن ھذا الخيار على‬ ‫االستئثار بتشكيل النظام والحيلولة دون مشاركة اآلخرين )قبائل وتجمعات‬ ‫وأحزاب( في القرارات االستراتيجية وبناء الدولة وسوف يؤدي ذلك إلى إرجاع‬ ‫النظام السياسي إلى مربعه األول أيضا‪.‬‬ ‫‪ -3‬سوف تدخل الحكومة الجديدة في ظل ھذا الخيار ضمن النظام اإلقليمي‬ ‫والدولي ومفرداته من محاربة اإلرھاب والتطرف وإبقاء اليمن رھنا بمزاج السيد‬ ‫األمريكي وأذنابه في المنطقة‪.‬‬ ‫‪ -4‬قابلية الوضع القبلي والحزبي للتفتت والتنازع على السلطة في ظل ھذا‬ ‫الخيار خاصة بعض القبائل التي بدأت عملية التفتيت كالحوثيين وكذا قابلية‬ ‫االشتراكيين لتجديد أدوارھم المخزية والذين ھم أقرب إلى الرؤية األمريكية من‬ ‫غيرھم مع ما يحملون من تاريخ دامي في اإلقصائية واالستئثار بالسلطة‬ ‫واإلفساد العقدي واالقتصادي من خالل تاريخھم الذي امتد منذ عام ‪1967‬م‬ ‫وحتى ‪1994‬م ‪ ،‬وكان األولى بالمحاسبة التاريخية الشعبية أن تتوجه‬ ‫لالشتراكيين كما توجھت لعلي صالح ألنھما وجھان لعملة واحدة‪.‬‬ ‫‪ -5‬كما وأنبه إلى خطر يتسلل عبر بعض رموز التجمعات اإلسالمية من اإلخوان‬ ‫والسلفية فھناك من رموز التجمع اليمني لإلصالح قد استجابوا للمسطرة‬ ‫األمريكية فانحازوا لالعتدال وھربوا من التطرف إلى الدرجة التي جعلت مؤسسا‬ ‫كالشيخ الزنداني غير مرغوب فيه في أوساطھم بل ومحارب نتيجة لھذا التقسيم‬ ‫النصراني اليھودي؟ وكذا ما وقع فيه بعض مشايخ السلفية كمقاولين من الباطن‬ ‫عندما عملوا على محاربة من يقاوم وكالء أمريكا من النظم السياسية بحجة‬ ‫الدفاع عن ولي أمر المسلمين؟‬ ‫الخطر االستراتيجي الرابع‪ :‬تنازع قيادات العمل اإلسالمي ودخولھم في نفق مظلم‬ ‫من تقدير الموقف الشرعي في اليمن وما يترتب عليه من رؤية استراتيجية في‬ ‫التعامل معه‪ ،‬وأقصد بقيادات العمل اإلسالمي كتلة اإلخوان المسلمين )التجمع‬ ‫اليمني لإلصالح( والكتلة السلفية )الحكمة واإلحسان( والكتلة الجھادية )القاعدة‬ ‫ومؤيدوھم( وكتلة المستقلين‪ .‬وما سوف ينجم عن ھذا الخطر من أخطار أخرى‬ ‫تتمثل في‪:‬‬ ‫‪ -1‬ضعف الساحة اليمنية وشتاتھا بسبب ما تمثله ھذه الكتل من مرجعية للشعب‬ ‫اليمني‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫‪ -2‬خلو الساحة من مالمح رؤية إسالمية يمنية واستقطاب الكتل اإلسالمية‬ ‫لصالح مشاريع اآلخرين بالضرورة نتيجة لذلك ومن نماذجه الجاھزة عودة‬ ‫االشتراكيين أصحاب التاريخ األسود في الجنوب اليمني لملء الفراغ المتحقق‬ ‫باصطراع الكتل اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ -3‬تقاطع االجتھادات اإلسالمية وتعارضھا مما قد ينتج عنه من صراع محتوم‬ ‫وتخوين وانفضاض الجماھير عنھا ويأسھا من امكانية ترسية الثورة على‬ ‫شاطيء األمان واإلنجاز الحقيقي‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬قائمة بمفردات المصلحة العليا لليمن‬ ‫وھي القائمة التي ينبغي فرز مفرداتھا وإعالء مفاھيمھا فوق كل اعتبار وجعلھا‬ ‫نبراسا يھتدي به الثوار ويلتف حولھا الشعب اليمني وتقاس إليھا النجاحات‬ ‫والمنجزات في مسيرة الثورة على المدى القصير والبعيد‪ ،‬ولوال التشابه في‬ ‫الحاالت العربية نظما وأزمات وثورات لما تجرأ المرء أن يتقدم بين يدي أھل‬ ‫مكة بوصف شعابھا وإن األمل بنجاح الثورة اليمنية ليبشر بتمكن السوريين‬ ‫والليبيين من ضربة قاضية تنقل العرب إلى ساحة تاريخية أخرى لم يتذوقوا‬ ‫طعمھا منذ أيامھم األول كما قال شاعرھم وأجزل‪:‬‬ ‫إن كان بين صروف الدھر من رحم موصولة أو ذمام غير منقضب‬ ‫رب النسب‬ ‫بــدر أقــــ ُ‬ ‫فبين أيامك الالتي ُنصرت بھـــــــا وبين أيام ْ ٍ‬ ‫وأما قائمة مفردات المصلحة العليا لليمن فھي في تصوري كما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اإلسالم كعقيدة وشريعة مرجعية لليمنيين بال منازع‪.‬‬ ‫‪ -2‬الشورى الملزمة أو ما يعبر عنه بالديمقراطية حديثا ومفرداتھا من كون‬ ‫األمة مصدر السلطات وحرية األمة في اختيار حاكمھا ومحاسبته وتثبيته‬ ‫وعزله وممارسة األمة لحقھا السياسي عبر اختيار ممثليھا الذين يعبرون‬ ‫عن إرادتھا الحرة ويراقبون أداء السلطة التنفيذية ويحرسون المسيرة‬ ‫العامة‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫‪ -3‬الفصل بين السلطات الثالث وتمكينھا من أداء دورھا بتوازن وفاعلية‬ ‫ومرجعية مؤسسات الدولة وأجھزتھا لنظام الدولة العام وفق مسطرة‬ ‫دستورية تؤسس لمرحلة بناء الوطن وخدمة المواطن‪.‬‬ ‫‪ -4‬لليمنيين الحق في حريتھم كاملة دون نقص بالتجمع والتحزب وتكوين‬ ‫مؤسسات المجتمع المدني والمطالبة بالحقوق وحرية الكلمة في ظل‬ ‫ثوابت األمة‪.‬‬ ‫‪ -5‬تنمية ثروات اليمن وتطوير قدرات األمة االقتصادية وحماية الثروة من‬ ‫الھدر والضياع واالستحواذ واجب تقوم به الدولة ويراقبه النواب‬ ‫ويدعمه اليمنيون كل في موقعه‪.‬‬ ‫‪ -6‬افراد األمة ومكوناتھا القبلية والحزبية والمذھبية والمناطقية شركاء على‬ ‫قدم المساواة في الثروة وتوزيع خارطة التنمية لتشمل كل اليمن‪.‬‬ ‫‪ -7‬الحفاظ على وحدة اليمن ولحمته أساس ليمن الثورة ْإذ بھذه الوحدة‬ ‫يضمن اليمنيون قوتھم واستقاللھم واستقرارھم وتنمية بالدھم‪.‬‬ ‫‪ -8‬اليمن وطن ومظلة كل اليمنيين بحقوق وواجبات متساوية دون تفريق‬ ‫بين يمني وآخر بناء على أي اعتبار‪.‬‬ ‫‪ -9‬اليمنيون معنيون بعالج ما خلفه نظام الھيمنة والجشع والتفرقة من فتنة‬ ‫وبالء بين أبناء البلد الواحد من خالل بث روح التواصل والعناية بجميع‬ ‫مكونات اليمن‪.‬‬ ‫‪ -10‬اليمن امتداد لألمة العربية واإلسالمية يفرحه ما يفرحھا ويؤذيه ما‬ ‫يؤذيھا وعمق آمن ومتواصل مع أمته‪.‬‬ ‫‪ -11‬لليمن عالقاته السياسية واالقتصادية مع العالم كله وفق احترام‬ ‫الستقالل اليمن ومصالحه دون قبول لفرض اإلرادات الدولية ومعادالت‬ ‫الصراع األممية‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬مالمح االستراتيجية المقترحة إلرساء الثورة على بر األمان‬ ‫وھي استراتيجية تأخذ من تاريخ اإلنجازات اليمنية الشعبية أرضيتھا ومن صد‬ ‫الملحة جدرانھا وأبوابھا ومن اآلمال بنھضة عربية وإسالمية عالمية‬ ‫األخطار‬ ‫ّ‬ ‫سقوفھا وتطلعاتھا‪ ،‬وإذا كانت مقاييس التنمية العالمية المفصلة لصالح الكبار في‬ ‫األمم المتحدة تضع اليمن في أسفل تلك المقاييس فإن فيما أنجزه الشعب اليمني‬ ‫من بناء وحدة بين الشمال والجنوب وفيما تميز به الفرد اليمني من وعي‬

‫‪7‬‬


‫حضاري معاصر وفيما التزم به الشعب اليمني من معطيات الدين والتاريخ تعليما‬ ‫وتربية وفي امتصاص الشعب اليمني وتصديه لفصول المؤامرات الخارجية‬ ‫والتي تمثلت في التجربة الشيوعية الملحدة وفي مزجه بين المذھب الزيدي‬ ‫والشافعي وتالقحھما التاريخي وأخيرا وليس آخرا في ثورته السلمية الفريدة‬ ‫طلبا للحرية وآفاقھا الكريمة في كل ذلك ما يجعل اليمن موئال حقيقيا للحضارة‬ ‫ومدرسة عالمية تحتاجھا شعوب العالم أولئك الذين أذاقھم النظام الدولي الفقر‬ ‫والقھر ألوانا كما ھو حاصل في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان وغيرھا‪.‬‬ ‫الملمح األول‪ :‬إصالح ذات بين الدعاة‬ ‫وأقصد بذلك أن يعجل أصحاب المدارس اإلسالمية في اليمن وعلى وجه‬ ‫الخصوص مدرسة اإلخوان المسلمين والمدرسة السلفية بإصالح ذات بينھما فإن‬ ‫‪ 8‬عز وجل سائلھما عن اليمن وعن مستقبله ويوشك أعداء اليمن في الداخل‬ ‫والخارج أن يستثمروا ھذه القطيعة وخاصة في ظل قرب تقسيم تركة نظام علي‬ ‫صالح أن يبذروا بذور الشقاق والخالف الشديد بينھما والمبررات جاھزة لكل‬ ‫طرف من أصحاب ھاتين المدرستين فبعض اإلخوان يرون في المدرسة السلفية‬ ‫تشددا ال يمكن االقتراب منه والسلفيون يرون في مدرسة اإلخوان تساھال ال‬ ‫عالج له ولعمر الحق إنه لمكر الليل والنھار من قبل األعداء أن أصخنا األسماع‬ ‫لھم حتى وصلنا إلى ھذا التقسيم فإن كان في بعض اإلخوان ما يقوله السلفيون‬ ‫فإن في أكثرھم التزاما بالدين وبمصالح األمة وبذل األرواح في سبيل ‪ 8‬وإن‬ ‫كان في بعض السلفيين ما يقوله اإلخوان فإن أكثرھم قد ثابوا إلى رؤية سياسية‬ ‫مستقلة تقف عند مصالح األمة العليا وال تقدم عليھا شيئا آخر ولعل واقع الثورة‬ ‫اليمنية خير دليل على ما ذھبت إليه‪ .‬فإن لم يعجل الدعاة والقادة بھذا اإلصالح‬ ‫وإال فإنھا الحالقة التي حذر منھا رسول الحق صلى ‪ 8‬عليه وسلم قال‪ :‬ال أقول‬ ‫تحلق الشعر ولكن تحلق الدين‪ .‬ويعلم الدعاة أن تواصلھم أولى من التواصل مع‬ ‫يلومن إال‬ ‫ألوان الطيف اآلخر من االشتراكيين والعلمانيين فإن لم يفعلوا فال‬ ‫ُ ّ‬ ‫أنفسھم‪.‬‬ ‫كما يتعلق إصالح ذات بين الدعاة أن يسعى الدعاة إلى تخليص الساحة اليمنية ـ‬ ‫أو تقليل المخاطر إلى أدنى مستوى ـ فيما لحق بھا من خالف وتجاذب حاد حول‬ ‫ما يسمى باإلرھاب فقد خضع ھذا المصطلح والممارسة إلى ظالل سميكة من‬ ‫طبيعة المرحلة والمعركة أما طبيعة المرحلة فإن حراك األمة المسلمة في ظل‬

‫‪8‬‬


‫المشاريع األممية األخرى )اليھودية والنصرانية وغيرھا( وما وقع على‬ ‫المسلمين من انتھاك على جميع الصعد )العراق أنموذجا( قد أخضع األمة‬ ‫ومكوناتھا لرؤى متضاربة في التعامل مع ھذا االنتھاك وال يمكن أن توضع األمة‬ ‫واجتھاد أبنائھا في سلة واحدة يتحكم بھا جورج بوش أو النظم األمنية‬ ‫السياسية‪ ،‬وأعني بذلك الخالف حول الممارسات الجھادية وعولمة األداء‬ ‫الجھادي الذي وصمه األمريكان باإلرھاب فإذا سلمنا جدال بأن حراك جماعة‬ ‫القاعدة إرھاب فكيف يكون حراك جماعة حماس إرھابا؟ لكنھا المقاييس‬ ‫اليھودية والنصرانية والتي ال يمكن أن نضعھا مقياسا لنا نحن المسلمين‪ ،‬وأما‬ ‫من ناحية طبيعة المعركة فإنه ومنذ اشتعال ملحمة الجھاد المعاصر في فلسطين‬ ‫ثم ملحمة الجھاد في العراق وأفغانستان فقد خضعت المعركة لمعطيات اإلدارة‬ ‫األمنية البحتة كما وصف جورج بوش المعركة بقوله‪ :‬ستكون حربا طويلة‬ ‫وقاسية وقذرة‪ .‬ويقصد بالقذرة الصفة األمنية وال يجادل منصف بأن األنظمة‬ ‫السياسية في العالم العربي قد تجندت في ھذه الحرب مما جعل ساحة‬ ‫المصطلحات والممارسات في موضوع معالجة مسألة اإلرھاب غير بريئة‪ ،‬وعليه‬ ‫فإن خضوع الدعاة لمخرجات المعالجة األمنية فإنھم ال شك واقعون في المحذور‬ ‫من اصطفاف في المعسكر األمريكي األمني والسياسي‪ ،‬وإذا عدنا لممارسة‬ ‫النظام السياسي في اليمن تجاه ھذه القضية فإن الجميع يشھد بأن األمن اليمني‬ ‫قد اخترق جزءا من جماعة القاعدة على أقل تقدير وأنه يسھم في تسخين‬ ‫الموقف متى احتاج إليه؟ وبناء على ھذه المعطيات فيحتاج الدعاة في ھذا السبيل‬ ‫أن يسلكوا مسلكا مستقال بھم مما يمليه عليه دينھم ال ما تمليه السياسة‬ ‫األمريكية وذلك بأن يستوعبوا الموقف بتوازن يؤدي إلى عدم التفريط في أبناء‬ ‫المسلمين ممن تعلقت قلوبھم بالجھاد من جھة وأن يسعوا إلى نزع أشواك‬ ‫الصراع العسكري فيما بين اليمنيين والذي يمكن أن تقوده بعض تلك العناصر‬ ‫من الجھاديين خاصة في ظل تساقط وانھيار المؤسسة األمنية وعملياتھا القذرة‪.‬‬ ‫ولعل في عملية زنجبار األخيرة ما كشف عورات تلك المؤسسة‪.‬‬ ‫الملمح الثاني‪ :‬المحيط يسع الحيتان واألسماك معا!‬ ‫وليعذرني األخوة الكرام أن ذھبت في وصف ھذه االستراتيجية بھذا الوصف فھو‬ ‫أدعى للحفظ والتذكر والتصور‪ ،‬وأقصد بالحيتان الكتل الكبيرة قبلية كانت أو‬ ‫حزبية أو مناطقية وأقصد باألسماك الكتل الصغيرة من التجمعات والنواحي‬

‫‪9‬‬


‫والمستقلين فإن مستقبل اليمن يقوم على ھذه الكتل الكبيرة كما يقوم على‬ ‫قدرا من التجمعات والمستقلين والقادمين الجدد للساحة الحزبية‬ ‫الصغار حجما ال ْ‬ ‫والسياسية والفكرية والدعوية‪ ،‬وإذا لم يتمكن النظام الجديد والذي ھو آخذ‬ ‫بالتشكل في رحم الثورة اليمنية من استيعاب كل مكونات المجتمع اليمني وفرز‬ ‫مساحة كافية للتعبير والنقد واإلسھام في الحياة العامة للجميع فذلك يعني أن‬ ‫المجتمع اليمني يرسي بيديه نظاما ثار عليه؟ وھل بالء النظم السياسية في العالم‬ ‫العربي إال االقصائية والتفرد واالستحواذ على كل شيء؟‬ ‫وتستوجب ھذه االستراتيجية أن يعتقد اليمنيون بضرورة التعددية الحزبية‬ ‫والدعوية والفكرية وتعددية التجمعات وفسح المجال أمام التحالفات الجديدة‬ ‫وعدم الخوف من تغير موازين القوى واتجاھات تلك التحالفات ذلك أن الناس‬ ‫بحاجة للتعبير عن وجودھم وعن متطلباتھم وعندھم رغبة أصيلة في المشاركة‬ ‫في الحياة العامة وإن إحدى طرائق ھذا التعبير إنما تتم عبر التجمع واختيار‬ ‫العرفاء والرؤساء لتلك التجمعات ثم المطالبة بالحقوق والتعبير عن الرأي‬ ‫والمشاركة السياسية‪ ،‬ومالم يفسح اليمنيون الجدد لھذا النوع من األداء في‬ ‫الساحة اليمنية فلن تؤتي الثورة أكلھا من وعود الحرية واألمان‪.‬‬ ‫الملمح الثالث‪ :‬الشعب الثائر أقدر على المناورة في صراع اإلرادات‪.‬‬ ‫وتقتضي ھذه االستراتيجية أن يطيل الثوار النفس في معركتھم إلسقاط النظام‬ ‫فإن كل العوامل في صالحھم من حيث شيخوخة النظام والحصار الذي يعانيه‬ ‫والتخبط الذي يمارس به معركته فيوقعه التخبط في شر أعماله كل مرة وأخرھا‬ ‫تحريك أذنابه للسيطرة على زنجبار بدعوى التھديد الذي تفرضه القاعدة على‬ ‫الساحة فإذا بالعورة تنكشف وينقلب السحر على الساحر‪ ،‬والوقت يعمل لصالح‬ ‫الثورة‪ ،‬وإن العصيان المدني ليؤدي دورا خطيرا في خنق النظام ومن ثم إقصائه‬ ‫عن الساحة فإن النظام إنما يتمثل في قدرته على إدارة البالد من خالل مؤسساته‬ ‫فإذا توقفت تلك المؤسسات فقد مات النظام‪ ،‬ومما تستوجبه ھذه االستراتيجية أن‬ ‫يدرك قادة الثورة والشعب اليمني بأن ال مفر من خسائر مرحلية في مجال‬ ‫االقتصاد ومعيشة الناس وھو ما يحاول النظام أن يضخمه حتى يرتد الناس عن‬ ‫ثورتھم ولكن الشيء اإليجابي أن معظم الناس في اليمن لم يبق معھم ما‬ ‫يخسروه أصال فيكفي أن ‪ %40‬منھم تحت خط الفقر فعن أي اقتصاد يتحدث‬

‫‪10‬‬


‫النظام‪ ،‬وكذا ال بد من االستعداد للتضحية بمزيد من الشھداء أمام جبروت النظام‬ ‫القمعي‪ ،‬كما يلحق بھذه االستراتيجية عدم االنجرار إلى الصراع المسلح مع‬ ‫النظام والصبر على تفكيكه قطعة قطعة وإخراجه من السلطة بأقل الخسائر في‬ ‫مجال األرواح والدماء مما يتطلب معه من عملية دعائية قوية وواسعة لسحب‬ ‫الجنود المغرر بھم حول النظام ولعل أكثر األدوات فاعلية في ھذا السبيل ھو‬ ‫االعتماد على اإلذاعات المسموعة فھي أبسط وأسرع وسيلة للوصول إلى الناس‬ ‫في ظل األوضاع األمنية المتردية‪.‬‬ ‫الملمح الرابع‪ :‬غل اليد الخارجية من العبث بمستقبل اليمن‬ ‫إن اليمنيين بثورتھم المباركة والمصريين والتوانسة والليبيين والسوريين قد‬ ‫أدخلوا العالم العربي واإلسالمي في مرحلة جديدة يتشكل في ظلھا نظام إقليمي‬ ‫جديد وال نبالغ إذا قلنا بأن ھذه التحوالت سوف تفرض تحوال في النظام الدولي‬ ‫على المدى البعيد وعليه فإن أھم ما ينبغي على الثوار والشعب اليمني أن يدركه‬ ‫أنه بفعلته ھذه قد غير قواعد اللعبة اإلقليمية بالمصطلح السياسي وأنه قد نسف‬ ‫النظام اإلقليمي فھاھي أمريكا تستجدي العون من األنظمة المشلولة الباقية‬ ‫وھاھي جامعة الدول العربية تعيش على ھامش أحداث ھذه الثورات المجيدة‬ ‫وھل كانت مبادرة دول مجلس التعاون إال )حصان طروادة( توسل بھا األمريكان‬ ‫للتعامل مع الثورة اليمنية للتدخل في صناعة النظام السياسي الجديد بما يحفظ‬ ‫مصالح أمريكا في المنطقة وفي ھذا السبيل لم يكن ھناك من بد إال أن يضحي‬ ‫األمريكان والخليجيون بصديقھم القديم مريضھم الجديد علي صالح لكن الرجل‬ ‫أبى إال أن يصمد إلى آخر مسمار في آلة نظامه المتھالكة وحسنا فعل كما سبقه‬ ‫إلى ذلك حسني مبارك حتى تضعضع نظامه بدرجة ممتازة لصالح الثوار‪.‬‬ ‫فال خوف وال قلق منذ اليوم على المصالح االستراتيجية اليمنية فرب العرش‬ ‫يحفظھا وشعوب العرب والمسلمين تضمنھا فلم تعد الدنيا أسيرة لصندوق النقد‬ ‫الدولي وال للبنك الدولي وال للدوالر فقد تعبت أسماع أھل اليمن والنظام السياسي‬ ‫يكرر عليھم ھذه الموعظة المملة حتى بادروا بأخذ زمام مصيرھم بأيديھم‪ ،‬وإذا‬ ‫كان لبقية الدول ما يجعلھا تخاف على مستقبلھا االقتصادي فإن لليمنيين من‬ ‫الثروات والخيرات واالتساع في البر والبحر ما يجعلھم أسيادا مستقلين غير‬ ‫خاضعين إال لرب األرض والسماء‪.‬‬ ‫و‪ 8‬يقول الحق وھو يھدي السبيل‪2011/5/30،،،‬‬

‫‪11‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.